حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

احمد حسين يعقوب

حقيقة الاعتقاد بالامام المهدي المنتظر

المؤلف:

احمد حسين يعقوب


الموضوع : العقائد والكلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٤٩

الحديث رقم ٣١٢ ج‍ ١ والمراجع المدونة تحته والحديث ٣١٦ ، والحديث رقم ٦٤١ و ٦٤٨ ، والحديث ٦٥٩ والحديث رقم ٩٢٨ والحديث رقم ١٠٩١ ، وقد بيّن الإمام جعفر الصادق أسماء ال‍ ٣١٥ أو ٣١٢ وإلى أي بلد ينتمي كل واحد منهم راجع الحديث رقم ١٠٩٩ و ١١٠٠ ].

٢ ـ وجاء في الحديث رقم ٣١٦ .. أنه إذا انقطعت التجارات والطرق وكثرت الفتن خرج سبعة رجال علماء من أفق شتى على غير ميعاد يبايع لكل رجل منهم ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً حتى يجتمعوا بمكة فيقول بعضهم لبعض ما جاء بكم؟ فيقولون جئنا في طلب هذا الرجل « يعني المهدي ، ويبحثون عن المهدي ثم يعثرون عليه في النهاية ويبايعونه ويضعون أنفسهم تحت تصرفه ».

٣ ـ الخضر وإلياس من أصحاب المهدي أيضاً ، الخضر في البحر والياس في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين ياجوج وماجوج ويحجان كل سنة ويشربان من ماء زمزم ، [ راجع الحديث رقم ٣١٥ ج‍ ١ ]. ومن المؤكد أنهما سيشهدان بيعة الإمام المهدي بين الركن والمقام سيبايعانه ، فمن غير الممكن عقلاً أن تتم البيعة دون علمهما ، أو يشهدا البيعة فلا يبايعان ، لأن المهدي المنتظر ولي الله مثلهما ، وهو حبيبهما وصديقهما.

٤ ـ وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي أنه قال : « أصحاب الكهف أعوان المهدي ». « راجع الحديث رقم ٣١٣ ، والمراجع المدونة تحته ].

٥ ـ وروى الإمام على : « ... فيجمع الله تعالى له قوماً قزع كقزع السحاب ، يؤلف الله بين قلوبهم ، لا يستوحشون إلى أحد ، ولا يفرحون بأحد يدخل فيهم على عدة أصحاب بدر ، لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون ، وعلى عدد أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ». [ راجع الحديث رقم ٦٤١ ، والمراجع المدونة تحته ؛ منها المستدرك للحاكم ج‍ ٤ ص ٥٥٤ ، ومقدمة ابن خلدون ص ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ف ٤٣ ... ].

ومثله قوله أيضاً : « ... وبقي المؤمنون ، وقليل ما يكونون ، تجاهد معه عصبان جاهدت مع رسول الله يوم بدر لم تقتل ولم تمت ». [ راجع الحديث رقم ٦٤٦ ].

٢٤١

ومثله قوله : « ... يجمع الله له « للمهدي » عسكره في ليلة واحدة وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض. ثم ذكر تفصيلهم وأمانهم وبلادهم ... ويتقدم المهدي .. ويسيرون جميعاً إلى أن ياتوا بيت المقدس ... [ الحديث رقم ٦٥٩ ].

٦ ـ وروى عن الإمام جعفر الصادق قوله : « الأبدال من أهل الشام والنجباء من أهل الكوفة يجمعهم الله لشر يوم لعدونا » ... [ الراجع الحديث ١٠٩٢ ج‍ ٤ ]. وروى الإمام على : « إذا قام قائم أهل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف ، فأما الرفقاء فمن أهل الكوفة ، وأما الأبدال فمن أهل الشام ». [ الحديث رقم ٦٤٢ ج‍ ٣ ]. ومثله قوله : « الأبدال بالشام ، والنجباء بمصر والعصائب بالعراق » [ الحديث ٦٤٥ ]. ومثله قول الإمام الباقر ... إذا سمع العائذ بمكة « المهدي » بالخسف خرج مع اثني عشر ألفاً فيهم الأبدال ... [ راجع الحديث ٨٥١ ].

٧ ـ وروي عن الإمام الباقر قوله : « إذا ظهر القائم ودخل الكوفة بعث الله تعالى من ظهر الكوفة سبعين ألف صديق في أصحابه وأنصاره » ... [ الحديث رقم ٨٦٧ ].

٨ ـ أهل قم من أنصار الإمام المهدي وأعوانه : قال الإمام جعفر الصادق : أتدري لم سُمَّيَ قم؟ الله ورسوله وأنت أعلم ، قال انما سمي قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد ، ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه ». [ راجع الحديث رقم ١٠٣٨ ]. ومثله قول الإمام الصادق : « تربة قم مقدسة ، وأهلها منا ونحن منهم لا يريدهم جبار بسوء الا عجلت عقوبته ما لم يخونوا إخوانهم ، فاذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء أما إنهم أنصار قائمنا ودعاة حقنا ، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال : « اللَّهم اعصمهم من كل فتنة ونجّهم من كل هلكة ». [ راجع الحديث ١٠٤٠ ج‍ ٤ ] ، ومثله قول الباقر أيضاً : « إن الله احتج بالكوفة على سائر البلاد بالمؤمنين من أهلها على غيرهم من أهل البلاد ، واحتج ببلدة قم على سائر البلاد بأهلها على جميع أهل المشرق والمغرب من الجن والإنس ، ولم يدع الله في قم وأهلها مستضعفاً ، بل وفقهم وأيدهم ... [ الحديث رقم ١٠٤١ ج‍ ١ ].

٢٤٢

٩ ـ وقد رأيت في المباحث السابقة أن حملة الرايات السود هم من أنصار المهدي وأعوانه وهم كأهل قم من إيران المسلمة.

١٠ ـ أنصار وأعوان مدخرون : قال الإمام جعفر الصادق : « اركض برجلك فاذا بحر تلك الأرض على حافتيها فرسان قد وضعوا رقابهم على قرابيس سروجهم » ... فقال أبو عبد الله : « هؤلاء أصحاب القائم عليه‌السلام. [ راجع الحديث رقم ١١٠١ ج‍ ٤ ].

