مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

٢٢٥٥ ـ قوله تعالى : (وَأُخْرى تُحِبُّونَها) ـ ١٣ ـ [«أُخْرى»] في موضع خفض على العطف على (تِجارَةٍ) ، أي (١) : [و] هل أدلكم على خلّة أخرى تحبونها ، هذا مذهب الأخفش (٢) ، وترفع «نصر على إضمار مبتدأ ، أي : ذلك نصر أو هي نصر. وقال الفراء (٣) : (أُخْرى) في موضع رفع على الابتداء ، والتقدير عنده : ولكم خلّة أخرى ؛ وهو اختيار الطبري (٤) ، واستدلّ على هذا بقوله تعالى : (نَصْرٌ وَفَتْحٌ) بالرفع على البدل من (أُخْرى).

٢٢٥٦ ـ قوله تعالى : (ظاهِرِينَ) ـ ١٤ ـ نصب على خبر «أصبح» ، والضمير اسمها.

__________________

(١) في الأصل : «أو».

(٢) معاني القرآن ص ٤٩٩.

(٣) معاني القرآن ١٥٤/٣.

(٤) تفسير الطبري ٥٩/٢٨.

٦٨١

مشكل إعراب سورة

«الجمعة»

٢٢٥٧ ـ قوله تعالى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ) ـ ٢ ـ كلّها نعوت (١) ل «رسول» ؛ وكذا (مِنْهُمْ) نعت أيضا ، في موضع نصب كلها.

٢٢٥٨ ـ قوله تعالى : (وَآخَرِينَ مِنْهُمْ) ـ ٣ ـ في موضع خفض عطف على «الأمّيين». وقيل : في موضع نصب على العطف على الضمير المنصوب في (وَيُعَلِّمُهُمُ) أو (يُزَكِّيهِمْ). وقيل : هو معطوف على معنى : (يَتْلُوا عَلَيْهِمْ) ؛ لأنّ معناه : يعرّفهم آياته.

٢٢٥٩ ـ قوله تعالى : (لَمَّا يَلْحَقُوا) ـ ٣ ـ أصل (لَمَّا) : لم ، زيدت عليها «ما» لينفى بها ما قرب من الحال ، ولو لم يكن معها «ما» لكانت نفي ماض لا غير. فإذا قلت : لم يقم زيد ، فهو (٢) نفي لمن قال : قام زيد. وإذا قلت : لمّا يقم زيد ، فهو نفي لمن قال : قد قام (٣) زيد.

٢٢٦٠ ـ قوله تعالى : (يَحْمِلُ أَسْفاراً) ـ ٥ ـ (يَحْمِلُ) حال من (الْحِمارِ).

٢٢٦١ ـ قوله تعالى : (بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ) ـ ٥ ـ (مَثَلُ) مرفوع ب (بِئْسَ) ،

__________________

(١) في الأصل : «تعود» وهو تحريف.

(٢) في الأصل : «فهي».

(٣) في الأصل «قيام» وهو تحريف.

٦٨٢

والجملة في موضع البيان لجملة محذوفة ، تقديره : بئس مثل القوم هذا المثل ، لكن حذف لدلالة الكلام عليه.

٢٢٦٢ ـ قوله تعالى : (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) ـ ٨ ـ هذا خبر «إنّ» ، وإنما دخلت الفاء في خبر «إنّ» لأنه قد نعت اسمها ب «الذي» ، والنعت هو المنعوت ، و «الذي» مبهم ، والإبهام حدّ من حدود الشرط ، فدخلت الفاء في الخبر لما في «الذي» من الإبهام الذي هو من حدود الشرط ، وحسن ذلك لأن الذي قد وصل بفعل ، ولو وصل بغير فعل لم يجز دخول الفاء في الخبر ، لو قلت : إنّ أخاك فجالس ، لم يجز ؛ إذ ليس (١) في الكلام ما فيه إبهام. ويجوز أن يكون (إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) ابتداء وخبر ، (الْمَوْتَ) ابتداء ، و (الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) الخبر ، وتكون الفاء في (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) جوابا (٢) للجملة ، كما تقول : زيد منطلق فقم إليه.

٢٢٦٣ ـ قوله تعالى : (يَوْمِ الْجُمُعَةِ) ـ ٩ ـ يجوز (٣) إسكان (٤) الميم من «الجمعة» استخفافا ، وقيل : هي لغة. وقيل أيضا : لمّا كان فيه معنى الفعل صار بمنزلة : رجل هزأة ، إذا كان يهزأ به. فلما كان في (الْجُمُعَةِ) معنى التجميع ، أسكنت الميم ؛ لأنه مفعول به في المعنى ، أو يشبه المفعول به ، فصار كهزأة ، للذي يهزأ منه. وفيه لغة ثالثة : فتح الميم من (الْجُمُعَةِ) ، على نسب الفعل إليها ، كأنها تجمع الناس ؛ كما يقال : رجل لحنة ، إذا كان يلحّن الناس ، وقرأة ، إذا كان يقرئ الناس.

__________________

(١) في الأصل : «فليس» بغير إذ.

(٢) في الأصل : «جواب».

(٣) في الأصل : «يكون».

(٤) قرأ بإسكان الميم عبد اللّه بن الزبير ، والأعمش ، وغيرهما. تفسير القرطبي ٩٧/١٨.

٦٨٣

مشكل إعراب سورة

«المنافقين»

٢٢٦٤ ـ قوله تعالى : إِذٰا جٰاءَكَ الْمُنٰافِقُونَ ـ ١ ـ العامل في «إِذٰا» : «جٰاءَكَ» ، لأنّ في «إِذٰا» معنى الشرط ، وقد تقدّمت علتها (١).

