الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
فتحيضت به ثم مرّة ثانية ، فإن أيام التمييز تصير عادتها إذا اتفقت.
المطلب الثاني : في أحكامه.
وهي عشرة :
الأول : يحرم عليها ما يفتقر إلى الطهارة كالصلاة فرضاً ونفلاً ، والطواف كذلك ، ومس كتابة القرآن ، ويكره لها حمل المصحف ، ولمس هامشه ، وقد تقدم (١) البحث فيه.
ولو تطهرت لم يرتفع حدثها ، نعم يُستحب لها الوضوء عند كلّ صلاة ، والجلوس في مصلاها ذاكرة لله تعالى ، بقدر زمان صلاتها ، لقول الصادق عليهالسلام : « ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كلّ صلاة ، ثم تستقبل القبلة فتذكر الله سبحانه بقدر ما كانت تصلّي » (٢) ولا يرفع هذا الوضوء حدثا ، ولا يبيح ما شرطه الطهارة.
وهل يشترط في الفضيلة عدم الناقض غير الحيض إلى الفراغ؟ إشكال.
الثاني : يحرم عليها قراءة العزائم وأبعاضها حتى البسملة إذا نوت أنها منها دون غيرها ، بل يُكره لها ما عداها ، لأنّها عبادة ذات سجود ، فاشترطت لها الطهارة من الحدث الاكبر كالصلاة ، وقول الباقر عليهالسلام وقد سئل الحائض والجنب يقرآن شيء ئا؟ قال : « نعم ما شاءا إلّا السجدة » (٣).
وقال الشافعي : تحرم قراءة القرآن مطلقاًً (٤) ، وله قول آخر : أنّه مكروه (٥) وكره علي عليهالسلام لها قراءة القرآن ، وبه قال الحسن البصري ،
____________
١ ـ تقدم في مسألة ٧١.
٢ ـ الكافي ٣ : ١٠١ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٥٩ / ٤٥٥.
٣ ـ التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٢ ، الاستبصار ١ : ١١٥ / ٣٨٤.
٤ ـ المجموع ٢ : ١٥٨ و ٣٥٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٣ ، الوجيز ١ : ٢٨ ، مغني المحتاج ١ : ٧٢ ، المغني ١ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤١.
٥ ـ المغني ١ : ١٦٥ ، المجموع ٢ : ٣٥٦ وفيه القول بالجواز.
والنخعي ، والزهري ، وقتادة (١) ، ولم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، وسوغ لها القراءة مطلقاًً سعيد بن المسيب ، وداود ، وابن المنذر ، ومالك (٢) ، وقد تقدم (٣).
فروع :
أ ـ لا يكره لها شيء من الأذكار ، لقول الباقر عليهالسلام : « ويذكران الله على كلّ حال » (٤).
ب ـ يكره لها قراءة المنسوخ حكمه خاصة دون المنسوخ تلاوته ، وكذايحرم المس.
ج ـ لو نذرت قراءة العزائم في وقت ، فاتفق حيضها فيه لم يجز لها قراءتها ، وفي وجوب القضاء إشكال ، ينشأ من أنها عبادة موقتة ، فلا تجب في غيره كقضاء الصلاة ، ومن استلزام نذر المعين المطلق.
الثالث : الصوم ، فلا يصح منها فرضا ولا نفلا ، فهو مانع من صحته دون وجوبه ، والتحقيق المنع منه ، والقضاء تابع لثبوت سببه دونه.
وفي الصلاة تمنع منهما بلا خلاف بين العلماء ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( أليست إحداكن إذا حاضت لا تصوم ولا تصلّي ) (٥).
____________
١ ـ المغني ١ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠.
٢ ـ المجموع ٢ : ١٥٨ و ٣٥٧ ، المغني ١ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٣ ، بداية المجتهد ١ : ٤٩ ، الشرح الصغير ١ : ٦٧ و ٨١.
٣ ـ تقدم في المسألة : ٦٨.
٤ ـ التهذيب ١ : ١٢٩ / ٣٥٢ ، الاستبصار ١ : ١١٥ / ٣٨٤ ، علل الشرائع : ٢٨٨ باب ٢١٠.
٥ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٣ ، سنن البيهقي ١ : ٣٠٨.
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام وقد سئل عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس : « تفطر » (١).
الرابع : الاستيطان في المساجد ، ذهب إليه علماؤنا ، ولا أعرف فيه مخالفاً ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب ) (٢).
ومن طريق الخاصة قول الباقر عليهالسلام : « إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلىاللهعليهوآله فأصابته جنابة ، فليتيمم ، ولا يمرّ في المسجد إلّا متيمما ، حتى يخرج منه ويغتسل ، وكذلك الحائض تفعل كذلك ، ولا بأس أن يمرا في سائر المساجد ، ولا يجلسان فيها » (٣).
فروع :
أ ـ يكره الاجتياز في المساجد مع أمن التلويث ، وهو أحد وجهي الشافعي والآخر : التحريم (٤) ، الا المسجدين فإنه يحرم كما قلنا في الجنابة.
ب ـ لا بأس لها أن تأخذ شيئاً من المساجد ، ويحرم عليها الوضع ، لأنّ حدثها أعظم من الجنابة ، وسأل زرارة الباقر عليهالسلام كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا تضع فيه؟ فقال : « إنّ الحائض تستطيع أن تضع ما في يدها في غيره ، ولا تستطيع أن تأخذ ما فيه إلّا منه » (٥).
