أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله الشافعي [ ابن عساكر ]
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٢
[ذكر من اسمه فتح]
٥٥٧٧ ـ الفتح بن الحسين بن أحمد بن سعدان
أبو نصر الفارقي
سمع السّكن بن محمّد بن جميع.
وحدّث بصيدا عن شيخه أبي الحسن (١) بن زكّار (٢) النحوي.
روى عنه : سعيد بن محمّد بن الحسن الإدريسي.
أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمّد الفقيه ، أنبأنا أبو الفضل يوسف بن الحسن بن إبراهيم المقرئ ـ بمسجد الفرس بصور ـ حدّثنا أبو القاسم سعيد بن محمّد بن الحسن بن القاسم الإدريسي المقرئ ـ بجامع صور ـ أنبأنا أبو نصر فتح بن الحسين بن أحمد الفارقي ، قدم علينا بصيدا ، قال : كان عرض لشيخنا أبي الحسن علي بن يحيى بن زكّار الفارقي اللغوي حاجة في بعض قرى ميّافارقين ، فأرسل إلى بعض أصدقائه يستعير منه دابّة يركبها ، فأنفذ له دابّة بلا سرج ، فاستعار سرجا من صديق آخر ومضى لحاجته ، فلمّا عاد أرسل بالدابّة إلى صاحبها ومعها رقعة فيها هذه الأبيات :
بعثت إليك في أمر مهمّ |
|
أردت بما أردت به رواجه |
فجدت ببعضه ومنعت بعضا |
|
ومن حقّ المقصّر أن يواجه |
جزاك الله عني نصف خير |
|
فإنك قد مننت بنصف حاجة |
__________________
(١) بالأصل وت هنا : الحسين ، تصحيف ، وسيرة في الخبر التالي : أبو الحسن ، صوابا.
(٢) تقرأ بالأصل : ركان ، تصحيف.
٥٥٧٨ ـ الفتح بن خاقان بن عرطوج (١)
أبو محمّد التركي (٢)
قدم دمشق مع المتوكل معادله على جمّازة (٣) ، ثم نزل بالمزّة (٤) ، فلما رحل المتوكل عن دمشق ولاها الفتح بن خاقان ، فاستخلف بعده كلباتكين (٥) التركي وكان أديبا ظريفا ، له شعر حسن ، وكان من السماحة في الغاية ، وكان على خاتم المتوكل ، وقتل معه.
حكى عن المتوكل.
روى عنه : أبو زكريا يحيى بن حكيم الأسلمي شيئا من شعره ، وأبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد ، وأحمد بن يزيد المؤدب.
ولم يذكره الخطيب في تاريخه (٦).
أخبرنا أبو العزّ السلمي ـ إذنا ومناولة وقرأ عليّ إسناده ـ أنبأنا محمّد بن الحسين ، أنبأنا المعافى بن زكريا (٧) ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي ، أنبأنا محمّد بن القاسم قال :
دخل المعتصم يوما إلى خاقان بن عرطوج (٨) يعوده ، فرأى الفتح ابنه وهو صبي لم يثّغر (٩) ، فمازحه ثم قال : أيما أحسن ، داري أم داركم؟ فقال الفتح : يا سيدي دارنا إذا كنت فيها أحسن ، فقال المعتصم : لا أبرح والله حتى أنثر عليه مائة ألف درهم ، ففعل ذلك.
__________________
(١) كذا بالأصل وت : عرطوح ، بالعين المهملة ، وفي فوات الوفيات : غرطوج.
(٢) ترجمته في : مروج الذهب (الفهارس) ، ومعجم الأدباء ١٦ / ١٧٤ وفوات الوفيات ٣ / ١٧٧ وتاريخ الطبري (الفهارس) ، والبداية والنهاية (الفهارس) ، والكامل لابن الأثير (الفهارس) وتاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٩ وسير أعلام النبلاء ١٢ / ٨٢.
(٣) الأصل : حماره ، تصحيف ، والتصويب عن ت.
والجمازة : الناقة السريعة.
(٤) المزة : من قرى دمشق ، بينها وبين دمشق نصف فرسخ (راجع معجم البلدان ، وغوطة دمشق لمحمد رد علي).
(٥) رسمها مضطرب بالأصل ، والمثبت عن ت.
(٦) الذي ورد في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٩ الفتح بن خاقان وزير المتوكل قتل معه.
وكتب مصححه بهامشه : «هذه الترجمة وجدت بهامش الصميصاطية فقط».
(٧) الخبر في الجليس الصالح الكافي ١ / ٢٦٩.
(٨) في الجليس الصالح الكافي : «خاقان غرطوج» وبالأصل : عرطوح.
(٩) لم يثغر أي تنبت أسنانه.
قرأت بخط أبي الحسن رشأ بن نظيف ، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم ، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه ، أنبأنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم ، حدّثنا أبو بكر محمّد بن يحيى الصولي ، حدّثنا أبو العيناء قال : قال الفتح بن خاقان :
غضب عليّ المعتصم ثم رضي عني وقال : ارفع حوائجك لتقضى ، فقلت : يا أمير المؤمنين ، ليس شيء من عرض الدنيا وإن جلّ يفي برضى أمير المؤمنين وإن قلّ ، فأمر فحشي فمي جوهرا.
أخبرنا أبو الحسين بن كامل ، قال : كتب إليّ أبو جعفر بن المسلمة يذكر أن أبا عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني أخبرهم ـ إجازة ـ قال :
أبو محمّد الفتح بن خاقان القائد أديب ظريف شاعر ، له شعر مليح ، وهو الغالب على المتوكل ، والمقتول معه ، وهو القائل (١) :
بني الحب على الجور فلو |
|
أنصف المعشوق (٢) فيه لسمج |
ليس يستملح في وصف الهوى |
|
عاشق يحسن تأليف الحجج |
وله (٣) :
أيها العاشق المعذّب صبرا |
|
فخطايا أخي الهوى مغفوره |
زفرة في الهوى أحطّ لذنب |
|
من غزاة وحجّة مبرورة |
كتب إليّ أبو محمّد بن السّمرقندي ، وحدّثنا أبو طاهر إبراهيم بن الحسن عنه ، حدّثنا أبو بكر الخطيب ، قال : حدّثت عن أبي عبيد الله محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، حدّثني أحمد بن محمّد بن الخطيب إمّا هو الجوهري أو المعروف بالمكي عن أبي العباس المبرد قال :
ما رأيت أحرص على العلم من ثلاثة : الجاحظ ، والفتح بن خاقان ، وإسماعيل بن إسحاق القاضي ، فأمّا الجاحظ فإنه كان إذا وقع في يده كتاب قرأه من أوّله إلى آخره ، أيّ كتاب كان ، وأمّا الفتح فكان يحمل الكتاب في حقّه ، فإذا قام من بين يدي المتوكل ليبول أو
__________________
(١) البيتان في معجم الأدباء ١٦ / ١٨٤ وقال ياقوت الحموي : وهذان البيتان يرويان لعلية بنت المهدي.
