الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١
بأس أن تيمّم منه » (١).
ولأنه مركب من العنصرين المطهرين فيبقى لوازمهما بعد التركيب لبقاء حقيقتهما.
وقال الشافعي : لا يتيمم ويكون كفاقد المطهر لأنه لا يسمى صعيدا (٢) ، وهو ممنوع.
فروع :
أ ـ في كيفية التيمم بالوحل قولان ، قال الشيخ : يضع يديه على الوحل ثم يفركهما ويتيمم به (٣).
وقال آخرون : يضعهما على الوحل ويصبر حتى يجف ويتيمم به (٤) ، وهو مروي عن ابن عباس (٥) ، وهو وجه عندي إن لم يخف فوت الوقت ، فإن خاف عمل بقول الشيخ.
ب ـ لا يجوز التيمم بالوحل مع القدرة على الغبار ، ولا بالغبار مع القدرة على التراب والحجر.
ج ـ ليس من شرط التراب اليبوسة ، فلو كان نديا لا يعلق باليد منه غبار جاز التيمم به عند علمائنا ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة (٦) لقوله عليه
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ـ ٥٤٦ ، الإستبصار ١ : ١٥٦ ـ ٥٣٩.
(٢) الام ١ : ٥١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٤٠.
(٣) النهاية : ٤٩ ، المبسوط للطوسي ١ : ٣٢.
(٤) منهم : المفيد في المقنعة : ٨ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٣١ ـ ٣٢.
(٥) المغني ١ : ٢٨٤ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٨.
(٦) المغني ١ : ٢٨٣ ، المجموع ٢ : ٢١٦ ، اللباب ١ : ٣١ ـ ٣٢.
السلام : ( إنما يكفيك أن تصنع هكذا ) وضرب بيده الأرض ثم نفخها (١).
ولقول الصادق عليهالسلام : « إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عزّ وجلّ » (٢).
وعند الشافعي لا يجوز لقوله تعالى ( مِنْهُ ) (٣) وهي للتبعيض فيجب المسح بجزء منه ، والمسح منه لا يوجب المسح به.
إذا ثبت هذا فإنه يجوز التيمم به اختيارا ، ومنع الشافعي اضطرارا أيضا وجعل حكمه حكم الفاقد (٤).
د ـ لو لم يجد إلاّ الثلج ، قال المرتضى : تيمم بنداوته (٥). وأوجب الشيخان الوضوء به مسحا كالدهن (٦).
والتحقيق : أنه إن سمي غسلا وجب الوضوء أو الغسل به قطعا وإلا فالأقوى الدهن به لأنه أشبه بالوضوء ، وتجب الملاقاة والجريان ، فتعذر الثاني لا يسقط الأول.
ولو وجده مع التراب فإن قدر على الغسل به وجب وإلا فالتراب لأنه بدل عن الغسل.
ولقول الكاظم عليهالسلام وقد سأله أخوه عن الرجل الجنب ، أو على
__________________
(١) صحيح البخاري ١ : ٩٦ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ـ ٣٦٨ ، سنن أبي داود ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ـ ٣٢١ ، سنن النسائي ١ : ١٧٠ ـ ١٧١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٩ و ٢١٤.
(٢) التهذيب ١ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ـ ٥٤٦ ، الإستبصار ١ : ١٥٦ ـ ٥٣٩.
(٣) المائدة : ٦.
(٤) الام ١ : ٥١ ، المجموع ٢ : ٢١٦ ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ٤٠.
(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٤.
(٦) المقنعة : ٨ ، النهاية : ٤٧.
غير وضوء ولا يكون معه ماء ويصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل يتيمم أو يتمسح بالثلج؟ قال : « الثلج إذا بل رأسه وجسده ، فإن لم يقدر أن يغتسل به تيمم » (١).
إذا عرفت هذا فالدهن إن صدق معه الغسل بأن يجري جزء من الماء على جزءين من البدن أجزأ في حال الاختيار وإلاّ فلا.
لقول الباقر عليهالسلام : « إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، إن المؤمن لا ينجّسه شيء ، إنما يكفيه مثل الدهن » (٢).
مسألة ٣٠٣ : اختلف علماؤنا في فاقد المطهّرين ، فقال بعضهم : يصلي ويعيد اختاره الشيخ في المبسوط (٣) ـ وبه قال الليث بن سعد والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين ، وأبو يوسف ، ومحمد (٤) ـ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بعث أسيد بن حضير وأناسا معه لطلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلّوا بغير وضوء فأتوا النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فذكروا له ذلك ، فنزلت آية التيمم ولم ينكر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعلهم (٥) فكان صحيحا ، وإنما لم يأمرهم بالإعادة لأنها على التراخي ، أو لأنهم عالمين بها ، ولأن الصلاة لا تسقط بتعذر شرط من شرائطها كالسترة وإزالة النجاسة.