____________
١ ـ التهذيب ١ : ٣٩٣ / ١٢١٥ ، الاستبصار ١ : ١٤٥ / ٤٩٨.
٢ ـ سنن ابي داود ١ : ٦٠ / ٢٣٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢١٢ / ٦٤٥.
٣ ـ الكافي ٣ : ٧٣ / ١٤.
٤ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤١٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٨ ، الوجيز ١ : ٢٥ ، المغني ١ : ١٦٦.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٠٦ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٣.
ج ـ لو حاضت في أحد المسجدين ففي افتقارها إلى التيمم في خروجها منه إشكال ، وأوجبه ابن الجنيد (١) ، وبه رواية مرسلة سلفت (٢).
الخامس : الجماع ، وقد أجمع علماء الإسلام على تحريمه في قبل الحائض ، لقوله تعالى : ( فاعتزلوا النساء في المحيض ) (٣) وعلى إباحة الاستمتاع بما فوق السرة وتحت الركبة ، واختلفوا في مواضع :
أ ـ الاستمتاع بما بين السرة والركبة غير القُبل ، فالمشهور عندنا الإباحة وتركه أفضل ، وبه قال الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، ومحمد بن الحسن ، وأبو إسحاق المروزي ، وابن المنذر ، وروي أيضاً عن النخعي ، والشعبي (٤) ، عملاً بالأصل ، ولقوله عليهالسلام : ( إصنعوا كلّ شيء غير النكاح ) (٥).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام وقد سئل عما لصاحب المرأة الحائض منها : « كلّ شيء عدا القبل بعينه » (٦).
وقال السيد المرتضى بالتحريم (٧) ، وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف (٨) ، لقول عائشة : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يباشر
____________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٩.
٢ ـ سلفت آنفا في الحكم الرابع من أحكام الحيض.
٣ ـ البقرة : ٢٢٢.
٤ ـ المجموع ٢ : ٣٦٦ ، المغني ١ : ٣٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٦٧ ، شرح النووي ـ لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٥ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٧ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٧.
٥ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٢١١ / ٦٤٤ ، سنن ابي داود ١ : ٦٧ / ٢٥٨ ، سنن النسائي ١ : ١٥٢ و ١٨٧.
٦ ـ الكافي ٥ : ٥٣٨ / ١ ، التهذيب ١ : ١٥٤ / ٤٣٧ ، الاستبصار ١ : ١٢٨ / ٤٣٨.
٧ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٩.
٨ ـ المجموع ٢ : ٣٦٥ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٦٦ ،
نساءه فوق الازار وهن حيض (١). ولا دلالة فيه.
ب ـ المشهور كراهة الوطء قبلا بعد انقطاع الدم قبل الغُسل ، وبه قال أبو حنيفة إنّ انقطع لأكثر الحيض ، وإن انقطع قبله قال : لا يحل حتى تغتسل ، أو يمضي عليها وقت صلاة كامل (٢) ، لقوله تعالى : ( حتى يطهرن ) (٣) بالتخفيف.
وقوله : ( والذين هم لفروجهم حافظون إلّا على أزواجهم ) (٤) مقتضاه إباحة الاستمتاع مطلقاًً ترك العمل به في زمان الحيض لوجود المانع ، فيبقى ما عداه على الجواز.
وسئل الكاظم عليهالسلام عن الحائض ترى الطُهر أيقع عليها زوجها قبل أن تغتسل؟ فقال : « لا بأس وبعد الغُسل أحب إلي » (٥).
وقال الصدوق : لا يجوز حتى تغتسل (٦) ، وبه قال الزهري ، وربيعة ، والليث ، ومالك ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور (٧) ،
____________
المغني ١ : ٣٨٤ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٠ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٥ ، المحلى ٢ : ١٧٦ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٧ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٧.
١ ـ صحيح البخاري ١ : ٨٢ و ٨٣ ، صحيح مسلم ١ : ٢٤٢ / ٢٩٣ ، سنن الترمذي ١ : ٢٣٩ / ١٣٢ ، سنن النسائي ١ : ١٥١ و ١٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٨ / ٦٣٥ و ٦٣٦.
٢ ـ شرح فتح القدير ١ : ١٥٠ ـ ١٥١ ، المجموع ٢ : ٣٧٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٢ ، المغني ١ : ٣٨٧ ، الشرح الكبير ١ : ٣٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٥٧ ـ ٥٨ ، المحلى ٢ : ١٧٣ ، التفسير الكبير ٦ : ٧٢ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٦ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٨ ـ ٨٩ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ٣٤٨.
٣ ـ البقرة : ٢٢٢.
٤ ـ المؤمنون : ٥ و ٦ ، المعارج : ٢٩ و ٣٠.
٥ ـ الكافي ٥ : ٥٣٩ ـ ٥٤٠ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٦٧ / ٤٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣٦ / ٤٦٨.
٦ ـ الفقيه ١ : ٥٣ ، الهداية : ٢٢.
