جمال الدين مقداد بن عبد الله السيوري الحلّي
المحقق: صفاء الدين البصري
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مجمع البحوث الاسلامية
الطبعة: ١
الصفحات: ١٧٥
النّدب (١). فإذا قلنا بالوجوب ؛ فلا تصحّ إلّا بالدّعاء ، وإن قلنا بالنّدب ؛ صحّت ولاء من غير دعاء.
ويكون الإتيان بالدّعاء على الأفضل ، فبعد الاولى : يتشهّد الشّهادتين ، وبعد الثّانية : يصلّي على النّبيّ وآله عليهمالسلام ، وبعد الثّالثة : يدعو للمؤمنين ، وبعد الرّابعة : يدعو للميّت إن كان مؤمنا ، وعليه إن كان منافقا ، و [بدعاء المستضعفين] (٢) إن كان مستضعفا ، وأن يحشره مع من يتولّاه إن جهل حاله ، وفي الطّفل : «اللهمّ اجعله لنا ولأبويه فرطا» وبعد الخامسة ينصرف مستغفرا.
والصّلوات الواجبة ، تسع صلوات (٣) : صلاة اليوم اللّيلة ، وتجب مطلقا. وصلاة الجمعة والعيدين ، وتجب مع اجتماع شروطها ، وصلاة الكسوف ، والزّلزلة ، والآيات ، وتجب عند أسبابها ، وصلاة الطّواف ، وتجب مع وجوب الطّواف في حجّ أو عمرة أو مع نذر ، وصلاة الجنائز مع حضور جنازة المسلم ، على الكفاية ، وصلاة النّذر وشبهه إذا أوجبها المكلّف على نفسه.
__________________
(١) شرائع الإسلام ١ : ٨١ ، المختصر النّافع : ٤٠ ، وهو عنده خاصّة ؛ كما قال صاحب الجواهر ١٢ ، ٣٤. وقال صاحب مفتاح الكرامة ١ : ٤٧٨ : وهو ظاهر المختصر النّافع ، ولا موافق له فيما أجد.
(٢) «ج» : يدعو للمستضعفين.
(٣) ليست في «ج».
كتاب الزّكاة
قال «قدّس الله روحه» :
ومنها : الزّكاة : وهي تجب في تسعة أشياء : الإبل ، والبقر ، والغنم ، والذّهب ، والفضّة ، والحنطة ، والشّعير ، والتّمر ، والزّبيب.
ويجب في إخراجها النّيّة ؛ فيقول : «اخرج زكاة مالي ، لوجوبه ، قربة إلى الله».
أقول : لمّا فرغ من ذكر الصّلاة ، شرع في الزّكاة ، وهي لغة : النّماء ، والزّيادة ، والطّهارة ؛ يقال : زكا الشّيء ، إذا زاد ونما ، ويقال : زكا الشّيء ، إذا طهر ، ومنه قوله تعالى : (أَقَتَلْتَ نَفْساً زَكِيَّةً) (١) أي : طاهرة.
وفي الشّرع : عبارة عن المقدار الّذي أوجب الشّارع إخراجه من هذه الأجناس.
والزّكاة قسمان : زكاة الأموال ، وزكاة الأبدان.
القسم الأوّل : زكاة الأموال ، وهي تجب في تسعة أشياء ؛ ثلاثة من الحيوان ، وهي : الإبل ، والبقر ، والغنم ، لا غير ، ومن المعادن في شيئين ، هما : الذّهب ، والفضّة ، لا غير ، ومن النّبات في أربعة ، وهي : الحنطة ، والشّعير ، والتّمر ، والزّبيب ، لا غير.
وتجب فيها النّيّة ، لأنّها عبادة ، وكلّ عبادة لا تصحّ إلّا بالنّيّة. ويجب أن تكون النّيّة عند تسليمها إلى المستحقّ ؛ إمّا من المالك ، أو وكيله ، فيقول : «أخرج زكاة مالي ، لوجوبها ، قربة إلى الله» ويقول : «اخرج هذا الشّيء من زكاة مال موكّلي بالوكالة عنه ، لوجوبها ، قربة إلى الله».
وإن شاء عيّن الجنس ؛ فيقول : «أخرج زكاة الإبل ، أو [زكاة] البقر ، أو غير ذلك ، لوجوبها (٢) ، قربة إلى الله».
وله إخراج القيمة بسعر الوقت (٣) ؛ فيقول «اخرج هذه الدّراهم عن قيمة زكاة مالي ، لوجوبها ، قربة إلى الله».
