اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٧

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي

اللّباب في علوم الكتاب - ج ١٧

المؤلف:

أبي حفص عمر بن علي بن عادل الدمشقي الحنبلي


المحقق: عادل أحمد عبد الموجود و علي محمّد معوّض
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
2-7451-2298-3

الصفحات: ٥٨٤

ويقال (١) : عشا يعشو ، وعشي يعشى ، فبعضهم (٢) جعلهما بمعنى. وبعضهم فرق بأن عشي يعشى ، إذا جعلت الآفة في بصره ، وأصله الواو. وإنما قلبت ياء ، لانكسار ما قبلها ، كرضي يرضى. وعشا يعشو أي تفاعل ذلك ، ونظر نظر العشي ، ولا آفة ببصره. كما قال : عرج لمن به آفة العرج. وعرج لمن تعارج ومشى مشية العرجان (٣). قال ـ (رحمة الله عليه (٤)) ـ :

٤٤٠٣ ـ أعشو إذا ما جارتي برزت

حتّى يواري جارتي الخدر (٥)

أي أنظر نظر العشي ، وقال آخر :

٤٤٠٤ ـ متى تأته تعشو إلى ضوء ناره

تجد خير نار عندها خير موقد (٦)

أي ينظر نظر العشي لضعف بصره من كثرة الوقود. وفرّق بعضهم : بأن عشوت إلى النار إذا استدللت عليها (٧) بنظر ضعيف. وقال الفرّاء عشا يعشو : يعرض ، وعشي يعشى عمي (٨) ، إلا أن ابن قتيبة قال : لم نر أحدا حكى : عشوت عن الشيء ، أعرضت عنه ، وإنما يقال : تعاشيت عن كذا ، إذا تغافلت عنه وتعاميت (٩).

قوله : «نقيّض» قراءة العامة بنون العظمة وعليّ بن أبي طالب ، والأعمش ويعقوب ، والسّلميّ ، وأبو عمرو ، وعاصم في رواية عنهما : يقيّض (١٠) بالياء من تحت. أي يقيّض الرحمن. و «الشيطان» نصب في القراءتين وابن عباس ـ (رضي الله عنهما) (١١) ـ

__________________

(١) في ب لقال.

(٢) هو الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٨٧ و ٤٨٨.

(٣) المرجع السابق.

(٤) زيادة من أالأصل.

(٥) نسبه الزمخشري وأبو حيان في الكشاف والبحر المحيط إلى حاتم الطائي ولم أعثر له في ديوانه على هذا البيت وهو من تمام الكامل ، والأصح نسبته لمسكين الدارمي وهو في ديوانه (٤٥) وورد فيه «أعمى» بدل «أعشو» وعليه فلا شاهد. وشاهده : أن أعشو بمعنى أتعامى وأنظر نظر العمي ، والخدر هو البيت وانظر البيت في الكشاف ٣ / ٤٨٨ والبحر المحيط ٨ / ٤ والدر المصون ٤ / ٧٨٤ وشرح شواهد الكشاف ٤٢١ وأمالي المرتضى ٢ / ٨٧٤ ، وهامش الخزانة ٩ / ٩٢.

(٦) من الطويل للحطيئة الشاعر الجاهليّ المعروف من قصيدة يمدح فيها بغيض بن عامر التّميمي وشاهده : تعشو أي تنظر نظر العشي لضعف البصر من كثرة الوقود كما أخبر أعلى وانظر غريب القرآن ٣٩٨ ، والبحر المحيط ٨ / ٤ والدر المصون ٤ / ٧٨٤ والخزانة ٩ / ٩٤ والكتاب ٣ / ٨٦ وابن يعيش ٢ / ٦٦ ، و ٤ / ١٤٨ و ٧ / ٤٥ و ٥٣ ، والكشاف ٣ / ٤٨٨ وشرح شواهده ٣٨٧ واللسان «عشا» ومجالس ثعلب ٤٦٧.

(٧) نقله في غريب القرآن ٣٩٨.

(٨) بالمعنى من المعاني للفراء ٣ / ٣٢.

(٩) غريب القرآن ٣٩٨ قال : «ولا أرى القول إلا قول أبي عبيدة وقد عارضه الأزهري وأبو الهيثم» ورجّح الإمام القرطبيّ رأي الأزهري وأبي الهيثم قال : وكذلك قال جميع أهل المعرفة. وهو قول الفراء السابق.

(١٠) انظر مختصر ابن خالويه ١٣٥ ، والكشاف ٣ / ٤٨٨ والإتحاف ٣٨٦.

(١١) زيادة من أ.

٢٦١

يقيّضّ (١) مبنيا للمفعول شيطان بالرفع قائم مقام الفاعل.

فصل (٢)

«ومن يعش عن ذكر الرّحمن» أي يعرض عن القرآن ، وقيل : يعرض عن الله ، فلم يخف عقابه ولم يرج ثوابه (٣) ، يقال : عشوت إلى النار ، أعشو عشوا ، إذ قصدتها مبتديا ، وعشوت عنها إذا أعرضت عنها ، كما يقال : عدلت إلى فلان ، وعدلت عنه أي ملت إليه ، وملت عنه(٤).

قال القرطبي (٥) : تولية ظهره ، كقوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) [البقرة : ١٨ و ١٧١] وقال الخليل : أصل العشو النظر ببصر ضعيف (٦). وأما القراءة بالضم فمعناه : يتعام عن ذكره أي يعرف أنه الحق ويتجاهل ويتعامى ، كقوله تعالى : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا) [النمل : ١٤].

(نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) أي نضمه إليه ، ونسلطه عليه (٧)(فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ) لا يفارقه ، يزين له العمى ويخيل إليه أنه الهدى.

قوله : (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ).

«وإنهم» يعني الشياطين (لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) أي يمنعونهم عن الهدى. وذكر الشياطين والإنسان بلفظ الجمع ، لأن قوله (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً) يفيد الجمع وإن كان اللفظ على الواحد (٨).

قال أبو حيان : الظاهر أن ضميري النصب في (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ) عائدان على «من» من حيث معناها راعى لفظها أولا ، فأفرد (في) (٩) «له» ثم راعى معناها فجمع في قوله: (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ) والضمير المرفوع على الشيطان لأن المراد به الجنس ، ولأن كل كافر معه قرين.

وقال ابن عطية : إن الضمير الأول للشياطين (١٠) ، والثاني للكفار (١١) والتقدير : وإن

__________________

(١) ذكرها أبو حيان في بحره ٨٥ / ١٦ وكلتا القرائتين شاذتان.

(٢) في ب قوله بدل «فصل».

(٣) ذكره أبو حيان في البحر ٨ / ١٦.

(٤) انظر اللسان عشا.

(٥) ذكر التاسع في النسختين القرطبي وهو القرظي كما صنعت وانظر رأيه في القرطبي ١٦ / ٩٠.

(٦) المرجع السابق.

(٧) قاله الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤١٢.

(٨) الرازي ٢٧ / ٢١٢.

(٩) سقط من ب.

(١٠) في ب للشيطان بالإفراد.

(١١) البحر المحيط بالمعنى ٨ / ١٦ والدر المصون ٤ / ٧٨٥. وقد سبق إلى ذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٨٨.

٢٦٢

الشياطين ليصدون الكفار العاتين ، ويحسبون أنهم مهتدون أي ويحسب كفار بني آدم أنهم على الهدى (١).

قوله تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَنا) قرأ أبو عمرو والأخوان وحفص «جاءنا» ، بإسناد الفعل إلى ضمير مفرد يعود على لفظ «من» وهو العاتي ، وحينئذ يكون هذا مما حمل فيه على اللفظ ، ثم على المعنى ثم على اللفظ ، فإنه حمل أولا على لفظها في قوله : (نُقَيِّضْ لَهُ .. فَهُوَ لَهُ) ثم جمع على معناها في قوله : (وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ) ... ويحسبون أنهم ثم رجع إلى لفظها في قوله : «جاءنا» والباقون : «جاءانا» مسندا إلى ضمير تثنية (٢) ، وهما العاتي وقرينه جعلا في سلسلة واحدة فحينئذ يقول الكافر لقرينه (يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ) أي بعد ما بين المشرق والمغرب ، فغلّبت إحداهما على الآخر ، كالقمرين والعمرين قال الفرزدق :

٤٤٠٥ ـ .........