من صفات أصحاب المهدي

وأنصاره

تحت عنوان : « مؤمنون من نوع خاص » عالجنا بالفقرة السابقة الخط العام لأصحاب المهدي وأنصاره ، وأبرزنا الصفات الإيمانية الأصيلة إلى اتصفوا بها وأهلتهم لينالوا شرف محبة الإمام المهدي ونصرته وشرف المساهمة بتحقيق الفايات الکبرى التي بعث الله الإمام المهدي لتحقيقها وفي هذه العجالة سنذكر نماذج من الصفات الخاصة التي خلعها الله ورسوله على أصحاب المهدي وأنصاره :

١ ـ من ذلك قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ... وهم أٌسدٌ بالنهار رهبانٌ بالليل ». [ الحديث ٣١٦ ج‍ ١ ].

٢ ـ وما رواه الإمام علي بقوله : « ... لم يسبقهم الأولون ولا يدركهم الآخرون ... ». [ الحديث رقم ٦٤١ ج‍ ٣ ].

٣ ـ ومثله قوله : « ... فبأبي وأمي من عدة قليلة أسماؤهم في الأرض مجهولة ، قد دان حينئذ ظهورهم » ... [ الحديث رقم ٦٤٣ ].

٤ ـ إن أصحاب القائم شباب لا كهول فيهم الا كالكحل في العين أو كالملح في الزاد ، وأقل الزاد الملح ». [ الحديث رقم ٦٤٤ ].

٥ ـ « ... وبقي المؤمنون ، وقليل مايكونون ، ثلاثمائة أو يزيدون ... » [ الحديث رقم ٦٤٦ ج‍ ٣ ].

٢٤٣

٦ ـ ... ومثله قوله : « ... ينادي مناد بأن أولياء الله هم أصحاب المهدي ». [ الحديث رقم ٦٤٨ ].

٧ ـ ومثله « طوبى لمن شهد ... مع قائم أهل بيتي أُولئك خير الأمة مع أبرار العزة ». [ الحديث رقم ٦٥١ ].

٨ ـ « ..قوم شديد كلبهم ، قليل سلبهم ، يجاهدون في سبيل الله ، قوم أذلة عند المستكبرين ، في الأرض مجهولون ، وفي السماء معروفون .. ». [ الحديث رقم ٦٧٢ ج‍ ٣ ].

٩ ـ ومثله : « ... يؤيده الله بملائكته ويعصم أنصاره ... ». [ الحديث رقم ٦٩٢ ].

١٠ ـ ومثله : « ... كأني بأصحاب القائم وقد أحاطوا بما بين الخافقين فليس من شيء إلا وهو مطيع لهم ، حتى سباع الأرض ، وسباع الطير يطلب رضاهم في كل شيء ، حتى تفخر الأرض على الأرض وتقول مر بي اليوم رجل من أصحاب القائم ... ». [ الحديث رقم ٨١٨ ].

١١ ـ « ... إن الله تعالى يلقى في قلوب شيعتنا الرعب ، فاذا قام قائمنا وظهر مهدينا ، كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان ». [ الحديث رقم ١٠٩٣ ].

١٢ ـ « ... إنكم مؤمنون ولكن لا تكملون ايمانكم حتى يخرج قائمنا فعندها يجمع الله أحلامكم فتكونوا مؤمنين كاملين ... ». [ الحديث رقم ١٠٩٣ ].

١٣ ـ « ثلاثمائة وثلاثة عشر وكل واحد منهم يرى نفسه في ثلاثمائة ». [ الحديث رقم ١٠٩١ ].

١٤ ـ « ... يعطي المؤمن قوة أربعين رجلاً ... ». [ الحديث ١٠٩٩ ].

جموع المؤيّدين للإمام المهدي

بعد أن يظهر الأمام المهدي نفسه ويبايع في مكة ، ويدخل أهلها في طاعته ، وبعد أن ينتشر نبأ واقعة الخسف بجيش السفياني ، وبعد أن يسمع الناس النداء السماوي ، وتتوالى أنباء الآيات والمعجزات التي زود الله بها الإمام المهدي ، يتردد

٢٤٤

اسم المهدي على كل لسان ، ويتيقن الخاصة والعامة بأن نجم المهدي قد تألق بالفعل ، وأن خطه هو الطريق إلى المستقبل ، عندئذٍ يبدأ الناس بالتعرف عليه ، والتعاطف معه ، والتفكير بطرق التخلص من أئمة الضلالة ، ولكن على استحياء ، لأن لاشعورهم مسكون بالرعب والخوف من الظالمين ، وبالتالي لن تكون لهم القدرة علي المواجهة ، لأنهم مهزومون من داخل نفوسهم ، ولكنهم يقولون بأنفسهم لو جاءهم المهدي لما قاتلوه ، أما المجتمعات التي تخلصت من حكم الظالمين فان أبناءها سيؤيدون المهدي رغبة بما فيه يديه أو رهبة ، أو قناعة بسيطة به. فبعد مبايعته في مكة وبسط سلطانه عليها يخرج معه عشرة آلاف مقاتل فيسير بهم وهو يحمل راية رسول الله : « السّحابة » ودرع رسول الله « السابغة » ويتقلد سيف رسول الله ذي الفقار ... [ راجع الحديث رقم ٨٣١ ] ، وفي المدينة يتبعه أناس منها بعد أن يبسط سلطانه عليها ، ثم يؤيده حملة الرايات السود دون أن يروه ، ويؤيده أناس من مصر ومن الشام ، ومن العراق ، ومن اليمن ، ومن غيرها فيأتون اليه وينضمون لمعسكره أو ينتظرون قدومه ، أو يبعثون له بالبيعة ، وتصف الأحاديث أنماط هذا التاييد واليك نماذجاً منها.

١ ـ قال الإمام « الباقر » : « إن الله يلقى في قلوب شيعتنا الرعب ، فإذا قام قائمنا وظهر مهدينا ، كان الرجل أجرأ من ليث وأمضى من سنان ». [ الحديث رقم ٨٢١ ج‍ ٣ ].

