الدكتور لبيب بيضون
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات
الطبعة: ١
الصفحات: ٨٠٠
بن سليم الكلبي) الخاتم الّذي في إصبعه والدماء عليه ، فقطع إصبعه وأخذ الخاتم. وأخذ (قيس بن الأشعث بن قيس) قطيفته وكانت من خز (١). وأخذ ثوبه الخلق (جعونة بن حوية الحضرمي). وأخذ القوس والحلل (الرجيل بن خيثمة الجعفي وهاني بن شبيب الحضرمي وجرير بن مسعود الحضرمي (٢)). وأخذ درعه البتراء (عمر بن سعد). وأخذ رجل منهم تكّة سرواله ، وكانت لها قيمة.
٢١٩ ـ مأساة مروّعة وجرائم وحشية :
لقد كانت عملية سلب الحسين عليهالسلام من كل ما كان عليه ، من أعظم المآسي التي شهدتها أرض كربلاء. وهذه المآسي التي ارتكبها بنو أمية بالحسين عليهالسلام تدل على الوحشية التي كانوا يعيشونها. وإلا فأي إنسان يملك ذرة من ضمير ووجدان فضلا عن الدين والغيرة ، يقدم على مثل هذه الأعمال؟!. فما أن قتل الحسين عليهالسلام حتى خفّ القوم إلى سلب جثمانه الشريف ، حتى تركوه على صعيد الطف عريان. وما أحسن ما قال الشاعر :
عريان يكسوه الصعيد ملابسا |
|
أفديه مسلوب الثياب مسربلا |
وقال السيد محسن الأمين رحمهالله :
عار له نسجت أعاصير الفلا |
|
ثوب الرمال فكفّنته رماله |
٢٢٠ ـ العقاب الإلهي للذين سلبوا الحسين عليهالسلام :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٠)
كل من سلب الحسين عليهالسلام لقي عقابه في الدنيا سريعا ، ولعذاب الآخرة أدهى وأمرّ. وهذه أمثلة على ذلك :
ـ بحر بن كعب التميمي ، الّذي أخذ سروال الحسين عليهالسلام : صار زمنا مقعدا من رجليه. وكانت يداه في الشتاء تنضحان الماء ، وفي الصيف تيبسان كأنهما عودان.
ـ اسحق بن حوية ، الّذي أخذ ثوبه عليهالسلام : لبسه فتغير وجهه وحضّ شعره وبرص بدنه.
__________________
(١) اللهوف على قتلى الطفوف ، ص ٧٣.
(٢) مناقب ابن شهر اشوب ، ج ٢ ص ٢٢٤ ط إيران.
ـ الأخنس بن مرثد ، الّذي أخذ عمامته : اعتم بها فصار معتوها.
ـ بجدل بن سليم الكلبي ، الّذي قطع إصبع الحسين عليهالسلام ليأخذ خاتمه : أخذه المختار فقطع يديه ورجليه ، وتركه يتشحّط في دمه حتى هلك.
ـ الذين نهبوا الإبل التي كانت مع الحسين عليهالسلام : لم يستطيعوا أكل لحمها ، لأنه كان أمرّ من الصبر ، ولما جعلوا اللحم في القدر صارت نارا.
ـ والذين نهبوا الورس والطيب الّذي كان مع الحسين عليهالسلام : فلما عادوا بها إلى بيوتهم صارت دما ، وما تطيّبت امرأة من ذلك الطيب إلا برصت.
ـ والذي حاول نزع تكّة الحسين عليهالسلام : شلّت يداه ، وهذه قصته المفصلة.
٢٢١ ـ قصة الّذي حاول سرقة تكّة الحسين عليهالسلام :
(بحار الأنوار ، ج ٤٥ ص ٣١١ ط ٣)
روي أن رجلا بلا أيد ولا أرجل وهو أعمى ، يقول : رب نجّني من النار. فقيل له : لم تبق لك عقوبة ، ومع ذلك تسأل النجاة من النار؟!. قال : كنت فيمن قتل الحسين بكربلا.
فلما قتل ، رأيت عليه سراويل وتكّة حسنة ، بعد ما سلبه الناس. فأردت أن أنزع منه التكّة ، فرفع يده اليمنى ووضعها على التكة ، فلم أقدر على دفعها ، فقطعت يمينه. ثم هممت أن آخذ التكة ، فرفع شماله فوضعها على تكّته ، فقطعت يساره. ثم هممت بنزع التكة من السراويل ، فسمعت زلزلة ، فخفت وتركته.
فألقى الله علي النوم ، فنمت بين القتلى ، فرأيت كأن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم أقبل ومعه علي وفاطمة عليهماالسلام ، فأخذوا رأس الحسين عليهالسلام ، فقبّلته فاطمة ، ثم قالت : يا ولدي قتلوك!. قتلهم الله. من فعل هذا بك؟. فكان يقول : قتلني شمر ، وقطع يداي هذا النائم ، وأشار إليّ. فقالت فاطمة لي : قطع الله يديك ورجليك ، وأعمى بصرك ، وأدخلك النار. فانتبهت وأنا لا أبصر شيئا ، وسقطت مني يداي ورجلاي ، ولم يبق من دعائها إلا النار.
٢٢٢ ـ قصة الجمّال اللعين الّذي حاول سرقة تكّة الحسين عليهالسلام :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ٢٠٦)
في (الذريعة) عن سعيد بن المسيّب ، قال : لما استشهد (سيدي ومولاي)
الحسين عليهالسلام وحجّ الناس من قابل ، دخلت على علي بن الحسين عليهالسلام فقلت له : يا مولاي ، قد قرب الحج ، فماذا تأمرني؟. فقال عليهالسلام : امض على نيّتك وحج. فحججت ، فبينما أطوف بالكعبة ، وإذا (أنا) برجل مقطوع اليدين ، ووجهه كقطع الليل المظلم ، وهو متعلق بأستار الكعبة ، ويقول : الله م رب هذا البيت الحرام ، اغفر لي وما أحسبك أن تفعل ، ولو تشفّع فيّ سكان سماواتك وأرضيك وجميع ما خلقت ، لعظم جرمي.
قال سعيد : فشغلت وشغل الناس عن الطواف ، حتى حفّ به الناس ، واجتمعنا عليه ، فقلنا : يا ويلك! لو كنت إبليس ما ينبغي لك أن تيأس من رحمة الله ، فمن أنت وما ذنبك؟. فبكى وقال : يا قوم ، أنا أعرف بنفسي وذنبي وما جنيت. فقلنا له : تذكره لنا. فقال :
كنت جمّالا لأبي عبد الله الحسين عليهالسلام لما خرج من المدينة إلى العراق. وكنت أراه إذا أراد الوضوء للصلاة يضع سراويله عندي ، فأرى تكّة تغشى الأبصار بحسن إشراقها ، وكنت أتمناها أن تكون لي ، حتى صرنا بكربلا وقتل الحسين عليهالسلام وهي معه. فدفنت نفسي [أي اختبأت] في مكان من الأرض.