٢٢٦٥ ـ قوله تعالى : (يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ) ـ ١ ـ كسرت «إنّ» لدخول اللام في خبرها ، فالفعل معلّق عن العمل في اللفظ ، وهو عامل في المعنى ، في الجملة ، ولا تعلّق عن العمل إلا الأفعال التي تنصب الابتداء والخبر.

٢٢٦٦ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُمْ سٰاءَ مٰا كٰانُوا يَعْمَلُونَ) ـ ٢ ـ «مٰا» في موضع رفع ب‍ «سٰاءَ» ، على قول سيبويه ، و «كٰانُوا يَعْمَلُونَ» صلة «مٰا» ، والهاء محذوفة ، أي : يعملونه. وقال الأخفش : «مٰا» نكرة في موضع نصب ، و «كٰانُوا يَعْمَلُونَ» نعته ، والهاء محذوفة أيضا من الصفة ، وحذفها من الصلة أحسن (٢) ، وهو جائز من الصفة. وقال ابن كيسان : «مٰا» والفعل مصدر ، في موضع رفع ب‍ «سٰاءَ» ، فلا يحتاج إلى هاء محذوفة على قوله.

٢٢٦٧ ـ قوله تعالى : (وَإِذٰا قِيلَ لَهُمْ تَعٰالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ) ـ ٥ ـ هذان

__________________

(١) انظر فقرة(٢١٧٥)من سورة الواقعة.

(٢) في الأصل : «حسن».

٦٨٤

فعلان أعمل الثاني منهما وهو «يَسْتَغْفِرْ» ، وليس فيه ضمير ؛ لأنه ١ فعل متقدم ، فاعله بعده ، ولو أعمل الأول في الكلام وهو «تَعٰالَوْا» لقيل : تعالوا يستغفر لكم إلى رسول اللّه ، لأنّ تقديره : تعالوا إلى رسول اللّه يستغفر لكم ، ففي «يَسْتَغْفِرْ» ضمير الفاعل على هذا التقدير.

٢٢٦٨ ـ قوله تعالى : (لَنْ يَغْفِرَ اللّٰهُ لَهُمْ) ٦ ـ «لَنْ» هي الناصبة للفعل عند سيبويه (١). وقال الخليل (٢) : أصلها : لا أن ، فحذفت الهمزة لكثرة الاستعمال ، ثم حذفت ألف «لا» لسكونها وسكون النون ، فبقيت «لَنْ» ؛ و «لَنْ» موضوعة لنفي المستقبل ، فإذا قلت : لن يقوم زيد ، فإنما هو نفي لمن قال : سيقوم زيد ؛ ولذلك لا يجوز دخول السين وسوف مع «لَنْ» ؛ لأنها لا تدخل إلاّ على مستقبل ، فلا تحتاج إلى السين وسوف معها ، ف‍ «أن» هي الناصبة للفعل عند الخليل ، وقد ألزمه سيبويه ألا يجوز : زيدا لن أضرب ، لأنّه في صلة «أن» ، على قول الخليل ، وذلك جائز عندهما.

وقد منع بعض النحويين ـ وهو عليّ بن سليمان ـ أن يجوز : زيدا لن أضرب ، من جهة أن «لَنْ» لا تنصرف ، وهي ضعيفة لا يتقدم عليها ما بعدها ، كما لم يجز أن يتقدّم اسم «إنّ» عليها. وعوامل الأسماء أقوى من عوامل الأفعال ؛ فإذا لم يتقدّم ما بعد عوامل الأسماء عليها ، وهي أقوى من عوامل الأفعال ، كان ذلك في عوامل الأفعال أبعد ، وكذلك «لم» عنده ٣ ؛ والبصريون على جوازه مع «لَنْ» (٤).

٢٢٦٩ ـ قوله تعالى : (لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ) ـ ٨ ـ هذا وجه الكلام ؛ لأنّ الفعل متعدّ إلى مفعول ، لأنه من «أخرج». فأمّا من قرأ (٥)

__________________

(١) في سائر النسخ : «لأن فاعله بعده».

(٢) الكتاب ٤٠٧/١.

(٣) في الأصل : «ولذلك لم يجز عنده».

(٤) انظر : مغني اللبيب ، ص ٢٨٤.

(٥) حكى الكسائي والفراء أن قوما قرءوا «ليخرجنّ» بالياء مفتوحة ، وضم الراء. البحر المحيط ٢٧/٨.

٦٨٥

«ليخرجنّ» بفتح الياء ، فالفعل غير متعد ، لأنّه من «خرج» ، لكنه ينصب «الأذل» على الحال ، والحال لا يكون فيها الألف واللام إلا في نادر ، يسمع ولا يقاس عليه ؛ حكى سيبويه (١) : ادخلوا الأوّل فالأوّل ؛ نصبه على الحال. وأجاز يونس : مررت به المسكين ، نصب «المسكين» على الحال ، ولا يقاس على هذا ؛ لشذوذه وخروجه عن القياس.

٢٢٧٠ ـ قوله تعالى : (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) ـ ١٠ ـ من حذف الواو عطفه على موضع الفاء ، لأن موضعها جزم على جواب التمني. ومن أثبت (٢) الواو عطفه على لفظ «فَأَصَّدَّقَ» ، والنصب في «فَأَصَّدَّقَ» على إضمار «أن».

