أعرابا. فإنّه من لم يتفقّه في دين الله ، لم ينظر الله إليه يوم القيامة ولم يزك له عملا.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ) : يصرفه في سبيل الله ، ويتصدّق به.
(مَغْرَماً) : غرامة وخسرانا. إذ لا يحتسبه [قربة] (١) عند الله ، ولا يرجو عليه ثوابه. وإنّما ينفق رياء ، أو تقيّة.
(وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ) : دوائر الزّمان ونوبه. لينقلب الأمر عليكم ، فيتخلّص من الإنفاق.
(عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) : اعتراض بالدّعاء عليهم بنحو ما يتربّصونه. أو الإخبار عن وقوع ما يتربّصون عليهم.
و «الدّائرة» في الأصل مصدر ، أو اسم فاعل. من دار ، يدور. سمّي بها عقبة الزّمان.
و «السّوء» بالفتح مصدر ، أضيف إليه للمبالغة ، كقولك : رجل صدق.
وقرئ (٢) : بضمّ السّين.
(وَاللهُ سَمِيعٌ) : لما يقولون عند الإنفاق.
(عَلِيمٌ) (٩٨) : بما يضمرون.
(وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) : سبب قربات. وهي ثاني مفعولي «يتّخذ». و «عند الله» صفتها ، أو ظرف «ليتّخذ».
وفي تفسير العيّاشي (٣) : عن داود بن الحصين ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قوله : (وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللهِ) : أيثيبهم عليه؟
قال : نعم.
وفي رواية أخرى عنه (٤) : يثابون عليه؟
قال : نعم.
(وَصَلَواتِ الرَّسُولِ) : وسبب دعواته. لأنّه ـ عليه السّلام ـ كان يدعو للمتصدقين
__________________
(١) من أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٠٥ ، ح ١٠٢.
(٤) نفس المصدر والموضع ، ح ١٠٣.
بالخير والبركة ، ويستغفر لهم.
(أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ) : شهادة لهم من الله ، بصحّة معتقدهم وتصديق لرجائهم.
على الاستئناف ، مع حرف التّنبيه و «إنّ» المحققة للنسبة. والضّمير «لنفقتهم».
وقرأ (١) ورش : «قربة» بضمّ الرّاء.
(سَيُدْخِلُهُمُ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ) : وعد لهم بإحاطة الرّحمة عليهم ، والسّين لتحقيقه.
وقوله : (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٩٩) : لتقريره.
وقيل (٢) : الأولى في أسد وغطفان وبني تميم. والثّانية في عبد الله ذي البجادين ، وقومه.
(وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ) قيل (٣) : هم الّذين صلوا إلى القبلتين. أو الّذين شهدوا بدرا. أو الذين اسلموا قبل الهجرة.
(وَالْأَنْصارِ).
وقرئ (٤) : بالرّفع ، عطفا على «والسّابقون».
قيل (٥) : أهل بيعة العقبة الأولى وكانوا سبعة ، وأهل [بيعة] (٦) العقبة الثانية [وكانوا] (٧) سبعين ، والّذين آمنوا حين تقدم عليهم أبو زرارة ، مصعب بن عمير.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٨) : هم النّقباء ، و (٩) أبو ذر والمقداد وسلمان وعمّار ، ومن آمن وصدّق وثبت على ولاية أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ.
وفي نهج البلاغة (١٠) : قال ـ عليه السّلام ـ : لا يقع اسم الهجرة على أحد ، إلّا بمعرفة الحجّة في الأرض. فمن عرفها وأقرّ بها ، فهو مهاجر.
(وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ) : اللّاحقون بالسّابقين من القبيلين. أو من اتّبعوهم بالإيمان والطّاعة إلى يوم القيامة.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٢٩.
(٢) نفس المصدر والمجلّد / ٤٣٠.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(١ و ٥) ـ نفس المصدر والموضع.
(٦) من المصدر.
(٧) من المصدر.
(٨) تفسير القمي ١ / ٣٠٣.
(٩) ليس في المصدر : و.
(١٠) نهج البلاغة / ٢٨٠ ، ضمن خطبة ١٨٩.
وفي أصول الكافي (١) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن بكر بن صالح ، عن القاسم بن بريد قال : حدّثنا أبو عمرو الزّبيريّ ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : إنّ الإيمان (٢) درجات ومنازل ، يتفاضل المؤمنون فيها عند الله؟
قال : نعم.
قلت : صفه لي ، رحمك الله ، حتى أفهمه.
قال : إنّ الله سبق بين المؤمنين ، كما يسبّق بين الخيل يوم الرهان (٣) ، ثمّ فضّلهم على درجاتهم في السّبق إليه. فجعل كلّ امرئ منهم على درجة سبقه لا ينقصه فيها حقّه ، ولا يتقدّم مسبوق سابقا ولا مفضول فاضلا ، تفاضل بذلك أوائل هذه الأمة وأواخرها.
و [لو] (٤) لم يكن للسّابق إلى الإيمان فضل على المسبوق ، إذا للحق آخر (٥) هذه الأمة أوّلها.
نعم ، ولتقدّموهم إذا لم يكن لمن سبق إلى الإيمان الفضل على من أبطأ عنه. ولكن بدرجات الإيمان قدم الله السّابقين ، وبالإبطاء عن الإيمان أخر الله المقصرين. لأنّا نجد من المؤمنين من الآخرين من هو أكثر عملا من الأولين ، وأكثرهم صلاة وصوما وحجّا وزكاة وجهادا وإنفاقا. ولو لم يكن سوابق يفضل بها المؤمنون بعضهم بعضا عند الله ، لكان الآخرون بكثرة (٦) العمل مقدّمين على الأولين. ولكن أبى الله ـ عزّ وجلّ ـ أن يدرك آخر درجات الإيمان أوّلها ، ويقدّم فيها من أخر الله أو يؤخّر فيها من قدّم الله.