لنا قمراها والنّجوم الطّوالع (٣)

ويقولون للكوفة والبصرة : البصرتان ، والغداة والعصر : العصران ، ولأبي بكر ، وعمر : العمران وللماء والثمر : الأسودان (٤) وقيل : أراد بالمشرقين : مشرق الصيف ومشرق الشتاء والأول أصلح (٥). وقيل : بعد المشرقين من المغربين (٦). وقال ابن الخطيب : إن أهل النجوم يقولون : إن الحركة التي تكون من المشرق إلى المغرب هي حركة الفلك الأعظم ، والحركة التي من المغرب إلى المشرق هي حركة الكواكب الثابتة والأفلاك المميلة (٧) والسيارات سوى القمر ، وإذا كان كذلك فالمشرق والمغرب كل واحد منهما مشرق بالنسبة إلى شيء ومغرب بالنسبة إلى شيء آخر. فثبت أن إطلاق لفظ المشرق على كل واحد من الجهتين حقيقة ثم ذكر وجها آخر ، وهو أن الحسّ يدل على أن الحركة اليومية إنما تحصل بطلوع الشمس من المشرق إلى المغرب ، وأما من المغرب فإنه يظهر في أول الشهر في جانب المغرب ، ثم لا يزال يتقدم إلى جانب المشرق وذلك يدل على أن حركة القمر من المغرب. وإذا ثبت هذا بالجانب المسمى بالمشرق ، فإنه

__________________

(١) البحر المحيط ٨ / ١٦.

(٢) من القراءات المتواترة انظر السبعة ٥٨٦ ، والإتحاف ٣٨٦ ومعاني الفراء ٣ / ٣٣ والبحر المحيط ٨ / ١٦ ، والدر المصون ٤ / ٧٨٥ ، والكشاف ٣ / ٤٨٨.

(٣) عجز بيت من الطويل له ، صدره :

أخذنا بآفاق السّماء عليكم

 .............

والبيت شاهد على تغليب القمر على الشمس والقمر في قوله : قمراها. وانظر معاني الزجاج ٤ / ١٤٢ والمقتضب ٤ / ٣٢٦ ، والمغني ٦٨٧ شرح شواهده للسيوطي ١٣ و ٩٦٤ والطبري ٢٥ / ٤٤ ، ومجمع البيان ٩ / ٧٤ وتفسير الفخر الرازي ٢٧ / ٢١٣ والقرطبي ١٦ / ٩١ والفراء ٣ / ٣٣.

(٤) انظر القرطبي ١٦ / ٩١.

(٥) السابق ومعاني الفراء ٣ / ٣٣.

(٦) قاله الزجاج في معاني القرآن ٤ / ٤١٢.

(٧) في الرازي : الممثلة التي للسيارات سوى القمر.

٢٦٣

مشرق الشمس ولكنه مغرب القمر. وأما الجانب المسمّى بالمغرب فإنه مشرق القمر ولكنه مغرب الشمس ، وبهذا التقدير يصح تسمية المشرق والمغرب بالمشرقين. قال : «ولعل هذا الوجه أقرب إلى مطابقة اللفظ من سائر الوجوه» (١). وهذا ليس بشيء ، فإن ظهور القمر من المغرب ما كان لكونه أشرق من المغرب إنما كان ظهورها لغيبوبة شعاع الشّمس عنه ، وإنما كان إشراقه وظهوره من المشرق الحقيقي ولكنه كان مختفيا بشعاع الشمس.

قوله : (فَبِئْسَ الْقَرِينُ) والمخصوص بالذم محذوف أي أنت. قال أبو سعيد الخدري : «إذا بعث الكافر زوج بقرينه من الشياطين فلا يفارقه حتى يصير به إلى النار» (٢).

قوله : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ) في فاعله قولان :

أحدهما : أنه ملفوظ به وهو «أنّكم» وما في خبرها التقدير : ولن ينفعكم اشتراككم في العذاب بالتأسّي كما ينفعكم الاشتراك في مصائب الدنيا فيتأسى المصاب بمثله (٣).

ومنه قول الخنساء :

٤٤٠٦ ـ ولولا كثرة الباكين حولي

على موتاهم لقتلت نفسي

وما يبكون مثل أخي ولكن

أعزّي النّفس عنهم بالتأسّي (٤)

والثاني : أنه مضمر ، فقدره بعضهم ضمير التمني ، المدلول عليه بقوله : (يا لَيْتَ بَيْنِي) أي لن ينفعكم تمنيكم البعد (٥).

وبعضهم : لن ينفعكم اجتماعكم. وبعضهم : ظلمكم ، وجحدكم (٦). وعبارة من عبّر بأن الفاعل محذوف مقصوده الإضمار المذكور لا الحذف ؛ إذ الفاعل لا يحذف إلا في مواضع ، ليس هذا منها (٧) وعلى هذا الوجه يكون قوله : «أنكم» تعليل ، أي لأنّكم ،

__________________

(١) قاله الرازي في التفسير الكبير ٢٧ / ٢١٣.

(٢) القرطبي ١٦ / ٩١.

(٣) قاله أبو حيان معنى في بحره ٨ / ١٧ والسمين في الدر لفظا ٤ / ٧٨٥.

(٤) من تمام الوافر لها وهي تماضر بنت عمرو بن الشريد ، ترثي أخاها صخرا. والشاهد : في كلمة التأسي فإن معنى التأسي إتباع صاحب المصيبة بمثله من الناس أصحاب المصائب الأخرى. وانظر ديوانها (٨٥) والبحر المحيط ٨ / ١٧ ، والدر المصون ٤ / ٧٨٥ ، والخصائص ٢ / ١٧٥ ، والكشاف ٣ / ٤٨٩ ، وشرح شواهده ٤٣١ ، والقرطبي ١٦ / ٩١ ، والسراج المنير ٣ / ٥٦٤.

(٥) ذكره العكبري في التبيان ١١٣٩ ؛ فعلى هذا يكون أنكم بمعنى لأنكم.

(٦) وانظر هذه الأقوال جميعا في الكشاف ٣ / ٤٨٩ ، والبحر المحيط ٨ / ١٧.

(٧) الأليق والأدق عند النحاة إضمار الفاعل لا حذفه ، فلم يقل بحذفه إلا القليل منهم الإمام الكسائيّ ومن المواضع التي يجب تقدير الفاعل فيها :

الأوّل : أن يكون مقدرا مع عامله مثل محمدا في جواب من أحببت؟.

الثاني : فاعل المصدر إذا لم يكن ملفوظا به نحو : أو إطعام في يوم.

٢٦٤

فحذف الخافض ، فجرى في محلها الخلاف ، أهو نصب أم جر؟ ويؤيد إضمار الفاعل لا أنه هو إنكم قراءة إنكم بالكسر فإنه استئناف مفيد للتعليل.

قوله : (إِذْ ظَلَمْتُمْ) قد استشكل المعربون هذه الآية ، ووجهه هو أن قوله (اليوم) ظرف حالي و «إذ» ظرف ماض ، و «ينفعكم» مستقبل ، لاقترانه بلن ، التي لنفي المستقبل ، والظاهر أنه عامل في الظّرفين ، وكيف يعمل الحدث المستقبل الذي لم يقع بعد في ظرف حاضر أو ماض؟! هذا ما لا يجوز. وأجيب : عن إعماله في الظرف على سبيل قربه منه ، لأنّ الحال قريب من الاستقبال ، فيجوز في ذلك ، قال تعالى : (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ) [الجن : ٩] ، وقال الشاعر :

٤٤٠٧ ـ .........

سأسعى الآن إذ بلغت إناها (١)

وهو إقناعي ، وإلا فالمستقبل يستحيل وقوعه في الحال عقلا. وأما قوله : «إذ» ففيها للناس أوجه كثيرة : قال ابن جني : راجعت أبا علي فيها مرارا ، وآخر ما حصلت منه أن الدنيا والآخرة متصلتان ، وهما سواء في حكم الله تعالى وعلمه. «فإذ» بدل من «اليوم» حتى كأنه مستقبل ، أو كأن اليوم ماض (٢).

__________________

ـ الثالث : فعل المفردة المؤنثة وجماعة الذكور إذا أكد بالنون ، نحو : لتضربنّ فإن الضمير قد حذف لالتقاء الساكنين ياء المخاطبة وواو الجماعة والنون الأولى الساكنة وهذا الحذف عارض فهو واجب التقدير.

الرابع : أن يكون مدلولا عليه بالفحوى أو اللفظ مثل (ثُمَّ بَدا لَهُمْ) ومثل : «ولا يشرب الخمر حين يشربها».

الخامس : الفاعل المضمر وجوبا مع أفعل ، ونفعل ، وتفعل.

