الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١
أحد الوجهين ، وفي الثاني : لا يذر على الثالثة.
فإذا فرغ من بسط الثياب نقله من مغتسله إلى أكفانه مستورا بثوب ، ويترك على الكفن مستلقيا على ظهره ، ويحشو القطن بين أليتيه ، ويأخذ القطن ويضع عليه الحنوط والكافور ، ثم يلف الكفن عليه ، ويشد عليه بشداد ، وينزع الشداد عند الدفن ـ ولم يعرف أصحابنا الشداد ، بل يعقدون أطراف اللفافة ـ وفي طي اللفافة قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، والثاني : يثني شق الثوب الأيمن على شقه الأيمن (١). وما قلناه أولى.
مسألة ١٧٣ : ويستحب سحق الكافور باليد ـ قاله الشيخان (٢) ـ ولا يوضع شيء من الكافور ، ولا من المسك ، ولا من القطن في سمع الميت ، ولا في بصره ، ولا في فيه ، ولا في جراحه النافذة إلا أن يخاف خروج شيء من أحدها فيوضع فيه القطن ـ قاله علماؤنا ـ لأن ذلك يفسدها (٣) فيجتنب ، لقوله عليهالسلام : ( جنبوا موتاكم ما تجنّبون أحياءكم ) (٤).
وقال الصادق عليهالسلام : « لا تجعل في مسامع الميت حنوطا » (٥).
واستحبه الجمهور ، لئلا يدخل الهوام إليها (٦).
__________________
(١) الام ١ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، مختصر المزني : ٣٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٩ و ٢٠٠ ـ ٢٠٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨ ـ ١٣٩ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، المغني ٢ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٧.
(٢) المقنعة : ١١ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.
(٣) ورد في نسختي ( م ) و ( ش ) : يفسدهما.
(٤) المعتبر : ٧٨.
(٥) التهذيب ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ـ ٧٤٨.
(٦) مختصر المزني : ٣٦ ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٣٧ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ٢٠١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٧ ، القوانين الفقهية : ٩٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٨ ، فتح الوهاب ١ : ٩٣ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩١.
قال الشيخ : يكره أن يكون في الكافور شيء من المسك ، والعنبر (١) ، لقول الصادق عليهالسلام : « لا تمسوا موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور » (٢).
مسألة ١٧٤ : ويكره أن يقطع الكفن بالحديد ، قال الشيخ في التهذيب : سمعناه مذاكرة من الشيوخ ، وعليه كان عملهم (٣) ، ولا بدّ له من أصل فيعتمد عليه.
قال الشيخ : ويكره بلّ الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق ، ويكره أيضا أن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام (٤).
ولو كفن في قميص كان لابسا له لم يقطع كمه ـ قاله علماؤنا ـ وسئل الصادق عليهالسلام ، قلت : الرجل يكون له القميص يكفن فيه؟ فقال : « اقطع أزراره » قلت : وكمه؟ قال : « لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما ، فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا أزراره » (٥).
مسألة ١٧٥ : وإن سقط من الميت شيء غسل وجعل معه في أكفانه بإجماع العلماء ، لأن جمع أجزاء الميت في موضع واحد أولى.
المطلب الرابع : في الصلاة عليه ، ومباحثه خمسة :
الأول : الميت.
مسألة ١٧٦ : إنما تجب الصلاة على المسلم بالإجماع ، فلا يجوز على
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٧.
(٢) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ـ ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٥ ، علل الشرائع : ٣٠٨ باب ٢٥٨ ، الخصال : ٦١٨ ـ ١٠.
(٣) التهذيب ١ : ٢٩٤.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٧.
(٥) الفقيه ١ : ٩٠ ـ ٤١٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٦.
الكافر وإن كان ذميا أو مرتدا ، قال الله تعالى ( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) (١) ولا يجب على المسلمين غسله.
وأما التكفين والدفن فلا يجبان أيضا وإن كان ذميا ـ وهو أحد وجهي الشافعي ـ لأن الذمة قد انتهت بالموت ، وأظهرهما : الوجوب كما يجب أن يطعم ويكسى في حياته (٢).
وأظهر الوجهين عنده في الحربي : عدم وجوب تكفينه ودفنه ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بإلقاء قتلى بدر في القليب على هيئتهم (٣) ، وفي وجوب مواراته عنده وجهان (٤).
فروع :
أ ـ لو اختلط قتلى المسلمين بقتلى المشركين ، قال علماؤنا : يصلّى عليهم جميعا بنيّة الصلاة على المسلمين خاصة ، ويجوز أن يصلى على كل واحد واحد بنيّة الصلاة عليه إن كان مسلما ـ وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد (٥) ـ لإمكان الصلاة على المسلم من غير ضرورة فوجب.
