الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
شهوة ، وبه قال الأوزاعي (١).
وقال مالك : لا غسل عليه ، سواء خرج بعد البول أو قبله ، لأنّه قد اغتسل منه فلا يجب عليه أن يغتسل منه مرّة اُخرى (٢) ـ وعنه في الوضوء روايتان (٣) ـ وهو مذهب أبي يوسف ومحمد وإسحاق (٤). وهو غلط لما بيّنا من عدم اعتبار الشهوة ، ولو تقطّر من بوله قطرة أعاد الوضوء.
وأما إن لم يعلم أنّه مني ، فإن خرج بعد البول لم يجب الغُسل ، ووجب الوضوء ، لأنّ الظاهر أنّه من بقايا البول ، وإن كان قد استبرأ بالبول بعده ، أو اجتهد قبل البول ، واستبرأ فلا شيء ولا وضوء ولا غسل.
ب ـ لو شك في أنّه أنزل أم لا فلا غسل عليه ، ولو شك في أن الخارج مني اعتبره بالصفات ، واللذة ، وفتور الجسد ، لأنّها من الصفات اللازمة في الغالب ، فمع الاشتباه يستند إليها لقول الكاظم عليهالسلام : « وإن لم يجد شهوة ولا فترة به فلا بأس » (٥).
ج ـ لا يشترط في المريض الدفق ، وتكفي الشهوة وفتور الجسد ،
__________________
الدارمي ١ : ١٩٤ ، سنن الترمذي ١ : ١٨٦ ، ذيل الحديث ١١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٩/ ٦٠٧ ، سنن أبي داود ١ : ٥٦ / ٢١٧.
١ ـ اللباب ١ : ١٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، شرح فتح القدير ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٢ : ١٢٦ ، المغني ١ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٤.
٢ ـ المغني ١ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٤ ، الشرح الصغير ١ : ٦١ ، الجموع ٢ : ١٣٩ ، فتح العزيز ٢ : ١٢٥ ، المحلى ٢ : ٧.
٣ ـ حلية العلماء ١ : ١٧٢.
٤ ـ المغني ١ : ٢٣٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٤ ، المجموع ٢ : ١٣٩ ، حلية العلماء ١ : ١٧١.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٢٠ / ٣١٧ ، الاستبصار ١ : ١٠٤ / ٣٤٢.
لقصور قوته لقول الصادق عليهالسلام : « لأنّ الرجل إذا كان صحيحاً جاء الماء بدفقة قوية ، وإن كان مريضاً لم يجئ إلّا بعد » (١).
د ـ لو شك هل أنزل أم لا لم يجب عليه الغسل.
هـ ـ إذا انتقل الماء إلى الذكر ولم يظهر ، لم يجب الغُسل حتى يظهر ـ وبه قال الشافعي (٢) ـ لقوله عليهالسلام لعلي عليهالسلام : ( إذا فضخت الماء فاغتسل ) (٣) ، والفضخ : الظهور (٤) ، ولأن ما يتعلق به الطهارة يعتبر ظهوره كسائر الأحداث.
وقال أحمد : يجب قبل الظهور لأنّ المعتبر الشهوة وقد حصلت بانتقاله (٥) ، والمقدمتان ممنوعتان ، فإن كمالها بظهوره.
و ـ إذا أنزلت المرأة وجب عليها الغُسل ، لأنّ ام سليم امرأة أبي طلحة قالت : يا رسول الله إنّ الله لا يستحي من الحق ، هل على المرأة من غسل إذا هي احتلمت؟ فقال : ( نعم إذا رأت الماء ) (٦).
ز ـ لو خرج المني من ثقبة في الذكر أو الانثيين أو الصلب وجب الغسل.
ح ـ لو استدخلت المرأة منيّ الرجل ثم خرج لم يجب عليها الغُسل ، لقول الصادق عليهالسلام وقد سئل عن المرأة تغتسل من الجنابة ثم ترى نطفة
__________________
١ ـ التهذيب : ٣٦٩ / ١١٢٤ ، الاستبصار ١ : ١١٠ / ٣٦٥ ، الكافي ٣ : ٤٨ / ٤.
٢ ـ المجموع ٢ : ١٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ٧٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٤.
٣ ـ مسند أحمد ١ : ١٠٩ ، سنن النسائي ١ : ١١١ ، سن ابي داود ١ : ٥٣ / ٢٠٦.
٤ ـ اُنظر الفائق ٣ : ١٢٤ ، النهاية لابن الاثير ٣ : ٤٥٣ ، مادة « فضخ ».
٥ ـ المغني ١ : ٢٣١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٣ ، المجموع ٢ : ١٤٠.
٦ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٥١ / ٣١٣ ، صحيح البخاري ١ : ٤٤ ، سنن النسائي ١ : ١١٤ ، سنن الترمذي ١ : ٢٠٩ / ١٢٢ ، الموطأ ١ : ٥١ / ٨٥.
الرجل بعد ذلك هل عليها غسل؟ قال : « لا » (١).
ولا يجب أيضاً الوضوء عند علمائنا ، خلافاً للشافعي (٢).
وكذا لو وطأها فيما دون الفرج فدب ماؤه إلى فرجها ثم خرج بعد أن اغتسلت ، أو وطأها في الفرج ثم خرج بعد غسلها ، وبه قال قتادة والأوزاعي وإسحاق والشافعي وأحمد (٣).
وقال الحسن : تغتسل ، لأنّه مني خارج فأشبه ماءها (٤).