٢ ـ ومثله قول الإمام الصادق : بينما شباب الشيعة على ظهور سطوحهم ينامون ، إذا توافوا إلى صاحبهم في ليلة واحدة على غير ميعاد ، فيصبحون بمكة ». [ الحديث رقم ١٠٨٠ ].

٣ ـ وقول الصادق أيضاً : يكون مع القائم ثلاث عشرة إمرأة ، وعندما سئل وما يصنع بهن؟ قال يداوين الجرحي ، ويقمن على المرضى ... [ الحديث ١٠٩٤ ].

٤ ـ قال الإمام على : إذا قام قائم آل محمد جمع الله له أهل المشرق وأهل المغرب ، فيجتمعون كما يجتمع قزع الخريف ... [ الحديث رقم ٦٤٢ ].

٢٤٥

الفصل الثاني :

الملائكة من أعوان المهدي

وانصاره أيضاً

١ ـ لما عُرج برسول الله إلى السماء السابعة ، ومنها إلى سدرة المنتهى ، ومنها إلى حُجب النور ناداه الحق جل جلاله قائلاً يا محمد ... وبالقائم منكم أعمر أرضي ... وبه أُطهر الأرض من أعدائي وأورثها أوليائي ... وأمده بملائكتي لتؤيده على انفاذ أمري ، وإعلان ديني ، ذلك وليي حقاً ، ومهدي عبادي صدقاً ». [ راجع الحديث رقم ١٢٣ ج‍ ١ ]. فإمداد الله تعالى للمهدي بالملائكة ، قرار قد أتخذ من الأزل ووعد إلهي قد صدر ، ان الله لا يخلف الميعاد.

٢ ـ وقد أركد الرسول الكريم هذه الحقيقة بقوله : « ... لطوال الله ذلك اليوم حتى يأتيهم رجل من أهل بيتي تكون الملائكة بين يديه ويظهر الإسلام ». [ راجع الحديث رقم ٨٤ وراجع مراجع أهل السنة المدونة تحته ].

٣ ـ وروي عن الإمام الحسن قوله : « يؤيد الله بملائكته » ... [ راجع الحديث رقم ٦٩٢ ].

٤ ـ وروي عن الإمام الباقر قوله : « ... ان الملائكة الذين نصروا محمداً في بدر لم يصعدوا لينصروا صاحب الأمر » ... [ الحديث رقم ٨٢٤ ].

٥ ـ وروي عن الباقر أيضاً : « كأني بالقائم على نجف الكوفة قد سار إليها من مكة في خمسة آلاف من الملائكة جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله والمؤمنون بين يديه وهو يفرق الجنود في البلاد ». [ راجع الحديث ٨٣٦ ج‍ ٣ ].

٢٤٦

٦ ـ وعندما يقف الإمام المهدي بين الركن المقام ليستعد للبيعة ، يكون أول من يضرب على يديه جبرئيل وميكائيل ويبايعانه ، وعندما يخرج من مكة ومعه أصحابه ٣١٣ وعشرة آلاف من الذين اتبعوه في مكة يكون جبرئيل عن يمينه وميكائيل عن شماله ... [ الحديث رقم ٨١٣ ج‍ ٣ ].

٧ ـ وروي عن الإمام جعفر الصادق ... « وينشر المهدي راية رسول الله ، عمودها من عمود العرش ، وسائرها من نصر الله ، لا يهوي بها إلى شيء أبداً إلا هتكه الله ... فينحط عليه ثلاثة عشر ألف ملك وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً .. قال الراوي قلت : كل هذه الملائكة؟ قال الإمام الصادق : نعم ، الذين كانوا مع نوح في السفينة ، والذين كانوا مع إبراهيم حين إلى في النار ، والذين كانوا مع موسى حين فلق البحر لبني إسرائيل ، والذين كانوا مع عيسى حين رفعه الله وأربعة آلاف ملك مسومين ، وألف مردفين وثلاثمائة وثلاثة عشر ملكاً بدريين ، وأربعة آلاف ملك هبطوا يريدون القتال مع الحسين ، فلم يؤذن لهم في القتال ، فهم شعث غير يبكونه عند قبره ، ورئيسهم ملك يقال له المنصور ... [ راجع الحديث رقم ١٠٩٦ ج‍ ٤ ].

٨ ـ وروي عن الإمام الصادق قوله : « إذا خرج القائم نزلت الملائكة بدر وهم خمسة آلاف ثلث على خيول شهب ، وثلث على خيول بلق وثلث على خيول حوٍ ، قال الراوي : قلت وما الحو؟ قال هي الحمر ». [ راجع الحديث ١٠٩٧ ].

٩ ـ وروى أيضاً ... « بعد أن يخرج جيش السفياني من الكوفة ويتواجه مع جيش المهدي يقتل رجل ... قال الإمام الصادق : « فعند ذلك ينشر المهدي راية رسول الله ، فإذا نشرها انحطت عليه ملائكة بدر » ... [ راجع الحديث رقم ١١١٤ ].

١٠ ـ وروي عن الإمام الرضا قوله : « ولقد نزل إلى الأرض من الملائكة أربعة آلاف لنصرة الحسين فلم يؤذن لهم فهم عند قبره ... الي أن يقوم القائم فيكونون من أنصاره وشعارهم « يا لثارات الحسين » [ الحديث ١٢٣٠ ].

١١ ـ وروي عن الإمام الرضا أيضاً قوله : « إذا قام القائم يأمر الله الملائكة

٢٤٧

بالسلام على المؤمنين والجلوس معهم في مجالسهم ، فإذا أراد من واحد حاجة أرسل القائم من بعض الملائكة أن يحمله ، فيحمله الملك حتى يأتي القائم ، فيقضي حاجته ثم يرده ... ومن المؤمنين من يسير في السحاب ، ومنهم من يطير مع الملائكة ، ومنهم من يمشي مع الملائكة مشياً ، ومنهم من يسبق الملائکة ومنهم من يتحاکم الملائکة إليه ، والمؤمن أكرم على الله من الملائكة ، ومنهم من يصيره القائم قاضياً بين مائة ألف من الملائکة ». [ راجع الحديث رقم ١٢٣١ ].