__________________
(١) الكهف : ٧٤.
(٢) «ج» : لوجوبه.
(٣) «ج» : وقت الإخراج.
وإن أخرج شيئا عن (١) زكاة الدّراهم ، قال : «أخرج هذا الثّمن عن قيمة زكاة مالي ، لوجوبها ، قربة إلى الله».
قال «قدّس الله روحه» :
ففي كلّ خمس من الإبل شاة إلى أن تبلغ ستّا وعشرين ، ففيها بنت مخاض ، ثمّ في ستّ وثلاثين بنت لبون ، ثمّ في ستّ وأربعين حقّة ، ثمّ في إحدى وستّين جذعة ، ثمّ في ستّ وسبعين بنتا لبون ، ثمّ في إحدى وتسعين حقّتان ، إلى أن تبلغ مائة وإحدى وعشرين ، ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون.
أقول : من شروط زكاة الإبل : بلوغ النّصاب ، وهو المقدار الّذي يتعلّق به الوجوب. فأوّل (٢) نصاب الإبل خمس ، ففيها شاة ، ثمّ خمس أخرى ، فتصير عشرا ، ففيها شاتان ، ثمّ خمس أخرى [حتّى تصير] (٣) خمس عشرة ، ففيها ثلاث شياه ، ثمّ خمس اخرى [حتّى تصير] (٤) عشرين ، ففيها أربع شياه ، ثمّ في خمس اخرى [حتّى تصير] (٥) خمسا وعشرين ، ففيها خمس شياه ، فهذه خمسة نصب.
ويتساوى [في] قدر النّصاب وفيما يجب فيها وفي كون الواجب فيها من غير الجنس ، فإذا صارت ستّا وعشرين ، فهو أوّل نصاب يجب فيه من الجنس ، وفيه بنت مخاض ، وهي الّتي لها سنة ودخلت في الثّانية ، وسمّيت بنت مخاض ، لأنّ أمّها ماخض ، أي : حامل.
فإذا صارت ستّا وثلاثين ، ففيها بنت لبون ، وهي الّتي لها سنتان ودخلت في الثّالثة ، وسمّيت بنت لبون ، لأنّ أمّها ذات لبن ، أي : بنت ناقة لبون ، أي : ذات
__________________
(١) «ج» : من.
(٢) «ج» : فأدنى.
(٣) «ج» : فتصير.
(٤) «ج» : فتصير.
(٥) «ج» : فتصير.
لبن بأخرى.
فإذا صارت ستّا وأربعين ، ففيها حقّة ، وهي الّتي لها ثلاث ودخلت في الرّابعة ، وسمّيت بذلك ، لأنّها استحقّت أن يحمل عليها ، أو أن يطرقها الفحل.
فإذا صارت إحدى وستّين ففيها جذعة وهي الّتي لها أربع ودخلت في الخامسة ، وهي أعلى الأسنان المأخوذة في الزّكاة.
فإذا صارت ستّا وسبعين ، ففيها بنتا لبون.
فإذا صارت إحدى وتسعين ، ففيها حقّتان ، ثمّ ليس في الزّائد شيء ، حتّى يبلغ مائة وإحدى وعشرين ، ففي كلّ خمسين حقّة ، وفي كلّ أربعين بنت لبون ، ففيها حينئذ ثلاث بنات لبون.
فإذا زادت تسعا اخرى صارت مائة وثلاثين ، ففيها حقّة وبنتا لبون. وهكذا كلّما زادت عشرا اخرى تعيّن الواجب ، ففي مائة وأربعين حقّتان وبنت لبون ، وفي مائة وخمسين ثلاث حقق ، فإذا بلغت مائتين فالمالك بالخيار : إن شاء أخرج خمس بنات لبون ، وإن شاء أخرج أربع حقق. وهكذا دائما بالغا ما بلغ.
قال «قدّس الله روحه» :
وأمّا البقر ، ففي كلّ ثلاثين منها تبيع أو تبيعة ، وفي كلّ أربعين مسنّة.
أقول : للبقر نصابان.
الأوّل : ثلاثون ، وفيه تبيع ، وهو الّذي له سنة ودخل في الثّانية ، ويسمّى (١) بذلك ، لأنّه يتبع أمّه في الرّعي ، أو لأنّ قرنه يتبع اذنه في النّبات ، أو تبيعة ، وهي الانثى ، ومعناها معنى الذّكر.
