مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

وأعربوه بوجوه الإعراب. ويجوز عندهم أن يجري على القياس ، كغاز ورام ، فيكون وزنه فاعلا» مقلوبا إلى «فالع» ، ثم يعلّ لأجل استثقال الحركة على حرف العلة ، ودخول التنوين ، كما أعلوا قولهم : قاض ورام وغاز في الرفع والخفض ، وصحّحوه في النصب لخفة الفتح (١).

١٠٨٢ ـ قوله تعالى : (وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا) ـ ١١١ ـ مصدران مؤكدان.

١٠٨٣ ـ قوله تعالى : (التَّائِبُونَ) ـ ١١٢ ـ رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هم التائبون ، أو على الابتداء ، والخبر محذوف. وقيل : الخبر قوله : (الْآمِرُونَ) وما بعده.

١٠٨٤ ـ قوله تعالى : (كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ) ـ ١١٧ ـ (كادَ) فيها إضمار الحديث ، فلذلك ولي «تزيغ» ، و «القلوب» رفع ب «تزيغ». وقيل : «القلوب» رفع ب «كاد» ، و «تزيغ» ينوى بها التأخير ، كما أجازوا ذلك في «كان» في مثل قوله : (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ)(٢) وفي قوله : (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً)(٣). وقال أبو حاتم : من قرأ «يزيغ» بالياء (٤) لم يرفع «القلوب» بكاد. وقيل : إن في (كادَ) اسمها ، وهو ضمير الحزب أو الفريق أو القبيل ، لتقدم ذكر أصحاب النبي ، عليه‌السلام ، فترفع «القلوب» ب «تزيغ». والياء والتاء في «تزيغ» سواء ؛ لأن تذكير الجمع وتأنيثه جائز على معنى الجمع ، وعلى معنى الجماعة. وإنما جاز الإضمار في (كادَ) ، وليست مما يدخل على الابتداء والخبر ؛ لأنّها يلزم الإتيان لها (٥) بخبر أبدا ، فصارت كالداخل على الابتداء والخبر من الأفعال ، فجاز إضمار اسمها فيها ، وإضمار الحديث فيها ، ولا يجوز مثل ذلك في

__________________

(١) الكشف ٥٠٨/١ ؛ والبيان ٤٠٥/١ ؛ والعكبري ١٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٦٤/٨.

(٢) سورة الأعراف : الآية ١٣٧ ، وانظر فقرة(٩٦٣).

(٣) سورة الجن : الآية ٤ ، وانظر فقرة(٢٣٥٩).

(٤) قرأ حمزة وحفص بالياء ، قرأ غيرهما بالتاء. النشر ٢٧١/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٠.

(٥) في(ح) : «بهما» ، وأثبت ما في(ظ ، ق).

٣٢١

«عسى» ؛ لأنها قد تستغني عن الخبر إذا وقعت «أن» بعدها ، ولأن خبرها لا يكون إلّا «أن» وما بعدها ، ولا تقع «أن» بعد «كاد» خبرا لها ، إلّا في ضرورة شعر. كذلك لا تحذف «أن» بعد «عسى» إلا في ضرورة شعر (١).

١٠٨٥ ـ قوله تعالى : (وادِياً) ـ ١٢١ ـ جمعه : أودية ، ولم يأت «فاعل» و «أفعلة» إلا في هذا الحرف وحده.

١٠٨٦ ـ قوله تعالى : (عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ) ـ ١٢٨ ـ (ما) في موضع رفع ب (عَزِيزٌ) ، و (عَزِيزٌ) نعت ل (رَسُولٌ). ويجوز أن تكون (ما) مبتدأ ، و (عَزِيزٌ) خبره ، والجملة نعت ، ل (رَسُولٌ). ويجوز أن تكون (عَزِيزٌ) مبتدأ ، و (ما) فاعلة تسدّ مسدّ الخبر ، والجملة نعت ل (رَسُولٌ).

__________________

(١) الكشف ٥٠٨/١ ؛ والبيان ٤٠٦/١ ؛ والعكبري ١٦٤/١ و ١٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٨٠/٨.

٣٢٢

مشكل إعراب سورة

«يونس» (١) عليه‌السلام

١٠٨٧ ـ قوله تعالى : (مَرْجِعُكُمْ) ـ ٤ ـ ابتداء ، والخبر (إِلَيْهِ). وانتصب (جَمِيعاً) على الحال من الكاف والميم في (مَرْجِعُكُمْ).

١٠٨٨ ـ قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ حَقًّا) ـ ٤ ـ مصدران ، والعامل في «وَعْدَ» «مَرْجِعُكُمْ» ؛ لأنه بمعنى : وعدكم وعدا. وأجاز الفراء (٢) رفع (وَعْدَ) ، جعله خبرا ل (مَرْجِعُكُمْ) ، وأجاز رفع (وَعْدَ) و «حق» على الابتداء والخبر ، وهو حسن ، ولم يقرأ به أحد.

١٠٨٩ ـ قوله تعالى : (ضِياءً) ـ ٥ ـ مفعول ثان ل (جَعَلَ) ، معناه : وجعل الشمس ذات ضياء. ومن قرأه بهمزتين (٣) ، وهي قراءة قنبل عن ابن كثير ، فهو على القلب ، قدّم الهمزة التي هي لام الفعل في موضع الياء المنقلبة عن الواو ، والتي هي عين الفعل ، فصارت الياء بعد الألف ، والهمزة قبل الألف ، فأبدل من الياء همزة لوقوعها ، وهي أصلية ، بعد ألف

__________________

(١) في هامش(ح)عبارة «بلغ مقابلة مع التصحيح ..».

(٢) معاني القرآن ٤٥٧/١ ؛ وقد قرأ إبراهيم بن أبي عبلة برفع(وعد) ؛ تفسير القرطبي ٣٠٨/٨.

(٣) أي «ضئاء» ، كما قرأ الباقون بالياء قبل الألف وبعد الضاد. التيسير ص ١٢٠ ؛ ١٢١ ؛ والنشر ٢٧١/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٤٧.

٣٢٣

زائدة ، كما قالوا (١) : «سقاء» وأصله : سقاي ؛ لأنه من سقى يسقي.

