الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: ٤٧٨
وأفضل الثياب البيض ، لقوله عليهالسلام : « أحب الثياب إلى الله تعالى البيض ، يلبسها أحياؤكم ، ويكفّن فيها موتاكم » (١).
وينبغي للإمام الزيادة في التجمّل ، لأنّه المنظور إليه ، وكان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يعتمّ ويرتدي ، ويخرج في الجمعة والعيدين على أحسن هيئة (٢).
مسألة ٤٢٥ : تستحب المباكرة إلى الجامع ـ خلافا لمالك ، فإنّه أنكر استحباب السعي قبل النداء (٣) ـ لقوله عليهالسلام : ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنّما قرّب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشا أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة ، فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) (٤).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « إنّ الجنان لتزخرف وتزيّن يوم الجمعة لمن أتاها ، وإنّكم تتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة ، وإنّ أبواب الجنة لتفتح لصعود أعمال العباد » (٥).
ولما فيه من المسارعة إلى الطاعات ، والتفرّغ للعبادة في المسجد الأعظم.
__________________
(١) مصنف عبد الرزاق ٣ : ٤٢٩ ـ ١٦٩٨ ( نحوه ).
(٢) انظر : سنن البيهقي ٣ : ٢٤٦ و ٢٤٧.
(٣) التفريع ١ : ٢٣١ ، المغني ٢ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٠٣.
(٤) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ ـ ٨٥٠ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ ـ ٤٩٩ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ ـ ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، الموطأ ١ : ١٠١ ـ ١.
(٥) الكافي ٣ : ٤١٥ ـ ٩ ، التهذيب ٣ : ٣ ـ ٤ ـ ٦.
فروع :
أ : المراد بالساعة الأولى هنا بعد الفجر ، لما فيه من المبادرة إلى الجامع المرغّب فيه وإيقاع صلاة الصبح فيه ، ولأنّه أول النهار ، وهو قول بعض الشافعية (١).
وقال بعضهم : بعد طلوع الشمس ، لأنّ أهل الحساب يعدّون أول النهار طلوع الشمس (٢).
ب : يستحب الدعاء أمام التوجّه ، لقول الباقر عليهالسلام لأبي حمزة الثمالي : « ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيّأت للخروج بهذا الدعاء : اللهم من تهيّأ وتعبّأ » (٣) إلى آخره.
ج : قال الشيخ في الخلاف : الوقت الذي يرجى استجابة الدعاء فيه : ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف ، لقول الصادق عليهالسلام : « الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف » (٤).
وقال الشافعي : هو آخر النهار عند غروب الشمس (٥).
وفي رواية لنا : استجابة الدعاء في الساعتين معا عن الصادق عليهالسلام ـ في الصحيح ـ قال : « الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف ، وساعة أخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس » (٦).
__________________
(١) المجموع ٤ : ٥٤٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢١.
(٢) المجموع ٤ : ٥٤٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢١.
(٣) التهذيب ٣ : ١٤٢ ـ ٣١٦.
(٤) الكافي ٣ : ٤١٤ ـ ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٣٥ ـ ٦١٩.
(٥) الخلاف ١ : ٦١٧ ، المسألة ٣٨٥ ، وراجع : المجموع ٤ : ٥٤١ و ٥٤٩.
(٦) الكافي ٣ : ٤١٤ ـ ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٣٥ ـ ٦١٩
د : يستحب الإكثار من الصلاة على النبي وآله عليهمالسلام ، لقوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( أقربكم منّي في الجنّة أكثركم صلاة عليّ ، فأكثروا الصلاة عليّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر ) (١).
قال الصادق عليهالسلام عن يوم الجمعة وليلتها : « ليلتها ليلة غرّاء ، ويومها يوم أزهر » (٢).
وقال عليهالسلام : « إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذّر في أيديهم أقلام الذهب ، وقراطيس الفضّة ، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلاّ الصلاة على محمد وعلى آل محمد ، فأكثروا منها » ثم قال : « إن من السنّة أن تصلّي على محمد وعلى أهل بيته في كلّ جمعة ألف مرة وفي سائر الأيام مائة مرة » (٣).
هـ : يكره لغير الإمام أن يتخطّى رقاب الناس قبل ظهور الإمام وبعده ، سواء كانت له عادة بالصلاة في موضع أو لم تكن ـ وبه قال عطاء وسعيد بن المسيب والشافعي وأحمد (٤) ـ لأنّ رجلا جاء يتخطّى رقاب الناس والنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم يخطب ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( اجلس فقد آذيت ) (٥).