(٢) في معجم الأدباء : المحبوب.
(٣) البيتان في معجم الأدباء ١٦ / ١٨٤ وفوات الوفيات ٣ / ١٧٩.
ليصلّي أخرج الكتاب فنظر فيه وهو يمشي حتى يبلغ الموضع الذي يريد ، ثم يصنع مثل (١) ذلك في رجوعه إلى أن يأخذ مجلسه ، وأمّا إسماعيل بن إسحاق فإنّي ما دخلت عليه قطّ إلّا وفي يده كتاب ينظر فيه ، أو يقلّب الكتب لطلب كتاب ينظر فيه.
أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي وغيره عن أبي بكر الخطيب ، أنبأنا محمّد بن محمّد بن المظفّر بن السراج ، أنبأنا محمّد بن عمران بن موسى المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى ، حدّثني يحيى بن البحتري ، قال : قال لي أبي :
كان أوّل ما مدحت به الفتح بن خاقان :
هب الدار ردّت رجع ما أنت قائله (٢)
فأنشدته إياها في سنة ثلاث وثلاثين بعد أن أقمت شهرا لا أصل إلى إنشاده ، وهو مع ذاك يجري عليّ ويصلني ، ثم جلس جلوسا عاما وحضرت وحدي ، فأنشدته فرأيته يتبسم عند كلّ بيت جيد ، فعلمت أنه يعلم الشعر ، وكان ذلك أعجب إليّ من جميع ما وصلني به ، وكان أول ما اهتز له حين بلغت قولي :
وقد قلت للمعلي إلى المجد طرفه |
|
دع المجد فالفتح بن خاقان شاغله |
أطلّ بنعماه فمن ذا يطاوله |
|
وعمّ بجدواه فمن ذا يساجله |
أمنت به الدّهر الذي كنت أتّقي |
|
ونلت به القدر الذي كنت آمله |
ولمّا حضرنا سدّة الإذن أخّرت |
|
رجال عن الباب الذي أنا داخله |
فأفضيت من قرب إلى ذي مهابة |
|
أقابل بدر الأفق حين أقابله |
فسلّمت واعتاقت جناني هيبة |
|
تنازعني القول الذي أنا قائله |
فلمّا تأمّلت الطّلاقة وانثنى |
|
إليّ ببشر آنستني مخايله |
دنوت فقبّلت الثّرى (٣) من يد امرئ |
|
جميل محيّاه سباط أنامله (٤) |
__________________
(١) بالأصل : بعد ، والمثبت عن المختصر.
(٢) البيت للبحتري ، في ديوانه ط بيروت ١ / ٥٢ مطلع قصيدة يمدح الفتح بن خاقان ويصف دخوله إليه وسلامه عليه ، وعجزه :
وأبدى الجواب الربع عما تسائله
(٣) في الديوان : الندى.
(٤) سباط أنامله أي منبسط الكف ، يكنى به أنه كريم ومعطاء.
صفت مثل ما يصفو المدام خلاله |
|
ورقّت كما رقّ النسيم شمائله |
قال : فلمّا فرغت سرّه ما سمع ، وأمر لي بخمسة آلاف درهم وقال : أمير المؤمنين يخرج إلى المصلّى لصلاة الفطر ويخطب ، فاعمل شعرا تنشده إيّاه إذا رجع ، فلما جاء الفطر وركب ورجع أوصلني إليه ، فدخلت فأنشدته :
أبرّ على الأنواء نائلك الغمر (١)
فلما بلغت قولي :
وحال عليك الحول بالفطر مقبلا |
|
فباليمن (٢) والإقبال (٣) قابلك الفطر |
لعمري لئن زرت (٤) المصلّى بجحفل |
|
يرفرف في أثناء راياته النّصر |
عليك ثياب المصطفى ووقاره |
|
وأنت به أولى إذا حصحص الأمر |
ولمّا صعدت المنبر اهتزّ واكتسى |
|
ضياء وإشراقا كما سطع الفجر |
بهرت قلوب السامعين بخطبة |
|
هي الزّهر المبثوث واللؤلؤ النّثر |
فما ترك المنصور نصرك عندها |
|
ولا خانك السّجّاد فيها ولا الحبر |
جزيت جزاء المحسنين عن الهدى |
|
وتمّت لك النّعمى وطال لك العمر |
فقال المتوكل للفتح : هذا شاعرك ، فجعل يصفني له ، ثم حاوره ، فعلمت أنه في صلتي إلى أن أمر لي بعشرة آلاف درهم ، فأخذتها من وقتي وخصصت بالفتح حتى كنت أشفع للناس إليه ، ثم صيّرني بعد في جلساء المتوكل.
قال المرزباني : أما القصيدة الأولى فأنشدنيها أبو عبد الله الحكيمي ، وعبد الله بن جعفر قالا : أنشدنا البحتري.
قال : وأنبأنا المرزباني ، أنشدني أبو بكر الصولي ، حدّثني الحسين بن علي ، حدّثني البحتري قال :
كنت أمدح المتوكل بمثل مدائحي في الفتح بن خاقان مقويا لفظي غير مرسل نفسي ،
__________________
(١) مطلع قصيدة للبحتري في ديوانه ط بيروت ٢ / ٥٤ و ٣٤١ قالها يمدح المتوكل على الله. وعجزه :
وبنت بفخر ما يشاكله فخر
(٢) بالأصل : فاليمن ، والمثبت عن الديوان.
(٣) في الديوان : والإيمان.