ويجوز أن تكون الياء لمّا نقلت (٢) بعد الألف رجعت إلى الواو الذي هو أصلها ، فأبدل منها همزة ، كما قالوا : دعاء ، وأصله : دعاو ، لأنه من : دعا ، يدعو ، فيصير وزن (٣) (ضِياءً) على قراءة قنبل «فلاعى» وأصلها : فعال (٤).

١٠٩٠ ـ قوله تعالى : (اسْتِعْجالَهُمْ) ـ ١١ ـ مصدر تقديره : استعجالا مثل استعجالكم ، ثم أقام الصفة ، وهي «مثل» مقام الموصوف وهو «الاستعجال» ، ثم أقام المضاف إليه وهو (اسْتِعْجالَهُمْ) مقام المضاف (٥) ، وهو «مثل» ؛ هذا مذهب سيبويه. وقيل تقديره : في استعجالهم. وقيل : كاستعجالهم ، فلمّا حذف حرف الجر نصب ، ويلزم من قدّر حذف حرف الجر منه أن يجيز : زيد الأسد ، فينصب «الأسد» على تقدير : كالأسد (٦).

١٠٩١ ـ قوله تعالى : (هَدانا لِهذا)(٧). أصل «هدى» أن يتعدّى بحرف

__________________

(١) (ح) : «كما قالوا : شفاء ، وأصله : شفاي ، لأنه من شفى يشفي» وما أثبته من : (ظ ، ق ، د).

(٢) (ح) : «قلبت» وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).

(٣) (ح) : «فيضمرون» وهو تحريف ، وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).

(٤) انظر : الكشف ٥١٢/١ ؛ والبيان ٤٠٨/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٠٩/٨.

(٥) (ح) : «المصدر» وصحح من : (ظ ، ق ، د).

(٦) أمالي ابن الشجري ٤٦٥/٢ : «لا يلزم من قدر الكاف في قوله : (استعجالهم)أن يجيز : زيد الأسد ؛ لأن الكاف حرف شاعت فيه الاسمية ، حتى دخل عليه الخافض ، وأسند إليه الفعل ، وليس من الحروف الخافضة التي إذا أسقطتها نصبت ما بعدها ، وإنما هي أداة تشبيه ، إذا حذفت جرى ما بعدها على إعراب ما قبلها ؛ كقولك : فينا رجل كأسد ... تقول إذا ألقيتها : فينا رجل أسد ... فلا يجوز : زيد الأسد ، بالنصب ؛ لأن منزلتها منزلة «مثل» في قولك : زيد مثل بكر ؛ تقول إذا حذفت(مثل) : أزيد بكر ... ، ولعمري إن قول سيبويه في الآية هو الوجه ...».

(٧) سورة الأعراف : الآية ٤٣ ، وليس موضعها في هذه السورة ، وفي هذه السورة (يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ) الآية : ٩.

٣٢٤

جرّ ، وبغير حرف ، كما قال تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ)(١) ، وقال : (فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ)(٢).

١٠٩٢ ـ قوله تعالى : (وَلا أَدْراكُمْ بِهِ) ـ ١٦ ـ روي أنّ الحسن (٣) قرأ بالهمز ، ولا أصل له في الهمز ، لأنه إنمّا يقال : درأت إذا دفعت ، ودريت بمعنى علمت ، وأدريت غيري أي : أعلمته.

١٠٩٣ ـ قوله تعالى : (وَإِذا أَذَقْنَا) ـ ٢١ ـ (إِذا) فيها معنى الشرط ، ولا تعمل ، وتحتاج إلى جواب غير مجزوم ، إلا في شعر ، فإنه قد يقدّر في الجواب الجزم في الشعر ، فيعطف على معناه ، فيجزم المعطوف على الجواب ، كما قال قيس بن الخطيم :

إذا قصرت أسيافنا كان وصلها

خطانا إلى أعدائنا فنضارب (٤)

جوابها عند البصريين في هذه الآية قوله : (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا.) فإذا جواب (إِذا) وتقديره عندهم : مكروا ، ومعناه : استهزءوا وكذّبوا.

١٠٩٤ ـ قوله تعالى : (إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) ـ ٢٣ ـ من رفع (٥) «متاع» جعله خبرا ل «البغي» والظرف ملغى [وهو](٦) (عَلى أَنْفُسِكُمْ) ، و (عَلى) متعلقة ب «البغي» ، ولا ضمير في (عَلى أَنْفُسِكُمْ) لأنّه ليس بخبر الابتداء. ويجوز أن يرفع (مَتاعَ) إلى إضمار مبتدأ ، أي : ذلك

__________________

(١) سورة الفاتحة : الآية ٦.

(٢) سورة الصافات : الآية ٢٣.

(٣) روى قنبل من طرقه بحذف الألف ، وقرأ الباقون بإثبات الألف على أنها لا النافية. النشر ٢٧٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٢١.

(٤) البيت من شواهد سيبويه ٤٣٤/١ ، بجزم جواب إذا ، وجزم «فنضارب» عطفا على الجواب. وانظر ديوان قيس بن الخطيم ، ص ٤١ ، ٢٠٣ وما بعدها ؛ وفي الخزانة ١٦٣/٣ بحث طويل عن صاحب هذا البيت ؛ وانظر : حماسة ابن الشجري ١٨٦/١ ؛ وقد نسبه إلى شهم بن مرّة المحاربيّ.

(٥) الرفع قراءة الجمهور ، والنصب قراءة حفص عن عاصم. التيسير ص ١٢١ ؛ والنشر ٢٧٢/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٤٨.

(٦) لفظ «وهو» ساقط من : (ح) ، وأكمل من : (ظ ، ق ، د).

٣٢٥

متاع ، أو هو متاع ، فتكون (عَلى أَنْفُسِكُمْ) خبر (بَغْيُكُمْ) ويكون فيه ضمير يعود على المبتدأ ، و (عَلى) متعلّقة بالاستقرار أو الثبات أو نحوه ، تقديره : إنما بغيكم ثابت أو مستقر على أنفسكم ؛ هو متاع الحياة الدنيا. فإذا جعلت «على أنفسكم» خبرا عن «البغي» كان معناه : إنما بغيكم راجع عليكم ، مثل قوله : (وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها)(١). وإذا جعلت «متاعا» : خبر «البغي» كان معناه : إنما بغي بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا ، مثل قوله : (فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ)(٢).