ولما فيه من أذى الغير.
وقال مالك : إن لم يكن الإمام ظهر لم يكره ، وكذا إن ظهر وكان له عادة بالصلاة في موضع معيّن ، وإلاّ كره (٦).
__________________
(١) أورد نحوه البيهقي في سننه ٣ : ٢٤٩.
(٢) الكافي ٣ : ٤٢٨ ـ ٢.
(٣) الكافي ٣ : ٤١٦ ـ ١٣ ، التهذيب ٣ : ٤ ـ ٩.
(٤) المجموع ٤ : ٥٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٣ ، المغني ٢ : ٢٠٣.
(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٤ ـ ١١١٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩٢ ـ ١١١٨ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٣.
(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٥٩ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٠٣ ، المجموع ٤ : ٥٤٦ ـ ٥٤٧.
و : لا يجوز له أن يقيم أحدا من مجلسه الذي سبق إليه ، لقوله عليهالسلام : ( لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن يقول : تفسّحوا وتوسّعوا ) (١).
ولا تكره إقامته في مواضع : إمّا بأن يجلس في مصلّى الإمام ، أو في طريق الناس ، أو يستقبل المصلّين والموضع ضيّق عليهم ، ولو كان متسعا تنحّوا عنه يمينا وشمالا ، لئلاّ يستقبلوه بالصلاة.
نعم إذا اعتاد إنسان القعود في موضع ، كره لغيره مزاحمته له ، كما في السوق ، ولو قام لحاجة عرضت له بنيّة العود ، فجاء غيره وقعد ، استحب للقاعد أن يقوم من موضعه حتى يعود إليه ، من غير وجوب.
ولو فرش له منديل أو مصلّى ، لم يكن موجبا للاختصاص لو رفعه غيره وإن كان مخطئا.
ولو ازدحم الناس في آخر المسجد وبين أيديهم فرجة ، لم يكره التخطّي.
ز ـ قصد الجامع لمن اختلّت شرائط الجمعة في حقّه مستحب ، لأنّ الباقر عليهالسلام كان يبكر إلى المسجد الجامع يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح ، فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك (٢).
ح ـ لو لم يكن الإمام مرضيا ، قدّم المصلّي ظهره على صلاة الإمام ، ويجوز أن يصلّي معه ركعتين ثم يتمّ الظهر بعد فراغ الإمام ، لقول الصادق عليهالسلام : « في كتاب علي عليهالسلام إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم ولا تقومنّ من مقعدك حتى تصلّي ركعتين أخريين » (٣).
ولو صلّى في منزله أوّلا جاز ، لأنّ أبا بكر الحضرمي قال للباقر عليه
__________________
(١) مسند أحمد ٢ : ١٠٢.
(٢) الكافي ٣ : ٤٢٩ ـ ٨ ، التهذيب ٣ : ٢٤٤ ـ ٦٦٠.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٨ ـ ٩٦.
السلام : إنّي أصلّي في منزلي ثم أخرج فأصلّي معهم ، قال : « كذا أصنع » (١).
مسألة ٤٢٦ : يستحب التنفّل يوم الجمعة زيادة على نوافل الظهرين بأربع ركعات.
قال الشيخ : ويستحب تقديم نوافل الظهر قبل الزوال ، ولم أجد لأحد من الفقهاء وفاقا في ذلك ، ويستحبّ بالإجماع منّا ، لأنّ منّا من يستحبّ تقديمها ، ومنّا من يستحبّ تقديم أكثرها.
ولما رواه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن النافلة التي تصلّى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال : « قبل الصلاة » (٢) (٣). وعليها عمل الشيخ في أكثر كتبه (٤).
إذا عرفت هذا ، فقد روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : « أمّا أنا إذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت العصر صلّيت ست ركعات ، فإذا انتفخ النهار صلّيت ست ركعات ، فإذا زاغت الشمس صلّيت ركعتين ، ثم صلّيت الظهر ، ثم صلّيت بعدها ستّا » (٥).
ومثله عن الرضا عليهالسلام (٦).
ولو أخّرها جاز إجماعا منّا.
واستحبّ أحمد ركعتين بعد الجمعة ، وإن شاء أربعا ، وإن شاء ستا (٧).
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٤٦ ـ ٦٧١.