وقال أبو حنيفة : إن كان المسلمون أكثر صلي عليهم وإلا فلا ، لأن الاعتبار بالأكثر ، بدليل أن دار المسلمين الظاهر منها الإسلام لكثرة
__________________
(١) التوبة : ٨٤.
(٢) المجموع ٥ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٩.
(٣) سنن أبي داود ٣ : ٥٨ ـ ٢٦٨١ ، وانظر تلخيص الحبير ٥ : ١٥٠.
(٤) المجموع ٥ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠.
(٥) الام ١ : ٢٦٩ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٤٠٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٨.
المسلمين ، وعكسها دار الحرب (١) ، ويبطل بما إذا اختلطت أخته بالأجنبيات فإن الحكم يثبت للأقل (٢).
أما المواراة فقال الشيخ : يوارى من كان صغير الذكر (٣) لقول الصادق عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر : لا تواروا إلا كميشا ، وقال : لا يكون إلا في كرام الناس » (٤) ، وقيل بالقرعة (٥) ، والوجه عندي دفن الجميع تغليبا لحرمة المسلم ، وبه قال الشافعي (٦).
ب ـ لو وجد ميت لا يعلم كفره وإسلامه ، فإن كان في دار الإسلام ألحق بالمسلمين وإلاّ فبالكفار.
ج ـ يصلى على كل مظهر للشهادتين من سائر فرق الإسلام.
وقال أحمد : لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ، ولا على الواقفي ـ وبه قال مالك (٧) ـ لأن ابن عمر روى أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( إن لكل امة مجوسا وإن مجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر ) (٨).
وقال ابن عبد البر : سائر العلماء يصلّون على أهل البدع ، والخوارج ، وغيرهم (٩) ، لعموم قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٤ ، المجموع ٥ : ٢٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٤٠٤.
(٢) قال العلاّمة في منتهى المطلب ١ : ٤٤٩ ردا على أبي حنيفة : وما ذكروه ينتقض بالأخت لو اشتبهت مع عشرة ، فإنهن يحرمن كلهن ، والغالب هنا لم يعتد به.
(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢.
(٤) لتهذيب ٦ : ١٧٢ ـ ٣٣٦.
(٥) حكاه عن بعض المتأخرين المحقق في المعتبر : ٨٥.
(٦) المجموع ٥ : ٢٥٨.
(٧) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٢.
(٨) مسند احمد ٢ : ٨٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٢٢ ـ ٤٦٩٢ ، الجامع الصغير ٢ : ٤١٣ ـ ٧٣٠٤.
(٩) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، وقال ابن عبد البر في كتابه ( الكافي في فقه أهل المدينة ): ٨٦ : ولا يصلّي أهل العلم والفضل على أهل البدع ، ولا على من ارتكب الكبائر واشتهر بها ، ويصلّي عليهم غيرهم.
الله ) (١) واستضعفوا الرواية ، وعنوا تشبيه القدرية بالمجوس.
د ـ لا يصلى على أطفال المشركين لإلحاقهم بآبائهم إلا أن يسلم أحد أبويه أو يسبى منفردا عن أبويه عند الشيخ (٢) ، ولو سبي مع أحد أبويه لم يلحق السابي في الإسلام ، وبه قال أبو ثور (٣) ، وقال أحمد : يصلى عليه كما لو سبي منفردا (٤).
هـ ـ لا تجب الصلاة على كل من اعتقد ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة ، كالخوارج والغلاة ، لقدحهم في علي عليهالسلام ، وكذا من قدح في أحد الأئمة عليهمالسلام كالسبأية (٥) ، والخطابية (٦) ، ويجب على من عداهم لقوله عليهالسلام : ( صلوا على كلّ بر وفاجر ) (٧).
مسألة ١٧٧ : تجب الصلاة على الصبي من أولاد المسلمين إذا كان له ست
__________________
(١) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠.
(٢) المبسوط للطوسي ٢ : ٢٣.
(٣) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، عمدة القارئ ٨ : ١٦٨.
(٤) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦.
(٥) السبئية : قيل : إنها فرقة تنسب الى عبد الله بن سبإ ، ولهم اعتقادات باطلة وآراء فاسدة ، خرجت بها عن أصول الإسلام الحقة. انظر في شأن هذه الفرقة كتاب ( عبد الله بن سبإ ) للسيد العسكري ، فرق الشيعة : ٢٢ ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : ١٥٥ ، الفرق بين الفرق : ٢٥٥ ، التبصير في الدين : ١٢٣.
