الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

ابراهيم الأبياري

الموسوعة القرآنيّة - ج ١٠

المؤلف:

ابراهيم الأبياري


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة سجل العرب
الطبعة: ٠
الصفحات: ٥٥٩

(لَهُ) لإبراهيم عليه‌السلام.

(لُوطٌ) كان ابن أخت إبراهيم عليه‌السلام وهو أول من آمن له حين رأى النار لم تحرقه.

(وَقالَ) يعنى إبراهيم.

(إِنِّي مُهاجِرٌ) من كوثى ، وهى من سواد الكوفة ، الى حران ثم منها الى فلسطين وكان معه فى هجرته لوط وامرأته سارة.

(إِلى رَبِّي) الى حيث أمرنى بالهجرة اليه.

(الْعَزِيزُ) الذي يمنعنى من أعدائى.

(الْحَكِيمُ) الذي لا يأمرنى الا بما هو مصلحتى.

٢٧ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتابَ وَآتَيْناهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) :

(وَالْكِتابَ) المراد به الجنس ليندرج تحته ما نزل على ذريته من الكتب الأربعة : التوراة ، والزبور ، والإنجيل ، والقرآن.

(أَجْرَهُ) الثناء الحسن ، والصلاة عليه آخر الدهر ، والذرية الطيبة ، والنبوة.

٢٨ ـ (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) :

(وَلُوطاً) معطوف على (إِبْراهِيمَ) ، أو على ما عطف عليه.

(الْفاحِشَةَ) الفعلة البالغة فى القبح.

(ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) جملة مستأنفة مقررة لفاحشة تلك الفعلة.

٢٩ ـ (أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا ائْتِنا بِعَذابِ اللهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) :

٥٠١

(وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ) من قتل الأنفس وأخذ الأموال ، وقيل :

اعتراضهم السابلة بالفاحشة.

(وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ) السباب والفحش فى القول.

(إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) فيما تعدنا إياه من نزول العذاب.

٣٠ ـ (قالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) :

(الْمُفْسِدِينَ) الذين يحملون الناس على ما كانوا عليه من المعاصي.

٣١ ـ (وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ إِنَّ أَهْلَها كانُوا ظالِمِينَ) :

(بِالْبُشْرى) البشارة بالولد ، وهما إسحاق ويعقوب.

(الْقَرْيَةِ) هى سدوم.

٣٢ ـ (قالَ إِنَّ فِيها لُوطاً قالُوا نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَنْ فِيها لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) :

(مِنَ الْغابِرِينَ) من الهالكين.

٣٣ ـ (وَلَمَّا أَنْ جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقالُوا لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) :

(سِيءَ بِهِمْ) ساءه مجيئهم ، خوفا عليهم من قومه.

(وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً) وضاقت بشأنهم طاقته.

٣٤ ـ (إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) :

(رِجْزاً) عذابا.

(بِما كانُوا يَفْسُقُونَ) بفسقهم وخروجهم عن حدود الله.

٣٥ ـ (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها آيَةً بَيِّنَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :

٥٠٢

(آيَةً بَيِّنَةً) هى آثار منازلهم الخربة.

٣٦ ـ (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) :

(وَارْجُوا) وافعلوا ما ترجون به العاقبة.

٣٧ ـ (فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) :

(الرَّجْفَةُ) الزلزلة الشديدة.

(فِي دارِهِمْ) فى بلدهم وأرضهم.

(جاثِمِينَ) باركين على الركب هامدين.

٣٨ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) :

(وَعاداً وَثَمُودَ) أي وأهلكنا.

(مِنْ مَساكِنِهِمْ) إذا مررتم بها.

(مُسْتَبْصِرِينَ) متبينين أن العذاب نازل بهم.

٣٩ ـ (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ) :

(سابِقِينَ) فائتين ما أدركهم أمر الله فلم يفوتوه.

٤٠ ـ (فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) :

(حاصِباً) ريحا عاصفا فيها حصباء ، وكان هذا لقوم لوط.

(الصَّيْحَةُ) لمدين وثمود.

(وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا) يعنى قارون.

(وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا) يعنى قوم نوح وفرعون.