__________________
(١) التهذيب ١ : ١٩٢ ـ ٥٥٤ ، الإستبصار ١ : ١٥٨ ـ ١٥٩ ـ ٥٤٧.
(٢) الكافي ٣ : ٢١ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٢٥ ـ ٧٨ ، التهذيب ١ : ١٣٨ ـ ٣٨٧ ، علل الشرائع ١ : ٢٧٩ باب ١٨٩ حديث ١.
(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٣١.
(٤) المجموع ٢ : ٢٧٨ و ٢٨٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٠ ، رحمة الأمة ١ : ٢٥ ، حلية العلماء ١ : ٢٠٠.
(٥) صحيح البخاري ١ : ٩٢ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧٩ ـ ٣٦٧ ، سنن البيهقي ١ : ٢١٤.
وقال آخرون : لا يصلي ويقضي إذا قدر على الطهارة (١) ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي (٢) ـ لأن المحدث لا يجوز له الصلاة وإن تعذرت عليه الطهارة كالحائض.
وقال آخرون : تسقط أداء ، وقضاء (٣) ـ وبه قال مالك ، وداود (٤) ـ وهو المعتمد.
لنا : أن الأداء ساقط فكذا القضاء والملازمة للتبعية ، وصدق المقدم لقوله عليهالسلام : ( لا صلاة إلا بطهور ) (٥) ولأنها صلاة غير مأمور بها مع الحدث في وقتها فيسقط قضاؤها كالحائض.
وللشافعي قول آخر باستحباب الأداء ووجوب القضاء (٦) ، وعن أحمد رواية بعكس هذا (٧).
فروع :
أ ـ الممنوع عن الركوع والسجود برباط في الموضع النجس يصلي بالإيماء ، ولا إعادة.
__________________
(١) منهم : المفيد في المقنعة : ٨ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣١.
(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢٣ ، المجموع ٢ : ٢٨٠ ، رحمة الأمة ١ : ٢٥ ، المغني ١ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٦.
(٣) منهم : المفيد في أحد قوليه كما في المعتبر : ١٠٤ و ١٠٥ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٤٩ والمعتبر : ١٠٤ و ١٠٥ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ٤٧.
(٤) المنتقى للباجي ١ : ١١٦ ، المجموع ٢ : ٢٨٠ ، المغني ١ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٧.
(٥) دعائم الإسلام ١ : ١٠٠ ، صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ ـ ٢٢٤ ، سنن الترمذي ١ : ٥ ـ ١ ، سنن أبي داود ١ : ١٦ ـ ٥٩ ، سنن النسائي ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ، وفي غير الأول نحوه.
(٦) المجموع ٢ : ٢٧٨.
(٧) المغني ١ : ٢٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٦.
ب ـ لو جامع المسافر ومعه ما يغسل به الفرج غسله وتيمم ولا إعادة إجماعا ، ولو فقده تيمم وصلّى ، وفي الإعادة قولان.
ج ـ لو كان على بدنه نجاسة يعجز عن إزالتها تيمم وصلّى ولا إعادة على رأي.
الفصل الثالث : في كيفيته
مسألة ٣٠٤ : ويجب فيه النية بإجماع علماء الإسلام إلاّ الأوزاعي ، والحسن بن صالح بن حي فإنهما قالا : يجوز بغير نيّة (١) ، وهو خطأ لانعقاد الإجماع من دونهما وقد سبق ، وكيفيتها القصد بالقلب إلى التيمم لاستباحة الصلاة ، أو ما شرطه الطهارة لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله ، ويجب استدامتها حكما حتى يفرغ ، والمقارنة فلا يجوز أن يتقدم على الضرب ، ويجوز أن يقارن ابتداء المسح ، والضرب.
ولا يجوز أن ينوي رفع الحدث لامتناعه به ، فلو نواه احتمل الإجزاء لاستلزامه الاستباحة فيدخل تحت النيّة ، وعدمه ، وهو أصح وجهي الشافعية (٢) ، لأنه لا يرفعه وإلا لما بطل إلا به.
فروع :
أ ـ لا يشترط تعيين الفريضة ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أصح
__________________
(١) المجموع ١ : ٣١٣ ، فتح الباري ١ : ٣٤٤ ، المغني ١ : ٢٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٢ ـ ٢٩٣ ، احكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٥٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٣٤ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٦٧ ، المحلى ٢ : ١٤٦.
