النشر فى القراءات العشر - ج ٢

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي

النشر فى القراءات العشر - ج ٢

المؤلف:

الحافظ أبي الخير محمّد بن محمّد الدمشقي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٧٥
الجزء ١ الجزء ٢

( يا عِبادِ الَّذِينَ آمَنُوا ). أول الزمر فى الوقف وخالف سائر الرواة وهو قياس ( يا عِبادِ فَاتَّقُونِ ). وانفرد الهذلى عن ابن عدى عن ابن سيف عن الأزرق بالياء فى ( لصال الجحيم ) مثل يعقوب فخالف سائر الرواة. وأما ما حذف من الواوات رسما للساكن وهو أربعة مواضع و ( يَدْعُ الْإِنْسانُ ). فى سبحان. ( وَيَمْحُ اللهُ الْباطِلَ ) فى الشورى ، و ( يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ ). فى القمر ، و ( سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ ) فى العلق. فإن الوقف عليها للجميع على الرسم. وقد قال مكى وغيره لا ينبغى أن يعتمد الوقف عليها ولا على ما يشابهها لأنه إن وقف بالرسم خالف الأصل وإن وقف بالأصل خالف الرسم انتهى. ولا يخفى ما فيه فان الوقف على هذه وأشباهها ليس على وجه الاختيار والفرض أنه لو اضطر إلى الوقف عليها كيف يكون. وكأنهم إنما يريدون بذلك ما لم تصح فيه رواية وإلا فكم من موضع خولف فيه الرسم وخولف فيه الأصل.

ولا حرج فى ذلك إذا صحت الرواية. وقد نص الحافظ أبو عمرو الدانى عن يعقوب على الوقف عليها بالواو على الأصل. وقال هذه قراءتى على أبى الفتح وأبى الحسن جميعا وبذلك جاء النص عنه ( قلت ) وهو من انفراده وقد قرأت به من طريقه. وانفرد ابن فارس فى جامعه بذلك عن ابن شنبوذ عن قنبل فخالف سائر الناس ذكره فى سورة القمر وأما ( نَسُوا اللهَ فَنَسِيَهُمْ ) فقد ذكر القراء أنه حذف أيضا رسما وسائر الناس على خلافه وعدوا ذلك وهما منه فيوقف عليه بالواو للجميع. وأما وصالح المؤمنين فليس حذف واوه من هذا الباب إذ هو مفرد فاتفق اللفظ والرسم والأصل على حذفه.

وحكم ( هاؤُمُ اقْرَؤُا ) كذلك كما ذكرنا فى آخر باب وقف حمزة فيوقف عليهما بالحذف بلا نظر كما يوقف على ( أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ ) بحذف الألف وعلى و ( من تقى السيئات ومن يهدى الله ) بحذف الياء والله أعلم. وأما ما حذف من الألفات لساكن فهو من المختلف فيه كلمة واحدة وهى أيه وقعت فى ثلاثة مواضع.

١٤١

( أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ ) فى النور و ( يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ) فى الزخرف و ( أَيُّهَ الثَّقَلانِ ) فى الرحمن فوقف عليه بالألف فى المواضع الثلاث على الأصل خلافا للرسم أبو عمرو والكسائى ويعقوب ووقف عليها الباقون بالحذف اتباعا للرسم إلا أن ابن عامر ضم الهاء على الاتباع لضم الياء قبلها.

( وأما القسم الثانى ) من الاثبات وهو من الالحاق أيضا وهو إثبات ما حذف لفظا وهو مختلف فيه ومتفق عليه ( فالمختلف فيه ) سبع كلمات وهى ( يَتَسَنَّهْ ) فى البقرة و ( اقْتَدِهْ ) فى الأنعام و ( كِتابِيَهْ ) فى الموضعين و ( حِسابِيَهْ ) كذلك. و ( مالِيَهْ ) و ( سُلْطانِيَهْ ) الأربعة فى الحاقة و ( ما هِيَهْ ) فى القارعة أما ( يَتَسَنَّهْ ) و ( اقْتَدِهْ ) فحذف الهاء منهما لفظا فى الوصل وأثبتهما فى الوقف للرسم حمزة والكسائى ويعقوب وخلف وأثبتها الباقون فى الحالين وكسر الهاء من اقتده وصلا ابن عامر. واختلف عن ابن ذكوان فى إشباع كسرتها فروى الجمهور عنه الاشباع وهو الذى فى التيسير والمفردات والهادى والهداية والتبصرة والتذكرة والتجريد والتلخيصين والغايتين والجامع والمستنير والكفاية الكبرى وسائر الكتب إلا اليسير منها. وروى بعضهم عنه الكسر من غير إشباع كرواية هشام. وهى طريق زيد عن الرملى عن الصورى عنه كما نص عليه أبو العز فى الارشاد ومن تبعه على ذلك من الواسطيين كابن مؤمن والديوانى وابن زريق الحداد وغيرهم وكذا رواه ابن مجاهد عن ابن ذكوان فيكون ذلك من رواية الثعلبى عن ابن ذكوان. وكذا رواه الداجونى عن أصحابه عنه. وقد رواها الشاطبى عنه ولا أعلمها وردت عنه من طريق ولا شك فى صحتها عنه لكنها عزيزة من طرق كتابنا والله أعلم. وأما كتابيه فيهما وحسابيه. كلاهما فحذف الهاء منهما وصلا وأثبتها وقفا يعقوب. والباقون بإثباتها فى الحالين.

وأما ( مالِيَهْ ) و ( سُلْطانِيَهْ ) الأربعة فى الحاقة. و ( ما هِيَهْ ) فحذف الهاء من الثلاثة فى الوصل حمزة ويعقوب وأثبتها الباقون فى الحالين. وبقى من المختلف فيه سبعة أحرف

١٤٢

وهى : ( لكِنَّا هُوَ ) فى الكهف و ( الظُّنُونَا ) و ( الرَّسُولَا ) و ( السَّبِيلَا ) فى الأحزاب.