(٤) في الديوان ٢ / ٥٥ «لقد ذدت» وفيه ٢ / ٣٤٢ لقد زرت.
فقال لي الفتح : ـ وكان والله ما علمت قوي الأدب حسن المعرفة بالشعر ـ ليس بك حاجة في مدح أمير المؤمنين إلى مثل هذا ، ليّن كلامك حتى يفهم عنك ، فإنه يلذّ ما يفهم ، فعلمت أنه قد نصحني فمدحته بأشعاري التي فيها (١) :
لي حبيب قد لجّ في هجري جدّا |
|
وأعاد الصّدود منه وأبدا |
ومنها قولي (٢) :
لم لا ترقّ لذل عبدك |
|
وخضوعه فتفي بوعدك |
ومنها قولي (٣) :
عن أي ثغر تبتسم |
|
وبأيّ طرف تحتكم (٤) |
فحظيت عنده وقربت من قلبه ، وتوفّرت علي صلاته.
قال : وأنبأنا المرزباني ، أخبرني محمّد بن يحيى ، حدّثني أحمد بن عبد الرّحمن ، حدّثني وهب بن وهب ، حدّثني البحتري (٥) قال : قال لي المتوكل : قل فيّ شعرا ، وفي الفتح ، فإني أحبّ أن يحيا معي ولا أفقده فيذهب عيشي ، ولا يفقدني فيذلّ ، فقل في هذا المعنى ، فقلت أبياتي (٦) :
سيّدي أنت كيف أخلفت وعدي |
|
وتثاقلت عن وفاء بعهدي |
فقلت فيها :
لا أرتني الأيام فقدك يا فتح |
|
ولا عرّفتك ما عشت فقدي |
أعظم الرزء أن تقدّم قبلي |
|
ومن الرزء أن تؤخر بعدي |
حسدا أن تكون إلفا لغيري |
|
إذا تفردت بالهوى فيك وحدي |
فقتلا معا وكنت حاضرا فربحت هذه الضربة ـ وأومأ إلى ضربة في ظهره ـ فقال : أحسنت والله يا بحتري ، وجئت بما في نفسي لما أنشدته من أمر الفتح ، وأمر لي بألف دينار.
__________________
(١) مطلع قصيدة في ديوان البحتري ط بيروت ١ / ٢٢ يمدح المتوكل على الله.
(٢) مطلع قصيدة في ديوان البحتري ط بيروت ص ١ / ١٤ يمدح المتوكل.
(٣) مطلع قصيدة ، ديوانه ١ / ١٥ يمدح المتوكل.
(٤) الأصل : تحتلم ، والمثبت عن الديوان.
(٥) الخبر والأبيات في معجم الأدباء ١٦ / ١٧٨ ـ ١٧٩ وفوات الوفيات ٣ / ١٧٨.
(٦) الأبيات في ديوانه ١ / ٢١٨ ـ ٢١٩.
وقال غير وهب الراوي للخبر : قال البحتري :
قد كنت عملت هذه الأبيات في غلام لي كنت أكلف به ، فلمّا أمرني المتوكل بما أمر تنحيت فقلت الأبيات وأريته أنّي عملتها في وقتي ، وما غيّرت فيها إلّا لفظة واحدة ، فإنّي كنت قلت :
لا أرتني الأيام فقدك ما عشت
فجعلته : يا فتح.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمّد بن العلّاف ، وأخبرني أبو المعمر المبارك بن أحمد عنه.
ح وأخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو علي بن أبي جعفر ، وأبو [(١) الحسن بن العلّاف.
قالا : أنبأنا أبو القاسم بن بشران ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم ، أنبأنا محمّد بن جعفر ،] حدّثنا العباس بن الفضل الربعي ، حدّثنا ابن الجهم (٢) قال :
إنّي عند المتوكل يوما والفتح جالس ، إذ قيل له : فلان النّخّاس (٣) بالباب ، فأذن له ، فدخل ومعه وصيفة ، فقال له أمير المؤمنين : ما صناعة هذه؟ قال : تقرأ بألحان ، فقال الفتح : اقرئي لنا خمس آيات ، فاندفعت تقول :
قد جاء نصر الله والفتح |
|
وشق عنا الظلمة الصبح |
خدين ملك ورجا دولة |
|
وهمه الإشفاق والنصح الليث إلا أنه ماجد |
والغيث إلا أنه سمح وكل باب للندى مغلق |
|
فإنما مفتاحه الفتح |
قال : فو الله لقد دخل أمير المؤمنين من السرور ما قام إلى الفتح ، فوقع عليه يقبّله ، ووثب الفتح يقبّل رجله ، فأمر أمير المؤمنين بشرائها ، وأمر لها بجائزة وكسوة ، وبعث بها إلى الفتح ، فكانت أحظى جواريه عنده ، فلما قتل الفتح رثته بهذه الأبيات :
__________________
(١) ما بين الرقمين مكرر بالأصل.
(٢) الخبر والشعر في معجم الأدباء ١٦ / ١٨٥ من طريق أبي بكر محمد بن جعفر الخرائطي بسنده إلى علي بن الجهم.
(٣) الأصل : النحاس ، والمثبت عن معجم الأدباء.
قد قلت للموت حين نازله |
|
والموت مقدامة على البهم (١) |
لو قد (٢) تبيّنت ما فعلت إذا |
|
قرعت سنّا عليه من ندم |
فاذهب بمن شئت إذ ذهب به |
|
ما بعد الفتح للموت من ألم (٣) |
ولم تزل تبكي عليه وتنوح حتى ماتت.
وذكر أبو العباس محمّد بن يزيد المبرّد قال : أنشد الفتح بن خاقان (٤) :
لست منّي ولست منك فدعني |
|
وامض عنّي مصاحبا بسلام |
وإذا ما شكوت ما بي قالت |
|
قد رأينا خلاف ذا في المنام |
فزاد الفتح في الشعر :
لم تجد علّة تجنّى بها الذنب |
|
فصارت تعتلّ بالأحلام |
قال المبرّد : وسمعت الفتح ينشد قبل أن يقتل بساعات :
وقد يقتل الغتميّ (٥) مولاه غيلة |
|
وقد ينبح الكلب الفتى وهو غافل |
٥٥٧٩ ـ الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم
أبو نصر الكشّي (٦) الصوفي (٧)
حدّث عن أبي شرحبيل عيسى بن خالد الحمصي ابن أخي أبي اليمان ، ومحمّد بن خلف أبي نصر العسقلاني ، ومحمّد بن عبد الملك بن زنجويه (٨) ، ورجاء بن مرجّى المروزي (٩) الحافظ ، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، والجارود بن معاذ الترمذي ، ونصر بن
__________________
(١) البهم مفردها بهمة ، وهو الشجاع الذي لا يدرى كيف يؤتى لشدة بأسه.
