مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : مجلّة تراثنا
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: الوفاء
الطبعة: ٠
ISBN: 1016-4030
الصفحات: ٣١٨
تراثنا |
صاحب الامتیاز مؤسّسة آل البيت عليهمالسلام لإحياء التراث المدير المسؤول : السيّد جواد الشهرستاني |
العدد الرابع [١٤٠] |
السنـة الخامسة والثلاثون |
محتـويات العـدد
* السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل.
........................................................ علي عبد الزهرة الفحّام ٧
* الوجود العلمي الأحسائي في الهند.
...................................................... الشيخ محمّد علي الحرز ٥٨
* من أعلام النجف الأشرف المولى الإسترآبادي (ت٨٣٧هـ) (إجازاته وإنهاءاته).
.................................................. ميثم سويدان الحميري الحلّي ٩٨
* شيخ العراقَين (الشيخ عبد الحسين بن علي الطهراني) (١٢٢٥ ـ ١٢٨٦هـ).
..................................................... السيّد حسن علي مطر ١٦٦
شوّال ـ ذو الحجّة |
١٤٤٠ هـ |
* (الفَوائِدُ الحِسانُ الغَرائِبُ) روايةُ (ابنِ الجندي) (٣٠٥ ـ ٣٩٦هـ) (٢).
................................................... الشيخ أمين حسين پوري ٢٢٠
* المنهج الموسوعي في الفقه الإمامي (الحدائق والجواهر أنموذجاً) (٢).
...................................................... الشيخ مهدي البرهاني ٢٤٦
* من ذخائر التراث :
* تحقيق في مسألة الرضاع (للفاضل الهندي) (١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ).
.......................................... تحقيق : السيّد حسن جبّار الجزائري ٢٧٩
* من أنباء التراث.
.............................................................. هيـئة التحرير ٣٠٨
* صورة الغلاف : نموذج من مخطوطة (تحقيق في مسألة الرضاع للشيخ محمّد ابن الحسن الفاضل الهندي ١٠٦٢ ـ ١١٣٧ هـ) والمنشورة في هذا العدد.
السيّاري وكتاب (القراءات) المثير للجدل
د. علي عبد الزهرة الفحام
بسم الله الرحمن الرحیم
يعدّ أحمد بن محمّد السيّاري من الرواة الذين أكثر نقّاد الرجال القول فيهم ، بين قدح لروايته ، وتضعيف لكتبه ، فصار من جملة الضعفاء الذين حكم عليهم الرجاليّون بالضعف والغلوّ والتخليط ، وهذا الحكم ربّما يجد مجالاً للنقاش والنقد ، لا سيّما وأنّ آفة الرجاليّين تقليد من سبقهم ، والبناء على أقوال من تقدّم عليهم ، دون النظر في حال الراوي عن قرب ، وسبر غور رواياته ، وتحقيق كلام المتقدمين من النقّاد ، فظلموا الرواية والراوي ، وطعنوا في الحديث وأهل الحديث ، وصار النقد أسيراً لاجتهاد المحقّقين ، وربّما يخضع في بعض الأحيان لسلطان الهوى الذي لا ينفكّ عن كثير من الأحكام الاجتهادية في شتّى صنوف المعرفة.
إنّ من الواجب ، والحال هذه ، أنّ نزيل اللثام عن الحقيقة المختلف بشأنها ، وندلي بدلونا في بيان حال محدّثنا الشيخ (أحمد بن محمّد السيّاري) ، والذي ثبت
عندنا وثاقته ، بل حسن حاله ، وجلالة قدره ، وعلوّ شأنه في جملة المحدّثين الشيعة ، خلافاً للمشهور ، ووفاقاً لشيخنا المحدّث النوري صاحب المستدرك (أعلى الله مقامه).
اسمه ونسبه :
هو أحمد بن محمّد بن سيّار ، أبو عبد الله ، السيّاري ، البصري ، وصفه الكشّي بأنّه (أصفهاني) (١) ، ولكن البصري هو الشائع من بين ألقابه ، ولعلّ مولده ، أو أصوله العائلية تعود إلى مدينة البصرة ، فقد سكن فيها ، وحدّث عن بعض رواتها(٢) ، أدرك عهد الإمام الرضا عليهالسلام ، وتوفّي في زمان الغيبة الصغرى ، وهذا يعني أنّه عاصر خمسة من أئمّة الهدى عليهمالسلام ، وهم : الرضا ، والجواد ، والهادي ، والعسكري ، والإمام المهدي (صلوات الله عليهم أجمعين).