و ( سلاسلا ) و ( قَوارِيرَا ) فى الإنسان نذكرها فى مواضعها إن شاء الله تعالى والمتفق عليه لفظ أنا حيث وقع نحو ( أَنَا لَكُمْ ) ، و ( أَنَا نَذِيرٌ ) ، و ( إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنَا ) أجمعوا على حذف ألفه وصلا وعلى إثباتها وقفا. هذا ما لم يلقه همزة قطع فإن لقيه همزة قطع فاختلفوا فى حذفها فى الوصل وسيأتى فى البقرة إن شاء الله تعالى ومن المتفق عليه ما حذف من الياءات والواوات والألفات لالتقاء الساكنين وهو ثابت رسما نحو : ( يُؤْتِي الْحِكْمَةَ ) ، و ( يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ ) ، و ( أوفى الكيل ) ، و ( بِهادِي الْعُمْيِ ) فى النمل و ( ادْخُلِي الصَّرْحَ ) ، و ( حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ) ، و ( آتِي الرَّحْمنِ ) ، و ( أُولِي الْأَيْدِي ) ، و ( يا أُولِي الْأَلْبابِ ) ، و ( يا أُولِي الْأَبْصارِ ) ، و ( مُحِلِّي الصَّيْدِ ) ، و ( مُهْلِكِي الْقُرى ) ونحو ( يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ ) ، و ( قالُوا الْآنَ ) ، و ( أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ ) ، ( فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ) ، و ( إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ ) ، و ( جابُوا الصَّخْرَ ) ، ( وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ ) ، ( فَيَسُبُّوا اللهَ ) و ( مُلاقُوا اللهِ ) ، و ( أولوا الفضل ) ، و ( صالو الجحيم ) ، و ( صالُوا النَّارِ ) ، و ( مُرْسِلُوا النَّاقَةِ ) ونحو : و ( قالا الْحَمْدُ لِلَّهِ ) ، و ( اسْتَبَقَا الْبابَ ) ، و ( ادْخُلَا النَّارَ ) ، وأنا الله فالوقف على جميع ذلك وما أشبهه بالاثبات لثبوتها رسما وحكما وهذا أيضا مما لم يختلف فيه والله أعلم. وأما ثمود من قوله تعالى ( أَلا إِنَّ ثَمُودَ ) فى هود و ( عاداً وَثَمُودَ ) فى الفرقان وفى العنكبوت والنجم فى قراءة من لم ينونه فسيأتى بيان الوقف عليه فى سورة هود إن شاء الله ( وأما الحذف ) فهو أيضا على قسمين أحدهما حذف ما ثبت رسما :والثانى حذف ما ثبت لفظا ( فالأول ) من المختلف فيه كلمة واحدة وهى : و ( كَأَيِّنْ ) وقعت فى سبعة مواضع : فى آل عمران ويوسف ، وفى الحج موضعان وفى العنكبوت والقتال والطلاق. فحذف النون منها ووقف على الياء أبو عمرو ويعقوب ووقف الباقون بالنون وهو تنوين ثبت رسما من أجل احتمال قراءة ابن كثير وأبى جعفر كما سيأتى والله أعلم. ومن المتفق عليه ما كتب

١٤٣

بالواو والياء صورة للهمزة المتطرفة وهو ؛ يتفيؤا ، وتفتؤا ، وأتوكؤا. ويعبؤا وما ذكر معه فى باب وقف حمزة على الهمزة وكذلك من : نبإى. وتلقائ وايتائ وما معه مما ذكرناه فى الباب المذكور فلم يختلف فى الوقف بغير ما صورة الهمزة به إلا ما ذكر عن حمزة وقد بيناه ( والقسم الثانى ) وهو حذف ما ثبت لفظا لم يقع مختلفا فيه ووقع من المتفق عليه أصل مطرد وهو : الواو والياء الثابتتان فى هاء الكناية لفظا مما حذف رسما وذلك فيما وقع قبل الهاء فيه متحرك نحو : إنه وبه كما تقدم أول باب هاء الكناية ويلتحق بذلك ما وصل بالواو والياء مما اختلف فيه فى مذهب ابن كثير وغيره وكذلك صلة ميم الجمع كما تقدم والله أعلم. وأما وصل المقطوع رسما فوقع مختلفا فيه فى أياما فى قوله تعالى ( أَيًّا ما تَدْعُوا ) فى آخر سورة سبحان ومال فى أربعة مواضع ( فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ ) فى النساء و ( ما لِهذَا الْكِتابِ ) فى الكهف و ( ما لِهذَا الرَّسُولِ ) فى الفرقان و ( فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا ) فى سأل و ( آل ياسين ) فى الصافات أما : أياما فنص جماعة من أهل الأداء على الخلاف فيه كالحافظ أبى عمرو الدانى فى التيسير وشيخه طاهر بن غلبون وأبى عبد الله بن شريح وغيرهم ورووا الوقف على أيا دون ما عن حمزة والكسائى ورويس إلا أن ابن شريح ذكر خلافا فى ذلك عن حمزة والكسائى. وأشار ابن غلبون إلى خلاف عن رويس ونص هؤلاء عن الباقين بالوقف على ما دون أيا. وأما الجمهور فلم يتعرضوا إلى ذكره أصلا بوقف ولا ابتداء أو قطع أو وصل كالمهدوى وابن سفيان ومكى وابن بليمة وغيرهم من المغاربة وكأبى معشر والأهوازى وأبى القاسم بن الفحام وغيرهم من المصريين والشاميين وكأبى بكر بن مجاهد وابن مهران وابن شيطا وابن سوار وابن فارس وأبى العز وأبى العلاء وأبى محمد سبط الخياط وجده أبى منصور وغيرهم من سائر العراقيين. وعلى مذهب هؤلاء لا يكون فى الوقف عليها خلاف بين أئمة القراءة وإذا لم يكن فيها خلاف فيجوز الوقف على كل

١٤٤

من ( أَيًّا ) ومن ( ما ) لكونهما كلمتين انفصلنا رسما كسائر الكلمات المنفصلات رسما وهذا هو الأقرب إلى الصواب وهو الأولى بالأصول وهو الذى لا يوجد عن أحد منهم نص بخلافه وقد تتبعت نصوصهم فلم أجد ما يخالف هذه القاعدة ولا سيما فى هذا الموضع وغاية ما وجدت النص عن حمزة وسليم والكسائى فى الوقف على ( أَيًّا ) فنص أبو جعفر محمد بن سعدان النحوى الضرير صاحب سليم واليزيدى وإسحاق المسيبى وغيرهم على ذلك. قال ابن الانبارى : ثنا سليمان بن يحيى يعنى الضبى ؛ ثنا ابن سعدان قال : كان حمزة وسليم يقفان جميعا على ( أَيًّا ) ثم قال ابن سعدان والوقف الجيد على ( ما ) لأن ( ما ) صلة لأى. ونص قتيبة كذلك عن الكسائى قال الدانى : ثنا أبو الفتح عبد الله يعنى عبد الله بن أحمد بن على بن طالب البزاز ثنا إسماعيل يعنى ابن شعيب النهاوندى ، ثنا أحمد يعنى أحمد بن محمد بن سلمويه الأصبهانى. ثنا محمد بن يعقوب بن يزيد بن إسحاق القرشى الغزالى. ثنا العباس ابن الوليد بن مرداس. ثنا قتيبة قال : كان الكسائى يقف على الألف من ( أَيًّا ) انتهى وهذا غاية ما وجدته وغاية ما رواه الدانى ثم قال الدانى بأثر هذا والنص عن الباقين معدوم فى ذلك والذى نختاره فى مذهبهم الوقف على ما وعلى هذا يكون حرفا زيد صلة للكلام فلا يفصل من أى قال وعلى الأول يكون اسما لا حرفا وهى بدل من أى فيجوز فصلها وقطعها منها انتهى ؛ فقد صرح الدانى رحمه‌الله بأن النص عن غير حمزة والكسائى معدوم وأن الوقف على ما اختيار منه من أجل كون ما صلة لا غير وذلك لا يقتضى أنه لا يجوز لهم الوقف على أى وكيف يكون ذلك غير جائز وهو مفصول رسما وما الفرق بينه وبين ( مَثَلاً ما ) ؛ و ( أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ ) ، و ( أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ ) وأخواته مما كتب مفصولا وقد نص الدانى نفسه على أن ما كتب من ذلك وغيره مفصولا يوقف لسائرهم عليه مفصولا وموصولا ؛ هذا هو الذى عليه سائر القراء وأهل الأداء ؛ فظهر أن الوقف جائز لجميعهم على كل من كلمتى ( أَيًّا ) ؛ و ( ما ) كسائر الكلمات المفصولات فى الرسم وهذا الذى نراه ونختاره