السادس : الفاعل المضمر في نحو : نعم رجلا زيد.

في كل هذه المواضع ينبغي أن القول : إن الفاعل مضمر ؛ لأن الكلام لا يستقيم إلا به ، فهو النية وإن لم يكن متلفظا به. أما إذا حذف الفاعل لغرض من الأغراض كتعينه أو الخوف عليه أو منه وأقيم المفعول مقامه نائبا في الأحكام اللفظية وصار بهذا التقديم عمدة في اللفظ بعد أن كان فضلة فلا شك في أن الفاعل في مثل هذه المواضع محذوف ، لأنه لم يتعلق بذكره في غرض ما ، ولم يكن معتمد الفائدة والحال هذه. وانظر الهمع للإمام السيوطي ١ / ١٦٠ وشرح الأشموني على الألفية ٢ / ٤٤ بتصرف.

(١) عجز بيت من تمام الوافر ، لعنترة العبسي ، صدره :

فإنّي لست خاذلكم ولكن

وشاهده : إعمال الفعل وهو «أسعى» في الظرف وهو الآن لقربه منه فإن الحال قريب من الاستقبال فيجوز في ذلك حينئذ. وانظر البحر المحيط ٨ / ١٧ والدر المصون ٤ / ٧٨٦ والديوان ٧٧.

(٢) باللفظ من الدر المصون ٤ / ٧٨٦ وانظر هذا كله فيه وفي البحر المحيط المرجع السابق. وقد ألمح ابن جني إلى ذلك في خصائصه حيث قال : صار الوقتان على تباينهما وتنائيهما كالموقتين المقترنين الدانيين المتلاصقين ، نحو : أحسنت إليه إذ شكرني ، وأعطيته حين سألني وهذا أمر استقر بيني وبين أبي عليّ رحمه‌الله مع المباحثة. وانظر الخصائص ٣ / ٢٢٤ و ٢٥٥ و ٢ / ١٧٢.

٢٦٥

وإلى هذا نحا الزمخشري ، قال : «وإذ بدل من اليوم» وحمله الزمخشري على معنى إذ تبيّن وصح ظلمكم ولم يبق لأحد ولا لكم شبهة في أنكم كنتم ظالمين ونظيره :

٤٤٠٨ ـ إذا انتسبنا لم تلدني لئيمة

 ......... (١)

أي تبين أني ولد كريمة (٢).

قال أبو حيان : ولا يجوز البدل ما دامت إذ على موضوعها من المغيّا فإن جعلت لمطلق الزمان جاز (٣).

قال شهاب الدين : «لم يعهد في إذ أنها تكون لمطلق الزمان بل هي موضوعة لزمان خاص بالمضي كأمس (٤).

الثاني : أن في الكلام حذف مضاف تقديره : «بعد إذ ظلمتم» (٥).

الثالث : أنها للتعليل ، وحينئذ تكون حرفا للتعليل كاللّام (٦).

الرابع : أن الفاعل في «إذ» هو ذلك الفاعل المقدر ، لا ضميره ، والتقدير : ولن ينفعكم ظلمكم أو جحودكم إذ ظلمتم (٧).

الخامس : أن العامل في إذ ما دل عليه المعنى كأنه قال : ولكن لن ينفعكم اجتماعكم إذ ظلمتم. قاله الحوفيّ (٨). ثم قال : وفاعل ينفعكم الاشتراك (٩) انتهى.

وظاهر هذا متناقض ، لأنه جعل الفاعل أولا اجتماعكم ثم جعله آخرا الاشتراك. ومنع أن يكون «إذ» بدلا من «اليوم» لتغايرهما في الدّلالة (١٠).

وفي كتاب أبي البقاء : وقيل : إذ بمعنى «إن» أي إن ظلمتم (١١). ولم يقيدها بكونها

__________________

(١) هذا صدر بيت من الطويل لزائد بن صعصعة الفقعسيّ وعجزه :

ولم تجدي من أن تقرّي بها بدّا

وهو يبين لامرأته أنه من أصل كريم ، وأنها بنت لئيمة.

والشاهد : أن إذا بمعنى الماضي رغم أنه لما يستقبل من الزمان ؛ لأن المعنى تبيّن بالانتساب أنّي ولد كريمة. قاله الزمخشري. وانظر البيت في الكشاف ٣ / ٤٨٩ ومعاني الفراء ١ / ٦١ و ١٧٨ والمغني ٢٦ والدر المصون ٤ / ٧٨٧.

(٢) الكشاف ٣ / ٤٨٩ له.

(٣) بالمعنى من البحر ٨ / ١٧.

(٤) الدر المصون له ٤ / ٧٨٧.

(٥) التبيان ١١٤٠ والبحر ٨ / ١٧.

(٦) البحر المرجع السابق.

(٧) التبيان المرجع السابق.

(٨) نقله أبو البقاء في تبيانه السابق وأبو حيان في بحره السابق أيضا.

(٩) الدر المصون ٤ / ٧٨٧.

(١٠) فاليوم ظرف للحال ، وإذ ظرف للمعنى فلهذا يتغايران مدلولا وانظر البحر المحيط ٨ / ١٧ والدر المصون ٤ / ٧٧٨.

(١١) في التبيان له أي لأن ظلمتم باللام.

٢٦٦

أن بالفتح أو الكسر (١). ولكن قال أبو حيان : «وقيل : إذ للتعليل حرف بمعنى أن ، يعني بالفتح (٢). وكأنه أراد ما ذكره أبو البقاء إلا أن تسميته «أن» للتعليل مجازا ، فإنّها على حذف حرف العلة أي لأن ، فلمصاحبتها لها والاستغناء بها عنها سمّاها باسمها. ولا ينبغي أن يعتقد أنها في كتاب أبي البقاء بالكسر على الشرطية ، لأن معناه بعيد (٣).

وفي كتاب مجاهد : أن ابن عامر قرأ : إنكم بالكسر ، على الاستئناف المفيد للعلة وحينئذ يكون الفاعل مضمرا على أحد التقادير المذكورة (٤).

فصل

المعنى : (وَلَنْ يَنْفَعَكُمُ الْيَوْمَ) في الآخرة «إذ ظلمتم» أشركتم في الدنيا (أَنَّكُمْ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) أي لا ينفعكم الاشتراك في العذاب ولا يخفف الاشتراك عنكم ؛ لأن لكل واحد من الكفار والشياطين الحظّ الأوفر من العذاب. وقال مقاتل : لن ينفعكم الاعتذار والندم اليوم ، فأنتم وقرناؤكم اليوم مشتركون في العذاب ، كما كنتم في الدنيا تشتركون (٥). واعلم أنه تعالى بين أن الشركة في العذاب لا تفيد التخفيف ، كما كان يفيده في الدنيا ، والسبب فيه وجوه:

الأول : أن ذلك العذاب الشديد عظيم ، واشتغال (٦) كل واحد بنفسه يذهله عن حال الآخر ، فلا جرم لم تفد الشركة خفة.

الثاني : إذا اشترك الأقوام في العذاب ، أعان كل واحد منهم صاحبه بما قدر عليه ليحصل بسببه بعض التخفيف. وهذا المعنى متبدّد في القيامة.

الثالث : أن جلوس الإنسان مع قرينه يفيده أنواعا كثيرة من السلوة. فبين تعالى أن الشيطان وإن كان قرينا له ، إلا أن مجالسته في القيامة لا توجب السلوة وخفة العقوبة (٧).

قوله (تعالى (٨)) : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ ...) لما وصفهم في الآية المتقدمة بالعشى وصفهم في هذه الآية بالصمم والعمى. وما أحسن هذا الترتيب ، وذلك أن الإنسان في أول اشتغاله يطلب الدنيا يكون كمن حصل بعينه رمد ضعيف ، ثم لما (٩) كان اشتغاله بتلك الأعمال أكثر كان ميله إلى الجسمانيّات أشد ، وإعراضه عن الروحانيات أكمل ؛

__________________

(١) ضبطها محقق الكتاب بالفتح.

(٢) البحر المحيط ٨ / ١٧.

(٣) وانظر الدر المصون ٤ / ٧٧٨.

(٤) التبيان ١١٤٠ والكشاف ٣ / ٤٨٩ والبحر المحيط ٨ / ٧ ولم تنسب في الكتب الثلاثة ونسبها القرطبي في الجامع إلى ابن عامر باختلاف عنه انظر القرطبي ١٦ / ٩١.

(٥) انظر القرطبي ١٦ / ٩١ ، ٩٢.

