الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-051-X
الصفحات: ٥٠٢
الباب الثاني فيما يجب في باقي المحظورات
وفيه مباحث :
الأوّل : فيما يجب باللُّبْس
مسألة ٣٨٢ : مَنْ لبس ثوباً لا يحلّ له لُبْسه وجب عليه دم شاة ، وهو قول العلماء .
سأل سليمان بن العيص (١) الصادقَ عليهالسلام : عن المُحْرم يلبس القميص متعمّداً ، قال : « عليه دم » (٢) .
ولأنّه ترفّه بمحظور في إحرامه ، فلزمه الفدية ، كما لو ترفّه بحلق شعره .
ولا فرق في وجوب الدم بين قليل اللُّبْس وكثيره ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأحمد (٣) ـ لأنّ صدق اللُّبْس المطلق علىٰ القليل والكثير
__________________
(١) في النسخ الخطية والطبعة الحجرية : محمد بن مسلم . وما أثبتناه من المصدر ، علماً بأنّ « محمد بن مسلم » في المصدر واقع في سند الحديث اللاحق .
(٢) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٣٩ .
(٣) الاُم ٢ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤٠ ـ ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٥٩ ، المغني ٣ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ .
واحد ، فلا يتخصّص الحكم المتعلّق عليه بأحد جزئيّاته .
وقال أبو حنيفة : إنّما يجب الدم بلباس يوم وليلة ، ولا يجب فيما دون ذلك ؛ لأنّه لم يلبس لُبْساً معتاداً ، فأشبه ما لو اتّزر بالقميص (١) .
ونمنع عدم اعتياده . ولأنّ ما ذكره تقدير ، والتقديرات إنّما تثبت بالنصّ . والتقدير بيوم وليلة تحكّم محض .
مسألة ٣٨٣ : استدامة اللُّبْس كابتدائه ، فلو لبس المُحْرم قميصاً ناسياً ثم ذكر ، وجب عليه خلعه إجماعاً ؛ لأنّه فعل محظور ، فلزمه إزالته وقطع استدامته ، كسائر المحظورات .
وينزعه من أسفل ، ولو لم ينزعه ، وجب الفداء ؛ لأنّه ترفّه بمحظور في إحرامه ، فوجبت الفدية .
وقال الشافعي : ينزعه من رأسه (٢) .
وهو غلط ؛ لاشتماله علىٰ تغطية الرأس ، المُحرَّمة . ولأنّه قول بعض التابعين (٣) .
ويجب به الفدية إن قلنا : إنّه تغطية .
ولو لبس ذاكراً ، وجبت الفدية بنفس اللُّبْس ، سواء استدامة أو لم يستدمه ، وبه قال الشافعي (٤) .
__________________
(١) المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٢٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤١ ، المغني ٣ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ .
(٢) المجموع ٧ : ٣٤٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠١ .
(٣) حكاه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٥ ، وانظر : المجموع ٧ : ٣٤٠ ، وحلية العلماء ٣ : ٣٠١ .
(٤) الاُم ٢ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٤٠ ـ ٤٤١ ، المجموع ٧ : ٢٥٤ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٦ .
وقال أبو حنيفة أوّلاً : إن استدام اللُّبْس أكثر النهار ، وجبت الفدية ، وإن كان أقلّ ، فلا .
وقال أخيراً : إن استدامة طول النهار ، وجبت الفدية ، وإلّا فلا ، لكن فيه صدقة (١) .
وعن أبي يوسف روايتان (٢) ، كقولي أبي حنيفة .
والحقّ ما قلناه ؛ لقوله تعالىٰ : ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًىٰ مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مَنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٣) معناه : فمَنْ كان منكم مريضاً فلبس أو تطيّب أو حلق بلا خلاف ، فعلّق الفدية بنفس الفعل دون الاستدامة .
مسألة ٣٨٤ : لو لبس عامداً ، وجبت الفدية علىٰ ما تقدّم ، سواء كان مختاراً أو مضطرّاً ؛ لأنّه ترفّه بمحظور لحاجته ، فكان عليه الفداء ، كما لو حلق لأذىٰ .