١٤٥

ونأخذ به تبعا لسائر أئمة القراءة والله أعلم. وأما مال فى المواضع الأربعة فنص على الخلاف فيه أيضا الجمهور من المغاربة والمصريين والشاميين والعراقيين كالدانى وابن الفحام وأبى العز وسبط الخياط وابن سوار والشاطبى والحافظ أبى العلاء وابن فارس وابن شريح وأبى معشر فاتفق كلهم عن أبى عمرو على الوقف على ما واختلف بعضهم عن الكسائى فذكر الخلاف عن الكسائى فى الوقف عليها أو على اللام بعدها أبو عمرو الدانى وابن شريح وأبو القاسم الشاطبى والآخرون منهم اتفقوا عن الكسائى على الوقف على ما وانفرد منهم أبو الحسن بن فارس فذكر فى جامعه عن يعقوب أيضا وعن ورش الوقف على ما كأبى عمرو والكسائى. وانفرد أيضا أبو العز فذكر فى كفايته الوقف على ما كذلك من طريق القاضى أبى العلاء عن رويس ولم يذكر ذلك فى الإرشاد واتفق هؤلاء على أن الباقين يقفون على اللام ولم يذكرها سائر المؤلفين ولا ذكروا فيها خلافا عن أحد ولا تعرضوا إليها كأبى محمد مكى وأبى على بن بليمة وأبى الطاهر ابن خلف صاحب العنوان وأبى الحسن بن غلبون وأبى بكر بن مهران وغيرهم وهذه الكلمات قد كتبت لام الجر فيها مفصولة مما بعدها فيحتمل عند هؤلاء الوقف عليها كما كتبت لجميع القراء اتباعا للرسم حيث لم يأت فيها نص وهو الأظهر قياسا ويحتمل أن لا يوقف عليها من أجل كونها لام جر ولام الجر لا تقطع مما بعدها وأما الوقف على ما عند هؤلاء فيجوز بلا نظر عندهم على الجميع للانفصال لفظا وحكما ورسما وهذا هو الأشبه عندى بمذاهبهم والاقيس على أصولهم وهو الذى أختاره أيضا وآخذ به فانه لم يأت عن أحد منهم فى ذلك نص يخالف ما ذكرنا. أما الكسائى فقد ثبت عنه الوقف على ما وعلى اللام من طريقين صحيحين وأما أبو عمرو فجاء عنه بالنص على الوقف على ما أبو عبد الرحمن وإبراهيم ابنا اليزيدى وذلك لا يقتضى أن لا يوقف على اللام ولم يأت من روايتى الدورى والسوسى فى ذلك نص. وأما الباقون فقد صرح الدانى فى جامعه بعدم النص

١٤٦

عنهم فقال : وليس عن الباقين فى ذلك نص سوى ما جاء عنهم من اتباعهم لرسم الخط عند الوقف قال وذلك يوجب فى مذهب من روى عنه أن يكون وقفه على اللام ( قلت ) وفيما قاله آخرا نظر فإنهم إذا كانوا يتبعون الخط فى وقفهم فما المانع من أنهم يقفون أيضا على ما بل هو أولى وأحرى لانفصالها لفظا ورسما ، على أنه قد صرح بالوجهين جميعا عن ورش فقال إسماعيل النخاس فى كتابه كان أبو يعقوب صاحب ورش يعنى الازرق يقف على ( فَما لِ ) ، و ( قالُوا ما ) واشباهه كما فى المصحف. وكان عبد الصمد يقف على ( فَما ) ويطرح اللام انتهى.

فدل هذا على جواز الوجهين جميعا عنه وكذا حكم غيره والله أعلم. وأما ( آل ياسين ) فى الصافات فأجمعت المصاحف على قطعها فهى على قراءة من فتح الهمزة ومدها وكسر اللام كلمتان مثل ( آل محمد ) ، و ( آلَ إِبْراهِيمَ ) فيجوز قطعهما وقفا وأما على قراءة من كسر الهمزة وقصرها وسكن اللام فكلمة واحدة وإن انفصلت رسما فلا يجوز قطع احداهما عن الأخرى وتكون هذه الكلمة على قراءة هؤلاء قطعت رسما اتصلت لفظا ولا يجوز اتباع الرسم فيها وقفا اجماعا ولم يقع لهذه الكلمة نظير فى القراءة والله أعلم « والمتفق عليه » من هذا الفصل جميع ما كتب مفصولا سواء كان اسما أو غيره فانه يجوز الوقف فيه على الكلمة الأولى والثانية عن جميع القراء. واعلم أن الأصل فى كل كلمة كانت على حرفين فصاعدا أن تكتب منفصلة من التى بعدها سواء كانت حرفا أو فعلا أو اسما الا أل المعرفة فإنها لكثرة دورها نزلت منزلة الجزء مما دخلت عليه فوصلت وإلا يا وها فانهما لما حذفت ألفهما بقيا على حرف واحد فانفصلا بما بعدهما والا أن تكون الكلمة الثانية ضميرا متصلا فانه كتب موصولا بما قبله للفرق والا أن يكونا حرفى هجاء فانهما وصلا رعاية للفظ وسيأتى ذلك كله مبينا فى الفصل بعده. والذى يحتاج إلى التنبيه عليه ينحصر فى ثمانية عشر حرفا وهى : ان لا ، وأن ما ، وإن ما ، المخففة المكسورة ، واين ما ، وأن لم وإن لم ، وأن لن ، وعن ماء ،

١٤٧

ومن ما ، وأم من ، وعن من ، وحيث ما وكل ، ما ، وبئس ما ، وفى ما ، وكى لا ، ويوم هم.

