باقر شريف القرشي
المحقق: مهدي باقر القرشي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الطبعة: ٢
ISBN: 964-94388-6-3
الصفحات: ٢٧٧
سورة الإسراء
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مكّية ، عدد آياتها مائة وإحدى عشرة آية
( قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً ) (١٠٢)
الموجود في نسخ القرآن الكريم : « لقد علمت » بالفتح ، والمعنى : لقد علمت يا فرعون ما أنزل هؤلاء ـ أشار إلى الآيات التي تدلّ على نبوّة موسى ـ ، إلاّ ربّ السموات والأرض الذي خلقهنّ بصائر أو براهين للناس تدلّ على نبوته.
وروي عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قرأ : « لقد علمت » بالضمّ ، على أن يكون الضمير للمتكلّم.
قال عليهالسلام :
« والله ما علم عدوّ الله ـ يعني فرعون ـ ولكنّ موسى هو الّذي علم » (١).
__________________
(١) مجمع البيان ٦ : ٦٨٥.
سورة الكهف
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مكّية وعدد آياتها مائة وعشر آيات
( وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُوا عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْراً ) (٨٣)
كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام على المنبر يخطب ، فقام إليه ابن الكوّاء ، فقال له :
يا أمير المؤمنين ، اخبرني عن ذي القرنين ، أنبيّا كان أم ملكا؟ واخبرني عن قرنيه أمن ذهب أم من فضّة؟
فقال عليهالسلام :
« لم يكن نبيّا ولا ملكا ، ولم يكن قرناه من ذهب ولا فضّة ، ولكن كان عبدا أحبّ الله فأحبّه الله ، ونصح لله فنصحه الله ، وإنّما سمّي ذا القرنين لأنّه دعا قومه إلى الله عزّ وجلّ فضربوه على قرنه ، فغاب عنهم حينا ثمّ عاد إليهم ، فضرب على قرنه الآخر ، وفيكم مثله » (١) ، يعني نفسه الشريفة التي سيعمّمها ابن ملجم المرادي بسيفه.
__________________
(١) كمال الدين : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
( وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً ) (٩٩)
روى الأصبغ بن نباتة عن الإمام عليهالسلام في تفسير الآية : ( وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ ... ) « يعني يوم القيامة » (١).
( قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالاً ) (١٠٣)
سأل ابن الكوّاء الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عن الأخسرين في هذه الآية فقال عليهالسلام :
« هم فجرة قريش » (٢).
__________________
(١) تفسير العيّاشي ٤ : ٣٥١.
(٢) الدرّ المنثور ٤ : ٢٥٣.
سورة مريم
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مكّية ، وعدد آياتها ثمان وتسعون آية
( فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) (١١)
عرض الإمام عليهالسلام في حديث له عن مطلق الوحي فقسّمه إلى ثلاثة أقسام :
وحي النبوة ، ووحي الإلهام ، ووحي الإشارة ، وهو قوله تعالى : ( ... فَأَوْحى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) ، أي أشار إليهم كقوله تعالى : ( ... أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً ... ) (١). (٢)
( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا ) (٢٥)
استشهد الإمام عليهالسلام بالآية الكريمة في معرض حديثه عن فوائد الرطب
__________________
(١) آل عمران : ٤١.
(٢) تفسير النعماني : ٧٥.
قال عليهالسلام : « ما تأكل الحامل من شيء ، ولا تتداوى به أفضل من الرّطب ، قال الله تعالى لمريم : ( وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا. فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ... ) (١) » (٢).
( يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً ) (٨٥)
سأل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن تفسير هذه الآية ، فقال :
« يا عليّ ، إنّ الوفد لا يكون إلاّ ركبانا ، اولئك رجال اتّقوا الله عزّ وجلّ فأحبّهم واختصّهم ، ورضي أعمالهم فسمّاهم الله المتّقين » (٣).
وروى الإمام عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسير هذه الآية أيضا ، قال :
« أما والله ما يحشرون على أقدامهم ، ولا يساقون سوقا ، ولكنّهم يؤتون بنوق من الجنّة ، لم تنظر الخلائق إلى مثلها ، رحالها الذّهب ، وأزمّتها الزّبرجد ، فيقعدون عليها حتّى يقرعوا باب الجنّة » (٤).
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) (٩٦) نزلت هذه الآية الكريمة في حقّ الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقد فسّر ابن عباس « الودّ » في الآية بمحبّة الإمام في قلوب المؤمنين (٥).
وفي رواية البراء : أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قال للامام أمير المؤمنين عليهالسلام ، قل :
__________________
(١) مريم : ٢٥ و ٢٦.
(٢) الخصال ٢ : ٦٣٧.