(٦) في ب فالاشتغال بالفاء.

(٧) الرازي بالمعنى ٢٧ / ٢١٤.

(٨) زيادة من أ.

(٩) في ب كلما بدل لما.

٢٦٧

لأن كثرة المواظبة على الشيء توجب حصول الملكة اللّازمة لينتقل الإنسان من الرمد إلى أن يصير أعشى ، فإذا واظب على تلك الحال انتقل من كونه أعشى إلى كونه أعمى.

روي أنه عليه الصلاة والسلام ، كان يجتهد في دعاء قومه ، وهم لا يزيدون إلا تصميما على الكفر وعنادا في الغي فقال الله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ) بمعنى أنهم في النفرة عنك وعن دينك بحيث إذا أسمعتهم القرآن كانوا كالصّمّ ، وإذا أريتهم المعجزات كانوا كالعمي (١).

قوله تعالى : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ (٤١) أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْناهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ (٤٢) فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤٣) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ)(٤٤)

قوله : (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ) قد تقدم الكلام عليه قريبا ، والمعنى فإمّا نذهبنّ بك بأن نميتك قبل أن تعذبهم (فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ) بالقتل بعدك ، (أَوْ نُرِيَنَّكَ) في حياتك (الَّذِي وَعَدْناهُمْ) من العذاب ، (فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ) قادرون متى شئنا عذبناهم وأراد به مشركي مكة ، انتقم منهم يوم بدر هذا قول أكثر المفسرين. وقال الحسن وقتادة : عنى به أهل الإسلام (٢) من أمة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ وقد كان بعد النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ نقمة شديدة في أمته فأكرم الله تعالى نبيه وذهب به ولم يره في أمته إلا الذي تقرّ عينه ، وأبقى النقمة بعده وروي أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ أري ما يصيب أمّته بعده فما رؤي ضاحكا منبسطا حتى قبضه الله تعالى (٣). وقرىء : «نرينك» بالنون الخفيفة (٤).

قوله تعالى : (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ) العامة على أوحي مبنيا للمفعول مفتوح الياء وبعض قراء الشام سكنها تخفيفا (٥) ، والضحاك : مبنيا للفاعل (٦) وهو الله تعالى.

فصل

لما بين له ما يوجب التسلية أمره أن يتمسك بما أمره الله تعالى به فقال فاستمسك بالذي أوحي إليك بأن تعتقد أنه حق ، وبأن تعمل بموجبه ، فإنه الصراط المستقيم الذي لا يميل عنه إلا ضالّ في الدين. ولما بين تأثير التمسك بهذا الدين في منافع الآخرة بين

__________________

(١) انظر الرازي ٢٧ / ٢١٥.

(٢) في ب السلام.

(٣) انظر تفسير القرطبي ١٦ / ٩٢.

(٤) وهي قراءة رويس وهي من العشرة المتواترة انظر الإتحاف ٣٨٦ والنشر ٢ / ٣٦٩.

(٥) ذكرها البحر المحيط ٨ / ١٨ ، والدر المصون ٤ / ٧٨٨.

(٦) المرجعين السابقين والكشاف ٣ / ٤٩٠.

٢٦٨

أيضا تأثيره في منافع الدنيا فقال : (وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) أي أنه يعني القرآن «لذكر لك» لشرف لك (١) «ولقومك» من قريش نظيره : (لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ) شرفكم وأنه يوجب الشرف العظيم لك ولقومك ، حيث يقال : إن هذا الكتاب العظيم أنزله الله عزوجل لقوم من هؤلاء.

وهذه الآية تدل على أن الإنسان لا بد وأن يكون عظيم الرغبة في الثناء الحسن والذكر الجميل ولو لم يكن الذكر الجميل أمرا مرغوبا فيه لما منّ الله تعالى به على محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ فقال : (إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ) ولما طلبه إبراهيم ـ عليه الصلاة والسلام ـ حيث قال : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ) ولأن الذكر الجميل قائم مقام الحياة الشريفة ، بل الذكر أفضل من الحياة ؛ لأن أثر الحياة لا يحصل إلا في مسكن ذلك الحي ، وأما أثر الذكر الجميل فإنه يحصل في كل زمان وكل مكان ثم قال تعالى : (وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ) قال الكلبي : تسألون هل أديتم شكر إنعامنا عليكم بهذا الذكر الجميل. وقال مقاتل : يقال لمن كذب به : لم كذّبت؟ فيسأل سؤال توبيخ.

وقيل : تسألون هل عملتم بما دل عليه القرآن من التكاليف (٢). وروى الضحاك عن ابن عباس ـ (رضي الله عنهم (٣)) ـ : أن النبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك؟ لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك؟ قال لقريش(٤).

وروى ابن عمر ـ (رضي الله عنهما (٥)) ـ قال : قال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ «لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان» (٦) وروى معاوية قال : سمعت رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ يقول : إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبّه الله على وجهه ما أقاموا الدّين (٧). وقال مجاهد : القوم هم العرب ، فالقرآن لهم شرف ، إذ نزل بلغتهم ، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب ثم يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم (٨).

وقيل : ذكر لك بما أعطاك من الحكمة ، ولقومك من المؤمنين ، بما هداهم الله به ، وسوف تسألون عن القرآن ، وعما يلزمكم من القيام بحقه.

قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلائِهِ فَقالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ

__________________

(١) في ب لذلك بدل لك تحريف.

(٢) انظر الرازي ٢٧ / ٢١٥.

(٣) زيادة من أ.

(٤) انظر القرطبي ١٦ / ٩٤.

(٥) زيادة من أ.

(٦) ذكره البخاري في صحيحه ٤ / ٢٣٣ و ٢٣٤.

(٧) رواه البخاري في صحيحه عن عبد الله بن عمرو ـ رضي الله عنهما ـ ٤ / ٢٣٣.

(٨) ذكره القرطبي ١٦ / ٩٤.

٢٦٩

الْعالَمِينَ (٤٦) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ (٤٧) وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها وَأَخَذْناهُمْ بِالْعَذابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٤٨) وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ (٤٩) فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ (٥٠) وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (٥١) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ (٥٢) فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (٥٣) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ(٥٤) فَلَمَّا آسَفُونا انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٥٥) فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ)(٥٦)

قوله : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا) فيه ثلاثة أوجه :

أظهرها : أن من موصولة ، وهي مفعولة للسؤال ، كأنه قيل : واسأل الذي أرسلناه من قبلك عمّا أرسلوا به ، فإنهم لم يرسلوا إلا بالتوحيد (١).

الثاني : أنه على حذف حرف الجر على أنه المسؤول عنه والمسؤول الذي هو المفعول الأول محذوف تقديره واسألنا عمّن أرسلناه (٢).

الثالث : أن من استفهامية ، مرفوعة بالابتداء ، و «أرسلنا» خبره والجملة معلقة للسؤال فيكون في محل نصب على إسقاط الخافض (٣).

وهذا ليس بظاهر بل الظاهر أن المعلق للسؤال إنما هو الجملة الاستفهامية من قوله : «أجعلنا».

فصل

اختلف في هؤلاء المسؤولين ، فروى عطاء عن ابن عباس (رضي الله عنهم) قال : لما أسري بالنّبي ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ إلى المسجد الأقصى بعث له آدم وولده من المرسلين فأذّن جبريل ثم أقام وقال : يا محمد تقدم فصل بهم ، فلما فرغ من الصلاة قال له جبريل : سل يا محمد من أرسلنا من قبلك من رسلنا ... الآية. فقال رسول الله ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ : لا أسأل قد اكتفيت ، ولست شاكا فيه. وهذا قول الزهري ، وسعيد بن جبير ، وابن زيد ؛ قالوا : جمع له الرسل ليلة أسري به وأمر أن يسألهم ، فلم يسأل ولم يشك (٤).

__________________

(١) ذكره السمين في الدر المصون ٤ / ٧٨٨.

(٢) ذكره المرجع السابق ، ونقله أبو حيان في بحره ٨ / ١٩ ولم يرتضه حيث قال : «وأبعد من ذهب إلى أن المعنى واسألنا عن من أرسلنا». البحر المحيط السابق ، وانظر أمالي المرتضى ٢ / ٨٩.

(٣) هذا الوجه امتداد لنفس الوجه الثاني السابق كما ذكره أبو حيان وانظر البحر ٨ / ١٩ والدر المصون ٤ / ٧٨٨.

(٤) ذكره القرطبي ١٦ / ٩٤ و ٩٥ والرازي ٢٧ / ٢١٦ والزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤١٣ و ٤١٤.