٧ ـ الاُم ١ : ٥٩ ، المجموع ٢ : ٣٧٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩ ، الشرح الصغير ١ : ٨١ ، بداية المجتهد ١ : ٥٧ ، مغني المحتاج ١ : ١١٠ ، المغني ١ : ٣٨٧ ، الشرح
لقوله تعالى : ( فإذا تطهَّرن فأتوهُنَّ مِنْ حيثُ أمركُم الله ) (١). ولا دلالة فيه إلا من حيث المفهوم.
وقال داود : إذا غسلت فرجها حلّ وطؤها ، فإن وطأها لم يكن عليه شيء (٢).
وقال قتادة والأوزاعي : عليه نصف دينار (٣). وليس بجيد لأنّ الكفارة تتعلق بالوطئ للحائض.
ج ـ لو وطأها قبلا جاهلا بالحيض ، أو الحكم لم يكن عليه شيء ، وكذا إن كان ناسياً ، وهو أحد وجهي أحمد ، وفي الآخر : يجب على الجاهل والناسي للعموم (٤) ، ويبطل بقوله عليهالسلام : ( عفي لأمتي عن الخطأوالنسيان ) (٥).
وإن كان عالماً بهما فقولان ، أكثر علمائنا على وجوب الكفارة (٦) ، وبه قال الحسن البصري ، وعطاء الخراساني ، وأحمد ، والشافعي في القديم (٧) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( من أتى امرأة حائضاً فليتصدق
____________
الكبير ١ : ٣٤٩ ، المحلى ٢ : ١٧٣ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٨ ، تفسير الكبير ٦ : ٧٣ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٦.
١ ـ البقرة : ٢٢٢.
٢ ـ المجموع ٢ : ٣٧٠ ، حلية العلماء ١ : ٢١٦.
٣ ـ المغني ١ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥١.
٤ ـ المغني ١ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥١.
٥ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٦٥٩ / ٢٠٤٣ و ٢٠٤٥ نحوه.
٦ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٧ ، والشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٢٢٥. مسألة ١٩٤ ، وابن إدريس في السرائر : ٨.
٧ ـ المجموع ٢ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٠ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٤ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٧.
بدينار ، ومن أتاها وقد أدبر الدم عنها ولم تغتسل فليتصدق بنصف دينار ) (١).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « يتصدق إذا كان في أوّله بدينار ، وفي أوسطه بنصف دينار ، وفي آخره بربع دينار » (٢).
وقال الشيخ في النهاية بالاستحباب (٣) ، وبه قال الشافعي في الجديد ، ومالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي (٤) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( من أتى كاهنا فصدقه بما يقوله ، أو أتى امرأة في دبرها ، أو حائضاً ، فقد بريء مما جاء به محمد ) (٥) ، ولم يذكر الكفارة.
ومن طريق الخاصة رواية عيص قال : سألت أبا عبد الله الصادق عليهالسلام عن رجل واقع امرأته وهي طامث ، قال : « لا يلتمس فعل ذلك ، قد نهى الله عنه » قلت : إنّ فعل فعليه كفارة؟ قال : « لا أعلم فيه شيئاً يستغفر الله » (٦) وللأصل ، وهو الأقوى عندي.
د ـ المشهور عندنا في قدر الكفارة ما روي عن الصادق عليهالسلام : « دينار في أوّله ، ونصفه في أوسطه ، وربعه في آخره » (٧).
____________
١ ـ سنن الترمذي ١ : ٢٤٥ / ١٣٧ ، كنز العمال ١٦ : ٣٥٢ / ٤٤٨٨٤ نقلاً عن الطبراني ، سنن البيهقي ١ : ٣١٤ نحوه.
٢ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧١ ، الاستبصار : ١٣٤ / ٤٥٩.
٣ ـ النهاية : ٢٦.
٤ ـ المجموع ٢ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩ ، مغني المحتاج ١ : ١١٠ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٧ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٦٦. المغني ١ : ٣٨٥ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٤.
٥ ـ سنن الترمذي ١ : ٢٤٢ / ١٣٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٩ / ٦٣٩ ، سنن الدارمي ١ : ٢٥٩ مسندأحمد ٢ : ٤٠٨ و ٤٧٦.
٦ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧٢ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٦٠.
٧ ـ التهذيب ١ : ١٦٤ / ٤٧١ ، الاستبصار ١ : ١٣٤ / ٤٥٩.
وقال الصدوق : يتصدق على مسكين بقدر شبعه (١) ، وقال الشافعي : في إقبال الدم دينار ، وفي إدباره نصفه (٢) وقال أحمد : هو مخير بين الدينار ونصفه (٣) ، وقال الحسن البصري ، وعطاء الخراساني : يجب فيه كفارة الفطر في رمضان (٤).
فروع :
أ ـ لو غلبته الشهوة بعد الانقطاع قبل الغُسل أمرها بغسل فرجها ثم وطأها ، لقول الباقر عليهالسلام : « إنّ أصابه شبق فليأمرها بغسل فرجها ثم يمسها إنّ شاء » (٥).
ب ـ لو وطأ الحائض مستحلاً كفر ، ومحرماً يفسق ويعزر.
ج ـ إذا أخبرته بالحيض ، فإن كانت ثقة وجب عليه الامتناع لقوله تعالى : ( ولا يحل لهن أنْ يكتمن ما خلق الله في أرحامهن ) (٦) ومنع الكتمان يقتضي وجوب القبول منهن.
وإن كان يتهمها بقصد منع حقه ، لم يجب الامتناع ما لم يتحقق.