وقد قرأ حفص عن عاصم : (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا.) بالنصب ، جعل (عَلى أَنْفُسِكُمْ) متعلقا ب (بَغْيُكُمْ) ، ورفع البغي بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : إنما بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا مذموم ، أو منهي عنه ، أو مكروه ، ونحوه ، وحسن الحذف لطول الكلام. ولا يحسن أن يكون (عَلى أَنْفُسِكُمْ) الخبر ، لأن (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) داخل في الصلة ، فتفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء ، وذلك لا يجوز ، فلا بد من تقدير حذف الخبر ، إلا أن ينصب (مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا) بإضمار فعل ، على تقدير : تمتعون متاعا ، وتبغون متاعا (٣) ، فيجوز أن يكون (عَلى أَنْفُسِكُمْ) الخبر. فمن نصب «متاعا» جعله مفعولا من أجله تعدّى إليه البغي ، و «على» متعلقة بالاستقرار أو نحوه ، إذا جعلت (عَلى أَنْفُسِكُمْ) الخبر ، وفي المجرور ضمير يعود على المبتدأ. ويجوز نصب «متاع» على المصدر المطلق ، تقديره : تمتّعون متاع الحياة الدنيا ، على إضمار فعل دلّ عليه «البغي» ، أي تبغون ، إذ جعلت «على أنفسكم» الخبر (٤).

١٠٩٥ ـ قوله تعالى : (وَازَّيَّنَتْ) ـ ٢٤ ـ أصله تزيّنت ، ووزنه «تفعّلت» ثم أدغمت التاء في الزاي ، فسكن الأوّل ، فدخلت ألف الوصل لأجل

__________________

(١) سورة الإسراء : الآية ٧.

(٢) سورة النور : الآية ٦١.

(٣) في(ح) : «متاعي» وأثبت ما جاء في(ق).

(٤) الكشف ٥١٦/١ ؛ والبيان ٤٠٩/١ ؛ والعكبري ١٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٢٦/٨.

٣٢٦

سكون أوّل الفعل ، وإنما سكن الأوّل عند الإدغام ؛ لأن كل حرف أدغمته فيما بعده فلا بد من إسكان الأوّل أبدا ، فلما أدغمت التاء في الزاي سكنت التاء ، فاحتيج عند الابتداء إلى ألف الوصل ، وله نظائر كثيرة في القرآن. (١)

روي عن الحسن (٢) أنه قرأ : «وأزينت» على وزن «أفعلت» معناه : جاءت بالزينة ؛ ولكنه كان يجب ، على مقاييس العربية ، أن يقال : «وأزانت» مثل أقالت ، فتقلب الياء ألفا ، لكن أتى به على الأصل ، ولم يعلّه ، كما أتى (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ)(٣) على الأصل ، وكان القياس «استحاذ». وقد قرئ (٤) : «وازيانّت» مثل «احمارّت». وقرئ (٥) «وازّاينت» ، والأصل : تزاينت ، ثم أدغمت التاء في الزاي على قياس ما تقدّم ذكره في قراءة الجماعة ، [ودخلت ألف الوصل أيضا فيه على الابتداء ، على قياس ما تقدّم](٦).

١٠٩٦ ـ قوله تعالى : (قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) ـ ٢٧ ـ (مُظْلِماً) حال من (اللَّيْلِ) ، ولا يكون نعتا ل «قطع» ، لأنه يجب أن يقال : مظلمة. وأمّا على قراءة الكسائي وابن كثير (٧) : «قطعا» باسكان الطاء ، فيجوز أن يكون (مُظْلِماً) نعتا ل «قطع» وأن يكون حالا من (اللَّيْلِ)(٨).

١٠٩٧ ـ قوله تعالى : (فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ) ـ ٢٨ ـ هو «فعّلنا» من زلت الشيء

__________________

(١) تفسير القرطبي ٣٢٧/٨ ؛ والبحر المحيط ١٤٣/٥.

(٢) سورة المجادلة : الآية ١٩.

(٣) رواه عوف بن أبي جميلة الأعرابي عن أشياخه ، كما في تفسير القرطبي ٣٢٧/٨ ؛ والبحر المحيط ١٤٤/٥.

(٤) رواه المقدمي. تفسير القرطبي ٣٢٧/٨ ؛ وفي البحر المحيط ١٤٤/٥ : قرأ بذلك فرقة.

(٥) ما بين قوسين ساقط في : (ح) : وأكمل من : (ظ ، د ، ق).

(٦) وقرأ به أيضا يعقوب ؛ وقرأ الباقون بفتح الطاء. النشر ٢٧٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٢١ ؛ والإتحاف ص ٢٤٨.

(٧) الكشف ٥١٧/١ ؛ والبيان ٤١٠/١ ؛ والعكبري ١٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٣٣/٨.

٣٢٧

عن الشيء ، فأنا أزيله ، إذا نحّيته ، والتشديد للتكثير. ولا يجوز أن يكون «فيعلنا» (١) ، من زال يزول ؛ لأنّه يلزم فيه الواو فيقال : زوّلنا (٢). وحكى الفراء أنه قرئ «فزايلنا» من قولهم : لا أزايل فلانا ، أي لا أفارقه ؛ وأما قولهم : لا أزاوله ، فمعناه : لا أخاتله ، ومعنى زايلنا وزيلنا واحد (٣).

١٠٩٨ ـ قوله تعالى : (شَهِيداً) ـ ٢٩ ـ نصب على التمييز ، وهو عند أبي إسحاق (٤) حال من الله ، جلّ ذكره. و (بِاللهِ) في قوله : (فَكَفى بِاللهِ) في موضع رفع ، وهو فاعل «كفى» ، تقديره : كفى الله شهيدا ، والباء زائدة ، معناها ملازمة الفعل لما بعده ؛ فالله لم يزل هو الكافي ، بمعنى : سيكفي ، لا يحول عن (٥) ذلك أبدا.

١٠٩٩ ـ قوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) ـ ٣٠ ـ «مولى» بدل من (اللهِ) أو نعت ، و (الْحَقِّ) نعت أيضا له. ويجوز نصبه على المصدر ، ولم يقرأ به.