أمّا لو اضطرّ إلىٰ لُبْس الخُفّين والجوربين ، فليلبسهما ، ولا شيء عليه ، لقول الصادق عليهالسلام : « وأيّ مُحْرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخُفّين إذا اضطرّ إلىٰ ذلك ، والجوربين يلبسهما إذا اضطرّ إلىٰ لُبْسهما » (٤) .
__________________
(١) الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٦١ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٢٥ ـ ١٢٦ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٦ ـ ١٨٧ ، وحكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٦ .
(٢) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٧ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ١٢٥ ، الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٦١ ، وحكاهما عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠١ ، المسألة ٨٦ .
(٣) البقرة : ١٩٦ .
(٤) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤١ .
ولو لبس قميصاً وعمامةً وخُفّين وسراويل ، وجب عليه لكلّ واحد فدية ؛ لأنّ الأصل عدم التداخل ، خلافاً لأحمد (١) .
ولو لبس ثم صبر ساعةً ، ثم لبس شيئاً آخر ، ثم لبس بعد ساعة اُخرىٰ ، وجب عليه عن كلّ لِبْسةٍ كفّارة ، سواء كفّر عن المتقدّم أو لم يكفّر ، قاله الشيخ (٢) رحمهالله ؛ لأنّ كلّ لبسةٍ تستلزم كفّارةً إجماعاً ، والتداخل يحتاج إلىٰ دليل .
وقال الشافعي : إن كفّر عن الأول لزمه كفّارة ثانية قولاً واحداً ، وإن لم يكفّر ، فقولان : في القديم : تتداخل ، وبه قال محمّد ، والجديد : تتعدّد ، وبه قال أبو حنيفة وأبو يوسف (٣) .
تذنيب : لو لبس ثياباً كثيرةً دفعةً واحدة ، وجب عليه فداء واحد . ولو كان في مرّات متعدّدة ، وجب عليه لكلّ ثوب دم ؛ لأنّ لُبْس كلّ ثوب يغاير لُبْس الثوب الآخر ، فيقتضي كلّ واحد مقتضاه من غير تداخل .
ولأنّ محمد بن مسلم سأل الباقرَ عليهالسلام : عن المُحْرم إذا احتاج إلىٰ ضروب من الثياب فلبسها ، قال : « عليه لكلّ صنف منها فداء » (٤) .
مسألة ٣٨٥ : لو لبس ناسياً أو جاهلاً ثم ذكر أو علم فنزع ، لم يكن عليه شيء ، قاله علماؤنا ، وبه قال عطاء والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق وابن المنذر (٥) .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ .
(٢) الخلاف ٢ : ٢٩٩ ، المسألة ٨٣ .
(٣) الحاوي الكبير ٤ : ١٠٣ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢١ ، المجموع ٧ : ٣٧٩ ، الوجيز ١ : ١٢٧ ، فتح العزيز ٧ : ٤٨٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٩ ، وحكىٰ الأقوال الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٢٩٩ ـ ٣٠٠ ، المسألة ٨٣ .
(٤) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤٠ .
(٥) المغني ٣ : ٥٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ ، الاُم ٢ : ٢٠٣ ، المجموع ٧ : ٣٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٠ .
لما رواه العامّة عن يعلىٰ بن اُميّة أنّ رجلاً أتىٰ النبي صلىاللهعليهوآله ، وهو بالجعرانة وعليه جبّة وعليه أثر خلوق ، أو قال : أثر صُفْرة ، فقال : يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : ( اخلع عنك هذه الجُبّة ، واغسل عنك أثر الخلوق ـ أو قال : أثر الصفرة ـ وأصنع في عمرتك كما تصنع في حجّتك ) (١) .
وفي رواية اُخرىٰ : يا رسول الله أحرمتُ بالعمرة وعليَّ هذه الجُبّة (٢) ، فلم يأمره بالفدية .
ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « مَنْ نتف إبطه أو قلّم ظُفْره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لُبْسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو مُحْرم ، ففَعَل ذلك ناسياً أو جاهلاً فليس عليه شيء ، ومَنْ فَعَله متعمّداً فعليه دم شاة » (٣) .
ولأنّ الحجّ عبادة تجب بإفسادها الكفّارة ، فكان من محظوراته ما يُفرّق بين عمده وسهوه ، كالصوم .
ولأنّ الكفّارة عقوبة تستدعي ذنباً ، ولا ذنب مع النسيان .