(٢) التهذيب ٣ : ١٢ ـ ٣٨ و ٢٤٦ ـ ٦٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤١١ ـ ١٥٧٠.
(٣) الخلاف ١ : ٦٣٢ المسألة ٤٠٦.
(٤) راجع : المبسوط للطوسي ١ : ١٥٠ ، والنهاية : ١٠٤ ، والخلاف ١ : ٦٣٢ ، المسألة ٤٠٦.
(٥) الكافي ٣ : ٤٢٨ ـ ٢ ، التهذيب ٣ : ١١ ـ ٣٥ ، الإستبصار ١ : ٤١٠ ـ ١٥٦٦.
(٦) الكافي ٣ : ٤٢٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ١٠ ـ ٣٤ ، الإستبصار ١ : ٤٠٩ ـ ١٥٦٥.
(٧) المغني ٢ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٦ ، مسائل أحمد : ٥٩.
واستحبّ أبو حنيفة أربعا (١).
مسألة ٤٢٧ : الأذان الثاني بدعة عند علمائنا ، لقول الباقر عليهالسلام : « الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة » (٢).
وسمّاه بالثالث ـ كما هو في عبارة بعض علمائنا (٣) ـ بالنسبة إلى الإقامة.
ولأن النبيّ عليهالسلام لم يفعله اتّفاقا ، وشرّع للصلاة أذانا واحدا وإقامة ، فالزيادة الثالثة بدعة.
وكان الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعلى عهد أبي بكر وعمر ، فلّما كان زمن عثمان كثر الناس ، فأمر بالأذان الثالث بالزوراء (٤) (٥).
ولا اعتبار بما فعله عثمان مخالفة للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وقال عطاء : أول من فعله معاوية (٦).
قال الشافعي : ما فعله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وأبو بكر وعمر أحبّ إليّ (٧).
إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحبّ أن يؤذّن بعد جلوس الإمام على المنبر ، قاله الشافعي ، قال : وأن يكون المؤذّن واحدا ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) شرح فتح القدير ٢ : ٣١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، كتاب الحجة على أهل المدينة ١ : ٢٩٤
(٢) الكافي ٣ : ٤٢١ ـ ٥ ، التهذيب ٣ : ١٩ ـ ٦٧.
(٣) كما في السرائر : ٦٤ ، والمعتبر : ٢٠٦.
(٤) الزوراء : موضع بالمدينة يقف المؤذنون على سطحه للنداء. مجمع البحرين ٣ : ٣٢٠ ، معجم البلدان ٣ : ١٥٦ « زور ».
(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٠ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٨٧ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٩٢ ـ ٥١٦ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٠ ـ ١٠١ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٠٥ ، مسند أحمد ٣ : ٤٥٠.
(٦ و ٧) الام ١ : ١٩٥.
كان له مؤذّن واحد (١).
وعندي فيهما إشكال.
إذا ثبت هذا ، فإنّ الأذان لصلاة العصر يوم الجمعة مكروه ، بل إذا فرغ من الظهر صلّى العصر بغير أذان ، للمشقّة بالحضور إلى الجامع ، والإعلام قد حصل.
إذا ثبت هذا ، فالأقرب أنّه لا يستحبّ حكاية هذا الأذان لو وقع ، إذ الأمر بالحكاية ينصرف إلى المشروع. وكذا أذان المرأة ، والأذان المكروه كأذان العصر يوم الجمعة ويوم عرفة ومزدلفة.
والوجه : استحباب حكاية أذان الفجر لو وقع قبله وإن استحبّ إعادته بعده ، وأذان من أخذ عليه اجرة وإن حرمت ، دون أذان المجنون والكافر.
مسألة ٤٢٨ : البيع بعد النداء يوم الجمعة حرام بالنص والإجماع.
قال الله تعالى ( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٢) والأمر للوجوب ، والنهي للتحريم.
ولا خلاف بين العلماء في تحريمه.
والنداء الذي يتعلّق به التحريم هو النداء الذي يقع بعد الزوال والخطيب جالس على المنبر ، قاله الشيخ ـ وبه قال الشافعي وعمر بن عبد العزيز وعطاء والزهري (٣) ـ لأنّه تعالى علّق التحريم بالنداء ، وإنّما ينصرف إلى الأذان الذي فعله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، دون الوقت ، فينتفي التحريم قبل النداء (٤).
__________________
(١) الام ١ : ١٩٥ ، المجموع ٣ : ١٢٤.
(٢) الجمعة : ٩.