الثّاني : أربعون ، وفيه مسنّة خاصّة ، وهي الّتي لها سنتان ودخلت في الثّالثة ، ثمّ ليس في الزّائد شيء حتّى يبلغ ستّين ففيها [تبيعان أو] تبيعتان فإذا زادت عشرا
__________________
(١) «ج» : وسمّي.
اخرى تعيّن الواجب ، ففي سبعين تبيع ومسنّة ، وفي ثمانين مسنّتان ، وفي تسعين ثلاث تبيعات.
فإذا بلغت مائة وعشرين ، فهو مخيّر : إن شاء أخرج أربع تبيعات ، وإن شاء [أخرج] ثلاث مسنّات ، وهكذا بالغا ما بلغ.
قال «قدّس الله روحه» :
وأمّا الغنم ، ففي أربعين شاة ، ثمّ في مائة وإحدى وعشرين شاتان ، ثمّ مائتين وواحدة ثلاث شياه ، ثمّ في ثلاثمائة وواحدة أربع شياه ، ثمّ في كلّ مائة شاة ، بالغا ما بلغ.
أقول : للغنم خمسة نصب : أربعون ، وفيها (١) شاة : إمّا ذكر أو انثى ، وأقلّها الجذع من الضّأن ، وهو ما تجاوز ستّة أشهر ، أو الثّنيّ من المعز وهو ما له سنة ودخل في الثّانية ، ثمّ ليس في الزّائد شيء حتّى يبلغ مائة وإحدى وعشرين ، ففيها شاتان.
فإذا بلغت مائتين وواحدة ، ففيها ثلاث شياة.
فإذا بلغت ثلاثمائة وواحدة ، ففيها أربع شياة.
فإذا بلغت أربعمائة أخذ من كلّ مائة شاة بالغا ما بلغ ، وليس في ما نقص عن مائة شيء ، ففي أربعمائة [وتسعة] وتسعين أربع شياه ، فإذا صارت خمسمائة ، ففيها خمس شياه ، وهكذا دائما.
وشرط وجوب الزّكاة في الأنعام الثّلاثة بلوغ النّصاب ـ وهو ما ذكر ـ والحول السّوم.
قال «قدّس الله روحه» :
وأمّا الذّهب ، ففي كلّ عشرين مثقالا نصف مثقال ، وفي كلّ أربعة دنانير قيراطان ، بالغا ما بلغ.
__________________
(١) «ج» : ففيها.
وأمّا الفضّة ، ففي كلّ مائتي درهم منها خمسة دراهم ، ثمّ في أربعين درهما درهم ، بالغا ما بلغ.
وهذه الأصناف يراعى [فيها] الحول ، وهو مضيّ أحد عشر شهرا كاملة ، ثمّ يدخل الثّاني عشر.
أقول : يشترط في وجوب الزّكاة في النّقدين النّصاب ، وكونهما منقوشين دنانير.
فأوّل نصاب الذّهب عشرون مثقالا ، وفيها (١) نصف مثقال.
وثانيهما : أربعة دنانير ، وفيه قيراطان ، هما عشر دينار ، لأنّ الدّينار : عشرون قيراطا ، وليس في ما نقص عن ذلك (٢) شيء. وهكذا في كلّ أربعة قيراطان ، بالغا ما بلغ.
أمّا الفضّة ، فأوّل نصابها : مائتا درهم ، ففيه (٣) خمسة دراهم.
وثانيهما : أربعون ، وفيه درهم ، وليس في ما نقص عن أربعين شيء. وهكذا كلّما زاد أربعون ، ففيها درهم ، بالغا ما بلغ.
والدّرهم الشّرعيّ : ستّة دوانيق ، والدّانق : ثماني حبّات من أوسط حبّ الشّعير ، فالدّرهم الشّرعيّ ثمانية وأربعون شعيرة ، فكلّ عشرة دراهم شرعيّة سبعة مثاقيل ، فتكون المائتان : مائة وأربعون مثقالا ، فنصاب الفضّة من الدّراهم المتعامل بها الآن ـ وهي كلّ دينار مثقال ـ مائة وأربعون دينارا ، [و] الواجب فيها خمسة دراهم هي ثلاثة مثاقيل ونصف مثقال يكون بالدّرهم المتعامل به الآن : ثلاثة دنانير ونصف دينار ، والأربعون ثمانية وعشرون مثقالا ، وفيها درهم ، وهو نصف مثقال وخمس مثقال يكون بالدّرهم (٤) الشّرعيّ من الدّراهم المتعامل بها الآن نصف دينار (٥)
__________________
(١) «ج» : ففيها.