حياته العلمية وعلاقته بالأئمّة عليهمالسلام :
كان أحمد بن محمّد السيّاري من بحور العلم ، ومن أوعية الحديث ، أخذ الرواية والحديث عن طائفة واسعة من أصحاب الأئمّة عليهمالسلام ، وتنقّل في طلب العلم بين الكوفة ، وبغداد ، وقم ، والبصرة ، حتّى صار من كبار المحدّثين ، وكان الرواة والفقهاء يقصدونه لأخذ الحديث ، وتلقّي العلوم ، وتعدّ كتبه من الأصول التي أخذ
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٨٦٥.
(٢) منهم أبو يزيد القسمي ، كما سيأتي.
عنها قدماء أصحابنا وثقات مصنّفينا كالكليني والصفّار والبرقي وغيرهم ممّن سنأتي على ذكرهم بالتفصيل.
كان السيّاري من أصحاب الإمام الرضا عليهالسلام ، فقد عاصره وروى عنه الحديث(١) ، كما روى عن أبي جعفر الثاني عليهالسلام (٢) ، وكان له صلات علمية واجتماعية مع بعض وكلاء الأئمّة عليهمالسلام ، منهم : أبو الحسن علي بن راشد ، وأبو جعفر محمّد بن عيسى بن عبيد ، وإبراهيم بن محمّد الهمداني ، وحفيده الحسن ابن علي بن إبراهيم الهمداني.
أدرك السيّاري زمان الغيبة الصغرى ، وشاهد وسمع بعض معجزات وكرامات الإمام المهدي عليهالسلام كما في بعض المرويّات ، وروى بعض التواقيع ، ممّا يرجّح اتّصاله بنوّاب الإمام المهدي عليهالسلام ، ووكلائه ، وكونه على صلة بكبار رجالات الشيعة ، ومن الروايات التي توثّق حضوره في زمان الغيبة الصغرى ، نذكر ما يأتي :
الرواية الأولى : الشيخ الصدوق ، قال : «حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، وأحمد بن محمّد بن يحيى العطّار رضي الله عنهما قال : حدّثنا محمّد بن يحيى العطّار ، قال : حدّثنا الحسين بن علي النيسابوري ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن السيّاري قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : إنّه لمّا سقط صاحب الزمان عليهالسلام من بطن أمّه جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبابتيه إلى السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله ، زعمت
__________________
(١) أنظر : مستدرك الوسائل ١٢ / ٧٨ ، مستدرك الوسائل ٧ / ٩٣ ، بحار الأنوار ٣٠ / ٢١٥ ،
(٢) بحار الأنوار ٨٥ / ١٠٧.
الظلمة أنّ حجّة الله داحضة لو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ»(١).
أورد هذه الرواية أيضاً الشيخ الطوسي ، بسنده عن علاّن الكليني ، عن محمّد بن يحيى ، عن الحسين بن علي النيشابوري الدقّاق ، عن إبراهيم بن محمّد ابن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن السيّاري قال : «حدّثني نسيم ومارية قالت : لمّا خرج صاحب الزمان عليهالسلام من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله غير مستنكف ولا مستكبر» ، ثمّ قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشك»(٢).
وروى قطب الدين الرواندي عن السيّاري ، عن نسيم ومارية أنّه لمّا خرج صاحب الزمان من بطن أمّه سقط جاثياً على ركبتيه ، رافعاً سبّابتيه نحو السماء ، ثمّ عطس وقال : «الحمد لله ربّ العالمين وصلّى الله على محمّد وآله عبداً داخراً لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» ثمّ ، قال : «زعمت الظلمة أنّ حجّة الله داحضة ، ولو أذن لنا في الكلام لزال الشكّ»(٣).
أمّا الميرزا النوري الطبرسي فقد روى عن علي بن الحسين المسعودي صاحب كتاب إثبات الوصية : قال : «روى غيلان الكلابي(٤) ، عن محمّد بن يحيى ،
__________________
(١) كمال الدين : ٤٣٠ ، الثاقب في المناقب : ٥٨٤ ، ، كشف الغمّة ٣ / ٣٠٢ ، وسائل الشيعة ١٢ / ٨٩.