(٣) كما في الخلاف للشيخ الطوسي ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، وراجع : المجموع ٤ : ٥٠٠ ، وفتح العزيز ٤ : ٦٢٤ ، وعمدة القارئ ٦ : ٢٠٤.
(٤) الخلاف ١ : ٦٢٩ ـ ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، والمبسوط للطوسي ١ : ١٥٠.
وقال مالك وأحمد : إذا زالت الشمس حرم البيع جلس الإمام أو لم يجلس (١).
وليس بجيّد ، لما تقدّم.
فروع :
أ ـ لو جوّزنا الخطبة قبل الزوال ـ كما ذهب إليه بعض علمائنا (٢) ـ لم يسغ الأذان قبله مع احتماله.
ومتى يحرم البيع حينئذ؟ إن قلنا بتقديم الأذان ، حرم البيع معه ـ وبه قال أحمد (٣) ـ لأنّ المقتضي ـ وهو سماع الذكر ـ موجود. وإلاّ فإشكال ينشأ : من تعليق التحريم بالنداء ، ومن حصول الغاية.
ب ـ البيع بعد الزوال قبل النداء مكروه عندنا ، لما فيه من التشاغل عن التأهّب للجمعة ، وبه قال الشافعي (٤).
وعند أحمد ومالك أنّه محرّم (٥). وقد تقدّم.
ج ـ لو كان بعيدا من الجمعة يفتقر إلى قطع المسافة قبل الزوال ، وجب السعي وحرم البيع إن منع ، وإلاّ فلا.
د ـ لو تبايعا بعد السعي حال الأذان فإشكال ، وبالجملة لو لم يمنع البيع من سماع الخطبة ، أو منع وقلنا بعدم الوجوب ومنع تحريم الكلام فالوجه : التحريم ، للعموم (٦).
__________________
(١) حكاه عنهما الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، وراجع : المغني ٢ : ١٤٥ ، وتفسير القرطبي ١٨ : ١٠٨.
(٢) ذهب إليه الشيخ الطوسي في النهاية : ١٠٥ ، والمبسوط ١ : ١٥١ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٩٥ ، والمعتبر : ٢٠٤.
(٣) انظر : المغني ٢ : ١٤٤ و ١٤٥.
(٤) المجموع ٤ : ٥٠٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٢٦ ، رحمة الأمة ١ : ٨٠.
(٥) المغني ٢ : ١٤٥ ، وانظر لقولهما أيضا : الخلاف ١ : ٦٣٠ المسألة ٤٠٢.
(٦) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.
هـ ـ التحريم مختص بمن يجب عليه السعي دون غيرهم ، كالنساء والصبيان والمسافرين وغيرهم عند علمائنا ، وبه قال الشافعي (١).
وعن أحمد رواية بالتحريم (٢).
وقال مالك : يمنع العبيد كالأحرار أيضا (٣).
وليس بمعتمد ، لأنّ النهي عن البيع متوجّه إلى من أمر بالسعي.
ولو كانوا في قرية لا جمعة على أهلها ، لم يحرم البيع ولا كره أيضا إجماعا.
و ـ لو كان أحد المتبايعين مخاطبا دون الآخر ، حرم بالنسبة إلى المخاطب إجماعا ، وهل يحرم على الآخر؟
قال الشيخ : إنّه يكره ، لأنّ فيه إعانة على فعل محرّم ، وهو يقتضي التحريم ، لقوله تعالى ( وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٤) (٥).
والوجه عندي : التحريم في حقّه أيضا ، للآية (٦) ، وبه قال الشافعي (٧).
ز ـ لو تبايعا ، فعلا حراما ، وهل ينعقد البيع؟ لعلمائنا قولان :
المنع (٨) ـ وبه قال أحمد ومالك وداود (٩) ـ لأنّ النهي يقتضي الفساد.
__________________
(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٣ ، وراجع : الام ١ : ١٩٥.
(٢) المغني ٢ : ١٤٦.
(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٣ ، وراجع : المدوّنة الكبرى ١ : ١٥٤.
(٤) المائدة : ٢.
(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٥٠.
(٦) الجمعة : ٩.
(٧) المجموع ٤ : ٥٠٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧.
(٨) ممّن قال بعدم الانعقاد : الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣١ المسألة ٤٠٤ ، والمبسوط ١ : ١٥٠ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٧٧.
(٩) المجموع ٤ : ٥٠١ ، بلغة السالك ١ : ١٨٣ ، تفسير القرطبي ١٨ : ١٠٨ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٤٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٤.