(٢) «ج» : أربعة.
(٣) «ج» : وفيه.
(٤) «ج» : الدّرهم.
(٥) الدّينار في عصره «رحمهالله» هو الفضّيّ لا من الذّهب.
وخمس دينار ثمانية دراهم وخمس درهم.
والزّكاة في النّقدين ؛ في كلّ نصاب ربع عشر ، فإنّ نصف مثقال ربع عشر العشرين ، والقيراطين ربع عشر الأربعة ، وخمسة دراهم ربع عشر المائتين ، والدّرهم ربع عشر الأربعين.
والحول شرط في الأنعام الثّلاثة والنّقدين ، ومعناه : مضيّ أحد عشر شهرا كاملة ، ثم يدخل الثّاني عشر ، فيجب الزّكاة بأوّله ، ولا يجوز تأخيرها إلّا لعذر.
قال «قدّس الله روحه» :
وأمّا الحنطة والشّعير والتّمر والزّبيب ؛ فيجب فيها إذا بلغت خمسة أوسق ، مجموعها : ألفان وسبعمائة رطل بالعراقيّ ، ففيها العشر إن سقيت سيحا (١) وشبهه ، ونصف العشر إن سقيت بالدّوالي (٢) وشبهها.
أقول : يشترط في وجوب الزّكاة في الغلّاة الأربع أمران :
الأوّل : أن تنمو على الملك ، وهو على أقسام : إمّا أن يكون نماء أرضه ، أو نماء بذره ، أو نماء عمله إذا كانت المزارعة صحيحة وبلغ نصيب كلّ من الثّلاثة نصابا.
الثّاني : بلوغ النّصاب ، وهو خمسة أوسق ، مجموعها : ألفان وسبعمائة رطل بالعراقيّ ، والوسق : ستّون صاعا ، وهي خمسمائة وأربعون رطلا ، والصّاع : أربعة أمداد ، والمدّ : رطلان وربع ، فالصّاع : تسعة أرطال ، والرّطل الشّرعيّ : مائة وثلاثون درهما شرعيّة ؛ كلّ عشرة : سبعة مثاقيل ، يكون الرّطل الشّرعيّ : أحدا وتسعين مثقالا ، والرّطل المتعامل به الآن بالعراقيّ ـ ويسمّى الغازانيّ ـ : مائة وأربعة مثاقيل ، فنسبة الرّطل الشّرعيّ إليه سبعة أثمانه ، وهي عشرة أواق ونصف أوقيّة غازانيّة ، فيكون النّصاب بهذه الأرطال الغازانيّة : ألفي رطل وثلاثمائة واثنين وستّين رطلا ونصف رطل.
__________________
(١) السّيح : الماء الجاري على وجه الأرض. النّهاية ، لابن الأثير ٣ : ٣٤٩ ، المصباح المنير ٢ : ١٣١.
(٢) الدّالية : النّاعورة يديرها الماء ، الدّلو : ما يستقى به. النّهاية ، لابن الأثير ٢ : ١٣١ ، المنجد ٢٢٣.
فإذا بلغت كلّ واحدة من الغلّات الأربع النّصاب ، وجب فيها العشر إن سقيت سيحا وشبهه كالعذي ، وهو : ما تسقيه الغيوث ، والبعل ، وهو : ما يشرب بعروقة ، ونصف العشر إن سقي بالدّواليّ وشبهها ؛ كالدّواليب (١) ، والكرود (٢) ، والدّلاء.
وللغلّات نصاب واحد ، وهو ما ذكر ، وما زاد عليه يؤخذ منه بحسابه.
قال «قدّس الله روحه» :
ومنها : زكاة الفطر ، وهي تجب على كلّ متمكّن من مئونة السّنة عنه وعن عياله ، يخرج عن كلّ رأس من أحد الأجناس السّبعة صاعا ليلة الفطر إلى زوال الظّهر ناويا ؛ فيقول : «أخرج هذا الصّاع من زكاة الفطرة ، أداء ، لوجوبها ، قربة إلى الله».
فإن فات الوقت وجبت نيّة القضاء.
