الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٤٢٧
بسم الله الرحمن الرحيم
(باب ٦)
*( معجزاته في استجابة دعائه في احياء الموتى ، والتكلم معهم )*
*( وشفاء المرضى وغيرها زائدا عما تقدم في باب الجوامع )*
١ ـ جا ، ما : المفيد ، عن علي بن بلال ، عن النعمان بن أحمد ، عن إبراهيم بن عرفة ، عن أحمد بن رشيد بن خيثم (١) ، عن عمه سعيد ، عن مسلم الغلابي قال : جاء أعرابي إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : والله يا رسول الله لقد أتيناك وما لنا بعير ولا غنم يغط ، ثم أنشأ يقول :
أتيناك يا خير البرية كلها |
|
لترحمنا مما لقينا من الازل |
أتيناك والعذراء يدمي لبانها |
|
وقد شغلت ام البنين (٢) عن الطفل |
وألقى بكفيه الفتى اسكانة |
|
من الجوع ضعفا لا يمر ولا يحلي |
ولا شئ مما يأكل الناس عندنا |
|
سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل |
وليس لنا إلا إليك ، فرارنا |
|
وأين فرار الناس إلا إلى الرسل |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لاصحابه : إن هذا الاعرابي بشكو قلّة المطر وقحطا شديدا ثم قام يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه فكان فيما حمده به أن قال : « الحمد الله الذي علا في السماء فكان عاليا ، وفي الارض قريبا دانيا ، أقرب إلينا من حبل الوريد » ورفع يديه إلى السماء وقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا غدقا طبقا ،
__________________
(١) هكذا في الكتاب ، والصحيح : خيثم بتقديم المثلثة على الياء كمافى التقريب.
(٢) في المجالس : ام الصبى.
عاجلا غير رائث ، نافعا غير ضار ، تملا به الضرع ، وتنبت به الزرع ، وتحيي به الارض بعد موتها فما رد يده إلى نحره حتى أحدق السحاب بالمدينة كالاكليل ، وألقت السماء بأرواقها وجاء أهل البطاح يصيحون (١) : يا رسول الله الغرق الغرق ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « اللهم حوالينا ولا علينا » فانجاب السحاب عن السماء ، فضحك رسول الله (ص) وقال : لله در أبي طالب ، لو كان حيا لقرت عيناه ، من ينشدنا قوله؟ فقام عمر فقال : عسى أردت يا رسول الله :
وما حملت من ناقة فوق ظهرها |
|
أبر وأوفى ذمة من محمد |
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليس هذا من قول أبي طالب هذا من قول حسان بن ثابت ، فقام علي بن أبي طالب عليهالسلام فقال : كأنك أردت يا رسول الله.
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه |
|
ربيع اليتامى عصمة للارامل |
تلوذ به الهلاك من آل هاشم |
|
فهم عنده في نعمة وفواضل |
كذبتم وبيت الله : يبزى (٢) محمد |
|
ولما نماصع دونه ونقاتل |
ونسلمه حتى نصرع حوله |
|
ونذهل عن أبنائنا والحلائل |
فقال رسول الله : أجل ، فقام رجل من بني كنانة فقال :
لك الحمد والحمد ممن شكر |
|
سقينا بوجه النبي المطر |
دعا الله خالقه دعوة |
|
وأشخص منه إليه البصر |
فلم يك إلا كألقى الرداء |
|
وأسرع حتى أتانا الدرر |
دفاق العزائل جم البعاق |
|
أغاث به الله عليا مضر |
فكان كما قاله عمه |
|
أبوطالب ذا رواء أغر (٣) |
به الله يسقي صيوب الغمام |
|
فهذا العيان وذاك الخبر |
__________________
(١) في المصدر : يضجون.
(٢) في المجالس : نبزى ، وهو الموافق لما في سيرة ابن هشام. وفيه وفى السيرة ايضا : ولما نطاعن. قوله : يبزى أى يقهر ونماصع أى تقاتل ونجالد.
(٣) في المجالس : إذ رآه أغر.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا كناني بواك الله بكل بيت قلته بيتا في الجنة (١).
قب : مرسلا مثله (٢) ثم قال : والسبب في ذلك أنه كان قحط في زمن أبي طالب ، فقالت قريش : اعتمدوا اللات والعزى ، وقال آخرون : اعتمدوا المناة (٣) الثالثة الاخرى فقال ورقة بن نوفل : أنى تؤفكون وفيكم بقية إبراهيم ، وسلالة إسماعيل أبوطالب؟ فاستسقوه فخرج أبوطالب وحوله اغيلمة من بني عبدالمطلب ، وسطهم غلام كأنه شمس دجنة تجلت عنها غمامة (٤) ، فأسند ظهره إلى الكعبة ولاذ بإصبعه؟ وبصبصت الاغلمة حوله فأقبل السحاب في الحال فأنشأ أبوطالب اللامية (٥).