وقال أبو حنيفة والليث والثوري ومالك وأحمد في رواية : عليه الفدية ؛ لأنّه هتك حرمة الإحرام ، فاستوىٰ عمده وسهوه ، كحلق الشعر وتقليم الأظفار وقتل الصيد (٤) .
__________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٨٣٦ / ١١٨٠ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦٤ / ١٨١٩ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٥٤ .
(٢) أوردها ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٣٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٥٤ ، وفي صحيح مسلم ٢ : ٨٣٦ ـ ٨٣٧ / ٧ بتفاوت .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ / ١٢٨٧ .
(٤) بدائع الصنائع ٢ : ١٨٨ ، المغني ٣ : ٥٣٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٠ .
ونمنع الهتك ووجود الحكم في غير الصيد .
والفرق : بأنّ الأصل يُضمن ؛ للإتلاف ، بخلاف صورة النزاع ؛ فإنّه ترفّه يمكن إزالته .
والمكره حكمه حكم الناسي والجاهل ؛ لأنّه غير مكلّف ، فلا يحصل منه ذنب ، فلا يستحقّ عقوبةً .
ولقوله عليهالسلام : ( رُفع عن اُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (١) .
ولو علم الجاهل ، كان حكمه حكم الناسي إذا ذكر .
ولو اضطرّ المُحْرم إلىٰ لُبْس المخيط لاتّقاء الحَرّ أو البرد ، لبس ، وعليه شاة ، للضرورة الداعية إليه ، فلولا إباحته ، لزم الحرج ، وأمّا الكفّارة : فللترفّه بالمحظور ، فكان كحلق الرأس لأذىٰ .
ولقول الباقر عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : في المُحْرم إذا احتاج إلىٰ ضروب من الثياب فلبسها ، قال : « عليه لكلّ صنف منها فداء » (٢) .
مسألة ٣٨٦ : مَنْ غطّىٰ رأسه وجب عليه دم شاة إجماعاً ، وكذا لو ظلّل علىٰ نفسه حال سيره ـ خلافاً لبعض العامّة ، وقد تقدّم (٣) ـ لأنّه ترفّه بمحظور ، فلزمه الفداء ، كما لو حلق رأسه .
ولأنّ محمد بن إسماعيل روىٰ ـ في الصحيح ـ قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام : عن الظلّ للمُحْرم من أذىٰ مطر أو شمس ، فقال : « أرىٰ أن يفديه بشاة يذبحها بمنىٰ » (٤) .
__________________
(١) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير .
(٢) التهذيب ٥ : ٣٨٤ / ١٣٤٠ .
(٣) تقدّم في ج ٧ ص ٣٤١ ذيل المسألة ٢٥٩ .
(٤) التهذيب ٥ : ٣٣٤ / ١١٥١ .
ولو فَعل ذلك للحاجة أو للضرورة ، وجب عليه الفداء ؛ لأنّه ترفّه بمحظور ، فأشبه حلق الرأس لأذىٰ .
ولا فرق بين أن يغطّي رأسه بمخيط ، كالقلنسوة ، أو غيره ، كالعمامة والخرقة ولو بطين ، أو يستره بستر وغيره .
ولو فَعَل ذلك ناسياً ، أزاله إذا ذكر ، ولا شيء عليه ، لأنّ حريزاً سأل الصادقَ عليهالسلام : عن مُحرم غطّىٰ رأسه ناسياً ، قال : « يلقي القناع عن رأسه ، ويلبّي ، ولا شيء عليه » (١) .
ولا فرق بين أن تمسّ المظلّة رأسه أو لا .
ولو توسّد بوسادة أو بعمامة مكورة ، فلا بأس .
البحث الثاني : فيما يجب بالطيب والادّهان .
مسألة ٣٨٧ : أجمع العلماء علىٰ أنّ المُحْرم إذا تطيّب عامداً ، وجب عليه دم ؛ لأنّه ترفّه بمحظور ، فلزمه الدم ، كما لو ترفّه بالحلق .
ولقول الباقر عليهالسلام : « مَنْ أكل زعفراناً متعمّداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم ، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه ، ويستغفر الله ويتوب إليه » (٢) .
ولا فرق بين أن يستعمل الطيب أكلاً أو إطلاءً أو صبغاً أو بخوراً ، أو في طعام إجماعاً .