(٦) الخطابية : هم أتباع أبي الخطاب الأسدي الكوفي ، وكان رجلا ضالا مضلا ، وقد وردت روايات كثيرة صريحة في ذمه ولعنه ، قتله عيسى بن موسى عامل المنصور بسبخة الكوفة ، رجال الكشي : ٢٩٠ ـ ٥٠٩ وما بعدها ، معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٤٣ ـ ٩٩٨٧ ، فرق الشيعة : ٤٢ ، التبصير في الدين : ١٢٦ ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : ١٥٩.
(٧) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٧ ـ ١٠ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٧ ـ ٥٠٢٢.
سنين فصاعدا ، ولا تجب لو كان له دون ذلك ، لأنه الحدّ الذي يؤمر معه بالصلاة. والصلاة على الميت استغفار وشفاعة فلا معنى للشفاعة فيمن لا يؤمر بالصلاة وجوبا ولا ندبا.
وسئل الصادق عليهالسلام متى يصلى على الصبي؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى تجب عليه؟ قال : « إذا كان ابن ست سنين » (١).
وقال الحسن البصري ، وإبراهيم ، والحكم ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي : لا يصلى عليه حتى يستهل (٢) لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل ) (٣).
وقال أحمد : يصلى عليه وإن ولد سقطا إذا استكمل أربعة أشهر ـ وبه قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق (٤) ، وللشافعي كالمذهبين (٥) ـ لما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( السقط يصلى عليه ) (٦) ، وعن سعيد ابن المسيب أيضا تجب حين تجب عليه الصلاة (٧).
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢٠٦ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٦ ، التهذيب ٣ : ١٩٨ ـ ٤٥٦ ، الإستبصار ١ : ٤٧٩ ـ ١٨٥٥.
(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٧٩ ، القوانين الفقهية : ٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ، المغني ٢ : ٣٩٣ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦.
(٣) سنن الترمذي ٣ : ٣٥٠ ـ ١٠٣٢.
(٤) المغني ٢ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، المحلى ٥ : ١٥٩ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣١٧.
(٥) المجموع ٥ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٦ ـ ١٤٨ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠١ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، المغني ٢ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣.
(٦) مسند أحمد ٤ : ٢٤٩ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٥ ـ ٣١٨٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨ ، المستدرك للحاكم ١ : ٣٦٣.
(٧) الموجود في المصادر هو سعيد بن جبير. راجع المجموع ٥ : ٢٥٧ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣١٨.
فروع :
أ ـ يستحب الصلاة على من نقص سنه عن ست إذا ولد حيّا ، لقول الكاظم عليهالسلام : « يصلى على الصبي على كل حال إلا أن يسقط لغير تمام » (١) وقال الصادق عليهالسلام : « لا يصلى على المنفوس ـ وهو المولود الذي لم يستهل ـ وإذا استهل فصلّ عليه » (٢).
ب ـ لو خرج بعضه واستهل ثم مات استحبت الصلاة عليه ولو خرج أقله ، لحصول الشرط وهو الاستهلال.
وقال أبو حنيفة : لا يصلى عليه حتى يكون الخارج أكثره ، اعتبارا بالأكثر (٣).
ج ـ لا يستحب الصلاة على السقط ميتا عند علمائنا ، وصلاة ابن عمر على ابن لابنه ولد ميتا (٤) ليس حجة.
مسألة ١٧٨ : ويشترط حضور الميت عند علمائنا أجمع ، فلا تجوز الصلاة على الغائب عن البلد ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك (٥) ـ وإلاّ لصلي على النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الأمصار ، وكذا الأعيان من الصلحاء ، ولو فعل ذلك لاشتهر وتواترت مشروعيته ، ولأن استقبال القبلة بالميت شرط ولم يحصل ، ولأن حضور الجنازة شرط كما لو كانت في البلد.
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٣٣١ ـ ١٠٣٦ ، الاستبصار ١ : ٤٨١ ـ ١٨٦٠.
(٢) التهذيب ٣ : ١٩٩ ـ ٤٥٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠ ـ ١٨٥٧.
(٣) شرح فتح القدير ٢ : ٩٢.
(٤) عمدة القارئ ٨ : ١٧٦.
(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧ ، المجموع ٥ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤ ، المحلى ٥ : ١٣٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥.
وقال الشافعي : يجوز فيتوجه المصلي إلى القبلة فيصلي عليه سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن ـ وبه قال أحمد (١) لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نعى النجاشي اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلّى ، وصفّ بهم وكبر أربعا (٢) ، ويحتمل أن تكون الأرض قد زويت له فأرى الجنازة. أو الدعاء ، لما روى زرارة ومحمد بن مسلم : قلت له : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : « لا إنما دعا له » (٣).