بيان : قال الجزري : في حديث الاستسقاء لقد أتيناك ومالنا بعير يئط ، أي يحن ويصيح ، يريد مالنا بعير أصلا ، لان البعير لابد أن يئط ، وقال : الغطيط : الصوت الذي يخرج مع نفس النائم ، ومنه الحديث : والله ما يغط لنا بعير ، غط البعير : إذا هدر في الشقشقة ، فإن لم يكن في الشقشقة فهو هدير ، والازل : الشدة والضيق. وقال في قوله : يدمي لبانها : أي يدمي صدرها لامتهانها نفسها في الخدمة حيث لا تجد ماتعطيه من يخدمها من الجدب و شدة الزمان ، وأصل اللبان في الفرس ، موضع اللبب من الصدر ، ثم استعير للناس ، وقال في قوله : ما يمر وما يحلي ، أي ما ينطق بخير ولاشر من الجوع والضعف ، وقال : الحنظل العامي منسوب إلى العام ، لانه يتخذ في عام الجدب ، كما قالوا للجدب : السنة ، و العلهز بكسر العين وسكون اللام وكسرالهاء قال : هو شئ يتخذونه في سني المجاعة ، يخلطون الدم بأوبار الابل ثم يشوونه بالنار ويأكلونه ، وقيل : كانوا يخلطون فيه القردان ، ويقال للقراد الضخم : علهز ، وقيل : العلهز شئ ينبت ببلاد سليم ، له أصل كأصل البردي (٦) والفسل هو الردي الرذل من كل شئ ، قال : ويروى بالشين المعجمة ، أي الضعيف ،
__________________
(١) مجالس المفيد : ١٧٨ ـ ١٨٠. امالى ابن الشيخ : ٤٥ ـ ٤٧.
(٢) وفيه اختلاف كثير في اللفظ والمعنى ، ولم يذكر حديث الكنانى.
(٣) في المصدر : مناة الثالثة بحذف حرف التعريف.
(٤) غمامها خ ل.
(٥) مناقب آل ابى طالب ١ : ١١٩.
(٦) البردى : نبت رخو ينبت في ديار المصر كثيرا يمضغ أصله كقصب السكر ويتخذ منه القرطاس وقيل : له ورق كخوص النخل ، فارسية : لوخ.
يعني الفشل مدخره وآكله ، فصرف الوصف إلى العلهز ، وهو في الحقيفة لآكله ، وقال بأرواقها ، أي بجميع ما فيها من الماء ، والارواق الاثقال ، أراد مياهها المثقلة للسحاب. انتهى.
والبطاح بالكسر جمع الابطح وهو مسيل واسع فيه دقاق الحصى ، والدرر بالكسر جمع درة ، يقال : للسحاب درة أي صب واندفاق ، وقال الجزري ، الدفاق : المطر الواسع الكثير ، والعزائل ، أصله العزالى هي مثل الشائك والشاكي ، والعزالى جمع العزلاء وهو فم المزادة الاسفل فشبه اتساع المطر واندفافه بالذي يخرج من فم المزادة ، والبعاق بالضم : المطر الغزير الكثير الواسع ، والرواء بالضم المد : المنظر الحسن انتهى.
وقال الفيروز آبادي عليا مضر بالضم والقصر : أعلاها. والاغر الابيض والشريف والصوب والصيوب ، الانصباب ، والدجن : إلباس الغيم الارض وأقطار السماء ، والدجنة بالضم (١) وبضمتين مع تشديد النون : الظلمة ، والاغلمة من جموع الغلام.
أقول : سيأتي شرح أبيات أبي طالب في باب أحواله عليهالسلام.
٢ ـ جا ، ما : المفيد ، عن الجعابي ، عن الحسين (٢) بن الهاد بن حمزة أبوعلي من أصل كتابه ، عن الحسن بن عبدالرحمن بن أبي ليلى ، عن محمد بن سليمان الاصفهاني عن عبدالرحمن الاصفهاني (٣) ، عن عبدالرحمن بن أبى ليلى ، عن علي بن أبى طالب قال : دعاني النبى (ص) وأنا أرمد العين ، فتفل في عيني ، وشد العمامة على رأسي ، وقال : « اللهم أذهب عنه الحر والبرد » فما وجدت بعدها حرا ولا بردا (٤).
__________________
(١) وسكون الجيم. ويقال ايضا : الدجنة بكسرتين ، وفتح الدال مع كسر الجيم.
(٢) في الامالى : الحسن بن الهاد ، وفى المجالس : الحسن بن حماد ، ولعل الاخير صحيح وهو الحسن بن حماد المترجم في التقريب : ١٠٤. قوله : أبوعلى فيه تصحيف والصحيح : أبي على ، و في الاصل : حدثنى الحسن... أبوعلى ، فبدل حدثنى بقوله : عن الحسن ، ونسى أن يجر الكنية.