فلما جنّ الليل خرجت (من مكاني) فرأيت في تلك المعركة نورا لا ظلمة ، ونهارا لا ليلا ، والقتلى مطروحين على وجه الأرض (فذكرت لخبثي وشقاوتي التكّة ، فقلت : والله لأطلبنّ الحسين ، وأرجو أن تكون التكة في سراويله ، فآخذها). ولم أزل أنظر في وجوه القتلى حتى أتيت إلى الحسين عليهالسلام فوجدته مكبوبا على وجهه ، وهو جثة بلا رأس ، ونوره مشرق ، مرمّل بدمائه ، والرياح سافية عليه. فدنوت منه وضربت بيدي إلى التكة (لآخذها) ، فإذا هو قد عقد لها عقدا كثيرة ، فلم أزل أحلّها حتى حللت عقدة منها.
فمدّ عليهالسلام يده اليمنى وقبض على التكة ، فلم أقدر على أخذ يده عنها (ولا أصل إليها) فدعتني نفسي الملعونة أن أقطع يده. فوجدت قطعة سيف مطروح ، فأخذتها (واتّكيت على يده) فلم أزل أحزّها حتى فصلت يده عن زنده ، ثم نحّيتها عن التكة. ومددت يدي إلى التكة ثانيا لأحلّها ، فمدّ يده اليسرى (فقبض عليها) ، ففعلت بها ما فعلت باليمنى. ثم مددت يدي إلى التكة (لآخذها) ، فإذا الأرض ترجف والسماء تهتزّ ، وإذا ببكاء ونداء ، وقائل يقول : وا ابناه ، وا مقتولاه ، وا ذبيحاه ، وا حسيناه ، وا غربتاه. يا بنيّ قتلوك وما عرفوك ، ومن شرب الماء منعوك!.
فلما رأيت ذلك صعقت ورميت نفسي بين القتلى ، وإذا بثلاث نفر وامرأة ، وحولهم خلائق (وقوف) ، وإذا بواحد منهم يقول : يا أبتاه يا حسين ، فداك جدك وأبوك ، وأمك وأخوك.
وإذا بالحسين عليهالسلام قد جلس ، ورأسه على بدنه ، وهو يقول : لبّيك يا جداه ويا أبتاه ويا أماه ويا أخاه ، عليكم مني السلام. ثم إنه بكى (ع) وقال : يا جداه قتلوا والله رجالنا ، يا جداه سلبوا والله نساءنا (يا جداه نهبوا والله رحالنا ، يا جداه ذبحوا والله أطفالنا ، يا جداه) يعزّ عليك أن ترى حالنا ، وما فعل الكفار بنا.
وإذا هم جلسوا يبكون حوله على ما أصابه ، وفاطمة عليهاالسلام تقول : يا أبتاه يا رسول الله ، أما ترى ما فعلت أمّتك بولدي؟. ورأيتهم يأخذون من دم شيبة الحسين عليهالسلام وتمسح به فاطمة عليهاالسلام ناصيتها ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وعلي والحسن عليهمالسلام يمسحون به نحورهم وصدورهم وأيديهم إلى المرافق. وسمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : فديتك يا حسين ، من قطع يدك اليمنى وثنّى باليسرى؟. فقال : يا جداه ، قطعها الجمّال [ويذكر له القصة كما مرت ...] ثم يقول : فلما أراد حلّ التكّة حسّ بك فرمى نفسه بين القتلى.
(يقول الجمال) : فلما سمع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كلام الحسين عليهالسلام بكى بكاء شديدا ، وأتى إليّ بين القتلى إلى أن وقف نحوي ، فقال : ما لي ولك يا جمّال ، تقطع يدين طالما قبّلهما جبرئيل (وملائكة الله أجمعون ، وتباركت بهما أهل السموات والأرضين)؟!. أما كفاك ما صنع به الملاعين ، من الذل والهوان؟. سوّد الله وجهك في الدنيا والآخرة ، وقطع الله يديك ورجليك ، وجعلك في حزب من سفك دماءنا وتجرّأ على الله.
فما استتمّ دعاءه حتى شلّت يداي ، وحسست بوجهي كأنه ألبس قطعا من الليل مظلما. وبقيت على هذه الحالة ، فجئت إلى هذا البيت أستشفع ، وأنا أعلم أنه لا يغفر لي أبدا.
فلم يبق في مكة أحد إلا سمع حديثه ، وتقرّب إلى الله بلعنته ، وكلّ يقول : حسبك ما جنيت يا لعين (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].
نهب الخيام
٢٢٣ ـ شمر يأمر بنهب خيام الحسين عليهالسلام والورس والحلل والإبل :
(مقتل الخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨)
وأقبل الأعداء حتى أحدقوا بالخيمة ، ومعهم شمر بن ذي الجوشن ، فقال : ادخلوا فاسلبوا بزّتهن. فدخل القوم فأخذوا كل ما كان بالخيمة ... وأخذ قيس بن الأشعث قطيفة للحسين عليهالسلام كان يجلس عليها ، فسمّي لذلك قيس قطيفة. وأخذ نعليه رجل من الأزد يقال له الأسود بن خالد. ثم مال الناس على الورس والخيل والإبل فانتهبوها.
يقول السيد الأمين في (لواعج الأشجان) ص ١٧٠ : ومال الناس على الورس والحلل والإبل فانتهبوها ، ونهبوا رحله وثقله ، وسلبوا نساءه.
٢٢٤ ـ عقوبة من سرق الجمال والزعفران من خيام الحسين عليهالسلام :
(مناقب آل أبي طالب ، ج ٣ ص ٢١٥ ط نجف)
عن أحاديث بن الحاشر ، قال : كان عندنا رجل خرج على الحسين عليهالسلام ثم جاء بجمل وزعفران ، فكلما دقّوا الزعفران صار نارا ، فلطّخت امرأته على يديها فصارت برصاء.
قال : ونحر البعير ، فكلما جزروا بالسكين صار نارا. قال : فقطّعوه فخرج منه النار ، فطبخوه ففارت القدر نارا.
وعن (تاريخ النّسوي) قال حماد بن زيد ، قال جميل بن مرة : لما طبخوا (اللحم) صارت مثل العلقم.