فروع :
أ ـ شرط الشافعي الغيبة عن البلد ، فإن كان الميت في طرف البلد لم تجز الصلاة عليه حتى يحضره (٤).
ب ـ لا فرق بين أن تكون الجنازة في بلد آخر أو قرية أخرى بينهما مسافة ، سواء كانت مما تقصر فيها الصلاة أو لا ـ في العدم عندنا ، والجواز عند الشافعي (٥).
ج ـ حضوره وإن كان شرطا لكن ظهوره ليس بشرط ، فلو دفن قبل الصلاة عليه صلّي على القبر ولم ينبش إجماعا ، وكذا العاري يترك في القبر وتستر عورته بالتراب ثم يصلّى عليه ويدفن.
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، الوجيز ١ : ٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١٢ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٢ ـ ٣٢٠٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٥٦ ـ ٩٥١ ، الموطأ ١ : ٢٦٦ ـ ٢٢٧ ـ ١٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٩ ـ ١٥٣٤ ، الموطأ برواية الشيباني : ١١٢ ـ ٣١٧.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٢ ـ ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ ـ ١٨٧٣.
(٤) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥.
(٥) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤.
مسألة ١٧٩ : لو دفن الميت قبل الصلاة عليه صلّي على قبره ـ وبه قال علي عليهالسلام ، وأبو موسى الأشعري ، وابن عمر ، وعائشة ، وهو مذهب الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد (١) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على قبر مسكينة حين دفنت ليلا (٢) وصلّى على قبر رجل كان يقيم بالمسجد دفن ليلا (٣).
وقال النخعي ، ومالك ، وأبو حنيفة : لا يصلى على القبور وإلا لصلي على قبر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) ، وهو مدفوع إذ الصلاة على القبر مقدرة بما يأتي.
مسألة ١٨٠ : اختلف في تقدير الصلاة على القبر في حق المدفون بغير صلاة ، فقال بعض علمائنا : يصلى عليه يوما وليلة لا أزيد ، قاله المفيد (٥).
وقال الشيخ : ثلاثة أيام ولا تجوز الصلاة بعدها (٦) ، لأنه بدفنه خرج عن أهل الدنيا فساوى من قبر في قبره ، خرج المقدر بالإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل ، ولقول الكاظم عليهالسلام : « لا تصلّ على المدفون » (٧) خرج ما قدرناه بالإجماع ، فيبقى الباقي.
وللشافعية أربعة أوجه ، أحدها : أنه يجوز إلى شهر ـ وبه قال
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢٤٩ ، عمدة القارئ ٨ : ٢٦ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.
(٢) سنن النسائي ٤ : ٦٩ ، الموطأ ١ : ٢٢٧ ـ ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٨ ، الموطأ برواية الشيباني : ١١٢ ـ ١١٣ ـ ٣١٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٩٠ ـ ١٥٣٣.
(٣) صحيح البخاري ٢ : ١١٢ ـ ١١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٧.
(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.
(٥) المقنعة : ٣٨.
(٦) الخلاف ١ : ٧٢٦ مسألة ٥٤٩.
(٧) المعتبر : ٢٢٣ ، ورواه في التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٧١ عن الامام الرضا عليهالسلام.
أحمد (١) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على البراء بن معرور بعد شهر (٢) ولم ينقل أكثر من ذلك.
ومنهم من قال : ما لم يبل جسده ويذهب ، لأنه حالة بقائه كهو حالة موته (٣).
ومنهم من قال : يجوز أبدا (٤) ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على شهداء أحد بعد ثماني سنين (٥).
وقال أبو حنيفة : يصلي عليه الولي إلى ثلاث ، ولا يصلي غيره عليه بحال (٦). والتخصيص لا وجه له.
وقال إسحاق : يصلي عليه الغائب إلى شهر ، والحاضر إلى ثلاث (٧) ، وكل ذلك محمول على الدعاء.
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦ ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، عمدة القارئ ٨ : ٢٦ ، المحلى ٥ : ١٤٠.
(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٦٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٩ ، أسد الغابة ١ : ١٧٤.
(٣) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المجموع ٥ : ٢٤٧ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٥ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٤.
(٤) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المجموع ٥ : ٢٤٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٨ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣.
(٥) صحيح البخاري ٥ : ١٢٠ ، مسند أحمد ٤ : ١٥٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٦ ـ ٣٢٢٤ ، سنن البيهقي ٤ : ١٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٨ ـ ١٠.
(٦) شرح فتح القدير ٢ : ٨٤ ، الكفاية ٢ : ٨٥ ، شرح العناية ٢ : ٨٤ ، المجموع ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦ ، المحلى ٥ : ١٤٠.