__________________

(١) الكتاب ١٩٨/١.

(٢) قرأ أبو عمرو «وأكون» بالواو ونصب النون ، والباقون بغير واو وجزم النون. النشر ٣٧١/٢ ؛ والتيسير ص ٢١١ ؛ والإتحاف ص ٤٠٧ ؛ وانظر : الكشف ٣٢٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٣١/١٨.

٦٨٦

مشكل إعراب سورة

«التغابن»

٢٢٧١ ـ قوله تعالى : (أَبَشَرٌ يَهْدُونَنٰا) ـ ٦ ـ إنما جمع «يهدون» لأنّه ردّه على معنى «بَشَرٌ» ، لأنه بمعنى الجماعة في هذا الموضع ، ويكون للواحد نحو قوله تعالى : مٰا هٰذٰا بَشَراً (١). وقد أجاز النحويون : رأيت ثلاثة نفر ، وثلاثة رهط ، حملا على المعنى ، ولم يجيزوا : رأيت ثلاثة قوم ، ولا ثلاثة بشر ، والفرق بينهما أنّ «نفرا» و «رهطا» لما دون العشرة من العدد ، فأضيف ما دون العشرة من العدد (٢) إليه ، إذ هو نظيره. و «قوم» قد يقع لما فوق العشرة[من العدد] ؛ فلم يحسن إضافة ما دون العشرة من العدد إلى ما فوقها. وأما «بَشَرٌ» فيقع للواحد ، فلم يمكن (٣) إضافة عدد إلى واحد. و «بَشَرٌ» رفع بالابتداء ، وقيل : بإضمار فعل.

٢٢٧٢ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ) ـ ٩ ـ «يَوْمَ» ظرف ، والعامل فيه (ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ) ـ ٧ ـ [يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ] (٤).

٢٢٧٣ ـ قوله تعالى : (وَأَنْفِقُوا خَيْراً) ـ ١٦ ـ انتصب «خير» عند

__________________

(١) سورة يوسف : الآية ٣١.

(٢) في الأصل : «ما دون العدد».

(٣) في الأصل : «يكن».

(٤) زيادة في الأصل.

٦٨٧

سيبويه (١)على إضمار فعل دلّ عليه الكلام ؛ لأنه لما قال : «وَأَنْفِقُوا» دلّ على أنه أمرهم أن يأتوا فعل خير ، فكأنه قال : وآتوا خيرا. وقال أبو عبيدة (٢) : هو خبر «كان» مضمرة ، أي : يكن خيرا. وقال الفرّاء والكسائي : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : وأنفقوا إنفاقا خيرا. وقيل : هو نصب ب‍ «أَنْفِقُوا» ، والخير هو المال على هذا القول ؛ وفيه بعد في المعنى. وقال بعض الكوفيين : هو نصب على الحال ، وهو بعيد أيضا في المعنى والإعراب (٣).

__________________

(١) الكتاب ، لسيبويه ١٤٣/١.

(٢) في الأصل و (ظ ، ق ، د ، ك) : «أبو عبيد» وأثبت ما جاء في(ح)وتفسير القرطبي ، والفقرتين(٦٤٩ ، ٦٥١)من كتاب المشكل ، وانظر : مجاز القرآن ١٤٣/١.

(٣) معاني القرآن ٢٩٥/١ ؛ والبيان ٤٤٣/٢ ، ٢٧٨/١ ؛ والعكبري ١١٨/١ ؛ وتفسير القرطبي ١٤٦/١٨ و ٢٠/٦ ؛ وراجع الفقرة(٦٤٩)و (٦٥١).

٦٨٨

مشكل إعراب سورة

«الطلاق»

٢٢٧٤ ـ قوله تعالى : (بٰالِغُ أَمْرِهِ ١) (١) ـ ٣ ـ انتصب «الأمر» ب‍ «بٰالِغُ» ؛ لأنه بمعنى الاستقبال[فعمل عمل الفعل] (٢). وقد قرئ بالإضافة. وقد أجاز الفرّاء (٣) في الكلام : بالغ أمره ، بالتنوين ورفع الأمر ب‍ «بٰالِغُ» ، أو بالابتداء ، و «بٰالِغُ» خبره ، والجملة خبر «إِنَّ».

٢٢٧٥ ـ قوله تعالى : (وَاللاّٰئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ) ـ ٤ ـ «اللاّٰئِي» ابتداء ، و «يَئِسْنَ» وما بعده صلته إلى «نِسٰائِكُمْ». وإِنِ ارْتَبْتُمْ شرط ، «فَعِدَّتُهُنَّ» ابتداء ، و «ثَلاٰثَةُ أَشْهُرٍ» خبره ، والفاء جواب الشرط ، والشرط وجوابه وما تعلّق به خبر[عن] «اللاّٰئِي» ، والتقدير : إن ارتبتم فيهنّ فأمد عدتهنّ ثلاثة أشهر. وواحد «اللائي» : «التي».

٢٢٧٦ ـ قوله تعالى : (وَأُولاٰتُ الْأَحْمٰالِ) ـ ٤ ـ ابتداء ، و «أَجَلُهُنَّ» ابتداء ثان ، و «أَنْ يَضَعْنَ» خبر الثاني ، و «إِنِ» في موضع رفع ، وهي (٤)والفعل

__________________

(١) في المصحف «بٰالِغُ أَمْرِهِ» بالإضافة وحذف التنوين ، وهي قراءة عاصم وحفص والمفضل وأبان وجبلة وجماعة عن أبي عمرو ، وقرأ العامة بتنوين «بالغ» ونصب «أمره». البحر المحيط ٢٨٣/٨ ؛ وانظر الكشف ٣٢٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٦١/١٨.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) ما أجازه الفراء قرأ به أيضا داود بن أبي هند. تفسير القرطبي ١٦١/١٨ ؛ والمحتسب ٣٢٤/٢ ؛ وانظر : معاني القرآن ١٦٣/٣.