(٢) غيبة الطوسي : ٢٤٤.
(٣) الخرائج والجرائح : ٤٥٧ ، بحار الأنوار ٧٣ / ٥٣.
(٤) كذا والصحيح (علان الكليني).
عن الحسن بن علي النيشابوري الدّقاق ، عن إبراهيم بن محمّد بن عبد الله بن موسى بن جعفر عليهماالسلام ، عن أحمد بن محمّد السيّاري ، قال : حدّثتني نسيم ومارية قالتا : لمّا خرج صاحب الزمان عليهالسلام من بطن أمّه ، سقط جاثياً على ركبتيه رافعاً سبّابته نحو السماء ، ثمّ عطس فقال : الحمد لله ربّ العالمين ، وصلّى الله على محمّد وآله ، عبد داخر لله ، غير مستنكف ولا مستكبر» الخبر(١).
والرواية الأخيرة هي الوحيدة التي تصرّح باسم السيّاري كاملاً (أحمد بن محمّد السيّاري) ، وبها يتّضح الإجمال الوارد في ما سبقها من نصوص ، وهو ما تنبّه له بعض المحقّقين أيضاً ، منهم : السيّد محمّد باقر الموحد الأبطحي في تحقيق كتاب الخرائج(٢) ، والشيخان عبد الله الطهراني وعلي أحمد ناصح محقّقا كتاب غيبة الطوسي(٣) ، وهذا يدلّ أنّ السيّاري كان على اتّصال بالطبقة المقرّبة من الإمام المهدي عليهالسلام ، وهم أهله ، وحاشيته ، وخدمه ، في ظرف كانت فيه أجواء التعتيم والسرّية هي السائدة في بيت الإمام العسكري عليهالسلام ، ولم يكن يطّلع على أحوال الإمام ، أو يعرف أخباره إلاّ قلّة من المخلصين من فقهاء الشيعة ورواة حديث الأئمّة.
الرواية الثانية : عن كتاب النجوم للسيّد ابن طاووس ، نقلاً عن كتاب الدلائل للحميري ، قال : «الحسن بن علي بن إبراهيم ، عن السيّاري قال : كتب علي
__________________
(١) مستدرك الوسائل ٨ / ٣٨٨.
(٢) الخرائج والجرائح ١ / ٤٥٧ (هامش رقم ١).
(٣) غيبة الطوسي : ٢٤٤ (هامش رقم ٤).
ابن محمّد [الصيمري] يسأل كفَناً فورد : (إنّك تحتاج إليه سنة ثمانين) ، فمات في هذا الوقت الذي حدّه وبعث إليَّ بالكفن قبل موته بشهرين»(١).
الرواية الثالثة : روى النوري عن صاحب الهداية الكبرى عن الحسن بن محمّد بن جمهور ، عن السيّاري ، عن إبراهيم بن إدريس ـ صاحب نفقة(٢) أبي محمّد عليهالسلام ـ قال : «وجّه إليَّ مولانا أبو محمّد عليهالسلام بكبشين ، وقال : (عقّهما عن ابني الحسين ، وكل وأطعم إخوانك) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (المولود الذي ولد لي مات) ، ثمّ وجّه إليّ بأربعة أكبش وكتب : (بسم الله الرحمن الرحيم ، عقّ هذه الأربعة أكبش عن مولاك ، وكل ـ هنّأك الله) ، ففعلت ولقيته بعد ذلك فقال : (إنّما استأثر الله بابني الحسين وموسى لولادة محمّد مهدي هذه الأمّة والفرج الأعظم»(٣).
أقول : ونقطة الضعف في هذه الرواية إثبات ولادة أخوين للإمام المهدي عليهالسلام ، وهذا مخالف لمشهور النقل التاريخي ، وإن كان ليس ممتنعاً عقلاً أو شرعاً ، ولم يستبعد بعض المحقّقين هذا الأمر ، قال الشيخ الكوراني : «يظهر أنّ المقصود أنّ الله تعالى ستر ولادة المهدي عليهالسلام بولادة مولود قبله كان اسمه الحسين ، حيث مات وبلغ خبره السلطان فاطمأنّ أنّه لم يبق ولد حيّ للإمام الحسن العسكري عليهالسلام »(٤).
