مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

مشكل إعراب سورة

«والطور»

٢١٠٨ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) ـ ٩ ـ العامل في يوم «واقع» أي : إنّ عذاب ربك لواقع يوم تمور السماء مورا ، ولا يعمل فيه (دافِعٍ) ؛ لأن المنفي لا يعمل فيما قبل النافي ، لا تقول : طعامك ما زيد آكلا ، ورفعت آكلا أو نصبته أو أدخلت عليه الباء ، فإن رفعت الطعام بالابتداء وأوقعت «آكلا» على هاء جاز ، وما بعد الطعام خبره ، ويقبح حذف الهاء.

٢١٠٩ ـ قوله تعالى : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) ـ ١١ ـ ابتداء عامل في (يَوْمَئِذٍ) ، و (لِلْمُكَذِّبِينَ) الخبر ، والفاء جواب الجملة المتقدّمة ؛ وحسن ذلك (١) لأنّ في الكلام معنى الشرط ؛ لأنّ المعنى : إذا كان ما ذكر فويل يومئذ للمكذّبين.

٢١١٠ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يُدَعُّونَ) ـ ١٣ ـ (يَوْمَ) بدل من (يَوْمَئِذٍ).

٢١١١ ـ قوله تعالى : (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ) ـ ١٤ ـ ابتداء وخبره مقول ، تقديره : يقال لهم : هذه النار [التي كنتم بها تكذبون](٢). ومثله في

__________________

(١) أي دخول الفاء في «فويل».

(٢) زيادة في الأصل.

٦٤١

إضمار القول (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً) ـ ١٩ ـ أي (١) يقال لهم : كلوا واشربوا.

٢١١٢ ـ قوله تعالى : (هَنِيئاً) ـ ١٩ ـ نصب على المصدر.

٢١١٣ ـ قوله تعالى : (بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) ـ ٢٩ ـ يجوز في (مَجْنُونٍ) في الكلام (٢) النصب على العطف على موضع (بِكاهِنٍ) في لغة أهل الحجاز (٣). ويجوز الرفع على العطف على موضع (بِكاهِنٍ) في لغة بني تميم (٤) ، وعلى إضمار مبتدأ ، أي : ولا هو مجنون.

٢١١٤ ـ قوله تعالى : (سَحابٌ مَرْكُومٌ) ـ ٤٤ ـ رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هذا سحاب.

٢١١٥ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ لا يُغْنِي) ـ ٤٦ ـ انتصب (يَوْمَ) على البدل من «يومهم» ، و «يومهم» منصوب ب «يلاقوا» مفعول به ، وليس نصبه على الظرف.

٢١١٦ ـ قوله تعالى : (فَذَرْهُمْ) ـ ٤٥ ـ أصله : فاوذرهم ، [ولكن] حذف الواو لأنه بمعنى : فدعهم ، فحمل على نظيره في المعنى ، وعلى ما يقوم مقامه ؛ لأنّهم استغنوا عن استعمال «ودع» [بقولهم «ترك». وكذلك «وذر» لم تستعمل كما لم تستعمل «ودع» (٥)]. وإنما حذفت الواو من «يدع» لأنه بمنزلة «يزن» ؛ الدال كالزاي في الحركة ، لكن فتحت الدال في «يدع» لأجل حرف الحلق بعدها ، وأصلها الكسر كالزّاي من «يزن» ، فحذفت الواو على الأصل لوقوعها بين ياء وكسرة ، وحذفت من «يذر» لأنه بمعنى «يدع» ، وقد تقدّم ذكر هذا.

٢١١٧ ـ قوله تعالى : (وَإِدْبارَ النُّجُومِ) ـ ٤٩ ـ (إِدْبارَ) ظرف زمان

__________________

(١) في الأصل : «معناه».

(٢) أي في غير القرآن.

(٣) أي بإعمال «ما» عمل «ليس».

(٤) وهذا بجعل «ما» نافية لا عمل لها.

(٥) في(ح) : «في ودع» وصححت من : (ظ ، ق ، د ، ك).

٦٤٢

تقديره : فسبّحه وقت إدبار النجوم ، ومثله : (وَأَدْبارَ السُّجُودِ)(١) على قراءة من كسر (٢) الهمزة. فأمّا من فتحها [في «ق»](٣) فإنّه جعله جمع «دبر» وهو ظرف متسع فيه ؛ حكي عن العرب : جئتك دبر الصلاة ، وكل هذا إنما هو على حذف «وقت» ، كما تقول : جئتك مقدم الحاج وخفوق النجم ، أي وقت ذلك.

__________________

(١) سورة ق : الآية ٤٠.

(٢) وهي قراءة نافع وأبي جعفر وابن كثير وحمزة وخلف ، وقرأ الباقون بفتح الهمزة. النشر ٣٦٠/٢ ؛ والتيسير ص ٢٠٢ ؛ والإتحاف ص ٣٩٨.

(٣) تكملة من : (ظ ، ق ، د ، ك).

٦٤٣

مشكل إعراب سورة

«والنجم»

٢١١٨ ـ قوله تعالى : (وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى) ـ ٧ ـ ابتداء وخبر في موضع الحال من المضمر في «استوى» ، أي : استوى عاليا ، يعني جبريل عليه‌السلام ، [فالمضمران لجبريل]. وقال الفراء : هو عطف على الضمير في «استوى» ، جعل في «استوى» ضمير محمد عليه‌السلام ، وهو ضمير جبريل عليه‌السلام ، عطف المضمر المرفوع من غير أن يؤكده ، وهو قبيح عند البصريين ، وكان القياس عندهم ، لو حملت الآية على هذا المعنى ؛ أن يقول : فاستوى وهو بالأفق. [و «استوى» تقع على الواحد ، وأكثر ما تقع من اثنين ، ولذلك جعل الفراء الضميرين لاثنين (١)].