د ـ لو كرر الوطء ، فأقوى الاقوال تعدد الكفارة وجوباً أو استحباباً ، على الخلاف إن اختلف الزمان ، أو كفر عن الأول ، وإلّا فلا عملاً بالأصل.
__________________
١ ـ المقنع : ١٦.
٢ ـ المجموع ٢ : ٣٥٩ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٢ ، الوجيز ١ : ٢٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩.
٣ ـ المغني ١ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥١ ، المجموع ٢ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢٤ ، مسائل أحمد : ٢٦ ، بداية المجتهد ١ : ٥٩ ، المحلى ٢ : ١٨٧ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٧ ، تفسير البحرالمحيط ٢ : ١٦٨.
٤ ـ المجموع ٢ : ٣٦١ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٦٦ ، المحلى ٢ : ١٨٧ ، سبل السلام ١ : ١٧١ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٣٤.
٥ ـ الكافي ٥ : ٥٣٩ / ١ ، التهذيب ١ : ١٦٦ / ٤٧٧ ، الاستبصار ١ : ١٣٥ / ٤٦٣.
٦ ـ البقرة : ٢٢٨.
هـ ـ الأول والوسط والاخير بحسب عدد أيام عادتها ، فاليوم الأول وثلث الثاني أول الاربعة ، وثلث الثاني وثلثا الثالث الأوسط ، والباقي الأخير.
و ـ لو لم تجد الماء بعد الانقطاع جاز الوطء قبل الغُسل ، ولا يشترط التيمم ، وقال الشافعي : إذا تيممت حلّ وطؤها (١). وقال مكحول : لا يجوز وطؤها حتى تغتسل، ولا يكفي التيمم للآية (٢) ، وقال ابن القاسم : لا توطأ بالتيمم ، لأنّه بالملاقاة ينتقض(٣). وقال أبو حنيفة : لا يحل وطؤها حتى تصلّي به ، لأنّه لا يرفع الحدث فيلحقه الفسخ ما لم تصلّ به فلا يستبيح به الوطء (٤).
فلو تيممت ثم أحدثت حدثا ، قال الشافعي : لا يحرم وطؤها ، لأنّه لايبطل التيمم القائم مقام الغُسل ، وإنّما يوجب التيمم عنه (٥).
واذا صلّت بالتيمم صلاة الفرض ففي تحريم وطئها عنده وجهان : التحريم بناءا على أن التيمم إنّما يستباح به فريضه واحدة ، وإذا صلّت به لم يحل لها فعل الفريضة ، ولا يلزم الحدث ، لأنّه مانع من الصلاة ، وهنا التيمم لم يبح إلّا فريضة واحدة.
وعدمه لأنّ التيمم القائم مقام الغُسل باق ، ولهذا يجوز لها صلاة النافلة (٦). وهذه الاصول عندنا فاسدة.
__________________
١ ـ الاُم ١ : ٥٩ ، المجموع ٢ : ٣٦٨ و ٣٧٠ ، فتح العزيز ٢ : ٤٢١ ـ ٤٢٢ ، مغني المحتاج ١ : ١١١ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٨.
٢ ـ مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ٩٦ ، حلية العلماء ١ : ٢١٦ ، والآية ٢٢٢ من سورة البقرة.
٣ ـ المدونة الكبرى ١ : ٤٨ ـ ٤٩.
٤ ـ حلية العلماء ١ : ٢١٧.
٥ ـ المجموع ٢ : ٣٦٨.
٦ ـ المجموع ٢ : ٣٦٨.
ز ـ لو وطئ الصبي لم يجب عليه شيء ، وقال بعض الحنابلة : يجب للعموم (١) ، وقياسا على الإحرام (٢). وهو خطأ لأنّ أحكام التكليف ساقطةعنه.
ح ـ لا كفارة على المرأة لعدم النص ، وقال أحمد : يجب لأنّه وطء يوجب الكفارة (٣).
السادس : يحرم طلاقها مع الدخول ، وحضور الزوج ، وانتفاء الحائل والحبل بإجماع العلماء ، فإن طلق لم يقع عندنا ، خلافاً للجمهور ، وسيأتي.
السابع : يجب عليها الغُسل عند الانقطاع لتأدية العبادات المشروطة بالطهارة بإجماع علماء الامصار ، وهو شرط في صحة الصلاة إجماعاً ، وفي الطواف عندنا خلافاً لأبي حنيفة (٤).
وهل هو شرط في صحة الصوم ، بحيث لو أخلت به ليلا حتى أصبحت بطل صومها؟ الأقرب ذلك لعدم قصوره عن الجنابة.
ولقول الصادق عليهالسلام : « إن طهرت بليل من حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم » (٥).
وبدن الحائض طاهر عند علمائنا كبدن الجنب ، وهو قول أكثر الجمهور (٦) ، لقوله عليهالسلام : ( ليست حيضتك في يدك ) (٧).
____________
١ ـ سنن ابن ماجة ١ : ٢١٠ / ٦٤٠ ، سنن أبي داود ١ : ٦٩ / ٢٦٤.
٢ ـ المغني ١ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥١.
٣ ـ المغني ١ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٣٥٢.
٤ ـ المغني ٣ : ٣٩٧ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٠٩.
٥ ـ التهذيب ١ : ٢٩٣ / ١٢١٣.