٢٧٠

وقال أكثر المفسرين : سل مؤمني أهل الكتاب الذين أرسلت إليهم الأنبياء هل جاءتهم الرسل إلا بالتوحيد ، وهو قول ابن عباس في سائر الروايات ومجاهد وقتادة والضحاك والسدي والحسن ، ويدل عليه قراءة عبد الله وأبي : واسأل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا ومعنى الأمر بالسؤال التقرير لمشركي قريش أنه لم يأت رسوله بعبادة غير الله ـ عزوجل ـ.

وقال عطاء سؤال الأنبياء الذين كانوا قبله ممتنع ، فكأن المراد منه : انظر في هذه المسألة بعقلك وتدبرها بفهمك (١).

قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا ...) لما طعن كفار قريش في نبوة محمد ـ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ـ بكونه فقيرا ، عديم المال والجاه بين الله تعالى أن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ بعد أن أورد المعجزات القاهرة التي لا يشك في صحتها عاقل ، أورد عليه فرعون هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش فقال : إنه (٢) غنيّ كثير المال والجاه ، ألا ترون أني حصل لي ملك مصر ، وهذه الأنهار تجري من تحتي ، وأما موسى فإنه فقير مهين ، وليس له بيان ولسان ، والرجل الفقير كيف يكون رسولا من عند الله الملك الكبير؟!.

فثبت أن هذه الشبهة التي ذكرها كفار قريش بمكة ، وهي قولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) قد أوردها بعينها فرعون على موس ى «ثم انتقمنا منهم فأغرقناهم» : فيكون الأمر في حق أعدائك هكذا. فثبت أنّه (ليس) (٣) المقصود من إعادة هذه القصة عينها ، بل المقصود تقرير الجواب عن الشبهة المذكورة (٤).

قوله تعالى : (فَلَمَّا جاءَهُمْ بِآياتِنا إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) قال الزمخشري : فإن قلت: كيف جاز أن يجاب لمّا بإذا المفاجأة؟!.

قلت : لأن فعل المفاجأة معها مقدر ، وهو عامل النصب في محلها ، كأنه قيل : فلما جاءهم بآياتنا فاجأوا وقت ضحكهم. قال أبو حيان : ولا نعلم نحويا (٥) ذهب إلى ما ذهب إليه من أن «إذا» الفجائية تكون منصوبة بفعل مقدر ، تقديره : فاجأ ، بل المذاهب ثلاثة :

__________________

(١) انظر هذه الأفوال في الرازي ٢٧ / ٢١٦ والقرطبي ١٦ / ٩٥ و ٩٦.

(٢) في ب إني دون ضمير.

(٣) ما بين القوسين ساقط من أ.

(٤) ينظر الرازي السابق ٢٧ / ٢١٦.

(٥) وافق ابن الحاجب الزمخشري في مذهبه هذا ورد الإمام الرضيّ عليه فقال : «ويجوز أن يكون ظرف الزمان مضافا إلى الجملة الاسمية ، وعامله محذوف على ما قال المصنف أي ففاجأت وقت وجود السمع بالباب إلا أنه إخراج لإذا عن الظرفية ، إذ هو إذن مفعول به لفاجأت ، ولا حاجة إلى هذه الكلفة ، فإنّ إذا الظرفية غير متصرفة على الصحيح». شرح الكافية للرضي ١ / ١٠٣ ، ١٠٤.

٢٧١

إما حرف (١) فلا يحتاج إلى عامل ، أو ظرف مكان (٢) ، أو ظرف زمان. فإن ذكر بعد الاسم الواقع بعدها خبر ، كانت منصوبة على الظرف والعامل فيها ذلك الخبر. نحو : خرجت فإذا زيد قائم تقديره : خرجت ففي المكان الذي خرجت فيه زيد قائم ، أو ففي الوقت الذي خرجت فيه زيد قائم.

وإن لم يذكر بعد الاسم خبر ، أو ذكر اسم منصوب على الحال ، فإن كان الاسم جثّة ، وقلنا : إنها ظرف مكان ، كان الأمر واضحا ، نحو : خرجت فإذا الأسد ، أي فبالحضرة الأسد ، أو فإذا الأسد رابضا. وإن قلنا : إنها زمان كان على حذف مضاف ، لئلا يخبر بالزمان عن الجثة ، نحو : خرجت فإذا الأسد ، أي ففي الزمان حضور الأسد ، وإن كان الاسم حدثا جاز أن يكون مكانا أو زمانا. ولا حاجة إلى تقدير مضاف نحو : خرجت فإذا القتال. إن شئت قدرت : فبالحضرة القتال ، أو ففي الزمان القتال (٣)(٤).

قوله : (إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ) جملة واقعة صفة لقوله : (مِنْ آيَةٍ) فنحكم (٥) على موضعها بالجر اعتبارا باللفظ ، وبالنصب اعتبارا بالمحلّ (٦). وفي معنى قوله : (أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أوجه :

أحدها : قال ابن عطية : هم أنهم يستعظمون الآية التي تأتي لجدّة أمرها وحدوثه ، لأنهم أنسوا بتلك الآية السابقة فيعظم أمر الثانية ويكبر (٧) وهذا كقول الشاعر :

٤٤٠٩ ـ على أنّها تعفو الكلوم وإنّما

توكّل بالأدنى وإن جلّ ما يمضي (٨)

الثاني : قيل : إن المعنى إلا هي أكبر من أختها السابقة ، فحذف الصفة للعلم بها (٩).

__________________

(١) وقال بحرفيتها الأخفش وابن مالك انظر الهمع ١ / ٢٠٧ والمغني ٨٧.

(٢) ويعزى هذا للمبرد والفارسي وابن جني ، وأبي بكر بن الخياط ، وابن عصفور. انظر المرجعين السابقين.

(٣) وهو رأي الزمخشري كما هنا واختاره الرّياشيّ والزجّاج وابن طاهر ، وابن خروف ، انظر المرجعين السابقين.

(٤) بتصرف من البحر المحيط ٨ / ٢٠ و ٢١ والدر المصون ٤ / ٧٨٩.

(٥) في ب فحكم.

(٦) الدر المصون ٤ / ٧٩٠.

(٧) البحر المحيط ٨ / ٢١.

(٨) من الطويل ، لأبي خراش ، خويلد بن مرة الهذلي من أبيات في رثاء أخيه عروة. وراوية البيت مثل رواية صاحب الدر المصون تبعا لأبي حيان والرواية الأصح : بلى إنها .. البيت كما في المراجع الآتية والكلوم جمع كلم ـ بفتح وسكون ـ وهو الجرح ومعنى البيت ـ ومنه نأخذ الشاهد ـ أن الإنسان يشغل بما هو فيه من مشاغل الحياة وإن كان ما سبق أعظم وأشد ؛ وانظر البيت في الخصائص لأبي الفتح ٢ / ١٧٠ وأمالي القالي ١ / ٢٧١ ، والدر المصون ٤ / ٧٩٠ ، والبحر المحيط ٨ / ٢١ وابن يعيش ٣ / ١٧٧ ، والخزانة للبغدادي ٥ / ٤٠٥.

(٩) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٧٩٠.

٢٧٢

الثالث : قال الزمخشري : فإن قلت : هو كلام مناقض ؛ لأن معناه ما من آية من التّسع إلا وهي أكبر من كل واحدة ، فتكون كل واحدة منها فاضلة ومفضولة في حالة واحدة.

قلت : الغرض بهذا الكلام وصفين (١) بالكبر ، لا يكدن يتفاوتن فيه وكذلك العادة في الأشياء التي تتقارب (٢) في الفضل التقارب اليسير تختلف آراء الناس في تفضيلها ، فبعضهم يفضل هذا وبعضهم يفضّل هذا ، وربما اختلف آراء الواحد فيها ، كقول الحماسي :

٤٤١٠ ـ من تلق منهم تقل لاقيت سيّدهم

مثل النّجوم الّتي يهدى بها السّاري (٣)

وقالت الأنبارية في الجملة من أبنائها (٤) : ثكلتهم إن كنت أعلم أيّهم أفضل ، هم كالحلقة المفرغة لا يدرى أين طرفاها (٥). انتهى كلامه (٦).

وأوله فظيع جدا ، كأن العبارات ضاقت عليه حتى قال ما قال ، وإن كان جوابه حسنا فسؤاله فظيع (٧).