٢١١٩ ـ قوله تعالى : (أَوْ أَدْنى) ـ ٩ ـ (أَوْ) على بابها (٢) ، والمعنى : فكان لو رآه الرائي منكم قال : هو قدر قوسين أو أدنى في القرب.

٢١٢٠ ـ قوله تعالى : (ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى) ـ ١١ ـ من خفف (٣) (كَذَبَ) جعل (ما) في موضع نصب على حذف الخافض ، أي فيما رأى.

__________________

(١) معاني القرآن ٩٥/٣ ؛ وتفسير القرطبي ٨٥/١٧.

(٢) أي بمعنى الواو.

(٣) التخفيف قراءة غير أبي جعفر وهشام ، وهذان قرءا بتشديد الذال. النشر ٣٦٣/٢ ؛ والتيسير ص ٢٠٤ ؛ والإتحاف ص ٤٠٢.

٦٤٤

و (ما) بمعنى الذي ، و «رأى» واقعة على هاء محذوفة ، أي : رأه ، و «رأى» من رؤية العين. ويجوز أن تكون «ما» والفعل مصدرا ، فلا يحتاج إلى إضمار هاء. ومن شدّد «كذّب» جعل «ما» مفعولا به على أحد الوجهين ، ولا تقدير حذف حرف جر فيه ؛ لأنّ الفعل إذا شدد تعدّى بغير حرف (١).

٢١٢١ ـ قوله تعالى : (نَزْلَةً أُخْرى) ـ ١٣ ـ (نَزْلَةً) مصدر [في موضع الحال] ، كأنه قال : ولقد رآه نازلا نزلة أخرى. وهو عند الفرّاء (٢) نصب لأنّه في موضع الظرف ، إذ معناه : مرّة أخرى. والهاء في (رَآهُ) تعود على جبريل عليه‌السلام.

٢١٢٢ ـ قوله تعالى : (وَما لَهُمْ بِهِ) ـ ٢٨ ـ الهاء تعود على الأسماء ؛ لأن التسمية والأسماء (٣) بمعنى واحد.

٢١٢٣ ـ قوله تعالى : (وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ) ـ ٢٦ ـ (كَمْ) خبر ، وموضعها رفع بالابتداء ، و (لا تُغْنِي) الخبر.

٢١٢٤ ـ قوله تعالى : (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ) ـ ٣٠ ـ (أَعْلَمُ) بمعنى عالم (٤) ، ومثله : (وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدى.) ويجوز أن يكونا على بابهما للتفضيل (٥) في العلم ، أي : هو أعلم من كل أحد بهذين الصنفين وبغيرهما. ومثل ذلك : (هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ) ، و (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقى.)

٢١٢٥ ـ قوله تعالى : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ) ـ ٣١ ـ اللام متعلقة بالمعنى ؛ لأنّ معنى (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ :) هو مالك للجميع يهدي من يشاء

__________________

(١) الكشف ٢٩٤/٢ ؛ والبيان ٣٩٧/٢ ؛ والعكبري ١٣٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٩٢/١٧.

(٢) معاني القرآن ٩٦/٣.

(٣) في الأصل و (د) : «والاسم».

(٤) جاء في البحر ١٦٥/٨ : «وقال مكي : بمعنى عالم بكم ؛ ولا ضرورة إلى إخراجها عن أصل موضوعها ...».

(٥) في الأصل : «أن تكون على بابها للتفضيل».

٦٤٥

ويضلّ من يشاء ليجزي. وقيل : اللام متعلقة بقوله : (لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ) ـ ٢٦ ـ

٢١٢٦ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ) ـ ٣٢ ـ (الَّذِينَ) في موضع نصب على البدل [من (الَّذِينَ)] في قوله : (وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) ـ ٣١ ـ.

٢١٢٧ ـ قوله تعالى : (إِلَّا اللَّمَمَ) ـ ٣٢ ـ استثناء ليس من الأول ، و (اللَّمَمَ) صغار الذنوب ، من قولهم : ألممت بالشيء إلماما ، إذا قلّلت منه. وزرت لماما ، أي قليلا. وهو أحسن الأقوال [فيه].

٢١٢٨ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ) ـ ٣٨ ـ «أن» في موضع خفض على البدل من «ما» في قوله تعالى : (أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ بِما فِي صُحُفِ مُوسى) ـ ٣٦ ـ ، أو في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أي : ذلك ألّا تزر وازرة ، والهاء محذوفة مع «أن» ، أي : أنّه لا تزر.

٢١٢٩ ـ وقوله تعالى : (وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ) ـ ٣٩ ـ (وَأَنَّ سَعْيَهُ) ـ ٤٠ ـ (أَنَّ) في الموضعين عطف على (أَلَّا تَزِرُ). وأجاز الزجّاج (١) «وأن سعيه سوف يرى» ، بفتح الياء على إضمار الهاء ، أي : سوف يراه ، ولم يجزه الكوفيون ؛ لأنه يصير (سَعْيَهُ) قد عمل فيه (أَنَّ) و (يُرى) ، وهو جائز عند المبرّد وغيره ؛ لأنّ دخول (أَنَّ) على (سَعْيَهُ) وعملها فيها ، يدل على الهاء المحذوفة من (يُرى) ، وعلى هذا أجاز البصريون : إن زيدا ضربت ، بغير هاء.