قلت : أخبرني عمّا ندب الله ـ عزّ وجلّ ـ المؤمنين عليه من الاستباق إلى الإيمان.
فقال : قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ ـ إلى قوله ـ وَرَضُوا عَنْهُ). فبدأ بالمهاجرين الأوّلين على درجة سبقهم ، ثم ثنّى بالأنصار ، ثم ثلث بالتّابعين لهم بإحسان. فوضع كلّ قوم على قدر درجاتهم ومنازلهم عنده.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي كتاب كمال الدّين وتمام النّعمة (٧) ، بإسناده إلى سليم بن قيس الهلالي : عن أمير المؤمنين ـ عليه السّلام ـ أنّه قال في أثناء كلام له في جمع من المهاجرين والأنصار في
__________________
(١) الكافي ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ، صدر ح ١.
(٢) المصدر : للايمان.
(٣) كذا في المصدر. وفي النسخ : يوم البرهان.
(٤) من المصدر.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : «الحق أواخر» بدل «للحق آخر».
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : يكثرون.
(٧) كمال الدين / ٢٧٦.
المسجد أيّام خلافة عثمان : فأنشدكم الله ، أتعلمون حيث نزلت (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ) و (السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ) (١) ، سئل عنها رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : أنزلها الله ـ تعالى ـ في الأنبياء وأوصيائهم. فأنا أفضل أنبياء الله ورسوله ، وعليّ بن أبي طالب [وصييّ] (٢) أفضل الأوصياء؟
قالوا : اللهم ، نعم.
وفي روضة الكافي (٣) : عليّ بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن عمرو بن أبي المقدام قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : خرجت أنا وأبي ، حتّى إذا كنّا بين القبر والمنبر إذا هو بإناس من الشّيعة. فسلّم عليهم ، ثمّ قال : إني والله ، لأحبّ رياحكم وأرواحكم. فأعينوني على ذلك بورع واجتهاد ، واعلموا أنّ ولايتنا لا تنال إلّا بالورع والاجتهاد. ومن ائتمّ منكم بعبد ، فليعمل بعمله. أنتم شيعة الله ، وأنتم أنصار الله ، وأنتم السّابقون الأوّلون والسّابقون الآخرون والسّابقون في الدّنيا والسّابقون في الآخرة إلى الجنة.
والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي مجمع البيان (٤) : واختلف في أوّل من أسلم من المهاجرين ، فقيل : أوّل من أسلم (٥) خديجة بنت خويلد ، ثمّ عليّ بن أبي طالب. وهو قول ابن عبّاس ، وجابر بن عبد الله ، وأنس ، وزيد بن أرقم ، ومجاهد ، وقتادة ، وابن إسحاق ، وغيرهم.
قال أنس : بعث النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ يوم الاثنين ، صلّى عليّ وأسلم يوم الثّلاثاء.
وقال مجاهد وابن إسحاق : إنّه اسلم وهو ابن عشر سنين. وكان مع رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. أخذه من أبي طالب ، وضمه إلى نفسه يربيه في حجره. وكان معه ، حتّى بعث نبيا.
وروي (٦) أنّ أبا طالب قال لعليّ : أي بنيّ ، ما هذا الدّين الذي آمنت (٧) عليه؟
قال : يا أبة ، آمنت بالله وبرسوله وصدّقته فيما جاء به وصليت معه لله.
__________________
(١) الواقعة / ١٠.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٨ / ٢١٢ ـ ٢١٣ ، صدر ح ٢٥٩.
(٤) المجمع ٣ / ٦٥.
(٥) المصدر : آمن.
(٦) المجمع ٣ / ٦٥.
(٧) المصدر ، ر : «أنت» بدل «آمنت».
فقال له : إنّ محمدا لا يدعو إلّا إلى خير ، فالزمه.
وروى (١) عبد الله بن موسى ، عن العلاء بن صالح ، عن المنهال بن عمر ، عن عبّاد بن عبد الله قال : سمعت عليا ـ عليه السّلام ـ يقول : أنا عبد الله وأخو رسوله وأنا الصّديق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلّا كذّاب مفتر. صليت قبل النّاس بسبع سنين.
وفي مسند السّيد (٢) ، أبي طالب الهرويّ ، مرفوعا إلى أبي أيّوب : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ قال : صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، وذلك أنّه لم يصلّ فيها أحد غيري وغيره.
وروى الحاكم ، أبو القاسم الحسكانيّ (٣) ، بإسناده مرفوعا إلى عبد الرحمن بن عوف ، في قوله ـ سبحانه ـ : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ).
قال : هم عشرة من قريش ، أوّلهم إسلاما علي بن أبي طالب.
(رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ) : بقبول طاعتهم وارتضاء أعمالهم.
(وَرَضُوا عَنْهُ) : بما نالوا منه من النّعمة الدينيّة والدّنيويّة.
(وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ).
وقرأ (٤) ابن كثير : «من تحتها» ، كما هو في سائر المواضع.
(خالِدِينَ فِيها أَبَداً ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (١٠٠) : البالغ في العظمة حدّ الأعظم منه.
(وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ) ، أي : ممّن حول بلدتكم ، يعني : المدينة.
(مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ).
قيل (٥) : وهم جهينة ، ومزينة ، وأسلم ، وأشجع ، وغفار. كانوا نازلين حولهم.
(وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ) : عطف على «ممّن حولكم». أو خبر لمحذوف ، صفته قوله : (مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ).
ونظيره في حذف الموصوف وإقامة الصّفة مقامه قوله :
أنا ابن جلا وطلاع الثّنايا |
|
متى أضع العمامة تعرفوني |
__________________
(١ و ٢) ـ نفس المصدر والموضع.