(٣) في الامالى : عبدالله الاصفهانى ، ففيه وهم ، والصحيح ما في الصلب ، والرجل هو عبد الرحمن بن عبدالله الاصفهانى الكوفى الجهنى ، (ويقال له : الجدلى ايضا كان يتجر إلى اصبهان) لرواية ابن أخيه محمد بن سليمان عنه ، وروايته عن عبدالرحمن بن أبى ليلى ، راجع تهذيب التهذيب ٦ : ٢١٧.
(٤) مجالس المفيد : ١٨٧ و ١٨٨. أمالى ابن الشيخ : ٥٥.
٣ ـ ما : المفيد ، عن الحسين بن محمد التمار ، عن محمد بن القاسم ، عن موسى بن محمد الخياط ، عن إسحاق بن إبراهيم الخراساني ، عن شريك ، عن عبدالله بن عمر ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : أصابنا عطش في الحديبية ، فجهشنا إلى النبي صلىاللهعليهوآله فبسط يديه بالدعاء فتألق (١) السحاب ، وجاء الغيث فروينا منه.
قال أبوالطيب : قال الاصمعي : الجهش أن يفزع الانسان إلى الانسان ، قال أبوعبيدة : وهو مع فزعه (٢) كأنه يريد البكاء ، وفي لغة اخرى : أجهشت إجهاشا فأنا مجهش ، ومنه قول لبيد :
قامت تشكي إلي النفس مجهشة |
|
وقد حملتك سبعا بعد سبعينا |
فإن تزادي ثلاثا تبلغي أملا |
|
وفي الثلاث وفاء للثمانينا (٣) |
توضيح : قال الجوهري : الجهش أن يفزع الانسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء ، كالصبي يفزع إلى امه وقد تهيأ للبكاء ، يقال : جهش إليه يجهش ، وفي الحديث أصابنا عطش فجهشنا إلى رسول الله ، وكذلك الاجهاش ، يقال : جهشت نفسي وأجهشت ، أي نهضت ، ثم ذكر بيتا من الشعر ، وقال : همعت عينه تهمع همعا وهموعا وهمعانا أي دمعت ، وقال : تألق البرق : لمع.
٤ ـ ير : أيوب بن نوح ، عن صفوان بن يحيى ، عن حماد بن أبي طلحة ، عن أبي عوف ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : دخلت عليه فألطفني ، وقال : إن رجلا مكفوف البصر أتى النبى (ص) فقال : يا رسول الله ادع الله أن يرد علي بصري ، قال : فدعا الله فرد عليه بصره ، ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله ادع الله لي أن يرد علي بصري ، قال : فقال : الجنة أحب إليك أو يرد عليك بصرك؟ قال : يا رسول الله وإن ثوابها الجنة؟ فقال : الله أكرم من أن يبتلي عبده المؤمن بذهاب بصره ثم لا يثيبه الجنة (٤).
__________________
(١) فتألف خ ل وهو الموجود في المصدر.
(٢) أقول : هذا هو الصحيح وأما في النسختين المطبوعتين : « هيمعة فزعة » فهو تصحيف « هى مع فزعه » كما في المصدر المطبوع وهو ايضا تصحيف « هو مع فزعه » كما عرفت والمعنى : قال ابوعبيدة : الجهش ان يفزع الانسان إلى الانسان وهو مع فزعه ذلك على هيئة الباكى كانه يريد البكاء.
(٣) أمالى ابن الشيخ : ٨٠.
(٤) بصائر الدرجات : ٧٧.
٥ ـ ير : العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي ابن إسماعيل الميثمي ، عن كريم قال : سمعت من يرويه قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان قاعدا فذكر اللحم وقرمه إليه فقام رجل من الانصار وله عناق ، فانتهى إلى امرأته فقال : هل لك في غنيمة؟ قالت : وماذاك؟ قال : إني سمعت رسول الله (ص) يشتهي اللحم ، قالت : خذها ولم يكن لهم غيرها ، وكان رسول الله (ص) يعرفها ، فلما جاء بها ذبحت وشويت ، ثم وضعها النبي (ص) فقال لهم : كلوا ولا تكسروا عظما ، قال : فرجع الانصاري وإذا هي تلعب على بابه (١).
بيان : القرم بالتحريك شدة شهوة اللحم ، والعناق بالفتح : الانثى من ولد المعز.