٢١٣٠ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ يُجْزاهُ الْجَزاءَ) ـ ٤١ ـ الهاء تعود على السعي (٢) ، أي : يجزى به ، و (الْجَزاءَ) نصب على المصدر.

٢١٣١ ـ قوله تعالى : (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ) ـ ٤٢ ـ (وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى) ـ ٤٣ ـ (وَأَنَّهُ هُوَ أَماتَ وَأَحْيا) ـ ٤٤ ـ (وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ) ـ ٤٥ ـ «أنّ» في

__________________

(١) معاني القرآن ٧٦/٥.

(٢) في الأصل : «المعنى».

٦٤٦

ذلك كلّه عطف على (أَلَّا تَزِرُ) ، على أحد وجهيها ، وكذلك «أنّ» فيما بعد ذلك.

٢١٣٢ ـ قوله تعالى : (عاداً الْأُولى) ـ ٥٠ ـ أدغم نافع وأبو عمرو (١) التنوين في اللام من (الْأُولى) بعد أن ألقيا حركة الهمزة المضمومة من «أولى» على لام التعريف ، وقد منع من ذلك المبرّد وغيره ؛ لأنهما أدغما ساكنا فيما أصله السكون ، وحركته عارضة ؛ والعارض لا يعتدّ به. ووجه قراءتهما بالإدغام هو ما حكى المازنيّ وغيره من قول العرب : لحمر جاء ، [يعنون : الأحمر](٢) ، فاعتدّوا بحركة اللام ، وابتدءوا بها ، واستغنوا بها عن ألف الوصل ؛ فكذلك من أدغم التنوين من «عاد» في اللام من (الْأُولى) ، اعتدّ بالحركة على اللام ، وعلى ذلك قالوا : سل زيدا ؛ إنما هو : اسأل زيدا ، فلما ألقى حركة الهمزة على السين اعتدّ بها ، فحذف ألف الوصل. وعلى ذلك قالوا : ردّ وغضّ ومدّ ، أصله «أفعل» ، ثم ألقيت حركة العين على الفاء واعتدوا بها ، فحذفوا ألف الوصل لاعتدادهم بحركة الفاء ، وإن كانت عارضة (٣).

٢١٣٣ ـ قوله تعالى : (وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى) ـ ٥٣ ـ (الْمُؤْتَفِكَةَ) نصب ب (أَهْوى).

__________________

(١) أدغم التنوين باللام أيضا أبو جعفر ويعقوب. الإتحاف ، ص ٤٠٣ ـ ٤٠٤.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) الخصائص ٩٠/٣ ؛ والكشف ٢٩٥/٢ ؛ ومعاني القرآن ١٠٢/٣ ؛ والبيان ٤٠١/٢ ؛ والعكبري ١٣٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٢٠/١٧.

٦٤٧

مشكل إعراب سورة

«القمر» (١)

٢١٣٤ ـ قوله تعالى : (مُزْدَجَرٌ) ـ ٤ ـ الدال بدل من تاء ، وهو «مفتعل» من الزجر ، وإنما أبدلت الدال من التاء لأن التاء مهموسة ، والزاي مجهورة ، ومخرجهما قريب من الآخر ، فأبدلوا من التاء حرفا هو من مخرجها ؛ يوافق الزاي في الجهر ، وهي الدال.

٢١٣٥ ـ قوله تعالى : (مُدَّكِرٍ) ـ ١٥ ـ أصله «مذتكر» ، فهو «مفتعل» من الذكر ، لكن الذال حرف مجهور قويّ ، والتاء مهموسة ضعيفة ، فأبدلوا من التاء حرفا من مخرجها ، مما يوافق الدال في الجهر وهو الذال ، ثم أدغمت الذال مع الدال. ويجوز (مُذَكِّرٌ) بالذال على إدغام الثاني في الأوّل ، وبذلك قرأ قتادة (٢).

٢١٣٦ ـ قوله تعالى : (حِكْمَةٌ) ـ ٥ ـ رفع على البدل من «ما» في قوله تعالى : (ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ) ، و «ما» رفع بقوله تعالى : «وجاءهم» ، فهو فاعل ، أو على إضمار مبتدأ ، أي : هي حكمة.

٢١٣٧ ـ قوله تعالى : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ـ ٥ ـ «ما» استفهام ، يجوز أن يكون في موضع نصب ب «تغني». ويجوز أن تكون «ما» نافية على حذف

__________________

(١) في الأصل : «الانشقاق».

(٢) البحر المحيط ١٧٨/٨ ؛ وانظر : معاني القرآن ١٠٤/٣ ؛ والبيان ٤٠٤/٢.

٦٤٨

مفعول «تغني». وحذفت الياء من «تغني» ، والواو من (يَدْعُ الدَّاعِ) ، وشبه ذلك من خط المصحف (١) ؛ لأن المصحف كتب بلفظ الإدراج ووصل الكلام ، ولم يكتب على حكم الأصل والوقف. وقد غلط بعض النحويين فقال : إنما حذفت الياء من (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) ، لأنّ «ما» بمنزلة «لم» ، فجزمت (٢) كما تجزم «لم» ، وهذا خطأ ؛ لأنّ «لم» إنما تنفي الماضي ، وترد المستقبل ماضيا ، و «ما» تنفي الحال ؛ فلا يجوز أن يقع أحدهما موقع الآخر لاختلاف معنييهما.