(٣) تفسير القمّي ٢ : ٥٣.
(٤) الدرّ المنثور ٤ : ٢٨٥.
(٥) الميزان ١٤ : ١١٥.
« اللهمّ اجعل لي عندك عهدا ، واجعل لي عندك ودّا ، واجعل لي في صدور المؤمنين مودّة » ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا ) ، نزلت في عليّ (١).
__________________
(١) الدرّ المنثور ٤ : ٢٨٧.
سورة طه
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة نزلت في مكّة المكرّمة ، وعدد آياتها مائة وخمس وثلاثون آية
( الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى ) (٥)
قال الإمام عليهالسلام في تفسير هذه الآية : « يعني استوى تدبيره ، وعلا أمره » (١).
( وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي. هارُونَ أَخِي. اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي. وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ) (٢٩) إلى (٣٢)
تلا الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم هذه الآيات المباركة ، وطلب من الله تعالى أن يشدّ أزره بأخيه وابن عمّه الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام.
روت السيّدة أسماء بنت عميس قالت : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بإزاء ثبير وهو يقول : « اللهمّ إنّي أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري ، وأن تيسّر لي
__________________
(١) الاحتجاج : ٢٥٠.
أمري ، وأن تحلّ عقدة من لساني يفقهوا قولي ، واجعل لي وزيرا من أهلي ، عليّا أخي ، اشدد به أزري ، وأشركه في أمري ، كي نسبّحك كثيرا ، ونذكرك كثيرا ، إنّك كنت بنا بصيرا » (١).
( فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى ) (٦٧)
قال الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام :
« لم يوجس موسى خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهّال ، ودول الضّلال » (٢).
( فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ فَقالُوا هذا إِلهُكُمْ وَإِلهُ مُوسى فَنَسِيَ ) (٨٨)
تحدّث الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عن السامري ، وضلاله لبني إسرائيل بإخراجه العجل لهم ، وقوله : إنّ هذا إلهكم وإله موسى ، قال عليهالسلام :
« لمّا تعجّل موسى إلى ربّه عمد السّامريّ فجمع ما قدر عليه من حلي بني إسرائيل فضربه عجلا ، ثمّ ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار ، فقال لهم السّامريّ : هذا إلهكم وإله موسى ، فقال لهم هارون : ( ... أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً ... ) (٣) » (٤).
__________________
(١) الدرّ المنثور ٥ : ٢٩٥.
(٢) نهج البلاغة : ٥١.
(٣) طه : ٨٦.
(٤) الدرّ المنثور ٥ : ٣٠٥.
( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى ) (١٣٢)
روى أبو سعيد الخدري أنّه لمّا نزلت هذه الآية على النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يأتي إلى باب عليّ ثمانية أشهر وهو يقول :
« الصّلاة رحمكم الله ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (١) » (٢).
وقد تواترت الأخبار بذلك.
__________________
(١) الأحزاب : ٣٣.
(٢) الميزان ١٤ : ٢٤٢ ، وفي مجمع البيان أنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يجيء إلى بيت عليّ تسعة أشهر.
سورة الأنبياء
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مكّية ، وعدد آياتها مائة واثنتا عشرة آية
( كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ ) (٣٥)
مرض الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام فعاده اخوانه فقالوا له : كيف نجدك يا أمير المؤمنين ، فقال عليهالسلام : « بشرّ ».
فقالوا : ما هذا كلام مثلك؟
قال عليهالسلام : « إنّ الله تعالى يقول : ( ... وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً ... ) ، الخير الصّحة والغنى ، والشّرّ المرض والفقر » (١).
( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ ) (٤٧)
__________________
(١) مجمع البيان ٧ : ٧٤.
سأل الإمام عليهالسلام رجل عمّا اشتبه عليه من الآيات ، فقال عليهالسلام :
« وأمّا قوله تبارك وتعالى : ( وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً ... ) فهو ميزان العدل ، يؤخذ به الخلائق يوم القيامة ، يدين الله تبارك وتعالى الخلق بعضهم من بعض بالموازين » (١).
( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) (١٠١)
وعد الله تعالى المتّقين من عباده بالفردوس والنعيم ، والبعد عن الجحيم ، وقد استشهد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه الآية الكريمة في حديثه مع الإمام عليهالسلام فقد قال له :
« يا عليّ ، أنت وشيعتك على الحوض تسقون من أحببتم ، وتمنعون من كرهتم ، وأنتم الآمنون يوم الفزع الأكبر.
فيكم نزلت الآية ( إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنى أُولئِكَ عَنْها مُبْعَدُونَ ) ، وفيكم نزلت : ( لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هذا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ) (٢) » (٣).
( يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِ ) للكتاب ( كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) (١٠٤)
استشهد الإمام عليهالسلام بالآية الكريمة في معرض حديثه عن الأموات قال عليهالسلام :
__________________
(١) التوحيد : ٢٦٨.
(٢) الأنبياء : ١٠٣.
(٣) أمالي الصدوق : ٤١٥.
« استبدلوا ـ أي الأموات ـ بظهر الأرض بطنا ، وبالسّعة ضيقا ، وبالأهل غربة ، وبالنّور ظلمة ، فجاؤوها كما فارقوها ، حفاة عراة ، قد ظعنوا عنها بأعمالهم إلى الحياة الدّائمة ، والدّار الباقية ، كما قال سبحانه وتعالى : ( ... كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ ) » (١).
__________________
(١) نهج البلاغة : ١٦٦ ـ ١٦٧.
سورة الحجّ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مدنية ، وعدد آياتها ثمان وسبعون آية
( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (١٧)
عرضت الآية الكريمة إلى بعض الأديان ، وعدّت منها المجوس ، وقد كان أمير المؤمنين عليهالسلام على المنبر وهو يقول : « سلوني قبل أن تفقدوني » ، فانبرى إليه المنافق الأشعث بن قيس فقال له : كيف تؤخذ من المجوس الجزية ، ولم ينزل إليهم كتاب ، ولم يبعث إليهم نبيّ؟
فأجابه الإمام :
« بلى يا أشعث ، قد أنزل الله عليهم كتابا ، وبعث إليهم نبيّا ، وكان لهم ملك ، سكر ذات ليلة فدعا بابنته إلى فراشه فارتكبها ، فلمّا أصبح تسامع به قومه فاجتمعوا إلى بابه ، فقالوا : أيّها الملك ، دنّست علينا ديننا فأهلكته ، فاخرج نطهّرك ، ونقم
عليك الحدّ.
فقال لهم : اجتمعوا واسمعوا كلامي فإن يكن لي مخرجا ممّا ارتكبت ، وإلاّ فشأنكم. فاجتمعوا.
فقال : هل علمتم أنّ الله عزّ وجلّ لم يخلق خلقا أكرم عليه من أبينا آدم وأمّنا حوّاء؟
قالوا : صدقّت أيّها الملك.
قال : أفليس قد زوّج بينه بناته ، وبناته من بنيه؟
قالوا : صدقت هذا هو الدّين ، فتعاقدوا على ذلك ، فمحا الله ما في صدورهم من العلم ورفع عنهم الكتاب ، فهم الكفرة يدخلون النّار بلا حساب ، والمنافقون أشدّ حالا منهم ».
يشير بذلك إلى الأشعث الذي هو رأس المنافقين.
قال الأشعث : والله ما سمعت بمثل هذا الجواب أبدا ، والله لا عدت إلى مثلها أبدا (١).
__________________
(١) الميزان ١٤ : ٣٦٢ ، نقلا عن التوحيد للصدوق.
سورة المؤمنون
بسم الله الرّحمن الرّحيم
نزلت هذه السورة المباركة في مكّة ، عدد آياتها مائة وثماني عشرة آية
( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ ) (٢)
فسّر الإمام عليهالسلام الخشوع في الصلاة أن لا يلتفت المصلّي (١).
( وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ ) (٣)
قال الإمام عليهالسلام : « كلّ قول ليس لله فيه ذكر فهو لغو » (٢).
( ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظاماً فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ ) (١٤)
__________________
(١) الدرّ المنثور ٥ : ٣.
(٢) إرشاد المفيد : ١٥٧.
قال الإمام عليهالسلام في تفسير هذه الآية :
« إذا تمّت النّطفة أربعة أشهر بعث الله إليها ملكا فنفخ فيها الرّوح في الظّلمات الثّلاث ، فذلك قوله : ( ... ثُمَّ أَنْشَأْناهُ خَلْقاً آخَرَ ) ، يعني نفخ الرّوح فيه » (١).
( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا لَمُبْتَلِينَ ) (٣٠)
استشهد الإمام عليهالسلام بالفقرة الأخيرة من الآية في خطاب له جاء فيه :
« أيّها النّاس ، إنّ الله قد أعاذكم من أن يجور عليكم ، ولم يعذكم من أن يبتليكم ، وقد قال جلّ من قائل : ( إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ وَإِنْ كُنَّا س لَمُبْتَلِينَ ) » (٢).
( وَلَقَدْ أَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) (٧٦)
قال الإمام عليهالسلام في تفسير الآية :
« أي لم يتواضعوا في الدّعاء ولم يخضعوا ، ولو خضعوا لله لاستجاب لهم » (٣).
وروى الأصبغ بن نباتة عن الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام قال :
قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : « رفع الأيدي من الاستكانة ».