(٢) المجموع ٢ : ٢٢٠ ، الوجيز ١ : ٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، السراج الوهاج : ٢٨ ، المغني ١ : ٢٨٦.
الوجهين (١) ـ كما لا يشترط في الوضوء تعيين الحدث ، ولو عيّنها لم تتعين عندنا ، وجاز أن يصلي غيرها ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أحد الوجهين (٢).
ب ـ لو نوى استباحة الصلاة مطلقا استباح الفريضة ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لأن كل طهارة صحت للنفل صحت للفرض ، كالطهارة بالماء.
وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد : لا يستبيح الفرض لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ) (٤) ولم ينو الفرض (٥). ويندفع بأنه نوى الاستباحة فيعم كرفع الحدث.
ج ـ لو نوى استباحة الفرض والنفل معا أبيحا له ، وفي وجه للشافعي : ليس له النفل بعد خروج وقت الفريضة إن كان قد عينها (٦).
ولو نوى استباحة الفرض جاز أن يتنفل به ـ وبه قال أبو حنيفة ،
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٢١ و ٢٢٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، مغني المحتاج ١ : ٩٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٢ ، المغني ١ : ٢٨٨.
(٢) السراج الوهاج : ٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٢ ، المغني ١ : ٢٨٧.
(٣) بدائع الصنائع ١ : ٥٢ ، المغني ١ : ٢٨٧.
(٤) صحيح البخاري ١ : ٢ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥١٥ ـ ١٩٠٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٢٦٢ ـ ٢٢٠١ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، سنن الترمذي ٤ : ١٧٩ ـ ١٦٤٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٤١٣ ـ ٤٢٢٧ ، مسند الطيالسي : ٩ ، الجامع الصغير ١ : ٥ ـ ١ ، إحكام الأحكام ١ : ٧ ـ ١ ، متن عمدة الأحكام : ٢٠ ، المحرر في الحديث ٢ : ٦٥١ ـ ١١٩٩ ، الايمان لابن مندة ١ : ٣٦٣ ـ ٢٠١ ، سنن البيهقي ٧ : ٣٤١ ، الأذكار : ١٣.
(٥) المجموع ٢ : ٢٢٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، مغني المحتاج ١ ٩٨ ، بلغة السالك ١ : ٧٣ ، المغني ١ : ٢٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٤.
(٦) المجموع ٢ : ٢٢٤ ، الوجيز ١ : ٢١.
والشافعي في أحد الوجهين (١) ـ لأن النوافل أتباع الفرائض ، وفي الآخر : لا يصح ـ وبه قال مالك ـ لأنها طهارة ضرورة فلا يؤدى بها ما لا ضرورة إليه ولم يقصده (٢).
ولو نوى النفل ولم يخطر له الفرض جاز أن يصلي به الفرض عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في وجه (٣) ـ لأنه نوى ما يحتاج إلى الطهارة ، وقال مالك ، وأحمد ، وأصح وجهي الشافعي : بالمنع (٤) لأن الفرض أصل فلا يجعل تابعا ، وهو ممنوع كالوضوء ، وبعض الشافعية منع من النفل وإن نواه لأنه جعل التابع أصلا (٥).
د ـ لو تيمم لفرضين أو فائتتين أو منذورين (٦) صح عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة (٧) ـ وللشافعي وجهان (٨).
هـ ـ إذا نوى الفريضة استباح النافلة إجماعا ، وكذا يستبيح مس المصحف ، وقراءة القرآن ، ووطء الحائض (٩) ، ولو نوى استباحة أحد هذه الأشياء استباح الباقي ، والفريضة عندنا ، خلافا للشافعي في الفريضة وفي النافلة وجهان (١٠).
__________________
(١) الام ١ : ٤٧ ، المجموع ٢ : ٢٢٤ ، الوجيز ١ : ٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، المغني ١ : ٢٨٨.
(٢) المجموع ٢ : ٢٢٤ ، مغني المحتاج ١ : ٩٨ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٧.
(٣) المجموع ٢ : ٢٢٢ و ٢٢٤ ، و ٢٤٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١١٧.
(٤) الام ١ : ٤٧ ، المجموع ٢ : ٢٢٢ ، المغني ١ : ٢٨٧ ، المنتقى للباجي ١ : ١١١ ، الوجيز ١ : ٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١١٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، الانصاف ١ : ٢٩١ ، السراج الوهاج : ٢٨.
(٥) المجموع ٢ : ٢٢٣.
(٦) في الطبع الحجري و« ش » : المندوبين.
(٧) شرح فتح القدير ١ : ١٢١ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٢٧ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٢ و ٣٩٥.
(٨) المجموع ٢ : ٢٢٥ ، الوجيز ١ : ٢١.