والصحّة (١) ـ وبه قال الشافعي وأبو حنيفة (٢) ـ لأنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، بل في العبادات.
ولأنّ البيع غير مقصود بالنهي ، فإنّه لو ترك الصلاة والمبايعة ، كان عاصيا ، وإذا لم يكن مقصودا ، فالتحريم لا يمنع انعقاده ، كما لو ترك الصلاة المفروضة بعد ضيق الوقت واشتغل بالبيع ، فإنّه يصحّ إجماعا.
ح ـ هل يحرم غير البيع من الإجارة والنكاح والصلح وغيرها؟ إشكال ينشأ : من اختصاص النهي بالبيع فلا يتعدّاه. ومن المشاركة في العلّة.
مسألة ٤٢٩ : المصر ليس شرطا في الجمعة ، فتجب على أهل القرى مع الاستيطان عند علمائنا أجمع ـ وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك وأحمد وإسحاق والشافعي (٣) ـ لعموم الأمر (٤).
ولأنّ ابن عباس قال : إنّ أول جمعة جمّعت بعد جمعة بالمدينة لجمعة جمّعت بجواثا (٥) من البحرين من قرى عبد القيس (٦).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم من يخطب جمّعوا إذا كانوا خمسة
__________________
(١) ممّن قال بصحّة البيع : المحقق في المعتبر : ٢٠٧ ، وشرائع الإسلام ١ : ٩٨ ، ومختصر النافع : ٣٦ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ٩٦.
(٢) الام ١ : ١٩٥ ، المجموع ٤ : ٥٠٠ و ٥٠١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٤٤٨.
(٣) المجموع ٤ : ٥٠٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٠ ، المنتقى للباجي ١ : ١٩٦ ، المغني ٢ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣.
(٤) الجمعة : ٩.
(٥) جواثا بالضم : حصن لعبد القيس بالبحرين فتحه العلاء الحضرمي في أيام أبي بكر سنة ١٢ ه. معجم البلدان ٢ : ١٧٤ مادّة ( جواثا ).
(٦) صحيح البخاري ٢ : ٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٠ ـ ١٠٦٨ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٦.
نفر ، وإنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين » (١).
ولأنه بناء استوطنه العدد ، فيجب عليهم الجمعة ، كأهل المصر.
وقال أبو حنيفة والثوري : لا تصح إقامة الجمعة إلاّ في مصر جامع ، فلا تجب على أهل القرى والسواد ، لقول علي عليهالسلام : « لا جمعة ولا تشريق إلاّ في مصر جامع » (٢) (٣).
ونحن نقول بموجبه ، فإنّ الاعتبار بكونه جامعا للعدد والشرائط الباقية ، لا بكونه مصرا.
قال أبو يوسف : المصر ما كان فيه سوق ، وقاض يستوفي الحقوق ، ووال يستوفي الحدود (٤).
فإن سافر الإمام فدخل قرية ، فإن كان أهلها يقيمون الجمعة ، صلّى الجمعة ، وإلاّ لم يصلّها.
مسألة ٤٣٠ : وليس البنيان شرطا عندنا ، بل الاستيطان ، فتجب على أهل الخيم والبادية إذا كانوا مستوطنين ـ وهو أحد قولي الشافعي ، وقول أبي ثور (٥) ـ للعموم (٦).
ولقوله عليهالسلام : ( جمّعوا حيث كنتم ) (٧).
والآخر : لا يجب إلاّ على أهل مصر أو قرية مبنيّة بالحجارة ، أو الآجر ،
__________________
(١) التهذيب ٣ : ٢٣٨ ـ ٦٣٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٠ ـ ١٦١٤.
(٢) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٠١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٩.
(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٩ ، المجموع ٤ : ٥٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩ ، المغني ٢ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٣.
(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٩.
(٥) المجموع ٤ : ٥٠١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩.
(٦) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.
(٧) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٠١ ، وفيه هذا القول منسوب الى عمر ، كما أنّ المصنّف نسبه إليه في المنتهى ١ : ٣٢٠.
أو اللّبن ، أو السعف والجريد والشجر متّصلة البناء ، فلو كانت متفرّقة ، فإن تقاربت ، فكالواحدة ، وإن تباعدت ، لم تجب الجمعة (١).
واختلف أصحابه في القرب ، فقيل : إذا كان بين منزلين دون ثلاثمائة ذراع ، فقريب كما هو قريب في الائتمام.