ولا بأس بخلوق الكعبة وإن كان فيه زعفران ؛ لأنّ يعقوب بن شعيب سأل ـ في الصحيح ـ الصادقَ عليهالسلام : المُحْرم يصيب ثيابه الزعفران من
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٠٧ / ١٠٥٠ ، الاستبصار ٢ : ١٨٤ / ٦١٣ .
(٢) الكافي ٤ : ٣٥٤ / ٣ ، الفقيه ٢ : ٢٢٣ / ١٠٤٦ .
الكعبة ، قال : « لا يضرّه ولا يغسله » (١) .
مسألة ٣٨٨ : لا فرق بين الابتداء والاستدامة في وجوب الكفّارة ، فلو تطيّب ناسياً ثم ذكر ، وجب عليه إزالة الطيب ، فإن لم يفعل مع القدرة ، وجب عليه الدم ؛ لأنّ الترفّه يحصل بالاستدامة كالابتداء .
والكفّارة تجب بنفس الفعل ، فلو تطيّب عامداً ثم أزاله بسرعة ، وجبت الكفّارة وإن لم يستدم الطيب ، ولا نعلم فيه خلافاً ، ووافقنا هنا (٢) أبو حنيفة وإن كان قد نازعنا في اللُّبْس (٣) .
ولا فرق في وجوب الكفّارة بين الطعام الذي فيه طيب مسّته النار أو لم تمسّه .
وقال مالك : إن مسّته النار ، فلا فدية (٤) .
وسواء بقي الطعام علىٰ وصفه من طعم أو لون أو ريح أو لم يبق .
وقال الشافعي : إن كانت أوصافه باقيةً من طعم أو لون أو رائحة ، فعليه الفدية ، وإن بقي له وصف ومعه رائحة ، ففيه الفدية قولاً واحداً ، وإن لم يبق غير لونه ولم يبق ريح ولا طعم ، قولان : أحدهما كما قلناه ، والثاني : لا فدية فيه (٥) .
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٦٩ / ٢٢٦ .
(٢) في « ف » والطبعة الحجرية : فيه ، بدل هنا .
(٣) الهداية ـ للمرغيناني ـ ١ : ١٦٠ و ١٦١ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٨٧ و ١٨٩ ، الاختيار ١ : ٢١٢ و ٢١٣ ، المغني ٣ : ٥٣٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ .
(٤) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠٤ ، المسألة ٩١ ، وانظر : الموطأ ١ : ٣٣٠ ، والمدوّنة الكبرىٰ ١ : ٤٥٧ ، والمنتقىٰ ٣ : ٣٠٤ ، والتفريع ١ : ٣٢٧ ، والمغني ٣ : ٣٠٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٨٩ ، وحلية العلماء ٣ : ٢٨٩ .
(٥) حكاه عنه أيضاً الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ، المسألة ٩١ ، وانظر : المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢١٦ ، وفتح العزيز ٧ : ٤٥٨ ، وحلية العلماء ٣ : ٢٨٨ ـ ٢٨٩ ، والمغني ٣ : ٣٠٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٨٩ .
وإذا تطيّب عامداً أو ناسياً وذكر ، وجب عليه غسله ، ويستحب له أن يستعين في غسله بحلال ، ولو غسله بيده ، جاز ؛ لأنّه ليس بمتطيّب ، بل تارك للطيب ، كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة علىٰ عزم الترك للغصب .
ولأنّ النبي عليهالسلام قال للذي رأىٰ عليه طيباً : ( اغسل عنك الطيب ) (١)
ولو لم يجد ماءً يغسله به ووجد تراباً ، مسَحَه به أو بشيء من الحشيش أو ورق الشجر ؛ لأنّ الواجب إزالته بقدر الإمكان .
ويقدّم غسل الطيب علىٰ الطهارة لو قصر عنهما وتيمّم ؛ لأنّ للطهارة بدلاً .
ولو أمكنه قطع رائحة الطيب بشيء غير الماء ، فَعَلَه وتوضّأ بالماء .
ويجوز له شراء الطيب وبيعه إذا لم يشمّه ، ولا يلمسه ، كما يجوز له شراء المخيط والإماء .