فأما : ( أَنْ لا ) فكتب مفصولا فى عشرة مواضع : فى الاعراف ( أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ ) وفيها أيضا ( أَنْ لا يَقُولُوا عَلَى اللهِ ) وفى التوبة ( أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ ) وفى هود ( أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ ) وفيها ( أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللهَ ) فى قصة نوح. وفى الحج و ( أَنْ لا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً ) وفى يس ( أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ ) وفى الدخان ( أَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ ) وفى الممتحنة ( أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللهِ ) وفى ن ( أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ ) فهذه العشرة لم يختلف فيها. واختلف المصاحف فى قوله تعالى فى سورة الأنبياء ( أَنْ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحانَكَ ) ففي أكثرها مقطوع وفى بعضها موصول و ( إِنْ ما ) المكسور المشدد كتب مفصولا فى موضع واحد وهو فى الأنعام ( إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ ) واختلف فى موضع ثان وهو ( إن ما عند الله ) فى النحل فكتب فى بعضها مفصولا و ( إِنْ ما ) المفتوحة المشددة فكتب مفصولا فى موضعى الحج ولقمان وان ( ما تدعون من دونه ) واختلف فى موضع ثالث وهو ( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) فى الأنفال فكتب فى بعضها مفصولا أيضا و ( إِنْ ما ) المكسورة المخففة فكتب مفصولا فى موضع واحد ( إِنْ ما نُرِيَنَّكَ ) فى الرعد و ( أَيْنَ ما ) كتب مفصولا نحو ( أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَدْعُونَ ) ، ( أَيْنَ ما كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ ) إلا فى البقرة ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) وفى النحل ( اينما يوجهه لا يأت بخير ) فانه كتب موصولا. واختلف فى ( اين ما تكونوا يدرككم الموت ) فى النساء و ( أَيْنَ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ ) فى الشعراء و ( أَيْنَ ما ثُقِفُوا ) فى الأحزاب.

ففي بعض المصاحف مفصولا وفى بعضها موصولا والله أعلم. و ( إِنْ لَمْ ) المفتوح كتب مفصولا فى جميع القرآن نحو ( ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ ) ، ( أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ ) وكذلك ( فَإِنْ لَمْ ) المكسور كتب أيضا مفصولا نحو : ( فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا ) ، ( فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ ) فى القصص إلا موضع واحد وهو ( فَإِلَّمْ

١٤٨

يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ) فى هود ووهم من ذكر وصل موضع القصص و ( أَنْ لَنْ ) كتب مفصولا حيث وقع نحو : ( أَنْ لَنْ يَقْدِرَ ) ، و ( أَنْ لَنْ يَحُورَ ) إلا فى موضعين وهما ( أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً ) فى الكهف و ( أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ ) فى القيامة و ( عَنْ ما ) كتب مفصولا فى موضع واحد وهو ( عَنْ ما نُهُوا عَنْهُ ) فى الأعراف و ( مِنْ ما ) كتب مفصولا فى موضعين وهما ( مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) فى النساء و ( مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ) فى الروم. واختلف فى موضع ثالث وهو ( مِمَّا رَزَقْناكُمْ ) فى المنافقين فكتب فى بعضها مفصولا وفى بعضها موصولا و ( أَمْ مَنْ ) كتب فى أربعة مواضع مفصولا وهى ( أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ ) فى النساء ( أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ ) فى التوبة ( أَمْ مَنْ خَلَقْنا ) فى الصافات ( أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً ) فى فصلت و ( عَنْ مَنْ ) كتب مفصولا فى موضعين وهما ( عَنْ مَنْ يَشاءُ ) فى النور و ( عَنْ مَنْ تَوَلَّى ) فى النجم و ( حَيْثُ ما ) كتب مفصولا حيث وقع نحو و ( حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ ) ، و ( حَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا ) و ( كُلِّ ما ) كتب مفصولا فى موضع واحد وهو ( مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ ) فى إبراهيم. واختلف فى ( كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها ) فى النساء ففي بعض المصاحف مفصول وفى بعضها موصول.

وكتب فى بعضها أيضا ( كل ما دخلت امة ) فى الأعراف و ( كُلَّ ما جاءَ أُمَّةً ) فى المؤمنين و ( كُلَّما أُلْقِيَ فِيها ) فى تبارك والمشهور الوصل و ( لَبِئْسَ ما ) كتب موصولا فى خمسة مواضع وهى فى البقرة و ( لَبِئْسَ ما شَرَوْا ) وفى المائدة و ( أَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ ما كانُوا ) فى الموضعين و ( عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا ) ، و ( يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ ) واختلف فى ( قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمانُكُمْ ) فى البقرة ففي بعضها موصول وفى بعضها موصول و ( فِي ما ) كتب موصولا فى أحد عشر موضعا منها موضع واحد لم يختلف فيه وهو ( فِي ما هاهُنا آمِنِينَ ) فى الشعراء وعشرة اختلف فيها والأكثرون على فصلها وهى ( فِي ما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَ ) وهو الثانى من البقرة و ( فِي ما آتاكُمْ ) فى المائدة والأنعام و ( فِي ما أُوحِيَ إِلَيَ )

١٤٩

فى الأنعام أيضا و ( فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ ) فى الأنبياء و ( فِيما أَفَضْتُمْ ) فى النور و ( فِي ما رَزَقْناكُمْ ) فى الروم وفى الزمر موضعان ( أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) ، و ( فِي ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) وفى ما لا تعلمون فى الواقعة و ( كَيْ لا ) كتب مفصولا نحو ( لكى لا يكون على المؤمنين حرح ) ، ( كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً ) إلا أربعة مواضع وستأتى فى الفصل الآتى و ( يَوْمَ هُمْ ) مفصول فى موضعين ( يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ ) فى غافر و ( يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ ) فى الذاريات. وتقدم فصل لام الجر فى مال الأربعة مواضع. وأما و ( لاتَ حِينَ ) فان تاءها مفصولة من ( حِينٍ ) فى مصاحف الأمصار السبعة فهى موصولة بلا زيدت عليها لتأنيث اللفظ كما زيدت فى ( رَبَتْ ) و ( ثمت ) وهذا هو مذهب الخليل وسيبويه والكسائى وأئمة النحو والعربية والقراءة ، فعلى هذا يوقف على التاء أو على الهاء بدلا منها كما تقدم. وقال أبو عبيد القاسم ابن سلام إن التاء مفصولة من لا موصولة بحين. قال فالوقف عندى على لا والابتداء تحين لأنى نظرتها فى الإمام تحين التاء متصلة ولأن تفسير ابن عباس يدل على أنها أخت ليس والمعروف : لا ـ لا ـ لات قال والعرب تلحق التاء بأسماء الزمان حين والآن وأوان فتقول كان هذا تحين كان لك ، وكذلك تاوان ذاك واذهب تالان فاصنع كذا وكذا ومنه قول السعدى