وقيل : بتجويز القصر عند إرادة السفر ، فإن كان البعد بين المنزلين قدرا إذا خرج من منزله بقصد السفر يشترط أن يتجاوزه في استباحة القصر فقريب ، وإلاّ فلا (٢).
فإن انهدمت أو احترقت ، فإن بقي العدد ملازمين ليصلحوها ، جمّعوا وإن لم يكونوا تحت ظلال ، لأنّهم لم يخرجوا بذلك عن الاستيطان في ذلك المكان.
مسألة ٤٣١ : ولا يشترط استيطانهم شتاء وصيفا في منزل واحد لا يظعنون عنه إن قحطوا ، ولا يرغبون عنه بخصب غيره ـ وبه قال أبو ثور (٣) ـ للعموم (٤).
ولأنّ عبد الله بن عمر كان يرى أهل المياه بين مكّة والمدينة يجمّعون فلا يعتب (٥) عليهم (٦).
وقال الشافعي : يجب ذلك إن أوجبنا الجمعة عليهم ، لأنّ قبائل العرب كانت حول المدينة فلم ينقل أنّه عليهالسلام أمرهم بإقامة الجمعة ولا أقاموها ، ولو كان ذلك ، لنقل فدلّ على أنّها لا تقام في بادية ، بل إن سمعوا النداء
__________________
(١) الام ١ : ١٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٠.
(٢) انظر : فتح العزيز ٤ : ٤٩٦.
(٣) حلية العلماء ٢ : ٢٢٩.
(٤) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.
(٥) في نسخة « ش » : فلا يعيب.
(٦) مصنف عبد الرزاق ٣ : ١٧٤ ـ ٥١٨٥.
من بلد أو قرية ، لزمهم قصدها وإلاّ فلا (١). وهو ممنوع.
إذا عرفت هذا ، فإن استوطنوا منزلا ثم سافروا عنه إلى مسافة بعد عشرة أيام فصاعدا لم تجب عليهم الجمعة في مسيرهم بل في مقصدهم إن عزموا إقامة المدّة فيه ، وكذا لو سافروا إلى ما دون المسافة ، فإنّه تجب عليهم الجمعة في المسافة والمقصد معا.
ولو أقاموا دون عشرة ثم سافروا إلى المسافة ، فالوجه : وجوبها عليهم في المسافة والمقصد ، لوجوب الإتمام عليهم. وإن كان فيه إشكال ينشأ : من مفهوم الاستيطان هل المراد منه المقام ، أو ما يجب فيه التمام؟
مسألة ٤٣٢ : تجوز إقامة الجمعة خارج المصر ـ وبه قال أبو حنيفة وأحمد (٢) ـ للامتثال بالإتيان بالجمعة ، ولأنّها صلاة شرّع لها الاجتماع والخطبة ، فجاز فعلها خارج المصر كالعيد.
وقال الشافعي : لا يجوز أن يصلّي الإمام الجمعة بأهل المصر خارج المصر ، لأنّه موضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه ، فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه كالبعيد ، بخلاف العيد ، لأنّها ليست مردودة من فرض إلى فرض ، وهذه مردودة ، فجاز أن يختص فعلها بمكان (٣).
وتجويز الاختصاص لا يستلزمه.
ونمنع في البعيد أيضا إذا لم يبلغ المسافة ، خلافا لأبي حنيفة (٤).
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ و ٥٠٥ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩١.
(٢) بدائع الصنائع ١ : ٢٦٠ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢ ، المجموع ٤ : ٥٠٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨.
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨٠ ، السراج الوهاج : ٨٥ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢.
(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢٦٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢ ، المجموع ٤ : ٥٠٥.
والقصر باعتبار السفر لا باعتبار خروجه عن المصر ، لأنّ الأصل عدم الاشتراط ، ولا نصّ في اشتراطه ولا معنى نصّ.
مسألة ٤٣٣ : يسقط وجوب الجمعة عمّن صلّى العيد لو اتّفقا في يوم واحد عدا الإمام ، فإنّه يجب عليه الحضور ، وغيره يتخيّر ، ويستحبّ له إعلامهم ذلك ، ذهب إليه علماؤنا ، عدا أبا الصلاح (١) ـ وبه قال علي عليهالسلام ، وعمر وعثمان وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير والشعبي والنخعي والأوزاعي وعطاء وأحمد (٢) ـ لأنّه اجتمع على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، عيدان ، فصلّى العيد وخطب فقال : ( أيها الناس قد اجتمع عيدان في يوم ، فمن أراد أن يشهد الجمعة فليشهد ، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف ) (٣).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « اجتمع على عهد أمير المؤمنين عليهالسلام عيدان ، فقال : هذا يوم قد اجتمع فيه عيدان ، فمن أحبّ أن يجمّع معنا فليفعل ، ومن لم يفعل فإنّ له رخصة » (٤).