(٩) أي : الحائض لو انقطع دمها وتعذّر الغسل وأراد الزوج أن يطأها جاز لها التيمّم ثم يستبيح الوطء.
(١٠) الام ١ : ٤٧ ، المجموع ٢ : ٢٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ٩٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦.
و ـ لو نوى إباحة فرض التيمم ، صح ، وهو أحد وجهي الشافعي كما لو توضأ بهذه النيّة ، والآخر : يبطل لأنه عن ضرورة فلا يجعل مقصدا ولهذا لا يستحب تجديده بخلاف الوضوء (١).
ز ـ ليست التسمية شرطا في التيمم خلافا للظاهرية (٢).
ح ـ لو تيمم الصبي للنافلة ، أو للفريضة ثم بلغ جاز أن يستبيح الفريضة لأن طهارته شرعية ، والنافلة لا تصح إلا مع رفع المنع بالطهارة ، وعندي فيه نظر.
مسألة ٣٠٥ : ثم يمسح وجهه بكفيه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى بعد الضرب بالكفين.
ولا يجب استيعاب الوجه عند أكثر علمائنا (٣) لقوله تعالى ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ) (٤) والباء للتبعيض إذ دخولها على المتعدي بنفسه يفيده ، وإلا كانت زائدة ، والأصل عدمها ، وإنكار ورودها له غير مسموع لشهادة البعض به ، وتنصيص الباقر عليهالسلام (٥).
ولأن زرارة سأل الصادق عليهالسلام عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ومسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة (٦).
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٢٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، السراج الوهاج : ٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ٩٨.
(٢) نسبه إليهم المحقق في المعتبر : ١٠٨.
(٣) منهم المفيد في المقنعة : ٨ ، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل ٣ : ٢٥ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٣ ، وسلاّر في المراسم : ٥٤ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٣٦ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٧٢ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٤٨.
(٤) المائدة : ٦.
(٥) الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٦١ ـ ١٦٨ ، الاستبصار ١ : ٦٢ ـ ٦٣ ـ ١٨٦ ، علل الشرائع : ٢٧٩ الباب ١٩٠.
(٦) الكافي ٣ : ٦١ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٢٠٧ ـ ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ ـ ٥٩٠ ، وفيها عن الإمام الباقر عليهالسلام ، وأورده عن الإمام الصادق عليهالسلام المحقق في المعتبر : ١٠٦.
وقال سليمان بن داود : يجزيه أن يصيب بالمسح بعض وجهه وبعض كفيه (١).
وقال أبو حنيفة : يجوز أن يترك من ظاهر الوجه دون الربع ، وفي رواية عنه : إذا مسح أكثر الوجه أجزأه (٢).
وقال ابن بابويه من علمائنا : يجب استيعاب الوجه بالمسح (٣) ، وهو قول الجمهور (٤) لأنه تعالى أحال فيه على الوضوء وإلا لبيّنه. ونمنع بطلان التالي ، والباقر عليهالسلام قد بيّنه (٥).
مسألة ٣٠٦ : ثم يمسح ظهر كفيه من الزند إلى أطراف الأصابع بباطنهما على الأشهر ـ وبه قال أحمد ، ومالك ، والشافعي في القديم ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وداود ، وابن جرير الطبري (٦) ـ لأنه المتعارف من اليد ، ولأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( إنما يكفيك ـ إلى قوله ـ وظاهر كفيه ) (٧).
__________________
(١) المغني ١ : ٢٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩١.
(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٧ ، الكفاية ١ : ١١١ ، شرح العناية ١ : ١١١ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٦ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٩١ ، المجموع ٢ : ٢٣٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢٦ ، البحر الرائق ١ : ١٤٤ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٢.
(٣) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ١٠٦ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ٩٩ و ١٠٠.
(٤) المجموع ٢ : ٢٣٩ ، الوجيز ١ : ٢١ ، المغني ١ : ٢٩٠ ، الانصاف ١ : ٢٨٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٧ ، شرح فتح القدير ١ : ١١١ ، بلغة السالك ١ : ٧٣.
(٥) الكافي ٣ : ٣٠ ـ ٤ ، علل الشرائع : ٢٧٩ باب ١٩٠.
(٦) المجموع ٢ : ٢١١ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، فتح الباري ١ : ٣٥٣ ، مغني المحتاج ١ : ٩٩ ، المغني ١ : ٢٩١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٠ ، بداية المجتهد ١ : ٦٩ ، الشرح الصغير ١ : ٧٣ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٤٠ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٧ ، نيل الأوطار ١ : ٣٣٣ ، المحلى ٢ : ١٥٦.
(٧) مسند أحمد ٤ : ٢٦٣ ، سنن أبي داود ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ـ ٣٢١.