العاطفون تحين لا من عاطف

والمطعمون زمان أين المطعم

قال وقد كان بعض النحويين يجعلون الهاء موصولة بالنون فيقولون : العاطفونه ، قال وهذا غلط بين لأنهم صيروا التاء هاء ثم أدخلوها فى غير موضعها وذلك أن الهاء إنما تقحم على النون موضع القطع والسكون فأما مع الاتصال فلا وإنما هو تحين ، قال ومنه قول ابن عمر حين سئل عن عثمان رضي‌الله‌عنه فذكر مناقبه ثم قال اذهب بهذه تالان إلى أصحابك ثم ذكر غير ذلك من حجج ظاهرة وهو مع ذلك إمام كبير وحجة فى الدين وأحد الأئمة المجتهدين مع أنى أنا رأيتها مكتوبة فى المصحف الذى يقال له الإمام مصحف

١٥٠

عثمان رضي‌الله‌عنه ( لَا ) مقطوعة والتاء موصولة بحين ورأيت به أثر الدم وتتبعت فيه ما ذكره أبو عبيد فرأيته كذلك وهذا المصحف هو اليوم بالمدرسة الفاضلية من القاهرة المحروسة وأما قطع الموصول فوقع مختلفا فيه فى ويكأن. و ( وَيْكَأَنَّهُ ) وفى ( أَلاَّ يَسْجُدُوا ) فأما ويكأن ، وويكأنه ، وكلاهما فى القصص فأجمعت المصاحف على كتابتهما كلمة واحدة موصولة واختلف فى الوقف عليهما عن الكسائى وأبى عمرو فروى جماعة عن الكسائى أنه يقف على الياء مقطوعة من الكاف وإذا ابتدأ ابتدأ بالكاف كأن وكأنه وعن أبى عمرو أنه يقف على الكاف مقطوعة من الهمزة وإذا ابتدأ ابتدأ بالهمزة أن وأنه وهذان الوجهان محكيان عنهما فى التبصرة والتيسير والارشاد والكفاية والمبهج وغاية أبى العلاء الحافظ والهداية وفى أكثرها بصيغة الضعف وأكثرهم يختار اتباع الرسم ولم يذكر ذلك عنهما بصيغة الجزم غير الشاطبى وابن شريح فى جزمه بالخلاف عنهما وكذلك الحافظ أبو العلاء ساوى بين الوجهين عنهما وروى الوقف بالياء نصا الحافظ الدانى عن الكسائى من رواية الدورى عن شيخه عبد العزيز وإليه أشار فى التيسير وقرأ بذلك عن الكسائى على شيخه أبى الفتح وروى أبو الحسن بن غلبون ذلك عن الكسائى من رواية قتيبة ولم يذكر عن أبى عمرو فى ذلك شيئا وكذلك الدانى لم يعول على الوقف على الكافى عن أبى عمرو فى شىء من كتبه وقال فى التيسير وروى بصيغة التمريض ولم يذكره فى المفردات البتة ورواه فى جامعه وجادة عن ابن اليزيدى عن أبيه عن أبى عمرو من طريق أبى طاهر ابن أبى هاشم وقال : قال أبو طاهر لا أدرى عن أى ولد اليزيدى ذكره. ثم روى عنه من رواية اليزيدى أنه يقف عليهما موصولتين. وروى من طريق أبى معمر عن عبد الوارث كذلك من طريق محمد بن روميّ عن أحمد بن موسى قال سمعت أبا عمرو يقول : ويكأن الله ويكأنه مقطوعة فى القراءة موصولة

١٥١

فى الإمام ، قال الدانى وهذا يدل على أنه يقف على الياء منفصلة. ثم روى ذلك صريحا عن أبى حاتم عن أبى زيد عن أبى عمرو ، والآخرون لم يذكروا شيئا من ذلك عن أبى عمرو ولا الكسائى كابن سوار وصاحبى التلخيصين وصاحب العنوان وصاحب التجريد وابن فارس وابن مهران وغيرهم فالوقف عندهم على الكلمة بأسرها وهذا هو الأولى والمختار فى مذاهب الجميع اقتداء بالجمهور وأخذا بالقياس الصحيح والله أعلم. وأما ( أن لا يسجدوا ) فسيأتى الكلام عليها فى موضعها من سورة النمل إن شاء الله تعالى ، والمتفق عليه من هذا الفصل جميع ما كتب موصولا سواء كان اسما أو غيره كلمتين أو أكثر فإنه إنما يجوز الوقف على الكلمة الأخيرة منه من أجل الاتصال الرسمى وهذا أصل مطرد فى كل ما كتب موصولا فإنه لا يجوز فصله بوقف إلا برواية صحيحة ولذلك كان المختار عند أكثر الأئمة عدم فصل ويكأن وويكأنه مع وجود الرواية بفصله والذى يحتاج إلى التنبيه عليه ينحصر فى أصول مطردة وكلمات مخصوصة مطردة وغير مطردة. فالاصول المطردة أربعة ( الأول ) كل كلمة دخل عليها حرف من حروف المعانى وهو على حرف واحد نحو ( بِسْمِ اللهِ ) ، و ( بِاللهِ ) ، و ( لله ولرسوله ) ، ( كَمِثْلِهِ ) ، ( لَأَنْتُمْ ) ، ( أَأَنْتَ ) ، ( أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ ) ، ( سَيَذَّكَّرُ فَلَقاتَلُوكُمْ ) ، وسل ، ( فسل ) ، و ( أَمْرٍ ) ، و ( فآت ) و ( لَقَدْ ) ، و ( لَسَوْفَ ) ( الثانى ) كل كلمة اتصل بها ضمير متصل سواء كان على حرف واحد أو أكثر مرفوعا أو منصوبا أو مجرورا نحو ( قُلْتَ ) و ( قُلْنا ) و ( رَبِّي وَرَبُّكُمْ ) و ( رُسُلِهِ ) و ( رُسُلُنا ) و ( رُسُلُكُمْ ) و ( مَناسِكَكُمْ ) و ( مِيثاقِهِ ) و ( فَأَحْياكُمْ ) و ( يُمِيتُكُمْ ) و ( يُحْيِيكُمْ ) و ( أَنُلْزِمُكُمُوها ) ( الثالث ) حروف المعجم المقطعة فى فواتح السور سواء كانت ثنائية أو ثلاثية أو أكثر من ذلك ، نحو ( يس ) ، ( حم ) ، ( طس ) ، ( الم ) ، ( الر ) ، ( المص ) ، ( كهيعص ) إلا أنه كتب ( حم عسق ) مفصولا بين الميم والعين ( الرابع ) إذا كان أول الكلمة الثانية همزة وصورت

١٥٢

على مراد التخفيف واوا أو ياء كتبتا موصولتين نحو ( هؤُلاءِ ) ، ولئلا ، و ( يَوْمَئِذٍ ) ، و ( حِينَئِذٍ ).