٥٠٣

٤١ ـ (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) :

(لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) ان هذا مثلهم وأن أمر دينهم بالغ هذه الغاية من الوهن.

٤٢ ـ (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) :

(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) أي ان الله يعلم ضعف ما يعبدون من دونه.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ) القادر على كل شىء.

(الْحَكِيمُ) الذي لا يفعل شيئا الا بحكمة وتدبير.

٤٣ ـ (وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ) :

(إِلَّا الْعالِمُونَ) أي لا يعقل صحتها وحسنها وفائدتها الا هم.

٤٤ ـ (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) :

(بِالْحَقِ) بالغرض الصحيح الذي هو حق لا باطل ، بأن تكون مساكن عباده ، وعبرة للمعتبرين منهم ، ودلائل على عظيم قدرته.

٤٥ ـ (اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) :

(وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ) أي والصلاة أكبر من غيرها من الطاعات.

٤٦ ـ (وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلهُنا وَإِلهُكُمْ واحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ) :

(بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) بالخصلة التي هى أحسن ، وهى مقابلة الخشونة باللين ، والغضب بالكظم ، والسورة بالأناة.

٥٠٤

٤٧ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هؤُلاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الْكافِرُونَ) :

(وَكَذلِكَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ) أي أنزلناه مصدقا لسائر الكتب السماوية.

(فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) هم عبد الله بن سلام ومن آمن معه ، أو الذين تقدموا عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من أهل الكتاب.

(وَمِنْ هؤُلاءِ) من أهل مكة.

(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) مع ظهورها وزوال الشبهة عنها.

(إِلَّا الْكافِرُونَ) المتوغلون فى الكفر.

٤٨ ـ (وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) :

(وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ) أي وأنت أمي ما عرفك أحد قط بتلاوة كتاب ولا خط.

(إِذاً) لو كان شىء من ذلك ، أي من التلاوة والخط.

(لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ) لشك المبطلون من أهل الكتاب وقالوا : الذي تجده فى كتبنا أنه أمي لا يكتب ولا يقرأ وليس به ، أو لارتاب مشركوا مكة وقالوا : لعله تعلمه أو كتبه بيده ، وسماهم مبطلين ، لأنهم كفروا به وهو أمي بعيد عن الريب.

٤٩ ـ (بَلْ هُوَ آياتٌ بَيِّناتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا الظَّالِمُونَ) :

(بَلْ هُوَ) القرآن.

(فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ) أي العلماء به وحفاظه.

(وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا) وما يكفر بآيات الله الواضحة.

٥٠٥

(إِلَّا الظَّالِمُونَ) المتوغلون فى الظلم المكابرون.

٥٠ ـ (وَقالُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آياتٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ وَإِنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) :

(آياتٌ مِنْ رَبِّهِ) مثل ناقة صالح ومائدة عيسى ، عليهما‌السلام. ونحو ذلك.

(إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللهِ) ينزل أيتها يشاء.

(نَذِيرٌ مُبِينٌ) كلفت الإنذار وإبانته بما أعطيت من الآيات ، وليس لى أن أتخير على الله آياته.

٥١ ـ (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ يُتْلى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) :

(أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ) أي أو لم يكفهم آية مغنية عن سائر الآيات.

(لَرَحْمَةً) لمنفعة عظيمة لا تشكر.

(وَذِكْرى) وتذكرة.

(لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) شأنهم أن يؤمنوا إذا اتضحت لهم سبل الهداية.

٥٢ ـ (قُلْ كَفى بِاللهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ وَكَفَرُوا بِاللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) :

(كَفى بِاللهِ) أي قد بلغتكم ما أرسلت به إليكم وأنذرتكم ، وأنكم قابلتمونى بالجحد والتكذيب.

(يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فهو مطلع على أمرى وأمركم وعالم بحقي وباطلكم.

(وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْباطِلِ) منكم ، وهو ما تعبدون من دون الله.

(وَكَفَرُوا بِاللهِ) وآياته.

٥٠٦

(أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) المغبونون فى صفقتهم حيث اشتروا الكفر بالإيمان.

٥٣ ـ (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى لَجاءَهُمُ الْعَذابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) :

(وَلَوْ لا أَجَلٌ مُسَمًّى) قد سماه الله وبينه فى اللوح لعذابهم.