وروى عمار بن ياسر أن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( التيمم ضربة للوجه والكفين ) (١).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « ومسح بهما جبهته وكفيه » (٢) ولأنه أحد عضوي الوضوء فيجب مسح بعضه كالوجه.
وقال علي بن بابويه : يمسح من المرفقين إلى أطراف الأصابع (٣) ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، ورووه عن علي عليهالسلام ، وابن عمر ، وجابر ، وبه قال الشعبي ، والحسن البصري ، والثوري ، ومالك ، والليث (٤) ـ للحوالة في الوضوء. وهو ممنوع.
ولقوله عليهالسلام : ( التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين ) (٥) وهي ضعيفة السند ، طعن فيه أحمد بن حنبل (٦).
وقال الزهري : يمسح إلى المنكبين والآباط (٧) لأن عمار بن ياسر مسح
__________________
(١) سنن الدارمي ١ : ١٩٠ ، سنن الترمذي ١ : ٢٦٩ ـ ١٤٤ ، مسند أحمد ٤ : ٢٦٣ ، سنن أبي داود ١ : ٨٩ ـ ٣٢٧ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٢ ـ ١٨٣ ـ ٢٨.
(٢) الكافي ٣ : ٦١ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٢٠٧ ـ ٦٠١ ، الاستبصار ١ : ١٧٠ ـ ٥٩٠.
(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٧.
(٤) بداية المجتهد ١ : ٦٨ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٤ ، المجموع ٢ : ٢١١ ، مختصر المزني : ٦ ، السراج الوهاج : ٢٨ ، الوجيز ١ : ٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٧ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧١ ، نيل الأوطار ١ : ٣٣٣ ـ ٣٣٤ ، المحلى ٢ : ١٥٢ ، احكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٧.
(٥) سنن الترمذي ١ : ٢٧٠ ـ ١٤٤ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٠ و ١٨١ ـ ١٦ و ٢١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٧.
(٦) المغني ١ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ١ : ٣٠٩.
(٧) المجموع ٢ : ٢١١ ، بداية المجتهد ١ : ٦٩ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٤٠ ، احكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٧ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧١ ، المحلى ٢ : ١٥٣ ، نيل الأوطار ١ : ٣٣٤.
إلى المناكب (١).
فروع :
أ ـ يجب أن يبدأ في مسح الوجه من أعلاه إلى أن ينتهي محل الفرض.
فلو نكس فالوجه البطلان كالوضوء ، ويجب أن يبدأ في مسح اليدين من الزند إلى أطراف الأصابع ، وقال مالك ، وأحمد : يمسح إلى الكوعين (٢).
وقال الشافعي : يضع أصابع اليسرى سوى الإبهام على ظهور أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسبحة اليسرى ويمرها على ظهر كفه اليمنى ، فإذا بلغت الكوع ضم أطراف أصابعه وأمرّها على حرف الذراع إلى المرفق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه وإبهامه منصوبة ، فإذا بلغ الكوع مسح ببطنها ظهر إبهامه اليمنى وكذا اليسرى (٣).
ب ـ لو أخل بجزء من محل الفرض لم يجزئ ووجب مسحه ـ وبه قال الشافعي (٤) ـ إذ لا مشقة في استيعاب الكل بالمسح ، وأكثر العضو لا يقوم مقامه ، وقال أبو حنيفة : يجزي الأكثر (٥).
ج ـ لو أهمل جزءا من الجبهة ومسح يديه لم يجزئه مسحهما فيمسح
__________________
(١) سنن الترمذي ١ : ٢٧٠ ذيل الحديث ١٤٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٧ ـ ٥٦٦ ، سنن النسائي ١ : ١٦٨.
(٢) الشرح الصغير ١ : ٧٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٤ ، المغني ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٢ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٠ ، عمدة القارئ ٤ : ١٩ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧١.
(٣) مختصر المزني : ٦ ، المجموع ٢ : ٢٢٧ ، فتح العزيز ٢ : ٣٣٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٠.
(٤) الام ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ٢٣٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢٦.
(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٧ ، شرح العناية ١ : ١١١ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢٦.
الجزء ويعيد الكفين لوجوب الترتيب ، وبه قال الشافعي (١).
د ـ لا يجب المسح على المسترسل من اللحية ، أما عندنا فظاهر ، وأما من أوجب الاستيعاب فكذلك لأنه ليس محل الفرض ، وللشافعي وجهان (٢).
هـ ـ لو كان عليه خاتم ، وشبهه نزعه ليباشر المسح جميع محل الفرض.
و ـ يستحب تفريج الأصابع في الضرب للوجه والكفين ، وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، واستحبابه في الثانية خاصة ، وله ثالث : منعه في الأولى (٣).