مسألة ٦٥ : لو احتلم أنّه جامع وأمنى ، ثم استيقظ ولم ير شئيا لم يجب الغُسل إجماعاً ، لأنّ الصادق عليهالسلام سئل عنه فقال : « ليس عليه الغُسل » (٥).
ولو رأى المني على جسده أو ثوبه وجب الغُسل إجماعاً لأنّه منه ، وإن لم يذكر الاحتلام ، لأنّ الصادق عليهالسلام سئل عن الرجل يرى في ثوبه المني بعدما يصبح ، ولم يكن رأى في منامه أنّه قد احتلم ، قال : « فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته » (٦).
فروع :
أ ـ لو استيقظ فرأى بللاً لا يعلم أنّه مني ، فلا غسل ، وإن احتلم بالجماع على إشكال ، لأنّ الطهارة متيقنة والحدث مشكوك.
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٤٩ / ٣ ، التهذيب ١ : ١٤٦ / ٤١٣.
٢ ـ المجموع ٢ : ١٥١.
٣ ـ المحلى ٢ : ٧ ، المجموع ٢ : ١٥١ ، المغني ١ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٢.
٤ ـ المحلى ٢ : ٧ ، المجموع ٢ : ١٥١ ، المغني ١ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٢.
٥ ـ الكافي ٣ : ٤٨ / ١ ، التهذيب ١ : ١٢٠ / ٣١٦ ، الاستبصار ١ : ١٠٩ / ٣٦٢.
٦ ـ التهذيب ١ : ٣٦٨ / ١١١٨ ، الاستبصار ١ : ١١١ / ٣٦٧.
ب ـ لو رأى في ثوبه المختص منياً وجب عليه الغُسل ، وإن كان قد نزعه ، ما لم يشك في أنّه منيّ آدمي ، ويعيد من آخر نومة فيه إلّا مع ظن السبق ، وقال الشيخ : من آخر غسل رفع به الحدث (١) ، والوجه استحبابه من الوقت الذي يتيقن أنّه لم يكن منه.
ج ـ لو كان مشتركا لم يجب على أحدهما الغُسل ، بل يستحب ، ولا يحرم على أحدهما ما يحرم على الجنب ، ولاحدهما أن يأتم بصاحبه لأنّها جنابة سقط اعتبارها في نظر الشرع ، وقيل : تبطل صلاة المؤتم ، لأنّ الجنابة لا تعدوهما (٢).
السبب الثاني : الجماع ، ويجب به الغُسل بالإجماع ، بشرط التقاءالختانين إن كان في القبل ، بمعنى المحاذاة ، إلّا ما روي عن داود أنّه قال : لا يجب (٣) ، لأنّ أبا سعيد الخدري روى عن النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( من جامع ولم يمن فلا غسل عليه ) (٤) ، وفي بعض الالفاظ : ( من أقحط فلم يكمل فلا غسل عليه ) (٥). وأقحط معناه : لم ينزل الماء : مأخوذ من القحط ، وهو انقطاع القطر (٦) ، وهو محكي عن أبي ، وزيد ، ومعاذ بن جبل ، وأبي سعيد الخدري ، ثم رجعوا (٧).
والحديث منسوخ ، فإن أبي بن كعب قال : إنّ ذلك رخصة رخص فيها
____________
١ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٨.
٢ ـ القائل هو المحقق في المعتبر : ٤٧.
٣ ـ المجموع ٢ : ١٣٦ ، المغني ١ : ٢٣٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٦.
٤ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٦٩ / ٣٤٣ ، مسند أبي يعلى ٢ : ٤٣٢ / ٢٦٢ ، ورد مؤداه فيهما.
٥ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٧٠ / ٣٤٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٩ / ٦٠٦ ، مسند أحمد ٣ : ٢١ ، ٢٦ ، ٩٤ ، سنن البيهقي ١ : ١٦٥ ، مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ٨٩ ، ورد مؤداه في المصادر المذكورة.
٦ ـ النهاية لابن الاثير ٤ : ١٧ « قحط ».
٧ ـ الكفاية ١ : ٥٦ ، المجموع ٢ : ١٣٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٨ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٤٧ ، المحلى ٢ : ٤.
رسول الله صلىاللهعليهوآله أول الإسلام ثم أمر بالاغتسال بعد (١) ، وقال عليهالسلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع وألصق الختان بالختان فقد وجب الغُسل ) (٢) ، أراد شعبتي رجليها وشعبتي شفريها ، والإلصاق : المقاربة.
ومن طريق الخاصة قول الباقر عليهالسلام قال : « قال علي عليهالسلام : أتوجبون الجلد والرجم ، ولا توجبون صاعا من ماء؟! إذا التقى الختانان وجب الغُسل » (٣).
مسألة ٦٦ : ودبر المرأة كالقبل ، وقاله السيد المرتضى (٤) وجماعة من علمائنا (٥) ، والجمهور (٦) ، لقوله تعالى : ( أو لمستُم النساء ) (٧) ، ووجوب البدل يستلزم وجوب المبدل ، ولأنّه فرج ومحل الشهوة ، ولقول علي عليهالسلام : « أتوجبون الجلد والرجم ولا توجبون صاعاً من ماءً » (٨) ووجود العلة يستلزم المعلول.
وعن أحدهما عليهماالسلام : « إذا أدخله فقد وجب الغُسل والمهر والرجم » (٩) وادعى المرتضى الاجماع (١٠).
__________________
١ ـ سنن أبي داود ١ : ٥٥ / ٢١٤ ، ٢١٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٠ / ٦٠٩.