(٤) في الأصل : «وهن».

مشکل اعراب القرآن جلد ١ ،

٦٨٩

مصدر ، والثاني وخبره خبر الأول. ويجوز أن تكون «أجلهن» بدلا من «أولات» ، و «أن يضعن» الخبر ، وهو بدل الاشتمال. وواحد «أولات» «ذات».

٢٢٧٧ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كُنَّ أُولاٰتِ) حَمْلٍ ـ ٦ ـ في «كان» اسمها ، و «أولات» الخبر ، تقديره : وإن كان (١) المطلقات أولات حمل فأنفقوا عليهنّ.

٢٢٧٨ ـ قوله تعالى : (قَدْ أَنْزَلَ اللّٰهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً) ـ ١٠ ـ (رَسُولاً) ـ ١١ ـ انتصب «ذِكْراً» ب‍ «أَنْزَلَ» ، وانتصب «رسولا» على نعت «ذكر» تقديره : [ذكرا]ذا رسول ، ثم حذف المضاف. وقيل : انتصب «رسول» على البدل من «ذكر» ، و «رسول» بمعنى رسالة. وقيل : هو بدل ، و «رسول» على بابه ، لكن معناه : قد أظهر اللّه[لكم]ذكرا رسولا ، لأن «أنزل» دلّ على إظهار أمر لم يكن ، فليس هو بمعنى رسالة على هذا المعنى ؛ وهو في الوجهين بدل الشيء من الشيء ، وهو هو. وقيل : هو نصب على إضمار «أرسلنا». وقيل : على إضمار «أعني». وقيل : هو نصب على الإغراء ، أي : اتبعوا رسولا ، أو الزموا رسولا.

وقيل : هو نصب بفعل دلّ عليه «ذِكْراً» ، تقديره : قد أنزل اللّه إليكم ذكرا تذكرون رسولا ، أو تذكروا (٢) رسولا. وقيل : هو نصب ب‍ «ذكر» لأنه مصدر ، يعمل عمل الفعل ، تقديره : قد أنزل اللّه إليكم أن تذكروا رسولا (٣).

٢٢٧٩ ـ قوله تعالى : (يَتْلُوا) ـ ١١ ـ نعت ل‍ «رسول».

٢٢٨٠ ـ قوله تعالى : (لِتَعْلَمُوا) ـ ١٢ ـ اللام متعلقة ب‍ «يَتَنَزَّلُ» ، وقيل : ب‍ «خَلَقَ».

__________________

(١) في الأصل : «كن».

(٢) في الأصل : «تذكر».

(٣) البيان ٤٤٤/٢ ؛ والعكبري ١٤١/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٧٣/١٨.

٦٩٠

مشكل إعراب سورة

«التحريم»

٢٢٨١ ـ قوله تعالى : (تَبْتَغِي مَرْضٰاتَ) ـ ١ ـ «تَبْتَغِي» في موضع نصب على الحال من المضمر في «تُحَرِّمُ» ، [تقديره : يا أيها النبي لم تحرّم مبتغيا مرضاة] (١).

٢٢٨٢ ـ قوله تعالى : (تَحِلَّةَ) ـ ٢ ـ نصب بقوله : «قَدْ فَرَضَ». ووزن «تَحِلَّةَ» : «تفعلة» ، وأصله : تحللة ، ثم ألقيت حركة اللام الأولى على الحاء ، وأدغمت في الثانية.

٢٢٨٣ ـ قوله تعالى : (قُلُوبُكُمٰا) ـ ٤ ـ رفع بالفعل ، وإنما جمع «القلب» ، وهما اثنتان (٢) ؛ لأنّ كلّ شيء ليس في الإنسان منه غير واحد ، إذا قرن به مثله فهو جمع. وقيل : لأن التثنية جمع ؛ لأنها جمع شيء إلى شيء.

٢٢٨٤ ـ قوله تعالى : (نَبَّأَتْ بِهِ) ـ ٣ ـ المفعول محذوف ، تقديره : نبّأت به صاحبتها ، يعني : حفصة نبأت عائشة ، رضي اللّه عنهما ، وحفصة هي المخبرة عائشة بالسر (٣). وكذا المفعول محذوف أيضا من قوله

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في الأصل : «وهما اثنان : حفصة وعائشة رضي اللّه عنهما».

(٣) في(ح ، ظ ، ق ، د ، ك) : «يعني عائشة وحفصة ، رضي اللّه عنهما ، وعائشة هي ـ

٦٩١

تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ) ، في قراءة من شدّد الراء ، أي عرّفها (١)بعضه ، أي بعض ما أفشت عنه لصاحبتها ، و «أَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ» تكرّما منه صلّى اللّه عليه وسلّم ، فلم يعرّفها به. فأمّا من خفف الراء فهو على معنى : جازى على بعضه ، ولم يجاز على بعض ، إحسانا منه صلّى اللّه عليه وسلّم ، ولا يحسن أن يكون معناه أنه (٢) لم يدر بعضه ؛ لأنّ اللّه تعالى قد أخبرنا أنّه أظهر نبيّه عليه ، فلا جائز أن يظهره على ما أفشت ، ويعرّفه بعض ما أظهره عليه دون بعض ، أو يعرف بعضا وينكر بعضا (٣).