سلب حرائر النبوة والإمامة
٢٢٥ ـ سلب فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام قرطها وخرم أذنها :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٩٥)
قال الميانجي : وفي بعض الكتب ، وفي البحار أيضا ، قالت فاطمة الصغرى بنت الحسين عليهماالسلام : كنت واقفة بباب الخيمة ، وأنا أنظر إلى أبي وأصحاب أبي ،
مجزّرين كالأضاحي على الرمال ، والخيول على أجسادهم تجول ، وأنا أفكر فيما يقع علينا بعد أبي ، من بني أمية ، أيقتلوننا أو يأسروننا؟!.
فإذا برجل على ظهر جواده [لعله خولي] يسوق النساء بكعب رمحه ، وهن يلذن بعضهن ببعض ، وقد أخذ ما عليهن من أخمرة وأسورة ، وهن يصحن : وا جداه ، وا أبتاه ، وا علياه ، وا قلة ناصراه ، وا حسناه. أما من مجير يجيرنا؟
أما من ذائد يذود عنا؟!.
فطار فؤادي وارتعدت فرائصي ، فجعلت أجيل بطرفي يمينا وشمالا ، على عمّتي أم كلثوم ، خشية منه أن يأتيني. فبينما أنا على هذه الحالة ، وإذا به قد قصدني ، ففررت منهزمة ، وإني أظن أني أسلم منه. وإذا به قد تبعني ، فذهلت خشية منه ، وإذا بكعب الرمح بين كتفيّ ، فسقطت على وجهي. فخرم أذني ، وأخذ قرطي ومقنعتي ، وترك الدماء تسيل على خدي ، ورأسي تصهره الشمس. وولى راجعا إلى الخيم ، وأنا مغشيّ عليّ. وإذا أنا بعمتي عندي تبكي.
(إلى أن قالت) : فما رجعنا إلى الخيمة إلا وقد نهبت وما فيها. وأخي علي بن الحسين عليهماالسلام مكبوب على وجهه لا يطيق الجلوس ، من كثرة الجوع والعطش والأسقام ، فجعلنا نبكي عليه ويبكي علينا.
٢٢٦ ـ سلب فاطمة الصغرى عليهاالسلام خلخالها :
(أمالي الصدوق ، ص ١٣٩ ط بيروت)
عن عبد الله بن الحسن المثنّى عليهالسلام عن أمه فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام ، قالت : دخلت الغانمة (العامة) علينا الفسطاط ، وأنا جارية صغيرة ، وفي رجلي خلخالان من ذهب ، فجعل رجل يفضّ الخلخالين من رجلي وهو يبكي!. فقلت : ما يبكيك يا عدوّ الله؟. فقال : كيف لا أبكي وأنا أسلب ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. فقلت : لا تسلبني. قال : أخاف أن يجيء غيري فيأخذه!.
قالت : وانتهبوا ما في الأبنية ، حتيكانوا ينزعون الملاحف عن ظهورنا (١).
٢٢٧ ـ سلب النساء الطاهرات : (مثير الأحزان لابن نما الحلي ، ص ٥٨)
قال ابن نما الحلي : ثم اشتغلوا بنهب عيال الحسين عليهالسلام ونسائه ، حتى تسلب
__________________
(١) الملحفة : الملاءة التي تلتحف بها المرأة.
المرأة مقنعتها من رأسها ، أو خاتمها من إصبعها ، أو قرطها من أذنها ، وحجلها من رجلها. وجاء رجل من سنبس إلى ابنة الحسين عليهالسلام وانتزع ملحفتها من رأسها. وبقين عرايا تراوجهن رياح النوائب ، وتعبث بهن أكفّ المصائب. وقد غشيهنّ القدر النازل ، وساورهن الخطب الهائل. وقد بلين بكل كفور سفّاك ، وظلوم فتّاك ، وغشوم أفّاك.
وقال السيد ابن طاووس في (اللهوف) ص ٥٥ :
وتسابق القوم على نهب بيوت آل الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقرة عين البتول ، حتى جعلوا ينتزعون ملحفة المرأة عن ظهرها. وخرجت بنات آل رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وحريمه يتسارعن على البكاء ، ويندبن لفراق الحماة والأحباء.
وقال سبط ابن الجوزي في (تذكرة الخواص) ص ٢٦٤ :
وأخذ واحد ملحفة فاطمة بنت الحسين عليهماالسلام ، وأخذ حليّها آخر. وعرّوا نساءه وبناته من ثيابهن.
٢٢٨ ـ جزاء خولي بن يزيد الأصبحي على سلبه :
(أسرار الشهادة للدربندي ، ص ٤٣٦)
قال أبو مخنف : والله ما مضت إلا أيام قلائل ، وظهر المختار بن أبي عبيدة الثقفي بأرض الكوفة ، يطالب بدم الحسين عليهالسلام والأخذ بثأره. فوقع بخولي بن يزيد الأصبحي وهو ذلك الرجل.
قال : فلما أوقف بين يديه ، قال : ما صنعت بيوم كربلا؟. قال : ما صنعت شيئا ، غير أني أخذت من تحت زين العابدين عليهالسلام نطعا كان نائما عليه ، وسلبت زينب [الأصح : فاطمة الصغرى] قناعها ، وأخذت القرطين اللذين كانا في أذنيها. فقال له : يا عدوّ الله ، وأي شيء يكون أعظم من هذا!. وأيّ شيء سمعتها تقول؟. (قال) قالت : قطع الله يديك ورجليك ، وأحرقك الله بنار الدنيا قبل نار الآخرة.
فقال المختار : والله لأجيبنّ دعوتها. ثم أمر بقطع يديه ورجليه ، وإحراقه بالنار.
٢٢٩ ـ امرأة من بني بكر بن وائل تنقلب على عمر بن سعد ، وتدافع عن نساء أهل البيت عليهمالسلام :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)
روى حميد بن مسلم قال : رأيت امرأة من بني بكر بن وائل ، كانت مع زوجها في
أصحاب عمر بن سعد ، فلما رأت القوم قد اقتحموا على نساء الحسين عليهالسلام فسطاطهن ، وهم يسلبوهنّ ؛ أخذت سيفا وأقبلت نحو الفسطاط ، وقالت : يا آل بكر بن وائل ، أتسلب بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم؟. لا حكم إلا لله ، يا لثارات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم. فأخذها زوجها وردّها إلى رحله.
وخرج بنات سيد الأنبياء ، وقرّة عين الزهراء ، حاسرات مبديات للنياحة والعويل ، يندبن على الشباب والكهول. وأضرمت النار في الفسطاط ، فخرجن هاربات.