مسألة ٣٨٩ : إنّما تجب الفدية باستعمال الطيب عمداً ، فلو استعمله ناسياً أو جاهلاً بالتحريم ، لم يكن عليه فدية ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال الشافعي (٢) ؛ لما رواه العامّة : أنّ أعرابيّاً جاء إلىٰ النبي صلىاللهعليهوآله بالجعرانة وعليه مقطّعة (٣) له وهو متضمّخ بالخلوق ، فقال : يا رسول الله أحرمت وعليَّ هذه ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : ( انزع الجُبّة واغسل الصفرة ) (٤) ولم يأمره بالفدية .
__________________
(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٣٤ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٥٣ .
(٢) الاُم ٢ : ١٥٤ ، فتح العزيز ٧ : ٣٦١ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ و ٣٤٣ .
(٣) مقطعة : أي ثوب قصير ، النهاية ـ لابن الأثير ـ ٤ : ٨١ .
(٤) سنن النسائي ٥ : ١٤٢ ـ ١٤٣ ، مسند أحمد ٤ : ٢٢٤ ، المغني ٣ : ٥٣٦ بتفاوت في اللفظ .
ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليهالسلام : « مَنْ أكل زعفراناً متعمّداً أو طعاماً فيه طيب فعليه دم ، وإن كان ناسياً فلا شيء عليه ، ويستغفر الله ، ويتوب إليه » (١) .
مسألة ٣٩٠ : لو استعمل دهناً طيّباً ، وجب عليه دم شاة ، ولا شيء علىٰ الناسي ؛ لأنّ معاوية بن عمّار روىٰ ـ في الصحيح ـ في مُحْرم كانت به قرحة ، فداواها بدهن بنفسج ، قال : « إن كان فَعَله بجهالة فعليه طعام مسكين ، وإن كان تعمَّد فعليه دم شاة يهريقه » (٢) ومعاوية ثقة لا يقول ذلك إلّا تلقيناً .
البحث الثالث : فيما يجب بالحلق وقصّ الظفر .
مسألة ٣٩١ : أجمع العلماء علىٰ وجوب الفدية بحلق المُحْرم رأسه متعمّداً .
قال الله تعالىٰ : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (٣) .
وروىٰ العامّة عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه قال لكعب بن عجرة : ( لعلّك آذاك هوامّك ) قال : نعم يا رسول الله ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ( احلق رأسك ، وصُمْ ثلاثة أيام ، أو أطعم ستّة مساكين ، أو انسك شاةً ) (٤) .
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٢٢٣ / ١٠٤٦ .
(٢) التهذيب ٥ : ٣٠٤ / ١٠٣٨ .
(٣) البقرة : ١٩٦ .
(٤) صحيح البخاري ٣ : ١٢ ـ ١٣ ، الموطّأ ١ : ٤١٧ / ٢٣٨ ، المغني ٣ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦٩ .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام : « مرّ رسول الله صلىاللهعليهوآله علىٰ كعب بن عجرة الأنصاري والقمل يتناثر من رأسه ، فقال : أتؤذيك هوامّك ؟ فقال : نعم ، قال : فاُنزلت هذه الآية ( فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مَنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) (١) فأمره رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فحلق رأسه ، وجعل عليه الصيام ثلاثة أيّام ، والصدقة علىٰ ستة مساكين لكلّ مسكين مُدّان ، والنسك شاة » (٢) .
مسألة ٣٩٢ : الفدية تتعلّق بحلق الرأس ، سواء كان لأذىٰ أو غيره ؛ لدلالة الآية (٣) علىٰ وجوبها في الأذىٰ ، ففي غيره أولىٰ .
هذا إذا كان عالماً عامداً ، وإن كان جاهلاً أو ناسياً ، فلا شيء عندنا ـ وبه قال إسحاق وابن المنذر (٤) ـ لقوله عليهالسلام : ( رُفع عن أمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) (٥) .
ومن طريق الخاصّة : قول الباقر عليهالسلام ـ في الصحيح ـ : « مَنْ نتف إبطه أو قلّم ظُفْره أو حلق رأسه أو لبس ثوباً لا ينبغي له لُبْسه أو أكل طعاماً لا ينبغي له أكله وهو مُحْرم ، ففَعَل ذلك ناسياً أو جاهلاً ، فليس عليه شيء ، وَمَنْ فَعَله متعمّداً فعليه دم شاة » (٦) .