٢ ـ سنن أبي داود ١ : ٥٦ / ٢١٦ ، صحيح البخاري ١ : ٨٠ ، سنن النسائي ١ : ١١٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٠ / ٦١٠.
٣ ـ التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤.
٤ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٤٨.
٥ ـ منهم ابن ادريس في السرائر : ١٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٥ ، والمحقق في المعتبر : ٤٨.
٦ ـ المجموع ٢ : ١٣٢ ، المغني ١ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٧ ، الكفاية ١ : ٥٦ ، شرح العناية ١ : ٥٦ ، شرح فتح القدير ١ : ٥٦ ، الهداية للأنصاري : ٣٨.
٧ ـ المائدة : ٦.
٨ ـ التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤.
٩ ـ التهذيب ١ : ١١٨ / ٣١٠ ، الاستبصار ١ : ١٠٨ / ٣٥٨.
١٠ ـ حكاه عنه المصنف ايضاً في المختلف ١ : ٣١.
وقال الشيخ : لا يجب ، ما لم ينزل (١) عملاً بالأصل ، ولأن المقتضي التقاء الختانين ، أو الإنزال ، وهما منفيّان.
والأصل يترك للمعارض ، وحصر السبب ممنوع.
مسألة ٦٧ : وفي دبر الغلام قولان ، أحدهما : الوجوب ـ وهو قول الشافعي وأحمد (٢) ـ قاله المرتضى (٣) ، لقول علي عليهالسلام : « أتوجبون عليه الجلد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء؟! » (٤) والمعلول تابع ، ولأن الدليل قائم في دبر المرأة ، فكذا الغلام لعدم الفارق.
والثاني : العدم إلّا مع الإنزال ، والمعتمد الاول.
أما فرج البهيمة فقال الشيخ : لا نصّ فيه فلا غسل لعدم الدليل (٥) ، وبه قال أبو حنيفة (٦) ، لأنّه غير مقصود فأشبه إيلاج الاصبع.
وقال الشافعي وأحمد : يجب الغُسل (٧) ، لقوله عليهالسلام : ( إذا قعد بين شعبها الأربع ) (٨) ولأنّه مكلف أولج الحشفة منه في الفرج ، فوجب
____________
١ ـ الاستبصار ١ : ١١٢ ذيل الحديث ٣٧٣.
٢ ـ المجموع ٢ : ١٣٢ ، مغني المحتاج ١ : ٦٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٣ ، السراج الوهاج : ٢٠ ، المغني ١ : ٢٣٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥.
٣ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٤٨.
٤ ـ التهذيب ١ : ١١٩ / ٣١٤.
٥ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٨ ، الخلاف ١ : ١١٧ مسألة ٥٩.
٦ ـ الهداية للمرغيناني ١ : ١٧ ، شرح العناية ١ : ٥٦ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٦ ، المجموع ٢ : ١٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ١١٧ ، الوجيز ١ : ١٧ ، المغني ١ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥.
٧ ـ المجموع ٢ : ١٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ١١٧ ، مغني المحتاج ١ : ٦٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٣ ، الوجيز ١ : ١٧ ، المغني ١ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥ ، الاُم ١ : ٣٧.
٨ ـ سنن أبي داود ١ : ٥٦ / ٢١٦ ، سنن النسائي ١ : ١١٠ ـ ١١١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٠٠ / ٦١٠ ، مسند أحمد ٢ : ٥٢٠ ، صحيح البخاري ١ : ٨٠ ، صحيح مسلم ١ : ٢٧١ / ٣٤٨.
الغسل كقُبل المرأة.
فروع :
أ ـ لا يعتبر في الإيلاج الشهوة ولا الإنزال بالإجماع ، فلو أولج في فرج العجوز الشوهاء وجب الغسل.
ب ـ لا فرق بين الفاعل والمفعول في وجوب الغُسل ، سواء كان الموطوء ذكراً أو أنثى.
ج ـ لو أولج في فرج الميت وجب الغُسل ، وبه قال الشافعي وأحمد (١) للعموم.
وقال أبو حنيفة : لا يجب لأنّه غير مقصود (٢) ، وينتقض بالعجوزة الشوهاء.
د ـ لو أولج بعض الحشفة لم يجب شيء حتى يولج جميعها.
هـ ـ كيف حصل الإيلاج وجب الغُسل ، فلو أدخلت فرجه في فرجها وهو نائم لا يعلم وجب عليهما الغُسل ، وبالعكس.
و ـ لو أولج فيما دون القُبل والدبر لم يجب الغُسل إلّا مع الإنزال ، كالسرة وشبهها إجماعا.
ز ـ لو أولج رجل في فرج خنثى مشكل ، فإن أولج في دبره وجب الغُسل ، وإن أولج في قبله ، قال بعض علمائنا : لم يجب (٣) ـ وبه قال
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٣٢ ، فتح العزيز ٢ : ١١٧ ، الوجيز ١ : ١٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٣ ، الاُم ١ : ٣٧ ، مغني المحتاج ١ : ٦٩ ، المغني ١ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥.
٢ ـ شرح فتح القدير ١ : ٥٦ ، عمدة القارئ ٣ : ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، الوجيز ١ : ١٧ ، المجموع ٢ : ١٣٦ ، فتح العزيز ٢ : ١١٧ ، المغني ١ : ٢٣٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٣٥.
٣ ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : ٤٨.
الشافعي (١) ـ لجواز أن يكون رجلاً ويكون ذلك عضواً زائداً من البدن ، ولو قيل بالوجوب كان وجهاً لقوله عليهالسلام : ( إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ) (٢) ، ولوجوب الحد به.