(٧) المجموع ٥ : ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣ ، المحلى ٥ : ١٤٠.
تذنيب : هذا التقدير عندنا إنما هو على من لم يصلّ عليه ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ـ خلافا للشافعي فإنه لم يشترط ذلك (٢) ، ولو قلع من لم يصلّ عليه صلّي عليه مطلقا.
مسألة ١٨١ : الشهيد يصلى عليه عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والمزني ، وأحمد في رواية (٣) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر (٤) ، وقال ابن عباس : إن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على قتلى أحد وكان يقدمهم تسعة تسعة وحمزة عاشرهم (٥) ، ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « إن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلّى عليه » (٦) ، ولأن مرتبته عالية فشرعت الصلاة عليه كالأنبياء والأوصياء.
وقال الشافعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأحمد في رواية : لا يصلى عليه (٧) لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ، ولم يغسلهم ولم يصل عليهم (٨) ، ولأنه لم يغسل مع إمكان غسله فلم يصلّ عليه
__________________
(١) الهداية للمرغيناني ١ : ٩٢ ، شرح العناية ٢ : ٨٤ ، المجموع ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢.
(٢) المجموع ٥ : ٢٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٢ ، المحلى ٥ : ١٤٠.
(٣) المجموع ٥ : ٢٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٥١ ، المغني ٢ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ١١٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٩٥ ـ ٢٢٩٦ ، سنن النسائي ٤ : ٦١ ـ ٦٢.
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٥ ـ ١٥١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢.
(٦) الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٢ ـ ٩٧٣.
(٧) الام ١ : ٢٦٧ ، مختصر المزني : ٣٧ ، المجموع ٥ : ٢٦٤ ، المغني ٢ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠.
(٨) صحيح البخاري ٢ : ١١٥ و ٥ : ١٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ١٩٥ ـ ٣١٣٤ و ٣١٣٥ ، سنن الترمذي.
كسائر من لم يغسل ، ورواية الإثبات مقدمة ، وسقوط غسله لقوله عليهالسلام : ( زملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما ) (١).
مسألة ١٨٢ : ويصلى على المقتول ظلما ، أو دون ماله ، أو نفسه ، أو أهله ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية (٢) ـ لأن رتبته دون رتبة الشهيد في المعترك ، وقال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ الله ) (٣).
وفي رواية عن أحمد : لا يصلى عليه لأنه قتل شهيدا (٤) ، والمقدمتان ممنوعتان.
وأما من عداهم ممن أطلق عليه اسم الشهيد كما روي عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( الشهداء خمس : المطعون ، والمبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله ) (٥).
وروي زيادة : ( صاحب الحريق ، وصاحب ذات الجنب ، والمرأة تموت بجمع (٦) شهيدة ) (٧) فإنهم يصلّى عليهم إجماعا ، وكذا النفساء ـ خلافا
__________________
(١) مسند أحمد ٥ : ٤٣١ ، سنن النسائي ٤ : ٧٨ و ٦ : ٢٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١١ و ٩ : ١٦٤ ـ ١٦٥ و ١٧٠ ، الجامع الصغير ٢ : ٣٠ ـ ٤٥٦٣ ، عوالي اللئالي ٢ : ٢٠٨ ـ ١٢٨.
(٢) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.
(٣) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩.
(٤) المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.
(٥) صحيح البخاري ١ : ١٦٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٢١ ـ ١٩١٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٧٧ ـ ١٠٦٣.
(٦) جمع : بضم الجيم أو كسرها وهي المرأة التي ماتت وولدها في بطنها. صحاح الجوهري ٣ : ١١٩٨ ، النهاية لابن الأثير ١ : ٢٩٦ « جمع ».
(٧) الموطأ ١ : ٢٣٣ ـ ٣٦ ، سنن أبي داود ٣ : ١٨٨ ـ ٣١١١ ، سنن النسائي ٤ : ١٤.
للحسن البصري (١) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها (٢).
مسألة ١٨٣ : وليس التمام شرطا فيصلّى على البعض الذي فيه الصدر والقلب ، أو الصدر نفسه عند علمائنا ، لأن الصلاة ثبتت لحرمة النفس ، والقلب محل العلم ، ومنه تنبت الشرايين السارية في البدن ، فكأنه الإنسان حقيقة ، ولقول الكاظم عليهالسلام في الرجل يأكله السبع فتبقى عظامه بغير لحم ، قال : « يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن » (٣).
فإذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب ، وعن محمد ابن عيسى عن بعض أصحابنا يرفعه قال : المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلّى على العضو الذي فيه القلب (٤).