وقال الشافعي : تجب عليه الفدية ؛ لأنّه إتلاف ، فاستوىٰ عمده
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) التهذيب ٥ : ٣٣٣ / ١١٤٧ ، الاستبصار ٢ : ١٩٥ / ٦٥٦ .
(٣) البقرة : ١٩٦ .
(٤) المغني ٣ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٠ .
(٥) كنز العمّال ٤ : ٢٣٣ / ١٠٣٠٧ نقلاً عن الطبراني في المعجم الكبير .
(٦) التهذيب ٥ : ٣٦٩ ـ ٣٧٠ / ١٢٨٧ .
وخطؤه ، كقتل الصيد (١) .
والفرق : أنّ قتل الصيد مشتمل ـ مع التحريم المشترك ـ علىٰ إضاعة المال وإتلاف الحيوان لغير فائدة .
إذا عرفت هذا ، فقد قال الشيخ رحمهالله : الجاهل يجب عليه الفداء (٢) .
والمعتمد : ما قلناه ؛ لحديث الباقر عليهالسلام (٣) .
وأمّا النائم فهو كالساهي ، فلو قلع النائم شعره ، أو قرّبه من النار فأحرقه ، فلا شيء عليه ، خلافاً للشافعي (٤) .
مسألة ٣٩٣ : الكفّارة إمّا صيام ثلاثة أيّام ، أو صدقة علىٰ ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع ، وإمّا نسك ، وهو : شاة يذبحها ، ويتصدّق بلحمها علىٰ المساكين .
وهي مخيّرة عند علمائنا ـ وبه قال مالك والشافعي (٥) ـ للآية (٦) .
وقال أبو حنيفة : إنّها مخيّرة إن كان الحلق لأذىٰ ، وإن كان لغيره ، وجب الدم عيناً ـ وعن أحمد روايتان ـ لأنّ الله تعالىٰ خيّر بشرط العذر ، فإذا عدم الشرط ، وجب زوال التخيير (٧) .
__________________
(١) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢٠ ، المجموع ٧ : ٣٤٠ ، الحاوي الكبير ٤ : ١٠٥ و ١١٤ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٨ ، المغني ٣ : ٥٢٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٠ .
(٢) الخلاف ٢ : ٣١١ ، المسألة ١٠٢ .
(٣) تقدّم في ص ١٥ .
(٤) لم نعثر عليه ، والقول موجود في المغني ٣ : ٥٢٦ ، والشرح الكبير ٣ : ٢٧٠ من دون نسبة .
(٥) المغني ٣ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ ، المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢٢١ ، المجموع ٧ : ٣٦٧ ـ ٣٦٨ و ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٦ .
(٦) البقرة : ١٩٦ .
(٧) المغني ٣ : ٥٢٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٢ ، المجموع ٧ : ٣٧٦ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٦ .
والجواب : الشرط لجواز الحلق لا للتخيير .
ولأنّ الحكم ثبت في غير المعذور بطريق التنبيه تبعاً له ، والتبع لا يخالف أصله .
ولا تجب الزيادة في الصيام علىٰ ثلاثة أيّام عند عامّة أهل العلم (١) ؛ لما رواه العامّة في حديث كعب بن عُجْرة : ( احلق رأسك وصُمْ ثلاثة أيّام ) (٢) .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام : « فالصيام ثلاثة أيّام » (٣) .
وقال الحسن البصري وعكرمة : الصيام عشرة أيّام . وهو قول الثوري وأصحاب الرأي (٤) .
وأمّا الصدقة : فهو إطعام البُرّ أو الشعير أو الزبيب أو التمر علىٰ ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع في المشهور ـ وبه قال مجاهد والنخعي ومالك والشافعي وأصحاب الرأي (٥) ـ لما رواه العامّة في حديث كعب بن عُجْرة ( أو أطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع ) (٦) .
ومن طريق الخاصّة : قول الصادق عليهالسلام : « أو يتصدّق علىٰ ستّة مساكين ، والصدقة نصف صاع لكلّ مسكين » (٧) .
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ : ٢٨١ ، زاد المسير في علم التفسير ١ : ٢٠٦ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٨٣ .