١١٠٠ ـ قوله تعالى : (أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) ـ ٣٣ ـ «أن» في موضع نصب تقديره : بأنّهم ولأنّهم ، فلما حذفت الحرف تعدّى الفعل ، فنصب الموضع. و «أنّ» المفتوحة أبدا ، مشددة أو مخفّفة ، هي حرف على انفرادها ، وهي اسم مع ما بعدها ، لأنها وما بعدها مصدر ، يحكم عليها بوجوه الإعراب على قدر العامل الذي قبلها. ويجوز أن تكون في موضع

__________________

(١) في(ح) : «فعلنا».

(٢) أمالي ابن الشجري ٤٦٦/٢ : «أما قوله ـ أي مكي ـ : لا يجوز أن يكون (فيعلنا) .. فيقال زولنا ، غير صحيح من قبل أنه لو كان(فيعلنا)من : زال يزول ، كان أصله : زيولنا ، ثم تصير الواو ياء ؛ لوقوع الياء قبلها ساكنة ثم تدغم الياء في الياء ، فيقال : زيلنا ، وذلك أن من شرط الياء والواو إذا تلاصقتا ، والأولى منهما ساكنة ، أن تقلب الواو ياء ، ولا تقلب الياء واوا ، كما زعم مكي ...».

(٣) معاني القرآن ٤٦٢/١ ؛ والبيان ٤١١/١ ؛ والعكبري ١٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٣٣/٨.

(٤) معاني القرآن وإعرابه ١٦/٣.

(٥) (ح) : «على» وصحح من : (ظ ، ق ، د).

٣٢٨

خفض بحرف الجر المحذوف ، وهو مذهب الخليل ، لمّا كثر حذفه مع «أنّ» خاصة ، [عمل](١) محذوفا عمله موجودا في اللفظ (٢). وقيل : «أنّ» في هذه الآية ، في موضع رفع على البدل من كلمات (٣) ، وهو قول حسن ، فهو بدل الشيء من الشيء وهو هو.

١١٠١ ـ قوله تعالى : (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ) ـ ٣٥ ـ «من» رفع بالابتداء ، و (أَحَقُّ) الخبر ، وفي الكلام حذف تقديره : أحقّ ممن (٤) لا يهدي. و (أَنْ) في موضع نصب على تقدير حذف الخافض. وإن شئت جعلتها في موضع رفع على البدل من «من» ، وهو بدل الاشتمال ، و (أَحَقُّ) الخبر. وإن شئت جعلت (أَنْ) مبتدأ ثانيا ، و (أَحَقُّ) خبرها مقدّم عليها ، والجملة خبر عن «من» (٥).

١١٠٢ ـ قوله تعالى : (فَما لَكُمْ) ـ ٣٥ ـ [«ما»](٦) في موضع رفع بالابتداء ، وهي استفهام ومعناه : التوبيخ والتنبيه ، و «لكم» الخبر ، والكلام تام على (لَكُمْ) والمعنى : أي شيء لكم في عبادة الأصنام.

١١٠٣ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) ـ ٣٧ ـ (تَصْدِيقَ) خبر كان مضمرة تقديره : ولكن كان تصديق ، ففي كان (٧) اسمها ؛ هذا مذهب الفراء والكسائي ، ويجوز عندهما الرفع على تقدير : ولكن هو تصديق (٨).

__________________

(١) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٢) في(ح) : «اللفظة» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٣) قرأ نافع وابن عامر «كلمات» على الجمع ، وقرأ الباقون بالتوحيد. انظر : التيسير ص ١٢٢ ؛ والإتحاف ص ٢٤٩.

(٤) (ح) : «بمن» وصحح من : (ظ ، ق).

(٥) البيان ٤١١/١.

(٦) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٧) في(ح) : «فمعنى كان» والتصحيح من : (ظ ، ق ، د).

(٨) معاني القرآن للفراء ٤٦٥/١ ؛ والبيان ٤١٣/١ ؛ والعكبري ١٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٤٣/٨.

٣٢٩

١١٠٤ ـ قوله تعالى : (وَلكِنَّ النَّاسَ) ـ ٤٤ ـ الاختيار عند جماعة من النحويين ، إذا أتت (لكِنَّ) مع الواو ، أن تشدّد ، وإذا كانت بغير واو قبلها أن تخفّف. قال الفراء (١) : لأنها إذا كانت بغير واو أشبهت «بل» ، فخففت لتكون مثلها في الاستدراك ، وإذا أتت الواو قبلها خالفت «بل» فشدّدت.

وأجاز الكوفيون إدخال اللام في خبر «لكن» (٢) ، وأنشدوا :

* ولكنّني من حبّها لكميد (٣) *

ومنعه البصريون لمخالفة (٤) معناها معنى «إن». فمن شدّدها أعملها فيما بعدها فنصبه بها ؛ لأنها من أخوات «إنّ». ومن خففها (٥) رفع ما بعدها على الابتداء ، وما بعدها خبره (٦).

١١٠٥ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ)(٧) (كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا) ـ ٤٥ ـ الكاف من (كَأَنْ) وما بعدها في موضع نصب صفة ل (يَوْمَ) ، وفي الكلام حذف ضمير يعود على الموصوف تقديره : كأن لم يلبثوا قبله ، فحذف «قبل» ،

__________________

(١) معاني القرآن للفراء ٤٦٥/١.

(٢) كذا هي في(ظ) ، وفي(ح ، ق) : «في خبرها كان» ، وفي(د) : «في خبر كان».

(٣) في تفسير القرطبي والمغني*ولكنني من حبها لعميد*. وفي معاني القرآن للفراء : «لكميد» ، وكميد وصف من كمد كفرح ، أي أصابه الكمد وهو أشد الحزن. وأما عميد فعلى فعيل بمعنى مفعول ، من عمده المرض أو العشق إذا فدحه وهدّه. وهو عجز بيت ، ، وصدره : يلومونني في حب ليلى عواذلي. والبيت مجهول القائل ، وهو في معاني القرآن للفراء ٤٦٥/١ ؛ وكتاب اللامات للزجاجي ص ١٥٨ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ٦٢/٢ ؛ والإنصاف المسألة ٢٥ ؛ وابن عقيل ١٤١/١ ؛ والصحاح : (لكن).

(٤) في(ح) : «لمخالفته» وأثبت ما في : (ظ ، د ، ق).