٦ ـ ير : إبراهيم بن هاشم ، عن علي بن أسباط ، عن بكر بن جناح ، عن رجل ، عن أبي عبدالله عليهالسلام قال : لما ماتت فاطمة بنت أسد ام أمير المؤمنين جاء علي إلى النبي (ص) فقال له رسول الله (ص) : يا أبا الحسن مالك؟ قال : امي ماتت ، قال : فقال النبي (ص) : وامي والله ، ثم بكى. وقال : وااماه ، ثم قال لعلي عليهالسلام : هذا قميصي فكفنها فيه ، وهذا ردائي فكفنها فيه ، فإذا فرغتم فآذنوني ، فلما اخرجت صلى عليها النبي (ص) صلاة لم يصل قبلها ولا بعدها على أحد مثلها ، ثم نزل على قبرها (٢) فاضطجع فيه ، ثم قال لها : يا فاطمة ، قالت : لبيك يا رسول الله ، فقال : فهل وجدت ما وعد ربك حقا؟ قالت : نعم ، فجزاك الله خيرا ، وطالت مناجاته في القبر ، فلما خرج قيل : يا رسول الله لقد صنعت بها شيئا في تكفينك إياها ثيابك ودخولك في قبرها وطول مناجاتك وطول صلاتك ما رأيناك صنعته بأحد قبلها ، قال : أما تكفيني إياها فإني لما قلت لها : يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم (٣) ، فصاحت وقالت : واسوأتاه فلبستها ثيابي ، وسألت الله في صلاتي عليها بأن لا يبلى أكفانها حتى تدخل الجنة ، فأجابني إلى ذلك ، وأما دخولي
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٧٧.
(٢) إلى قبرها خ ل.
(٣) الظاهر أن الصحيح ، يعرض الناس يوم يحشرون من قبورهم عراتا. كما استظهر ذلك في هامش المصدر.
في قبرها فإني قلت لها يوما : إن الميت إذا ادخل قبره وانصرف الناس عنه دخل عليه ملكان : منكر ونكير فيسئلانه ، فقالت : واغوثاه بالله ، فما زلت أسأل ربي في قبرها حتى فتح لها بابا من قبرها إلى الجنة ، وجعله روضة من رياض الجنة (١).
٧ ـ يج : روي عن أبي حمزة الثمالي قال : قلت لعلي بن الحسين عليهالسلام : أسألك عن شئ أنفي عني به ما قد خامر نفسي ، قال : ذلك لك ، قلت أسألك عن الاول والثاني ، فقال : عليهما لعائن الله ، كلاهما مضيا والله كافرين مشركين بالله العظيم ، قلت فالائمة منكم يحيون الموتى ، ويبرؤن الاكمه والابرص ، ويمشون على الماء؟ فقال عليهالسلام : ما أعطى الله نبيا شيئا إلا وقد أعطى محمدا (ص) وأعطاه ما لم يعطهم ولم يكن عندهم ، فكل ما كان عند رسول الله (ص) فقد أعطاه أمير المؤمنين ، ثم الحسن ، ثم الحسين عليهمالسلام ، ثم إماما بعد إمام إلى يوم القيامة مع الزيادة التي في كل سنة ، وفي كل شهر ، وفي كل يوم ، إن رسول الله (ص) كان قاعدا فذكر اللحم ، فقام رجل من الانصار إلى امرأته وكان لها عناق ، فقال لها : هل لك في غنيمة؟ قالت : وما ذلك؟ قال : إن رسول الله يشتهي اللحم ، فنذبح له عنزها هذا ، قالت : خذها شأنك وإياها ، ولم يملكا غيرها ، وكان رسول الله يعرفهما (٢) فذبحها وسمطها وشواها وحملها إلى رسول الله (ص) ، فوضعها بين يديه ، فجمع أهل بيته ومن أحب من أصحابه ، فقال : كلوا ولا تكسروا لها عظما ، وأكل معهم الانصاري ، فلما شبعوا وتفرقوا رجع الانصاري وإذا العناق تلعب على بابه. وروي أنه صلىاللهعليهوآله دعا غزالا فأتى ، فأمر بذبحه ففعلوا وشووه وأكلوا لحمه ولم يكسروا له عظما ، ثم أمر أن يوضع جلده ويطرح عظامه وسط الجلد ، فقام الغزال حيا يرعى.
بيان : قال الجوهري : سمطت الجدي أسمطه وأسمطه سمطا : إذا نظفته من الشعر بالماء الحار لتشويه.
__________________
(١) بصائر الدرجات : ٨٢.
(٢) وتقدم في خبر البصائر : « وكان رسول الله صلىاللهعليهوآله يعرفها » وعلى اى فالمعنى أن رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يعرف أنهما لم يملكا غيرها.
٨ ـ عم ، يج : من معجزات النبي صلىاللهعليهوآله أن امرأة أتت (١) بصبي لها ترجو بركته بأن يمسه ويدعو له ، وكان برأسه عاهة فرحمها والرحمة صفته ، فمسح بيده على رأسه فاستوى شعره وبرئ داؤه ، فبلغ ذلك أهل اليمامة فأتوا مسيلمة بصبي فسألوه ، فمسح رأسه فصلع ، وبقي نسله إلى يومنا هذا صلعا (٢).