(٢) سقطت من معجم الأدباء.
(٣) كذا عجزه بالأصل ، ووزنه مضطرب ، وفي معجم الأدباء :
ما بعد فتح للموت من ألم
وهو صحيح الوزن.
(٤) الخبر والأبيات في معجم الأدباء ١٦ / ١٧٥ ـ ١٧٦.
(٥) الغنمي : من لا يفصح شيئا ، والغتمة : العجمة في المنطق (راجع اللسان : غتم).
(٦) الكشي : بفتح الكاف وتشديد الشين المعجمة : هذه النسبة إلى كش ، قرية على ثلاثة فراسخ من جرجان على الجبل كما في الأنساب ، وفي تاريخ بغداد الكسي بالسين المهملة. (وانظر معجم البلدان : كس وكش).
(٧) ترجمته في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٤.
(٨) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٣٤٦.
(٩) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٢ / ٩٨.
الصباح ، وإسحاق بن الجرّاح الأذني ، ومحمّد بن يزيد بن سنان الرّهاوي ، وطاهر بن عبد الملك المصّيصي.
روى عنه : أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ، وشعيب بن محمّد بن الراجيان ، ومحمّد بن أحمد الحكيمي ، وأبو محمّد الجروي (١) ، وأبو عمرو عثمان بن أحمد الدقاق ، وأبو بكر النّجّاد ، وعبد الله بن علي العمري الموصلي ، وأبو طلحة أحمد بن محمّد بن عبد الكريم الفزاري البصري ، وأبو عثمان سعيد بن الحكم الدمشقي ، وأبو بكر محمّد بن السّري ابن عثمان التمار.
وقدم دمشق.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا ـ أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أخبرني أبو سعد الماليني ـ قراءة ـ.
ح وأخبرنا أبو الأسعد هبة الرّحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم (٣) ، أخبرتنا جدتي فاطمة بنت الأستاذ أبي علي الحسن بن علي الدقاق قالت : أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمّد بن أحمد الماليني.
حدّثنا أبو الحسن حامد بن إدريس بن محمّد بن أحمد (٤) بن إدريس الموصلي ـ بها ـ حدّثنا عبد الله بن علي العمري ، وحدّثنا فتح بن شخرف ، حدّثنا محمّد بن يزيد بن سنان ، حدّثنا محمّد بن أيوب ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قلّ ما يوجد في آخر أمّتي درهم من حلال ، أو أخ يوثق به» [١٠٤٠٦].
اللفظ للخطيب.
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي ، أنبأنا أبو بكر (٥) محمّد بن يحيى بن إبراهيم ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن (٦) السلمي ، أنبأنا علي بن عمر الحافظ ، حدّثنا محمّد بن السّري بن عثمان التّمّار ، حدّثنا أبو نصر الفتح بن شخرف ، حدّثنا أبو شرحبيل عيسى بن
__________________
(١) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ بغداد : الجريري.
(٢) رواه الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٥.
(٣) قارن مع مشيخة ابن عساكر ٢٣٨ / أ.
(٤) «بن أحمد» اللفظتان سقطتا من تاريخ بغداد.
(٥) ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٨ / ٣٩٨.
(٦) بالأصل وت : أنبأنا أبو بكر عبد الرحمن ، خطأ ، راجع الحاشية السابقة.
خالد ، حدّثنا الفريابي ، حدّثنا سفيان الثوري عن أبي بكر بن عيّاش ، حدّثنا هشام بن حسان ، عن عبد العزيز بن صهيب ، عن أنس قال :
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تسحّروا فإن في السحور بركة» [١٠٤٠٧].
أخبرنا أبو الحسن المالكي ، حدّثنا أبو منصور العطار ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (١) ، أنبأنا إبراهيم بن مخلد المعدل ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي ، حدّثنا الفتح بن شخرف ـ أبو نصر ـ قال : سمعت محمّد بن خلف العسقلاني قال : سمعت محمّد بن يوسف الفريابي يقول :
لقد بلغني أنّ الذين كسروا رباعية رسول الله صلىاللهعليهوسلم لم يولد لهم صبي فنبتت (٢) لهم رباعية.
قال (٣) : وأخبرني الحسن بن محمّد الخلّال ، حدّثنا يوسف بن عمر القواس ، حدّثنا أحمد بن علي الجوزجاني ، حدّثنا أبو نصر فتح بن شخرف ، حدّثنا نصر بن الصباح ، حدّثنا خالد بن يزيد القسري (٤) عن أبي حمزة الثّمالي عن أبي جعفر قال :
أكل عليّ بن أبي طالب يوما تمر دقل (٥) ثم شرب عليه ماء ، ثم ضرب بيده بطنه وقال : من أدخله بطنه النار فأبعده الله ، ثم تمثّل :
إنّك مهما تعط نفسك سؤلها |
|
وفرجك نالا منتهى الذّمّ أجمعا (٦) |
أنبأنا أبو طاهر محمّد بن أبي نصر بن أبي القاسم ـ يعرف بهاجر ـ أنبأنا عباس الدّاراني ، وأبو زيد ، وأبو منصور المصقليان ـ سماعا وإجازة ـ قالوا : أنبأنا أبو منصور معمر ابن أحمد بن محمّد بن زياد الأصبهاني العارف ، أخبرني أبو بكر أحمد بن منصور المذكّر ، قال : وسمعته ـ يعني أحمد بن محمّد الدقاق ـ يقول : سمعت محمّد بن محمّد المرجاني يقول : أنبأنا أبو العباس أحمد بن عيسى المعروف بابن الوشّاء ، حدّثنا أبو عثمان سعيد بن الحكم الدمشقي صاحب ذي النون قال :
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٥.
(٢) بالأصل : «فينبت» وإعجامها ناقص في ت ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر والشعر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٤ ـ ٣٨٥.