٢٢٨٥ ـ قوله تعالى : (فَإِنَّ اللّٰهَ هُوَ مَوْلاٰهُ) ـ ٤ ـ «هُوَ» فاصلة ، و «مَوْلاٰهُ» خبر «إنّ». ويجوز أن تكون «هُوَ» ابتداء و «مَوْلاٰهُ» الخبر ، والجملة خبر «إن» ، وتقف على «مَوْلاٰهُ» على هذا ، لا تتجاوزه.

٢٢٨٦ ـ قوله تعالى : (وَجِبْرِيلُ) ـ ٤ ـ ابتداء ، وما بعده عطف عليه ، و «ظهير» خبره. ويجوز أن يكون «وَجِبْرِيلُ» عطف على «مَوْلاٰهُ» ، و «المولى» بمعنى الوليّ ، وتقف على «جِبْرِيلُ» على هذا ، ويكون «وَصٰالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» ابتداء ، و «الْمَلاٰئِكَةُ» عطف ، و «ظهير» خبره. ويجوز أن يكون «وَصٰالِحُ الْمُؤْمِنِينَ» عطفا على «جِبْرِيلُ» ، و «جِبْرِيلُ» عطف على «مَوْلاٰهُ» ، و «المولى» بمعنى الولي ؛ لأنّ الملائكة والمؤمنين أولياء الأنبياء (٤) وناصروهم ، فتقف على هذا على «الْمُؤْمِنِينَ» ، ويكون قوله : «وَالْمَلاٰئِكَةُ» ابتداء ، و «ظهير» خبره ، إلا أنّ المتعارف الوقف على «مولاه» عند القراء ، ويكون «وجبريل» ابتداء ، يبتدأ به.

__________________

ـ المخبرة حفصة بالسر» وهو خطأ ، وأثبت ما جاء في الأصل ، والكشف ، وتفسير القرطبي.

(١) في الأصل : «من شدد عرف ، عرفها» والتشديد قراءة الجمهور ، وقرأ الكسائي بالتخفيف. النشر ٣٧٢/٢ ؛ والتيسير ص ٢١٢.

(٢) لفظ «أنه» مكرر في الأصل.

(٣) الكشف ٣٢٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٨٧/١٨.

(٤) في الأصل : «أولياء الأولياء».

٦٩٢

٢٢٨٧ ـ قوله تعالى : (أَنْ يُبْدِلَهُ) ـ ٥ ـ «إِنْ» في موضع نصب خبر «عَسىٰ» ، ومثله (أَنْ يُكَفِّرَ) ـ ٨ ـ

٢٢٨٨ ـ قوله تعالى : (قُوا أَنْفُسَكُمْ) ـ ٦ ـ «قُوا» فعل قد اعتل فاؤه ولامه ، ففاؤه محذوفة ، لوقوعها بين ياء وكسرة في قولك : «يقي» على مذهب البصريين. وقال الكوفيون : إنما حذفت للفرق بين الفعل المتعدي وغير المتعدي ، فحذفت في «يعد» و «يقي» ، لأنّه متعدّ ، وثبتت في «يوجل» لأنه غير متعدّ ، ويلزمهم ألاّ يحذفوا في «يرم» و «يثق» ؛ لأنهما غير متعديين ، ولا بد من الحذف فيهما ، واللاّم محذوفة لسكونها وسكون الواو بعدها ، والنون محذوفة للبناء عند البصريين ، وللجزم عند الكوفيين ، وأصله «أوقيوا» ، فحذفت الواو على ما ذكرنا ، فاستغني عن ألف الوصل ، ثم ألقيت حركة الياء على القاف ، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، فصارت «قُوا». وقيل : بل حذفت الضمة عن الياء استخفافا ، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، وضمّت القاف لأجل الواو لئلا تنقلب ياء ، فيتغير المعنى ، وقد تقدّم لهذا نظائر (١).

٢٢٨٩ ـ قوله تعالى : (وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرٰانَ) ـ ١٢ ـ «مَرْيَمَ» نصب على العطف على «مثلا» ، و «ابنة» نعت لها أو بدل. ولم تنصرف «مَرْيَمَ» للتأنيث والتعريف. وقيل : إنه اسم أعجمي. وقيل : عربي.

٢٢٩٠ ـ قوله تعالى : (ضَرَبَ اللّٰهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ) ـ ١٠ ـ «مَثَلاً» و «امْرَأَتَ» مفعولان ل‍ «ضَرَبَ». وقيل : «امْرَأَتَ نُوحٍ» بدل من «مثل» ، على تقدير : مثل امرأة نوح ، ثم حذف «مثل» الثاني ؛ لدلالة الأول عليه.

__________________

(١) البيان : ٤٤٧/٢.

٦٩٣

مشكل إعراب سورة

«الملك»

٢٢٩١ ـ قوله تعالى : (طِبٰاقاً) ـ ٣ ـ نعت ل‍ «سَبْعَ» ، وهو جمع «طبقة» ، كرحبة ورحاب. وقيل : هو جمع «طبق» ، كجمل وجمال (١).

٢٢٩٢ ـ قوله تعالى : (كَرَّتَيْنِ) ـ ٤ ـ نصب ؛ لأنّه في موضع المصدر ، كأنه قال : فارجع البصر رجعتين.