محاولة قتل زين العابدين عليهالسلام
٢٣٠ ـ شمر يحاول قتل الإمام زين العابدين عليهالسلام ، وحميد بن مسلم يتوسل إليه بعدم قتله :
(لواعج الأشجان ، ص ١٧١)
وانتهوا إلى علي بن الحسين زين العابدين عليهالسلام وهو منبسط على فراشه ، وهو شديد المرض ، كان مريضا بالذّرب [أي الاسهال الشديد] وقد أشرف على الموت. ومع شمر جماعة من الرجالة ، فقالوا له : ألا نقتل هذا العليل؟. فأراد شمر قتله.
فقال له حميد بن مسلم : سبحان الله ، أتقتل الصبيان؟. إنما هو صبي ، وإنه لما به. فلم يزل يدفعهم عنه ، حتى جاء عمر بن سعد ، فصاح النساء في وجهه وبكين. فقال لأصحابه : لا يدخل أحد منكم بيت هؤلاء (النسوة) ، ولا تتعرّضوا لهذا الغلام المريض ، ومن أخذ من متاعهن شيئا فليردّه. فلم يردّ أحد شيئا.
(وفي مقتل الحسين للخوارزمي ، ج ٢ ص ٣٨) :
فقال علي بن الحسين عليهالسلام لحميد بن مسلم : جزيت من رجل خيرا ، فقد رفع الله عني بمقالتك شرّ هؤلاء.
(وفي مقتل الحسين للمقرم ، ص ٣٨٧) :
وانتهى القوم إلى علي بن الحسين عليهالسلام وهو مريض على فراشه ، لا يستطيع النهوض. فقائل يقول : لا تدعوا منهم صغيرا ولا كبيرا ، وآخر يقول : لا تعجلوا حتى نستشير الأمير عمر بن سعد (١). وجرّد الشمر سيفه يريد قتله ، فقال له حميد بن
__________________
(١) تظلم الزهراء ، ص ١٣٢.
مسلم : يا سبحان الله أتقتل الصبيان؟ إنما هو صبي مريض (١). فقال : إن ابن زياد أمر بقتل أولاد الحسين. وبالغ ابن سعد في منعه (٢) خصوصا لما سمع العقيلة زينب ابنة أمير المؤمنين عليهالسلام تقول : لا يقتل حتى أقتل دونه ، فكفّوا عنه (٣).
٢٣١ ـ قصة الّذي حمى زين العابدين عليهالسلام يوم الطف ، ثم أسلمه :
(نسب قريش لمصعب الزبيري ، ص ٥٨)
قال : كان زين العابدين عليهالسلام مريضا. فلما قتل الحسين عليهالسلام قال عمر بن سعد : لا تعرّضوا لهذا المريض.
قال علي بن الحسين عليهالسلام : فغيّبني رجل منهم وأكرم نزلي وحضنني ، وجعل يبكي كلما دخل وخرج ، حتى كنت أقول : إن يكن عند أحد خير ، فعند هذا. إلى أن نادى منادي ابن زياد : ألا من وجد علي بن الحسين فليأتني به!. فقد جعلنا فيه ثلاثمئة درهم!.
قال عليهالسلام : فدخل عليّ الرجل والله وهو يبكي ، وجعل يربط يديّ إلى عنقي ، وهو يقول : «أخاف». فأخرجني إليهم مربوطا ، حتى دفعني إليهم ، وأخذ ثلاثمئة درهم ، وأنا أنظر!.
حرق الخيام
٢٣٢ ـ حرق خيام الحسين عليهالسلام :
(الفاجعة العظمى ، ص ١٨٥)
ولما ارتفع صياح النساء ، غضب اللعين عمر بن سعد ، وصاح : يا ويلكم اكبسوا عليهن الخباء ، وأضرموها نارا واحرقوها وما فيها. فقال رجل منهم : ويلك يابن سعد ، أما كفاك قتل الحسين عليهالسلام وأهل بيته وأنصاره ، عن حرق أطفاله ونسائه ؛ لقد أردت أن يخسف الله بنا الأرض. فتبادروا إلى نهب النساء الطاهرات.
__________________
(١) تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٠.
(٢) نفس المهموم.
(٣) تاريخ القرماني ، ص ١٠٨.
٢٣٣ ـ إضرام النار بالخيام ، وخروج النساء مذعورات :
(اللهوف لابن طاووس ، ص ٥٥)
قال الراوي : ثم أخرج النساء من الخي مة ، وأشعلوا فيها النار. فخرجن حواسر مسلّبات ، حافيات باكيات ، يمشين سبايا في أسر الذلة ، وقلن : بحق الله إلا ما مررتم بنا على مصرع الحسين عليهالسلام. فلما نظر النسوة إلى القتلى صحن وضربن وجوههن.
وقال المازندراني في (معالي السبطين) ج ٢ ص ٥٢ :
وفي بعض المقاتل : أن زينب الكبرى عليهاالسلام أقبلت على زين العابدين عليهالسلام وقالت : يا بقية الماضين وثمال الباقين ، قد أضرموا النار في مضاربنا ، فما رأيك فينا؟. فقالعليهالسلام : عليكن بالفرار. ففررن بنات رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صائحات باكيات نادبات ، إلا زينب الكبرى عليهاالسلام فإنها كانت واقفة تنظر إلى زين العابدين عليهالسلام ، لأنه لا يتمكن من النهوض والقيام ...
والحاصل أنهم أحرقوا الخيم ، ونهبوا ما فيها ، وسلبوا الفاطميات بحيث لم يبق لهن ما يسترن به.
٢٣٤ ـ طفلان من أهل البيت عليهمالسلام يموتان من الذعر :
(معالي السبطين للمازندراني ، ص ٥٣)
قال في (الإيقاد) عن مقتل ابن العربي : لقد مات طفلان عشية اليوم العاشر من المحرم من أهل البيت عليهمالسلام ، من الدهشة والوحشة والعطش.
قال : ثم ذهبت زينب عليهاالسلام في جمع العيال والأطفال ، فلما جمعتهم إذا بطفلين قد فقدا. فذهبت في طلبهما ، فرأتهما معتنقين نائمين. فلما حركتهما فإذا هما قد ماتا عطشا.
(أقول) : ولعل هذين الولدين هما سعد وعقيل ولدا عبد الرحمن بن عقيل ، أمهما خديجة بنت علي عليهماالسلام.