٩ ـ عم ، يج : روي أن رجلا من أصحابه صلىاللهعليهوآله اصيب بإحدى عينيه في بعض مغازيه فسالت (٣) حتى وقعت على خده ، فأتاه مستغيثابه ، فأخذها فردها مكانها ، فكانت أحسن عينيه منظرا ، وأحدهما بصرا (٤).
١٠ ـ يج : روي أنه أتاه صلىاللهعليهوآله رجل من جهينة يتقطع من الجذام ، فشكى إليه ، فأخذ قدحا من الماء فتفل فيه ، ثم قال : امسح به جسدك ففعل فبرئ حتى لم يوجد منه شئ.
١١ ـ يج : روي أن رجلا جاء إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : إني قدمت من سفر لي فبينا بنية خماسية تدرج (٥) حولي في صبغها (٦) وحليها أخذت بيدها فانطلقت بها إلى وادي كذا فطرحتها فيه ، فقال صلىاللهعليهوآله : انطلق معي وأرني الوادي ، فانطلق مع رسول الله (ص) إلى الوادي فقال لابيها : ما اسمها؟ قال : فلانة. فقال : يا فلانة (٧) احيي بإذن الله ، فخرجت الصبية تقول : لبيك يا رسول الله وسعديك ، فقال : إن أبويك قد أسلما (٨) ، فإن أحببت أردك عليهما ، قالت : لا حاجة لي فيهما ، وجدت الله خيرا لي منهما.
قب : عن الحسين عليهالسلام مثله (٩).
__________________
(١) في اعلام الورى : أتته.
(٢) إعلام الورى : ١٨ ط ١ و ٣٧ ط ٢.
(٣) في المصدر فسالت الدم.
(٤) إعلام الورى ١٩ ط ١ و ٣٨ ط ٢.
(٥) درج الصبى أو الشيخ : مشى.
(٦) في صنعها خ ل. وفى المناقب : تدرج حولى في حليها فاخذت.
(٧) أجيبينى خ ل ، وهو الموجود في المناقب.
(٨) في المناقب : إن أبويك قد أساءا.
(٩) مناقب آل أبى طالب ١ : ١١٤ ط النجف.
١٢ ـ يج : روي أن سلمة بن الاكوع أصابه ضربة يوم خيبر ، فأتى النبي صلىاللهعليهوآله فنفث فيه ثلاث نفثات ، فما اشتكاها حتى الممات ، وأصاب عين قتادة بن النعمان ضربة أخرجتها فردها النبي صلىاللهعليهوآله موضعها فكانت أحسن عينيه.
١٣ ـ يج : روي أن شابا من الانصار كان له ام عجوز عمياء وكان مريضا فعاده رسول الله (ص) فمات ، فقالت : اللهم إن كنت تعلم أني هاجرت إليك وإلى نبيك رجاء أن تعينني على كل شدة فلا تحملن علي هذه المصيبة قال أنس : فما برحنا إلى أن كشف الثوب عن وجه فطعم وطعمنا.
١٤ ـ يج : روي أن اسامة بن زيد قال : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في حجته التي حجها حتى إذا كنا ببطن الروحاء نظر إلى امرأة تحمل صبيا ، فقالت : يا رسول الله هذا ابني ما أفاق من خنق منذ ولدته إلى يومه هذا ، فأخذه رسول الله (ص) وتفل في فيه ، فإذا الصبي قد برئ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله (١) : انطلق انظر هل ترى من حش (٢)؟ قلت : إن الوادي ما فيه موضع يغطى عن الناس ، قال لي : انطلق إلى النخلات ، وقل : إن رسول الله يأمركن أن تدنين لمخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقل للحجارة مثل ذلك ، فوالذي بعثه بالحق نبيا لقد قلت لهن ذلك وقد رأيت النخلات يتقاربن والحجارة يتفرقن (٣) ، فلما قضى حاجته رأيتهن يعدن إلى موضعهن.
١٥ ـ يج : روي أن النبي صلىاللهعليهوآله لما قدم المدينة وهي أوبأ (٤) أرض الله ، فقال : اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت إلينا مكة ، وصححها لنا ، وبارك لنا في صاعهاو مدها ، وانقل حماها إلى الجحفة.
١٦ ـ يج : روي أن أبا طالب مرض فدخل عليه رسول الله (ص) فقال : يا ابن أخي
__________________
(١) أى قال صلىاللهعليهوآله لاسامة بن زيد.
(٢) الحش مثلثة النخل المجتمع.
(٣) يتقربن خ ل.
(٤) من وبأ المكان : كثر فيه الوباء.
ادع ربك (١) أن يعافيني ، فقال النبى صلىاللهعليهوآله «اللهم اشف عمي» فقام كأنما انشط من عقال.
قب : عن سلمان مثله (٢).