فلو أولجت هذه الخنثى في فرج امرأة ، قال بعض علمائنا والشافعي : وجب الغُسل على الخنثى خاصة (٣) ، لأنّه إن كان رجلاً فقد أولج في فرج امرأة ، وإن كان امرأة فقد أولج الرجل في فرجها.
ولو أولج الخنثى في فرج امرأة فلا شيء على الخنثى لاحتمال أن يكون زائدا ، ويحتمل الوجوب للعموم (٤).
وقال الشافعي : يجب على المرأة الوضوء لخروج خارج من فرجها (٥) ، ويحتمل عندي الغسل.
ولو أولج الخنثى في دبر الغلام فالأقرب عندي الغُسل عليهما ، وقيل : لاشئ على الخنثى لاحتمال أن يكون امرأة (٦) ، وقال الشافعي : يجب على الغلام الوضوء بخروج شيء من دبره (٧).
ولو أولج خنثى في فرج خنثى فعلى ما قيل لا شيء عليهما ، لاحتمال ان يكونا رجلين.
ح ـ ولو أولج الصبي في الصبية تعلق بهما حكم الجنابة على إشكال
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٥١ ، فتح العزيز ٢ : ١٢١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٦.
٢ ـ مسند أحمد ٦ : ٢٣٩ ، سنن البيهقي ١ : ١٦٣.
٣ ـ المجموع ٢ : ٥١ ، فتح العزيز ٢ : ١٢١.
٤ ـ اشار بذلك إلى حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد ٦ : ٢٣٩ ، وسنن البيهقي ١ : ١٦٣.
٥ ـ فتح العزيز ٢ : ١٢١.
٦ ـ القائل هو المحقق في المعتبر : ٤٨.
٧ ـ المجموع ٢ : ٥١ ، فتح العزيز ٢ : ١٢١ ، مغني المحتاج ١ : ٦٩.
فيمنعان من المساجد ، وقراءة العزائم ، ومس كتابة القرآن ، ويجب عليهما الغُسل بعد البلوغ ، وفي الاكتفاء بالغسل الأول عنه إشكال ، أقربه ذلك.
ولو أولج الصبي في البالغة ، أو البالغ في الصبية تعلق الحكم بالبالغ قطعاً ، وبالصبي على إشكال.
ط ـ لو أولج مقطوع الحشفة فأقوى الاحتمالات الوجوب لو غيب قدرها أو جميع الباقي ، وبهما قال الشافعي (١) ، والسقوط.
ي ـ لو لفّ خرقة على ذكره وأولج وجب الغُسل للعموم (٢) ، وهو أحد وجوه الشافعية ، والعدم ، والفرق بين اللينة والخشنة (٣).
يا ـ لو استدخلت ذكراً مقطوعاً فوجهان كالشافعية (٤) ، وكذا ذكر الميت والبهم.
ولو استدخلت ماءً الرجل فلا غسل ولا وضوء وإن خرج ، وعند الشافعية يجب الوضوء لو خرج (٥).
المطلب الثاني : في الغسل
وفيه بحثان :
الأول : في واجباته : وهي أربعة :
الأول : النيّة ، وقد تقدمت وهي شرط ، ويستحب إيقاعها عند غسل
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، فتح العزيز ٢ : ١١٦ ـ ١١٧.
٢ ـ أشار إلى عموم حديث : إذا التقى الختانان فقد وجب الغُسل ، راجع مسند أحمد ٦ : ٢٣٩ ، سنن البيهقي ١ : ١٦٣.
٣ ـ المجموع ٢ : ١٣٤ ، فتح العزيز ٢ : ١١٨ ـ ١١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٦٩.
٤ ـ المجموع ٢ : ١٣٣ ، مغني المحتاج ١ : ٧١.
٥ ـ المجموع ٢ : ١٥١.
الكفين لأنّه أول أفعال الطهارة ، وتتضيق عند غسل الرأس ، فلو شرع فيه قبل فعلها وجب الاستئناف بعده ، ويجب استدامتها حكماً دفعا لمشقة الاستحضار دائما.
ولا بدّ من نيّة غسل الجنابة ، أو رفع الحدث وإن أطلق ، لأنّ الحدث هو المانع من الصلاة ، وهو أظهر وجهي الشافعي (١) ، فإن نوى رفع الاصغر متعمّداً لم يصح غسله ، وهو أظهر وجهي الشافعي (٢) ، وكذا إنّ سهى ، وللشافعي في رفع الحدث عن أعضاء الوضوء وجهان (٣).
ولو نوت الحائض استباحة الوطء صحّ الغُسل ، وللشافعي وجهان (٤).
الثاني : غسل البشرة بما يسمى غسلاً بالإجماع والنص (٥) ، فالدهن إنّ تحقق معه الجريان أجزأ وإلّا فلا ، لأنّ علياً عليهالسلام كان يقول : « الغُسل من الجنابة والوضوء يجزي منه ما أجزأ مثل الدهن الذي يبل الجسد » (٦) فشرط الجريان.
الثالث : إجراء الماء على جميع ظاهر البدن والرأس واصول الشعر كلّه ، خف أو كثف ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( تحت كلّ شعرة جنابة ، فبلّوا الشعر وأنقوا البشرة ) (٧) ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه
____________
١ ـ المجموع ١ : ٣٢٢ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٤ ، مغني المحتاج ١ : ٧٢ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٣.
٢ ـ كفاية الأخيار ١ : ٢٤ ، المجموع ١ : ٣٣٢ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٣ ، مغني المحتاج ١ : ٧٢.