أقول : القسم الثّاني من الزّكاة : زكاة الأبدان ، وتسمّى : زكاة الفطرة. وهي تجب على كلّ بالغ ، عاقل ، مالك لقوة السّنة له ولعياله ، يكون أوّل السّنة وقت وجوب الفطرة ، وهو هلال شوّال ، ويخرجها عنه وعن جميع من يعوله ، سواء كانت عيلولته واجبة ، أو تبرّعا ، وسواء كان المعال ذكرا ، أو انثى ، كبيرا ، أو صغيرا ، حرّا ، أو عبدا ، مسلما ، أو كافرا ، يخرج عن كلّ رأس من عياله صاعا من أحد الأجناس السّبعة ، وهي : الحنطة ، والشّعير ، والتّمر ، والزّبيب ، والأرز ، والإقط ، واللّبن ، والصّاع : تسعة أرطال بالعراقيّ يكون بالغازانيّة سبعة أرطال وعشر أواق ونصف أوقيّة ، إلّا اللّبن ، فإنّه يخرج منه أربعة أرطال [بالعراقيّ ، يكون بالغازانيّة ثلاثة أرطال] ونصف رطل (٣).
__________________
(١) الدّولاب : المنجنون الّتي تديرها الدّابّة. المصباح المنير ١ : ١٩٨.
(٢) الكرد : الدّبرة من المزارع ، معرّب ، وهي المشارات ، أي : سواقيها. تاج العروس ٢ : ٤٨٥ مادّة (كرد).
(٣) وهي في زماننا تقرب من ثلاثة كيلوات.
وقيل : الأربعة مدنيّة ، والرّطل المدنيّ : رطل ونصف رطل عراقيّ ، فيكون بالغازانيّة : خمسة أرطال وربع رطل.
ووقت الوجوب : ليلة الفطر ، ويمتدّ إلى قبل صلاة العيد ، وهو قبل الزّوال.
وتجب النّيّة في إخراجها ، وله إخراج الجنس ، أو إخراج القيمة بسعر يوم الإخراج ، فإن أخرج الجنس ؛ قال : «اخرج هذا [الصّاع من زكاة الفطرة أداء ، لوجوبها ، قربة إلى الله» وإخراج القيمة ؛ قال : «أخرج هذا] الدّرهم ، أو هذه الدّراهم ، أو هذا الثّوب من قيمة زكاة الفطر (١) ، أداء ، لوجوبها ، قربة إلى الله».
فإن فات وقتها وهو أن تزول الشّمس وجب عليه قضاؤها ، وينوي ؛ فيقول : «اخرج هذا الصّاع من زكاة الفطر (٢) ، قضاء ، لوجوبها ، قربة إلى الله» [أو : «اخرج هذا الدّرهم عن قيمة زكاة الفطرة ، قضاء ، لوجوبها ، قربة إلى الله»].
فائدة :
مستحقّ الزّكاتين ثمانية أصناف :
الفقراء ، والمساكين ، والعاملون عليها ، والمؤلّفة قلوبهم ، وفي الرّقاب وهم المكاتبون ، والغارمون ، وفي سبيل الله ، وابن السّبيل (٣).
وللمالك إخراج الزّكاة بنفسه ، أو بمن يوكّله ، وله دفعها إلى الإمام ، أو الفقيه المأمون في حال الغيبة ، أو إلى السّاعي.
وتجب النّيّة بالتّسليم إلى المستحقّ.
__________________
(١) «ج» : الفطرة.
(٢) «ج» : الفطرة.
(٣) ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم في قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ ، وَالْمَساكِينِ ، وَالْعامِلِينَ عَلَيْها ، وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ ، وَفِي الرِّقابِ ، وَالْغارِمِينَ ، وَفِي سَبِيلِ اللهِ ، وَابْنِ السَّبِيلِ) التّوبة : ٦٠.
كتاب الصّوم
قال «قدّس الله روحه» :
ومنها : الصّوم ، و [هو] يجب في كلّ سنة شهر رمضان ، والنّيّة في كلّ يوم من أيّامه ، ووقتها : من اللّيل إلى طلوع الفجر ؛ فيقول ليلا : «أصوم غدا ، لوجوبه قربة إلى الله».
أقول : من العبادات الشّرعيّة المعلومة من دين النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم الصّوم ، وهو لغة : الإمساك مطلقا ، وشرعا : عبارة عن الإمساك عن المفطرات نهارا مع النّيّة. ومحلّه شهر رمضان.
وتجب النّيّة في كلّ يوم من أيّامه. وهو اختيار المصنّف «قدّس الله روحه» (١).
وقال غيره : يكفي في الشّهر نيّة واحدة ، وتجديدها (٢) كلّ ليلة ندبا (٣).