١٧ ـ يج : روي أن عليا مرض وأخذ يقول : «اللهم إن كان أجلي قد حضر فأرحني وإن كان متأخرا فارفعني (٢) ، وإن كان للبلاء فصبرني» فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم اشفه اللهم عافه» ثم قال : قم ، قال علي عليهالسلام : فقمت فما عاد ذلك الوجع إلي بعد (٤).
١٨ ـ يج : روي أن عبدالله بن بريدة قال : سمعت أبي يقول : إن النبي صلىاللهعليهوآله تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قطعت رجله فبرئ.
١٩ ـ يج : روى ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلىاللهعليهوآله بابن لها فقالت : ابني هذا به جنون يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيحثوا علينا ، فمسح صلىاللهعليهوآله صدره ودعا ، فتعثعث فخرج من جوفه مثل خرء الاسد فبرئ.
بيان : قال الفيروز آبادي : عثعث : حرك وأقام وتمكن وركن.
٢٠ ـ يج : روي أن معاذ بن عفراء جاء إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله يحمل يده وكانت قد قطعها أبوجهل ، فبصق عليهالسلام وألصقها فلصقت.
٢١ ـ يج : روي أن نبي الله صلىاللهعليهوآله رأى رجلا يكف (٥) شعره إذا سجد فقال : « اللهم قبح (٦) رأسه » فتساقط شعره حتى ما بقي في رأسه شئ.
٢٢ ـ يج : روي أنه دعا لانس لما قالت امه ام سليم (٧) : ادع له فهو خادمك ،
__________________
(١) ربك الذى تعبده خ ل.
(٢) مناقب آل ابى طالب ١ : ٧٤ وفيه : فعاده رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٣) فارفقنى خ ل.
(٤) من بعد خ ل.
(٥) يلف خ ل أقول وهما وزنا ومعنى واحد يقال لف او كف شعره إذا جمعه وضمه
(٦) اقبح خ ل.
(٧) هى أم سليم بنت ملحان بن خالد الانصارية ، يقال : اسمها سهلة أو رميلة أو رميثة أو
مليكة أو أنيثة.
قال : « اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته » قال أنس : أخبرني بعض ولدي أنه دفن من ولده أكثر من مأة.
٢٣ ـ يج : روي أن النبي صلىاللهعليهوآله أبصر رجلا يأكل بشماله ، فقال : كل بيمينك فقال : لا أستطيع ، فقال : لا استطعت ، قال : فما وصلت إلى فيه من بعد (١) ، كلما رفع اللقمة إلى فيه ذهبت في شق آخر.
قب : سلمة ابن الاكوع ، عن أبيه مثله (٢).
٢٤ ـ قب ، يج : روى أبونهيك الازدي ، عن عمرو بن أخطب قال : استسقى النبي (ص) فأتيته بإناء فيه ماء وفيه شعرة فرفعتها ، فقال : « اللهم جمله جمله » قال : فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة ما في رأسه ولحيته شعرة بيضاء (٣).
٢٥ ـ يج : روي أن النابغة الجعدي أنشد رسول الله صلىاللهعليهوآله قوله :
بلغنا السماء عزة وتكرما |
|
وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا |
فقال : إلى أين يا ابن أبي ليلى؟ قال : إلى الجنة يا رسول الله ، قال : أحسنت لا يفضض الله فاك ، قال الراوي : فرأيته شيخا له مأة وثلاثون سنة وأسنانه مثل ورق الاقحوان نقاء وبياضا ، قد تهدم جسمه إلا فاه.
بيان : الاقحوان بالضم : البابونج.
٢٦ ـ يج : روي أن النبي صلىاللهعليهوآله خرج فعرضت له امرأة فقالت : يا رسول الله إني امرأة مسلمة ومعي زوج في البيت مثل المرأة ، قال : فادعي زوجك ، فدعته ، فقال لها : أتبغضينه؟ قالت : نعم ، فدعا النبي صلىاللهعليهوآله لهما ووضع جبهتها على جبهته وقال : «اللهم ألف بينهما ، وحبب أحدهما إلى صاحبه» ثم كانت المرأة تقول بعد ذلك : ما طارف ولا تالد ولا والد أحب إلى منه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : اشهد (٤) أني رسول الله.
__________________
(١) في المناقب ، فما نالت يمينه فاه بعد. أقول : وهذا آخر الحديث في المناقب.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢.
(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٤ وفيه : جملك الله ، فرئى بعد ثلاث وتسعين سنة أسود الرأس
والجسد.
(٤) اشهدى خ ل ـ أقول : الحديث في المناقب ١ : ٧٣ مع اختلاف في ألفاظه. وكذلك
حديث النابغة وحديث عمرو بن الحمق.
بيان : الطارف من المال : المستحدث ، وهو خلاف التالد.
٢٧ ـ يج : روي أن عمرو بن الحمق الخزاعي سقى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : «اللهم أمتعه بشبابه » ، فمرت له ثمانون سنة لم يرله شعرة بيضاء.