٣ ـ المجموع ١ : ٣٢٢ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٤.
٤ ـ المجموع ١ : ٣٢٣ ، فتح العزيز ٢ : ١٦٣ ـ ١٦٤.
٥ ـ اُنظر على سبيل المثال : التهذيب ١ : ١٣١ / ٣٦٢ وما بعدها ، والاستبصار ١ : ١١٨ / ٣٩٨ و ١٢٣ / ٤١٩.
٦ ـ التهذيب ١ : ١٣٨ / ٣٨٥ ، الاستبصار ١ : ١٢٢ / ٤١٤.
٧ ـ سنن أبي داود ١ : ٦٥ / ٢٤٨ ، سنن الترمذي ١ : ١٧٨ / ١٠٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٩٦ / ٥٩٧.
السلام : من ترك شعرة من الجنابة متعمّداً فهو في النار (١).
ولو لم يصل إلّا بالتخليل وجب ، ومن عليه خاتم ضيّق ، أو دملج ، أو سير وجب إيصال الماء إلى ما تحته ، إمّا بالتحريك أو النزع ، ولو كان يصل الماء استحب تحريكه والتخليل ، ويغسل ظاهر اذنيه وباطنهما ، ولا يدخل الماء فيما بطن من صماخه ، ولا يجب غسل باطن الفم والانف ، ولا غيرهما.
الرابع : الترتيب ، يبدأ برأسه ، ثم جانبه الأيمن ، ثم الأيسر ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، إلّا المرتمس وشبهه لأنّ عائشة قالت : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله يخلّل شعره ، فإذا ظن أنّه أروى بشرته أفاض عليه الماء ثلاث مرات ، ثم غسل سائر جسده (٢) ، وعن ميمونة ، وساقت الحديث ... حتى أفاض عليهالسلام على رأسه ثم غسل جسده (٣). فيجب اتّباعه.
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام وقد سأله زرارة كيف يغتسل الجنب؟ إلى أن قال : « ثم صب على رأسه ثلاث أكف ، ثم صب على منكبه الأيمن مرتين ، وعلى منكبه الأيسر مرتين » (٤) وتقديم الرأس يوجب تقديم الأيمن لعدم الفارق ، ولأن المأتي به بياناً إن كان غير مرتب وجب ، وليس كذلك بالإجماع فتعين الترتيب ، وقال الجمهور : لا يجب (٥) بالأصل.
____________
١ ـ التهذيب ١ : ١٣٥ / ٣٧٣.
٢ ـ صحيح البخاري ١ : ٧٦ ، سنن النسائي ١ : ٢٠٥ ، سنن البيهقي ١ : ١٧٥.
٣ ـ صحيح البخاري ١ : ٧٧ ، سنن الترمذي ١ : ١٧٤ / ١٠٣ ، سنن البيهقي ١ : ١٧٧ ، سنن النسائي ١ : ١٣٧.
٤ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ٣.
٥ ـ المجموع ٢ : ١٩٧ ، المغني ١ : ٢٥٢ ـ ٢٥٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٩ ، الشرح الصغير ١ : ٦٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٧ ـ ١٨ و ٣٤.
فروع :
الأول : يسقط الترتيب عن المرتمس دفعة واحدة ، لقول الصادق عليهالسلام : « إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك عن غسله » (١).
وقال بعض علمائنا : يرتّب حكماً (٢).
الثاني : قال المفيد : لا ينبغي أن يرتمس في الراكد ، فإنه إن كان قليلاً أفسده (٣). وليس بجيد لما بيّنا من بقاء الطهورية بعد الاستعمال.
الثالث : لو وقف تحت الغيث حتى بل جسده طهر مع الجريان وإن لم يرتّب ـ خلافاً لبعض علمائنا (٤) ـ لقول الكاظم عليهالسلام وقد سئل أيجزي الجنب أن يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده ، وهو يقدر على ما سوى ذلك؟ : « إن كان يغسله اغتساله بالماء أجزأه ذلك » (٥) وكذا البحث في الميزاب وشبهه.
البحث الثاني : في مسنوناته
وهي :
الأول : الاستبراء بالبول للمنزل الذكر ، فإن تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثاً ، ومنه إلى رأسه ثلاثاً ، وينتره ثلاثاً ، وعصر رأس
__________________
١ ـ الكافي ٣ : ٤٣ / ٥ ، التهذيب ١ ، ١٤٩ / ٤٢٣ ، الاستبصار ١ : ١٢٥ / ٤٢٤.
٢ ـ وهو سلار كما في المراسم : ٤٢ ، وهذا اختيار الشيخ في الاستبصار ١ : ١٢٥ ذيل الحديث ٤٢٤ ، والمصنف في المختلف : ٣٢.
٣ ـ المقنعة : ٦.
٤ ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : ٤٩.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٤٩ / ٤٢٤ ، الاستبصار ١ : ١٢٥ / ٤٢٥ ، الفقيه ١ : ١٤ / ٢٧ ، قرب الاسناد : ٨٥.
الحشفة ، وليس واجباً عند أكثر علمائنا (١) ، للأصل ، ولقوله تعالى : ( فاطّهّروا ) (٢) عقَّبَ به القيام ، وأذن في الدخول بعد الاغتسال ، وقال الشيخ بالوجوب (٣).
فروع :
أ ـ لا استبراء بالجماع من غير إنزال ، ولا على المرأة لاختلاف المخرجين.