ولأن الجمعة إنّما زادت على الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد ، فأجزأ عن سماعها ثانيا.
ولأنّ وقتهما متقارب ، فتسقط إحداهما بالأخرى ، كالجمعة مع الظهر.
ولأنّه يوم عيد جعل للراحة واللذّة ، فإن أقام المصلّي إلى الزوال ، لحقته المشقّة ، وإن عاد ، لحقته المشقّة أيضا.
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥٥.
(٢) المغني ٢ : ٢١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٣ ، المحرر في الفقه ١ : ١٥٩ ، الإنصاف ٢ : ٤٠٣ ، المجموع ٤ : ٤٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٩.
(٣) مصنف عبد الرزاق ٣ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ ـ ٥٧٢٩ نحوه
(٤) الكافي ٣ : ٤٦١ ـ ٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ ـ ٣٠٦.
وقال أبو الصلاح منّا (١) وباقي الفقهاء من الجمهور : لا تسقط (٢) ، للعموم (٣).
ولأنّها ليست من فرائض الأعيان فلا يسقط بها ما هو من فرائض الأعيان.
والعموم مخصوص بالأدلّة ، وكونها ليست من فرائض الأعيان ممنوع على ما يأتي.
أمّا الإمام فلا يجوز له التخلّف إجماعا طلبا لإقامتها مع من يحضر وجوبا ، أو استحبابا.
خاتمة : قال الرضا عليهالسلام : « قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إنّ الجمعة سيد الأيام تضاعف فيه الحسنات ، وتمحى فيه السيئات ، وترفع فيه الدرجات ، وتستجاب فيه الدعوات ، وتكشف فيه الكربات ، وتقضى فيه الحاجات العظام ، وهو يوم المزيد ، لله فيه عتقاء وطلقاء من النار ، ما دعا الله فيه أحد من الناس وعرف حقّه وحرمته إلاّ كان حقّا على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار ، فإن مات في يومه وليلته مات شهيدا ، وبعث آمنا ، وما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلاّ كان حقّا على الله عزّ وجلّ أن يصليه نار جهنم إلاّ أن يتوب » (٤).
وقال الصادق عليهالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يستحبّ إذا دخل وإذا خرج في الشتاء أن يكون في ليلة الجمعة » (٥).
وقال الباقر عليهالسلام : « إنّ الله تعالى لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق
__________________
(١) الكافي في الفقه : ١٥٥.
(٢) الام ١ : ٢٣٩ ، المجموع ٤ : ٤٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٦٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦١ ، المغني ٢ : ٢١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٩.
(٣) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.
(٤) الكافي ٣ : ٤١٤ ـ ٥ ، التهذيب ٣ : ٢ ـ ٢ ، المقنعة : ٢٥ ، مصباح المتهجد : ٢٣٠.
(٥) الكافي ٣ : ٤١٣ ـ ٣ ، التهذيب ٣ : ٤ ـ ١٠.
عرشه من أول الليل إلى آخره : ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فأجيبه ، ألا عبد مؤمن يتوب إليّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه ، ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده وأوسّع عليه ، ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن أشفيه قبل طلوع الفجر فأعافيه ، ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه وأخلّي سربه ، ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له ، وآخذ له بظلامته » قال : « فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر » (١).
وقال الباقر عليهالسلام : « إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، وعليهمالسلام وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » قال : « من قالها في دبر العصر كتب الله له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيّئة ، وقضى له مائة ألف حاجة ، ورفع له بها مائة ألف درجة » (٢).
وقال زين العابدين عليهالسلام : « جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يقال له : قليب ، فقال له : يا رسول الله إنّي تهيّأت إلى الحجّ كذا وكذا مرّة فما قدّر لي ، فقال له : يا قليب عليك بالجمعة فإنّها حجّ المساكين » (٣).
ويستحب الصلاة على محمّد وآل محمد عليهمالسلام ، بأن يقول : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد ، وعجّل فرجهم ، وأهلك عدوّهم من الجنّ والإنس من الأولين والآخرين ، مائة مرة ، أو ما قدر عليه.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٧١ ـ ١٢٣٧ ، التهذيب ٣ : ٥ ـ ١١ ، المقنعة : ٢٥.