(٣) المجمع ٣ / ٦٥.
(٤) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.
(٥) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.
وعلى الأوّل صفة «للمنافقين» ، فصل بينها وبينه بالمعطوف على الخبر. أو كلام مبتدأ لبيان تمرّنهم وتمهرهم في النّفاق.
(لا تَعْلَمُهُمْ) : لا تعرفهم بأعيانهم. وهو تقرير لمهارتهم فيه وتنوّقهم في تحامي مواقع التّهم ، إلى حد اخفي عليك حالهم مع كمال فطنتك وصدق فراستك.
(نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ) : نطلع على أسرارهم. إن قدروا أن يلبسوا عليك ، لم يقدروا أن يلبسوا علينا.
(سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ).
قيل (١) : بالفضيحة والقتل. أو بأحدهما وعذاب القبر. أو بأخذ الزّكاة ونهك الأبدان.
وفي الجوامع (٢) : ضرب الملائكة وجوههم وأدبارهم عند قبض أرواحهم ، وعذاب القبر.
(ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلى عَذابٍ عَظِيمٍ) (١٠١) : إلى عذاب النّار.
(وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) : ولم يعتذروا من تخلّفهم بالمعاذير الكاذبة.
قيل (٣) : وهم طائفة من المتخلّفين ، أوثقوا أنفسهم على سواري المسجد لمّا بلغهم ما نزل في المتخلّفين.
وقدم رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فدخل المسجد على عادته ، فصلّى ركعتين ، فرآهم ، وسأل عنهم. وذكر له ، أنهم أقسموا ، أن لا يحلّوا أنفسهم حتّى تحلّهم. فقال : وأنا أقسم ألّا أحلّهم حتّى اؤمر فيهم. فنزلت ، فأطلقهم.
(خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً) : خلطوا العمل الصالح الذي هو اظهار النّدم والاعتراف بالذّنب ، باخر سيء هو التخلّف وموافقة أهل النّفاق.
و «الواو» إمّا بمعنى : الباء ، كما في قولهم : بعت الشّاء شاة ودرهما. أو للدّلالة على أنّ كلّ واحد منهما مخلوط بالآخر.
(عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) : أن يقبل توبتهم. وهي مدلول عليها بقوله : «اعترفوا بذنوبهم».
(إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (١٠٢) : يتجاوز عن التّائب ، ويتفضّل عليه.
__________________
(١) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.
(٢) الجوامع / ١٨٥.
(٣) أنوار التنزيل ١ / ٤٣٠.
وفي أصول الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن موسى بن بكر ، عن رجل قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : الّذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيّئا ، فأولئك قوم مؤمنون يحدثون في إيمانهم من الذّنوب الّتي يعيبها المؤمنون ويكرهونها. فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم.
وفي تفسير العيّاشيّ (٢) : عن محمّد بن خالد بن الحجّاج الكرخيّ ، عن بعض أصحابه ، رفعه إلى خيثمة قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : [(خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ) والعسى من الله واجب. وإنّما نزلت في شيعتنا المذنبين.
عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر (٣) ، رفعه إلى الشيخ في قوله ـ تعالى ـ :] (٤) «خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا».
قال : قال اجترحوا ذنوبا ، مثل قتل حمزة وجعفر الطّيار ثمّ تابوا.
ثمّ قال : ومن قتل مؤمنا ، لم يوفق للتوبة ، إلّا أنّ الله لم يقطع طمع العباد ورجاءهم منه.
قال : وقال : هو أو غيره : إنّ «عسى» من الله واجب.
عن زرارة (٥) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً).
قال : أولئك قوم مذنبون ، يحدثون في إيمانهم من الذّنوب التي يعينها المؤمنون ويكرهونها. فأولئك عسى الله أن يتوب عليهم.
عن زرارة (٦) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قلت له : من وافقنا من علويّ أو غيره ، توليناه. ومن خالفنا ، برئنا منه من علويّ أو غيره.
يا زرارة ، قول الله أصدق من قولك. إنّ الّذين خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا؟
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَآخَرُونَ ـ إلى قوله ـ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)
__________________
(١) الكافي ٢ / ٤٠٨ ، ح ٢.
(٢) تفسير العياشي ٢ / ١٠٥ ، ح ١٠٥.
(٣) نفس المصدر والمجلد / ١٠٥ ـ ١٠٦ ، ح ١٠٦.
(٤) من المصدر.
(٥) نفس المصدر والمجلد / ١٠٦ ، ح ١٠٩.
(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٠.
(٧) تفسير القمي ١ / ٣٠٣ ـ ٣٠٤.
نزلت في أبي لبابة بن عبد المنذر. وكان رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ لما حاصر بني قريضة ، قالوا له : ابعث إلينا أبا لبابة نستشره في أمرنا.
فقال له رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : [يا أبا لبابة] (١) ائت حلفاءك ومواليك.
فأتاهم ، فقالوا له : يا أبا لبابة ، ما ترى ، أننزل على ما حكم به محمّد؟
فقال : انزلوا ، واعلموا أن حكمه فيكم هو الذبح ـ وأشار إلى حلقه ـ ثمّ ندم على ذلك.
فقال : خنت الله ورسوله.
ونزل من حصنهم ، ولم يرجع إلى رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ. ومرّ إلى المسجد وشدّ في عنقه حبلا ، ثم شده إلى الأسطوانة التي تسمى : أسطوانة التّوبة. وقال : لا أحلّة حتّى أموت أو يتوب الله عليّ.
فبلغ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ذلك ، فقال : أما لو أتانا ، لاستغفرنا الله له.
فأما إذا قصد إلى ربّه ، فالله أولى به.