وعن الصادق عليهالسلام قال : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من أعضائه تام صلي على ذلك العضو ودفن ، فإن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه ودفن » وذكره ابن بابويه (٥) ، ويحمل العضو التام على الصدر لاشتماله على ما لم يشتمل عليه غيره من الأعضاء.
وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن وجد الأكثر صلي عليه وإلا فلا ، لأنه بعض لا يزيد على النصف فلم يصل عليه ، كالذي بان في حياة صاحبه
__________________
(١) المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.
(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١١ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٦٤ ـ ٩٦٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٩ ـ ٣١٩٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٣ ، مسند احمد ٥ : ١٩ ، سنن النسائي ٤ : ٧٢.
(٣) الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ ـ ٤٤٤ ، التهذيب ١ : ٣٣٦ ـ ٩٨٣.
(٤) المعتبر : ٨٦.
(٥) الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٥ ، وانظر كذلك الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ٣ ، والتهذيب ١ : ٣٣٧ ـ ٩٨٧.
والشعر والظفر (١). والفرق أنه من جملة لا يصلى عليها ، والشعر والظفر لا حياة فيهما.
ولو قطع نصفين عرضا صلّي على ما فيه الرأس ، وإن قطع طولا لم يصل عليه.
وقال الشافعي ، وأحمد : إن وجد بعضه مطلقا صلي عليه أي عضو كان (٢).
قال الشافعي : ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل عرفت بالخاتم ، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فصلّى عليها أهل مكة بمحضر من الصحابة (٣) ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها فيصلى عليه كالأكبر ، وأنكر البلاذري وقوع اليد بمكة وقال : وقعت باليمامة (٤) ، ولو سلّم فنمنع كون الفاعل ممن يحتج بفعله ، والفرق بين الصدر والعضو ما بيّناه.
فروع :
أ ـ لو وجد قطعة فيها عظم من الشهيد لم تغسل وكفنت ودفنت من غير صلاة ، ولو لم يكن شهيدا غسلت أيضا.
ب ـ لا فرق بين الرأس وغيره من الأعضاء.
ج ـ لو أبينت قطعة من حي في المعركة دفنت من غير غسل ولا صلاة
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٤ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٣ ، المغني ٢ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.
(٢) الام ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٥ : ٢٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٤ ، المغني ٢ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.
(٣) الام ١ : ٢٦٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٤١ ، التلخيص الحبير ٥ : ٢٧٤.
(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ٨٦.
وإن كان فيها عظم ، لأنها من جملة لا تغسل ولا يصلى عليها على إشكال ينشأ من اختصاص الشهادة بالجملة.
د ـ لو وجد الصدر بعد دفن الميت غسل ، وصلي عليه ، ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن ، ولا حاجة إلى كشف الميت ، ولو كان غير الصدر دفنت إن لم يكن ذات عظم وإلا غسلت ودفنت.
مسألة ١٨٤ : المرجوم يصلى عليه بعد أن يؤمر بالاغتسال ثم يقام عليه الحد ثم يصلي عليه الإمام وغيره ، وكذا المرجومة ، ذهب إليه علماؤنا ـ وبه قال الشافعي إلا في تقديم الغسل (١) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رجم العامرية وصلّى عليها ، فقال عمر : ترجمها وتصلي عليها؟! فقال : ( لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم ) (٢) ورجم علي عليهالسلام شراحة الهمدانية وجاء أهلها إليه فقالوا : ما نصنع بها؟ فقال : « اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم » (٣). ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام عن المرجوم والمرجومة : « ويصلى عليهما » (٤) ، والمقتص منه بمنزلة ذلك ، ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه المقتول قصاصا.
وقال الزهري : المرجوم لا يصلى عليه (٥) ، وقال مالك : لا يصلي الإمام ويصلي غيره (٦) واحتجا بأن ماعزا رجمه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ولم
__________________
(١) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤٢ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.
(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٣٢٤ ـ ١٦٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٤٣٥ ، سنن النسائي ٤ : ٦٣ ـ ٦٤ ، سنن أبي داود ٤ : ١٥١ ـ ١٥٢ ـ ٤٤٤٠ ، سنن الترمذي ٤ : ٤٢ ـ ١٤٣٥ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢٧ ـ ١٤٤.
(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، كنز العمال ٥ : ٤٢٢ ـ ١٣٤٩٣ نقله عن مصنف عبد الرزاق.
(٤) الكافي ٣ : ٢١٤ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ ـ ٤٤٣ رواه مرسلا عن علي عليهالسلام ، التهذيب ١ : ٣٣٤ ـ ٩٧٨. وفي الجميع قطعة من حديث.