فصل

ذكر أنه تعالى أرسل موسى بآياته ، وهي المعجزات التي كانت مع موسى إلى فرعون وملئه أي قومه فقال موسى : (إِنِّي رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ). فلمّا جاءهم بتلك الآيات (إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ) استهزاء قيل : إنه لما ألقى عصاه صار ثعبانا ، ثم أخذه فصار عصا كما كان فضحكوا. ولما عرض عليهم اليد البيضاء ثم عادت كما كانت (٨) ضحكوا.

__________________

(١) في الكشاف : أنهن موصوفات.

(٢) وفيه : التي تتلاقى في الفضل وتتفاوت منازلها في التفاوت اليسير أن.

(٣) من البسيط لعبيد بن العرندس وفي الكشاف : يسري بدل يهدى والمعنى : أن هؤلاء الناس قد بلغوا غاية عظيمة في المجد والشرف والسمعة حتى أن الرائي لواحد منهم يحسبه سيدا وما هو به ، وكذا جاء التنظير بالبيت في الكلام عن الآية فهؤلاء الناس عند ما رأوا هذه الآيات وجدوها معجزة متناهية في العظم لا فرق بين واحدة وأخرى. وانظر الكشاف ٣ / ٤٩١ وشرح شواهده ٤٢٢ والدر المصون ٤ / ٧٩٠ وفتح القدير للشوكاني ٤ / ٥٥٩ ، وكامل المبرد ١ / ٧٨ و ٧٩ والحماسة البصرية ١ / ٤٧٨ وأمالي القالي ١ / ٢٣٩.

(٤) الكشاف : وقد فاضلت الأنبارية بين الكلمة من بنيتها.

(٥) أي فرق بين واحد وآخر ، ولم أستطع أن أميز واحدا بالحب على الآخر. وانظر شرح المفصل لابن يعيش ٧ / ١٠٠.

(٦) باللفظ من الدر المصون ٤ / ٧٩٠ وبالمعنى من الكشاف ٢ / ٤٩١.

(٧) هذا انتقاص من الدر المصون للكشاف ولصاحبه.

(٨) وانظر الرازي ٥٧ / ٣١٨.

٢٧٣

ثم قال : (وَما نُرِيهِمْ مِنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِها) أي قرينتها وصاحبتها التي كانت قبلها وأخذناهم بالعذاب أي بالسنين والطوفان ، والجراد والقمل والضفادع والدم والطّمس ، فكانت هذه دلالات لموسى وعذابا ، وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عن الكفر إلى الإيمان.

قالت المعتزلة : هذا يدل على أنه تعالى يريد الإيمان من الكل فإنه إنما أظهر تلك المعجزات القاهرة لإرادة أن يرجعوا عن الكفر إلى الإيمان (١).

قوله : (وَقالُوا يا أَيُّهَا السَّاحِرُ) تقدم الكلام فيه في النور ، والمعنى أنهم لما عاينوا العذاب قالوا لموسى يا أيها السّاحر ، أي يا أيها العالم الكامل الحاذق ، وإنما قالوا هذا توقيرا وتعظيما ؛ لأن السحر عندهم كان علما عظيما ، وصفة محمودة.

وقيل : معنا ه «يا أيها الذين غلبنا بسحره» (٢). وقال الزجاج : خاطبوه به لما تقدم له عندهم من التسمية (٣) بالساحر.

فإن قيل : كيف سمّوه بالساحر (٤) مع قولهم : إنّنا لمهتدون؟!.

فالجواب من وجوه :

الأول : أنهم كانوا يسمون العالم الماهر ساحرا ، لأنهم يستعظمون السحر وكما يقال في زماننا في العمل العجيب الكامل : إنه أتى بالسحر.

والثاني : أيّها السّاحر في زعم الناس ، ومتعارف قوم فرعون ، كقوله : (وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ) [الحجر : ٦] أي نزل عليه الذكر في اعتقاده وزعمه.

الثالث : أن قولهم : (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ) وقد كانوا عازمين على خلافه ، ألا ترى إلى قوله (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) فتسميتهم إياه بالساحر لا ينافي قوله : (إِنَّنا لَمُهْتَدُونَ)(٥).

قوله : (ادْعُ لَنا رَبَّكَ بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) أي بما أخبرنا عن عهده إليك إن آمنا كشف عنا العذاب فاسأله يكشف عنا إننا لمهتدون مؤمنون فدعا موسى فكشف عنهم ، فلم يؤمنوا فذلك قوله عزوجل : (فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ) أي نكثوا ذلك العهد ، يعني ينقضون عهدهم ويصرون على كفرهم.

قوله تعالى : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) لما ذكر معاملة قوم فرعون مع موسى ذكر أيضا معاملة فرعون معه. فقال (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ) أي أظهر هذا القول. «وقال يا

__________________

(١) السابق.

(٢) انظر القرطبي ١٦ / ٩٧ و ٩٨.

(٣) معاني القرآن وإعرابه ٤ / ٤١٤.

(٤) سقط من ب.

(٥) الرازي ٢٧ / ٢١٨.

٢٧٤

قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي» أي أنهار النيل ومعظمها نهر الملك ، ونهر طولون ، ونهر دمياط ، ونهر تنيس. قيل : كانت تجري تحت قصره وحاصل الأمر أنه احتج بكثرة أمواله ، وقوة جاهه على فضيلة نفسه. ثم قال : (أَفَلا تُبْصِرُونَ) من تحت قصري. وقال قتادة : تجري من بين يدي في جناني وبساتيني ، وقال الحسن : بأمري أفلا تبصرون عظمتي وشدة ملكي (١). وقيل : من ملك القبط يسمى فرعون ، ومن ملك اليهود يسمى قبطون والمعروف مالخ ، ومن ملك الصابئة يسمى نمرود ، ومن ملك البربر يسمى جالوت ، ومن ملك الهند يسمى بهمن ، وقيل يعفور ، ومن ملك فرغانة يسمى الإخشيد ، ومن ملك العرب من قبل العجم يسمى النعمان (٢).

قوله : (وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي) يجوز في «وهذه» وجهان :

أحدهما : أن تكون مبتدأة ، والواو للحال ، و «الأنهار» صفة لاسم الإشارة ، أو عطف بيان و «تجري» الخبر والجملة حال من ياء «لي» (٣).

والثاني : أن هذه معطوفة على (مُلْكُ مِصْرَ) و «تجري» على هذا حال أي أليس ملك مصر وهذه الأنهار جارية؟! أي الشيئان (٤).

قوله : «تبصرون» العامة على الخطاب لمن ناداهم ، وقرأ عيسى بكسر النون أي تبصروني(٥) وفي قراءة العامة المفعول محذوف أي تبصرون ملكي وعظمتي.

وقرأ فهد بن الصّقر (٦) : يبصرون (٧) بياء الغيبة ، إما على الالتفات من الخطاب إلى الغيبة وإما ردا على قوم موسى.

قوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) في أم هذه أقوال :

أحدها : أنها منقطعة (٨) ، فتقدر ب «بل» التي لإضراب الانتقال ، وبالهمزة التي للإنكار.

والثاني : أنها بمعنى بل فقط (٩) ، كقوله :

__________________

(١) القرطبي المرجع السابق.

(٢) قاله البغوي في معالم التنزيل.

(٣) قال بهذا الإعراب الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٩٢ ونقله عنه السمين في الدر المصون ٤ / ٧٩١.

(٤) السابقين والبحر المحيط ٨ / ٢٢.

(٥) جائزة لغة وإن كانت شاذة غير متواترة انظر مختصر ابن خالويه ١٣٥.

(٦) هو فهد بن صقر ، روى القراءة عرضا عن يعقوب الحضرميّ ، وهو من جلة أصحابه وعن أيوب بن المتوكل وروى عنه ابن اخته إبراهيم بن خالد (انظر غاية النهاية ٢ / ١٣).

(٧) من القراءات الشاذة انظر البحر المحيط ٨ / ٢٢ وابن خالويه السابق.

(٨) وهو قول أول للزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٩٢ وانظر البيان ٢ / ٣٥٤.

(٩) وهو قول أبي حيان في البحر ٨ / ٢٢ ناقلا أياه عن السدي وأبي عبيدة في المجاز ٢ / ٣٠٤.

٢٧٥

٤٤١١ ـ بدت مثل قرن الشّمس في رونق الضّحى

وصورتها أم أنت في العين أملح (١)

أي بل أنت.