٢١٣٨ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يَدْعُ) ـ ٦ ـ نصب (يَوْمَ) على إضمار فعل ، معناه : اذكر يوم يدعو. ولا يعمل فيه «تول» ؛ لأن التولي في الدنيا ويوم يدعو [الداعي] في الآخرة ، ولذلك يحسن الوقف على (عَنْهُمْ) ، وتبتدئ (يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ) ، ويجوز أن يكون العامل في «يَوْمَ» «خُشَّعاً» أو (يَخْرُجُونَ).

٢١٣٩ ـ قوله تعالى : (خُشَّعاً) ـ ٧ ـ نصب على الحال من الهاء والميم في (عَنْهُمْ) ، [ويقبح الوقف على (عَنْهُمْ). فإن جعلته حالا من المضمر في (يَخْرُجُونَ) حسن الوقف على (عَنْهُمْ)] وكذا موضع (يَخْرُجُونَ) : [حال من الضمير المخفوض في (أَبْصارُهُمْ)]. وكذا موضع (كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ) حال من المضمر في (يَخْرُجُونَ) ، وكذا (مُهْطِعِينَ) ـ ٨ ـ ، كلّها نصب على الحال.

٢١٤٠ ـ قوله تعالى : (فَالْتَقَى الْماءُ) ـ ١٢ ـ (الْماءُ) اسم للجنس ، فلذلك لم يقل : «الماءان» بعد ذكره لخروج الماء من موضعين ؛ من السماء والأرض. وأصل ماء «موه» ، فأبدلوا من الواو ألفا لتحركها وانفتاح (٣) ما قبلها ، فصارت «ماه» ، والألف خفيّة ، والهاء خفيّة ، فاجتمع

__________________

(١) في الأصل : «من الخط».

(٢) في الأصل : «فحذفت».

(٣) في الأصل : «وتحرك».

٦٤٩

خفيّان ، وهما : عين ولام ، فأبدلوا من الهاء حرفا قويا جلدا ؛ وهو الهمزة ، ودلّ على هذا التقدير قولهم في الجمع : أمواه ومياه ، وفي التصغير : «مويه» فردّه التصغير والجمع إلى أصله.

٢١٤١ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْناها) ـ ١٥ ـ الهاء للعقوبة ، وقيل : للسفينة.

٢١٤٢ ـ قوله تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي) ـ ١٦ ـ «كيف» خبر ل (كانَ) ، و (عَذابِي) اسمها. ويجوز أن تكون «كيف» في موضع الحال ، و (كانَ) بمعنى وقع وحدث ، و «العذاب» رفع ب (كانَ) ، ولا خبر لها.

٢١٤٣ ـ قوله تعالى : (رِيحاً صَرْصَراً) ـ ١٩ ـ أصله «صرّرا» ، من صرّ الشيء إذا صوّت ، لكنهم أبدلوا من الراء الثانية صادا.

٢١٤٤ ـ قوله تعالى : (تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ) ـ ٢٠ ـ (تَنْزِعُ) في موضع نصب على النعت ل «ريح» ، و (كَأَنَّهُمْ) في موضع نصب على الحال من (النَّاسَ)(١) ، تقديره : إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا نازعة للناس ، مشبّهين بأعجاز نخل ، وهي حال مقدّرة ، أي يكونون كذلك. وقد قيل : الكاف في موضع نصب بفعل مضمر تقديره : فتركهم (٢) كأعجاز نخل ، أو مثل أعجاز نخل.

٢١٤٥ ـ قوله تعالى : (نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ) ـ ٢٠ ـ إنّما ذكّر (مُنْقَعِرٍ) ؛ لأنّ «النخل» تؤنث وتذكّر ، فلذلك قال : (مُنْقَعِرٍ). وقال في موضع آخر : (أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ)(٣) ، [فأنّث].

٢١٤٦ ـ وقوله تعالى : (وَنُذُرِ) ـ ٢١ ـ قيل : هو مصدر بمعنى : وإنذاري ، وقيل : هو جمع «نذير».

٢١٤٧ ـ قوله تعالى : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً) ـ ٢٤ ـ نصب بإضمار فعل

__________________

(١) في الأصل : «من الهاء والميم».

(٢) في(ظ ، ك) : «فتتركهم».

(٣) من سورة الحاقة : الآية ٧.

٦٥٠

تقديره : أنتّبع بشرا منّا واحدا نتبعه ، ودلّ على الحذف قوله : (نَتَّبِعُهُ.)(مِنَّا واحِداً) صفتان ل «بشر»].

٢١٤٨ ـ قوله تعالى : (وَسُعُرٍ) ـ ٢٤ ـ قيل : هو مصدر : سعر الرجل ، إذا طاش. وقيل : هو جمع سعير.

٢١٤٩ ـ قوله تعالى : (مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ) ـ ٢٦ ـ ابتداء وخبر ، والجملة في موضع نصب ب (سَيَعْلَمُونَ).

٢١٥٠ ـ قوله تعالى : (فِتْنَةً لَهُمْ) ـ ٢٧ ـ مفعول من أجله. وقيل : هو مصدر.