٦ ـ المجموع ٢ : ١٥٠ ، المغني ١ : ٢٤٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٠.
٧ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٤٥ / ٢٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٧ / ٦٣٢ ، سنن أبي داود ١ : ٦٨ / ١٦١ ،
وقال أبو يوسف : بدن الحائض والجنب نجس (١).
الثامن : يجب عليها قضاء الصوم دون الصلاه بالإجماع ، وقالت عائشة : كنا نحيض على عهد رسول الله صلىاللهعليهوآله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة (٢).
ومن طريق الخاصة قول الباقر عليهالسلام في الحائض : « ليس عليها أن تقضي الصلاة وعليها أن تقضي صوم شهر رمضان » (٣) ولأن الصلاة متكررة فيلزم الحرج بقضائها دون الصوم.
التاسع : يحرم عليها سجود التلاوة لو سمعت العزائم عندالشيخ (٤) ـ وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد وأكثر الجمهور (٥) ـ لقوله عليهالسلام : ( لا يقبل الله صلاة بغير طهور ) (٦) فيدخل في عمومه السجود ، ولأنّه سجود فيشترط فيه الطهارة كسجود السهو.
وسجود الصلاة ليس كسجود التلاوة ، سلّمنا ، لكن لا يلزم من الوجوب في الصلاة الوجوب في أجزائها ، والفرق بينه وبين سجود السهو كون المأتي جزءاً من الصلاة إنّ سلّمنا الحكم فيه.
____________
سنن النسائي ١ : ١٤٦ و ١٩٢ ، سنن الترمذي ١ : ٢٤١ ـ ٢٤٢ / ١٣٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢٤٨ ، مسند أحمد ٢ : ٧٠ ، سنن البيهقي ـ ١ : ١٨٩ ، معرفة السنن والآثار ١ : ٤٤١.
١ ـ شرح العناية ١ : ٩٤ ـ ٩٥ ، المجموع ٢ : ١٥١ ، المغني ١ : ٢٤٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٦٢.
٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٦٥ / ٦٩ ، سنن ابي داود : ٦٨ / ٢٦٢ و ٦٩ / ٢٦٣ ، سنن الترمذي ١ : ٢٣٤ / ١٣٠.
٣ ـ الكافي ٣ : ١٠٤ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٦٠ / ٤٥٩.
٤ ـ النهاية : ٢٥.
٥ ـ المجموع ٢ : ٣٦٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢١٧ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ١٣٢ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٦٨ ، المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.
٦ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٠٤ / ٢٢٤ ، سنن النسائي ١ : ٨٧ ـ ٨٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٠٠ / ٢٧١ ـ٢٧٤ ، سنن الدارمي ١ : ١٧٥ ، مسند أحمد ٢ : ٢٠ و ٥١ و ٧٣.
وقال بعض علمائنا بجوازه (١) وهو المعتمد ، لإطلاق الأمر بالسجود ، واشتراط الطهارة ينافيه ، ولقول الصادق عليهالسلام : « إذا قرئ شيء من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء وإن كنت جنباً وإن كانت المرأة لا تصلّي ، وسائر القرآن أنت فيه بالخيار إنّ شئت سجدت وإن شئت لم تسجد » (٢).
اذا ثبت هذا فإن السجود هنا واجب إذا تلت أو استمعت ، إذ جوازه يستلزم وجوبه ، أما السامع ففي الايجاب عليه نظر ، أقربه العدم ، لأنّ الصادق عليهالسلام سئل عن رجل سمع السجدة قال : « لا يسجد إلّا أن يكون منصتاً لقراءته مستمعاً » (٣) ومراده إسقاط الوجوب لا استحباب السجود ، بل يستحب سواء كان من العزائم أو لا.
وهل يمنع منه الحائض والجنب؟ روايتان : المنع اختاره في النهاية (٤) ، لأنّ أبا عبد الله عليهالسلام سئل عن الحائض تقرأ القرآن وتسجد السجدة ، إذا سمعت السجدة؟ فقال : « تقرأ ولا تسجد » (٥) ، والجوازاختاره في المبسوط (٦) لما تقدم في الرواية (٧).
وقال عثمان بن عفان في الحائض تسمع السجدة : تومئ برأسها ، وبه قال سعيد بن المسيب (٨) ، وعن الشعبي : يسجد حيث كان وجهه (٩).
__________________
١ ـ هو المحقق في المعتبر : ٦٠.
٢ ـ الكافي ٣ : ٣١٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٧١.
٣ ـ الكافي ٣ : ٣١٨ / ٣ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٦٩.
٤ ـ النهاية : ٢٥.
٥ ـ التهذيب ٢ : ٢٩٢ / ١١٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٢٠ / ١١٩٣.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.
٧ ـ الكافي ٣ : ٣١٨ / ٢ ، التهذيب ٢ : ٢٩١ / ١١٧١.
٨ ـ المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.
٩ ـ المغني ١ : ٦٨٥ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.
تذنيب : لو سمع السجود وهو على غير طهارة لم يلزمه الوضوء ولا التيمم ـ وبه قال أحمد (١) ـ لأنّا قد بيّنا أن الطهارة ليست شرطاً.
واحتج أحمد بأنها تتعلق بسبب فإذا فات لم يسجد ، كما لو قرأ سجدة في الصلاة فلم يسجد لم يسجد بعدها.