(٥) أي خفف النون ، وهي قراءة حمزة والكسائي. وقرأ الباقون بفتح النون مشددة. التيسير ص ١٢٢ ؛ والإتحاف ص ٢٥٠.

(٦) انظر : الكشف ٢٥٦/١ ؛ والبيان ٤١٣/١ ؛ ومعاني القرآن ٤٦٥/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٤٧/٨ ؛ ومغني اللبيب ٢٩٠/١.

(٧) في المصحف (يَحْشُرُهُمْ) وهي قراءة حفص ، وقرأ الباقون بالنون «نحشرهم» ، كما في الكشف ٤٥١/١.

٣٣٠

فصارت الهاء متصلة ب (يَلْبَثُوا) ، فحذفت لطول الاسم ، كما تحذف من الصّلات. ويجوز أن تكون الكاف من (كَأَنْ) في موضع نصب صفة لمصدر محذوف تقديره : ويوم نحشرهم حشرا كأن لم يلبثوا قبله إلا ساعة. ويجوز أن تكون الكاف في موضع نصب على الحال من الهاء والميم في «نحشرهم» ، والضمير في (يَلْبَثُوا) راجع على صاحب الحال ، ولا حذف في الكلام ، تقديره : ويوم نحشرهم مشبهة أحوالهم أحوال من لم يلبث (١) إلا ساعة. والناصب ل (يَوْمَ) «اذكر» مضمرة ، ويجوز أن يكون الناصب له (يَتَعارَفُونَ).

١١٠٦ ـ قوله تعالى : (ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ)(٢) (الْمُجْرِمُونَ) ـ ٥٠ ـ (ما) استفهام ، رفع بالابتداء ، ومعنى الاستفهام هنا التهدد ، و (ذا) خبر الابتداء ، بمعنى الذي ، والهاء في (مِنْهُ) تعود على «العذاب». وإن شئت جعلت (ما) و (ذا) اسما واحدا ، في موضع رفع بالابتداء ، والخبر في الجملة التي بعده ، والهاء في (مِنْهُ) تعود أيضا على «العذاب». وإن جعلت الهاء في (مِنْهُ) تعود على «الله» جلّ ذكره ، و (ما) و (ذا) اسما واحدا ، كانت (ما) في موضع نصب ب (يَسْتَعْجِلُ) والمعنى : أيّ شيء يستعجل المجرمون من الله (٣).

١١٠٧ ـ قوله تعالى : (أَحَقٌّ هُوَ) ـ ٥٣ ـ ابتداء وخبره ، في موضع المفعول الثاني ل (يَسْتَنْبِئُونَكَ) إذا جعلته بمعنى : يستخبرونك ، فإن جعلته بمعنى : يستعلمونك (٤) كان (أَحَقٌّ هُوَ) ابتداء وخبر في موضع المفعولين به ؛ لأن «أنبأ» إذا كان بمعنى : أعلم ، تعدّى إلى ثلاثة مفعولين ، ويجوز الاكتفاء بواحد ، ولا يجوز الاكتفاء باثنين دون ثالث. وإذا كان «أنبأ» بمعنى : أخبر ، تعدّت إلى مفعولين ؛ لا يجوز الاكتفاء بواحد دون الثاني.

__________________

(١) في(ظ) : «لَمْ يَلْبَثُوا».

(٢) في(ح) : «به» وهو تحريف.

(٣) البيان ٤١٤/١ ؛ والعكبري ١٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٥٠/٨.

(٤) في(ح) : «يستعجلونك» وهو تحريف ، وصحح من : (ق ، د).

٣٣١

و «نبّأ» و «أنبأ» في التعدية (١) سواء (٢).

١١٠٨ ـ قوله تعالى : (وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ) ـ ٦١ ـ الهاء عند الفراء تعود على «الشّأن» على تقدير حذف مضاف تقديره : وما تتلو من أجل الشأن ، أي يحدث لك (٣) شأن فتتلو القرآن من أجله.

١١٠٩ ـ قوله تعالى : (وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ) ـ ٦١ ـ (أَصْغَرَ) و (أَكْبَرَ) في قراءة من فتح (٤) في موضع خفض عطف على لفظ (مِثْقالِ ذَرَّةٍ.) وقرأ حمزة بالرفع فيهما ، عطفهما على موضع المثقال ؛ لأنه في موضع رفع ب (يَعْزُبُ)(٥).

١١١٠ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ) ـ ٦٣ ـ (الَّذِينَ) في موضع نصب على البدل من اسم «إن» ، وهو «أولياء» أو على «أعني». ويجوز الرفع على البدل من الموضع ، وعلى النعت على الموضع ، وعلى إضمار مبتدأ ، وعلى الابتداء ، و (لَهُمُ الْبُشْرى) ـ ٦٤ ـ ابتداء وخبر في موضع خبر «الذين».

١١١١ ـ قوله تعالى : (وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ شُرَكاءَ) ـ ٦٦ ـ نصب (شُرَكاءَ) ب (يَدْعُونَ) ، ومفعول (يَتَّبِعُ) قام مقامه (إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ) ؛ [لأنه هو](٦) ، ولا تنصب (شُرَكاءَ) ب (يَتَّبِعُ) ؛ لأنك تنفي عنهم ذلك ، والله قد أخبر به عنهم. ولو جعلت (ما) استفهاما بمعنى الإنكار والتوبيخ ، كانت اسما في موضع نصب ب (يَتَّبِعُ) ، وعلى

__________________

(١) (ح) : «في التقدير» وأثبت ما في : (ظ).

(٢) البيان ٤١٥/١ ؛ والعكبري ١٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٥١/٨.

(٣) (ح ، د) : «له» ، وأثبت ما في : (ظ ، ق).

(٤) الفتح قراءة عامة القراء عدا حمزة ويعقوب وخلف ، هؤلاء قرءوا بالرفع. النشر ٢٧٥/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٣ ؛ والإتحاف ، ص ٢٥٢.

(٥) الكشف ٥٢١/١ ؛ والبيان ٤١٦/١ ؛ والعكبري ١٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٥٦/٨.

(٦) زيادة من : (ظ ، ق).

٣٣٢

القول الأول تكون (ما) حرفا نافيا (١).