ب ـ لو أخل بالاستبراء ، فإن لم يجد بللاً صحّ غسله ولا شيء ، وإن وجد بللاً فإن علمه منيا ، أو اشتبه وجب إعادة الغُسل دون الصلاة السابقة على الوجدان ، وإن علمه غير مني فلا شيء.
ج ـ لو استبرأ بالبول ولم يستبرئ منه ثم وجد البلل ، فإن علمه منيا أعاد الغُسل خاصة ، وإن اشتبه فالوضوء ، وكذا إنّ اشتبه بالبول.
ولو استبرأ منهما ثم وجد المشتبه ، فلا غسل ، ولا وضوء لقول الصادق عليهالسلام : « إنّه من الحبائل » (٤).
الثاني : غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما الإناء.
الثالث : المضمضة والاستنشاق ثلاثاً ثلاثا ، وقد تقدم.
الرابع : إمرار اليد على الجسد ، وليس واجباً ، ذهب إليه علماؤنا
__________________
١ ـ منهم السيد المرتضى في الناصريات : ٢٢٤ المسألة ٣٩ ، والمحقق الحلّي في المعتبر : ٤٩ وابن إدريس في السرائر : ٢١.
٢ ـ المائدة : ٦.
٣ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٩.
٤ ـ الفقيه ١ : ٤٧ / ١٠.
أجمع ، والشافعي وأكثر العلماء (١) ، للأصل ، ولقوله عليهالسلام لام سلمة وقد سألته عن غسل الجنابة : ( إنّما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماءً ثم تفيضي الماء على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت ) (٢).
وقال مالك والمزني : إمرار اليد إلى حيث تنال واجب (٣) ، لقوله تعالى : ( حتى تغتسلوا ) (٤) ولا يقال : اغتسل إلّا من دلك جسده ، ولأن ّالتيمم يجب فيه إمرار اليد ، فكذا الغسل.
ويبطل بقولهم : غسل الإناء وإن لم يمرّ اليد ، وكذا غسل يده ، والتراب يتعذر إمراره إلّا باليد ، ولأنّ المسح يتوقف عليه ، نعم لو لم يصل الماء إلا بالامرار وجب.
وكذا تخليل الاُذنين إن لم يصبهما الماء.
الخامس : الغُسل بصاع ، وليس واجباً للامتثال لو حصل بدونه ، ولقول الباقر عليهالسلام : « الجنب ما جرى عليه الماء من جسده ... » (٥) وقال أبو حنيفة : يجب (٦) وقد تقدم.
السادس : لا يجب غسل المسترسل من الشعر ، ويستحب عملاً بالأصل ، ويجب غسل اصوله في جميع الرأس والبدن.
__________________
١ ـ المغني ١ : ٢٥١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٧ ، المجموع ٢ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٢ : ١٨٥ ، كفايةالاخيار ١ : ٢٦ ، مغني المحتاج ١ : ٧٤ ، عمدة القارئ ٣ : ١٩٢ ، المحلى ٢ : ٣٠.
٢ ـ سنن أبي داود ١ : ٦٥ / ٢٥١ ، سنن إبن ماجة ١ : ١٩٨ / ٦٠٣ ، سنن الترمذي ١ : ١٧٦ / ١٠٥.
٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٤٤ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٤٥ ، عمدة القارئ ٣ : ١٩٢ ، المجموع ٢ : ١٨٥ ، فتح العزيز ٢ : ١٨٥ ، بُلغة السالك ١ : ٤٣ ، والشرح الصغير ١ : ٤٣.
٤ ـ النساء : ٤٣.
٥ ـ الكافي ٣ : ٢١ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٣٧ / ٣٨٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٣ / ٤١٦.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٤٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٥ ، فتح العزيز ٢ : ١٩١ ، المغني ١ : ٢٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٥٦.
وقال الشافعي : يجب غسل المسترسل (١).
السابع : ينبغي أن يبدأ أولاً بغسل النجاسة عن بدنه ، فلو غسل رأسه قبله صحّ ، وهل يكفي غسلها عن غسل محلّها؟ إشكال ، وللشافعي فيه وجهان (٢).
المطلب الثالث : في الاحكام
مسألة ٦٨ : يحرم على الجنب قراءة الغزائم ، وهي أربع سور : سجدة لقمان ، وحم السجدة ، والنجم ، واقرأ باسم ربك ، دون ما عداها ، ويكره ما زاد على سبع آيات من غيرها ، ويتأكد ما زاد على سبعين.
أما تحريم العزائم فإجماع أهل البيت عليهمالسلام عليه ، ولقول الباقر عليهالسلام : « الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثياب ويقرآن من القرآن ما شاءآ إلّا السجدة » (٣).
وأما تسويغ غيرها فلقوله تعالى : ( فاقرؤا ما تيسر منه ) (٤) ، وللأصل ، ولقول الصادق عليهالسلام ، وقد سئل أتقرأ النفساء والجنب والحائض شيئا من القرآن؟ : « يقرؤون ما شاؤا » (٥).
والجمهور لم يفرقوا بين العزائم وغيرها ، ثم اختلفوا ، فقال الشافعي :
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٨٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥ ، مغني المحتاج ١ : ٧٣ ، الاُم ١ : ٤٠ ، السراج الوهاج : ٢١.
٢ ـ المجموع ٢ : ١٩٩ ، مغني المحتاج ١ : ٧٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٥ ، السراج الوهاج ١ : ٢٢ ، فتح العزيز ٢ : ١٧١.
٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧١ / ١١٣٢.
٤ ـ المزمل : ٢٠.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٢٨ / ٣٤٨.