وكان أبو لبابة يصوم النّهار ، ويأكل بالليل ما يمسك به نفسه (٢). فكانت بنته تأتيه بعشائه وتحله عند قضاء الحاجة. فلمّا كان بعد ذلك ورسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ في بيت أمّ سلمة ، نزلت توبته.
فقال : يا أمّ سلمة ، قد تاب الله على أبي لبابة.
فقالت : يا رسول الله ، أفأؤذنه بذلك؟
فقال : لتفعلنّ.
فأخرجت رأسها من الحجرة ، فقالت : يا أبا لبابة ، أبشر فقد تاب الله عليك.
فقال : الحمد لله.
فوثب المسلمون ليحلّوه ، فقال : لا والله ، حتّى يحلني رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فجاء رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ فقال : يا أبا لبابة ، قد تاب الله عليك توبة لو ولدت من أمّك [يومك] (٣) هذا لكفاك.
__________________
(١) من المصدر.
(٢) المصدر : «رمقه» بدل «نفسه».
(٣) من المصدر.
فقال : يا رسول الله ، أفأتصدّق بمالي كلّه؟
قال : لا.
قال : فبثلثيه؟
قال : لا.
قال : فبنصفه؟
قال : لا.
قال : فبثلثه؟
قال : نعم.
فأنزل الله (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ* خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً ـ إلى قوله ـ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
(خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً) في تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : نزلت حين أطلق أبو لبابة وضمن ماله للتصديق.
(تُطَهِّرُهُمْ) : عن الذّنوب. أو حبّ المال المؤذي بهم إلى مثله.
وقرى (٢) : «تطهرهم». من أطهره ، بمعنى : طهره. و «تطهّرهم» بالجزم ، جوابا للأمر.
(وَتُزَكِّيهِمْ بِها) : وتنمي بها حسناتهم ، وترفعهم إلى منازل المخلصين.
(وَصَلِّ عَلَيْهِمْ) : واعطف عليه بالدّعاء والاستغفار لهم.
(إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) : تسكن إليها نفوسهم وتطمئنّ بها قلوبهم. وجمعها ، لتعدد المدعوّ لهم.
وقرأ (٣) حمزة والكسائي وحفص ، بالتّوحيد.
(وَاللهُ سَمِيعٌ) : باعترافهم.
(عَلِيمٌ) (١٠٣) : بندامتهم.
وفي مجمع البيان (٤) : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه كان إذا أتاه قوم
__________________
(١) نفس المصدر والموضع. والعبارة خلاصة من الحديث السابق. والظاهر أنّ المؤلف نقلها من تفسير الصافي ظنا بأنّها غير الحديث السابق.
(٢) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.
(٣) نفس المصدر والموضع.
(٤) المجمع ٣ / ٦٨.
بصدقتهم ، قال : اللهم ، صلّ عليهم.
وفي تفسير العيّاشيّ (١) : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ أنه سئل عن هذه الآية : أجارية هي في الإمام بعد رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟
قال : نعم.
وفي عوالي اللّئالي (٢) : وروي أن الثّلاثة الذين تخلفوا في غزوة تبوك لمّا نزل في حقهم (وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا) (الآية) وتاب الله عليهم ، قالوا : خذ من (٣) أموالنا صدقة ، يا رسول الله ، وتصدق بها وطهّرنا من الذّنوب.
فقال ـ صلّى الله عليه وآله ـ : ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئا.
فنزل (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً). [فأخذ] (٤) منهم الزّكاة المقررة [شرعا] (٥).
وفي تفسير العيّاشي (٦) : [عن زرارة] (٧) عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سألته عن قول الله : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) : أهو قوله : (وَآتُوا الزَّكاةَ)؟
قال : قال : الصّدقات في النّبات والحيوان. والزكاة في الذهب والفضّة ، وزكاة الصّوم.
وفي أصول الكافي (٨) : حسين بن محمّد بن عامر ، بإسناده رفعه قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : من زعم أنّ الإمام يحتاج إلى ما في أيدي النّاس ، فهو كافر. إنّما النّاس يحتاجون أن يقبل منهم الإمام ، قال الله ـ عزّ وجلّ ـ : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها).
محمد بن يحيى (٩) ، عن أحمد بن محمّد ، عن ابن فضّال ، عن ابن بكير قال : سمعت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ يقول : إنّي لآخذ من أحدكم الدّرهم ، وإني لأكثر أهل المدينة مالا. ما أريد بذلك ، إلّا أن تطهروا.
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٢ / ١٠٦ ، ح ١١١ بتصرف في صدره.
(٢) عوالي اللئالي ٢ / ٦٩ ، ح ١٧٨.
(٣) ليس في المصدر.
(١ و ٥) ـ من المصدر.
(٦) تفسير العياشي ٢ / ١٠٧ ، ح ١١٢.
(٧) من المصدر. وفي النسخ : «عن عليّ بن حنان الواسطي ، من بعض أصحابنا». وهي نفس صدر الحديث الذي مرّ آنفا ويوجد في المصدر ٢ / ١٠٦ ، ح ١١١.
(٨) الكافي ١ / ٥٣٧ ، ح ١.
(٩) نفس المصدر والمجلّد / ٥٣٨ ، ح ٧.
وفي الكافي (١) : عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد وأحمد بن محمّد جميعا ، عن ابن محبوب ، عن عبد الله بن سنان قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لمّا نزلت آية الزكاة (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها) ، وأنزلت في شهر رمضان ، فأمر رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ مناديه فنادى في النّاس : إن الله فرض عليكم الزكاة ، كما فرض عليكم الصلاة. ففرض الله ـ عزّ وجلّ ـ عليهم من الذّهب والفضّة ، وفرض عليهم الصّدقة من الإبل والبقر والغنم ومن الحنطة والشّعير والتمر والزّبيب. فنادى بهم (٢) بذلك في شهر رمضان ، وعفا لهم عمّا سوى ذلك.