٢٢٩٣ ـ قوله تعالى : (خٰاسِئاً) ـ ٤ ـ حال من «الْبَصَرَ» ، وكذا : (وَهُوَ حَسِيرٌ) ابتداء وخبر في موضع نصب على الحال من «الْبَصَرَ».

٢٢٩٤ ـ قوله تعالى : (كُلَّمٰا أُلْقِيَ) ـ ٨ ـ «كُلَّمٰا» نصب ب‍ «أُلْقِيَ» على الظرف.

٢٢٩٥ ـ قوله تعالى : (فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ) ـ ١١ ـ إنما وحّد الذنب ، والإخبار عن جماعة ، لأن «الذنب» مصدر يقع على القليل والكثير.

٢٢٩٦ ـ قوله تعالى : (فَسُحْقاً) ـ ١١ ـ نصب على إضمار فعل ، أي : ألزمهم[اللّه]سحقا. وقيل : هو مصدر ، جعل بدلا من اللفظ بالفعل ، وهو قول سيبويه (٢). والرفع يجوز في الكلام على الابتداء.

__________________

(١) في(ظ ، ق ، د ، ك) : «كجبل وجبال».

(٢) الكتاب ١٥٧/١.

٦٩٤

٢٢٩٧ ـ قوله تعالى : (أَلاٰ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ) ـ ١٤ ـ «مَنْ» في موضع رفع ب‍ «يَعْلَمُ» ، والمفعول محذوف تقديره : ألا يعلم الخالق خلقه ، فدلّ ذلك على أنّ ما يسرّ الخلق من قولهم ، وما يجهرون به ، كلّ من خلق اللّه ؛ لأنه قال : (وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذٰاتِ الصُّدُورِ) ، ألا يعلم الخالق خلقه ، فكلّ من خلق اللّه.

وقد قال بعض أهل الزّيغ : إنّ «مَنْ» في موضع نصب اسم للمسرّين والجاهرين ، ليخرج الكلام عن عمومه ، ويدفع عموم الخلق عن اللّه جلّ ذكره ، ولو كان كما زعم لقال : ألا يعلم ما خلق ؛ لأنّه إنما[تقدّم]ذكر ما تكنّ الصّدور (١) ، فهو [في]موضع «ما». ولو أتت «ما» في موضع «مَنْ» لكان فيه أيضا بيان العموم ، أنّ اللّه تعالى خالق كلّ شيء من أقوال الخلق وأفعالهم ؛ أسرّوها أو أظهروها ، خيرا كانت أو شرا ، [ويقوّي ذلك قوله : (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذٰاتِ الصُّدُورِ) ، ولم يقل : عليم بذات المسرّين والجاهرين] ، وتكون «ما» في موضع نصب. وإنما يخرج الآية من هذا العموم إذا جعلت «مَنْ» في موضع نصب اسما للأناسي (٢) المخاطبين قبل[هذه]الآية ، [وقوله بِذٰاتِ الصُّدُورِ يمنع من ذلك].

٢٢٩٨ ـ قوله تعالى : (أَنْ يَخْسِفَ) ـ ١٦ ـ (وأَنْ يُرْسِلَ) ـ ١٧ ـ «أَنْ» فيهما في موضع نصب على البدل من «مَنْ» ، وهو بدل الاشتمال. وقال النحاس : «أن» مفعولة ، ولم يذكر البدل ، ووجهه ما ذكرت لك.

٢٢٩٩ ـ قوله تعالى : (صٰافّٰاتٍ) ـ ١٩ ـ حال من «الطَّيْرِ» ، وكذا (وَيَقْبِضْنَ).

٢٣٠٠ ـ قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَمْشِي) ـ ٢٢ ـ ابتداء ، [و] «مُكِبًّا» حال منه ، و «أَهْدىٰ» خبره.

__________________

(١) في الأصل : «ما يكن الصدر».

(٢) في(ح ، ق ، د ، ك) : «للأناس» وفي(ظ) : للأجناس».

٦٩٥

٢٣٠١ ـ قوله تعالى : (وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ) ـ ٢٣ ـ إنّما وحّد «السَّمْعَ» لأنّه في الأصل مصدر ، ثم سمي به.

٢٣٠٢ ـ قوله تعالى : (مَتىٰ هٰذَا الْوَعْدُ) ـ ٢٥ ـ «هٰذَا» مبتدأ ، و «الْوَعْدُ» نعته ، و «مَتىٰ» في موضع رفع خبر «هٰذَا» ، وفيه ضمير مرفوع يعود على «هٰذَا». وقيل : «هٰذَا» رفع بالاستقرار ، و «مَتىٰ» ظرف في موضع نصب ، فلا يكون فيه ضمير.

٢٣٠٣ ـ قوله تعالى : (تَدَّعُونَ) ـ ٢٧ ـ هو «تفتعلون» (١) ، من الدعاء ، وأصله «تدتعيون» ١ ، ثم أدغمت التاء في الدال ، على إدغام الثاني في الأول ؛ لأنّ الثاني أضعف من الأوّل. وأصل الإدغام أن تدغم الأضعف في الأقوى ، ليزداد قوّة مع الإدغام ، والدال مجهورة ، والتاء مهموسة ؛ والمجهور أقوى من المهموس ، فلذلك أدغم الثاني في الأول ليصير اللفظ بحرف مشدّد مجهور ، فهو أحسن من أن يصير بحرف مهموس.

٢٣٠٤ ـ قوله تعالى : (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ) ـ ٣٠ ـ ابتداء وخبر ، والفاء جواب الشرط.