١١١٢ ـ قوله تعالى : (فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ) ـ ٧١ ـ كل القراء قرأه بالهمز وكسر الميم ، من قولهم : أجمعت على أمر كذا وكذا ؛ إذا عزمت عليه ، وأجمعت الأمر أيضا حسن ، بغير حرف جر ، كما قال الله جلّ ذكره : (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ)(٢) ، فيكون نصب «الشركاء» على العطف ، على المعنى ، وهو قول المبرد. وقال الزجاج (٣) : هو مفعول معه. وقيل : «الشركاء» عطف على «الأمر» ؛ لأن تقديره : فأجمعوا ذوي الأمر منكم. وقيل : تأويل الأمر هنا هو : كيدهم ، فعطف «الشركاء» على الأمر بغير حذف. وقيل : انتصب «الشركاء» على عامل محذوف تقديره ؛ وأجمعوا شركاءكم ، فدل (٤) «أجمع» على جمع ، لأنك تقول : جمعت الشركاء والقوم ، ولا تقول : أجمعت الشركاء ؛ إنما يقال : أجمعت في الأمر خاصة ، فلذلك لم يحسن عطف «الشركاء» على «الأمر» إلا على التقدير المتقدم.

وقال الكسائي والفراء (٥) : تقديره : وادعوا شركاءكم ، وكذلك هي في حرف أبيّ : «وادعوا شركاءكم». وقد روى الأصمعي عن نافع (٦) : (فَأَجْمِعُوا) ، بوصل الألف وفتح الميم ، فيحسن على هذه القراءة عطف «الشركاء» على «الأمر» ، ويحسن أن تكون الواو بمعنى «مع». وقد قرأ الحسن (٧) برفع «الشركاء» عطفا على الضمير المرفوع في «أجمعوا» ، [وبه قرأنا ليعقوب الحضرمي](٨) ، وحسن ذلك للفصل الذي وقع بين المعطوف

__________________

(١) البيان ٤١٦/١ ؛ والعكبري ١٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٠/٨.

(٢) سورة يوسف : الآية ١٠٢.

(٣) معاني القرآن وإعرابه ٢٨/٣.

(٤) (ح) : «قال» وفي(د) : «فقال» وأثبت ما في(ظ ، ق).

(٥) معاني القرآن ٤٧٣/١.

(٦) وقرأ بها أيضا عاصم الجحدري ، وقرأ الباقون بقطع الهمزة مفتوحة وكسر الميم من «أجمعوا». النشر ٢٧٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٢/٨.

(٧) وقرأ الباقون بالنصب. النشر ٢٧٥/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٥٣.

(٨) زيادة من(ظ) : فقط.

٣٣٣

والمضمر ، كأنه قام مقام التأكيد وهو (أَمْرَكُمْ)(١).

١١١٣ ـ قوله تعالى : (بِما كَذَّبُوا بِهِ) ـ ٧٤ ـ الضمير في (كَذَّبُوا) يعود على قوم نوح ، أي : فما كان قوم الرسل الذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بما كذّب به قوم نوح ، بل كذّبوا مثل تكذيب قوم نوح.

١١١٤ ـ قوله تعالى : (ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ) ـ ٨١ ـ (ما) مبتدأ ، بمعنى الذي ، و «جِئْتُمْ بِهِ» صلته ، و (السِّحْرُ) خبر الابتداء ، ويؤيد هذا أن في حرف أبيّ (٢) «ما جئتم به سحر». وكلما ذكرنا في كتابنا هذا وفي غيره من قراءة أبيّ وغيره ، ممّا يخالف خط المصحف ، فلا يقرأ به لمخالفته المصحف ، وإنما نذكره شاهدا لا ليقرأ به ، فاعلم ذلك. ويجوز أن تكون (ما) رفعا (٣) بالابتداء ، وهي استفهام ، و (جِئْتُمْ بِهِ) الخبر ، و (السِّحْرُ) خبر ابتداء محذوف ، أي : هو السحر. ويجوز أن تكون (ما) في موضع نصب على إضمار فعل بعد (ما) تقديره : أي شىء جئتم به. و (السِّحْرُ) خبر ابتداء محذوف ، أي (٤) هو السحر. ولا يجوز أن تكون (ما) بمعنى الذي في موضع نصب ؛ لأن ما بعدها صلتها ، والصلة لا تعمل في الموصول ، ولا تكون تفسيرا للعامل في الموصول. وقد قرأ أبو عمرو «آلسحر» بالمد (٥) ، فعلى هذه القراءة تكون (ما) استفهاما مبتدأ ، و (جِئْتُمْ بِهِ) الخبر ، و (السِّحْرُ) خبر ابتداء محذوف ، أي هو السحر ، ولا يجوز على هذه القراءة أن تكون (ما) بمعنى الذي ، إذ لا خبر لها. ويجوز أن تكون (ما) في

__________________

(١) انظر : المحتسب ٣١٤/١ ؛ والبيان ٤١٧/١ ؛ والعكبري ١٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٢/٨ وما بعده.

(٢) مغني اللبيب ٣٣٠/١ ؛ والبحر المحيط ١٨٣/٥ ؛ والكشف ٥٢١/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٨/٨ ؛ وفيه : «وقرأ الباقون (السحر) على الخبر ، ودليل هذه القراءة قراءة ابن مسعود : (ما جئتم به سحر) ، وقراءة أبي : (ما أتيتم به سحر) ...».

(٣) (ح) : «رفع» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٤) قوله : «أي هو السحر» لم يرد في(ظ).

(٥) أي على الاستفهام ، وقد قرأ بذلك أيضا أبو جعفر ، بينما قرأ الباقون بغير مد على الخبر. التيسير ص ١٢٣ ؛ والإتحاف ص ٢٥٣ ؛ وكذا تفسير القرطبي ٣٦٨/٨.