قال : ثمّ لم يفرض بشيء من أموالهم حتّى حال عليهم الحول من قابل ، فصاموا وأفطروا. فأمر مناديه فنادى في المسلمين : أيها المسلمون ، زكّوا أموالكم تقبل صلاتكم.
ثمّ (٣) قال : ثمّ وجه عمّال الصدقة وعمّال الطّسوق (٤).
(أَلَمْ يَعْلَمُوا) :
الضمير إمّا للمتوب عليهم ، والمراد : إن يمكّن في قلوبهم قبول توبتهم والاعتداد بصدقاتهم. أو لغيرهم ، والمراد : بالتخصيص عليهما.
(أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) : إذا صحت. وتعديته «بعن» ، لتضمنه معنى التّجاوز.
(وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) : يقبلها قبول من يأخذ شيئا ، ليؤدي بدله.
وفي كتاب الخصال (٥) : عن حفص (٦) بن غياث النخعي قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : لا خير في الدنيا إلّا لأحد رجلين : رجل يزداد في كلّ يوم إحسانا ، ورجل يتدارك ذنبه بالتوبة. وأنى به بالتّوبة ، والله ، لو سجد حتّى ينقطع عنقه ما قبل الله منه إلا بولايتنا أهل البيت.
عن أمير المؤمنين (٧) ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه : إذا ناولتم السّائل شيئا ، فاسألوه أن يدعو لكم. فانه يجاب له فيكم ولا يجاب في نفسه ، لأنّهم يكذبون. وليرد
__________________
(١) الكافي ٣ / ٤٩٧ ، ح ٢.
(٢) المصدر : فيهم.
(٣) ليس في المصدر.
(٤) الطسق : كفلس : الوظيفة من خراج الأرض المقررة عليها. فارسيّ معرب.
(٥) الخصال / ٤١ ، ح ٢٩.
(٦) أ ، ب : «جعفر» بدل «حفص».
(٧) الخصال / ٦١٩.
الّذي ناوله يده إلى فيه فيقبلها ، فإنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ يأخذها قبل أن تقع في يده ، كما قال ـ عزّ وجلّ ـ : (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ ـ إلى قوله ـ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).
وفي كتاب التوحيد (١) ، بإسناده إلى سليمان بن مروان (٢) : عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ حديث طويل. وفيه يقول ـ عليه السّلام ـ : والقبض منه ـ عزّ وجلّ ـ في وجه آخر الأخذ. والأخذ في وجه القبول منه ، كما قال : «ويأخذ الصّدقات» ، أي : يقبلها من أهلها ، ويثيب عليها.
وفي كتاب ثواب الأعمال (٣) : عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ : تصدّقت يوما بدينار.
فقال لي رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : أما علمت ، يا عليّ ، أنّ الصّدقة (٤) لا تخرج من يده حتّى تفك عنها من لحيي (٥) سبعين شيطانا كلّهم يأمره بإن لا يفعل. وما تقع في يد السّائل ، حتّى تقع في يد الرّبّ ـ جلّ جلاله ـ. ثمّ تلا هذه الآية : (أَلَمْ يَعْلَمُوا ـ إلى قوله ـ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
وفي تهذيب الأحكام (٦) : محمّد بن يعقوب ، عن عدة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد بن خالد ، عن سعدان بن مسلم ، عن معلى بن خنيس ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : إنّ الله لم يخلق شيئا إلا وله خازن يخزنه ، إلّا الصدقة فإنّ الرّب يليها بنفسه. وكان أبي إذا تصدق بشيء ، وضعه في يد السّائل ، ثمّ ارتدّه منه فقبّله وشمّه ، ثمّ ردّه في يد السائل. والحديث طويل أخذت منه موضع الحاجة.
وفي تفسير العيّاشيّ (٧) : عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ ، [، قال : ما من شيء الّا وكل به ملك الّا الصدقة فانّها تقع في يد الله.
عن أبي بكر (٨) عن السكوني عن جعفر بن محمد عن أبيه] (٩) عن آبائه قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : خصلتان لا أحبّ أن يشاركني فيهما أحد : وضوئي ، فانّه
__________________
(١) التوحيد / ١٦١ ـ ١٦٢ ، ح ضمن ح ٢.
(٢) المصدر : سليمان بن مهران.
(٣) ثواب الاعمال / ١٦٩ ـ ١٧٠ ، ح ١٢.
(٤) المصدر : صدقة المؤمن.
(٥) اللّحيان : العظمان اللّذان تنبت اللّحية على بشرتهما.
(٦) التهذيب ٤ / ١٠٥ ، ضمن ح ٣٠٠.
(٧) تفسير العياشي ٢ / ١٠٨ ، ح ١١٥.
(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٥.
(٩) من المصدر.
من صلاتي. وصدقتي من يدي إلى يد السّائل ، فإنها تقع في يد الرّب.
عن محمّد بن مسلم (١) ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : كان عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ إذا أعطى السّائل ، قبل يد السائل.
فقيل له : لم تفعل ذلك؟
قال : لأنّها تقع في يد الله قبل يد العبد.
وقال : ليس من شيء إلّا وكل به ملك ، إلّا الصدقة فإنها تقع في يد الله.
قال الفضل : أظنّه يقبّل الخبز ، أو الدرهم.
عن مالك بن عطيّة (٢) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : قال عليّ بن الحسين ـ صلوات الله عليهما ـ : ضمنت على ربي أن الصدقة لا تقع في يد العبد ، حتّى تقع في يد الرّب. وهو قوله : (هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ).