(لَجاءَهُمُ الْعَذابُ) عاجلا.

٥٤ ـ (يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكافِرِينَ) :

(لَمُحِيطَةٌ) أي ستحيط بهم.

٥٥ ـ (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيَقُولُ ذُوقُوا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) :

(يَوْمَ يَغْشاهُمُ) يوم يعمهم.

(ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي جزاء ما كنتم تعملون.

٥٦ ـ (يا عِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي واسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ) :

أي إن المؤمن إذا لم تتسهل له العبادة فى بلد هو فيه فليهاجر منه الى بلد يقدر أنه فيه أسلم قلبا وأصح دينا وأكثر عبادة.

٥٧ ـ (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنا تُرْجَعُونَ) :

(ذائِقَةُ الْمَوْتِ) أي واجدة مرارته وكربه.

أي انكم ميتون فواصلون الى الجزاء.

٥٨ ـ (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) :

(لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) لننزلنهم.

٥٩ ـ (الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) :

٥٠٧

(الَّذِينَ صَبَرُوا) على مفارقة الأوطان والهجرة لأجل الدين ، وعلى أذى المشركين ، وعلى المحن والمصائب ، وعلى الطاعات ، وعن المعاصي.

(وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) ولم يتوكلوا فى جميع ذلك الا على الله.

٦٠ ـ (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) :

(مِنْ دَابَّةٍ) من كل ما يدب على وجه الأرض.

(لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا) لا تطيق أن تحمله لضعفها عن حمله.

(اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) أي لا يرزق تلك الدواب الضعاف الا الله ، ولا يرزقكم أيضا أيها الأقوياء الا هو.

(وَهُوَ السَّمِيعُ) لقولكم نخشى الفقر والضيعة.

(الْعَلِيمُ) بما فى ضمائركم.

٦١ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) :

(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ) أي أهل مكة.

(فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ) فكيف يصرفون عن توحيد الله ، وأن لا يشركوا به مع إقرارهم بأنه خالق السموات والأرض.

٦٢ ـ (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ إِنَّ اللهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) :

(وَيَقْدِرُ) ويضيق.

(عَلِيمٌ) يعلم ما يصلح العباد وما يفسدهم.

٦٣ ـ (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِها لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ) :

٥٠٨

(لا يَعْقِلُونَ) ما يقولون وما فيه من الدلالة على بطلان الشرك وصحة التوحيد.

٦٤ ـ (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) :

(لَهِيَ الْحَيَوانُ) أي ليس فيها الا حياة مستمرة دائمة خالدة لا موت فيها ، فكأنها فى ذاتها حياة.

(لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) فلم يؤثروا الحياة الدنيا عليها.

٦٥ ـ (فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) :

(إِذا هُمْ يُشْرِكُونَ) عادوا الى حال الشرك.

٦٦ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) :

أي انهم يعودون الى شركهم ، ليكونوا بالعود اليه كافرين بنعمة النجاة ، قاصدين التمتع بها والتلذذ لا غير.

٦٧ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنا حَرَماً آمِناً وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللهِ يَكْفُرُونَ) :

(حَرَماً آمِناً) يعنى مكة.

(وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ) يقتلون ويسبون.

(أَفَبِالْباطِلِ) الذين هم عليه يؤمنون.

(وَبِنِعْمَةِ اللهِ) وهذه النعمة المكشوفة الظاهرة وغيرها من النعم التي لا يقدر عليها الا الله وحده مكنوزة عندهم.

٦٨ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) :

٥٠٩

(كَذِباً) زعمهم أن لله شريكا ، وتكذيبهم بما جاءهم من الحق.

(أَلَيْسَ) تقرير لثوائهم فى جهنم.

٦٩ ـ (وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) :

(فِينا) فى حقنا ومن أجلنا ولوجهنا خالصا.

(لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا) لنزيدنهم هداية الى سبيل الخير وتوفيقا.

(لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) لناصرهم ومعينهم.

٥١٠

(٣٠)

سورة الروم

(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)

١ ـ (الم) :

أي ان هذا القرآن المعجز من هذه الحروف التي منها كلامكم.

٢ ـ (غُلِبَتِ الرُّومُ) :

يعنى غلبة فارس على الروم.