ز ـ لا يستحب تخليل الأصابع لأن المسح على الظاهر ، وقال الشافعي : يستحب إن فرج أصابعه في الضربة الثانية وإلاّ وجب (٤).
ح ـ الأظهر من عبارة الأصحاب وجوب مسح الوجه بالكفين معا ، فلو مسح بأحدهما لم يجزئ ، ويحتمل الجواز.
ط ـ لو قطع بعض محل الفرض وجب مسح الباقي ، ولو استوعب سقط ذلك العضو.
ي ـ لو خلقت له إصبع زائدة ، أو كف ، أو يد فكالوضوء.
مسألة ٣٠٧ : اختلف علماؤنا في عدد الضربات ، وأجودها قول الشيخين : ضربة واحدة للأعضاء الثلاثة في الوضوء ، وضربتان إحداهما للوجه في
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٣٨ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢٦.
(٢) المجموع ٢ : ٢٣١ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢٧.
(٣) مختصر المزني : ٦ ، المجموع ٢ : ٢٢٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣٣٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٠ ، الوجيز ١ : ٢٢.
(٤) فتح العزيز ٢ : ٣٣١ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٠.
الغسل (١) لقول الباقر عليهالسلام وقد سئل كيف التيمم؟ : « ضربة واحدة للوضوء ، وللغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ، ثم تنفضهما مرة للوجه ، ومرة لليدين » (٢).
وقال المرتضى : ضربة واحدة فيهما (٣) ـ وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وابن جرير الطبري ، والشافعي في القديم (٤) ـ للامتثال.
وقال علي بن بابويه : ضربتان في الجميع (٥) ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والليث بن سعد ، والثوري ، ورووه عن علي عليهالسلام (٦) ـ لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( التيمم ضربة للوجه ، وضربة لليدين ) (٧) والتفصيل قول فيهما على تقديرين فيصار إليه.
وقال ابن سيرين : يضرب ثلاث ضربات : ضربة للوجه واخرى للكفين والثالثة للذراعين (٨).
فروع :
أ ـ وضع اليدين على الأرض شرط ، فلو تعرض لمهب العواصف حتى
__________________
(١) المقنعة : ٨ ، المبسوط للطوسي ١ : ٣٣ ، النهاية : ٤٩ ـ ٥٠.
(٢) التهذيب ١ : ٢١٠ ـ ٦١١ ، الاستبصار ١ : ١٧٢ ـ ٥٩٩.
(٣) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٥ ـ ٢٦.
(٤) المجموع ٢ : ٢١١ ، المغني ١ : ٢٧٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٧ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٣٣٢.
(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٧.
(٦) المجموع ٢ : ٢١٠ ، بداية المجتهد ١ : ٧٠ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٢ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٤٠ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٤ ، شرح العناية ١ : ١٠٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨٧ ، اللباب ١ : ٣١ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٦ ، المغني ١ : ٢٧٨ ، المحلى ٢ : ١٥٢.
(٧) سنن الدار قطني ١ : ١٨٠ و ١٨١ ـ ١٦ و ٢١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٧.
(٨) المجموع ٢ : ٢١١ ، نيل الأوطار ١ : ٣٣٢.
لصق صعيدها بوجهه ، أو كفيه ، أو ردد الغبار على وجهه منه لم يجزئ لقوله تعالى ( فَتَيَمَّمُوا ) (١) اي اقصدوا.
وقال بعض الشافعية : إذا صمد للريح ونوى التيمم أجزأه كالوضوء إذا جلس تحت الميزاب ونواه (٢).
ب ـ لو يمّمه غيره بغير إذنه فهو كما لو نسفت الريح التراب عليه ، وإن كان بإذنه فإن كان عاجزا عن المباشرة صح وإلا فلا ـ وهو أحد وجهي الشافعية ـ لأنه لم يقصد التراب ، وأظهرهما : الجواز (٣) إقامة لفعل نائبه مقام فعله.
ج ـ يستحب بعد الضرب نفض اليدين من التراب لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فعله (٤) ، وليس واجبا إجماعا.
د ـ لا يشترط أن يعلق على يده شيء من الغبار لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم نفض يديه (٥) ، وفي رواية عمار بن ياسر أنه نفخ فيهما (٦) ولو كان شرطا لما عرضه للزوال ، ولأن الصعيد هو وجه الأرض لا التراب.
مسألة ٣٠٨ : الترتيب واجب في التيمم يبدأ بمسح الوجه ثم بالكف اليمنى ثم اليسرى فلو غيّره وجب أن يعيد على ما يحصل معه الترتيب ، ذهب إليه علماء أهل البيت عليهمالسلام لقوله تعالى ( فَامْسَحُوا
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) المجموع ٢ : ٢٣٥ ، فتح العزيز ٢ : ٣١٧ ، السراج الوهاج : ٢٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٢.