(٤) بالأصل : القيسري ، والمثبت عن ت وتاريخ بغداد.
(٥) الدقل : أردأ أنواع التمر (راجع تاج العروس : دقل).
(٦) البيت لحاتم الطائي ، في ديوانه ط بيروت ص ٦٨ وفيه : تعط بطنك سؤله.
سمعت الفتح بن شخرف يقول : كنت في جامع دمشق والقاسم الجوعي وأبو تراب النّخشبي ، وأحمد بن أبي الحواري جلوس ، فحدّث أبو تراب أنه رأى شابا في البادية فقال له : من أين زادك؟ قال : فأخرج مصحفا ، فإذا فيه مكتوب (كهيعص) فقلت له : ما هذا؟ فقال : كاف من كافي (١) ، وهاء من هادي (٢) ، فيحتاج مع هذا إلى زاد.
أخبرنا أبو الحسن الفارسي في كتابه ، أنبأنا أبو بكر المزكّي ، حدّثنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال في كتاب تاريخ الصوفية :
فتح بن شخرف بن داود من قدماء المشايخ ، خراساني الأصل يقال : إنه من كسّ (٣) وكنيته أبو نصر ، وأسند الحديث.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (٤) : قال :
الفتح بن شخرف بن داود بن مزاحم أبو نصر الكسّي (٥) ، كان أحد العباد السيّاحين ، ثم سكن بغداد وحدّث بها عن رجاء بن مرجّى المروزي كتاب السنن ، وعن أبي شرحبيل عيسى ابن خالد ابن أخي أبي اليمان (٦) الحمصي ، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي ، ومحمّد بن خلف العسقلاني ، والجارود بن سنان التّرمذي ، ومحمّد بن عبد الملك بن زنجويه وغيرهم ، روى عنه أحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني ، وشعيب بن محمّد بن الراجيان ، وأبو محمّد الجريري (٧) ، ومحمّد بن أحمد الحكيمي ، وأبو عمرو بن السّمّاك ، وأحمد بن سلمان النّجّاد وغيرهم ، وكان قليل المسانيد ، كثير الحكايات.
قال الخطيب (٨) : أخبرني محمّد بن أحمد بن أبي طاهر الدقاق ، وعلي بن أحمد الرّزّاز ، قال محمّد : حدّثنا ، وقال علي : أنبأنا أحمد بن سلمان النّجّاد ، حدّثنا الفتح بن
__________________
(١) كذا بالأصل وت ، بإثبات الياء فيهما.
(٢) كذا بالأصل وت ، بإثبات الياء فيهما.
(٣) بالأصل : «ركس» تصحيف ، والمثبت عن ت.
كذا وردت فيها بالسين المهملة. راجع ما تقدم بشأنها وراجع معجم البلدان.
(٤) تاريخ بغداد لأبي بكر الخطيب ١٣ / ٣٨٤.
(٥) كذا بالأصل وت وتاريخ بغداد : الكسي ، بالسين المهملة.
(٦) بالأصل وت : اليمن ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) بالأصل وت : الحريري ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٨) رواه الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٤.
شخرف العابد ، قال : سمعت أبا بكر بن زنجويه يقول : سمعت عبد الرزّاق يقول : سمعت سفيان الثوري يقول : لوهيب بن الورد ـ وهو ينظر إلى الكعبة ـ : وربّ هذه البنية إنّي لأحب الموت ، فقال له وهيب : ولم يا أبا عبد الله؟ قال : فقال سفيان : يا أبا أمية يستقبلك أمور عظام (١).
قال الخطيب (٢) : وأخبرنا علي بن محمّد بن عبد الله المعدل ، حدّثنا عثمان بن أحمد الدّقّاق ، حدّثنا الفتح بن شخرف العابد قال : سمعت إسحاق بن الجرّاح يقول : سمعت الهيثم ابن جميل يقول : بلغني عن رجل أنه يكذب ، فغدوت إليه لأنكر عليه ، قال : فرأيته وقد ضمّ صبيا إلى صدره وقبّله ، فرقّ قلبي ، ولم أقدر أن أقول له ، ثم قال : حدثنا (٣) فضيل بن عياض عن سفيان الثوري عن منصور قال : إنّ الرجل ليسقيني شربة من ماء ، كأنّ ضلعا من أضلاعي دقه.
قال (٤) : وحدّثني الأزهري ، حدّثني عبيد الله (٥) بن إبراهيم القزاز ، حدّثنا جعفر بن محمّد الخواص ، حدّثني أبو محمّد الجريري (٦) ، قال :
قال لي فتح بن شخرف : من إعجابي بكلّ شيء جيد عندي ، قلم كتبت به أربعين سنة ، كنت أكتب به بالنهار ، وأكتب به بالليل ، وكانت دارنا واسعة ، فكنت أكتب في القمر حتى يرتفع ، وأقعد على سلم في دارنا أرتقي عليه مرقاة مرقاة حتى ينتهي السلم ، فإذا تشعّث (٧) رأس القلم قططته ، وهو عندي ، فأخرج إليّ أنبوبة صفراء (٨) ، وأخرج القلم منها ، فأرانيه.
قال (٩) : وأنبأنا علي بن أبي علي المعدل ، حدّثنا أبو الفضل (١٠) عبيد الله بن عبد
__________________
(١) قوله : «يستقبلك أمور عظام» مكرر في تاريخ بغداد.
(٢) الخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٥.
(٣) بالأصل : حدثت ، واللفظة غير واضحة في ت لسوء التصوير والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٤) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٥ ـ ٣٨٦.
(٥) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ بغداد : عبد الله.
(٦) بالأصل وت : الحريري ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) الأصل : «قشعت» واللفظة مضطربة في ت ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٨) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ بغداد : أنبوبة صفر.
(٩) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٥.
(١٠) الأصل : «الفضيل» تصحيف ، والمثبت عن ت وتاريخ بغداد.
الرّحمن الزهري ، حدّثنا أبو طلحة أحمد بن محمّد بن عبد الكريم الفزاري ، حدّثنا فتح بن شخرف ـ أبو نصر الخراساني وكان من العابدين ـ حدّثني طاهر بن عبد الملك المصّيصي قال : سمعت أبي يقول : سمعت الفضيل بن عياض يقول : أنا منذ عشرين سنة أطلب رفيقا إذا غضب لم يكذب عليّ.