٢٨ ـ يج : وروي عن عطاء قال : كان في وسط رأس مولاي السائب بن يزيد شعر أسود ، وبقية رأسه ولحيته بيضاء ، فقلت : ما رأيت مثل ذلك ، رأسك هذا أسود ، وهذا أبيض ، قال : أفلا أخبرك قلت : بلى ، قال : إني كنت ألعب من الصبيان ، فمربي نبي الله (ص) فعرضت له وسلمت عليه ، فقال : وعليك من أنت؟ قال (١) : أنا السائب أخو النمر ابن قاسط ، فمسح رسول الله رأسي وقال : بارك الله فيك ، فلا والله لا تبيض أبدا (٢).
٢٩ ـ قب ، يج : روي أن عليا عليهالسلام قال : بعثني رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى اليمن ، فقلت : بعثتني يا رسول الله وأنا حدث السن لا أعلم (٣) بالقضاء ، قال : انطلق فإن الله سيهدي قلبك ، ويثبت لسانك ، قال علي عليهالسلام : فما شككت في قضاء ، بين رجلين (٤).
٣٠ ـ قب ، يج : روى مرة بن جعبل (٥) الاشجعي قال : غزوت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في بعض غزواته فقال : سريا صاحب الفرس ، فقلت : يا رسول الله عجفاء ضعيفة ، فرفع مخفقة عنده فضربها ضربا خفيفا ، فقال : اللهم بارك له فيها ، فقال : رأيتني ما أمسك رأسها أن تقدم الناس ، ولقد بعت من بطنها باثنى عشر ألفا (٦).
بيان : في القاموس : المخفقة كمكنسة : الدرة أوسوط من خشب.
٣١ ـ قب ، يج : روي أن جرهدا أتى رسول الله صلىاللهعليهوآله وبين يديه طبق فأدلى (٧)
__________________
(١) هكذا في النسخ ، والصحيح : قلت.
(٢) ما ابيض خ ل.
(٣) لا علم لى خ ل. وفى المناقب : تبعثنى وأنا حدث السن ولا علم لى بالقضاء.
(٤) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٤.
(٥) في المناقب : جعيل ، أقول : ولم نجد ذكره في الصحابة.
(٦) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٣
(٧) فأدنى خ ل.
جرهد بيده الشمال ليأكل ، وكانت يده اليمنى مصابة ، فقال : كل باليمين ، فقال : إنها مصابة ، فنفث رسول الله صلىاللهعليهوآله عليها فما اشتكاها بعد.
٣٢ ـ يج : روى عن عثمان بن جنيد أنه قال : جاء رجل ضرير إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فشكى إليه ذهاب بصره ، فقال له رسول الله صلىاللهعليهوآله : ائت الميضأة فتوضأ ثم صل ركعتين ، ثم قل : « اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بمحمد نبي الرحمة ، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربك ليجلو عن بصري ، اللهم شفعه في وشفعني في نفسي » قال ابن جنيد : فلم يطل بنا الحديث حتى دخل الرجل كأن لم يكن به ضرر قط.
٣٣ ـ يج : روي أن أبيض بن جمال (١) قال : كان بوجهي حزاز يعني القوبا (٢) قد التمعت فدعا النبي صلىاللهعليهوآله فمسح وجهه فذهب في الحال ولم يبق له أثر على وجهه.
٣٤ ـ يج : روي أن الفضل بن العباس قال : إن رجلا قال : يا رسول الله إني بخيل جبان نؤوم فادع لي ، فدعا الله أن يذهب جبنه ، وأن يسخي نفسه ، وأن يذهب كثرة نومه ، فلم يرأسخى نفسا ولا أشد بأسا ولا أقل نوما منه.
٣٥ ـ يج : عن ابن عباس قال : إن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «اللهم أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم نوالا» فوجد كذلك.
٣٦ ـ يج : روي أن عليا عليهالسلام كان رمد العين يوم خيبر فتفل رسول الله صلىاللهعليهوآله في عينيه ، ودعا له ، وقال : «اللهم أذهب عنه الحر والبرد» فما وجد حرا ولا بردا ، وكان يخرج في الشتاء في قميص واحد.
٣٧ ـ يج : روي أن أبا هريرة قال لرسول الله صلىاللهعليهوآله إني أسمع منك الحديث الكثير أنساه ، قال : أبسط رداك ، قال : فبسطته فوضع يده فيه ، ثم قال : ضمه فضممته ، فما نسيت كثيرا (٣) بعده :
__________________
(١) هكذا في النسخ ، ولكن ابن حجر ضبطه بالحاء المهملة وتشديد الميم : حمال.
(٢) القوباء : خشونة تحدث في ظاهر الجلد مع حكة ، ويكون لونها مرة مائلا إلى السواد ، و مرة مائلا إلى الحمرة ، ويطلق القوباء على البرص الاسود أيضا.