وفي الكافي (٣) : عن الصادق ـ عليه السّلام ـ : إنّ الله يقول : ما من شيء إلّا وقد وكّل (٤) به من يقبضه غيري ، إلّا الصّدقة فإنّي أتلقّفها بيدي تلقّفا. حتّى أنّ الرّجل ليتصدّق بالتّمرة أو بشقّ التّمرة ، فأربيها له (٥) ، كما يربي الرّجل فلوه (٦) وفصيله (٧). فيأتي يوم القيامة وهو ، مثل احد وأعظم من احد.
(وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) (١٠٤) : فإن من شأنه قبول توبة التّائبين والتّفضل عليهم.
(وَقُلِ اعْمَلُوا) : ما شئتم.
(فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) : فإنّه لا يخفى عليه ، خيرا كان أو شرا.
(وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
وفي تفسير العيّاشيّ (٨) : عن محمّد بن مسلم ، عن أحدهما ـ عليهما السّلام ـ قال : سئل
__________________
(١) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٧.
(٢) نفس المصدر والموضع ، ح ١١٨.
(٣) الكافي ٤ / ٤٧ ، ح ٦.
(٤) المصدر : وكلت.
(٥) المصدر : [له].
(٦) كذا في المصدر. وفي ب : فصله. وفي سائر النسخ : فضله.
والفلو ، والفلوّ : الجحش أو المهر يفطم أو يبلغ السنة.
(٧) الفصيل : ولد الناقة إذا فصل عن امّه.
(٨) تفسير العيّاشي ٢ / ١٠٨ ، ح ١١٩.
عن الأعمال : هل تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ؟
فقال : ما فيه شكّ.
قيل : أرأيت قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : «وقل اعملوا» ما شئتم (١) ـ إلى قوله ـ «والمؤمنون».
قال : لله شهداء في أرضه (٢).
عن أبي بصير (٣) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : أن أبا الخطّاب كان يقول : إنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ تعرض عليه أعمال أمّته كلّ خميس.
فقال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : هو هكذا. ولكنّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ تعرض عليه أعمال أمّته كلّ صباح ومساء (٤) أبرارها وفجارها ، فاحذروا. وهو قول الله ـ تبارك وتعالى ـ : (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
عن زرارة (٥) ، عن بريد العجليّ قال : قلت لأبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
فقال : ما من مؤمن يموت ولا كافر يوضع في قبره ، حتّى يعرض عمله على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وعليّ ـ عليه السّلام ـ فهلم إلى آخر من فرض الله طاعته على العباد.
وقال أبو عبد الله (٦) ـ عليه السّلام ـ : «والمؤمنون» هم الأئمة ـ عليهم السلام ـ.
عن محمّد بن مسلم (٧) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ).
قال : إنّ لله شاهد في أرضه ، وأنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
عن محمّد بن حسّان الكوفيّ (٨) ، عن محمّد بن جعفر ، عن أبي عبد الله ـ عليه
__________________
(١) ليس في المصدر : ما شئتم.
(٢) كذا في المصدر. وفي النسخ : الله شهد في أرضه.
(٣) تفسير العياشي ٢ / ١٠٩.
(٤) ليس في المصدر : مساء.
(٥) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٤.
وفيه : [عن زرارة] بدل «عن زرارة».
(٦) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٥.
(٧) نفس المصدر والصفحة ، ح ١٢٦.
(٨) نفس المصدر والمجلّد / ١١٠ ، ح ١٢٧.
السّلام ـ قال : إذا كان يوم القيامة ، نصب منبر عن يمين العرش له أربع وعشرون مرقاة.
ويجيء عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ وبيده لواء الحمد ، فيرتقيه ويركبه وتعرض (١) الخلائق عليه. فمن عرفه ، دخل الجنّة. ومن أنكره ، دخل النّار. وتفسير ذلك في كتاب (قُلِ اعْمَلُوا ـ إلى قوله ـ وَالْمُؤْمِنُونَ).
[قال : هو ، والله ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ صلوات الله عليه ـ.] (٢).
وفي أمالي شيخ الطائفة (٣) ـ قدس سره ـ بإسناده إلى عمر بن أذينة قال : كنت عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ.
فقلت له : جعلت فداك ، قوله ـ عزّ وجلّ ـ : (قُلِ اعْمَلُوا ـ إلى قوله ـ وَالْمُؤْمِنُونَ).
قال : إيّانا عنى.
وفي أصول الكافي (٤) : أحمد ، عن عبد العظيم ، عن الحسين بن صباح (٥) ، عمّن أخبره قال : قرأ رجل عند أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ هذه الآية.
فقال : ليس هكذا هي. إنّما هي «والمأمونون». فنحن المأمونون.
محمّد بن يحيى (٦) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن القاسم بن محمّد ، عن عليّ بن أبي حمزة ، عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : تعرض الأعمال على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، أعمال العباد كلّ صباح ، أبرارها وفجارها فاحذروه. وهو قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) وسكت.
عدة من أصحابنا (٧) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن يحيى الحلبيّ ، عن عبد الحميد الطّائيّ ، عن يعقوب بن شعيب قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
قال : هم الأئمّة.
__________________
(١) كذا في المصدر. وفي النسخ : «يذكره ويعرض» بدل «يركبه وتعرض».
(٢) من المصدر.
(٣) أمالي الطوسي ٢ / ٢٣.
(٤) الكافي ١ / ٤٢٤ ، ح ٦٢.
(٥) المصدر : الحسين بن ميّاح.
(٦) نفس المصدر والمجلّد / ٢١٩ ، ح ١.
(٧) نفس المصدر والموضع ، ح ١.
عليّ بن إبراهيم (١) ، عن أبيه ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قال : سمعته يقول : ما لكم تسوءون رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ.
فقال له رجل : فكيف نسوؤه؟
فقال : أمّا تعلمون أنّ أعمالكم تعرض عليه؟ فإذا رأى فيها معصية ، ساءه ذلك.