__________________
(١) بحار الأنوار ٥١ / ٣٠٦ ، ويظهر أيضاً من رواية الشيخ الصدوق في كمال الدين : ٥٠٠.
(٢) في المصدر الأصلي (ثقة) بدل (نفقة).
(٣) الهداية الكبرى : ٣٥٨ ، مستدرك الوسائل ١٥ / ١٥٤.
(٤) معجم أحاديث الإمام المهدي ٤ / ٢٤٣.
السيّاري ضحية الارتجال العلمي والتقليد :
اتّفقت كلمات أغلب النقّاد والمحقّقين على تضعيف السيّاري ، والغمز فيه ، وفي مرويّاته ، وهذا التضعيف إنّما جاء بسبب مباني الجرح عند القدماء ، وحالة التقيّد عند المتأخّرين بمقولة المتقدّمين ، ويمكننا أن نضيف سبباً آخر وهو أنّ السيّاري روى جملة من روايات (تحريف القرآن) ، وهو موضوع يشكّل هاجساً مخيفاً عند كثير من المحقّقين المعاصرين ، بحيث يتوقّف الباحث عند الخوض في غماره أو مواجهة استحقاقاته ، احترازاً من تهمة طالما ألصقها المخالفون بالشيعة ، وبغضّ النظر عن القول المختار في موضوع التحريف ، فإنّني رأيت أنّ الرهاب الموجود في الوسط الفكري من روايات التحريف هي التي دفعت بعض الباحثين المعاصرين إلى تأكيد ضعف السيّاري ، وعدم الاعتناء بتراثه الروائي ، لتحييد مرويّاته عن أن تكون وثائق بيد المخالفين يتمّ توظيفها في السجالات ، وحرب التهم المتبادلة بين الطرفين.
وسنذكر أهمّ النصوص ـ القديمة والحديثة والمعاصرة ـ الواردة في تضعيف السيّاري ، ثمّ نذكر أهمّ ما قرّروه في وجوه التضعيف ، ونبيّن ضعف تلك الوجوه ، وما يعارضها من مرجّحات التوثيق ، لنخلص إلى القول المختار في بيان درجة وثاقة أحمد بن محمّد السيّاري.
أقوال النُّقاد والمحقّقين
أمّا أهمّ الأقوال في تضعيف السيّاري ، فهي كما يأتي :
* أحمد بن الحسين الغضائري (توفّي قبل سنة ٤٥٠ هـ) ، قال : «أَحْمَدُ بنُ
مُحَمَّد بن سَيّار ، يُكنّى أبا عَبْد الله ، القُمّي ، المعروف بالسَيّاري. ضَعِيْفٌ ، مُتهالِكٌ ، غال ، مُنْحَرِفٌ. اسْتَثْنى شُيُوخُ القُمّيّين رِوايَتَهُ من كتاب نَوادِرِ الحِكْمةِ. وحَكى عليُّ بنُ مُحَمَّد بن مَحْبُوب عنه في كتاب النَوَادِرِ المُصَنَّف(١) أنّهُ قالَ بِالتَناسُخِ»(٢).
* أبو العبّاس ، أحمد بن علي ، النجاشي (ت ٤٥٠ هـ) ، قال عنه : «أحمد بن محمّد بن سيّار أبو عبد الله الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد عليهالسلام. ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، ذكر ذلك لنا الحسين بن عبيد الله. مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل ... أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلوٍّ وتخليط»(٣).
* محمّد بن عمر بن عبد العزيز الكشّي (توفّي بحدود ٣٥٠ هـ) ، ذكره بعنوان (في أبي عبد الله أحمد بن محمّد السيّاري ، أصفهاني ويقال بصري) ، ثمّ نقل عن طاهر بن عيسى الورّاق ، قال : «حدّثني جعفر بن أحمد بن أيّوب قال : حدّثني الشجاعي ، قال : «حدّثني إبراهيم بن محمّد بن حاجب ، قال : قرأت في رقعة مع الجواد عليهالسلام يعلم من سأل عن السيّاري : (أنّه ليس في المكان الذي ادّعاه
__________________
(١) كذا ، وفي خلاصة العلاّمة : ٣٢٠ (للمصنّف) ولعلّه هو الأوفق ، أي كتاب النوادر للسياري ، وهذا النقل غريب ، وسنأتي على بطلانه إن شاء الله تعالى ،
(٢) رجال ابن الغضائري : ٤٠.