(٣) المجموع ٢ : ٢٣٥ ، السراج الوهاج : ٢٧ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٢.
(٤) صحيح البخاري ١ : ٩٦ ، صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ـ ٣٦٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٩ ـ ٥٧٠ ، سنن أبي داود ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ـ ٣٢١ ، سنن النسائي ١ : ١٧٠.
(٥) صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ـ ٣٦٨ ، سنن الدار قطني ١ : ١٧٩ ـ ١٤.
(٦) صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ذيل الحديث ٣٦٨ ، سنن النسائي ١ : ١٧٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٩ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٣ ـ ٣١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٩.
بِوُجُوهِكُمْ ) (١) والواو للترتيب عند الفراء (٢) ، ولأن التقديم لفظا يستدعي سببا لاستحالة الترجيح من غير مرجح ولا سبب إلا التقديم وجوبا ، ولأنه عليهالسلام رتب في مقابلة الامتثال (٣) فيكون واجبا.
وأوجب الشافعي ، وأحمد تقديم الوجه ولم يرتبا في الكفين (٤) ، وأبو حنيفة أسقط الترتيب مطلقا عملا بالأصل (٥) ، ويعارضه البيان.
مسألة ٣٠٩ : الموالاة واجبة هنا ، أما على تقدير وجوب التأخير فظاهر ، وأما على العدم فلأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تابع (٦) ، ولأنه تعالى عقّب بمسح الوجه اليدين وهو يستلزم المتابعة لامتناع الجمع.
وللشافعية وجوه أحدها : القطع باشتراطها كالوضوء ، والثاني : المنع ، والثالث : تجويز الأمرين (٧).
مسألة ٣١٠ : نقل التراب إلى الأعضاء الممسوحة ليس بواجب ـ وبه قال أبو حنيفة (٨) ـ لقوله تعالى ( صَعِيداً طَيِّباً ) (٩) وهو وجه الأرض ، ولم يشترط النقل ، ولأنه عليهالسلام نفض التراب بعد الضرب (١٠) ، فلو كان النقل شرطا
__________________
(١) المائدة : ٦.
(٢) مغني اللبيب ١ : ٤٦٤ الباب الأول.
(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ـ ٣٦٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٩ ، سنن النسائي ١ : ١٧٠ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٩ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٣ ـ ٣١.
(٤) الام ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ٢٣٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٧ ، السراج الوهاج : ٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٠ ، والمغني ١ : ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، المحلى ٢ : ١٦١.
(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢١ ، احكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٩٦.
(٦) سنن الدار قطني ١ : ١٨٣ ـ ٣١ ، سنن البيهقي ١ : ٢٠٩.
(٧) المجموع ٢ : ٢٣٣ ، السراج الوهاج : ٢٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٠٠.
(٨) شرح فتح القدير ١ : ١١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٣ ، المجموع ٢ : ٢٣٩ ، بداية المجتهد ١ : ٧٠.
(٩) المائدة : ٦.
(١٠) صحيح مسلم ١ : ٢٨٠ ـ ٣٦٨ ، سنن الدار قطني ١ : ٧٩ ـ ١٤.
لما أزاله.
وقال الشافعي : إنه شرط (١) ، لقوله تعالى ( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (٢) أي من الصعيد ، ولأنه ممسوح في الطهارة فافتقر إلى ممسوح به كمسح الرأس في الوضوء ، والآية تقول بموجبها ، والصعيد وجه الأرض ، والقياس ضعيف ، لأن المائية تزيل الحدث بخلاف التيمم.
فروع :
أ ـ لو نوى عند النقل وعزبت قبل المسح احتمل الإجزاء لأن الضرب من أعمال التيمم ، وعدمه لأنه ليس مقصودا في نفسه ، وهو أصح وجهي الشافعي (٣).
ب ـ لو أحدث بعد الضرب وأخذ التراب بطل أخذه وعليه الإعادة على إشكال ينشأ من عدم وجوب أخذ الماء ثانيا فكذا هنا ، ومن الفرق بأن القصد إلى الماء ونقله لا يجب ، وللشافعي الوجهان (٤).
ج ـ لو كان على العضو الممسوح تراب ونوى التيمم وردّه من طرف إلى آخر لم يجزئ لأنه لم ينقل عند الشافعي (٥) ، ولا ضرب عندنا ، ولو أخذه منه وردّه إليه جاز عند الشافعي على أظهر الوجهين (٦) ، ولو نقله من عضو غير
__________________
(١) الام ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ٢٣١ و ٢٣٨ و ٢٣٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣١٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦ ، السراج الوهاج : ٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٧٠.