٢١٥١ ـ قوله تعالى : (وَاصْطَبِرْ) ـ ٢٧ ـ هو افتعل ، [من الصبر] ، وأصله «واصتبر» ، فأبدلوا من التاء حرفا يواخي الصاد في الإطباق وهو الطاء ؛ ليعمل اللسان في الإطباق عملا واحدا. ومثله : «مصطبر» هو مفتعل ، من الصبر ؛ دليله أنك إذا صغّرت أو جمعت حذفت الطاء ، إذ هي بدل من تاء ؛ تقول : مصيبر ومصابر ، كما تفعل بمكتسب.

٢١٥٢ ـ قوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ) ـ ٣٤ ـ [«آلَ»] نصب على الاستثناء ، وأصله «أهل» ، فأبدلوا من الهاء همزة لخفائها فصار : أألا ، فأبدلوا من الهمزة الساكنة ألفا ، كما فعلوا في «آتى» و «آمن» ، ويدل على ذلك قولهم في التصغير : أهيل.

٢١٥٣ ـ قوله تعالى : (بِسَحَرٍ) ـ ٣٤ ـ إنما انصرف لأنّه نكرة ، ولو كان معرفة لم ينصرف ؛ لأنه إذا كان معرفة فهو معدول عن (١) الألف واللام ؛ إذ تعرّف بغيرهما ؛ وحقّ هذا الصنف أن يتعرّف بهما ، فلما لم يتعرف بهما صار معدولا عنهما ، فثقل مع ثقل التعريف فلم ينصرف ، فإن نكّر انصرف. ومثله «بكرة» ، إلّا أن «بكرة» لم ينصرف للتأنيث والتعريف. ومثله «غدوة» ، فإن نكّرا انصرفا ك «سحر».

__________________

(١) في الأصل : «من».

٦٥١

٢١٥٤ ـ قوله تعالى : (نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا) ـ ٣٥ ـ (نِعْمَةً) مفعول من أجله. ويجوز في الكلام الرفع على تقدير : تلك نعمة.

٢١٥٥ ـ قوله تعالى : (كَذلِكَ نَجْزِي) ـ ٣٥ ـ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر تقديره : نجزي من شكر جزاء كذلك ، أي مثل ذلك.

٢١٥٦ ـ قوله تعالى : (عَنْ ضَيْفِهِ) ـ ٣٧ ـ لا تكاد العرب تثني ضيفا ولا تجمعه ؛ لأنّه مصدر ، وتقدير الآية : عن ذوي ضيفه. وقد ثنّاه بعضهم وجمعه.

٢١٥٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) ـ ٤٩ ـ كان الاختيار على أصول البصريين رفع (كُلَّ) ، كما أنّ الاختيار عندهم في قولهم : «زيد ضربته» ، الرفع. والاختيار عند الكوفيين النصب ، بخلاف قوله : زيد أكرمته ؛ لأنّه قد تقدّم في الآية شيء قد عمل فيما بعده وهو «إنّ» ، فالاختيار عندهم النصب فيه. وقد أجمع القرّاء على النصب (١) في «كل» على الاختيار فيه عند الكوفيين ، وليدلّ ذلك على عموم الأشياء المخلوقات ، أنها لله عزوجل ، بخلاف ما قاله أهل الزّيغ : إنّ ثمّ مخلوقات لغير الله ؛ تعالى [الله] عن ذلك ، [وقوله تعالى : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ)(٢) يردّ قولهم](٣).

وإنما دلّ النصب في «كل» على العموم ؛ لأنّ التقدير : إنا خلقنا كلّ شيء خلقناه بقدر ، ف (خَلَقْناهُ) تأكيد وتفسير لخلقنا المضمر الناصب ل (كُلَّ) ، فإذا حذفته وأظهرت الأول صار التقدير : إنا خلقنا كلّ شيء [خلقناه] بقدر (٤) ، فهذا لفظ عامّ يعمّ جميع المخلوقات ، ولا يجوز أن

__________________

(١) قرأ أبو السّمّال «كلّ» بالرفع. المحتسب ٣٠٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٤٧/١٧ ؛ والبحر المحيط ١٨٣/٨.

(٢) سورة الرعد : الآية : ١٦ ، والزمر : الآية ٦٢.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) العبارة التالية مقحمة في نسخة(ح)دون غيرها من النسخ ، وقد وردت بعد كلمة ـ

٦٥٢

يكون (خَلَقْناهُ) صفة ل (شَيْءٍ) ؛ لأن الصفة والصلة لا يعملان فيما قبل الموصوف ولا الموصول ، ولا يكونان تفسيرا لما يعمل فيما قبلهما. فإذا لم يكن (خَلَقْناهُ) صفة ل (شَيْءٍ) لم يبق إلّا أنه تأكيد وتفسير للمضمر الناصب ل (كُلَّ) ، وذلك يدل على العموم. وأيضا فإن النصب هو الاختيار عند الكوفيين ؛ لأنّ (إِنَّا) عندهم تطلب الفعل ، فهي به أولى ، فالنصب عندهم في (كُلَّ) هو الاختيار ، فإذا انضاف إليه معنى العموم والخروج من الشبه ، كان (١) النصب أقوى [كثيرا] من الرفع (٢). وقد أفردت هذه المسألة بأشبع من هذا التفسير ، في غير هذا الكتاب.