(٣) رجال النجاشي : ٨٠ ، نقد الرجال ٥ / ١٨٢ ، خاتمة المستدرك ١ / ١١١.
لنفسه وألاّ تدفعوا إليه شيئاً). قال نصر بن الصباح : السيّاري ، أحمد بن محمّد ، أبو عبد الله ، من ولد سيّار ، وكان من كبار(١) الطاهرية في وقت أبي محمّد الحسن العسكري عليهالسلام »(٢).
* الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠ هـ) ، قال : «أحمد بن محمّد ابن سيّار ، أبو عبد الله الكاتب ، بصري ، كان من كتاب آل طاهر في زمن أبي محمّد عليهالسلام ، ويعرف بالسيّاري ، ضعيف الحديث ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية ، كثير المراسيل. وصنّف كتباً كثيرة ، منها كتاب ثواب القرآن ، كتاب الطبّ ، كتاب القراءة ، كتاب النوادر ، أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، قال : حدّثنا أبي ، قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ بما كان فيه من غلوّ وتخليط ، وأخبرنا بالنوادر وغيرها جماعة من أصحابنا ، منهم الثلاثة الذين ذكرناهم ، عن محمّد بن أحمد بن داود ، قال : حدّثنا سلامة بن محمّد ، قال : حدّثنا علي بن محمّد الجبائي(٣) ، قال : حدّثنا السيّاري»(٤).
* ابن داود الحلّي (ت ٧٤٠ هـ) : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف»(٥).
* العلاّمة الحلّي (ت ٧٢٦ هـ) ، قال : «أبو عبد الله السيّاري ، ضعيف»(٦).
__________________
(١) ثمّة تصحيف في هذا المورد ، والصواب (كتاب) ، بشهادة ما ذكره ابن الغضائري والنجاشي والطوسي أنّه كان من كتاب آل طاهر.
(٢) اختيار معرفة الرجال ٢ / ٨٦٥.
(٣) في بعض النسخ (الجنابي) ، (الجناني) ، وفي نسخة الشيخ النوري (الحنائي).
(٤) الفهرست : ٦٦ ، خاتمة المستدرك ١ / ١١١.
(٥) رجال ابن داود : ٣١٣.
(٦) إيضاح الاشتباه : ٩٨ ، خلاصة الأقوال : ٣٢٠ ، ٤٢٤.
* حسن بن زيد الدين العاملي (ت ١٠١١ هـ) ، قال : «إنّ ضعف المشار إليه ظاهر ثابت من غير هذا الطريق ، فلا يعتبر ما يرويه»(١).
* المولى محمّد صالح المازندراني (ت ١٠٨١ هـ) ، قال : «(عن أحمد بن محمّد السيّاري) ضُعّفَ ونسب إلى التناسخ»(٢).
* السيّد حسين البروجردي (ت١٣٨٣ هـ) ، قال في دروسه : «أحمد بن محمّد السيّاري من كتاب (آل طاهر) وضعف مذهبه وفساد عقيدته معلوم عند من كان مطّلعاً على أحوال الرجال»(٣).
* السيّد الخوئي (ت١٤١٣ هـ) ، قال في تفسيره في مبحث التحريف : «أحمد بن محمّد السيّاري ، الذي اتّفق علماء الرجال على فساد مذهبه ، وأنّه يقول بالتناسخ»(٤).
* السيّد محمّد الشيرازي (ت١٤٢٢ هـ) ، ذكر السيّاري عرضاً في حديثه عن روايات التحريف في كتب الشيعة ، قائلاً : «إنّ روايات التحريف الموجودة في كتب الشيعة والسنّة روايات دخيلة أو غير ظاهرة الدلالة ، وقد تتبّعنا ذلك فوجدنا أنّ الروايات التي في كتب الشيعة تسعين بالمائة منها عن طريق السيّاري ، وهو بإجماع الرجاليّين ، كذّاب وضّاع ضال»(٥).
__________________
(١) التحرير الطاووسي : ٦٢.
(٢) شرح أصول الكافي ١ / ٢٩٤.
(٣) نهاية الأصول (تقرير بحث البروجردي للمنتظري) ١ / ٤٨٣.