فلا تسوءوا رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ وسرّوه.
عليّ (٢) ، عن أبيه ، عن القاسم بن محمّد الزّيات ، عن عبد الله بن أبان الزّيات (٣) ، وكان مكينا عند الرّضا ـ عليه السّلام ـ قال : قلت للرّضا ـ عليه السّلام ـ : ادع الله لي ولأهل بيتي.
فقال : أو لست أفعل؟ والله ، إنّ أعمالكم لتعرض عليّ في كلّ يوم وليلة.
قال : فاستعظمت ذلك.
فقال : أما تقرأ كتاب الله ـ عزّ وجلّ ـ : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)؟ قال : هو ، والله ، عليّ بن أبي طالب ـ عليه السّلام ـ (٤).
أحمد بن مهران (٥) ، عن محمّد بن عليّ ، عن أبي عبد الله الصّامت ، عن يحيى بن مساور ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ أنّه ذكر هذه الآية (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ).
قال هو ، والله ، عليّ بن أبي طالب.
عدة من أصحابنا (٦) ، عن أحمد بن محمّد ، عن الوشّاء قال : سمعت الرضا ـ عليه السّلام ـ يقول : انّ الأعمال تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أبرارها وفجّارها.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (٧) : حدثني أبي ، عن حنان بن سدير ، عن أبيه ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : قال رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ : مقامي بين أظهركم
__________________
(١) نفس المصدر والموضع ، ح ٣.
(٢) الكافي ١ / ٢١٩ ـ ٢٢٠ ، ح ٤.
(٣) المصدر : «عن الزيات» بدل «الزيات».
(٤) يعني : عليا وأولاده الائمة ـ عليهم السّلام ـ قاله الفيض في الوافي.
(٥) الكافي ١ / ٢٢٠ ، ح ٥.
(٦) نفس المصدر والموضع ، ح ٦.
(٧) تفسير القمي ١ / ٢٧٧.
خير لكم ، فإنّ الله يقول : (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ) (١). ومفارقتي إياكم خير لكم.
فقالوا : يا رسول الله ، مقامك بين أظهرنا خير لنا. فكيف يكون مفارقتك خير لنا؟
فقال : أمّا مفارقتي إيّاكم خير لكم ، فلأنّه يعرض عليّ كلّ خميس واثنين أعمالكم. فما كان من حسنة ، حمدت الله عليها. وما كان من سيّئة ، استغفرت [الله] (٢) لكم.
عن أبي عبد الله (٣) ـ عليه السّلام ـ : إنّ أعمال العباد تعرض على رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كلّ صباح ، أبرارها وفجّارها. فاحذروا ، فليستحي (٤) أحدكم أن يعرض على نبيّه العمل القبيح.
وفي كتاب جعفر بن محمّد الدوريستي (٥) ، بإسناده إلى أبي ذر ـ رضي الله عنه ـ : عن النبيّ ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنه قال : تعرض أعمال أهل الدنيا على الله من الجمعة إلى الجمعة ، في يوم الاثنين والخميس ، فيغفر لكلّ عبد مؤمن ، إلّا عبدا كانت بينه وبين أخيه شحناء.
(وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) : بالموت.
(فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٠٥) : بالمجازاة عليه.
(وَآخَرُونَ) : من المتخلّفين.
(مُرْجَوْنَ) : مؤخّرون ، أي : موقوف أمرهم. من أرجأته : إذا أخرته.
وقرأ (٦) نافع وحمزة والكسائي وحفص : «مرجون» بالواو. وهما لغتان.
(لِأَمْرِ اللهِ) : في شأنهم.
(إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ) : إن أصروا على النّفاق.
(وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) : إن تابوا.
(وَاللهُ عَلِيمٌ) : بأحوالهم.
(حَكِيمٌ) (١٠٦) : فيما يفعل بهم.
__________________
(١) الانفال / ٣٣.
(٢) من المصدر.
(٣) تفسير القمي ١ / ٣٠٤.
(٤) كذا في المصدر. وفي النسخ : وليستحي.
(٥) نور الثقلين ٢ / ٢٦٤ ، ح ٣٣٢ عنه.
(٦) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.
وقرئ (١) : «والله غفور رحيم».
وفي كتاب معاني الأخبار (٢) : حدثنا محمّد بن الحسن بن أحمد بن الوليد ـ رضي الله عنه ـ قال : حدثنا الحسين بن الحسن بن أبان ، عن الحسين بن سعيد ، عن صفوان بن يحيى ، عن حجر بن زائدة ، عن حمران قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن قول الله ـ عزّ وجلّ ـ : «إلّا المستضعفين» (٣).
قال : هم أهل الولاية.
قلت : وأيّ ولاية؟
قال : إنّها ليست بولاية في الدين ، لكنّها الولاية في المناكحة والموارثة والمخالطة.
وهم ليسوا بالمؤمنين ، ولا بالكفّار. وهم المرجون لأمر الله.
وفي أصول الكافي (٤) : محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة بن أيّوب ، عن عمر بن أبان قال : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن المستضعفين.
فقال : هم أهل الولاية.
فقلت : أي ولاية؟
فقال : أما إنها ليست بالولاية في الدين ، ولكنها الولاية في المناكحة والمخالطة والموارثة. وهم ليسوا بالمؤمنين ، ولا بالكفّار. ومنهم المرجون لأمر الله ـ عزّ وجلّ ـ.
محمّد بن يحيى (٥) ، عن أحمد بن محمد ، عن عليّ بن الحكم ، عن موسى بن بكر ، عن زرارة ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ في قول الله ـ تعالى ـ : (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).
قال : قوم كانوا مشركين ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين. ثمّ أنهم دخلوا في الإسلام ، فوحّدوا الله وتركوا الشّرك. ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنّة. ولم يكونوا على جحودهم ، فيكفروا فتجب لهم النّار. فهم على تلك الحال (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ).