الجنب والحائض لا يجوز لهما قراءة شيء من القرآن (١) ، لأنّ علياً عليهالسلام قال : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلّا الجنابة » (٢) وحكى ابن المنذر عن أبي ثور أنّه حكى عن الشافعي جواز أن تقرأ الحائض (٣).
وروي كراهة القراءة عن علي عليهالسلام ، وعمر ، والحسن البصري ، والنخعي ، والزهري ، وقتادة (٤) ، لأنّ عبد الله بن رواحة رأته امرأته مع جاريته فذهبت لتأخذ سكيناً ، فقال : ما رأيتني أليس نهى رسول الله صلىاللهعليهوآله أن يقرأ أحدنا وهو جنب؟ فقالت : إقرأ ، فقال :
شهدت بأنّ وعد الله حق |
|
وأنّ النار مثوى الكافرينا |
وأنّ العرش فوق الماء طاف |
|
وفوق العرش ربّ العالمينا |
تحمله ملائكة شداد |
|
ملائكة الاله مسومينا |
فقالت : صدق الله وكذب بصري ، فجاء إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله فأخبر فضحك حتى بدت نواجذه (٥) ، وهذا يدل على اشتهار النهي بين الرجال والنساء.
وقال عبد الله بن عباس : يقرأ ورده وهو جنب (٦). وقيل لسعيد بن المسيب : أيقرأ الجنب؟ فقال : نعم ، أليس هو في جوفه ، وبه قال داود ،
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٥٦ و ١٥٨ ، فتح العزيز ٢ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، مغني المحتاج ١ : ٧٢.
٢ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٩٥ / ٥٩٤ ، سنن النسائي ١ : ١٤٤ ، سنن أبي داود ١ : ٥٩ / ٢٢٩ ، مسند أحمد ١ : ١٢٤.
٣ ـ المجموع ٢ : ٣٥٦ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٣.
٤ ـ المغني ١ : ١٦٥.
٥ ـ المجموع ٢ : ١٥٩.
٦ ـ المغني ١ : ١٦٥ ، المجموع ٢ : ١٥٨ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠.
وابن المنذر (١) ، لأنّ عائشة قالت : إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله لم يكن يترك ذكر الله على كلّ أحيانه (٢) ، ولا دلالة فيه.
وقال أبو حنيفة ، وأحمد : يقرأ دون الآية ، لعدم إجزائها في الصلاة فصارت كالاذكار (٣).
وقال مالك : الحائض تقرأ القرآن ، والجنب يقرأ آيات يسيرة ، لأنّ الحائض يطول أيامها ويكثر ، فلو منعناها من القرآن نسيت (٤).
وقال الأوزاعي : لا يقرأ الجنب إلّا آية الركوب والنزول والصعود (٥) ( سبحان الذي سخر لنا هذا ) (٦) ( رب أنزلني منزلاً مباركاً ) (٧).
فروع :
الأول : لو تيمم لضرورة ففي جواز قراءة العزائم إشكال.
الثاني : أبعاض العزائم كهي في التحريم ، حتى البسملة إذا نواها منها.
الثالث : إذا لم يجد ماءاً ولا تراباً صلّى مع حدثه ، وقرأ ما لا بدّ له من
__________________
١ ـ المغني ١ : ١٦٥ ، المجموع ٢ : ١٥٨ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٧ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠ ، المحلى ١ : ٧٩ و ٨٠.
٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٨٢ / ٣٧٣ ، سنن أبي داود ١ : ٥ / ١٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١١٠ / ٣٠٢.
٣ ـ المغني ١ : ١٦٥ ـ ١٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠ ـ ٢٤١ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٧ ، المحلى ١ : ٧٨ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٤ ، المجموع ٢ : ١٥٨ ، الوجيز ١ : ١٨ ، فتح العزيز ٢ : ١٣٤.
٤ ـ المحلى ١ : ٧٨ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٧ ، المغني ١ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠ ، بداية المجتهد ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ١٥٨ ، الوجيز ١ : ١٨ ، فتح العزيز ٢ : ١٣٤ ، بُلغة السالك ١ : ٦٧ ، الشرح الصغير ١ : ٦٧ و ٨١.
٥ ـ المغني ١ : ١٦٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٠.
٦ ـ الزخرف : ١٣.
٧ ـ المؤمنون : ٢٩.
قراءته عند الشافعي (١) للضرورة.
الرابع : لا يمنع من شيء من الأذكار حتى اسمه تعالى.
مسألة ٦٩ : ويحرم عليه مسّ كتابة القرآن ، وعليه إجماع العلماء (٢) ـ إلّا داود (٣) ـ لقوله تعالى : ( لا يمسه الا المطهرون ) (٤) وقد تقدم ، ويحرم عليه أيضاً مسّ اسمه تعالى في أي شيء كان ، لما فيه من التعظيم لشعائر الله ، وقول الصادق عليهالسلام : « لا يمس الجنب درهماً ولا ديناراً عليه اسم الله تعالى » (٥).
قال الشيخان : ويحرم أيضاً مسّ أسماء أنبياء الله ، والائمة عليهمالسلام تعظيماً لهم (٦).
مسألة ٧٠ : الاشهر بين علمائنا تحريم الاستيطان في المساجد ، وبه قال الشافعي ، وسعيد بن المسيب ، والحسن البصري ، وعطاء ، ومالك ، وأبو حنيفة (٧) ، لقوله تعالى : ( ولا جنباً إلّا عابري سبيل ) (٨) ، وقوله عليه
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٦٣ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٢ ، مغني المحتاج ١ : ٧٢.