٢٣٠٥ ـ قوله تعالى : (بِمٰاءٍ مَعِينٍ) ـ ٣٠ ـ يجوز أن تكون «مَعِينٍ» (٢) «فعيلا» ، من : معن الماء ، إذا كثر. ويجوز أن يكون «مفعولا» من العين ، وأصله «معيون» ، ثمّ أعلّ ؛ بأن أسكنت الياء استخفافا ، وحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها ، ثم قلبت الواو ياء لانكسار العين قبلها. وقيل : بل حذفت الواو لسكونها وسكون الياء قبلها ، فتقديره على هذا : فمن يأتيكم بماء يرى بالعين (٣).

__________________

(١) في الأصل و (ح) : «يفتعلون ... يدتعيون».

(٢) في الأصل و (د) : «معينا».

(٣) البيان ٤٥٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٢٢/١٨.

٦٩٦

مشكل إعراب سورة

«القلم»

٢٣٠٦ ـ قوله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ) (١) ـ ١ ـ قد تقدّم وجه الإظهار والإدغام[في النون]في «يس» (٢) وغيرها. وقد قرئت «نون» بفتح (٣) النون ؛ على أنه مفعول به ، أي : اذكر نون ، واقرأ نون ، ولم ينصرف لأنّه معرفة ، وهو اسم لمؤنث ؛ وهي السورة ، وقيل : لأنه اسم أعجميّ. وقال سيبويه (٤) : إنما فتحت النون لالتقاء الساكنين ، مثل «أين» و «كيف» ، كأنّ القارئ وصل قراءته ولم يدغم ، فاجتمع ساكنان : النون والواو ، ففتحت النون. وقال الفراء : إنما فتحت على التشبيه ب‍ «ثمّ» ، وقال غيره : فتحت لأنها أشبهت نون الجمع. وقال أبو حاتم : لمّا حذفت منها واو القسم نصبت بالفعل المقسم به ، كما تقول : اللّه لأفعلنّ ، فتنصب الاسم بالفعل ، كأنّه في التمثيل ، وإن كان لا يستعمل : «أقسم اللّه». وأجاز سيبويه (٥) : اللّه لأفعلنّ ، بالخفض ، أعمل حرف القسم وهو محذوف ؛ وجاز ذلك في هذا ، وإن كان لا يجوز في غيره ؛ لكثرة استعمال

__________________

(١) في الأصل : «نون» بغير لفظ (وَالْقَلَمِ).

(٢) راجع فقرة(١٨١١).

(٣) قرأ بفتح النون عيسى بن عمر. تفسير القرطبي ٢٢٣/١٨ ؛ وفي البحر المحيط ٣٠٧/٨ قرأ به أيضا سعيد بن جبير.

(٤) الكتاب ٣٠/٢.

(٥) الكتاب ، لسيبويه ٢٩٣/١ و ١٤٤/٢.

٦٩٧

الحذف في باب القسم. ومن جعل «ن» قسما ، جعل الجواب (مٰا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ).

٢٣٠٧ ـ قوله تعالى : (أَنْ كٰانَ ذٰا مٰالٍ) ـ ١٤ ـ

«أَنْ» مفعول من أجله ، والعامل فيه فعل مضمر ، تقديره : يكفر أو يجحد (١) من أجل أن كان ذا مال. ولا يجوز أن يكون العامل فيه «تتلى» ولا «قال» ؛ لأنّ ما بعده «إذا» لا يعمل فيما قبلها ؛ لأنّ «إذا» تضاف إلى الجمل التي بعدها ، ولا يعمل المضاف إليه فيما قبل المضاف. و «قال» جواب الجزاء ، ولا يعمل فيما قبل الجزاء ؛ لأنّ حكم العامل أن يكون قبل المعمول فيه ، وحكم الجواب أن يكون بعد الشرط (٢) ، فيصير مقدما مؤخرا في حال ، وذلك لا يجوز ، فلا بدّ من إضمار عامل ل‍ «أَنْ» على ما ذكرنا (٣).

٢٣٠٨ ـ قوله تعالى : (مُصْبِحِينَ) ـ ١٧ ـ حال من المضمر في «لَيَصْرِمُنَّهٰا» المرفوع ، ولا خبر ل‍ «أصبح» في هذا ، لأنها بمعنى داخلين (٤) في الإصباح ؛ [تقول : أصبح زيد ، وأمسى عمرو ، أي دخل في الإمساء] (٥).

٢٣٠٩ ـ قوله تعالى : (بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ) ـ ٦ ـ الباء زائدة ، والمعنى : أيكم المفتون. [وقيل : الباء غير زائدة ، لكنها بمعنى «في» ، والتقدير : في

__________________

(١) كذا في الأصل و (ح ، د)وتفسير القرطبي ، وفي(ق ، ظ ، ك) : «لكفر أو لجحد» ، وجاء في الكشف ٣٣١/٢ : «وحجة من قرأ بهمزة واحدة أنه لما علم أن الكلام ليس باستخبار ، لم يأت بلفظ يدل على الاستخبار ، ف‍ «أن» في موضع نصب بفعل مضمر ، دل عليه الكلام ، تقديره : الجحد لأن كان ، أو أتكفر لأن كان».

(٢) في الأصل : «أن يكون للشرط».

(٣) الكشف ٣٣١/٢ ؛ والبيان ٤٥٣/٢ ؛ والعكبري ١٤٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٣٦/١٨.

(٤) في الأصل : «بمعنى أنهم داخلون».

(٥) زيادة في الأصل.