الثالث : أنها منقطعة لفظا متصلة معنى (٢). قال أبو البقاء : «أم هنا منقطعة في اللفظ لوقوع الجملة بعدها في اللفظ ، وهي في المعنى متصلة معادلة ؛ إذ المعنى أنا خير منه أم لا؟ وأينا خير (٣)؟» وهذه عبارة غريبة أن تكون منقطعة لفظا متصلة معنى وذلك أنهما معنيان مختلفان ، فإنّ الانقطاع يقتضي إضرابا إما إبطالا ، وإما انتقالا (٤).

الرابع : أنها متصلة ، والمعادل محذوف ، تقديره : أم تبصرون؟ وهذا لا يجوز إلا إذا كانت «لا» بعد «أم» ، نحو : أتقوم أم لا؟ أي أم لا تقوم ، وأزيد عندك أم لا؟ أي أم لا هو عندك أما حذفه دون معادل فلا يجوز. وقد جاء حذف «أم» مع المعادل ، وهو قليل جدا ، قال الشاعر (٥) :

٤٤١٢ ـ دعاني إليها القلب إنّي لأمرها

سميع فما أدري أرشد طلابها (٦)؟

أي أم غيّ؟

ونقل أبو حيان عن سيبويه أن هذه هي أم المعادلة ، أي أم تبصرون الأمر الذي هو حقيق أن يبصر عنده وهو أنه خير من موسى (٧).

قال : وهذا القول بدأ به الزمخشري فقال : أم هذه متصلة ؛ لأن المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون؟ إلا أنه وضع قوله : «أنا خير» موضع «تبصرون» لأنهم إذا قالوا : أنت خير

__________________

(١) لم ينسب في البحر ولا في الدر ، ونسب في الخصائص والمحتسب لابن جني إلى ذي الرمة وهو من الطويل وهو في ملحقات ديوانه ٦٤٤ بلفظ «أو» بدل «لا» وعليه فلا شاهد ، وقرن الشمس أعلاها وأولها عند طلوعها ، ورونق الضحى أوله والشاهد : أن أم. على تلك الرواية ـ بمعنى بل فقط وهي رواية أبي حيان في البحر المحيط والسمين في الدر المصون ومشى المؤلف وراءهما. انظر البحر ٨ / ٢٢ والدر ٤ / ٧٩١ على أن الرواية المشهورة «أو» وعليه ـ كما قلت ـ فلا شاهد. انظر الخصائص ٢ / ٤٥٨ ومعاني الفراء ١ / ٧٢ ، والمحتسب ١ / ٩٩ والإنصاف ٤٧٨ وفتح القدير ٤ / ٥٥٩ ، والسراج المنير ٣ / ٥٦٧.

(٢) وهو رأي أبي البقاء انظر التبيان ١١٤٠.

(٣) المرجع السابق.

(٤) قاله السمين في الدر المصون ٤ / ٧٩٢.

(٥) انظر السابق وأيضا البحر المحيط ٨ / ٢٣.

(٦) من الطويل لأبي ذؤيب. وهو من الأبيات المشهورة ، ويروى : فلا أدري بدل فما أدري ولا اختلاف في المعنى. انظر ديوان الهذليين ١ / ٧١. والشاهد : حذف أم مع معادلها أو معطوفها وذلك لدلالة المقام عليه ولأنها متصلة. وانظر البحر المحيط ٨ / ٢٣ والدر المصون ٤ / ٧٩٢ ، ومغني اللبيب ١٣ و ٢٣ و ٦٢٨ والأشموني ٣ / ١٦ والهمع ٢ / ١٣٢. في الديوان «عصاني» بدل «دعاني» وهو بعيد عن الشاهد. وانظر البيت أيضا في تأويل مشكل القرآن ١٦٦.

(٧) انظر البحر ٨ / ٢٣.

٢٧٦

فهم عنده بصراء ، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبّب (١). قال أبو حيان : وهذا متكلف جدا ، إذ المعادل إنما يكون مقابلا للسابق فإن كان المعادل جملة فعلية ، كان السابق جملة فعلية ، أو جملة اسمية يتقدر منها جملة فعلية ، كقوله : (أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) [الأعراف : ١٩٣] ؛ لأن معناه أو صمتّم وهنا لا يتقدر منها جملة فعلية لأن قوله : (أَمْ أَنَا خَيْرٌ) ليس مقابلا لقوله: أفلا تبصرون ، وإن كان السابق اسما كان المعادل اسما أو جملة فعلية يتقدر منها اسم نحو قوله :

٤٤١٣ ـ أمخدج (٢) اليدين أم أتمّت؟

«فأتمت» معادل للاسم والتقدير : أم متمّا؟ (٣).

قال شهاب الدين : وهذا الذي رده على الزمخشري رده على سيبويه ، لأنه هو السابق به وكذا قوله أيضا : إنه لا يحذف المعادل بعد «أم» وبعدها «لا» فيه نظر في تجويز سيبويه حذف المعادل دون لا فهو رد على سيبويه أيضا (٤).

قوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) هذه الجملة يجوز أن تكون معطوفة على الصلة وأن تكون مستأنفة وأن تكون حالا (٥). والعامة على يبين من أبان ، والباقون : يبين ـ بفتح الياء ـ من بان أي ظهر (٦).

فصل

قال أكثر المفسرين : «أم» هنا بمعنى «بل» وليس بحرف عطف (٧). قال الفراء : الوقف على قوله أم وفيه إضمار مجاز (ه) أفلا تبصرون أم تبصرون؟ لكنه اكتفى بلفظ «أم»

__________________

(١) الكشاف ٣ / ٤٩٢ مع أن الزمخشري كما سبق قد جوز فيها وجه الانقطاع أيضا.

(٢) المخدج : الناقص الخلق ، ومخدج اليدين ناقص نموّ اليدين. ويقال : إن هذه صفة رجل كان من الخوارج يؤلب أتباع الإمام عليّ كرم الله وجهه عليه سرّا. والشاهد في تلك العبارة : أن أتمت وهي جملة فعلية في تقدير اسم كما قال أبو حيان وكما قدره أعلى. وفي هذا رد من أبي حيان على تقدير الزمخشري وانظر البحر ٨ / ٢٣ ، ولسان العرب «خدج» وكامل المبرد ٣ / ٢٦٣ وغريب الحديث ٣ / ٤٤٤ و ٤٤٥ والفائق في غريب الحديث للزمخشري ١ / ١٤٥.

(٣) البحر المحيط ٨ / ٢٣.

(٤) هذا بناء على صحة نقل كلام أبي حيان عن سيبويه في كون أم متصلة ومعادلة. وانظر الدر المصون ٤ / ٧٩٣.

(٥) قال بهذا الإعراب السمين في الدر المصون ٣ / ٧٩٣.

(٦) ذكر هذه القراءة أبو حيان في البحر ٨ / ٢٣ والسمين في المرجع السابق.

(٧) ممن قال بذلك الزمخشري في الكشاف ٣ / ٤٩٢ وأبو عبيدة في مجاز القرآن كما سيأتي قوله والسدي كما نقله عنه الإمام القرطبي في الجامع ١٦ / ٩٩ وأبو حيان في البحر ٨ / ٢٢. وانظر غريب القرآن ٣٣٩ والفخر الرازي ٢٧ / ٢١٨.

٢٧٧

كما تقول لغيرك : «أتأكل أم» أي أتأكل أم لا تأكل؟ لكنك تقتصر على كلمة أم اقتصارا(١).

قال أبو عبيدة : معناها بل أنا خير (٢) ، وعلى هذا فقد تم الكلام عند قوله : أفلا تبصرون. ثم ابتدأ فقال : أم أنا خير ، يعني بل أنا خير. وقال الباقون أم هذه متصلة ، لأن المعنى أفلا تبصرون أم تبصرون؟ إلا أنه وضع قوله : (أَنَا خَيْرٌ) موضع : (تُبْصِرُونَ) ، لأنهم إذا قالوا له : أنت خير فهم عنده بصراء (٣).

قوله : (مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ) أي ضعيف حقير يعني موسى (وَلا يَكادُ يُبِينُ) أي يفصح لسانه لرتّة (٤) كانت في لسانه.

فإن قيل : أليس أن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ سأل الله أن يزيل الرّتة عن لسانه بقوله : (وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي) [طه : ٢٧ و ٢٨] فأعطاه الله ذلك بقوله تعالى : (قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى) فكيف عابه فرعون بتلك الرّتة؟!.

فالجواب من وجهين :

الأول : أن فرعون أراد بقوله : (وَلا يَكادُ يُبِينُ) حجته التي تدل على صدقه ، ولم يرد أنه لا قدرة له على الكلام.