٢٣٥ ـ سقي العيال والأطفال (المصدر السابق ، ص ٥٣)
ولما سمع بذلك العسكر ، قالوا لابن سعد : رخّص لنا في سقي العيال. فلما جاؤوا بالماء كان الأطفال يعرضون عن الماء ، ويقولون : كيف نشرب وقد قتل ابن رسول اللهصلىاللهعليهوآلهوسلم عطشانا؟!. وقد قال الشاعر :
منعوه شرب الماء لا شربوا غدا |
|
من كفّ والده البطين الأنزع |
٢٣٦ ـ قتل ولدين من أولاد مسلم عليهالسلام (المصدر السابق)
قال الشعراني في كتاب (المنن) : ومن بنات علي عليهالسلام رقية الكبرى ، وكانت عند مسلم بن عقيل ، فولدت منه عبد الله بن مسلم ومحمد بن مسلم ، اللذين قتلا يوم الطف مع الحسين عليهالسلام.
٢٣٧ ـ مصرع عاتكة بنت مسلم عليهالسلام التي سحقت يوم الطف :
قال : وولدت رقية عليهاالسلام عاتكة من مسلم ، ولها من العمر سبع سنين ، وهي التي سحقت يوم الطف بعد شهادة الحسين عليهالسلام لما هجم القوم على المخيم للسلب.
٢٣٨ ـ بنتان للإمام الحسن عليهالسلام تسحقان أثناء هجوم القوم على المخيم لسلبه: (المصدر السابق)
وفي بعض المقاتل : أن أحمد بن الحسن المجتبى عليهالسلام قتل مع الحسين عليهالسلام وله من العمر ستة عشر سنة (رواه المجلسي أيضا في البحار) ، وله أختان من أمه هما : أم الحسن وأم الحسين ، سحقتا يوم الطف ، بعد شهادة الحسين عليهالسلام لما هجم القوم على المخيم للسلب ، أمهم أم بشر بنت مسعود الأنصاري ، جاءت معهم حتى أتت كربلاء.
٢٣٩ ـ أين يقع مخيّم الحسين عليهالسلام :
(مدينة الحسين لمحمد حسن مصطفى آل كليدار ، ج ٢ ص ٢٤)
يشك مؤلف كتاب (مدينة الحسين) في أن موقع المخيم اليوم هو الصحيح ، ويقول: فهذا بناء بناه الزعيم البكتاشي عبد المؤمن الدده في أواخر القرن العاشر الهجري. فقد شيّد مقاما تذكاريا لمضجع الإمام زين العابدين (ع) ، وبنى بجنبه غرفة ثانية اتخذها صومعة له ، وغرس بجنبها نخيلات. ويعرف البستان المحيط بالمخيم الحالي من أطرافه الثلاثة (بستان الدده).
وعلى كلّ فإن الشواهد تدل دلالة صريحة أن الزعيم البكتاشي سلك في تعيينه موضع المخيم الحالي طريق الاجتهاد دون رواية تاريخية. ولذا يشكّ الباحث في قرب المخيم من حائر الروضة المقدسة ، فالمخيم لا بد كان أبعد من هذا ، والمسافة بينه وبين الروضة ميلين أو أكثر.
الناجون من القتل
٢٤٠ ـ نجاة الإمام زين العابدين عليهالسلام من القتل بأعجوبة :
(ذكرى الحسين للشيخ حبيب آل إبراهيم ، ص ١٣٠)
كان الإمام زين العابدين عليهالسلام مريضا في كربلاء ، فهمّ شمر بن ذي الجوشن بقتله في كربلاء ، فمنعه الله منه. وهمّ عبيد الله بن زياد بقتله في الكوفة ، فمنعه الله منه. وهمّ يزيد بن معاوية بقتله في الشام ، فمنعه الله منه .. كل ذلك لتحظى البشرية بسلالة الأئمة الأطهار من عقب الحسين عليهالسلام ونسل النبي الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، الذين عدلهم الله بالقرآن ، وكتب لهم أن لا يفترقوا عنه حتى يردوا على الحوض يوم القيامة ، لتكون سعادة البشرية وخلاصها على يد قائمهم المهدي عجّل الله فرجه ، فيملأ الأرض قسطا وعدلا بعدما ملئت ظلما وجورا.
٢٤١ ـ البقية الباقية من أهل البيت الطاهر عليهمالسلام :
ذكرنا سابقا أنه قتل من عترة الحسين وأهل البيت عليهمالسلام في معركة كربلاء ، نحوا من سبعة عشر شخصا ، وكلهم من آل أبي طالب عليهمالسلام : خمسة من نسل عقيل ، واثنان من أحفاد جعفر الطيار ، وخمسة من أولاد الإمام علي عليهالسلام ، وثلاثة من أولاد الحسن عليهالسلام ، واثنان من أولاد الإمام الحسين عليهالسلام. هذا على أقل الروايات ، وعلى أكثرها ٢٧ شخصا.
وتفانى أحفاد أبي طالب عليهمالسلام في نصرة الحسين عليهالسلام ونهضته ، كما تفانى أولاده من قبل في نصرة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوته. فاستشهدوا عن بكرة أبيهم في كربلاء ، حتى الصبيان والرّضع ، ولم يبق منهم إلا زين العابدين عليهالسلام وعمره ثلاث وعشرون سنة ، وقد أنهكه المرض ، ومعه ابنه الصغير محمّد الباقر عليهالسلام وله من العمر سنتان وشهور. وقد بقي من أولاد الحسن عليهالسلام ثلاثة لم يقتلوا هم : زيد وعمرو والحسن بن الحسن المثنّى (١) ، وكان الأخير جريحا.
٢٤٢ ـ خبر الحسن بن الحسن المثنى عليهالسلام : (اللهوف لابن طاووس ، ص ٦١)
روى مصنّف كتاب (المصابيح) أن الحسن بن الحسن المثنّى عليهالسلام قتل بين يدي
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرّم ، ص ٣٩٤.
عمه الحسين عليهالسلام في ذلك اليوم سبعة عشر نفسا ، وأصابه ثماني عشرة جراحة ، فوقع. فأخذه خاله أسماء بن خارجة ، فحمله إلى الكوفة ، وداواه حتى برئ ، وحمله إلى المدينة.
وكان معهم أيضا : زيد وعمرو ولدا لحسن السبط عليهمالسلام.
وقال ابن الأثير في (الكامل) ج ٣ ص ٤٠٧ :
واستصغر الحسن بن الحسن بن علي عليهالسلام ، أمه خولة بنت منظور بن زياد الفزاري ، واستصغر عمرو بن الحسن عليهالسلام وأمه أم ولد ، فلم يقتلا.