(٢) الموطأ ١ : ٤١٧ / ٢٣٨ ، صحيح البخاري ٣ : ١٢ ـ ١٣ ، المعجم الكبير ـ للطبراني ـ ١٩ : ١٠٩ / ٢٢٠ .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٤ / ١٥٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٩ / ٦٥٧ .
(٤) المغني ٣ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، أحكام القرآن ـ للجصّاص ـ ١ : ٢٨١ ، زاد المسير في علم التفسير ١ : ٢٠٦ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٨٣ ، المحلّىٰ ٧ : ٢١٢ .
(٥) المغني ٣ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ .
(٦) صحيح البخاري ٣ : ١٣ ، المغني ٣ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ .
(٧) التهذيب ٥ : ٣٣٤ / ١١٤٩ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ / ٦٥٨ .
وفي رواية اُخرىٰ لنا ـ وهو قول بعض علمائنا (١) ، والحسن وعكرمة والثوري وأصحاب الرأي (٢) ـ أنّ الصدقة علىٰ عشرة مساكين ؛ لقول الصادق عليهالسلام : « والصدقة علىٰ عشرة مساكين يشبعهم من الطعام » (٣) .
والرواية مرسلة (٤) .
ولا فرق بين شعر الرأس وبين شعر سائر البدن في وجوب الفدية وإن اختلف مقدارها علىٰ ما يأتي ، وبه قال الشافعي (٥) .
وقالت الظاهرية : لا فدية في شعر غير الرأس (٦) ؛ لقوله تعالىٰ : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ ) (٧) .
وهو يدلّ بمفهوم اللقب ولا حجّة فيه ، والقياس يدلّ عليه ، وهو من اُصول الأدلّة عندهم ، فإنّ إزالة شعر الرأس وشعر غيره اشتركا في الترفّه .
مسألة ٣٩٤ : لو نتف إبطيه جميعاً ، وجب عليه دم شاة ، وفي نتف الواحد إطعام ثلاثة مساكين ؛ لأنّ الدم في الرأس إنّما يجب بحلقه أو بما يسمّىٰ حلق الرأس ، وهو غالباً مساوٍ للإبطين .
ولقول الباقر عليهالسلام : « مَنْ حلق رأسه أو نتف إبطه ناسياً أو ساهياً أو جاهلاً فلا شيء عليه ، ومَنْ فَعَله متعمّداً فعليه دم » (٨) .
__________________
(١) المحقّق في شرائع الإسلام ١ : ٢٩٦ .
(٢) المغني ٣ : ٥٢٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٣٣٧ ـ ٣٣٨ ، المحلّىٰ ٧ : ٢١٢ ، تفسير القرطبي ٢ : ٣٨٣ .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ / ١١٤٨ ، الاستبصار ٢ : ١٩٦ / ٦٥٧ .
(٤) كذا ، والحديث مسند ، وانظر منتهىٰ المطلب ٢ : ٨١٥ .
(٥) المهذّب ـ للشيرازي ـ ١ : ٢١٤ ، المجموع ٧ : ٢٤٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٣ .
(٦) الحاوي الكبير ٤ : ١١٥ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢٨٣ .
(٧) البقرة : ١٩٦ .
(٨) الكافي ٤ : ٣٦١ / ٨ ، التهذيب ٥ : ٣٣٩ / ١١٧٤ ، الاستبصار ٢ : ١٩٩ / ٦٧٢ .
وقال الصادق عليهالسلام : في مُحْرم نتف إبطه : « يطعم ثلاثة مساكين » (١) .
قال الشيخ رحمهالله : إنّه محمول علىٰ مَنْ نتف إبطاً واحداً ، والأوّل علىٰ مَنْ نتف إبطيه جميعاً (٢) .
ولو مسّ رأسه أو لحيته فسقط منهما شيء من الشعر ، أطعم كفّاً من طعام ، ولو فَعَل ذلك في وضوء الصلاة ، فلا شيء عليه ؛ لقول الصادق عليهالسلام : في المُحْرم إذا مسّ لحيته ، فوقع منها شعر : « يطعم كفّاً من طعام أو كفّين » (٣) .
وسأل رجلٌ الصادقَ عليهالسلام : إنّ المُحْرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة والشعرتان ، فقال : « ليس عليه شيء ( مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مَنْ حَرَجٍ ) (٤) » (٥) .