( والكلمات المطردة ال ) التعريفية وياء النداء وها التنبيه وما الاستفهامية إذا دخل عليه حرف جر وأم مع ما وأن المفتوحة المخففة مع ما وإن المكسورة المخففة مع لا ، وكالوهم ، ووزنوهم أما : ( أل ) فإنها إذا دخلت على كلمة أخرى كتبتا موصولتين كلمة واحدة سواء كانت هى حرفا نحو : ( الْكِتابُ ) ، ( الْعالَمِينَ ) ، ( الرَّحْمنِ ) ، ( الرَّحِيمِ ) ، ( الْأَرْضِ ) ، ( الْآخِرَةَ ) ، ( الِاسْمُ ) أو اسما نحو ( الْخالِقُ الْبارِئُ ) ، ( الْمُصَوِّرُ ) ، و ( الْمُقِيمِينَ ) ؛ و ( الْمُؤْتُونَ ) ، و ( الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِماتِ ) ، و ( الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ ) ، و ( الْقانِتِينَ ) ، و ( الْقانِتاتِ ) ( وأما يا ) وهى حرف النداء فإنها حذفت الألف منها فى جميع المصاحف فصارت على حرف واحد فإذا دخلت على منادى اتصلت به من أجل كونها على حرف نحو ( يبنى ) ، ( يموسى ) ؛ ( يادم ) ، ( يأيها يقوم ) ، ( ينساء ) ، ( يبنؤم ) وكتبت الهمزة فى ( يبنؤم ) واوا ثم وصلت بالنون فصارت كلها كلمة واحدة. وقد تقدم التنبيه على ذلك فى باب وقف حمزة ( وأما : ها ) وهى الواقعة حرف تنبيه فإن ألفها كذلك حذفت من جميع المصاحف ثم اتصلت بما بعدها من كونها صارت على حرف واحد ووقعت فى القرآن فى ( هؤُلاءِ ) و ( هذَا ) وبابه و ( ها أَنْتُمْ ) وبابه وقد صورت الهمزة فى ( هؤُلاءِ ) واوا ثم وصلت بالواو فصارت كلمة كما تقدم فى وقف حمزة ( وأما : ما ) الاستفهامية فانها إذا دخل عليها حرف الجر حذف الألف من آخرها واتصل بها فصارت كلمة واحدة سواء كان حرف الجر على حرف واحد أو أكثر ووقعت فى القرآن لم ، و ( بِمَ ) ، و ( فِيمَ ) ، و ( مِمَ ) ، و ( عَمَ ) وكذلك إذا دخل عليها إلى أو على أو حتى ، فان الألف المكتوبة ياء فى هذه الأحرف الثلاثة تكتب ألفا على اللفظ علامة للاتصال وتجىء الميم بعدها مفتوحة على حالها مع غيرها فتقول علام فعلت كذا ، وإلام أنت كذا ؛ وحتام تفعل كذا ، وإنما كتبت على اللفظ خوف

١٥٣

الاشتباه صورة ( وأما : أم ـ مع ـ ما ) فإنها كتبت موصولة فى جميع القرآن نحو ( أماشتملت ) ، ( أَمَّا ذا كُنْتُمْ ) ، أما ( تُشْرِكُونَ ) و ( أما إن المكسورة المخففة مع لا ) فانها كتبت موصولة فى جميع القرآن نحو ( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ ) ، ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ ) وأما ( كالُوهُمْ ) ، و ( وَزَنُوهُمْ ) فانهما كتبتا فى جميع المصاحف موصولين بدليل حذف الألف بعد الواو منهما. وقد اختلف فى كون ضميرهم مرفوعا منفصلا أو منصوبا متصلا والصحيح أنه منصوب لما بينته فى غير هذا الموضع ولاتصالهما رسما بدليل حذف الألف بينهما فلا يفصلان. والكلمات التى هى غير مطردة فهى ، الا وإنما وأنما وإن المكسورة المخففة مع ما. وأينما ، وإن المكسورة المخففة مع لم ، وأن لن ، وعما ، ومما ، وأمن ، وعمن ، وكلما ، وبئسما وفيما وكيلا ويومهم. فأما : ( إِلاَّ ) فإنه كتب متصلا فى غير العشرة المتقدمة فى الفصل قبله نحو ( أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَ ) فى النمل و ( أَلاَّ تَعْبُدُوا ) أول هود. واختلف فى موضع الأنبياء كما تقدم « وإنما » كتب موصولا فى غير الأنعام نحو :

( أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ ). و ( إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ ) واختلف فى حرف النحل « وأنما » كتب متصلا فى غير الحج ولقمان نحو : ( إِلاَّ أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ ) فى ص. و ( كَأَنَّما يُساقُونَ ) واختلف فى ( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) « وإما » موصول فى غير الرعد نحو وإما ( تَخافَنَ وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ ) ، ( فَإِمَّا نَذْهَبَنَ ) ، ( فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً ) « وأينما » كتب موصولا فى موضعين ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا ) فى البقرة ، و ( أَيْنَما يُوَجِّهْهُ ) فى النحل.

واختلف فى النساء والشعراء والأحزاب كما تقدم « وإن لم » موصول فى موضع واحد وهو ( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ) فى هود « وألن » كتب موصولا فى موضعين : الكهف والقيامة كما تقدم « وعما » موصول فى غير موضع الاعراف نحو ( عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ، ( عَمَّا جاءَكَ ) « ومما » كتب موصولا فى غير النساء والروم نحو ( مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ). ( مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ ) واختلف فى المنافقين كما تقدم « وأمن »

١٥٤

كتب موصولا فى غير المواضع الأربعة المتقدمة نحو ( أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ ) ، ( أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ ) ، ( أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ ) « وعمن » موصول فى غير النور والنجم ولا أعلمه وقع فى القرآن « وكلما » كتب موصولا فى غير سورة إبراهيم نحو ( كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها ) ، و ( كُلَّما خَبَتْ ) واختلف فى النساء والاعراف والمؤمنين وتبارك كما تقدم و ( بِئْسَمَا ) كتب موصولا فى موضعين ( بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ ) فى البقرة و ( بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي ) فى الاعراف واختلف فى ( قُلْ بِئْسَما يَأْمُرُكُمْ ) كما تقدم « وفيما » كتب موصولا فى غير الشعراء نحو ( فِيما فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) وهو الأول من البقرة ( فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ ) واختلف فى العشرة المواضع كما تقدم وكيلا كتب موصولا فى أربعة مواضع فى آل عمران ( لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ ) وفى الحج ( لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً ) وفى الأحزاب ( لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ) وهو الموضع الثانى منها. والقول بأن الأول موصول ليس بصحيح وفى الحديد ( لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ ) « ويومهم » موصول فى غير غافر والذاريات نحو ( يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ) فجميع ما كتب موصولا لا يقطع وقفا إلا برواية صحيحة ولا أعلمه ورد الا فيما تقدم التنبيه عليه فى ويكأن ، ( ويكأنه ) و ( أَلاَّ يَسْجُدُوا ) وقد ورد عن الكسائى التوسع فى ذلك والوقف على الأصل فنقل الدانى عن قتيبة عنه الوقف على ( أن ما غنمتم ) بالقطع و ( أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ ) ، و ( أَمَّنْ هذَا الَّذِي ) الوقف على ميم أم قال الدانى وهذه المواضع فى الرسم موصولة من غير نون ولا ميم وأصلها الانفصال على ما ذهب اليه فيها الكسائى قال وقد خالف قتيبة عن الكسائى فى ( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) خلف « فحدثنا » محمد بن أحمد قال حدثنا محمد بن القاسم عن أصحابه عن خلف قال قال الكسائى فى قوله ( أَنَّما غَنِمْتُمْ ) حرف واحد من قبل من شىء قال خلف وقد قال الكسائى نعما حرفان لأن معناه نعم الشيء قال وكتبا بالوصل ومن قطعهما لم يخطئ قال خلف وحمزة يقف عليهما على