٣٣٤

موضع نصب على ما تقدم. ويجوز أن ترفع (السِّحْرُ) على البدل من (ما) ، وخبره خبر المبدل منه ، فلذلك دخله الاستفهام ، إذ هو بدل من استفهام ، ليستوي البدل والمبدل منه في لفظ الاستفهام ، كما تقول : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ فتجعل «عشرون» بدلا من «كم» ، وتدخل ألف الاستفهام على «عشرين» ؛ لأن المبدل منه وهو «كم» ، استفهام. ومعنى الاستفهام في [هذه](١) الآية : التقرير والتوبيخ ، ليس هو باستخبار ؛ لأن موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قد علم أنه سحر ، وإنما وبّخهم بما فعلوا ، ولم يستخبرهم عن (٢) شيء لم يعلمه ؛ وفيه أيضا معنى التحقير لما جاءوا به. وأجاز الفراء نصب (السِّحْرُ) تجعل (ما) شرطا ، وتنصب (السِّحْرُ) على المصدر ، وتضمر الفاء مع (إِنَّ اللهَ سَيُبْطِلُهُ) وتجعل الألف واللام في (السِّحْرُ) زائدتين ، وذلك كله بعيد. وقد أجاز علي بن سليمان حذف الفاء من جواب الشرط في الكلام ، واستدل على جوازه بقوله تعالى : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما)(٣) (كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)(٤) ، ولم يجزه غيره إلا في ضرورة الشعر (٥).

١١١٥ ـ قوله تعالى : (مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ) ـ ٨٣ ـ إنما جمع الضمير في (مَلَائِهِمْ) لأنه إخبار عن جبار ، والجبار يخبر عنه بلفظ الجمع. وقيل : لما ذكر فرعون علم أن معه غيره ، فرجع الضمير عليه ، وعلى من معه. وقيل : الضمير راجع على آل فرعون ، وفي الكلام حذف ، والتقدير : على خوف

__________________

(١) زيادة من : (ظ ، ق).

(٢) في(ح) : «على» والتصحيح من : (ظ ، ق ، د).

(٣) معاني القرآن ٤٧٥/١.

(٤) في المصحف «فَبِمٰا» وهي قراءة الجمهور ، وقرأ بغير فاء نافع وابن عامر وأبو جعفر. النشر ٣٥٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٩٥ ؛ الإتحاف ص ٣٨٣.

(٥) سورة الشورى : الآية ٣٠.

(٦) ومنه قول الشاعر :

من يفعل الحسنات اللّه يشكرها

والشرّ بالشرّ عند اللّه مثلان

أي فاللّه يشكرها. انظر : تفسير القرطبي ٣٦٨/٨ ؛ والعكبري ١٧/٢ ؛ والبيان ٤١٨/١ ؛ وزاد المسير ٥١/٤.

٣٣٥

من آل فرعون وملئهم ، والضمير يعود على الأول. وقال الأخفش : الضمير يعود على «الذرية» المتقدم ذكرها. وقيل : الضمير يعود على القوم المتقدم ذكرهم (١).

١١١٦ ـ قوله تعالى : (أَنْ يَفْتِنَهُمْ) ـ ٨٣ ـ «أن» في موضع خفض بدل من (فِرْعَوْنَ) ، وهو بدل الاشتمال.

١١١٧ ـ وقوله تعالى : (فَلا يُؤْمِنُوا) ـ ٨٨ ـ عطف على (لِيُضِلُّوا) في موضع نصب عند المبرد والزجاج (٢). وقال الأخفش (٣) والفراء (٤) : هو منصوب [جواب للدعاء](٥). وقال الكسائي وأبو عبيدة (٦) : هو في موضع جزم ، لأنه دعاء عليهم (٧).

١١١٨ ـ قوله تعالى : (نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ) ـ ٩٢ ـ قيل : هو من النجاء ، أي : نخلصك من البحر ميتا ليراك بنو إسرائيل. وقيل معناه : نلقيك على نجوة (٨) من الأرض.

١١١٩ ـ وقوله تعالى : (بِبَدَنِكَ) ـ ٩٢ ـ أي بدرعك التي تعرف بها ليراك بنو إسرائيل. وقيل : معنى (٩) (بِبَدَنِكَ) : أي بجثتك لا روح فيك ، ليراك بنو إسرائيل.

__________________

(١) البيان ٤١٩/١ ؛ والعكبري ١٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٩/٨.

(٢) معاني القرآن وإعرابه ٣١/٣.

(٣) معاني القرآن ، ص ٣٤٧.

(٤) معاني القرآن ، ص ٤٧٧/١.

(٥) زيادة من : (ظ).

(٦) مجاز القرآن ٢٨١/١.

(٧) على تقدير : اللهم فلا يؤمنوا ، أي فلا آمنوا. انظر : البيان ٤٢٠/١ ؛ والعكبري ١٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٧٥/٨.

(٨) النجوة من الأرض : المكان المرتفع.

(٩) في(ح) : «معناه» وأثبت ما في : (د ، ق).

٣٣٦

١١٢٠ ـ قوله تعالى : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) ـ ٩٨ ـ انتصب (قَوْمَ) على الاستثناء المنقطع ، ويجوز أن يكون على الاستثناء الذي هو غير منقطع ، على أن يضمر في أول الكلام حذف مضاف تقديره : فلولا كان أهل قرية آمنوا. ويجوز الرفع على أن تجعل «إلا» بمعنى غير ، صفة للأهل المحذوفين في المعنى ، ثم يعرب ما بعد (إِلَّا) بمثل إعراب «غير» لو ظهرت في موضع (إِلَّا). وأجاز (١) الفراء الرفع على البدل ، كما قال :

* إلّا اليعافير (٢) وإلّا العيس (٣) *

فأبدل من «أنيس» ، والثاني من غير الجنس ، وهي لغة بني تميم ؛ يبدلون وإن كان الثاني ليس من جنس الأول ، وأهل الحجاز ينصبون إذا اختلفا ، وإن كان الكلام منفيا ، وأنشدوا بيت النابغة : إلّا الأواريّ (٤) ... بالرفع والنصب. قوله : (يُونُسَ) هو اسم أعجمي معرفة ، ولذلك لم ينصرف ، ومثله : يوسف. وقد روي عن الأعمش وعاصم أنهما قرءا : [يونس](٥) و [يوسف](٦) بكسر النون والسين ، جعلاه فعلا مستقبلا من : آنس وآسف ، سمي به فلم ينصرف للتعريف والوزن (٧) المختص به الفعل. قال أبو حاتم : يجب أن يهمز ؛ وترك الهمز جائز حسن ، وإن كان أصله

__________________

(١) قوله : «وأجاز الفراء ... بالرفع والنصب» مثبت في(ح) : فقط. وانظر معاني القرآن للفراء ٤٧٩/١.

(٢) ح «المعافير» وهو تحريف.

