الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: باقري
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٧٦
وُلد المترجم سنة (٢١٢) وتوفّي في نيّف وعشرين وثلاثمائة ، وأنشد سنة (٣١٠) وله (٩٨) عاماً من عمره قوله :
دنياً مغبّةُ من أثرى بها عدمُ |
|
ولذّةٌ تنقضي من بعدِها ندمُ |
وفي المنونِ لأهل اللُّبّ معتَبرٌ |
|
وفي تزوّدهم منها التقى غنمُ |
والمرءُ يسعى لفضلِ الرزق مجتهداً |
|
وماله غيرُ ما قد خطّه القلمُ |
كم خاشعٍ في عيون الناس منظرُهُ |
|
واللهُ يعلمُ منه غيرَ ما علموا |
وقال بعد أن أتت عليه مائة سنة :
حنى الدهرُ من بعد استقامته ظهري |
|
وأفضى إلى ضحضاحِ (١) غايتِهِ عمري |
ودبَّ البلى في كلّ عضو ومفصلٍ |
|
ومن ذا الذي يبقى سليماً على الدهرِ |
ومن شعره ما ذكره النويري في نهاية الأرب في فنون الأدب ، في الجزء العاشر (ص ١٢٢) من قوله في وصف البقر :
يا حبّذا مخضُها ورائبُها |
|
وحبّذا في الرجالِ صاحبُها |
عجولةٌ (٢) سمحةٌ مباركةٌ |
|
ميمونةٌ طُفّحٌ محالبُها |
تُقبِلُ للحلْبِ كلّما دُعيَتْ |
|
ورامها للحِلابِ حالبُها |
فتيّةٌ سنّها مهذّبةٌ |
|
معنَّفٌ في النديِّ عائبُها |
كأنّها لعبةٌ مزيَّنةٌ |
|
يطيرُ عُجباً بها ملاعبُها |
كأنّ ألبانَها جنى عسلٍ |
|
يلذّها في الإناءِ شاربُها |
عروس باقورةٍ (٣) إذا برزت |
|
من بين أحبالها ترائبُها كأنّها |
هضبةٌ إذا انتسبت |
|
أو بكرةٌ قد أناف غاربُها |
__________________
(١) يقال : ماء ضحضاح أي قريب القعر ، يريد أنّ عمره شارف على نهايته.
(٢) أنثى العجول وهو : ولد البقرة. (المؤلف)
(٣) الباقورة والباقور : جماعة البقر. (المؤلف)
تزهي برَوْقين (١) كاللجين إذا |
|
مسّهما بالبنان طالبُها |
لو أنّها مُهرةٌ لما عدمت |
|
من أن يضمَّ السرور راكبها |
توجد ترجمة شاعرنا (٢) في فهرست النجاشي (ص ٦٤) ، رجال شيخ الطائفة ، معالم العلماء (ص ١٩) ، معجم الأدباء (٢ / ٣) ، إيضاح الاشتباه للعلاّمة ، بغية الوعاة (ص ١٤٦) ، جامع الأقوال ، توضيح الاشتباه للساروي ، جامع الرواة ، جامع المقال للطريحي ، هداية المحدّثين المعروف بتمييز المشتركات ، منتهى المقال ، رجال الشيخ عبد اللطيف بن أبي جامع ، الشيعة وفنون الإسلام (ص ٩١) وفيه تاريخ وفاته المذكور ، تنقيح المقال (١ / ٦٨) ، أعيان الشيعة الجزء التاسع (ص ٦٧) ، التعاليق على نهاية الأرب (١٠ / ١٢٢). (٣)
__________________
(١) الرَّوْقان : مثنّى روْق ، وهو القَرْن.
(٢) رجال النجاشي : ص ٨٨ رقم ٢١٤ ، رجال الطوسي : ص ٤٤٧ رقم ٥٦ ، معالم العلماء : ص ١٤٨ ، معجم الأدباء : ٤ / ٧٢ ، إيضاح الاشتباه : ص ١٠٤ رقم ٦٩ ، بغية الوعاة : ١ / ٣٣٦ رقم ٦٤٠ ، توضيح الاشتباه للساروي : ص ٣٦ رقم ١٢٧ ، جامع الرواة : ١ / ٥٤ ، جامع المقال : ص ٥٤ و ٩٦ ، هداية المحدّثين : ص ١٥ ، منتهى المقال : ص ٩٩ ، الشيعة وفنون الإسلام : ص ١٠٩ ، أعيان الشيعة : ٣ / ٢٢.