إنها طبيعة أعوان المهدي وأنصاره!!!

رسل وأنبياء وأولياء ووثائق

أعوان للمهدي وأنصار له

لقد خص الله عبده الإمام المهدي بكرامات خاصة ، ما خص بها أحداً من عباده وأيده تأييداً لم يؤيد به أحداً من قبل ، وأعطاه من المعجزات ما يفوق حدي التصوّر والتصديق ، وتكمن علة ذلک كله في أن الله تعالى لم يكلف رسولاً ولا نبياً قط بما كلف به الإمام المهدي ، فقد اقتصرت مهمة كل رسول عملياً على هداية قومه ، وكلٌف كل رسول ببذل عناية ، ولم يكلف بتحقيق غاية ، فإذا بذل الرسول أي رسول عنايته وجهده بهداية قومه ، ولم يستجيبوا له ، ففي هذه الحالة لا يقوى ذلك الرسول والقلة القليلة إلى اتبعته على المواجهة مع الأكثرية الساحقة التي تتبع إمام الكفر ، لأن المواجهة بهذه الحالة انتحار حقيقي ، عندئذٍ يتولى الله مواجهة إمام الكفر وأتباعه ، فيسلط عليهم بعض جنده ويأخذهم أخذ عزيز مقتدر ، فيحسم الصراع في هذه المنطقة أو تلك ، ويتحول إلى واقعة في تاريخ البشر.

أما الإمام المهدي فهو مكلف الهياً بتحقيق غاية لا بد من تحقيقها ولا يكفي منه بذل الجهد والعناية ، فيجب وجوباً القضاء على أئمة الضلالة في الأرض كلها ورفع حكمهم الجائر والغائه من الأرض ، ويجب وجوباً اقامة دولة العدل الإلهي ـ دولة آل محمد التي يشمل سلطانها كافة بقاع الکرة الأرضية جميعاً ، ويجب وجوباً وكثمرة لكل ذلك أن تمتلىء الأرض بالعدل والقسط ، وأن تتحقق الكفاية ،

٢٤٨

ويحصل الرخاء التام لكل أبناء الحسن البشري ، ولا يقبل من الإمام المهدي أي عذر ، فهذه أمور حتمية يتوجب تحقيقها جميعاً ، ولكن بالمقابل فان الله تعالى قد وضع تحت تصرف المهدي الدعم والتأييد الكاملين اللازمين للتحقيق هذه الغايات الکبرى ، فما من معجزة خص الله بها نبياً أو رسولاً إلا وبإمكان المهدي ان يستعملها وقد وثقنا ذلک ، والأهم أن الأرض ملزمة بإخراج کنوزها ومائها ونباتها ، وأن السماء ملزمة الهياً بان تنزل قطرها ، وأن فرقاً كاملة من الملائكة مجندة وتحت تصرف الإمام المهدي. هذه الإمکانيات الهائلة مسخرة الهياً لخدمة الغايات الکبرى التي كلف المهدي الهياً بتحقيقها.

الواقع السائد في العالم

عند ظهور الأمام المهدي

١ ـ القسم الأعظم من سكان الكرة الأرضية يدين بالديانة المسيحية التي جاء بها اليسد المسيح عليه‌السلام.

٢ ـ وقسم كبير من سكان الكرة الأرضية يدين بالديانة الإسلامية التي جاء بها خاتم النبيين رسول الله محمد عليه‌السلام.

٣ ـ ويعتنق الديانة اليهودية التي جاء بها كليم الله موسى قسم ضئيل من سكان الكرة الأرضية لكن هذا القسم له نفوذ وفاعلية کبرى ، لانه منغلق ، ومنظم ، مسيطر على رأس المال ونفوذ كاسح ، وقد اكتسب خبرة هائلة.

٤ ـ وقسم كبير من سكان الكرة الأرضية يدينون بأديان غير سماوية.

٥ ـ أئمة الضلالة « الحكام الظالمون » قد أحكموا سيطرتهم على العالم وهم يتدينون شكلياً بإحدي هذه الشرائع الأربع ، وعملياً لا يقيمون للدين أي وزن الا بالقدر الذي يساهم بإحكام سيطرتهم ، وتوسيع نفوذهم ، والدين بالنسبة لهم ليس أكثر من برقع أو روج أو مسحوق يضعونه صباحاً ويغسلونه مساء ، أو يرفعونه ودينهم الحقيقي هو شهوة الحكم ، وحب التسلط ، وتوسيع النفوذ. بمعنى أن علاقة الظالمين بالأديان علاقة مصلحية ، تهدف إلى تسخير الدين لخدمة مطامعهم وأهدافهم السياسة ، وبمعني آخر فإن الظالمين لا دين لهم في الحق والحقيقة ، بل

٢٤٩

هم عناصر مريضة ومنحرقة ومجرمة أدمنت على حب التسلط ، وشهوة الحكم ومنافعه ولكنها ترفع شعار الدين بالضرورة ، وتتظاهر بالتدين وتدعي الحرص على الدين الذي تدين به الجموع الخاضعة لحكمها.

٢٥٠

الفصل الثالث :

الإمام المهدي يفكك الواقع العالمي ويثبت فساده

بنفس الأدوات التي تؤمن بها المجتمعات

١ ـ السيد المسيح عيسى بن مريم مؤسس وصاحب الديانة المسيحية يهبط بأمر من ربه ، ويعلن وبكل وسائل الإعلان المسموعة والمنظورة بأن الله تعالى قد أهبطة إلى الأرض ليكون عوناً ونصيراً ووزيراً للإمام المهدي ، وأن الإمام المهدي على الحق ، وأنه مأمور بأن يكون وزيراً للإمام المهدي ، وأن الإمام المهدي هو إمام المسيح وإمام الناس جميعاً والدليل على ذلك أن المسيح نفسه يصلي خلف الإمام المهدي. وبهذه الأثناء يتقدم الإمام المهدي ويعلن وبكل وسائل الإعلان المسموعة المرئية ، بأن الإنجيل الذي أنزله الله تعالى على عيسى ، والنسخة الأصلية منه موجودة في حوزته ، وها هي ، ثم يرفعها بين يديه ويشاهدها العالم معه ، فلا حجة مع أتباع المسيح. فعندما يعلن المسيح ذلک ويعلن الإمام المهدي عن الإنجيل وهو وثيقة مادية ، فيعني ذلک أن المهدي والمسيح قد سحبا عملياً البساط من تحت أقدام کل أتباع المسيحية في العالم ، فليس أمامهم الا أن يتبعوا المسيح نفسه مؤسس الديانة نفسه ، فيبايعوا المهدي كما بايعه المسيح ويعترفوا بإمامته للكرة الأرضية وما عليها أو يعلنوا ارتدادهم عن الديانة المسيحية. [ راجع الحديث النبي المتعلق بالإنجيل وهو الحديث رقم ٢٢٥ ]. وهكذا حسمت المواجهة مع واقع المسيحية ينفس الأدوات والشعارات التي يرفعها المسيحيون والنصارى في العالم وتحت إشراف المسيح نفسه!.