__________________

ـ «بِقَدَرٍ» وآثرت إثباتها في الهامش : «فهو يوجب العموم ، لأنه إذا قال : إنا خلقنا كل شيء ، فقد عمّ ، وإذا رفع فقال : كلّ شيء خلقناه بقدر ، فليس فيه عموم ؛ لأنه يجوز أن يجعل «خَلَقْنٰاهُ» نعتا لشيء ، ويكون تقدر خبرا ل‍ «كُلَّ» ، ولا يكون فيه دلالة لطيفة على خلق الأشياء كلها ، بل يكون فيه دلالة على أن ما خلق منها بقدر. ومثل هذا في الكلام : كل نحوي أكرمته في الدار ، فقد أوجبت أنه ليس أحد من النحويين إلا وقد أكرمته ؛ لأن تقديره : أكرمت كل نحوي أكرمته في الدار ، وإذا قلت : كلّ نحوي أكرمته في الدار ، وجعلت أكرمته نعتا فمعناه : كل من أكرمته من النحويين فهو حاصل في الدار. ويجوز أن يكون : في النحويين من لم أكرمه وهو في الدار».

(١) في الأصل : «صار».

(٢) البيان ٤٠٦/٢ ؛ والعكبري ١٣٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٤٧/١٧.

٦٥٣

مشكل إعراب سورة «الرحمن»

جلّ ذكره

٢١٥٨ ـ قوله تعالى : (الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ) ـ ٥ ـ (الشَّمْسُ) ابتداء ، والخبر محذوف تقديره : الشمس والقمر يجريان بحسبان ، أي بحساب. وقيل : (بِحُسْبانٍ) [هو] الخبر ، [وهو مصدر مثل : الكفران والبهتان](١).

٢١٥٩ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزانِ) ـ ٨ ـ «أن» في موضع نصب على حذف الخافض تقديره : لئلّا تطغوا ، و (تَطْغَوْا) في موضع نصب ب «أن». وقيل : إنّ «أن» بمعنى «أي» ، لا موضع لها ، فيكون (تَطْغَوْا) على هذا مجزوما ب «لا» (٢).

٢١٦٠ ـ قوله تعالى : (وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ) ـ ١٢ ـ قرأها ابن عامر بالنصب عطفا على «الأرض» ؛ لأنّ قوله تعالى : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ـ ١٠ ـ معناه : خلقها لهم ، فعطف «والحبّ» على ذلك ، أي وخلق الحبّ والريحان. ومن رفع عطف على (فاكِهَةٌ) ، و (فاكِهَةٌ) ابتداء ،

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في الأصل : «مجزوم بالأمر بأن لا» ، وفي معاني القرآن للفراء ١١٣/٣ : «وأن تكون(تطغوا)في موضع جزم أحب إليّ ، لأن بعدها أمرا».

٦٥٤

والخبر (فِيها). ومن (١) خفض (الرَّيْحانُ) عطفه على (الْعَصْفِ) ، وجعل (الرَّيْحانُ) بمعنى الرزق (٢).

٢١٦١ ـ قوله تعالى : (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ) ـ ١٧ ـ (رَبُّ) رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هو ربّ المشرقين. وقيل : هو بدل من الضمير في (خَلَقَ). ويجوز في الكلام الخفض على البدل من «ربكما».

٢١٦٢ ـ قوله تعالى : (وَالرَّيْحانُ) ـ ١٢ ـ أصل «ريحان» : ريوحان ، ثم أبدلوا من الواو ياء ، وأدغمت الياء في الياء ، ك «ميّت وهيّن» ، ثم خففت الياء ، كما خففوا ميتا وهينا. ولزم التخفيف في «ريحان» لطوله ، وللحاق الزائدتين في آخره ، وهما الألف والنون ، فوزنه «فيعلان» ، ولو كان وزنه «فعلان» لقلت «روحان» ، لأنه من الرّوح ، ولم يتمكن بدل الواو ياء ؛ إذ لا علّة توجب ذلك. فلمّا أجمع على لفظ الياء فيه علم أنّ له أصلا خفف منه ، وهو ما ذكرنا. وقد أجاز بعضهم أن تكون «فعلان» ، والياء بدل من واو ، كما أبدلوا من الياء واوا في «أشاوى» ، [أصلها «أشايا»](٣).

٢١٦٣ ـ قوله تعالى : (يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) ـ ٢٢ ـ أي من أحدهما ، ثم حذف المضاف وهو «أحد» ، واتصل الضمير ب «من» ، كما قال تعالى : (عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ)(٤) أي : من إحدى القريتين ، ثم حذف المضاف ؛ وحذفه جائز كثير شائع في كلام العرب ، كقوله تعالى : (وَسْئَل

__________________

(١) قرأ بخفض «الريحان» حمزة والكسائي وخلف ، وقرأ الباقون برفع الأسماء الثلاثة. النشر ٣٦٤/٢ ؛ والتيسير ص ٢٠٦ ؛ والإتحاف ص ٤٠٥. كما قرأ بالنصب ابن عامر وأبو حياة ، والمغيرة ، كما في تفسير القرطبي ١٥٨/١٧.

(٢) الكشف ٢٩٩/٢ ؛ والبيان ٤٠٨/٢ ؛ والعكبري ١٣٥/٢.

(٣) زيادة في الأصل ، وانظر : الكشف ٢٩٩/٢ ؛ والبيان ٤٠٨/٢.

(٤) سورة الزخرف : الآية ٣١.

٦٥٥

لْقَرْيَةَ)(١) ، وقوله : (الَّتِي أَخْرَجَتْكَ)(٢) ، [أي أخرجك أهلها](٣).

٢١٦٤ ـ وقوله تعالى : (كَالْأَعْلامِ) ـ ٢٤ ـ الكاف في موضع نصب على الحال من الضمير في (الْمُنْشَآتُ).