(٣) عجز بيت ينسب إلى عامر بن الحارث المعروف بجران العود. وهو من شواهد سيبويه ١٣٣/١ ، ٣٦٥ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٢٨٨/١ ، ٤٧٩ بلا نسبة ؛ ونسب في الخزانة ١٩٧/٤ إلى جران العود. وانظر الديوان ص ٥٢. وتمام البيت :

وبلدة ليس بها أنيس

إلاّ اليعافير وإلاّ العيس

(٤) جزء من بيت للنابغة الذبياني. الديوان ، ص ٣٠ ، طبعة دار صادر. وتمامه :

إلاّ الأواريّ لأيا ما أبيّنها

والنؤي كالحوض بالمظلومة الجلد

(٥) زيادة من : (ظ).

(٦) زيادة يقتضيها السياق. انظر الفقرة(١١٦٣)من سورة يوسف.

(٧) في هامش(ح) : «أي وزن الفعل».

٣٣٧

الهمز. وقد حكى أبو زيد فتح السين والنون فيهما ، على أنهما فعلان مستقبلان ، لم يسمّ فاعلهما ، سمّي بهما أيضا (١).

__________________

(١) في هامش(ح) : عبارة «بلغ مطالعة وتصحيحا ...» وانظر إعراب هذه الآية في البيان ٤٢٠/١ ؛ وتفسير القرطبي ٣٨٣/٨ ؛ ومعاني القرآن للفراء ٤٧٩/١ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ٧٧/٢.

٣٣٨

مشكل إعراب سورة

«هود» عليه‌السلام

١١٢١ ـ ـ إذا جعلت «هودا» اسما للسورة ، فقلت : هذه هود ، لم تنصرف عند سيبويه والخليل ، كامرأة سميتها بزيد أو بعمرو. وأجاز عيسى (١) صرفه لخفته ، كما يصرف «هند» اسم امرأة ، فإن قدرت حذف مضاف مع «هود» صرفته ، تريد : هذه سورة هود (٢).

١١٢٢ ـ قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا) ـ ١١ ـ «الذين» في موضع نصب على الاستثناء المتصل. قال الفراء (٣) : هو مستثنى من الإنسان ، لأنه بمعنى الناس. وقال الأخفش (٤) : هو استثناء منقطع.

١١٢٣ ـ وقوله تعالى : (وَبَطَلَ ما كانُوا) ـ ١٦ ـ «باطل» رفع بالابتداء ، وما بعده خبره. وفي حرف أبيّ وابن مسعود (٥) : «وباطلا» بالنصب ، جعلا «ما» زائدة ، ونصبا «باطلا» ب «يعلمون» (٦) ، مثل : (قَلِيلاً ما تَذَكَّرُونَ)(٧) و (قَلِيلاً ما تُؤْمِنُونَ)(٨).

__________________

(١) هو عيسى بن عمر. وفي هامش(ح)عبارة «بلغ مطالعة وتصحيحا ...».

(٢) الكتاب ٢٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢/٩ ؛ والعكبري ١٩/٢.

(٣) معاني القرآن ٤/٢ ـ ٥.

(٤) معاني القرآن ص ٣٥٠.

(٥) المحتسب ٣٧٠/١ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ٨٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٥/٩.

(٦) على تقدير : وكانوا يعملون باطلا.

(٧) سورة الأعراف : الآية ٣ ، والنمل : الآية ٦٢.

(٨) سورة الحاقة : الآية ٤١ ، وانظر فقرة(٨٩٦).

٣٣٩

١١٢٤ ـ قوله تعالى : (وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ) ـ ١٧ ـ الهاء في (يَتْلُوهُ) للقرآن ، فتكون الهاء على هذا القول في (مِنْهُ) لله جلّ ذكره ؛ والشاهد الإنجيل ، أي يتلو القرآن في التقدم الإنجيل من عند الله ، فتكون الهاء في (قَبْلِهِ) للإنجيل أيضا. وقيل : الهاء في (يَتْلُوهُ) لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فيكون الشاهد لسانه ، والهاء في (مِنْهُ) لمحمد أيضا ، وقيل : للقرآن ، وكذلك الهاء في (قَبْلِهِ) لمحمد. وقيل : «الشاهد» جبريل عليه‌السلام ، والهاء في (مِنْهُ) لله على هذا القول ، وفي (مِنْ قَبْلِهِ) لجبريل أيضا. وقيل : الشاهد إعجاز القرآن ، فالهاء في (مِنْهُ) على هذا القول لله تعالى ، والهاء في (قَبْلِهِ) للقرآن. والهاء في (يُؤْمِنُونَ بِهِ) للقرآن ، وقيل لمحمد عليه‌السلام (١).

١١٢٥ ـ قوله تعالى : (إِماماً وَرَحْمَةً) ـ ١٧ ـ نصبا على الحال من (كِتابُ مُوسى).

١١٢٦ ـ قوله تعالى : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) ـ ٢٠ ـ (ما) ظرف في موضع نصب ، معناها وما بعدها (٢) : أبدا. وقيل : (ما) في موضع نصب على حذف حرف الجر ، أي بما كانوا ، كما يقال : جزيته ما فعل وبما فعل. وقيل : (ما) نافية ، والمعنى : لا يستطيعون السمع لما قد سبق لهم. وقيل المعنى : لا يستطيعون أن يسمعوا من النبي لبغضهم له ، ولا يفقهوا (٣) حجته ؛ كما تقول : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان ، إذا كان يثقل ذلك عليه.

١١٢٧ ـ قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّهُمْ) ـ ٢٢ ـ (لا جَرَمَ) عند الخليل وسيبويه بمعنى : حقا ، في موضع رفع بالابتداء ، و (لا جَرَمَ) كلمة واحدة بنيتا على الفتح في موضع رفع ، والخبر «أنهم» ، ف «أنّ» في موضع رفع

__________________

(١) تفسير القرطبي ١٦/٩ ؛ والبيان ٩/٢ ؛ والعكبري ٢٠/٢.

(٢) على تقدير : يضاعف لهم العذاب مدة استطاعتهم السمع والإبصار ، أي أبدا. انظر : البيان ١٠/٢.

(٣) في(ح) : «ولا يفهموا» وأثبت ما في(ظ ، ق).

٣٤٠