(٣) وتوجد ترجمته أيضاً في رجال ابن داود : ص ٤٠ رقم ١٠٣ ، الوافي بالوفيات للصفدي : ٧ / ٢٥٣ ، نضد الإيضاح : ص ٣٢ ، روضات الجنات ١ / ٢١١ ، خاتمة المستدرك : ص ٥٤٩ ، هدية العارفين : ١ / ٥٧ ، نوابغ الرواة : ص ٣٦ ، الجامع في الرجال للزنجاني : ١ / ١٣١ ، معجم المؤلفين : ١ / ٣١٤ ، مستدركات علم الرجال : ١ / ٣٦٦ ، تهذيب المقال : ٣ / ٤١١ رقم ٢١٢ ، المعجم الموحّد : ١ / ٨٩ ، تاريخ التراث العربي لسزكين ـ مجلد الشعر ـ : ص ٦٣٣ (وفي الترجمة العربية : ٤ / ٢٤٤) ، الكنى والألقاب : ١ / ٢١٢ (ابن الأسود). (الطباطبائي)
١٧ ـ
المفجَّع
المتوفّى (٣٢٧)
أيّها اللاّئمي لحبّي عليّا |
|
قُمْ ذميماً إلى الجحيم خَزِيّا |
أبخيرِ الأنامِ عرّضت لا زل |
|
تَ مَذُوداً عن الهدى مَزْويّا |
أشبه الأنبياءَ كهلاً وزَوْلاً (١) |
|
وفطيماً وراضعاً وغذِيّا |
كان في علمِهِ كآدمَ إذ عُل |
|
لمَ شرحَ الأسماءِ والمكنيّا |
وكنوحٍ نجا من الهُلْك من سُ |
|
يِّرَ في الفُلْكِ إذ علا الجوديّا |
* * *
وعليٌّ لمّا دعاهُ أخوهُ |
|
سبقَ الحاضرين والبدويّا |
وله من أبيه ذي الأيدي اسما |
|
عيلَ شَبْهٌ ما كان عنّي خفيّا |
إنّه عاونَ الخليلَ على الكع |
|
بةِ إذ شادَ ركْنَها المبنيّا |
ولقد عاون الوصيُّ حبيبَ الله |
|
إذ يغسلانِ منها الصُّفيّا (٢) |
رام حَمْلَ النبيِّ كي يَقْلَعَ الأصن |
|
امَ عن سطحها المثولَ الجُثيّا |
فحناهُ ثقلُ النبوّةِ حتى |
|
كاد ينآد (٣) تحته مثنيّا |
__________________
(١) الزَّوْل : الغلام الظريف. (المؤلف)
(٢) الصُّفيّا : جمع صفاة ، وهي الحجر الصلد الضخم ، يريد بذلك الأصنام.
(٣) انآد : انحنى وناء.
القصيدة (١٦٠) بيتاً __________________ (١) هو الإمام الحسن المجتبى عليهالسلام حين اعتلى ظهر النبيّ وهو ساجد ، فأبطأ صلّي الله عليه واله وسلّم في سجوده وأمهله حتى انصرف. |
إن يكن قيل لي المفجَّع نبزاً |
|
فَلَعمْري أنا المفجَّعُ هَمّا |
ثمّ صار لقباً له حتى عند أوليائه لذلك السبب المذكور ، كما قاله النجاشي والعلاّمة ، ولبيت قاله كما في معجم الشعراء للمرزباني (٤) (ص ٤٦٤) ، وكأنّه يريد البيت المذكور.
ثمّ إنّ المصرّح به في معجمَي الشعراء والأدباء للمرزباني والحموي (٥) ، والوافي بالوفيات للصفدي (٦) : أنّ المترجَم من المكثرين من الشعر ، وذكر ابن النديم (٧) أنّ
__________________
(٣) عبيد الله في معجم الأدباء. (المؤلف)
(٤) معجم الشعراء : ص ٤٣٠.
(٥) معجم الأدباء : ١٧ / ٢٠٢.
(٦) الوافي بالوفيات : ١ / ١٣٠ رقم ٤٣.