٢ ـ مواجهة الواقع المتعلق بالمسلمين : والنبي على فراش الموت بدأت

٢٥١

عرى الإسلام بالحل ، وفاته حُلت عروة الحكم ، وخلال مدة لم تتجاوز العشرة سنين لم يبق من الإسلام عروة دون حل بعد أن صار المؤمنين الحقيقيون يصلون سراً وهم بحالة خوف كما وثقنا وقد رفع الدين عملياً من واقع الحياة ، وحل محله فقه الهوى المتسترٍ بثوب الدين لغايات المحافظة على الملك أو توسيع رقعته ، ثم صار الإسلام غريباً تماماً ولم بيق منه إلا الاسم الشكل الخارجي ، وصارت الفئة المؤمنة غريبة أيضاً ومعزولة تماماً ، ونكل الخلفاء بآل محمد فقتلوهم وطردوهم وشردوهم تماماً كما أخبر النبي ، وبعد ذلك فرض الخلفاء فقه الهوى ، وألزموا الرعية المسلمة باستيعابه لأنهم جعلوه منهجاً تربوياً وتعليمياً ، ومع الأيام استقر فقه الهوى في النفوس وأُشربته الرعية وصارت تعتقد أنه الإسلام نفسه ، وقد وثقنا كل ذلک في الباب الأول ، وبعد أن رفع الخلفاء وأولياؤهم المنع عن رواية وكتابة الأحاديث النبوية ، اكتشفت الأجيال نظرية المهدي المنتظر في الإسلام ووقفت على كلياتها من الأحاديث النبوية ، واعتقدت بها ، لكن فقه الهوى المتمكن من النفوس ، كان أقوى من اعتقادها بالمهدي ، ومن اعتقادها بحديث الثقلين ، وبمكانة أهل البيت ، فاستقرت هذه الاعتقادات في النفوس كحقائق لا يمكن أنكارها ، ولكنها غير قابلة للتنفيذ ، أو أن المسلمين ليسوا مستعدين لتنفيذها والعمل بها لأنها تنقض الواقع التاريخي ، وتتناقض معه ، ذلك الواقع الذي تحول إلى دين حقيقي ولكن ليس لدى المسلمين مانع لقد نُفذت تلك الاعتقادات من تَلقاء نفسها أو بقدرة الله خاصة أن المهدي خير وليس شراً ، فاذا ظهر المهدي سيحدث صراع بين فقه الهوى التاريخي وبين الاعتقاد بالمهدي ، وحديث الثقلين ومكانة أهل البيت وأكبر الظن بأن العامة لن يقفوا وقفة عقائدية بوجه الإمام المهدي بل سيسلموا له كما سلموا لغيره ، وسيبايعونه كما بايعوا غيره والخلاصة ومع اعتناق المسيحيين للإسلام ستتأکد العامة ساعتها أن هذا الرجل هو بالفعل خاتم أئمة أهل بيت النبوة وإنه المهدي المنتظر الذي بشر به رسول الله ، عندئذٍ ستلتف حوله وستدعه يوجهها ويقودها ، وهكذا ينقاد أتباع الديانة الإسلامية للمهدي المنتظر.

٣ ـ بالنسبة لليهود ، عصا موسى يعرفها الخاصة والعامة من أتباع الديانة

٢٥٢

اليهودية ويعرفون قدرتها ، وهذا العصا موجودة مع الإمام المهدي ، وهو على استعداد لإظهارها والإعلان عن وجودها بكل وسائل الإعلان. كذلك فإن تابوت السكينة معروف عند اليهود ، والألواح التي نزلت على موسى يعرفها خاصة اليهود وعامتهم وهي موجودة بحوزة الإمام المهدي وهو مستعد لإطلاع وفود اليهود أو كل اليهود عليها. [ راجع الحديث رقم ٢٢٥ ج‍ ١ و ٢٢٦ ] هذه أدلة مادية قطعية لا يستطيع أتباع الديانة اليهودية أن ينکروها ، أو يتنکروا لها ، وفي النهاية لا بد من أن يؤمن اليهود بأن المهدي على الحق وانه قد حسم الصراع بنفس الأدوات والوسائل التي قامت عليها الديانة اليهودية ، فيضطرون في النهاية للدخول في الإسلام والاعتراف بإمامة المهدي وقيادته ، أو مواجهة الموت.

٤ ـ بالنسبة للذين لا يعتنقون دينا سماوياً عندما يرون اقبال المسيحيين والمسلمين ، واليهود على المهدي واعترافهم بإمامته وقيادته ودخولهم في دينه ، وعندما يرون المعجزات ، وأبواب الرخاء والكفاية قد تفتحت ، فإنهم سيدخلون حتماً في دين الله ، وسيعترفون بإمامة المهدي وقيادته.

٥ ـ في ما يتعلق بأئمة الضلالة « الحكام الظالمين » فإنهم لا إيمان لهم ، ولا يعرفون ولا يفهمون إلا لغة القوة والتغلب والقهر وإن تظاهروا بغير ذلك فهم كاذبون ، وبهذه الحالة يتوجب على الإمام المهدي أن يحسم الصراع معهم بنفس الأدوات والوسائل التي أسست حكمهم الظالم وهي القوة ، سيقمعهم الإمام المهدي وبغير رحمة ، وسيطهر الأرض من رجسهم ، وسيسقطهم صنماً بعد صنم ، وسيردد كما ردد أبوه رسول الله من قبل : ( وَقُل جاءَ الحقُّ وزهقَ الباطلُ إنَّ الباطلَ كانَ زهوقاً ).