١٥٥

الكتاب بالوصل قال خلف واتباع الكتاب فى مثل هذا أحب إلينا إذ صار قطعه ووصله صوابا انتهى وهو يقتضى أن مذهب الكسائى التوسعة فى ذلك بحسب المعنى كما ذكر ويقتضى أن ذلك غير محتم عند خلف وأنه على الأولوية والاستحباب وذلك غير معمول به عند أهل الإتقان ولا معول عليه عند أئمة التحقيق بل الذى استقر عليه عمل أئمة الأداء ومشايخ الإقراء فى جميع الأمصار هو ما قدمنا أول الباب فانه هو الأحرى والأولى بالصواب وأجدر باتباع نصوص الائمة قديما وحديثا وقد روى الأعمش عن أبى بكر عن عاصم ( كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ ) حرف واحد وروى سورة عن الكسائى حرف مثل قولك ضربوهم قال الدانى فى جامعه وذلك قياس قول نافع ومن وافقه على اتباع المرسوم ثم روى عن حمزة بجعلهما حرفين ثم قال الدانى ولا أعلم أحدا روى ذلك عن حمزة الا عبد الله بن صالح العجلى قال وأهل الأداء على خلافه ( قلت ) وهذا من الدانى حكاية اتفاق من أهل الأداء على ما ذكرنا وقد نص فى غير موضع من كتبه وصرح به فى غير مكان وكذلك من بعده من الائمة وهلم جرا ولا نعلم له مخالفا فى ذلك وهذا معنى قول الجعبرى رحمه‌الله فى المنفصلين وقف على آخر كل منهما وفى المتصلتين وقف آخر الثانية ، ثم قال : وجه الوقف على كل من المنفصل اصالة الاستقلال ووجه منع الوقف على المتصل آخرها التنبيه على وضع الخط. قال واختيارى استفسار المسئول السائل عن غرضه فان كان بيان الرسم وقف كما تقدم أو بيان الأصل وقف على كل من المنفصلين والمتصلين ليطابق. قال ولا يلزم منه مخالفة الرسم فى المتصلين والا لخالف ، واصل المنفصلتين واللازم منتف انتهى. ولعل ما حكى عمن أجاز قطع المتصل أن يكون مراده هذا والله أعلم كما سيأتى فى التنبيه الآتى.

١٥٦

تنبيهات

( الأول ) إن ما ذكرناه من المختلف فيه والمتفق عليه وما يشبهه لا يجوز أن يتعمد الوقف عليه لكونه غير تام ولا كاف ولا حسن ولا يجوز أن يتعمد الوقف إلا على ما كان بهذه الصفة وما خرج عن ذلك كان قبيحا كما قدمنا فى باب الوقف والابتداء ، وإنما القصد بتعريف الوقف هنا على سبيل الاضطرار والاختيار. وهذا معنى قول الدانى رحمه‌الله فى باب الوقف على مرسوم الخط من جامع البيان. وإنما نذكر الوقف على مثل هذا على وجه التعريف بمذاهب الأئمة فيه عند انقطاع النفس عنده لخبر ورد عنهم أو لقياس يوجبه قولهم لا على سبيل الالزام والاختيار إذ ليس الوقف على ذلك ولا على جميع ما قدمناه فى هذا الباب تام ولا كاف وإنما هو وقف ضرورة وامتحان وتعريف لا غير انتهى ( الثانى ) ليس معنى قول صاحب المبهج وغيره عن أبى عمرو والكسائى أنهما يقفان على ما من مال فى المواضع الأربعة ويبتدئان باللام متصلة بما بعدها من الأسماء وعن الباقين أنهم يقفون على مال باللام ويبتدئون بالأسماء المجرورة منفصلة من الجار ان يتعمد الوقف عليها ويبتدأ بما بعدها كسائر الأوقاف الاختيارية بل المعنى أن الابتداء يكون فى هذه الكلمات عند من ذكر على هذا الوجه أى فلو ابتدأت ذلك لابتدأته على هذا الوجه عند هؤلاء فكما أن الوقف فى ذلك على وجه الاضطرار والاختيار كذلك الابتداء يكون على هذا الوجه لهذا الكتاب لا أنه يجوز الوقف على ما ثم يبتدئ ( لِهذَا الْكِتابِ ) أو يجوز الوقف على مال ثم يبتدئ ( لِهذَا الرَّسُولِ ) كما يوقف على سائر الأوقاف التامة أو الكافية ، هذا مما لا يجيزه أحد وكذلك القول فى ( ويكأن وويكأنه ) وفى سائر ما ذكر من هذا الباب إذا وجد فيه قول بعض أصحابنا يوقف على كذا ويبتدأ بكذا إنما معناه ما ذكرنا والله تعالى أعلم

١٥٧

( الثالث ) قد تكون الكلمتان منفصلتين على قراءة متصلتين على قراءة أخرى وذلك نحو ( أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرى ) فى الأعراف و: ( وَآباؤُنا ) فى الصافات والواقعة فانهما على قراءة من سكن الواو منفصلتان إذ « أو » فيهما كلمة مستقلة حرف عطف ثنائية كما هى فى قولك ضربت زيدا أو عمرا فوجب فصلها لذلك ، وعلى قراءة من فتح الواو متصلتان فان الهمزة فيهما همزة الاستفهام دخلت على واو العطف كما دخلت على الفاء فى ( أَفَأَمِنَ أَهْلُ ) وعلى الواو فى ( أَوَلَمْ يَهْدِ ) ، ( أَوَكُلَّما عاهَدُوا ) فالهمزة والواو على قراءة السكون كلمة واحدة وعلى قراءة الفتح كلمتان ولكنهما اتصلتا لكون كل منهما على حرف واحد والله أعلم.