فقال الإمام له : « وما الاستكانة؟ ».
قال : « أما تقرأ هذه الآية : ( ... فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ وَما يَتَضَرَّعُونَ ) » (٤).
__________________
(١) الدرّ المنثور ٥ : ٧.
(٢) نهج البلاغة : ١٦٠.
(٣) الدرّ المنثور ٥ : ١٤.
(٤) مجمع البيان ٥ : ٥٤.
سورة النّور
بسم الله الرّحمن الرّحيم
هذه السورة المباركة مدنيّة ، عدد آياتها أربع وستون آية
( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ ) (٣٠)
روى الإمام عليهالسلام سبب نزول الآية قال :
« استقبل شابّ من الأنصار امرأة بالمدينة ، وكانت النّساء يتقنّعن خلف آذانهنّ ، فنظر إليها وهي مقبلة ، فلمّا جازت نظر إليها ودخل في زقاق ، وجعل ينظر خلفها ، واعترض وجهه عظم في الحائط أو زجاجة ، فشقّ وجهه ، فلمّا مضت المرأة نظر فإذا الدّماء تسيل على ثوبه وصدره ، فقال : والله لآتينّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأخبرنّه ، فأتاه ، فنظر إليه الرّسول وقال له : ما هذا؟ ـ يعني ما عليه من الدماء ـ فأخبره بالأمر ، فنزل جبرئيل على النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بهذه الآية : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ ) » (١).
__________________
(١) الدرّ المنثور ٥ : ٤٠.
( رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَإِقامِ الصَّلاةِ وَإِيتاءِ الزَّكاةِ يَخافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصارُ ) (٣٧)
كان الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام إذا تلى هذه الآية عقّب عليها بقوله :
« وإنّ للذّكر لأهلا أخذوه من الدّنيا بدلا ، فلم تشغلهم تجارة ولا بيع عنه ، يقطعون به أيّام الحياة ، ويهتفون بالزّواجر عن محارم الله في أسماع الغافلين ، ويأمرون بالقسط ويأتمرون به ، وينهون عن المنكر ويتناهون عنه ، فكأنّما قطعوا الدّنيا إلى الآخرة وهم فيها ، فشاهدوا ما وراء ذلك ، فكأنّما اطّلعوا غيوب أهل البرزخ في طول الإقامة فيه ، وحقّقت القيامة عليهم عداتها ، فكشفوا غطاء ذلك لأهل الدّنيا ، حتّى كأنّهم يرون ما لا يرى النّاس ، ويسمعون ما لا يسمعون » (١).
وحكى هذا الكلام المواقع المشرقة لأولياء الله وأحبائه الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكره.
( وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ ) (٣٩)
« سئل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام : كيف يحاسب الله عباده في حالة واحدة؟
فقال : « كما يرزقهم في حالة واحدة » (٢).
( أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى
__________________
(١) نهج البلاغة : ٣٤٢.
(٢) مجمع البيان ٧ : ٢٣٠.
الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ ) (٤٣)
نقل الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم تفسير هذه الآية ، قال : « إنّ الله عزّ وجلّ جعل السّحاب غرابيل المطر ، هي تذيب البرد حتّى يصير ماء لكي لا يضرّ شيئا يصيبه ، والّذي ترون فيه من البرد والصّواعق نقمة من الله عزّ وجلّ يصيب بها من يشاء من عباده » (١).
( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) (٥٥)
استشهد الإمام عليهالسلام بهذه الآية في نصيحته لعمر بن الخطّاب أن لا يخرج مع الجيش الذي انطلق لقتال الفرس.
قال عليهالسلام : « إنّ هذا الأمر لم يكن نصره ولا خذلانه بكثرة ولا بقلّة ، وهو دين الله الّذي أظهره ، وجنده الّذي أعدّه وأمدّه ، حتّى بلغ ما بلغ ، وطلع حيث طلع ؛ ونحن على موعود من الله ، حيث قال عزّ اسمه : ( وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً ... ) ، والله تعالى منجز وعده ، وناصر جنده.
__________________
(١) روضة الكافي ٨ : ٢٤٠.
ومكان القيّم في الإسلام مكان النّظام من الخرز ، فإن انقطع النّظام تفرّق ، وربّ متفرّق لم يجتمع.
والعرب اليوم وإن كانوا قلّة ، فهم كثيرون بالإسلام ، عزيزون بالاجتماع! فكن قطبا ، واستدر الرّحا بالعرب من أطرافها وأقطارها ، حتّى يكون ما تدع وراءك من العورات أهمّ إليك ممّا بين يديك » (١).
__________________
(١) نهج البلاغة ـ محمد عبده : ٢٨٣.