(٤) البيان في تفسير القرآن : ٢٢٦.
(٥) متى جُمع القرآن؟ : ٣٤ ، أما اتهامه بالوضع فسيأتي أنّه لم يقل به أحد من القدماء.
* علي أكبر غفّاري ، قال : «أحمد بن محمّد بن سيار أبو عبد الله السيّاري ، كذّاب ، ضعيف ، فاسد المذهب ، مجفوّ الرواية»(١).
* السيّد محمّد مهدي الخرسان ، قال بحقّه : «مثل هذا الإنسان كيف يعتمد على روايته؟ أو يحتجّ بها؟»(٢).
* الشيخ ناصر مكارم شيرازي ، قال عن السيّاري بعد أنّ تطرّق لمبحث التحريف : «السيّاري هذا مطعون عند كثير من علماء (علم الرجال) ويقولون عليه كان : فاسد المذهب ، لا يعتمد عليه ، وضعيف الحديث. وعلى قول بعضهم : إنّه من أهل الغلوّ ، منحرف ، معروف بالتقوّل بالتناسخ ، وكذّاب ، ويقول عنه الكشّي (صاحب كتاب الرجال المعروف) : إنّ الإمام الجواد عليهالسلام وصف ادّعاءات السيّاري في رسالته بأنّها باطلة»(٣).
* السيّد جعفر مرتضى العاملي ، كبت به فرس التحقيق فقال عن السيّاري كلاماً غريباً : «السيّاري ، فاسد المذهب والمنحرف ، والغالي الملعون على لسان الصادق عليهالسلام ، والمطعون فيه من قبل جميع الرجاليّين»(٤).
__________________
(١) دراسات في علم الدراية : ٢٦٦.
(٢) مقدّمة مستطرفات السرائر (باب النوادر) : ٢١.
(٣) تفسير الأمثل ٨ / ٢٩ ، سيأتي أنّ تهمة القول بالتناسخ كانت حكاية قالها ابن محبوب وليس أمراً ثابتاً بحقّه.
(٤) حقائق هامّة حول القرآن الكريم : ٣٩٨ ، والعجب من المحقّق السيّد جعفر العاملي كيف غفل أنّ الرجل ليس معاصراً للإمام الصادق عليهالسلام ، وأنّ ذمّ (السيّاري) ورد على لسان الإمام الجواد عليهالسلام ، ولم يكن فيه اللعن كما زعم العاملي ، وقد بينّا سابقاً عدم ثبوت كون المراد من
* الدكتور فتح الله المحمّدي ، قال كلاماً غريباً أيضاً عن السيّاري بعد أن ذكر موضوعة التحريف : «أحمد بن محمّد السيّاري حيث اتّفق علماء الفريقين على تضعيفه»(١).
* ضياء الدين الحسيني الأصفهاني ، قال تعليقاً على رواية أوردها الشيخ الكليني عن السيّاري : «السيّاري من أضعف خلق الله وهذه الترّهات من مجعولات وهمه»(٢).
أهمّ موارد الطعن في السيّاري :
يمكن ممّا تقدّم من الأقوال أن نُجمل الموارد التي طعن فيها الرجاليّون في وثاقة الراوي أحمد بن محمّد السيّاري ، والتي تتلخّص في ما يأتي :
١ ـ الضعف :
وقد قرأنا ذلك في كلام أغلب من تعرّض لترجمة السيّاري ، سواء في كتب الرجال والتراجم ، أم في كتب الشرح وتخريج الأحاديث ، أم في كتب الفقه ؛
__________________
السيّاري في تلك الرواية أحمد بن محمّد ، صاحب الترجمة ، وأنّ التوقيع ربّما يكون قد صدر للتقية والتستّر عليه.
(١) سلامة القرآن من التحريف : ٩٨ ، ولا ينقضي العجب من الدكتور المحمّدي الذي ذكر تضعيف العامّة للسيّاري ، ومتى كانت تضعيفات العامّة ميزاناً عندنا للجرح أو قرينة على ضعف الراوي؟! إذ العكس هو الصحيح ، توثيق العامّة لرجالاتنا من موارد الفخر ومن مرجّحات التوثيق التي تذكر لهم.
(٢) الوافي ١١ / ١٥٢ (الهامش رقم ـ ٢ ـ).