__________________
(١) نفس المصدر والموضع.
(٢) المعاني / ٢٠٢ ، ح ٨.
(٣) النساء / ١٠٠.
(٤) الكافي ٢ / ٤٠٥ ، ح ٥.
(٥) نفس المصدر والمجلّد / ٤٧ ، ح ١.
وفي تفسير عليّ بن إبراهيم (١) : حدّثني أبي ، عن يحيى بن [أبي] (٢) عمران ، عن يونس ، عن أبي الطّيّار قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين ، قتلوا حمزة. وذكر ، كما قلنا عن زرارة عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ سواء.
وفي أصول الكافي (٣) : عدة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن عليّ بن حسّان ، عن موسى بن بكر الواسطيّ ، عن رجل قال : قال أبو جعفر ـ عليه السّلام ـ : المرجون قوم مشركون ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما من المؤمنين. ثمّ أنّهم بعد [ذلك] (٤) دخلوا في الإسلام ، فوحدوا [الله] (٥) وتركوا الشّرك. ولم يكونوا يؤمنون ، فيكونوا من المؤمنين. ثمّ أنهم لم يؤمنوا ، فتجب لهم الجنّة. ولم يكفروا ، فتجب لهم النّار. فهم في ذلك الحال مرجون لأمر الله.
وفي تفسير العيّاشي (٦) : عن هشام بن سالم ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ في قول الله : [وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا] (٧) (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ).
قال : هم قوم من المشركين أصابوا دماء من المسلمين ، ثمّ أسلموا. فهم المرجون لأمر الله.
عن زرارة (٨) وحمران ومحمد بن مسلم ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ وأبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ قالا : المرجون ، هم قوم قاتلوا يوم بدر وأحد ويوم حنين وسلموا من (٩) المشركين ، ثم أسلموا بعد تأخّره (١٠). فإمّا يعذّبهم ، وإمّا يتوب عليهم.
قال حمران (١١) : سألت أبا عبد الله ـ عليه السّلام ـ عن المستضعفين.
قال : هم ليسوا بالمؤمن ولا بالكافر (١٢) ، وهم المرجون لأمر الله.
وعن ابن الطيّار (١٣) قال : قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ : النّاس على ستّ فرق ،
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ٣٠٤.
(٢) من المصدر.
(٣) الكافي ٢ / ٤٠٧ ، ح ٢.
(١ و ٥) ـ من المصدر.
(٦) تفسير العياشي ٢ / ١١٠ ، ح ١٢٨.
(٧) ما بين المعقوفتين ليس في المصدر.
(٨) نفس المصدر والموضع ، ح ١٢٩.
(٩) كذا في المصدر. وفي النسخ : «سألوا» بدل «سلموا من».
(١٠) المصدر : تأخّر. (١١) تفسير العياشي ٢ / ١١٠ ، ذيل ح ١٣٠.
(١٢) المصدر : بالمؤمنين ولا بالكفّار. (١٣) نفس المصدر والمجلد / ١١٠ ـ ١١١ ، ح ١٣١.
يؤولون إلى ثلاث فرق : الإيمان والكفر والضّلال. وهم أهل الوعد. الّذين وعدوا الجنّة والنّار. وهم المؤمنون ، والكافرون ، والمستضعفون ، والمرجون لأمر الله إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم ، والمعترفون بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا ، وأهل الأعراف.
عن الحارث (١) ، عن أبي عبد الله ـ عليه السّلام ـ : قال : سألته : بين الإيمان والكفر منزلة؟
فقال : نعم. ومنازل لو يجحد شيئا منها ، أكبه الله في النّار. بينهما آخرون مرجون لأمر الله. [وبينهما المستضعفون] (٢) وبينهما آخرون خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا. وبينهما قوله : (وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ) (٣).
عن زرارة (٤) ، عن أبي جعفر ـ عليه السّلام ـ قال : المرجون لأمر الله قوم كانوا مشركين ، فقتلوا ، مثل حمزة وجعفر وأشباههما (٥). ثمّ دخلوا بعد في الإسلام ، فوحدوا الله وتركوا الشّرك. ولم يعرفوا الإيمان بقلوبهم ، فيكونوا من المؤمنين فتجب لهم الجنة. ولم يكونوا على جحودهم ، فيكفروا فتجب لهم النّار. فهم على تلك الحال ، إمّا يعذبهم وإمّا يتوب عليهم.
قال أبو عبد الله ـ عليه السّلام ـ يرى فيهم رأيه (٦).
قال : قلت : جعلت فداك ، من أين يرزقون؟
قال : من حيث شاء الله.
وقال أبو إبراهيم ـ عليه السّلام ـ : هؤلاء يوقفهم حتّى يتبيّن (٧) فيهم [رأيه] (٨).
(وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً) : عطف على (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ). أو مبتدأ خبره محذوف ، أي : وفيمن وصفنا «الذين اتخذوا». أو منصوب على الاختصاص.
وقرأ (٩) نافع وابن عامر ، بغير واو.
في الجوامع (١٠) : روي إنّ بني عمرو بن عوف لمّا بنوا مسجد قباء وصلّى فيه
__________________
(١) نفس المصدر والمجلّد / ١١١ ، ح ١١٣.
(٢) من المصدر.
(٣) الأعراف / ٤٦.
(٤) تفسير العياشي ٢ / ١١١ ، ح ١٣٢.
(٥) كذا في المصدر. وفي النسخ : أشباههم.
(٦) كذا في المصدر. وفي النسخ : ترى فيهم راية.
(٧) المصدر : يرى.
(٨) من المصدر.
(٩) أنوار التنزيل ١ / ٤٣١.
(١٠) الجوامع / ١٨٦.