والثاني : أنه عابه بما كان عليه أولا ، وذلك أن موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ مكث عند فرعون زمانا طويلا ، وكان في لسانه حبسة فنسبه فرعون إلى ما عهد عليه من الرّتة ؛ لأنه لم يعلم أن الله تعالى أزال ذلك العيب عنه (٥).

قوله تعالى : (فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ) قرأ حفص (٦) أسورة كأحمرة (٧). والباقون أساورة ، فأسورة جمع «سوار» كحمار ، وأحمرة ، وهو جمع قلة. وأساورة جمع إسوار بمعنى سوار ، يقال : سوار المرأة ، وأسوارها. والأصل أساوير بالياء ، فعوض من حرف المد تاء التأنيث ، كبطريق وبطارقة ، وزنديق وزنادقة (٨).

__________________

(١) الذي في معاني القرآن له ٣ / ٣٥ : من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله ، وإن شئت رددته على قوله «أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ»؟

(٢) مجاز القرآن ٢ / ٢٠٤.

(٣) بتوضيح وتفصيل من الإمام الرازي ٢٧ / ١١٨.

(٤) هي العجلة في الكلام وقلة الأناة وقيل غير ذلك. انظر اللسان (رتت) ١٥٧٥.

(٥) انظر الرازي ٢٧ / ٢١٩.

(٦) عن عاصم وتروى عن أهل المدينة أيضا وعن يعقوب وهي من القراءات المتواترة انظر السبعة ٥٨٧ ومعاني الفراء ٣ / ٣٥ والإتحاف ٣٨٦.

(٧) كذا في النسختين وفي الدر المصون كأخمرة بالخاء وخمار أيضا بالخاء المعجمة.

(٨) الدر المصون ٣ / ٧٩٣ ومعاني القرآن ٦٩٠ ، والكشاف ٣ / ٤٩٣.

٢٧٨

وقيل : بل هي جمع أسورة فهي جمع الجمع (١). وقرأ أبي والأعمش ـ وتروى عن أبي عمرو ـ أساور دون تاء (٢). وروي عن أبي أيضا وعبد الله : أساوير (٣). وقرأ الضحاك : ألقى مبنيا للفاعل (٤) ، أي الله تعالى وأساورة نصبا على المفعولية و «من ذهب» صفة لأساورة. ويجوز أن تكون «من» الداخلة على التمييز (٥).

فصل

ومعنى الكلام أن عادتهم جرت بأنهم إذا جعلوا واحدا منهم رئيسا لهم سوّروه بسوار من ذهب وطوّقوه بطوق من ذهب ، فطلب فرعون من موسى ـ عليه الصلاة والسلام ـ مثل عادتهم ، وحاصل الكلام أن فرعون كان يقول : أنا أكثر منه مالا وجاها فوجب أن أكون أفضل منه فيمتنع كونه رسولا من عند الله لأن منصب النبوة يقتضي المخدوميّة ، والأخسّ لا يكون مخدوما للأشرف ثم قال : «أو جاء معه الملائكة مقترنين» متتابعين يعاون بعضهم بعضا يشهدون له بصدقه ويعينونه على أمره ويجوز أن يكون المراد مقترنين به من قولك : قرنته به (٦).

قوله تعالى : (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ) أي وجدهم جهّالا فحملهم على الخفة والجهل ، يقال : استخفه عن رأيه ، إذا حمله على الجهل (٧) وأزاله عن الصواب «فأطاعوه» على تكذيب موسى ، (إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) حيث أطاعوا ذلك الفاسق الجاهل.

قوله : (فَلَمَّا آسَفُونا) أغضبونا. حكي أن أن ابن جريج غضب في شيء فقيل له : أتغضب يا أبا خالد؟ فقال قد غضب الذي خلق الأحلام إن الله تعالى يقول : فلمّا آسفونا أي أغضبونا (انْتَقَمْنا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ)(٨) واعلم أن ذكر لفظ الأسف في حق الله تعالى ، وذكر لفظ الانتقام كل واحد منهما من المتشابهات التي يجب تأويلها فمعنى الغضب في حق الله تعالى إرادة الغضب ومعنى الانتقام إرادة العقاب بجرم سابق (٩).

__________________

(١) قال الفراء : وقد تكون الأساور جمع أسورة ، كما يقال في جمع الأسقية أساقي وفي جمع الأكرع أكارع معاني الفراء ٣ / ٣٥.

(٢) لم أجدها في المتواتر عن أبي عمرو انظر مختصر ابن خالويه ١٣٥ عن الأعمش فقط وعن المطوعي في الإتحاف ٣٨٦.

(٣) السابق وأيضا شواذ القرآن ٢١٨ والكشاف ٣ / ٩٤٣.

(٤) السابق بدون نسبة ونسبها صاحب البحر ٨ / ٢٣.

(٥) أي من البيانية وحينئذ يجوز في غير القرآن : أسورة ذهبا.

(٦) انظر كل هذا في الرازي المرجع السابق ٢٧ / ٢١٩.

(٧) ويقال : استخفّه الفرح أي أزعجه ، واستخفّه أي حمله على الجهل ، ومنه «وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ» انظر اللسان خفف.

(٨) القرطبي ١٦ / ١٠١.

(٩) السابق.

٢٧٩

وآسفونا منقول بهمزة التعدية من أسف بمعنى غضب ، والمعنى : أغضبونا بمخالفتهم أمرنا. وقال بعض المفسرين معناه (١) : «أحزنوا أولياءنا».

قوله : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً) قرأ الأخوان سلفا ـ بضمتين ـ (٢) ، والباقون بفتحتين ، فأما الأولى فتحتمل ثلاثة أوجه :

أحدها : أنه جمع سليف ، كرغيف ، ورغف ، وسمع القاسم (٣) بن معن من العرب معنى سليف من الناس والسليف من الناس كالغريق منهم (٤).

والثاني : أنها جمع سالف ، كصابر ، وصبر (٥).

الثالث : أنها جمع سلف كأسد وأسد (٦).

والثانية تحتمل وجهين :

أحدهما : أن تكون جمعا لسالف ، كحارس وحرس ، وخادم وخدم ، وهذا في الحقيقة اسم جمع لا جمع تكسير ، إذ ليس في أبنية التكسير صيغة فعل.

والثاني : أنه مصدر يطلق على الجماعة ، تقول : سلف الرّجل يسلف سلفا أي تقدم ، والسلف : كلّ شيء قدّمته من عمل صالح ، أو قرض فهو سلف ، وسلف الرّجل آباؤه المتقدمون ، والجمع أسلاف وسلّاف (٧) قال طفيل :

٤٤١٤ ـ مضوا سلفا قصد السّبيل عليهم

صروف المنايا بالرّجال تقلّب (٨)

وقرأ عليّ ومجاهد ـ رضي الله عنهما (٩) ـ سلفا (١٠) ـ بضم السين. وفيه وجهان :

__________________

(١) نقل هذين الوجهين أبو حيان في البحر المحيط ٨ / ٢٣ والسمين في الدر المصون ٤ / ٧٩٤.

(٢) هي قراءة متواترة انظر السبعة ٥٨٧ ومعاني الفراء ٢ / ٣٦.

(٣) هو القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الصحابي أبو الإمام أبي عبد الله المسعودي الهذليّ كان من علماء الكوفة باللغة العربية والفقه والحديث والشعر والأخبار حدث عن عاصم الأحول وعنه أبو نعيم مات سنة ١٧٥ أو ١٧٦ ه‍. انظر بغية الوعاة ٢ / ٢٦٣.

(٤) نقله الفراء في معانيه ٣ / ٣٦.

(٥) ذكره صاحب التبيان ١١٤١.

(٦) انظر الدر المصون ٤ / ٧٩٤.

(٧) وانظر كل هذا في الدر المصون لفظا ٤ / ٧٩٤ ، والبحر المحيط معنى ٨ / ٢٣ ، وانظر اللغة في اللسان (سلف) ٢٠٦٨.

(٨) من الطويل في رثاء من تقدم من قومه وهو لطفيل الغنويّ وشاهده : أن السلف هم الآباء المتقدمون عليه ، ويجمع على ما أوضح أعلى على أفعال وفعّال وانظر ديوان طفيل ٤٠ والبحر المحيط ٨ / ٢٣ والدر المصون ٤ / ٧٩٤ ولسان العرب سلف (٢٠٦٩).

(٩) في ب وقرأ علي رضي الله عنه ومجاهد.

(١٠) ذكرها الزجاج في معانيه ٤ / ٣١٦ وابن خالويه في المختصر ١٣٥.

٢٨٠