قال (١) : وأنبأنا إسماعيل بن أحمد الحيري ، حدّثنا محمّد بن الحسين السلمي.
ح وأنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنبأنا أبو بكر المزكّي ، أنبأ أبو عبد الرّحمن محمّد بن الحسين.
قال : سمعت عبد الله بن محمّد بن علي بن زياد يقول : سمعت محمّد بن المسيّب يقول : قال الإمام أحمد بن حنبل : ما أخرجت خراسان مثل الفتح بن شخرف.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، حدّثنا ـ أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا ـ أبو بكر الخطيب (٢) ، أنبأنا إبراهيم بن عمر البرمكي ، حدّثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرّحمن الزهري قال : سمعت أبا الطّيّب المعلم يقول : سمعت ابن (٣) البربهاري يقول : سمعت فتح ابن شخرف يقول : رأيت ربّ العزة تعالى في النوم ، فقال لي : يا فتح احذر لا آخذك على غرة ، قال : فهمت في الجبال سبع سنين.
قال (٤) : وأنبأنا محمّد بن محمّد بن علي الشروطي ، حدّثنا المعافى بن زكريا الجريري ، حدّثنا الليث بن محمّد بن الليث المروزي ، قال : سمعت فارس بن إبراهيم (٥) المشرقي يقول : حدّثني محمّد بن عمر بن فارس قال : سمعت فتح بن شخرف يقول : كنت بأنطاكية وبها جبل يقال له المطل ، فنويت أن أصعد إليه ولا أزال حتى أختم القرآن ـ أو أتعلّم القرآن ـ فحملتني عيني فنمت ، فبينا أنا نائم إذا بشخصين ، فقلت للذي يقرب مني : من أنت يا هذا؟ فقال لي : من ولد آدم ، قال : قلت : كلنا من ولد آدم ، فما الذي وراءك؟ قال : علي بن أبي طالب قال : قلت له : أنت قريب منه ولا تسأله ، قال : أخشى أن يقول الناس : إنّي رافضي ،
__________________
(١) القائل أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٧.
(٢) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٧.
(٣) كذا بالأصل وت ، ولفظة : «ابن» سقطت من تاريخ بغداد.
(٤) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٦.
(٥) بالأصل وت : «فارس بن محمد إبراهيم» والمثبت عن تاريخ بغداد.
قال : قلت : دعني أقرب منه فيقولوا : إني رافضي ، فتنحى من مكانه وقعدت فيه ، فقلت : يا أمير المؤمنين كلمة خير شيء؟ فقال لي : نعم ، صدقة المؤمن بلا تكلّف ولا ملل ، قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال : تواضع الغني للفقير رجاء ثواب الله ، قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، قال : وأحسن من ذلك ترفع الفقير على الغني ثقة بالله ، قلت : زدني يا أمير المؤمنين ، فبسط كفه ، فإذا فيه مكتوب :
كنت ميتا فصرت حيا |
|
وعن قليل تعود ميتا |
أعيى بدار الفناء بيت |
|
فابن بدار البقاء بيتا |
قال (١) : ثم انتبهت.
قال : وحدّثني عبد العزيز الأزجي قال : سمعت أبا بكر المفيد يقول : سمعت أبا عبد الله محمّد بن عبد الله ـ صاحب بشر بن الحارث ـ يقول : قال لي الفتح بن شخرف : رأيت أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب في النوم ، فقلت : يا أمير المؤمنين علّمني شيئا حسنا ، قال : فبسط كفه فإذا فيه مكتوب سطران ، فقرأتهما فإذا هما : ما رأيت أحسن من تواضع الغني للفقير يطلب (٢) ثواب الله عزوجل ، وأحسن من ذلك تيه الفقير على الغني ثقة بالله.
قال (٣) : وحدّثني عبد العزيز بن علي الأزجي ، حدّثنا علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني (٤) ، حدّثنا محمّد بن أحمد بن حفص قال : سمعت رويم بن أحمد يقول :
لقيني يوما الفتح بن شخرف فقال لي : يا أبا محمّد ، أنت أمين الله على نفسك ، لا ترى علي شيئا أنت محتاج إليه ، ولا عندي شيئا تزحمك الحاجة إليه ، فتتخلف عن أخذه.
قال (٥) : وأنبأنا أبو الحسن محمّد بن عبد الله (٦) الحنّائي ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي ـ إملاء ـ حدّثنا أبو محمّد الجريري (٧) قال : قال أبو نصر العابد ـ وهو الفتح بن
__________________
(١) يعني أبا بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٦.
(٢) بالأصل وت : «طلب» ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٦.
(٤) الأصل وت : الهمداني ، بالدال المهملة ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٥) تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٧.
(٦) الأصل وت : عبيد الله ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٧) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
شخرف : ـ قال لي محمّد بن زهير القزاز : رأيت قتيلا في بلاد الروم بعد انصرافنا من المعركة :
صريع رماح تحجل الطير حوله |
|
قتيل أصابت نفسه ما تمنّت |
قال : فقال لي : أنا أعرف رجلا مكتوب على عضو من أعضائه : لله ، وو الله ما كتبها كاتب.
قال أبو محمّد الجريري (١) : قلت له : هذا حبيس ، قال : فضحك.
أخبرنا أبو الحسن الفارسي في كتابه ، أنبأنا أبو بكر المزكي ، أنبأنا أبو عبد الرّحمن السّلمي قال : سمعت أبا سعيد السّجزي يقول : سمعت جعفر بن محمّد يقول : غسله أبو محمّد الجريري (٢) وكان الشّبلي (٣) يصب عليه الماء ، فرأى في يديه كتابة : خلقه لله.
أخبرنا أبو الحسن المالكي ، حدّثنا أبو منصور بن خيرون ، أنبأنا أبو بكر الخطيب (٤) ، أنبأنا عبد العزيز بن علي الأزجي ، أنبأنا علي بن عبد الله الهمذاني (٥) ، حدّثنا محمّد بن جعفر قال : سمعت أبا محمّد الجريري (٦) يقول : غسّلنا الفتح بن شخرف ، فرأينا على فخذه مكتوبا : لا إله إلّا الله فتوهمناه مكتوبا ، فإذا عرق داخل الجلد.