(٧) فهرست النديم : ص ١٩٣.
مات دُهْنُ الاجرّ فاخضرّت الأر |
|
ضُ وكادت جبالُها لا تزولُ |
ويصف أشياء كثيرة فيها ، وكان يكثر عند والدي ويطيل المقام عنده ، وكنت أراه عنده وأنا صبيٌّ بالأهواز ، وله إليه مراسلات ، وله فيه مِدَح كثيرة كنت جمعتها فضاعت أيّام دخول ابن أبي ليلى الأهواز ونهب روزناماتها (٥) ، وكان منها قصيدةٌ بخطِّه عندي يقول فيها :
لو قيل للجود من مولاك قال نعم |
|
عبدُ المجيدِ المغيرةُ بنُ بشْران |
وأذكر له من قصيدة أخرى :
يا من أطال يدي إذ هاضني (٦) زمني |
|
وصرت في المصر مجفوّا ومطّرحا |
__________________
(١) رجال النجاشي : ص ٣٧٤ رقم ١٠٢١.
(٢) رجال العلاّمة : ص ١٦٠ رقم ١٤٦.
(٣) مروج الذهب : ٤ / ٣٤٢.
(٤) حكاه الحموي في معجم الأدباء عن تاريخه ، ونحن نذكره ملخّصاً. (المؤلف)
(٥) جمع (روزنامه) فارسية ، يعني : الجريدة اليومية. (المؤلف)
(٦) هاضني : كسرني.
أنقذْتَني من أناسٍ عند دينهمُ |
|
قتلُ الأديب إذا ما علمه اتّضحا |
لقي المفجّع ثعلباً وأخذ عنه وعن غيره ، وكان بينه وبين ابن دريد مهاجاة كما في فهرست ابن النديم (١) ، والوافي بالوفيات للصفدي (٢) ، ويقوّي القول ما في مروج الذهب من أنّه صاحب الباهليّ المصريّ الذي كان يناقض ابن دريد ، غير أنَّ الثعالبي ذكر في اليتيمة (٣) أنّه صاحب ابن دريد ، وقام مقامه في التأليف والإملاء ، ولعلّهما كانا في وقتين من أمد تعاصرهما.
يروي عنه أبو عبد الله الحسين بن خالويه ، وأبو القاسم الحسن بن بشير بن يحيى ، وأبو بكر الدوري. وكان ينادم ويعاشر أبا القاسم نصر بن أحمد البصري الخبز أرزي الشاعر المجيد المتوفّى (٣٢٧) ، وأبا الحسين محمد بن محمد المعروف بابن لنكك البصريّ النحويّ ، وأبا عبد الله الأكفائي الشاعر البصري.
آثاره القيّمة
١ ـ كتاب المنقذ من الإيمان. قال الصفدي في الوافي بالوفيات (ص ١٣٠) : يشبه كتاب الملاحن لابن دريد وهو أجود منه. ينقل عنه السيوطي في شرح المغني (٤) فوائد أدبيّة.
٢ ـ كتاب قصيدته في أهل البيت عليهمالسلام.
٣ ـ كتاب الترجمان في معاني الشعر. يحتوي على ثلاثة عشر حدّا وهي : حدّ الإعراب ، حدّ المديح ، حدّ البخل ، حدّ الحلم والرأي ، حدّ الهجاء ، حدّ اللغز ، حدّ المال ، حدّ الاغتراب ، حدّالمطايا ، حدّ الخطوب ، حدّ النبات ، حدّ الحيوان ، حدّ
__________________
(١) فهرست النديم : ص ٩١.
(٢) الوافي بالوفيات : ١ / ١٢٩.
(٣) يتيمة الدهر : ٢ / ٤٢٤.
(٤) شرح شواهد المغني : ٢ / ٦٣٣ رقم ٣٩٤.