ووقت النّيّة : من غروب الشّمس الّذي هو أوّل اللّيل ، ويمتدّ وقتها : إلى قبل طلوع الفجر ؛ فيقول ليلا : «أصوم غدا ، لوجوبه ، قربة إلى الله» وهذه نيّة القربة.
وإن نوى نيّة التّعيين كان أفضل ؛ فيقول : «أصوم غدا من شهر رمضان ، أداء ، لوجوبه ، قربة إلى الله».
ويعرف أوّل رمضان برؤية الهلال شائعا ، أو قيام البيّنة برؤيته ، أو مضيّ ثلاثين يوما من شعبان.
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٦٣ ، تحرير الأحكام ١ : ٧٦ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٢٥٦ ، منتهى المطلب ٢ : ٥٦٠.
(٢) «ج» : ويجدّدها في.
(٣) الانتصار : ٦١ ، النّهاية : ١٥١ ، الكافي في الفقه : ١٨١ ، المراسم : ٩٦ ، الغنية (الجوامع الفقهيّة) : ٥٧١.
كتاب الخمس
قال «قدّس الله روحه» :
ومنها : الخمس ، وهو يجب في أرباح التّجارات ، والصّناعات ، والزّراعات ، والمعادن ، والغوص ، الكنوز ، وغنائم دار الحرب.
وإنما يجب في أرباح التّجارات والصّناعات والزّراعات بعد إخراج مئونة [السّنة] له ولعياله على الاقتصاد ، من غير إسراف ولا تقتير.
وتجب فيه النّيّة ؛ فيقول : «اخرج هذا الخمس ، لوجوبه ، قربة إلى الله».
ويوصل نصفه إلى فقراء العلويّين وباقي الهاشميّين إن شاء ، والباقي للإمام عليهالسلام ، يفعل به ما يأمره (١) الحاكم.
والمعادن والكنوز يشترط فيها نصاب الزّكاة ، والغوص يراعى فيه دينار.
أقول : من العبادات الواجبة : الخمس ، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في القرآن المجيد في قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) (٢).
وهو يجب في أرباح التّجارات بالأموال ، وفي أرباح الصّناعات بالأبدان ، وفي الزّراعات في أيّ نوع كان منها ، وفي المعادن ، وهي : المخلوقة في الأرض ، وفي الغوص ، وهو : ما يخرج من الماء ، كاللّآلئ ، وفي الكنوز ، وهو : كلّ مال مذخور تحت الأرض لا يعرف مالكه ، وفي غنائم دار الحرب ، وهو : ما يؤخذ من أموال الكفّار قهرا.
وشرط وجوبه في أرباح التّجارات والصّناعات والزّراعات : أن يفضل منها عن قوته وعن قوت عياله سنة كاملة على الاقتصاد ، وهو التّوسّط في التّقدير بحيث لا يخرج إلى حدّ التّبذير ولا إلى حدّ التّقتير.
__________________
(١) «ج» : يأمر به.
(٢) الأنفال : ٤١.
وتجب فيه النّيّة ؛ فيقول : «اخرج خمس مالي ، لوجوبه ، قربة إلى الله».
وإن عيّن ما يخرج عنه ؛ قال : «اخرج خمس الغوص ، أو [خمس] المعدن ، أو خمس الكنز ، أو خمس أرباح التّجارات (١) ، لوجوبه ، قربة إلى الله».
ويوصل نصف ما يجب عليه من الخمس إلى فقراء العلويّين ، وهو : كلّ من انتسب إلى عليّ [بن أبي طالب عليهالسلام] بالابوّة ، وباقي الهاشميّين كباقي الطّالبيّين والجعفريّين والعقيليّين وأولاد العبّاس والحارث وأبي لهب بني عبد المطّلب بشرط إيمانهم ، والنّصف الآخر للإمام عليهالسلام ؛ يفعل به ما يأمره حاكم الشّرع ، وهو دفعه (٢) على وجه التّتمّة إلى من يعجز حاصلهم من الخمس عن كفايتهم.
والمعادن والكنوز يشترط فيها نصاب الزّكاة ، وهو : أن يبلغ كلّ واحد منهما نصاب الزّكاة : إمّا عشرين دينارا ، أو مائتي درهم.
والغوص يراعى فيه دينار شرعيّ ، ولا يعتبر [في] الباقي [مقدار إن قلّ].
__________________
(١) «ج» : التّجارة.
(٢) «ج» : يدفعه.