٢٤٣ ـ الذكور من أهل البيت عليهمالسلام الذين نجوا من القتل :
(تاريخ ابن عساكر ، حاشية ص ٢٢٩)
قال ابن عساكر : ولم يفلت من أهل بيت الحسين عليهالسلام الذين كانوا معه إلا خمسة نفر :
ـ علي بن الحسين عليهالسلام الأصغر ، وهو زين العابدين عليهالسلام
ـ الحسن بن الحسن بن علي عليهالسلام المثنّى
ـ عمرو بن الحسن بن علي عليهالسلام
ـ القاسم بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام
ـ محمّد بن عقيل الأصغر عليهالسلام.
وهذا مطابق لما أورده الذهبي في (سير أعلام النبلاء) ج ٣ ص ٣٠٣.
٢٤٤ ـ الناجون من القتل من الأصحاب والآل :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ٣١٢)
قال السيد باقر شريف القرشي : الناجون هم :
١ ـ عقبة بن سمعان ، مولى الرباب عليهالسلام.
٢ ـ المرقّع بن ثمامة الأسدي.
٣ ـ مسلم بن رباح ، وكان مع الإمام يمرّضه.
٤ ـ الإمام زين العابدين عليهالسلام.
٥ ـ الحسن بن الحسن المثنّى عليهالسلام.
٦ ـ عمرو بن الحسن عليهالسلام ، كان صغيرا.
٧ ـ الحسن بن الحسن المثنّى عليهالسلام
٨ ـ القاسم بن عبد الله بن جعفر عليهالسلام.
٩ ـ محمّد بن عقيل [ذكره أبو الفرج في (مقاتل الطالبيين) ص ١١٩].
وطء الخيل لجسد الحسين عليهالسلام
٢٤٥ ـ وطء الخيل لجسد الحسين عليهالسلام ورضّ صدره الشريف :
(لواعج الأشجان للسيد الأمين ، ص ١٧٢)
ونادى عمر بن سعد في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئ الخيل ظهره وصدره ، فانتدب منهم عشرة ، وهم :
١ ـ اسحق بن حوية : الّذي سلب قميص الحسين عليهالسلام.
٢ ـ الأخنس بن مرثد : الّذي سلب عمامة الحسين عليهالسلام.
٣ ـ حكيم بن الطفيل السنبسي : الّذي اشترك في قتل العباس عليهالسلام.
٤ ـ عمرو بن صبيح الصيداوي : الّذي رمى عبد الله بن مسلم عليهالسلام.
٥ ـ رجاء بن منقذ العبدي.
٦ ـ سالم بن خيثمة الجعفي.
٧ ـ صالح بن وهب الجعفي.
٨ ـ واحظ بن غانم.
٩ ـ هانئ بن ثبيت الحضرمي.
١٠ ـ أسيد بن مالك.
فداسوا الحسين عليهالسلام بحوافر خيلهم حتى رضّوا ظهره وصدره الشريف.
وجاء هؤلاء العشرة حتى وقفوا على ابن زياد ، فقال أسيد بن مالك أحدهم :
نحن رضضنا الصدر بعد الظهر |
|
بكل يعبوب (١) شديد الأسر |
فقال ابن زياد : من أنتم؟. قالوا : نحن الذين وطئنا بخيولنا ظهر الحسين ، حتى طحنّا جناجن (٢) صدره. فأمر لهم بجائزة يسيرة.
قال أبو عمرو الزاهد : فنظرنا في هؤلاء العشرة ، فوجدناهم جميعا أولاد زنا.
__________________
(١) اليعبوب : الفرس السريع الطويل.
(٢) الجناجن : عظام الصدر ، مفردها جنجنة.
وهؤلاء أخذهم المختار فشدّ أيديهم وأرجلهم بسكك الحديد ، وأوطأ الخيل ظهورهم حتى هلكوا.
وفي خبر : أن أحدهم وهو الأخنس ، كان واقفا بعد ذلك في قتال ، فجاءه سهم لم يعرف راميه ، ففلق قلبه وهلك.
وفي (تذكرة الخواص) ص ٢٦٤ ط ٢ نجف :
وقال عمر بن سعد : من جاء برأس الحسين فله ألف درهم.
وقال ابن سعد أيضا : من يوطئ الخيل صدره؟. فأوطؤوا الخيل ظهره وصدره. ووجدوا في ظهره آثارا سوداء ، فسألوا عنها؟ فقيل : كان ينقل الطعام على ظهره في الليل إلى مساكين أهل المدينة.
جرائم لم يشهد لها مثيل
٢٤٦ ـ قتلوا الحسين عليهالسلام بكل وسيلة ممكنة :
(العيون العبرى للميانجي ، ص ١٨٨)
قال المجلسي في (البحار) :
قال أبو جعفر محمّد الباقر عليهالسلام : كان أبي [زين العابدين عليهالسلام] مبطونا يوم قتل أبوه [الحسين] عليهالسلام.
إلى أن قال : ولقد قتلوه قتلة نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يقتل بها الكلاب. لقد قتل بالسيف والسنان وبالحجارة وبالخشب وبالعصا ؛ ولقد أوطؤوه بالخيل بعد ذلك.
وقال البيروني في (الآثار الباقية) ص ٣٢٩ ط أوفست ليدن :
لقد فعلوا بالحسين عليهالسلام ما لم يفعل في جميع الأمم بأشرار الخلق ؛ من القتل بالسيف والرمح والحجارة وإجراء الخيول.
وقد وصل بعض هذه الخيول إلى مصر ، فقلعت نعالها وسمّرت على أبواب الدور تبركا. وجرت بذلك السّنّة عندهم ، فصار أكثرهم يعمل نظيرها ويعلّقه على أبواب الدور.
[ورد ذلك في كتاب (التعجب) للكراجكي ، ص ٤٦ ؛ ملحق (بكنز الفوائد)].
٢٤٧ ـ الكافرون لم يفعلوا ما فعل أتباع يزيد بالحسين عليهالسلام :
(محاضرة قيّمة للأستاذ سعيد عاشور المصري ، ص ٢٠)
قال الأستاذ عاشور : إذا نظرنا في واقعة كربلاء ، نجد أن سبط الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يمثّل به هذا التمثيل الشنيع. ولو سمعنا أن المشركين فعلوا ذلك لاستعظمنا الأمر ، فما بالنا ببعض المسلمين الذين ينتمون إلى الإسلام ، يفعلون هذا؟!.
كارثة لا بدّ من وقفة عندها ، وهذه كانت الشرخ الكبير الّذي أصاب الإسلام وأصاب المسلمين.