( الرابع ) إذا اختلفت المصاحف فى رسم حرف فينبغى أن تتبع فى تلك المصاحف مذاهب أئمة أمصار تلك المصاحف فينبغى إذا كان مكتوبا مثلا فى مصاحف المدينة أن يجرى ذلك فى قراءة نافع وأبى جعفر وإذا كان فى المصحف المكى فقراءة ابن كثير ، والمصحف الشامى فقراءة ابن عامر ، والبصرى فقراءة أبى عمرو ويعقوب ، والكوفى فقراءة الكوفيين ؛ هذا هو الأليق بمذاهبهم والأصوب بأصولهم والله أعلم.

( الخامس ) قول أئمة القراءة إن الوقف على اتباع الرسم يكون باعتبار الأواخر من حذف واثبات وغيره إنما يعنون بذلك الحذف المحقق لا المقدر مما حذف تخفيفا لاجتماع المثلين أو نحو ذلك وكذلك أجمعوا على الوقف على نحو ماء و ( دُعاءً ) و ( مَلْجَأً ) بالألف بعد الهمزة وكذلك الوقف على تراء و ( رَأْيَ ) ونحوه مما حذفت منه الياء وكذا الوقف على نحو ( يُحْيِي ) و ( يَسْتَحْيِي ) بالياء وكذلك يريدون الإثبات المحقق لا المقدر فيوقف على نحو و ( إِيتاءِ ذِي الْقُرْبى ) على الهمزة وكذا على نحو ( قال الملوا ) لا على الياء والواو إذ الياء والواو فى ذلك صورة الهمزة كما قدمنا.

ومن وقف على اتباع الرسم فى ذلك وكان من مذهبه تخفيف الهمز وقفا يقف بالروم بالياء وبالواو كما تقدم النص عليه فى بابه ولهذا لو وقفوا على نحو : و ( لُؤْلُؤاً )

١٥٨

فى سورة الحج لا يقف عليه بالألف إلا من يقرأ بالنصب ومن قرأ بالخفض وقف بغير ألف مع اجماع المصاحف على كتابتها بالألف وكذا الوقف على نحو ( وَعاداً ) ( ثمودا ) لا يقف عليه بالألف إلا من نون وإن كان قد كتب بالألف فى جميع المصاحف فاعلم ذلك والله أعلم

( السادس ) كل ما كتب موصولا من كلمتين وكان آخر الأولى منهما حرفا مدغما فانه حذف اجماعا واكتفى بالحرف المدغم فيه عن المدغم سواء كان الادغام بغنة أم بغيرها كما كتبوا ( أَمَّا اشْتَمَلَتْ ) ، و ( إِمَّا تَخافَنَ ) ، و ( عَمَّا تَعْمَلُونَ ) ، و ( أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ ) ، و ( مِمَّا أَمْسَكْنَ ) بميم واحدة وحذفوا كلا من الميم والنون المدغمتين. وكتبوا ( إِلاَّ تَفْعَلُوهُ ). و ( فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ ) ، و ( أَلاَّ تَعْلُوا عَلَيَ ) ، و ( أَلَّنْ نَجْمَعَ ). بلام واحدة من غير نون فقصد بذلك تحقيق الاتصال بالادغام ولذلك كان الاختيار فى مذهب من روى الغنة عند اللام والراء حذفها مما كتب متصلا عملا بحقيقة اتباع الرسم كما تقدم فى بابه والله أعلم.

( السابع ) لا بأس بالتنبيه على ما كتب موصولا لتعرف أصول الكلمات وتفكيك بعضها من بعض فقد يقع اشتباه بسبب الاتصال على بعض الفضلاء فكيف بغيرهم؟ فهذا إمام العربية أبو عبد الله بن مالك رحمه‌الله جعل إلا فى قوله تعالى : ( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ ) من أقسام إلا الاستثنائية فجعلها كلمة واحدة ، ذكر ذلك فى شرح التسهيل وذهل عن كونهما كلمتين : إن الشرطية ، ولا النافية. والأخفش إمام النحو أعرب : و ( لَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ ) أن اللام لام الابتداء والذين مبتدأ وأولئك الخبر ؛ ورأيت أبا البقاء فى إعرابه ذكره أيضا ولا شك أنه إعراب مستقيم لو لا رسم المصاحف فإنها كتبت ولا فهى لا النافية دخلت على ( الَّذِينَ ) و ( الَّذِينَ ) فى موضع جر عطف على ( الَّذِينَ ) فى قوله و ( لَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ ) وأعرب ابن الطراوة ( أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ ) فزعم أن « أيا » مقطوعة عن الاضافة فلذلك بنيت وأن « هم اشد » مبتدأ وخبر وهذا

١٥٩

غير صحيح لرسم الضمير متصلا بأى ولإجماع النحاة على ان ايا إذا لم تضف كانت معربة وأعرب بعض النحاة : ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ ) على أن : ها من ( هذانِ ) ضمير القصة والتقدير حينئذ ( انهاذان لساحران ) ذكره أبو حيان ولو لا رسم المصاحف لكان جائزا وأعرب بعضهم و ( مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ ) ما مصدرية وهم ضمير مرفوع منفصل مبتدأ وينفقون الخبر اى ( ومن رزقناهم ينفقون ) ولو لا رسم المصاحف محذوفة الألف متصلة نونها بالضمير لصح ذلك والله أعلم.

( الثامن ) قد يقع فى الرسم ما يحتمل أن يكون كلمة وأن يكون كلمتين ويختلف فيه أهل العربية نحو ( ما ذا ) يأتى فى العربية على ستة أوجه ( الأول ) ما استفهام وذا إشارة ( والثانى ) ما استفهام وذا موصولة ( الثالث ) أن يكون كلاهما استفهام على التركيب ( الرابع ) ما ذا كله اسم جنس بمعنى شىء. ( الخامس ) ما زائدة وذا إشارة ( السادس ) ما استفهام وذا زائدة. وتظهر فائدة ذلك فى مواضع منها قوله تعالى و ( يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ؟ قُلِ الْعَفْوَ ). فمن قرأ العفو بالرفع وهو أبو عمرو يترجح أن يكون ما ذا كلمتين. ما استفهامية وذا بمعنى الذى : أى الذى ينفقون العفو فيجوز له الوقف على ما وعلى ذا وعلى قراءة الباقين يترجح أن يكون مركبة كلمة واحدة أى ينفقون العفو فلا يقف إلا على ذا ، وقوله فى سورة النحل ( ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ ) فهى كقراءة أبى عمرو ( الْعَفْوَ ) أى ما الذى أنزل؟ قالوا الذى انزل أساطير الأولين فتكون كلمتين يجوز الوقف على كل منهما لكل من القراء وقوله و ( قِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا خَيْراً ) هى كقراءة غير أبى عمرو ( الْعَفْوَ ) بالنصب فيترجح أن تكون كلمة واحدة فيوقف على « ذا » دون « ما » وأما قوله تعالى : و ( أَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا ) فذكر فيها قولين أحدهما أن « ما » استفهام موضعها رفع بالابتداء و « ذا » بمعنى الذى وأراد صلته والعائد محذوف

١٦٠