٢١٦٥ ـ قوله تعالى : (مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ) ـ ٣٥ ـ من (٤) رفع «النحاس» عطفه على «الشّواظ» ، وهو أصحّ في المعنى ، لأن «الشّواظ» : اللهب الذي لا دخان فيه ، والنحاس : الدخان ، وكلاهما يتكوّن من النّار. فأمّا من قرأ (وَنُحاسٌ) بالخفض فإنه عطفه على «النار» ، وفيه بعد ؛ [لأنه يصير المعنى : إنّ اللهب من الدخان يتكوّن ، وليس كذلك ؛ إنما يتكوّن من النار]. وقد روي عن أبي عمرو أنه قال : لا يكون الشواظ إلّا من نار وشيء آخر معه ، يعني يكون من شيئين : من نار ودخان ، وحكي مثله عن الأخفش ، فعلى هذا يصحّ خفض «النحاس». وقد قيل : إنّ التقدير : يرسل عليكما شواظ من نار وشيء من نحاس ، ثم حذف «شيئا» وأقام (مِنْ نارٍ) مقامه ، وهو صفته ، وحذف حرف الجر لتقدّم ذكره ، فيكون المعنى كقراءة من رفع «نحاسا» (٥).

٢١٦٦ ـ قوله تعالى : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي) ـ ٤١ ـ ليس في «يؤخذ» ضمير ، و (بِالنَّواصِي) تقوم مقام الفاعل ، وتقديره : فيؤخذ بنواصيهم ؛ [الألف واللام في «النواصي» بدل من ضمير ؛ قول الفراء](٦). وقيل : [التقدير : فيؤخذ] بالنواصي منه ؛ [قول سيبويه]. ولا يجوز أن يكون في «يؤخذ»

__________________

(١) سورة يوسف : الآية ٨٢.

(٢) سورة محمد : الآية ١٣.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) الرفع قراءة غير ابن كثير وأبي عمرو وروح ، وهؤلاء قرءوا بخفض السين. النشر ٣٦٥/٢ ؛ والتيسير ص ٢٠٦ ؛ والإتحاف ص ٤٠٦.

(٥) الكشف ٣٠٢/٢ ؛ والبيان ٤٠٩/٢ ؛ والعكبري ١٣٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٧٠/١٧.

(٦) زيادة في الأصل.

٦٥٦

ضمير يعود على «المجرمين» ، لأنه يلزم أن يقول : فيؤخذون ، ويلزم أن يعدّى «يؤخذ» إلى مفعولين ؛ أحدهما بالباء ، ولا يجوز ذلك ؛ إنّما يقال : أخذت الناصية وأخذت بالناصية ، ولو قلت : أخذت الدابّة بالناصية لم يجز ، وحكي عن العرب : أخذت الخطام ، وأخذت بالخطام ، بمعنى. وقد قيل : إنّ معناه : فيؤخذ كلّ واحد بالنواصي ، وليس بصواب ؛ لأنه لا يتعدّى إلى مفعولين ، أحدهما بالباء على ما ذكرنا. وقد يجوز أن يتعدّى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف جرّ غير الباء ، نحو : أخذت ثوبا من زيد ، فهذا المعنى غير معنى الأول ، فلا يحسن مع الباء مفعول آخر ، إلّا أن تجعلها بمعنى : من أجل ، فيجوز أن تقول : أخذت زيدا بعمرو ، أي من أجله [و] بذنبه ، [فاعرفه].

٢١٦٧ ـ قوله تعالى : (ذَواتا أَفْنانٍ) ـ ٤٨ ـ (ذَواتا) تثنية «ذات» على الأصل ، لأنّ أصل «ذات» : «ذوات» ، لكن حذفت الواو تخفيفا ، وللفرق بين الواحد والجمع ، ودلّت التثنية ورجوع الواو فيها على أصل الواحد. و (أَفْنانٍ) جمع «فنن» ، على قول من جعل «أفنافا» بمعنى أغصان. ومن جعلها بمعنى أجناس وألوان ، كان الواحد منها «فنّا» ، و [كان] حقه أن يجمع على «فنون».

٢١٦٨ ـ قوله تعالى : (وَجَنَى الْجَنَّتَيْنِ دانٍ) ـ ٥٤ ـ ابتداء وخبر ، و (دانٍ) معتل اللام ، بمعنى : قاض وغاز ، ونحوه.

٢١٦٩ ـ قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى فُرُشٍ بَطائِنُها) ـ ٥٤ ـ حال ، والعامل فيه [مضمر ، تقديره] : ينعّمون متكئين ، [أي في حال اتكاء](١) ، ودل على «ينعمون» أن الآيات في صفة النعيم. وقيل : هو حال من «من» في قوله تعالى : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ) ـ ٤٦ ـ

٢١٧٠ ـ قوله تعالى : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ) ـ ٥٨ ـ (كَأَنَّهُنَّ) في موضع الحال من (قاصِراتُ الطَّرْفِ) ـ ٥٦ ـ ، كأنّه قال : فيهن قاصرات الطرف

__________________

(١) زيادة في الأصل.

٦٥٧

مشبهات الياقوت. وذكر النحاس (١) أنّ الكاف في موضع رفع على الابتداء ، وهو بعيد لا وجه له.