للزينبيِّ على جلالةِ قدرِهِ |
|
خُلُقٌ كطَعمِ الماءِ غيرُ مُزنَّدِ (١) |
وشهامةٌ تُقصي الليوثَ إذا سطا |
|
وندىً يغرّقُ كلَّ بحرٍ مُزْبدِ |
يحتلُّ بيتاً في ذؤابةِ هاشمٍ |
|
طالتْ دعائمُهُ محلَّ الفرقدِ |
حرٌّ يروح المستميحُ ويغتدي |
|
بمواهبٍ منهُ تروحُ وتغتدي |
فإذا تحيّفَ مالَهُ إعطاؤه |
|
في يومه نَهَكَ البقيَّةَ في غدِ (٢) |
بضياءِ سنّته المكارمُ تهتدي |
|
وبجود راحتِهِ السحائبُ تقتدي |
مقدارُ ما بيني وما بينَ الغنى |
|
مقدارُ ما بيني وبين المربدِ (٣) |
وفي معجم الأدباء (٤) نقلاً عن تاريخ أبي محمد عبد الله بن بشران أنّه قال : دخل المفجّع يوماً إلى القاضي أبي القاسم عليّ بن محمد التنوخي فوجده يقرأ معاني الشعر على العبيسي ، فأنشد :
__________________
(١) أي غير بخيل ولا ضيّق الحال. (المؤلف)
(٢) تحيّف : تنقص. ونهك : أفنى. (المؤلف)
(٣) المربد : فضاء وراء البيوت يرتفق به. (المؤلف)
(٤) معجم الأدباء : ١٧ / ١٩٨ ـ ٢٠٠.
قد قَدِم العُجْبُ على الرويسِ |
|
وشارفَ الوهدُ أبا قُبَيْسِ (١) |
وطاول البَقْلُ فروعَ الميسِ |
|
وهبّت العنزُ لقرْعِ التيْسِ (٢) |
وادّعت الرومُ أباً في قيسِ |
|
واختلط الناسُ اختلاطَ الحَيْسِ (٣) |
إذْ قرأ القاضي حليفُ الكَيْسِ |
|
معانيَ الشعرِ على العبيسي |
وألقى ذلك إلى التنوخي وانصرف.
قال : ومدح أبا القاسم التنوخي فرأى منه جفاءً ، فكتب إليه :
لو أعرضَ الناسُ كلُّهمْ وأَبَوا |
|
لم يَنْقصوا رزقي الذي قُسما |
كان ودادٌ فزالَ وانصرَما |
|
وكان عهدٌ فبانَ وانهدما |
وقد صَحبنا في عصرنا أمماً |
|
وقد فَقَدْنا من قبلهمْ أمما |
فما هلكنا هزلاً ولا ساختِ ال |
|
أرضُ ولم تَقْطُرِ السماءُ دما |
في اللهِ من كُلِّ هالكٍ خلفٌ |
|
لا يرهبُ الدهرَ من به اعتصما |
حرٌّ ظننّا به الجميلَ فما |
|
حقّقَ ظنّا ولا رعى الذِّمَما |
فكان ما ذا ما كلُّ معتمدٍ |
|
عليه يرعى الوفاءَ والكرما |
غلطْتُ والناسُ يَغْلَطُون وهلْ |
|
تعرفُ خلْقاً من غَلْطَةٍ سَلِما |
من ذا إذا أُعطي السدادَ فلمْ |
|
يُعرَفْ بذنبٍ ولم يَزِلْ قَدَما |
شلّت يدي لِمْ جلستُ عن تفهٍ |
|
أكتبُ شجوي وأمتطي القلما |
يا ليتني قبلها خَرِسْتُ فَلَمْ |
|
أُعْمِلْ لِساناً ولا فتحتُ فما |
يا زلّةً ما أُقِلْتُ عثرتَها |
|
أَبقَتْ على القلبِ والحشا ألما |
من راعهُ بالهوانِ صاحبُهُ |
|
فعادَ فيهِ فنفسَهُ ظَلَما |
__________________
(١) الرويس : تصغير روس ، وهو السيء. يقال : رجل روس أي : رجل سوء. والتصغير للتحقير. الوهد : المنخفض من الأرض. (المؤلف)
(٢) الميس : نوع من الكرم. وهبّت : نشطت وأسرعت. (المؤلف)
(٣) الحيس : تمر يُخلط بسَمن وأَقْط فيعجن وربّما جعل فيه سويق فيمتزج. (المؤلف)
لنا صديقٌ مليحُ الوجدِ مقتبلٌ |
|