والضعف عنوان جامع لموارد الطعن والغمز على الراوي ، سواء كان الطعن في نفسه ، أم في حديثه ، أم في مذهبه وعقيدته ، ولاسيّما مع عدم التخصيص ، وذكر السيّد حسن الصدر «أنّه قدح مناف للعدالة»(١) ، وقال المحقّق علي أكبر غفّاري : «قولهم : (ضعيف) ، لا ريب في دلالته على الذمّ والقدح ، بل عدّه جمع منهم ثاني الشهيدين ـ رحمهما الله ـ من ألفاظ الجرح ، وقال بعض الأجلّة : (إنّه لا ريب في إفادته سقوط الرواية وضعفها) وإن لم يكن في الشدّة مثل أكثر ما سبق ، فيتميّز عند التعارض ، وأمّا إفادته القدح في نفس الرجل فلعلّه كذلك ، حيث أطلق ولم يكن قرينة كتصريح أو غيره على الخلاف. ولعلّه عليه يبتنى ما حكاه المولى الوحيد البهبهاني ـ رحمه الله ـ عن الأكثر ، من أنّهم يفهمون منه القدح في نفس الرجل ، ويحكمون به بسببه. لكنّه قد تأمّل هو ـ رحمه الله ـ في ذلك ، نظراً إلى أعمّية الضعف عند القدماء من الفسق ، لأنّ أسباب الضعف عندهم كثيرة ، فإنّهم أطلقوه على أشخاص لمجرّد قلة الحفظ ، أو سوء الضبط ، أو الرواية من غير إجازة ، والرواية عمّن لم يلقه أو الرواية لما ألفاظه مضطربة ، أو الرواية عن الضعفاء والمجاهيل ، أو رواية راو فاسد العقيدة عنه ، أو أبرز الرواية التي ظاهرها الغلوّ أو التفويض أو الجبر ، أو التشبيه ، أو نحو ذلك ممّا لا يوجب الفسق ، فكما أنّ تصحيحهم غير مقصور على العدالة ، فكذلك تضعيفهم غير مقصور على الفسق ، كما لا يخفى على من تتبّع وتأمّل. وقد يعترّض عليه بأنّ فهم الأكثر منه القدح في نفس الرجل إنّما هو عند الإطلاق ، والموارد التي أشار إليها ممّا قامت
__________________
(١) نهاية الدراية : ٤٣١.
فيه قرينة على الخلاف ، ولا مانع من استفادة الجرح منه عند الإطلاق وعدم القرينة»(١).
وسيتّضح بعد قليل أنّ القول بالضعف المطلق للسيّاري ممّا لا سبيل إلى القبول به ، مع كثرة القرائن والمرجّحات على ثبوت ظاهر العدالة ، ومقبولية رواياته عند الطائفة المحقّة ، كما أنّ إثبات مطلق الضعف يحتاج إلى شهادة حسّية معتبرة ، وليس بين أيدينا إلاّ آراء اجتهادية ناشئة من إعمال الذوق الاجتهادي المبني على الظنّ والحدس ، قال الشيخ علي النمازي الشاهرودي في تعليقه على تضعيف السيّاري : «وعندي أنّ تضعيفه لما روى في كتاب القراءات من الآيات النازلة في الولاية ، وإسقاط بعض كلماته وفيها الغلوّ والتخليط بزعمهم»(٢).
٢ ـ التخليط :
وقد جاءت هذه التهمة عرضاً في طرق النجاشي والطوسي إلى كتب السيّاري ، قال النجاشي : «أخبرنا الحسين بن عبيد الله قال : حدّثنا أحمد بن محمّد ابن يحيى ، وأخبرنا أبو عبد الله القزويني قال : حدّثنا أحمد بن محمّد بن يحيى ، عن أبيه قال : حدّثنا السيّاري ، إلاّ ما كان من غلوّ وتخليط»(٣) ، وقال الطوسي : «أخبرنا بالنوادر خاصّة الحسين بن عبيد الله ، عن أحمد بن محمّد بن يحيى ، قال :
__________________
(١) دراسات في علم الدراية : ١٣٢ ـ ١٣٣.
(٢) مستدركات علم رجال الحديث ١٥ / ٤٤٦.
(٣) رجال النجاشي : ٨٠ ، نقد الرجال ٥ / ١٨٢.