٦٩٨

أيكم المفتون]. وقيل : المفتون بمعنى الفتون ، والتقدير : في أيكم الفتون. أي : الجنون. وكتبت «أيكم» في المصحف في هذا الموضع خاصة بياءين وألف قبلهما ؛ وعلة ذلك أنهم كتبوا للهمزة صورة على التحقيق ، وصورة على التخفيف ، فالألف صورة الهمزة على التحقيق ، والياء الأولى صورتها على التخفيف ؛ لأنّ قبل الهمزة كسرة ، فإذا خففتها فحكمها أن تبدل منها ياء ، والياء الثانية صورة الياء المشددة. وكذلك كتبوا (بِأَيْدٍ) (١) بياءين على هذه العلة. وكتبوا (وَلَأَوْضَعُوا) (٢)بألفين. وكذلك (أَوْ لَأَذْبَحَنَّهُ) (٣). وكذلك (لا إلى الجحيم) (٤) و (لا إلى الله تحشرون) (٥) [اللام فيه لام الإيجاب غير ممدودة ، لئلا تصير لام نفي ، وإنما]كتب[كله]بألفين لأن إحداهما ؛ وهي الأولى ، صورة الهمزة على التحقيق ، والثانية صورتها على التخفيف. وقد قيل : الأولى صورة الهمزة ، والثانية صورة حركتها. وقيل : هي فتحة أشبعت فتولّدت منها ألف ، وهذا فيه بعد ؛ [لأنه لا يجوز إشباع الفتحة هاهنا البتة] (٦). وهذا إنما هو تعليل لخط المصحف ، إذ قد جاء على ذلك ، ولا سبيل إلى تحريفه. وهذا الباب يتسع ، وهو كثير في الخط ، [خارج عن المتعارف بين الكتاب من الخط ؛ فلا بد أن يخرج لذلك وجه يليق به]. وسنذكره ، إن شاء اللّه ، مستقصى معللا في غير هذا.

٢٣١٠ ـ قوله تعالى : (قٰالَ أَسٰاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ـ ١٥ ـ أي : هذه أساطير ، ف‍ «أَسٰاطِيرُ» خبر ابتداء مضمر.

٢٣١١ ـ قوله تعالى : (كَذٰلِكَ الْعَذٰابُ) ـ ٣٣ ـ «الْعَذٰابُ» ابتداء ،

__________________

(١) سورة الذاريات : الآية ٤٧.

(٢) سورة التوبة : الآية ٤٧.

(٣) سورة النمل : الآية ٢١.

(٤) سورة الصافات : الآية ٦٨.

(٥) سورة آل عمران الآية : ١٥٨.

(٦) زيادة في الأصل.

٦٩٩

و «كَذٰلِكَ» الخبر ، أي : العذاب الذي يحل بالكفار مثل هذا العذاب (١).

٢٣١٢ ـ قوله تعالى : (مٰا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ) ـ ٣٦ ـ «مٰا» ابتداء ، وهي استفهام ، و «لَكُمْ» الخبر ، و «كَيْفَ» في موضع نصب ب‍ «تَحْكُمُونَ».

٢٣١٣ ـ قوله تعالى : (أَمْ لَكُمْ أَيْمٰانٌ عَلَيْنٰا بٰالِغَةٌ) ـ ٣٩ ـ «أَيْمٰانٌ» ابتداء ، و «عَلَيْنٰا» الخبر ، و «بٰالِغَةٌ» نعت ل‍ «أَيْمٰانٌ». وقرأ الحسن (٢) «بٰالِغَةٌ» بالنصب على الحال من المضمر المرفوع في «عَلَيْنٰا».

٢٣١٤ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سٰاقٍ) ـ ٤٢ ـ انتصب «يَوْمَ» على :

اذكر يا محمد[يوم يكشف عن ساق ويدعون] (٣) ، فتبتدئ ب‍ «اليوم». ويجوز أن تنصبه ب‍ «يأتوا» ، أي : يأتوا بشركائهم في هذا اليوم (٤). ولا يحسن الابتداء به.

٢٣١٥ ـ قوله تعالى : (خٰاشِعَةً أَبْصٰارُهُمْ) ـ ٤٣ ـ نصب على الحال من المضمر في «يُدْعَوْنَ» ، أو من المضمر في «يستطيعون» ، و «أبصارهم» رفع بفعلها. و «تَرْهَقُهُمْ» (٥) في موضع الحال مثل الأول ، وإن شئت كان منقطعا من الأول.

٢٣١٦ ـ قوله تعالى : (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهٰذَا) ـ ٤٤ ـ «مَنْ» في موضع نصب على العطف على[ضمير]المتكلم ، وإن شئت على أنه مفعول معه.

٢٣١٧ ـ قوله تعالى : (لَوْ لاٰ أَنْ تَدٰارَكَهُ) ـ ٤٩ ـ «أَنْ» في موضع رفع بالابتداء ، والخبر محذوف. ولا يكاد يستعمل الخبر مع لو لا عند سيبويه إلاّ محذوفا ، والتقدير : لو لا مداركة اللّه إيّاه لحقته أو استنقذته ، وشبهه ،

__________________

(١) في الأصل : «مثل ذلك».

(٢) الإتحاف ، ص ٤٢١ ، وتفسير القرطبي ٢٤٧/١٨ ؛ وانظر : المحتسب ٣١٥/٢ ومعاني القرآن ؛ للفراء ١٧٦/٣.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) في الأصل : «أن تنصبه بقوله : فاتوا بشركائكم في هذا اليوم».

(٥) في الأصل : «خاشعة وترهقهم».

٧٠٠