٣ ـ (فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) :

(فِي أَدْنَى الْأَرْضِ) أي فى أدنى أرضهم ـ أرض العرب ـ إلى عدوهم.

٤ ـ (فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) :

(فِي بِضْعِ سِنِينَ) البضع ما بين الثلاث الى التسع. ولقد كان ظهور الروم على الفرس يوم الحديبية وذلك عند رأس سبع سنين.

(مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) أي فى أول الوقتين وفى آخرهما ، حين غلبوا وحين يغلبون. يعنى أن كونهم مغلوبين أولا وغالبين آخرا ليس الا بأمر الله وقضائه.

(وَيَوْمَئِذٍ) تغلب الروم على الفرس.

(يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ) إذ كان الفرس على المجوسية وكان الروم أهل كتاب.

٥ ـ (بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) :

٥١١

(بِنَصْرِ اللهِ) بتغليبه من له كتاب على من لا كتاب له.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ) الغالب على أعدائه.

(الرَّحِيمُ) بأوليائه.

٦ ـ (وَعْدَ اللهِ لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) :

(وَعْدَ اللهِ) مصدر مؤكد ، لأن ما سبقه فى معنى : وعد.

٧ ـ (يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غافِلُونَ) :

(يَعْلَمُونَ) بدل من قوله (لا يَعْلَمُونَ) فى الآية السابقة ، ليعلمك أنه لا فرق بين عدم العلم الذي هو الجهل ، وبين وجود العلم الذي لا يتجاوز الدنيا.

(ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا) يعنى به ما يعرفه الجهال من التمتع بملاذها الفانية.

(عَنِ الْآخِرَةِ) وما فيها من نعيم باق خالد.

٨ ـ (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ لَكافِرُونَ) :

(فِي أَنْفُسِهِمْ) أي فى قلوبهم الفارغة من الكفر.

(ما خَلَقَ) أي : فيعلموا ما خلق ، لأن فى الكلام دليلا عليه.

(إِلَّا بِالْحَقِ) أي ما خلقها عبثا وباطلا ، ولكن مقرونة بالحق مصحوبة بالحكمة.

(وَأَجَلٍ مُسَمًّى) أي وبتقدير أجل مسمى لا بد لها من أن تنتهى اليه ، وهو قيام الساعة.

(بِلِقاءِ رَبِّهِمْ) بهذا الأجل المسمى.

٥١٢

٩ ـ (أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَأَثارُوا الْأَرْضَ وَعَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها وَجاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) :

(أَوَلَمْ يَسِيرُوا) تقرير لسيرهم فى البلاد ونظرهم الى آثار المدمرين من عاد وثمود وغيرهم من الأمم العاتية.

(وَأَثارُوا الْأَرْضَ) حرثوها.

(أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها) من عمارة أهل مكة.

وهذا من قبيل التهكم بهم ، لأن أهل مكة أهل واد غير ذى زرع ، ما لهم إثارة الأرض أصلا ، ولا عمارة لها رأسا.

يصف ضعف حالهم فى دنياهم.

(وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) حيث عملوا ما أوجب تدميرهم.

١٠ ـ (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ وَكانُوا بِها يَسْتَهْزِؤُنَ) :

(السُّواى) تأنيث الأسوأ ، وهو الأقبح. وقيل : أساءوا السوأى أي اقترفوا الخطيئة التي هى أسوأ الخطايا.

(أَنْ كَذَّبُوا) أي لأن كذبوا.

١١ ـ (اللهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) :

(تُرْجَعُونَ) الى ثوابه وعقابه.

١٢ ـ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) :

(يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) يقفون حيارى لا يدرون ما يفعلون.

١٣ ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ مِنْ شُرَكائِهِمْ شُفَعاءُ وَكانُوا بِشُرَكائِهِمْ كافِرِينَ) :

٥١٣

(مِنْ شُرَكائِهِمْ) من الذين عبدوهم من دون الله.

(كافِرِينَ) يكفرون بإلهيتهم ويجحدونها.

١٤ ـ (وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ) :

(يَتَفَرَّقُونَ) الضمير للمسلمين والكافرين.

١٥ ـ (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ) :

(فِي رَوْضَةٍ) يعنى الجنة.