٢٥٣

الفصل الرابع :

العقيدة القتالية للمهدي

المنتظر وأنصاره

لكي نفهم هذه العقيدة

مشكلة الإمام المهدي مع معتنقي الديانات السماوية الثلاث سيحلها الإمام المهدي بالأدوات والوسائل التي يجتج بها أتباع کل ديانة من هذه الديانات الثلاث السابقة كما بيَّنا قبل قليل ، فعندما يعلن المسيح نفسه أنه وزير للإمام المهدي ، وأنه على دينه ، وأن المهدي إمامه وأميره ، وعندما يصلي المسيح نفسه خلف الإمام المهدي ، وعندما يقدم الإمام المهدي النسخة الأصلية والوحيدة من الانجيل الذي أُنزله الله على عيسى ، وعندما يرى المسيحيون الآيات والمعجزات التي تخضع لها الأعناق فعلى الأقل فإن الأكثرية الساحقة منهم ستعتنق الإسلام لأنه دين المهدي والمسيح معاً.

وعندما يرى أتباع الديانة اليهودية عصا موسى تتحرك بيد المهدي على الوجه الذي يريد وبنفس القدرة والكفاءة التي كانت تتحرك فيها مع موسى ، عندما يظهر الإمام المهدي النسخه الأصلية والوحيدة للألواح التي أنزلها الله على موسى ، وعندما يأتيهم التابوت ، فانهم سيكابرون في البداية ، ولكن الأكثرية الساحقة في النهاية وأمام البراهين المادية والأدلة القاطعة والمعجزات التي تخضع لها الأعناق سيعتنقون الإسلام دين المهدي ودين موسى وهارون.

وعندما يزول الوهم ويتحرر لا شعور المسلمين من عقدة الرعب والخوف من

٢٥٤

قطع العطاء ، والرهبة من سطوة الخلفاء ، ويكتشفون فساد فقه الهوى وثقافة التاريخ سيسيرون خلف الإمام المهدي ليعلمهم دينهم من جديد.

أما الذين لا يعتنقون ديناً سماوياً فسيبهرهم التحول الديني على مستوى العالم وستدهشهم الآيات والمعجزات التي تظهر على يد المهدي ، والمنجزات التي يحققها ، عندئذ سيقبلون على دين الله وسيدخلون فيه أفواجاً. فلا مشكلة للمهدي معهم جميعاً إنما مشكلة مع أئمة الضلالة الذين ملأوا الأرض ظُلماً وجوراً وعدواناً.

الإمام المهدي وجهاً لوجه

مع أئمة الضلالة أو الحاكم الظالمين

رأينا أن مشكلة الإمام المهدي ستحل مع أتباع الديانات السماوية الثلاثة وأن الأكثرية الساحقة منهم ستعتنق الإسلام ، وأن المسلمين سيفهمون أحكام دينهم الحقيقية ، وسيكشفون زيف فقه الهوى ، وثقافة التاريخ ، وسيعرفون بالفعل قيمة أهل بيت النبوة ومكانتهم عند الله ، وربما ندموا على ما فرطوا في جنب الله وكافة المشاكل التي ستعترض الإمام المهدي سيتولى حلها بالتسديد والتوفيق الإلهيين.

المشكلة العظمى تتمثل بـائمة الضلالة

أو الحكام الظالمين

بينا في الفصول السابقة أن الإمام المهدي لن يظهر قبل أن يرقى الظَّلمة ، أو بمعنى آخر قبل أن يحكم الظالمون العالم كله ، ويعمموا فقه الهوى بين الناس ، فكل ظالم يجمع الظلمة والمنتفعين من ظلمه وينقض على الأقليم الذي يقيمون فيه ، ثم يستولون على السلطة بالقوة والتغلب والقهر ، ويحكمون سيطرتهم ، ثم تبدأ بعد ذلك عملية التنافس بين أئمة الضلالة لتوسيع رقعة ممالكهم ، أو نفوذهم فيشعلون حروباً لا ناقة للشعوب فيها ولا جمل ، ونتيجة لحكم الظالمين ولتعميم فقه الهوى ، وللتنافس المقيت على توسيع رقعة الملك أو مدى النفوذ تمتلىء الأرض كلها بالظلم والجور والعدوان وهي ثمرات طبيعية لوجود أئمة الضلالة ، ولسيادة فقههم لفاسد وأثناء إحكام الظالمين لسيطرتهم ولقبضتهم الحديدية على

٢٥٥

الشعوب يزرعون في قلوب أبناء الشعوب الأرض وقبائله الرعب والهلع والخوف ، فمصير الذي لا يسير بركابهم الموت الزؤام ، أو قطع رزقه وحرمانه من حقوقه ، وتجويعه حتى الموت البطيء تلك الأساليب الإجرامية التي عممها الظالمون في الأرض طبعت أبناء الجنس البشري بطابع الذل ، ووسمتهم بسمة العبودية وأبطلت في نفوسهم عناصر المقاومة ، وجعلت الرعب والخوف مقيماً دائماً بلاشعور كل واحد من ضحايا الظلم والظالمين. وتحول كل واحد من رعاياهم إلى آلة بأيديهم أو مطية من مطاياهم أو عبد من عبيدهم.

اللغة التي يفهمها أئمة الضلالة

أئمة الضلالة يتقنون لغة واحدة وهي لغة القوة ، والغلبة ، والبطش والقهر ، والإذلال ، والرعب ، والخوف ، هذه هي مقومات وجودهم ، وأساس ملکهم ، وضمانة استمراره ، وهم لا يعرفون الدين إلا بالقدر الذي يروي شهوة الحکم عندهم ، ويخدم هذه الشهوة وهم لايعرفون الرحمة الا كأداة من أدوات ضحكهم على عباد الله. إن أئمة الضلالة وأعوانهم لا دين لهم ولا أخلاق ، ولا مبادىء ، ولا يقرون بوجود أية حواجز تقف بوجه ظلمهم ، أو ما يريدون ، لقد حولوا الكرة الأرضية إلى غابة يحكم القوي فيها الضعيف ، ويفترس ذو الأنياب من لا ناب له ، حولوها إلى مسرح لا شرعية عملية فيه الا الظلم وفقه الهوى. فالقوة أولاً والقوة هي الحياة وناموسها.