٢٤٨ ـ فداحة مأساة الحسين عليهالسلام وفظاعتها :
(مختصر تاريخ العرب لسيد أمير علي ، ص ٧٤)
يقول المؤرخ الانكليزي الشهير (جيبون) : إن مأساة الحسين عليهالسلام المروّعة ، بالرغم من تقادم عهدها وتباين موطنها ، لا بدّ أن تثير العطف والحنان في نفس أقل القرّاء إحساسا وأقساهم قلبا .. ويقول سيد أمير علي : والآن وقد وقفنا على تفاصيل تلك المذبحة النكراء ، نستطيع أن نفهم مبلغ الحزن الممضّ الّذي يشجو قلوب شيعة علي عليهالسلام عند إحياء ذكرى استشهاد الحسين عليهالسلام.
تراجم وأنساب بعض قتلة الحسين عليهالسلام
٢٤٨ ـ لا يقتل الحسين عليهالسلام إلا ابن زنا :
(معالي السبطين للمازندراني ، ج ١ ص ١٨٤) قال المازندراني : في الخبر : «إن ولد الزنا لا يطهر إلا بعد سبعة أبطن». قال الإمام الصادق عليهالسلام : «قاتل الحسين عليهالسلام ولد زنا ، كما أن قاتل يحيى ابن زكريا أيضا ولد زنا». وقد اختبروا قتلة الحسين عليهالسلام فوجدوهم كلهم أولاد زنا.
٢٤٩ ـ (والذي خبث لا يخرج إلا نكدا): (المصدر السابق)
وقال المازندراني : نعم إذا نظرنا إلى السير والتواريخ ، وجدنا أن كل من تولّى قتل الحسين عليهالسلام إما معلوم بأنه ولد زنا ، أو مجهول الحسب ومخدوش النسب. أولهم يزيد بن معاوية ، وقد كانت أمه ميسون بنت بجدل الكلبي ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد. وكان يزيد جبارا عنيدا خبيث المولد (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً). وأما عبيد الله بن زياد ، فأولا نأخذ الكلام بذكر أبيه زياد ،
فنقول : إن زيادا ليس له أب معروف ، وكانت عائشة تسميه زياد بن أبيه. وكانت أمه سميّة معروفة ومشهورة بالزنا ، عاهرة ذات علم تعرف به. وقد وطئها أبو سفيان وهو سكران على فراش زوجها (عبيد) فعلقت منه بزياد ، فادّعاه أبو سفيان سرا. فلما آل الأمر إلى معاوية قرّبه إليه وأدناه ورفع منزلته وعلّاه ، وادّعى أنه أخوه. واستخلفه على العراق ، وأمره بحرب الحسن عليهالسلام حتى دسّ إليه السم. وقد صرّح أبو سفيان بأنه هو الّذي وضعه في رحم أمه. أما ابنه عبيد الله وإن كان ينسب إلى زياد ، ولكن ليس بمعلوم ، لأن أمه مرجانة هي جارية مشهورة ومعروفة بالزنا. وكلام الحسين عليهالسلام : «ألا وإن الدعيّ ابن الدعيّ «صريح بأنه أيضا ولد زنا. ولما آل الأمر إلى يزيد جعل عبيد الله بن زياد أميرا على الكوفة ، وأمره بقتل الحسين عليهالسلام ، فقتله شرّ قتلة (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً). ثم اعلم أن في نسب سعد بن أبي وقاص والد عمر بن سعد كلاما. وإن كان ينسب إلى أبي وقاص ، لكن قيل إن رجلا من بني عذرة كان خادما لأمه فزنى بها ، فأولدها سعدا. ويؤيده قول معاوية له حين قال له سعد بن أبي وقاص : أنا أحق منك بالخلافة ، قال : يأبى ذلك عليك بنو عذرة ، يعني لست أنت بابن أبي وقاص ، أنت من تلك العشيرة (عذرة) وهم لا يليقون للخلافة ، ولست أنت من قريش. ولو كان سعد طيّب المولد وزكي النسب ، لما ولد زنديقا فاسقا يكون أول من يتولى قتل الحسين عليهالسلام ، وهو المجرم عمر بن سعد. وللننظر الآن في أنساب هؤلاء الأدعياء بالتفصيل.
٢٥٠ ـ نسب يزيد بن معاوية : (وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)
روى صاحب كتاب (إلزام الناصب) ، وأبو المنذر هشام بن محمّد بن السائب الكلبي النسّابة المعروف في كتاب (المثالب) ، والحافظ أبو سعيد إسماعيل بن علي الحنفي في كتابه (مثالب بني أمية) ، والشيخ أبو الفتح جعفر بن محمّد الميداني في كتابه (بهجة المستفيد) : أن يزيد بن معاوية ، أمه كانت (ميسون) بنت بجدل الكلبية ، أمكنت عبد أبيها من نفسها ، فحملت بيزيد ، فهو ابن زنا وليس ابن معاوية. وقبيلة كلب من النصارى ، فهو ابن عبد وابن نصرانية.
٢٥١ ـ نسب زياد بن أبيه : (المصدر السابق)
زياد ابن أبيه ، سمّي بذلك لأنه ابن زنا مجهول الأب ، فقد كانت (سمية) أم زياد ، مشهورة بالزنا ، ومن ذوات الرايات بالطائف. وولد زياد على فراش عبيد بن علاج
مولى ثقيف ، فادعى معاوية أن أباه أبا سفيان قد زنى بسميّة ، وأن زيادا أخوه ، فسمّاه زياد بن أبي سفيان ، وذلك ليقرّبه منه ويستفيد من بطشه ودهائه.
٢٥٢ ـ نسب عبيد الله بن زياد :
من هذا النسل الطاهر ولد عبيد الله بن زياد ، من أم أعجمية اسمها (مرجانة) ، فكان أخبث وأنجس من أبيه ، كما كان يزيد أخبث من أجداده. وما أجمل ما قاله أبو الأسود الدؤلي ، متمنيا زوال ملك بني زياد :
(مروج الذهب للمسعودي ، ج ٣ ص ٦٨)
أقول وذاك من جزع ووجد |
|
أزال الله ملك بني زياد |
وأبعدهم ، بما غدروا وخانوا |
|
كما بعدت ثمود وقوم عاد |
ترجمة عبيد الله بن زياد
[٣٠ ـ ٦٧ ه]
(مقتل الحسين للمقرّم ، ص ١٧٠)
ولد عبيد الله بن زياد سنة ٣٠ هجرية ، وعمره يوم الطف سبع وثلاثون سنة. كانت أمه (مرجانة) مجوسية ، وقيل إنها سبيّة من إصفهان. ولما طلّقها أبوه (زياد بن أبيه) تزوجت من الأساورة ، فتربى بينهم عبيد الله ، فكانت لهجته أعجمية فيها لكنة.