(يُحْبَرُونَ) يسرون.

١٦ ـ (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ فَأُولئِكَ فِي الْعَذابِ مُحْضَرُونَ) :

(مُحْضَرُونَ) لا يغيبون عنه ولا يخفف عنهم.

١٧ ـ (فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) :

(فَسُبْحانَ اللهِ) تنزيهه تعالى من السوء والثناء عليه بالخير.

(حِينَ تُمْسُونَ) مع صلاتى المغرب والعشاء.

(وَحِينَ تُصْبِحُونَ) مع صلاة الفجر.

١٨ ـ (وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ) :

(وَعَشِيًّا) مع صلاة العصر.

(وَحِينَ تُظْهِرُونَ) مع صلاة الظهر.

وخص هذه الأوقات لما يتجدد فيها من نعم الله الظاهرة.

١٩ ـ (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) :

(الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ) الطائر من البيضة.

(الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِ) البيضة من الطائر.

(وَيُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) بالنبات.

٥١٤

(وَكَذلِكَ تُخْرَجُونَ) من القبور وتبعثون.

٢٠ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ) :

(ثُمَّ إِذا) إذا ، للمفاجأة ، أي ثم فاجأتم وقت كونكم بشرا تنتشرون فى الأرض.

٢١ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) :

(مِنْ أَنْفُسِكُمْ) أي من جنسها لا من جنس آخر.

(مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) التواد والتراحم بعصمة الزواج ، بعد أن لم تكن بينكم سابقة معرفة.

٢٢ ـ (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ) :

(أَلْسِنَتِكُمْ) لغاتكم.

٢٣ ـ (وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ) :

أي : ومن آياته منامكم وابتغاؤكم من فضل بالليل والنهار.

٢٤ ـ (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :

(يُرِيكُمُ) على إضمار (أن) وإنزال الفعل منزلة المصدر.

(خَوْفاً) من الصاعقة.

(وَطَمَعاً) فى الغيث.

٢٥ ـ (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) :

٥١٥

(أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) قيام السموات والأرض واستمساكها بغير عمد.

(بِأَمْرِهِ) أي بقوله : كونا قائمتين. والمراد بإقامته لهما : إرادته لكونهما على صفة القيام دون الزوال.

(ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ) يعنى : يا أهل القبور أخرجوا.

(إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) تخرجون من قبوركم من غير تلبث ولا توقف.

٢٦ ـ (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ) :

(قانِتُونَ) منقادون لا يمتنعون عليه.

٢٧ ـ (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) :

(وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) فيما يجب عندكم وينقاس على أصولكم وتقتضيه عقولكم.

(وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) أي الوصف الأعلى الذي ليس لغيره مثل قد عرف به.

(فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) على ألسنة الخلائق وألسنة الدلائل.

(وَهُوَ الْعَزِيزُ) القاهر لكل مقدور.

(الْحَكِيمُ) الذي يجرى كل فعل على قضايا حكمته وعلمه.

٢٨ ـ (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) :

(مِنْ أَنْفُسِكُمْ) من الابتداء ، أي كأنه أخذ مثلا وانتزعه من أقرب شىء منكم وهو أنفسكم ولم يبعد.

(مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) من ، للتبعيض.

٥١٦

(مِنْ شُرَكاءَ) من ، مزيدة لتأكيد الاستفهام الجاري مجرى النفي.

والمعنى : هل ترضون لأنفسكم ـ وعبيدكم أمثالكم بشر كبشر وعبيد كعبيد. أن يشارككم بعضهم فيما رزقناكم من الأموال وغيرها.

(فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ) تكونون أنتم وهم فيه على السواء من غير تفضلة بين حر وعبد.

(تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ) تهابون أن تستبدوا بتصرف دونهم ، وأن تفتاتوا بتدبير عليهم كما يهاب بعضكم بعضا من الأحرار ، فاذا لم ترضوا بذلك لأنفسكم ، فكيف ترضون لرب الأرباب أن تجعلوا بعض عبيده له شركاء.

(كَذلِكَ) أي مثل هذا التفضيل.

(نُفَصِّلُ الْآياتِ) نبينها.