(٥) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المحلى ٥ : ١٧٢.
(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٧٧ ، المنتقى للباجي ٢ : ٢١ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.
يصل عليه (١) ، قال الزهري : ولم ينقل أنه أمر بالصلاة عليه (٢) ، وليس بجيد ، لأن ما لم يكره لغير الإمام لم يكره للإمام كسائر الموتى ، وعدم النقل لا يدل على العدم ، مع وروده عاما في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( صلوا على من قال لا إله إلاّ الله ) (٣).
مسألة ١٨٥ : ولد الزنا يصلى عليه ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال قتادة : لا يصلى عليه (٤) ، وهو غلط ، لأنه مخالف لإجماع انعقد قبله أو بعده ، ولعموم الأخبار (٥) ، ولأنه مسلم غير مقتول في المعركة فأشبه ولد الحلال ، ويجيء على قول من يذهب إلى كفره من علمائنا (٦) تحريم الصلاة عليه.
ويصلّى أيضا على النفساء ـ وبه قال جميع الفقهاء ـ لما تقدم (٧).
وقال الحسن البصري : لا يصلّى عليها ، ويصلى على سائر المسلمين من أهل الكبائر (٨).
وكذا من لا يعطي زكاة ماله ، وتارك الصلاة ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خرج إلى قبا فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب ، فقال
__________________
(١) سنن أبي داود ٣ : ٢٠٦ ـ ٣١٨٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩.
(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة عندنا.
(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.
(٤) المجموع ٥ : ٢٦٧.
(٥) الكافي ٣ : ٤٠ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ١ : ٩٧ ـ ٣١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.
(٦) هو ابن إدريس في السرائر : ٨١ ، ١٨٣ ، ٢٤١ ، ٢٨٧.
(٧) تقدم في المسألة ١٨٢.
(٨) المغني ٢ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ٣٠٥.
النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( ما هذا؟ ) قالوا : مملوك لآل فلان ، قال : ( أكان يشهد أن لا إله إلاّ الله؟ ) قالوا : نعم ، ولكنه كان وكان ، فقال : ( أكان يصلي؟ ) فقالوا : قد كان يصلي ويدع ، فقال لهم : ( ارجعوا به فغسلوه ، وكفنوه وصلّوا عليه ، وادفنوه ، والذي نفسي بيده لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه ) (١).
مسألة ١٨٦ : ويصلى على الغالّ ، وهو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه ويختص به الإمام وغيره ، وكذا قاتل نفسه متعمدا ـ وبه قال عطاء ، والنخعي والشافعي (٢) ـ لقوله عليهالسلام : ( صلّوا على من قال : لا إله إلا الله ) (٣) ومن طريق الخاصة قول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي ، لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة ) (٤).
وقال أحمد : لا يصلي الإمام عليهما ويصلي غيره (٥) ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم جاءوه برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلّ عليه (٦) ، وتوفي رجل من جهينة يوم خيبر ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : ( صلّوا على صاحبكم ) فتغيرت وجوه القوم ، فلما رأى ما بهم ، قال : ( إن صاحبكم غلّ من الغنيمة ) (٧).
__________________
(١) ورد نحوه في مجمع الزوائد ٣ : ٤١ وانظر المغني ٢ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.
(٢) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المغني ٢ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٥.
(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.
(٤) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٦ ، الإستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ـ ١٨١٠.
(٥) المغني ٢ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٥ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.
(٦) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٢ ـ ٩٧٨ ، سنن النسائي ٤ : ٦٦ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٦ ـ ٣١٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٨ ـ ١٥٢٦ ، المحرر في الحديث ١ : ٣١٠ ـ ٥٢١.
(٧) مسند احمد ٤ : ١١٤ و ٥ : ١٩٢.
وليس حجة لسقوط الفرض بغيره ، ويعارض بالمديون فإنه عليهالسلام كان يقول إذا أتي بالميت : ( هل على صاحبكم دين؟ ) فإن قالوا : نعم ، قال : ( صلّوا على صاحبكم ) (١) ، مع أن الصلاة عليه مشروعة بالإجماع ، ولعله عليهالسلام فعل ذلك ليحصل الانتهاء فإن في صلاته سكنا ، وكان ذلك لطفا للمكلفين.
مسألة ١٨٧ : وتجب الصلاة على كل مسلم ومن بحكمه ممن له ستّ سنين ، سواء الذكر والأنثى ، والحر والعبد ، بلا خلاف ، وعلى الفاسق ، لأن هشام بن سالم سأل الصادق عليهالسلام عن شارب الخمر ، والزاني ، والسارق ، يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : « نعم » (٢).