٢ ـ المغني ١ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٨ ، المجموع ٢ : ٧٢ ، فتح العزيز ٢ : ٩٧ ، تفسير القرطبي ١٧ : ٢٢٦ ، عمدة القارئ ٣ : ٦٣ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٣ ، بداية المجتهد ١ : ٤٩ ، بُلغة السالك ١ : ٥٧ ، الشرح الصغير ١ : ٥٧ ، شرح الأزهار ١ : ١٠٧.
٣ ـ المغني ١ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٨ ، المجموع ٢ : ٧٢.
٤ ـ الواقعة : ٧٩.
٥ ـ التهذيب ١ : ١٢٦ / ٣٤٠ ، الاستبصار ١ : ١١٣ / ٣٧٤.
٦ ـ المبسوط للطوسي ١ : ٢٩ ، وحكى قول الشيخ المفيد المحقق في المعتبر : ٥٠.
٧ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٤ و ١٤٦ ، بداية المجتهد ١ : ٤٨ ، مغني المحتاج ١ : ٧١ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٩ ، بُلغة السالك ١ : ٦٧ ، الشرح الصغير ١ : ٦٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣١ ، شرح العناية ١ : ١٤٦.
٨ ـ النساء : ٤٣.
السلام : ( لا اُحل المسجد لحائض ولا جنب ) (١).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام عن الجنب يجلس في المسجد ، قال : « لا ، ولكن يمرّ فيها كلها إلّا المسجد الحرام ، ومسجدالرسول صلىاللهعليهوآله » (٢).
وقال أحمد وإسحاق : إذا توضأ جاز له اللبث فيه ، لأنّ الصحابة إذا كان أحدهم جنباً توضأ ودخل المسجد ، وتحدّث (٣) ، ويحمل على العبور أو الغسل.
وقال المزني ، وداود ، وابن المنذر : يجوز اللبث وإن لم يتوضأ ، لأنّ الكافر يجوز له الدخول ولا يخلو من الجنابة ، فالمسلم أولى (٤). ونمنع الاصل.
فروع :
الأول : لا بأس بالاجتياز من غير لبث ـ وبه قال ابن عباس ، وابن مسعود ، وابن جبير ، وسعيد بن المسيب ، والحسن ، وعطاء ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، والمزني ، وابن المنذر (٥) ـ لقوله تعالى : ( إلا عابري سبيل ) (٦).
__________________
١ ـ سنن أبي داود ١ : ٦٠ / ٢٣٢.
٢ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٨.
٣ ـ المغني ١ : ١٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤٢ ، المجموع ٢ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٠٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٨.
٤ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٠٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٨.
٥ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ ، المغني ١ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤١ ، السراج الوهاج : ٢١ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٠٦ : التفسير الكبير ١٠ : ١٠٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٠ ، واُنظر سنن البيهقي ٢ : ٤٤٣ ، مصنف ابن ابي شيء بة ١ : ١٤٦.
٦ ـ النساء : ٤٣.
وقال جابر : كان أحدنا يمّر في المسجد وهو جنب مجتاز (١) ، والظاهرأنهم لم يفعلوا ذلك في زمانه عليهالسلام إلّا بإذنه.
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « لكن يمرّ فيها » (٢).
وقال مالك : لا يجوز له العبور بحال ـ وهو قول أصحاب الرأي (٣) ـ لقوله عليهالسلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض ) (٤) ولأن من لا يجوز له اللبث لا يجوز له العبور ، كالغاصب ، ونحن نقول بالحديث إذ المراد مسجده عليهالسلام ، ونمنع القياس ، لأنّ التصرف في الأصل ممنوع مطلقاً.
الثاني : لا يحل للجنب ولا للحائض الاجتياز في مسجد مكة ، ومسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله بالمدينة ، ذهب إليه علماؤنا ـ ولم يفرق الجمهور (٥) ـ لقوله عليهالسلام : ( لا اُحل المسجد لجنب ولا حائض ) (٦).
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « إلّا المسجد الحرام ، ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآله » (٧).
الثالث : لو أجنب في أحد المسجدين تيمم واجباً وخرج للاغتسال ،
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ ، المغني ١ : ١٦٦ ، أحكام القرآن لابن العربي ١ : ٤٣٦ ، نيل الاوطار ١ : ٢٨٧ ، واُنظر سنن البيهقي ٢ : ٤٤٣ ، مصنف ابن أبي شيء بة ١ : ١٤٦.
٢ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٨.
٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٤٨ ، بُلغة السالك ١ : ٦٧ ، الشرح الصغير ١ : ٦٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٧ ، اللباب ١ : ٤٣ ، المجموع ٢ : ١٦٠ ، المغني ١ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤١ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٦٣١ الكفاية ١ : ١٤٦ ، شرح العناية ١ : ١٤٦.
٤ ـ سنن أبي داود ١ : ٦٠ / ٢٣٢ وورد نحوه في سنن ابن ماجة ١ : ٢١٢ / ٦٤٥.
٥ ـ المجموع ٢ : ١٦٠ و ١٧٢ ، فتح العزيز ٢ : ١٤٨ ، المغني ١ : ١٦٦ ، الشرح الكبير ١ : ٢٤١ ، بداية المجتهد ١ : ٤٨ ، شرح فتح القدير ١ : ١٤٦ ، اللباب ١ : ٤٣ ، بُلغة السالك ١ : ٦٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٨٧.
٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٦٠ / ٢٣٢ ، وورد نحوه في سنن ابن ماجة ١ : ٢١٢ / ٦٤٥.
٧ ـ الكافي ٣ : ٥٠ / ٤ ، التهذيب ١ : ١٢٥ / ٣٣٨.