جوهر مشكلة الإمام المهدي

مع أئمة الضلالة في الأرض

أئمة الضلالة الذين يحكمون العالم عند ظهور الإمام المهدي لن يتركوا الحكم بالرضا ، لانهم لا يفهمون الرضا ، ولا وجود لهذه الكلمة في قواميسهم ومن جهة أخرى ، فغن أئمة الضلالة قد أدمتوا شهوة الحكم ، وباعتقادهم ان حياتهم ستنتهي إن هم تخلوا عنه ، ويخيل اليهم أن الكرة الأرضية ستخرب إن لم يحكموها ، عنه ، ومن جهة ثالثة ، فان القوة والقوة وحدها هي الحكم الفصل بين أئمة الظلم ومن ينازعهم الحكم. والأخطر من ذلك كله أن أئمة الضلالة قد حولوا

٢٥٦

الشعوب إلى عبيد أو رقيق وسلبوا منهم روح المقاومة ، واسكنوا بلاشعورهم الرعب والخوف والقلق ، فصار الأفراد أدوات ، مجرد أدوات بيد الانظمة الظالمة ، يتبنون تماماً ما يتبناه المجرمون الظالمون ، يحاربون إذا حارب الظالمون ، ويسالمون إذا سالم الظالمون ، يتکلمون إذا أمروا بالکلام وسصمتون إن أمروا بالصمت!!

مواجهة المهدي لأئمة الضلالة

قدر محتوم لا مفر منه

رأينا أن الإمام المهدي مکلف إلهياً بتحقيق غايات کبرى لا بد من تحقيقها ومن هذه الغايات تطهير الأرض من أعداء الله ، والظالمون هم أشرس وإقذر أعداء الله ، ومن مهام المهدي أن يملأ الأرض بالعدل وإلقسط کما ملأها الظالمون المجرمون بالظلم وإلعدوان والجور ، وتلک غايات لا يمکن تحقيقها دون القضاء التام على الظالمين ، وقصمهم وبمنتهى العنف والقسوة ، أئمة الظلالة يرفضون التخلي عن الحکم طوعاً ، ويرفضون رفع فقههم الفاسد من واقع الحياة ، ويرفضون أن يعطوا الحرية للشعوب لتختار ما تريد ، وهم يلوحون بالقوة والقهر باعتبارهما أساس حکمهم وعماد وجودهم ، وهم يقبلون بالقوة کحکم فصل بينهم وبين الإمام المهدي ، الذي لا يخفي أهدافه ، المتمثلة بالقضاء على حکم الظالمين وتأديبهم ، ومحاکمتهم علي جرائمهم ، وتحرير البشرية من سطوتهم. والمهدي لن يتراجع عن تحقيق أهدافه ، لإنه ملزم إلهياً بتحقيقها. وأئمة الظلالة لن يتراجعوا عن مواقفهم المتزمتة ، فمعنى ذلک کله حدوث ووقوع المواجهة ، ونشوب حرب ضروس تُطعن فيها الکلي ، وتقطع فيها الرقاب. حرب حقيقية بين المهدي وجند الله من جهة ، وبين أئمة الضلالة في العالم ومن والاهم رغبة أو رهبة من جهة أخرى.

طبيعة ومصادر العقيدة القتالية للمهدي وأعوانه

الإمام المهدي يمثل قمة الوعي البشري ، فهو إمام زمانة المؤهل والمعد إعداداً الهياً لسيادة العالم كله ، وهو مرجع بذاته ، فما من سؤال على مستوى العالم

٢٥٧

إلا ويعرف جوابه ، وما من مشكلة إلا ويعرف الحل الأنسب لها. هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن المهدي كإمام وكوارث لعلمي النبوة والكتاب على علم يقيني بتاريخ الظلم والظالمين الأسود في العالم ، ومواقف الظالمين المخزية من الرسل والأنبياء والأولياء وعباد الله الصالحين ، ومن جهة ثالثة فإن الإمام المهدي بوصفه خاتم أئمة أهل بيت النبوة على علم يقيني بحجم الظلم والتشريد والقتل والتطريد الذي اقترفه الظالمون بحق آبائه وأجداده الأكرمين وبحق مواليهم الصادقين ، ثم إن الإمام المهدي نفسه أحد ضحايا الظلم والتطريد والتشريد ، ثم إن أي محاكمة عادلة ومنصفة ستدين الظالمين ، وستحملهم مسؤولية إجهاض الدعوة الإسلامية وصرفها عن مسيرتها ، تلك المسيرة التي لو بقيت في مسارها الصحيح لتغير مجرى التاريخ ، ولكان العالم بغنى عن قرون من الهول والاضطهاد والظلم ، ثم أن الظالمين هم الذين أذولوا الجنس البشري ، وألبسوه أزياء الذل والهوان والعبودية ، وصادروا منه كافة الحقوق التي وهبها الله تعالى له ، كل هذه الأسباب جعلت من الظالمين العدو الأول لله ولرسوله ، ولأهل بيته ولمن والاهم ، وقد عهد الله لرسله ولأوليائه بأن لا يركنوا إلى الظالمين ، ثم إن الظالمين رجس ، وقد أمر المهدي بأن يطهر الأرض من أعداء الله ومن رجسهم ، وأن يفرغها تماماً من ظلمهم ، وأن يملأها بالعدل كما ملأها الظالمون بالجور والظلم والعدوان. هذه طبيعة ومستندات ومصادر العقيدة القتالية للإمام المهدي وأعوانه ، وهي طبيعة خاصة تفرض على الإمام المهدي وأعوانه ، أن يضربوا الظالمين وأعوانهم بكل وقسرة وبدون رحمة ولأن قسوة مع الظالمين مهما اشتدت لن تبلغ معشار الجرائم القذرة التي ارتكبوها بحق الله ورسوله والمؤمنين والجنس البشري عامة ، فالظالمون مجرمون عتاة ، لا يكمن إصلاحهم أو استصلاحهم ، لقد مردوا على الظلم ، وكفروا بالله ورسوله ، وعبدوا مصالحهم وشهواتهم من دون الله ، وسخروا كل ما طالته أيديهم لإشباع تلك المصالح والشهوات ، إنهم أساتذة بالكفر والفسوق والنفاق فما طالت أيديهم النجسة شيئاً إلا لوثته وأفسدته ، فالحل الجذري يكمن بالقضاء عليهم وتهديم أركانها ، وتقليع أظافرهم بشكل لا تنمو بعده أبداً.