وقال النخعي : يتيمم ويسجد ، وعنه : يتوضأ ويسجد ، وبه قال الثوري وإسحاق وأصحاب الرأي (٢).
قال أحمد : فإذا توضأ لم يسجد لأنّه فات سببها (٣).
ولا يتيمم لها مع وجود الماء ، لأنّ شرطه فقدان الماء ، وإن كان عادماً للماء فتيمم فله أن يسجد إذا لم يطل ، لأنّه لم يفت سببها ولم يفت محلهابخلاف الوضوء.
العاشر : يكره لها الخضاب ، ذهب إليه علماؤنا أجمع لقول الصادق عليهالسلام : « لا تختضب الحائض ولا الجنب » (٤) ، وليس للتحريم ، لأنّ أبا إبراهيم عليهالسلام سئل تختضب المرأة وهي طامث؟ فقال : نعم (٥).
ولا بأس أن تكون مختضبة ثم يجيئها الحيض ، بأن تختضب قبل عادتها.
مسألة ٨٥ : إذا حاضت بعد دخول الوقت وأهملت الصلاة مع القدرة
____________
١ ـ المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.
٢ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٣.
٣ ـ المغني ١ : ٦٨٦ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٤.
٤ ـ التهذيب ١ : ١٨٢ / ٥٢١ ، الاستبصار ١ : ١١٦ / ٣٨٨.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٠٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٨٢ / ٥٢٣.
واتساع الوقت لها وللطهارة وجب عليها القضاء ، وإن كان قبل ذلك لم يجب.
وإن طهرت في أثناء الوقت ، فإن بقي مقدار الطهارة وأداء ركعة وجب الأداء ، فإن لم تفعل وجب القضاء ، وإن كان أقل لم يجب بل يستحب ، وسيأتي البحث في ذلك إنّ شاء الله تعالى.
مسألة ٨٦ : وغسل الحائض كغسل الجنابة ، تبدأ بالرأس ثم بالجانب الأيمن ثم الأيسر ، ويكفي الارتماس ، نعم لا بدّ فيه من الوضوء ، سئل الصادق عليهالسلام عن الحائض عليها غسل مثل غسل الجنابة؟ قال : « نعم » (١).
ويجب فيه النيّة لأنّه عبادة فيفتقر فيه إلى النيّة واستدامة حكمها ، ولاتجب الموالاة ، بل الترتيب.
ويجب استيعاب الجسد بما يسمى غسلاً ، لقول الباقر عليهالسلام : « الحائض ما بلغ بلل الماء من شعرها أجزأه » (٢) ويستحب فيه المضمضة والاستنشاق.
فروع :
أ ـ لا تجب نيّة السبب ، بل تكفي نيّة رفع الحدث أو الاستباحة ، ولا فرق بين أن تقدم الوضوء أو تؤخره ، خلافاً لبعض علمائنا ، حيث أوجب نيّة الاستباحة في المتأخر(٣).
ب ـ لو اجتمع الحيض والجنابة لم يجز لها الغُسل إلّا بعد انقطاع دم
__________________
١ ـ التهذيب ١ : ١٠٦ / ٢٧٤ ، الاستبصار ١ : ٩٨ / ٣١٧.
٢ ـ الكافي ٣ : ٨٢ / ٤ ، التهذيب ١ : ٤٠٠ / ١٢٤٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٨ / ٥٠٨.
٣ ـ هو ابن ادريس في السرائر : ٢٩.
الحيض ، لا للجنابة ولا للحيض فإذا انقطع اغتسلت فإن نوت رفع حدث الجنابة ارتفع الحدثان ، وإن نوت رفع حدث الحيض ، فإن ضمت الوضوء احتمل رفع حدث الجنابة أيضاً ، لتسويغ الصلاة عندهما ، وعدمه لقصور غسل الحيض عن رفعه ، وإن نوت رفع الحدث مطلقاًً فالأقرب الاجزأ من غير وضوء.
ج ـ عرق الحائض طاهر إذا لم يُلاق النجاسة ، وكذا المائعات التي تباشرها ، لأنّ الصادق عليهالسلام سئل عن الحائض تناول الرجل الماء؟ فقال : « كان نساء النبيّ صلىاللهعليهوآله تسكب عليه الماء وهي حائض » (١). وسئل الصادق عليهالسلام عن الحائض تعرق في ثيابها أتصلي فيها قبل أن تغسلها؟ فقال : « نعم لا بأس به » (٢).
مسألة ٨٧ : ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم في عادتها بإجماع العلماء فإن المعتاد كالمتيقن ، وسئل الصادق عليهالسلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها ، قال : « لا تصلّي حتى تنقضي أيامها » (٣).
أما المبتدأة والمضطربة ففيهما قولان ، قال الشيخ في المبسوط : أول ما ترى المرأة الدم ينبغي أن تترك الصلاة والصوم ، فإن استمر ثلاثة قطعت بأنه حيض ، وان انقطع قبل الثلاثة فليس بحيض ، وتقضي ما تركته من صلاة وصيام (٤) ، لقول الصادق عليهالسلام : « أي ساعة رأت الصائمة الدم تفطر » (٥) وبه قال الشافعي (٦).
____________
١ ـ الكافي ٣ : ١١٠ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٧ / ١٢٣٨.