٢١٧١ ـ قوله تعالى : (فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ) ـ ٧٠ ـ أصل خيرات : خيّرات ، على وزن «فيعلات» ، لكن خفف كميت وهين. و «هنّ» ابتداء ، و «فيهنّ» الخبر.

٢١٧٢ ـ قوله تعالى : (عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ) ـ ٧٦ ـ (رَفْرَفٍ) اسم للجمع ، فلذلك نعت ب (خُضْرٍ) ، وهو جمع «أخضر» ، فهو كقولك : رهط كرام ، وقوم لئام. وقيل : هو جمع ، واحده «رفرفة» ، ومثله : و (عَبْقَرِيٍّ) ، قيل : واحده عبقريّة ، وقيل : (عَبْقَرِيٍّ) واحد يدل على الجمع ، منسوب إلى «عبقر» وهو موضع «تعمل فيه الثياب العبقرية](٢).

__________________

(١) إعراب القرآن ٣١٥/٤.

(٢) زيادة في الأصل.

٦٥٨

مشكل إعراب سورة

«الواقعة»

٢١٧٣ ـ قوله تعالى : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) ـ ١ ـ (إِذا) ظرف زمان ، والعامل فيه (وَقَعَتِ) ؛ لأنها ، [أعني (إِذا)](١) ، قد يجازى بها ، فعمل الفعل الذي بعدها فيها ، كما يعمل في «ما» و «من» اللتين للشرط في قولك : ما تفعل أفعل ، ومن تكرم أكرم. ف «من» و «ما» في موضع نصب بالفعل الذي بعدهما بلا اختلاف ، فإن أدخلت ألف الاستفهام على «إذا» ، خرجت عن حد الشرط ، فلا يعمل الفعل الذي بعدها فيها ؛ لأنها مضافة إلى ما بعدها من الفعل ، نحو : [(أَإِذا مِتْنا)(٢)] ، (أَإِذا كُنَّا)(٣) ، وشبهه.

وقد أجاز النحاس (٤) عمل «متنا» في (إِذا) ، وهو بعيد ؛ وإنما لم يجاز ب (إِذا) في كل الكلام وتعمل كغيرها ؛ لأنها مخالفة لحروف الشرط ؛ لما فيها من التحديد والتوقيت في جواز وقوع (٥) ما بعدها ، وكونه بغير

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) سورة المؤمنون : الآية ٨٢ ؛ والصافات الآيتان : ١٦ ، ٥٣ ؛ وق الآية : ٣ ؛ والواقعة : الآية ٤٧.

(٣) سورة الرعد الآية : ٥ ؛ والإسراء الآيتان : ٤٩ ، ٩٨ ؛ والنمل الآية : ٦٧ ؛ والنازعات : الآية ١١.

(٤) إعراب القرآن ٣٣٥/٤.

(٥) في الأصل : «وقوعها».

٦٥٩

احتمال. وحروف الشرط غيرها (١) إنما هي لشيء يمكن أن يقع ويمكن ألا يقع. وقد تقع «إذا» لشيء لا بد له أن يقع نحو : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ)(٢) و (إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ)(٣) و (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ)(٤) [ونحوه].

٢١٧٤ ـ قوله تعالى : (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) ـ ٣ ـ رفع على إضمار مبتدأ ، أي خافضة رافعة ، خبر بعد خبر. ومن قرأ (٥) بالنصب فعلى الحال من (الْواقِعَةُ) ، وفيه بعد ؛ لأنّ الحال في أكثر أحوالها إنما تكون لما يمكن أن يكون ، ويمكن ألّا يكون ، والقيامة لا شك [في] أنها نرفع قوما إلى الجنّة ، وتخفض آخرين إلى النار ؛ لا بد من ذلك ، فلا فائدة في الحال ، وقد أجازه الفراء (٦) على إضمار : وقعت خافضة رافعة.

٢١٧٥ ـ قوله تعالى : (إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ) ـ ٤ ـ العامل في (إِذا) عند الزجّاج (٧) (وَقَعَتِ) ، وهذا بعيد إذا أعملت (وَقَعَتِ) في (إِذا) الأولى ، فإن أضمرت ل (إِذا) الأولى عاملا آخر حسن عمل (وَقَعَتِ) في (إِذا) الثانية ، إلّا أن تجعل (إِذا) الثانية بدلا من الأولى ، فيجوز عمل (وَقَعَتِ) فيهما جميعا.

٢١٧٦ ـ قوله تعالى : (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) ـ ٨ ـ «أصحاب» الأولى مبتدأ ، و «ما» ابتداء ثان ، وهي استفهام معناه

__________________

(١) في الأصل : «وغيرها».

(٢) سورة التكوير : الآية ١.

(٣) سورة الانفطار : الآية ١.

(٤) سورة الانشقاق : الآية ١.

(٥) النصب قراءة اليزيدي كما في الإتحاف ، ص ٤٠٧ ، وفي تفسير القرطبي ١٩٦/١٧ قرأ به الحسن وعيسى الثقفي ، وفي البحر المحيط ٢٠٣/٨ قرأ به زيد بن علي ، والحسن ، وعيسى ، وأبو حيوة ، وابن أبي عبلة ، وابن مقسم ، والزعفراني ، واليزيدي في اختياره. وأما المحتسب ٣٠٧/٢ فذكر : الحسن واليزيدي والثقفي وأبا حيوة.

(٦) معاني القرآن ١٢١/٣ ؛ وتفسير القرطبي ١٩٥/١٧.

(٧) معاني القرآن وإعرابه ١٠٧/٥.

٦٦٠