(٢) التهذيب ٣ : ١٩ ـ ٦٨.
(٣) التهذيب ٣ : ٢٣٦ ـ ٢٣٧ ـ ٦٢٥.
ويستحبّ أن يقرأ ليلة الجمعة : بني إسرائيل ، والكهف ، والطواسين الثلاث (١) ، وسجدة لقمان (٢) ، و « حم » السجدة (٣) ، و « حم » الدخان ، والواقعة.
* * *
__________________
(١) الطواسين الثلاث هي : الشعراء والنمل والقصص.
(٢) المراد : سورة السجدة التي تلي سورة لقمان.
(٣) « حم » السجدة هي سورة فصّلت.
الفصل الثاني : في صلاة العيدين
وفيه مطلبان :
الأول : الماهية
مسألة ٤٣٤ : صلاة العيدين واجبة على الأعيان عند علمائنا أجمع ـ وبه قال أبو حنيفة (١) ، إلاّ أنّه لم يسمّها فرضا ، وهي منازعة لفظية ـ لقوله تعالى ( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٢).
والمشهور في التفسير : أنّ المراد صلاة العيد (٣).
ولأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، داوم عليها ولم يخلّ بها في وقت من الأوقات ، ولو كانت تطوّعا ، لأهملها (٤) في بعض الأوقات ، ليدلّ بذلك على نفي وجوبها.
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « صلاة العيد
__________________
(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٧ ، شرح فتح القدير ٢ : ٣٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٥ ، اللباب ١ : ١١٥ ، الميزان ١ : ١٩٤ ، رحمة الأمة ١ : ٨٦ ، عمدة القارئ ٦ : ٢٧٣ ، المغني ٢ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٤ ـ ٢٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤ و ٥.
(٢) الكوثر : ٢.
(٣) انظر : أحكام القرآن لابن العربي ٤ : ١٩٨٦ ، تفسير الطبري ٣٠ : ٢١١ ، تفسير غرائب القرآن ٣٠ : ١٧٩ ، الكشاف للزمخشري ٤ : ٢٩١.
(٤) في هامش الطبعة الحجرية نسخة بدل : « لأخلّ بها ».
فريضة » (١).
ولأنّها لو لم تجب لم يجز قتال تاركيها كسائر السنن ، لأنّ القتال عقوبة فلا يتوجّه إلى تارك المندوب.
ولأنّها من شعائر الدين الظاهرة وأعلامه ، فتكون واجبة على الأعيان كالجمعة.
وقال أحمد بن حنبل : إنّها واجبة على الكفاية لا على الأعيان ـ وهو قول للشافعية (٢) ـ لأنّها صلاة سنّ فيها تكبير متكرّر متوال ، فكانت واجبة على الكفاية ، كصلاة الجنازة (٣).
والملازمة ممنوعة. ولأنّ الأصل في الوجوب عدم السقوط بفعل البعض.
وقال مالك وأكثر الشافعية : إنّها مندوبة لا واجبة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذكر للأعرابي خمس صلوات ، فقال : هل عليّ غيرها؟ فقال : ( لا ، إلاّ أن تطوّع ) (٤).
ولأنّها صلاة ذات ركوع لم يسنّ لها الإقامة ، فلم تكن واجبة بالشرع ابتداء ، كصلاة الاستسقاء (٥).
والسقوط عن الأعرابي لا يستلزمه في حقّ غيره ، لعدم الاستيطان فيه.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٣٢٠ ـ ١٤٥٧ ، التهذيب ٣ : ١٢٧ ـ ٢٦٩ و ٢٧٠ ، الاستبصار ١ : ٤٤٣ ـ ١٧١٠ و ١٧١١.
(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٥ ، المجموع ٥ : ٢ ، فتح العزيز ٥ : ٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٣.
(٣) المغني ٢ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٣ ، فتح العزيز ٥ : ٤.
(٤) صحيح مسلم ١ : ٤٠ ـ ٤١ ـ ١١ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٦ ـ ٣٩١ ، سنن البيهقي ١ : ٣٦١ ، الموطّأ ١ : ١٧٥ ـ ٩٤.
(٥) الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٧ ، المغني ٢ : ٢٢٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٥ ، المجموع ٥ : ٢ و ٣ ، فتح العزيز ٥ : ٣ ـ ٤.