٢ ـ التهذيب ١ : ٢٦٩ / ٧٩٣ ، الاستبصار ١ : ١٨٦ / ٦٤٩.
٣ ـ الكافي ٣ : ٧٨ / ١ ، التهذيب ١ : ٣٩٦ / ١٢٣٠.
٤ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٤٢.
٥ ـ التهذيب ١ : ٣٩٤ / ١٢١٨ ، الاستبصار ١ : ١٤٦ / ٤٩٩.
٦ ـ الوجيز ١ : ٢٦ ، فتح العزيز ٢ : ٤٥٦.
وقال المرتضى في المصباح : الجارية التي يبدأ بها الحيض ولا عادة لها لا تترك الصلاة حتى تستمر ثلاثة أيام (١) ، وهو أقوى ، احتياطاًً للعبادة الثابتة في الذمة بيقين ، ولم يحصل يقين المسقط ، والحديث نقول بموجبه ، فإنه محمول على ذات العادة ، إذ المراد بالدم هو دم الحيض ، ولا تعلم أنّه حيض إلّا في العادة ، وهو قول آخر للشافعي (٢).
مسألة ٨٨ : ذهب علماؤنا إلى أن المرأة تستظهر بعد عادتها ـ وبه قال مالك (٣) ـ لقول الباقر عليهالسلام في الحائض : « إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوماً أو يومين ، ثم تمسك قطنة فانصبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كلّ صلاتين بغسل ، ويصيب منها زوجها إنّ أحب ، وحلت لها الصلاة » (٤) وعن الرضا عليهالسلام قال : « الحائض تستظهر بيوم أو يومين أو ثلاثة » (٥).
وقال الشافعي : اذا مضى زمان حيضها فعليها أن تغتسل في الحال (٦) ، ولا يجوز لها ان تتوقف زماناً تطلب فيه ظهور حالها ويتحقق طهرها إذ لو كانت تتوقف لتوقفت إلى أن يتمّ لها مدة اكثر الحيض ، كالمبتدأة إذا استمر بها الدم ، ولمّا لم يجز لها أن تنتظر تمام المدة ثبت أن الانتظار غير جائز. والملازمة ممنوعة لغلبة الظن بزيادة الحيض يوماً أو يومين ، على أنّا نمنع بطلان اللازم على مذهب المرتضى ، وسيأتي.
__________________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٦.
٢ ـ فتح العزيز ٢ : ٤٥٦.
٣ ـ بُلغة السالك ١ : ٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ٥٢ ، حلية العلماء ١ : ٢٢٥.
٤ ـ المعتبر : ٥٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٤.
٦ ـ المجموع ٢ : ٥٤٣.
فروع :
أ ـ الاستظهار إنّما يكون مع وجود الدم ، فإذا انقطع أدخلت المرأة قطنة ، فإن خرجت ملوثة بالدم فهي بعد حائض ، وإن خرجت نقية فقدطهرت ، تغتسل وتُصلّي من غير استظهار.
ب ـ إنّما يكون الاستظهار لو قلت العادة من العشرة ، أما اذا كانت العشرة فلا استظهار ، إذ لا حيض بعدها.
ج ـ يشترط في الاستظهار أن لا يزيد عن أكثر الحيض ، فلو كانت عادتها تسعة لم تستظهر بيومين ، بل بيوم واحد.
د ـ اختلف علماؤنا في قدر الاستظهار ، قال الشيخ في النهاية : تستظهر بيوم أو يومين ، وبه قال ابن بابويه والمفيد (١) ، وفي الجمل : تصبر حتى تنقى (٢).
وقال المرتضى : تستظهر عند استمرار الدم إلى عشرة أيام ، فإن استمر عملت ما تعمله المستحاضة (٣).
والأول أقرب ، لما تقدم من قول الباقر عليهالسلام : « فلتقعد عن الصلاة يوماً أو يومين » (٤) وقال الرضا عليهالسلام : « الحائض تستظهر بيوم أو يومين » (٥).
واحتجاج المرتضى بقول الصادق عليهالسلام : « ان كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة » (٦) ضعيف السند.
__________________
١ ـ النهاية : ٢٤ ، أحكام النساء للمفيد : ٧ ، المقنع : ١٦ وفيه : استظهرت بثلاثة أيام.
٢ ـ الجمل والعقود للطوسي : ١٦٣.
٣ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٥٧.
٤ ـ هو المحقق في المعتبر : ٥٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٧١ / ٤٨٩ ، الاستبصار ١ : ١٤٩ / ٥١٤.
٦ ـ التهذيب ١ : ١٧٢ / ٤٩٣ ، الاستبصار ١ : ١٥٠ / ٥١٧.
هـ ـ ظاهر كلام الشيخ والمرتضى (١) أن الاستظهار على سبيل الوجوب ، إذ المقتضي كونها أيام الحيض فتحرم العبادة ، ويحتمل الاستحباب ، والمقتضي احتمال الحيض ، ولقول الصادق عليهالسلام : « المستحاضة إذا مضت أيام أقرائها اغتسلت واحتشت وتوضأت وصلّت » (٢).
و ـ إذا انقطع الدم لدون عشرة فعليها الاستبراء بالقطنة ـ ولا يجب لو انقطع للعشره لأنّها مدة الحيض ـ فإن خرجت نقية اغتسلت ، وإن كانت متلطخة ، فإن كانت مبتدأة صبرت حتى تنقى ، أو تمضي عشرة أيام.