مسألة ٣٩٥ : لو حلق لأذىٰ ، اُبيح له ذلك ، ويتخيّر بين التكفير قبل الحلق وبعده ؛ لما رواه العامّة عن الحسين بن علي عليهماالسلام : اشتكىٰ رأسه فأتىٰ علي عليهالسلام ، فقيل له : هذا الحسين يشير إلىٰ رأسه ، فدعا بجزور فنحرها ثم حلقه وهو بالسعيا (٦) (٧) .
ولأنّها كفّارة ، فجاز تقديمها ، كالظهار .
ولو خلّل شعره فسقطت شعرة ، فإن كانت ميتةً ، فالوجه : عدم الفدية ، ولو كانت ثابتةً ، وجبت الفدية ، ولو شكّ ، فالأصل عدم الضمان .
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٤٠ / ١١٧٨ ، الاستبصار ٢ : ٢٠٠ / ٦٧٦ .
(٢) الاستبصار ٢ : ٢٠٠ ذيل الحديث ٦٧٦ .
(٣) التهذيب ٥ : ٣٣٨ / ١١٦٩ ، الاستبصار ٢ : ١٩٨ / ٦٦٧ .
(٤) الحج : ٧٨ .
(٥) التهذيب ٥ : ٣٣٩ / ١١٧٢ ، الاستبصار ٢ : ١٩٨ / ٦٧٠ .
(٦) السعيا ـ بوزن يحيىٰ ـ : وادٍ بتهامة قرب مكة . معجم البلدان ٣ : ٢٢١ .
(٧) المغني ٣ : ٥٣١ .
ولو قلع جلدة عليها شعر ، لم يكن عليه ضمان ؛ لأنّ زوال الشعر بالتبعية ، فلا يكون مضموناً ، كما لو قطع أشفار عيني غيره ، فإنّه لا يضمن أهدابهما .
مسألة ٣٩٦ : اختلف قول الشيخ ـ رحمهالله ـ في المُحْرم هل له أن يحلق رأس المُحِلّ ؟ فجوّزه في الخلاف ولا ضمان ـ وبه قال الشافعي وعطاء ومجاهد وإسحاق وأبو ثور (١) ـ لأصالة براءة الذمّة (٢) .
وقال في التهذيب : لا يجوز ـ وبه قال مالك وأبو حنيفة ، وأوجبا عليه الضمان ، وهو عند أبي حنيفة صدقة (٣) ـ لقول الصادق عليهالسلام : « لا يأخذ الحرام من شعر الحلال » (٤) .
إذا عرفت هذا ، فالشاة تصرف إلىٰ المساكين ، ولا يجوز له أن يأكل من اللحم شيئاً ؛ لأنّها كفّارة ، فيجب دفعها إلىٰ المساكين ، كغيرها من الكفّارات .
ولما رواه ابن بابويه عن النبي صلىاللهعليهوآله في حديث كعب ( والنسك شاة لا يطعم منها أحد إلّا المساكين ) (٥) .
مسألة ٣٩٧ : أجمع علماء الأمصار علىٰ أنّ المُحْرم ممنوع من قصّ أظفاره ، وتجب فيه الفدية عند عامّة أهل العلم (٦) ـ وبه قال حمّاد ومالك
__________________
(١) الاُم ٢ : ٢٠٦ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٩ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ و ٣٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٤ ، المغني ٣ : ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٧٢ .
(٢) الخلاف ٢ : ٣١١ ـ ٣١٢ ، المسألة ١٠٣ .
(٣) المدوّنة الكبرىٰ ١ : ٤٢٨ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٩٣ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ٤ : ٧٢ ، الحاوي الكبير ٤ : ١١٨ ، فتح العزيز ٧ : ٤٦٩ ، المجموع ٧ : ٢٤٨ و ٣٥٠ ، المغني ٣ : ٥٢٩ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٤ ، حلية العلماء ٣ : ٣٠٤ .
(٤) التهذيب ٥ : ٣٤٠ ـ ٣٤١ ذيل الحديث ١١٧٨ والحديث ١١٧٩ .
(٥) الفقيه ٢ : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ذيل الحديث ١٠٨٤ .
(٦) المغني ٣ : ٥٣١ ـ ٥٣٢ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٧٢ .