قال (٧) : وأنبأنا محمّد بن عبد الله (٨) الحنّائي ، حدّثنا جعفر الخلدي قال : سمعت أبا (٩) محمّد (١٠) الجريري (١١) يقول : غسلت الفتح بعد وفاته فرأيت على باطن فخذه بالبياض : لله.
قال (١٢) : وأنبأنا أحمد بن علي التوزي ، حدّثنا الحسن بن الحسين الفقيه الشافعي قال : سمعت جعفر الخلدي يقول : سمعت أبا محمّد الجريري (١٣) يقول : غسلت الفتح بن شخرف فقلبته على يمينه ، فإذا على فخذه الأيمن مكتوب : خلقة ، لله ، كتابة بيّنه.
__________________
(١) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
(٢) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
(٣) هو أبو بكر دلف بن جحدر ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٥ / ٣٦٧ والشبلي : بكسر الشين المعجمة ، وسكون الباء المنقوطة بواحدة ، هذه النسبة إلى قرية من قرى أشروسنة ـ بلدة عظيمة وراء سمرقند ـ يقال لها : الشبلية.
(٤) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٧.
(٥) الأصل : الهمداني ، بالدال المهملة تصحيف ، والتصويب عن ت وتاريخ بغداد.
(٦) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
(٧) القائل : أبو بكر الخطيب ، والخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٧ ـ ٣٨٨.
(٨) بالأصل وت : عبيد الله ، والمثبت عن تاريخ بغداد.
(٩) بالأصل : «أنبأنا» والمثبت عن ت وتاريخ بغداد.
(١٠) لفظة «محمد» كتبت فوق الكلام بين السطرين بالأصل.
(١١) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
(١٢) تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٨.
(١٣) الأصل وت : الحريري ، والتصويب عن تاريخ بغداد.
قال جعفر : ورأيت أبا فتح بن شخرف هذا وكان رجلا صالحا زاهدا لم يأكل الخبز ثلاثين سنة ، وكان له أخلاق حسنة ، وكان يطعم الفقراء ومن يزوره من الأصحاب الطعام الطيّب ، وكان حسن العبادة والزهد والورع.
قال (١) : وحدّثنا الجوهري ، أنبأنا محمّد بن العباس ، حدّثنا أحمد بن جعفر بن محمّد ابن عبيد الله المنادي قال :
مات أبو نصر الفتح بن شخرف الكسّي (٢) المروزي بالجانب الغربي من بغداد ، ودفن في المقبرة التي بين باب حرب وباب قطربل ، وكان من المشهورين بالورع والصلاح إلى آخر عمره.
قال (٣) : وأنبأنا محمّد بن عبد الواحد ، أنبأنا محمّد بن العباس قال : قرئ على ابن المنادي ـ وأنا أسمع : ـ وتوفي أبو نصر الفتح بن شخرف المروزي في الجانب الغربي من مدينتنا في (٤) آخر درب سليمان بن أبي (٥) جعفر حيال الجسر الأعلى ليلة الثلاثاء ، ودفن يوم الثلاثاء النصف من شوال سنة ثلاث وسبعين ـ يعني : ومائتين ـ في المقبرة التي ما بين باب قطربل وباب حرب ، صلّى عليه بدر المغازلي (٦).
قال (٧) : وأنبأنا إسماعيل الحيري.
ح وأنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل ، أنبأنا أبو بكر المزكي ، قالا :
أنبأنا أبو عبد الرّحمن السلمي قال : سمعت محمّد بن شاذان يقول : سمعت محمّد بن السائب يقول : سمعت إسحاق بن إبراهيم بن هانئ يقول : لما مات فتح بن شخرف بن داود ببغداد صلّي عليه ثلاثا (٨) وثلاثين مرة أقل قوم كانوا يصلّون عليه كانوا يعدون خمسة وعشرين (٩) ألفا ، إلى ثلاثين ألفا.
__________________
(١) الخبر في تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٨.
(٢) كذا بالأصل هنا ، وتاريخ بغداد : «الكسي» بالسين المهملة ، وفي ت : الكشي.
(٣) القائل : أبو بكر الخطيب ، تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٨.
(٤) بالأصل : وآخر ، والمثبت : «في آخر» عن ت وتاريخ بغداد.
(٥) كذا بالأصل وت ، وفي تاريخ بغداد : سليمان بن جعفر.
(٦) هو بدر بن المنذر ، أبو بكر البغدادي المغازلي ، ترجمته في سير أعلام النبلاء ١٣ / ٤٩٠.
(٧) القائل أبو بكر الخطيب ، تاريخ بغداد ١٢ / ٣٨٨.
(٨) بالأصل : ثلاث ، والمثبت عن ت وتاريخ بغداد.
(٩) بالأصل : «خمسة وعشرون» والمثبت عن ت وتاريخ بغداد.
٥٥٨٠ ـ الفتح بن عبد الله
أبو علي التميمي
حدّث عن أبي نصر عبد الوهّاب بن عبد الله بن الجبّان.
روى عنه : علي بن محمّد الحنّائي.
قرأت بخط أبي الحسن الحنّائي ، أنبأنا أبو علي فتح بن عبد الله التميمي ، حدّثنا عبد الوهّاب بن عبد الله الوكيل ، حدّثنا محمّد بن موسى القرشي ، حدّثنا أبو قصي إسماعيل بن محمّد العذري ، وأبو علي إسماعيل بن محمّد بن قيراط ، قالا : حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن ، حدّثنا محمّد بن مسروق ، حدّثنا إسحاق بن الفرات ، حدّثنا الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر.
أن النبي صلىاللهعليهوسلم ردّ اليمين على طالب الحق [١٠٤٠٨].
أخبرناه أبو محمّد عبد الكريم بن حمزة ، حدّثنا عبد العزيز بن أحمد ، أنبأنا تمّام بن محمّد ، حدّثنا أحمد بن سليمان بن حذلم من حفظه ، حدّثنا أبي سليمان بن أيوب بن حذلم ، حدّثنا سليمان بن عبد الرّحمن ، حدّثنا محمّد بن مسروق ، حدّثنا إسحاق بن الفرات الكندي ، عن الليث بن سعد ، عن نافع ، عن ابن عمر.
أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم كان يردّ اليمين على طالب الحقّ [١٠٤٠٩].
٥٥٨١ ـ الفتح بن الوليد بن يزيد
ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم (١)
أمه أم ولد ، له ذكر.
تقدم ذكره في ترجمة أخيه عثمان بن الوليد (٢) ، وكان لفتح عقب فيما بلغني.
٥٥٨٢ ـ الفتح بن يزيد الأفقم
ابن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي
له ذكر.
__________________
(١) راجع نسب قريش للمصعب ص ١٦٧.
(٢) تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ٤٠ / ٤٠ رقم ٤٦٤٧.
[ذكر من اسمه](١) [فحل](٢)
٥٥٨٣ ـ فحل بن تميم المقرئ
ولي إمرة دمشق في زمن منصور الملقّب بالحاكم بعد هلاك جيش ابن الصّمصامة (٣) ، وهلك جيش في ربيع الآخر سنة تسعين وثلاثمائة فلبث فحل أميرا عليها شهورا ، ثم هلك في هذه السنة ، فولي علي بن جعفر بن فلاح (٤) فقدمها يوم السبت ليومين بقيا من شوال سنة تسعين وثلاثمائة.
__________________
(١) زيادة منا للإيضاح.
(٢) زيادة عن ت.
(٣) هو جيش بن محمد بن الصمصامة ، أبو الفتوح.
تقدمت ترجمته في كتابنا تاريخ مدينة دمشق ١١ / ٣٤٥ رقم ١١٠٥.
(٤) ترجمته في تحفة ذوي الألباب ٢ / ٨ وأمراء دمشق ص ٥٦.
[ذكر من اسمه](١) فديك
٥٥٨٤ ـ فديك بن سلمان ـ
ويقال : ابن سليمان ـ بن عيسى
أبو عيسى العقيلي القيسراني (٢)
روى عن الأوزاعي ، وسمع منه ببيروت ، ومسلمة بن عليّ الخشني.
روى عنه : العباس بن الوليد بن صبح ، وإبراهيم بن الوليد بن سلمة الطبراني ، ومحمّد ابن المتوكل العسقلاني ، وأبو مسعود أحمد بن الفرات ، وعمرو بن ثور القيسراني ، ومحمّد بن يحيى الرّملي ، وعبد الله بن راشد الدّمشقي ، وإبراهيم بن أبي سفيان القيسراني ، ومحمّد بن يحيى الرّملي ، وعبد الله بن راشد الدمشقي ، وإبراهيم بن معاوية بن أبي سفيان القيسراني.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنبأنا أبو بكر البيهقي ، أنبأنا طاهر الفقيه ، أنبأنا أبو بكر محمّد بن الحسين القطان ، حدّثنا أبو الأزهر ، حدّثنا فديك بن سليمان ، حدّثنا الأوزاعي ، عن الزّهري ، عن صالح بن بشير بن فديك قال :
جاء فديك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله إنّهم يزعمون أنّ من لم يهاجر هلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا فديك ، أقم الصلاة ، وآت الزكاة ، واهجر السوء ، واسكن من أرض قومك حيث شئت».
__________________
(١) زيادة منا.
(٢) ترجمته في تهذيب الكمال ١٥ / ٣٦ وتهذيب التهذيب ٤ / ٤٧٩ والتاريخ الكبير ٧ / ١٣٦ والجرح والتعديل ٧ / ٨٩ والأنساب (القيسراني).
والقيسراني بفتح القاف وسكون الباء تحتها نقطتان وفتح السين المهملة والراء وبعد الألف نون ، كما في اللباب.
وهذه النسبة إلى قيسارية : بلدة على ساحل بحر الروم كما في الأنساب.
قال : وأظن أنه قال : «تكن مهاجرا». [١٠٤١٠]
أخبرناه أبو بكر وجيه بن طاهر ، أنبأنا أحمد بن الحسن بن محمّد الأزهري ، أنبأنا محمّد بن عبد الله بن حمدون ، أنبأنا أبو حامد بن الشرقي ، حدّثنا محمّد بن يحيى ، حدّثنا فديك بن سلمان العقيلي ، حدّثنا الأوزاعي ، عن الزهري ، عن صالح بن بشير بن فديك قال :
خرج فديك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : يا رسول الله إنّهم يزعمون : أنه من لم يهاجر هلك ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يا فديك أقم الصلاة ، وآت الزكاة ، واهجر السوء ، واسكن من أرض قومك حيث شئت» [١٠٤١١].
وأخبرناه أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد ، أنبأنا شجاع بن علي ، أنبأنا أبو عبد الله بن مندة ، أنبأنا عبد الرّحمن بن يحيى ، حدّثنا أبو مسعود.
ح قال : وأنبأنا أحمد بن عبد الرحيم ـ بقيسارية ـ حدّثنا عمرو بن ثور.
قالا : حدّثنا فديك بن سليمان ، عن الأوزاعي ، عن الزهري ، عن صالح بن بشير بن فديك قال :
جاء فديك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : إنّهم يقولون : من لم يهاجر هلك ، فقال : «يا فديك ، أقم الصلاة ، وآت الزكاة ، واهجر السوء ، واسكن من أرض قومك حيث شئت» [١٠٤١٢].
قال : وأنبأنا أحمد بن عبد الرحيم القيسراني ، حدّثنا عمرو بن ثور ـ يعني الجذامي (١) ـ حدّثنا فديك بن سليمان العقيلي أبو عيسى ، حدّثني الأوزاعي ، حدّثني الزّهري ، عن صالح بن بشير بن فديك ، عن فديك.
أنه خرج إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : يا رسول الله إنّهم يزعمون أنه من لم يهاجر هلك ، فذكر الحديث.
قال ابن مندة : رواه إسحاق بن إسماعيل بن مخلد ، عن عبد الله بن راشد ، عن فديك ، عن الزّهري ، عن صالح بن بشير مرسلا ومتصلا من وجه.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنبأنا أبو الحسين بن النّقّور ، أنبأنا أبو القاسم عيسى
__________________
(١) غير واضحة وبدون إعجام بالأصل وصورتها : «الحدانى» واللفظة غير واضحة في ت لسوء التصوير ، والمثبت عن تهذيب الكمال.