وذات العادة تغتسل بعد يوم أو يومين كما تقدم لقول الباقر عليهاالسلام : « فإن خرج الدم لم تطهر ، وإن لم يخرج فقد طهرت » (٣) فإن استمر إلى العاشر وانقطع قضت ما فعلته من الصيام لتحقق انه صادف أيام الحيض ، وإن تجاوز أجزأها ما فعلته لأنّه صادف أيام الطهر.
ز ـ لو رأت الدم ثلاثة أيام ثم انقطع فهو دم حيض لحصول شرائطه ، فإن رأت قبل العاشر وانقطع عليه فالجميع حيض ، وكذا أيام النقاء المتخللة بين الدمين ، إذ لا يكون الطُهر أقل من عشرة أيام ، ولو تجاوز العشرة فهي مستحاضة وسيأتي حكمها ، ولو تأخر بمقدار عشرة أيام ثم جاء الدم كان الأول حيضاً منفردا ، والثاني يمكن أن يكون حيضاً مستأنفاً ان استمر ثلاثة فمازاد إلى العاشر ثم انقطع فهو حيض ، وإن قصر عن ثلاثة فليس بحيض.
__________________
١ ـ النهاية : ٢٤ ، وأما قول المرتضى فحكاه المحقق في المعتبر : ٥٧.
٢ ـ التهذيب ١ : ٤٠٢ / ١٢٥٨.
٣ ـ التهذيب ١ : ١٦١ / ٤٦٢ وفيه عن الامام الصادق عليهالسلام.
الفصل الثالث : في المستحاضة
وفيه مطلبان :
الأول : في أحكامها.
مسألة ٨٩ : دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد رقيق ، لقول الصادق عليهالسلام : « إنّ دم الحيض حار عبيط أسود له دفع ، ودم الاستحاضة أصفر بارد » (١) وقد يتفق الأصفر حيضاً كما لو وجد في أيام الحيض ، وكذا قد يوجد دم الاستحاضة أسوداً حاراً عبيطاً إذا كان بعد أيام الحيض ، وأكثر أيام النفاس ، وبعد اليأس ، لما تقدم من أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض وفي أيام الطُهر طهر.
مسألة ٩٠ : دم الاستحاضة إن كان قليلاً ـ وهو أن يظهر على القطنة كرؤوس الابر ولا يغمسها ـ وجب عليها تغيير القطنة والوضوء لكلّ صلاة ، ذهب إليه أكثر علمائنا (٢) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله في المستحاضة : ( تدع الصلاة أيام أقرائها ، ثم تغتسل ، وتصوم وتُصلّي ، وتتوضأ عند كلّ صلاة ) (٣).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام عن المستحاضة : « وان
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٩١ / ١ ، التهذيب ١ : ١٥١ / ٤٢٩.
٢ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٧ ، والسيد المرتضى في الناصريات : ٢٤٤ مسألة ٤٥ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٦٧.
٣ ـ سنن الدارمي ١ : ٢٠٢ ، سنن الترمذي ١ : ٢٢٠ / ١٢٦.
كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ، ودخلت المسجد ، وصلّت كلّ صلاة بوضوء » (١) وأما القطنة فلأنّها نجسة يمكن الاحتراز منها فوجب.
قال الشيخ : وتغيير الخرقة (٢) ، وفيه نظر ، إذ لا موجب له لعدم وصول الدم إليها.
وقال ابن أبي عقيل منّا : لا يجب في هذه الحالة وضوء ولا غسل (٣) ، وبه قال مالك (٤).
وقال أبو حنيفة : تتوضأ لوقت كلّ صلاة (٥) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( المستحاضة تتوضأ لوقت كلّ صلاة ) (٦) وروايتنا أرجح لأنّها مفسرة لا إجمال فيها.
وقال الشافعي في أحد قوليه : يجب على المستحاضة الغُسل لكلّ صلاة من غير وضوء (٧) ، ورواه الجمهور عن علي عليهالسلام ، وابن عمر ، وابن عباس وابن الزبير (٨) ، لأنّ ام حبيبة استحيضت فسألت النبيّ صلّى الله
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٨٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٧ / ٢٧٧.
٢ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٦٧.
٣ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٦٤.
٤ ـ بداية المجتهد ١ : ٦٠ ، تفسير القرطبي ٣ : ٨٥ ، المحلى ١ : ٢٥٣ ، المجموع ٢ : ٥٣٥ ، المغني ١ : ٣٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٣٨٩ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٧٧.
٥ ـ المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٢ ، شرح العناية ١ : ١٥٩ ، اللباب ١ : ٤٦ ، سبل السلام ١ : ٩٩ ، المحلى ١ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٢ : ٤٣٧.
٦ ـ اُنظر سنن البيهقي ١ : ٣٤٤ ، سنن الترمذي ١ : ٢١٨ / ١٢٥.
٧ ـ المغني ١ : ٤٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٣٩٩.
٨ ـ المغني ١ : ٤٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٣٩٩ ، المجموع ٢ : ٥٣٦ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٧٧ ، شرح النووي لصحيح مسلم ٢ : ٣٩٠ ، واُنظر سنن الدارمي ١ : ٢٢٠ و ٢٢١ و ٢٢٤.