(٢) المائدة : ٦.
(٣) المجموع ٢ : ٢٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٦.
(٤) المجموع ٢ : ٢٣٦.
(٥) المجموع ٢ : ٢٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣١٨ ، السراج الوهاج : ٢٧ ، الوجيز ١ : ٢١.
(٦) المجموع ٢ : ٢٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣١٨ ، الوجيز ١ : ٢١.
ممسوح أجزأ عنده ، ولو كان من ممسوح كما لو نقله من الوجه إلى الكفين أو بالعكس فوجهان (١) ، والكل عندنا باطل.
د ـ لو تمعك في التراب حتى وصل إلى وجهه ويديه لم يجزئ لأنه لم يمسح ، إلا مع العذر ، وللشافعي في الاختيار وجهان (٢).
هـ ـ لو مسح بآلة كخشبة لم يصح تبعا للكيفية المنقولة ، وقال الشافعي : يجوز (٣).
و ـ لا يجب إيصال الغبار إلى باطن الشعر خفيفا كان أو كثيفا إجماعا.
ز ـ لا يستحب التكرار ، ولا التثليث في التيمم إجماعا لإفضائه إلى تشويه الخلقة وتقبيح الصورة ، وكذا لا يستحب تجديده.
مسألة ٣١١ : دخول الوقت شرط في صحة التيمم ، فلا يصح قبله إجماعا من علماء أهل البيت عليهمالسلام ـ وبه قال الزهري ، والشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وداود (٤) ـ لأنها طهارة اضطرارية لا يصح إلاّ عند العجز ولا يتحقق قبل الوقت ، ولأنها طهارة ضرورية قدمت على وقت الفريضة فلا يجوز كالمستحاضة.
وقال أبو حنيفة : يجوز قبل دخول الوقت لأنها طهارة تستباح بها
__________________
(١) المجموع ٢ : ٢٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣١٨ ، الوجيز ١ : ٢١ ، السراج الوهاج : ٢٧ ـ ٢٨.
(٢) فتح العزيز ٢ : ٣١٩ ، الوجيز ١ : ٢١.
(٣) الام ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ٢٢٨ و ٢٣٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٧.
(٤) الام ١ : ٤٦ ، المجموع ٢ : ٢٤٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٣ ، السراج الوهاج : ٣٠ ، القوانين الفقهية : ٤٢ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١١١ ، المغني ١ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨١ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٣.
الصلاة فجاز تقديمها كالوضوء (١) والفرق أنه ليس للضرورة.
فروع :
أ ـ ذهب الصدوق إلى صحته حال السعة (٢) ـ وهو قول الجمهور (٣) ـ لقوله تعالى ( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (٤) وقوله عليهالسلام : ( أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت ) (٥).
وقال أكثر علمائنا بوجوب التأخير إلى آخر الوقت (٦) ـ وبه قال الزهري (٧) ـ لما رووه عن علي عليهالسلام في الجنب : « يتلوّم ما بينه وبين آخر الوقت ، فإن وجد الماء وإلا تيمم » (٨) والتلوّم : الانتظار (٩).
ومن طريق الخاصة قول أحدهما عليهماالسلام : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصلّ في آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه » (١٠). ولأنها طهارة ضرورية بدل من الماء عند العجز ، ولا يتحقق العجز إلا عند خوف الفوت ، فإن توقع
__________________
(١) بدائع الصنائع ١ : ٥٤ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٨١ ، المجموع ٢ : ٢٤٣ ، المغني ١ : ٢٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٦٧ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١١١ ، التفسير الكبير ١١ : ١٧٣.
(٢) حكاه عنه نقلا عن المقنع ، المحقق في المعتبر : ١٠٥.
(٣) الام ١ : ٤٦ ، المغني ١ : ٢٧٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٢ ، اللباب ١ : ٣٣.
(٤) المائدة : ٦.
(٥) سنن البيهقي ١ : ٢٢٢.
(٦) منهم : المفيد في المقنعة : ٨ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ٤٧ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٧٠ ، والمحقق في المعتبر : ١٠٥.
(٧) المغني ١ : ٢٧٦.
(٨) سنن البيهقي ١ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ، سنن الدار قطني ١ : ١٨٦ ـ ٥.
(٩) انظر الصحاح للجوهري ٥ : ٢٠٣٤ « لوم ».
(١٠) الكافي ٣ : ٦٣ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ١٩٢ ـ ٥٥٥ و ٢٠٣ ـ ٥٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٥٩ ـ ٥٤٨.