وفي (البيان والتبيين) للجاحظ : أنه كان ألكن ، يقلب الحاء هاء ويقلب القاف كافا. (وفي تاريخ الطبري ، ج ٧ ص ٦) قالت مرجانة لابنها عبيد الله لما قتل الحسينعليهالسلام : ويلك ما ذا صنعت ، وما ذا ركبت يا خبيث؟!. قتلت ابن رسول الله!. والله لا ترى الجنة أبدا. وروى بعضهم أنها قالت له : وددت أنك حيضة ولم تأت الحسين ما أتيت. (وفي تاريخ الطبري ، ج ٦ ص ٢٦٨) قال له أخوه عثمان : وددت أن في أنف كل رجل من بني زياد خزامة إلى يوم القيامة ، وأن الحسين لم يقتل. فلم يردّ عليه عبيد الله. (وفي المعارف لابن قتيبة ، ص ٢٥٦) : كان عبيد الله طويلا جدا ، لا يرى ماشيا إلا ظنوه راكبا. (وفي أنساب الأشراف للبلاذري ، ج ٤ ص ٧٧) : كان عبيد الله بن زياد جميلا أرقط. وكان مملوءا شرا. وهو أول من وضع المثالب ليعارض بها
تابع : ترجمة عبيد الله بن زياد
الناس بمثل ما يقولون فيه. وكان أكولا لا يشبع ، يأكل في اليوم أكثر من خمسين أكلة. ويروى في كيفية قتله : أن المختار الثقفي لما ولي أمر العراق ، وجّه (إبراهيم بن مالك الأشتر) لقتال عبيد الله بن زياد ، قائد جيش أهل الشام ، فالتقى الجيشان في الموصل من أرض العراق. ودارت معركة طاحنة ، حمل فيها إبراهيم بن الأشتر على عبيد الله ابن زياد وهو لا يعرفه ، فضربه إبراهيم ضربة قدّه بها نصفين ، وذهبت رجلاه في المشرق ويداه في المغرب ، ثم احتزّ رأسه.
وكانت الوقعة يوم عاشوراء سنة ٦٧ ه بعد مقتل الحسين عليهالسلام بست سنين. ولم يقتل من أهل الشام بعد (صفين) مثلما قتل في هذه الوقعة ، إذ قتل منهم سبعون ألفا. وبعث إبراهيم برأس عبيد الله بن زياد ورؤوس قواده إلى المختار. ونصب المختار رأس ابن زياد في الكوفة ، في نفس المكان الّذي نصب فيه رأس الحسين عليهالسلام. ثم إن المختار بعث برأس عبيد الله بن زياد إلى محمّد بن الحنفية ، ثم بعثه إلى الإمام زين العابدين عليهالسلام وهو بمكة ، فأدخل عليه وهو يتغدى ، فسجد شكرا لله ، وقال : الحمد لله الّذي أدرك لي ثأري من عدوي. واستبشر الهاشميون كثيرا بعمل المختار.
٢٥٣ ـ نسب معاوية : (وسيلة الدارين في أنصار الحسين ، ص ٧٩)
أما معاوية ، فليس أشرف من زياد ، فهو أيضا مجهول الأب. روى هشام الكلبي في كتابه (المثالب) قال : كان معاوية لأربعة : لعمارة ابن الوليد بن المغيرة المخزومي ، ولمسافر بن عمرو ، ولأبي سفيان ، وللصباح ابن مغني الأسود. قال : وكانت أمه هند بنت عتبة من المعلّمات [أي لها راية تعرف بها أنها زانية] ، وكان أحبّ الرجال إليها السودان. وقالوا : كان أبو سفيان دميما قصيرا ، وكان الصبّاح أجيرا لأبي سفيان شابا وسيما ، فدعته هند إلى نفسها. ولما ولد معاوية اختلفوا في نسبته ، ثم ألحق بأبي سفيان. ولقد توافقت نفسية معاوية مع زياد ابن أبيه ، ونفسية يزيد مع عبيد الله ابن زياد ، لأن الأصل متشابه ، والطبائع متقاربة. فلينظر العاقل
إلى أصول هؤلاء القوم ، وهل يقارنون بآل محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا!.
٢٥٤ ـ أصل بني أميّة ليس من قريش : (سفينة البحار ، ج ١ ص ٤٦)
عن (كامل البهائي) : أن أمية كان غلاما روميا لعبد شمس ، فلما ألفاه كيّسا فطنا ، أعتقه وتبنّاه ، فقيل أمية بن عبد شمس ، وكان ذلك دأب العرب في الجاهلية. إذن فبنو أمية كافة ليسوا من قريش ، وإنما لحقوا ولصقوا بهم. ويصدّق ذلك قول أمير المؤمنين عليهالسلام في أحد كتبه إلى معاوية حيث يقول : «ليس المهاجر كالطليق ، ولا الصريح كاللصيق آ. ولم يستطع معاوية إنكار ذلك.
٢٥٥ ـ نسب شمر بن ذي الجوشن الضبابي :
(المصدر السابق ، ص ٨٨)
هو شمر بن ذي الجوشن بن شرحبيل بن الأعور بن عمر بن معاوية (وهو الضبّاب بن كلاب). روى هشام بن محمّد الكلبي في كتاب (المثالب) أن امرأة ذي الجوشن خرجت من جبّانة البيع إلى جبانة كندة ، فعطشت في الطريق ، ولاقت راعيا يرعى الغنم ، فطلبت منه الماء ، فأبى أن يعطيها إلا بالإصابة منها ؛ فواقعها الراعي ، فحملت بالشمر اللعين. لذلك لما قال شمر للحسين عليهالسلام يوم الطف : تعجّلت بالنار قبل يوم القيامة ، أجابه الحسين عليهالسلام : يابن راعي المعزى ، أنت أولى بها صليّا. وكان شمر في السابق داخلا في معسكر أمير المؤمنين عليهالسلام في صفين ، ثم مال إلى الخوارج وصار في حزب الشيطان ، مع يزيد وابن زياد ، ثم باشر بنفسه قتل الحسين عليهالسلام وذبحه. نعوذ بالله من خبث السريرة وسوء الخاتمة.
٢٥٦ ـ توثيق العجلي لابن سعد :
(حياة الإمام الحسين ، ج ٣ ص ١٠٨)
وثّق العجلي عمر بن سعد ، فقال : كان يروي عن أبيه أحاديث ، وروى الناس عنه. وهو تابعي ثقة ، وهو الّذي قتل الحسين عليهالسلام (١).
يقول السيد باقر شريف القرشي : ولم نعلم كيف كان ابن سعد ثقة مع قتله لريحانة
__________________
(١) تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني ، ج ٧ ص ٤٥١ ، وميزان الاعتدال ، ج ٣ ص ١٩٨.