ويستحب على من نقص سنه عن ست إن ولد حيا ، ولا صلاة لو سقط وإن ولجته الروح ، ولا على الأبعاض غير الصدر وإن علم الموت.
البحث الثاني : المصلي.
مسألة ١٨٨ : الولي ـ وهو القريب ـ أحق ممن أوصى إليه الميت ـ وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي (٣) ـ لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٤) ، ولأنها ولاية تترتب ترتب العصبات ، فالولي أولى كولاية النكاح ، ولقول الصادق عليهالسلام : « يصلي على الجنازة أولى
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ : ١٢٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٣٧ ـ ١٦١٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٨١ ـ ١٠٦٩ ، مجمع الزوائد ٣ : ٤٠ ، سنن النسائي ٤ : ٦٥ و ٦٦ ، مسند احمد ٢ : ٢٩٠ و ٣٨٠ ـ ٣٨١ و ٣٩٩ و ٣ : ٢٩٦.
(٢) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨١ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٤ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ١٨٠٨.
(٣) المجموع ٥ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٦٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٢ ، المغني ٢ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨ ، أقرب المسالك : ٣٤ ، بلغة السالك ١ : ١٩٨ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٨.
(٤) الأنفال : ٧٥.
الناس بها ، أو يأمر من يحب » (١).
وقال أحمد : الموصى إليه أولى ـ وبه قال أنس ، وزيد بن أرقم ، وأم سلمة ، وابن سيرين ، وإسحاق (٢) ـ لأن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب ، وأوصت عائشة أن يصلي عليها أبو هريرة ، وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير ، ويونس بن جبير أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك ، وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فجاءه عمرو بن حريث ـ وهو أمير الكوفة ـ ليتقدم فيصلي عليه فقال ابنه : أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم ، فقدّم زيدا (٣) وهذا منتشر فكان إجماعا ، وهو ممنوع.
ولو كان الوصي فاسقا لم تقبل الوصية إجماعا.
مسألة ١٨٩ : الولي أولى من الوالي عند علمائنا ـ وهو قول الشافعي في الجديد (٤) ـ لقوله تعالى ( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (٥) ولقول الصادق عليهالسلام : « يصلي على الجنازة أولى الناس بها » (٦) ولأنها ولاية يعتبر فيها ترتيب العصبات فيقدم فيها الولي على الوالي كولاية النكاح.
وقال الشافعي في القديم ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ـ : الوالي أولى ، ونقله الجمهور عن علي عليهالسلام ، وجماعة من
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٧٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ ٤٨٣.
(٢) المغني ٢ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨ ، المجموع ٥ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٦٠.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٨٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩ وانظر المجموع ٥ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، المغني ٢ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨.
(٤) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦.
(٥) الأنفال : ٧٥.
(٦) الكافي ٣ : ١٧٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ ٤٨٣.
التابعين (١) لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( لا يؤم الرجل في سلطانه ) (٢) وحكى أبو حازم قال : شهدت حسينا حين مات الحسن عليهماالسلام وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص ويقول : « تقدم فلو لا السنة ما قدمتك » (٣) وسعيد أمير المدينة ، والخبر محمول على غير صلاة الجنازة ، وحديث الحسين عليهالسلام ـ كما قالت الشافعية (٤) ـ أراد بذلك إطفاء الفتنة ، ومن السنة إطفاء الفتنة.
قالوا : صلاة شرعت فيها الجماعة فكان الإمام أحق بالإمامة كسائر الصلوات (٥).
قلنا : الفرق أن الغرض من هذه الصلاة ، الدعاء للميت والحنو عليه فيه ، فالولي أحق بذلك.
تذنيب : إمام الأصل أولى من كل أحد ، ويجب على الولي تقديمه ، لأن عليّا عليهالسلام ، قال : « الإمام أحق من صلّى على الجنازة » (٦) ولأن للإمام منزلة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الولاية ، وقال تعالى ( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٧) ومن طريق الخاصة ما رواه الصادق عليهالسلام عن
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٧ ، المغني ٢ : ٣٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٢ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٩.
(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٦٥ ـ ٦٧٣ ، سنن الترمذي ١ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ـ ٢٣٥ ، سنن النسائي ٢ : ٧٦ و ٧٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ـ ٩٨٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٩ ـ ٥٨٢ و ٥٨٣ ، مسند الطيالسي : ٨٦ ـ ٦١٨ ، مسند احمد ٤ : ١١٨ و ١٢١ و ٥ : ٢٧٢.
(٣) سنن البيهقي ٤ : ٢٩ ، مجمع الزوائد ٣ : ٣١.
(٤) فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٥) فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩.
(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٨٦.
(٧) الأحزاب : ٦.