وليس في ودِّه نفعٌ ولا بركه |
شبّهتهُ بنهار الصيفِ يوسعُنا |
|
طولاً ويمنعُ منّا النوم والحركه |
وللمفجّع كما في شرح ابن أبي الحديد (١) قوله :
إنْ كنتُ خنتكُمُ المودّةَ غادراً |
|
أو حِلتُ عن سُنن المحبِّ الوامقِ |
فمسحتُ في قبح ابن طلحةَ إنّه |
|
ما دلّ قطُّ على كمالِ الخالقِ |
وله في معجم الأدباء (٢) ما قاله حين دامت الأمطار وقطعت عن الحركة :
يا خالقَ الخلقِ أجمعينا |
|
وواهبَ المالِ والبنينا |
ورافعَ السبعِ فوقَ سبعٍ |
|
لم يَستعنْ فيهما مُعينا |
ومن إذا قال كن لشيءٍ |
|
لم تقعِ النونُ أو يكونا |
لا تَسقنا العامَ صَوْبَ غيثٍ |
|
أكثرَ من ذا فقد روينا |
وله وقد سأل بعض أصدقائه أيضاً رقعةً وشعراً له يهنّئه في مهرجان إلى بعض فقصّر حتى مضى المهرجان ، قوله :
إنّ الكتابَ وإن تضمّن طيُّهُ |
|
كُنْهَ البلاغةِ كالفصيحِ الأخرسِ |
فإذا أعانتْهُ عنايةُ حاملٍ |
|
فجوابُهُ يأتي بنُجْحٍ مُنفسِ |
وإذا الرسولُ وَنى وقصّر عامداً |
|
كان الكتابُ صحيفةَ المتلمّسِ (٣) |
قد فاتَ يومُ المهرجانِ فذكرُهُ |
|
في الشعرِ أبردُ من سخاءِ المفلسِ |
__________________
(١) شرح نهج البلاغة : ٢٠ / ٢٠٨ حكمة ٤٧٥.
(٢) معجم الأدباء : ١٧ / ١٩٧.
(٣) مثل يُضرب للكتاب الذي يحمل الضرر. والمتلمّس شاعر جاهلي واسمه جرير بن عبد العزّى ، بعثه عمرو بن هند بكتاب مختوم الى عامله على البحرين يأمره فيه بقتله ، فتوجّس المتلمّس ممّا في الكتاب وفضّه ، فلمّا علم ما فيه ألقاه في الماء وعاد أدراجه.
إنّ شيطانَكَ في الظر |
|
فِ لشيطانٌ مَريدُ |
فلهذا أنتَ فيه |
|
تبتدي ثمّ تُعيدُ |
قد أتتْنا تحفةٌ من |
|
ـ كَ على الحسْنِ تزيدُ |
طبقٌ فيه قدودٌ |
|
ونهودٌ وخدودُ (١) |
وذكر له الوطواط في غرر الخصائص (٢) (ص ٢٧٠) قوله يستنجز به :
أيّها السيّدُ عش في غبطةٍ |
|
ما تغنّى طائرُ الأيْكِ الغَرِدْ |
ليَ وعدٌ منك لا تنكرُهُ |
|
فاقضِهِ أنجزَ حرٌّ ما وعدْ |
أنتَ أحييتَ بمبذولِ الندى |
|
سُنَنَ الجودِ وقد كان همدْ |
فإذا صالَ زمانٌ أوسطا |
|
فعلى مثلِكَ مثلي يعتمدْ |
ذكر له النويري في نهاية الأرب (٣) (ص ٧٧):
ظبيٌ إذا عَقْربَ أصداغَهُ |
|
رأيتَ ما لا يحسنُ العقربُ |
تفّاحُ خدّيه له نضرةٌ |
|
كأنّه من دمعتي يشربُ |
ولد المفجّع بالبصرة وتوفّي بها سنة (٣٢٧) كما في معجم الأدباء ، نقلاً عن تاريخ معاصره أبي محمد عبد الله بن بشران ، قال : كانت وفاته قبل وفاة والدي بأيّام يسيرة ، ومات والدي في يوم السبت لعشر خلون من شعبان سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
__________________
(١) النهود جمع النهد : الثدي ، وأراد بها الأترنج لاستدارته. وخدود : جمع خدّ ، أراد بها النارنج. (المؤلف)
(٢) غرر الخصائص : ص ٢٧٣.
(٣) نهاية الأرب : ٢ / ٩٢.