٢٩ ـ (بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْواءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) :

(الَّذِينَ ظَلَمُوا) أي أشركوا.

(بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي جاهلين.

(مَنْ أَضَلَّ اللهُ) أي من خذله.

٣٠ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) :

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ) فقوّم وجهك له وعدله غير ملتفت عنه يمينا ولا شمالا.

(حَنِيفاً) بعيدا عن ضلالهم.

(فِطْرَتَ اللهِ) أي الزموا فطرة الله. والفطرة : الخلقة.

(لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) أي ما ينبغى أن تبدل تلك الفطرة أو تغير.

٥١٧

(ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) أي ذلك القضاء المستقيم.

٣١ ـ (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ) :

(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) راجعين اليه بالتوبة والإخلاص.

٣٢ ـ (مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) :

(مِنَ الَّذِينَ) بدل من (الْمُشْرِكِينَ).

(فَرَّقُوا دِينَهُمْ) أي جعلوه أديانا مختلفة لاختلاف أهوائهم.

(وَكانُوا شِيَعاً) فرقا ، كل واحدة تشايع إمامها الذي أضلها.

(كُلُّ حِزْبٍ) منهم.

(بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ) فرح بمذهبه مسرور يحسب باطله حقا.

٣٣ ـ (وَإِذا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذا أَذاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) :

(ضُرٌّ) شدة.

(مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) راجعين اليه تائبين.

(مِنْهُ) خلاصا من تلك الشدة.

٣٤ ـ (لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) :

(لِيَكْفُرُوا) اللام لام (كى). وقيل هى الأمر ، تحمل معنى التهديد.

(فَتَمَتَّعُوا) تهديد ووعيد.

(فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ) وبال تمتعكم.

٣٥ ـ (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) :

(سُلْطاناً) حجة.

٥١٨

(بِما كانُوا بِهِ يُشْرِكُونَ) أي بكونهم بالله يشركون.

٣٦ ـ (وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِها وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) :

(رَحْمَةً) أي نعمة.

(سَيِّئَةٌ) أي بلاء.

(يَقْنَطُونَ) ييأسون من الرحمة والفرح.

٣٧ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) :

أي هو الباسط القابض فما لهم يقنطون من رحمة الله.

٣٨ ـ (فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ ذلِكَ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) :

(فَآتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ) صلة الرحم.

(وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ) نصيبهما من الصدقة المسماة لهما.

(يُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) أي يقصدون بمعروفهم إياه خالصا وحقه.

أو يقصدون جهة التقرب الى الله لا جهة أخرى.

٣٩ ـ (وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) :

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً) أي وما أعطيتم أكلة الربا.

(لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ) ليزيد ويزكو فى أموالهم.

(فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللهِ) فلا يزكو عند الله ولا يبارك فيه.

(وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ) أي صدقة.

(تُرِيدُونَ وَجْهَ اللهِ) يبتغون به وجهه خالصا.

(فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) ذوو الأضعاف من الحسنات.

٥١٩

٤٠ ـ (اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) :

(اللهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ثُمَّ رَزَقَكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) هو فاعل هذه الأفعال التي لا يقدر على شىء منها أحد غيره.

(هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ) الذين اتخذتموهم أندادا.

(مَنْ يَفْعَلُ مِنْ ذلِكُمْ مِنْ شَيْءٍ) شيئا قط من تلك الأفعال.

٤١ ـ (ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) :

(فِي الْبَرِّ) بإجدابها.

(وَالْبَحْرِ) بانقطاع مادته.

(بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ) بسبب معاصيهم وذنوبهم.

(لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) أي كان هذا وذاك ليذيقهم وبال بعض أعمالهم فى الدنيا قبل أن يعاقبهم بجميعها فى الآخرة.

(لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عما هم عليه.

٤٢ ـ (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) :

(مُشْرِكِينَ) بالله لا يتورعون عن ارتكاب المعاصي.

٤٣ ـ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) :

(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) أي اجعل وجهتك اتباع الدين ، وهى الإسلام.

(الْقَيِّمِ) البليغ الاستقامة ، الذي لا يتأتى فيه عوج.

(مِنَ اللهِ) متعلق بقوله (يَأْتِيَ) ، أي من قبل أن يأتى من الله يوم

٥٢٠