٢٥٨

نماذج من أساليب الإمام المهدي

وأصحابه في تعاملهم مع الظالمين

١ ـ قال الإمام علي : « بأبي ابن خيرة الإماء « يعني المهدي » يسومهم خسفاً ، ويسقيهم بكأس مصبرّة ، ولا يعطيهم إلا السيف ، فعند ذلك تتمنى فجرة قريش لو أن لها مفاداة من الدنيا وما فيها ليغفر لها ، لا يكف عنهم حتى يرضى الله ». [ راجع الحديث رقم ٦٥٦ ، وراجع المصادر المدونة تحته ].

٢ ـ ومثل قول الإمام علي ... « أما والله لو قام قائمنا لأخرج من هذا الموضع اثني عشر الف درع ، واثني عشر الف بيضة لها وجهان ، ثم ألبسها اثني عشر الف رجلاً من ولد العجم ، ثم ليتأمر بهم ، ليقتلن كل من كان على خلاف مات هم عليه ، اني لأعلم ذلك وأراه كما أعلم هذا اليوم » ، [ الحديث رقم ٦٥٧ ج‍ ٣ ].

٣ ـ ومثله حديث الإمام على : « ويبقى المنتظر المهدي من آل محمد فيسير في الدنيا وسيفه على عاتقه » ... [ الحديث رقم ٦٥٩ ج‍ ٣ ].

٤ ـ ومثله حديث الإمام الحسين : « ... يظهر الله قائمنا فينتقم من الظالمين ... ». [ الحديث رقم ٧٠٤ ].

٥ ـ وقول الإمام الحسين لابنه على : « ... يا ولدي يا على والله لا يسكن دمي حتى يبعث الله المهدي فيقتل على دمي من المنافقين الكفرة الفسقة سبعين ألفا ». [ الحديث رقم ٧٠٥ ].

٦ ـ قال الإمام الحسين لمحدثه : « يا بشر ما بقاء قريش إذا قدم القائم المهدي منهم خمسمائة رجل فضرب أعناقهم صبراً ، ثم قدم خمسمانة فضرب أعناقهم صبراً ، قال بشر : فقلت له : أصلحک الله ، أيبلغون ذلك؟ فقال الحسين : أن موالي القوم منهم ... ». [ الحديث رقم ٧٠٦ ].

٧ ـ ومثله حديث الإمام الحسين : « أما والله لا تذهب الدنيا حتى يبعث الله مني رجلاً يقتل منكم الفا ومع الألف ألفاً مع الألف ألفاً قال الراوي فقلت : جعلت فداك ان هؤلاء أولاد كذا وكذا لا يبلغون هذا ، فقال : ويحك في ذلك

٢٥٩

الزمان يكن الرجل من صلبه كذا وكذا رجلاً وان مولى القوم من أنفسهم » .. [ الحديث رقم ٧٠٧ ].

ولكن لماذا قريش

بالذات؟

بطون قريش ال‍ ٢٣ هي التي وقفت وقفة رجل واحد ضد النبي ، وضد بني هاشم وضد من والاهم طوال فترة ال‍ ١٣ سنة التي سبقت الهجرة وهي التي تآمرت على قتل النبي مرات متعددة ، وحصرته وبني هاشم وقاطعتهم ثلاث سنين في شعب أبي طالب ، وهي التي استعدت عليه العرب وجيّشت الجيوش وحاربته بعدالهجرة بكل سهم ، وبكل وسائل الحرب ، ولم تتوقف بطون قريش عن القتال إلا بعد أن أَحاط بها النبي ، ودخل عاصمة الشرك ، فاستسلمت واضطرت مكرهة لإعلان اسلامها ، فسمى رسول الله ابناءها بالطلقا ، وعفى عنهم ، وبعد العفو اختلط المهاجر من بطون قريش بالطليق ، ورتبوا امر الانقلاب على الشرعية الإلهية ، ورفعوا شعار أن الهاشميين قد أخذوا النبوة ولا ينبغي لهم أن يأخذوا الملك أيضاً ، وبموجب هذا الشعار أخذت بطون قريش الأئمة الذين أختارهم الله لحكم الأمة ، ووضعت بدلاً منهم خلفاء موالين للبطون ومن أبنائها ، فكانت بطون قريش هي التي وضعت اللبنة الأولى للنظام الوضعي ، وهي أول من رفع الحكم الإلهي من الأرض ، وهي التي حلت عرى الإسلام بدءاً من الحكم وانتهاء بالصلاة والطلقاء منهم هم أول من اخترع فقه الهوى ، فهم معدن الظلم ومنبته الأول ، ومنهم انطلق كل شيء ، وبطون قريش هي التي شرعت قوانين التطريد والتشريد والتقتيل لآل محمد ، وهي التي نفذت بأيديها كل تلك الجرائم ، فأحرقت وقتلت ، وشردت وهددت ، وأذلت آل محمد ، وجرأت الناس عليهم ، وأخرتهم وهم المتقدمون ، وقدمت عليهم كل متأخر ، فتخرجت على يد أبنائها كوادر الظالمين وعتاة الطغاة ، فهل تعجب بربک ان قتل الإمام المهدي منهم ألفاً وخمسمائة أو ثلاثة آلاف!! من ذريتهم السالكين درب أبائهم وأجدادهم!! إن أبادة تلك النوعية هي الجزاء المناسب لجرائمها![ راجع كتابنا المواجهة تجد التوثيق والتفضيل ].

٢٦٠