(٤) حديثا خ ل.
٣٨ ـ يج : روي أن أعرابيا قال : يارسول الله هلك المال ، وجاع العيال ، فادع الله لنا ، فرفع يده وما وضعها حتى ثار (١) السحاب أمثال الجبال ، ثم لم ينزل عن منبره حتى رأينا المطر يتحادر (٢) على لحيته ، فمطرنا إلى الجمعة ، ثم قام أعرابي فقال : تهدم البناء ، فادع ، فقال : « حواليناولا علينا » فما كان يشير بيده إلى ناحية من السحاب إلا تفرجت حتى صارت المدينة مثل الجوبة ، وسال الوادي شهرا ، فضحك رسول الله (ص) فقال : لله در أبي طالب لو كان حيا قرت عيناه (٣).
بيان : قال الجزري : في حديث الاستسقاء حتى صارت المدينة مثل الجوبة ، هي الحفرة المستديرة الواسعة ، وكل منفتق بلا بناء جوبة ، أي حتى صار الغيم والسحاب محيطا بآفاق المدينة.
٣٩ ـ يج : روي أن النبي صلىاللهعليهوآله لما نادى بالمشركين ، واستعانوا عليه دعا الله أن يجدب بلادهم ، فقال : «اللهم سنين كسني يوسف ، اللهم اشدد وطأتك على مضر» فأمسك المطر عنهم حتى مات الشجر ، وذهب الثمر ، وفني المواشي ، وعند ذلك وفد حاجب بن زرارة على كسرى فشكى إليه يستأذنه في رعي السواد ، فأرهنه قوسه (٤) ، فلما أصاب مضر البأس الشديد عاد النبي صلىاللهعليهوآله بفضله عليهم ، فدعا الله بالمطر لهم.
قب : ابن عباس ومجاهد مثله (٥).
__________________
(١) أى ارتفع.
(٢) يتحادر أى ينزل.
(٣) حيث كان يقول : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للارامل
(٤) فارهنه فرسه خ ل.
(٥) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢ ، ألفاظ الحديث فيه هكذا : ابن عباس ومجاهد في قوله تعالى : « ضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة » جاء خباب بن الارت فقال : يا رسول الله ادع ربك ان يستنصر لنا على مضر ، فقال : إنكم لتعجلون ، ثم قال بعد كلام له : « اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعل عليها سنين كسنى يوسف عليهالسلام » وفى خبر : « اللهم سبعا كسنى يوسف » فقطع الله عنهم المطر حتى مات الشجر وذهب الثمر وأجدبت الارض وماتت المواشى واشتووا القد وأكلوا العلهز فعطفوه وعطف ورغب إلى الله فمطروا وامطر اهل المدينة مطرا خافوا الغرق و انهدام البنيان : فشكوا ذلك إليه فقال : اللهم حوالينا ولا علينا ، فاطاف بها حولها مستديرا وهى في فجوته كالدارة.
٤٠ ـ يج : روي أنه كان جالسا إذ أطلق حبوته (١) فتنحى قليلا ، ثم مد يده كأنه يصافح مسلما ، ثم أتانا فقعد ، فقلنا : كنا نسمع رجع الكلام ، ولا نبصر أحدا ، فقال : ذلك إسماعيل ملك المطر إستأذن ربه أن يلقاني فسلم علي (٢) ، فقلت له : أسقنا ، قال ميعادكم كذا في شهر كذا ، فلما جاء ميعاده صلينا الصبح فقلنا (٣) لا نرى شيئا ، وصلينا الظهر فلم نرشيئا حتى إذا العصر ، نشأت سحابة (٤) فمطرنا فضحكنا ، فقال عليهالسلام : مالكم؟ قلنا : الذي قال الملك ، قال : أجل مثل هذا فاحفظوا (٥).
٤١ ـ يج : روي أن رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث إلى يهودي في قرض يسأله ففعل ، ثم جاء اليهودي إليه فقال : جاءتك (٦) حاجتك؟ قال : نعم ، قال : فابعث فيما أردت ولا تمتنع من شئ تريده ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : أدام الله جمالك ، فعاش اليهودي ثمانين سنة ما رئي في رأسه شعرة بيضاء.
٤٢ ـ يج : روي أنه في وقعة تبوك أصاب الناس عطش ، فقالوا يا رسول الله لو دعوت الله لسقانا؟ فقال صلىاللهعليهوآله : لو دعوت الله لسقيت ، قالوا : يا رسول الله ادع لنا ليسقينا ، فدعا فسالت الادوية : فإذا قوم على شفير الوادي يقولون : مطرنا بنوء (٧) الذراع وبنوء كذا ، فقال رسول الله : ألا ترون؟ فقال خالد : ألا أضرب أعناقهم؟ فقال رسول الله (ص) : لا ، يقولون (٨) هكذا ، وهم يعلمون أن الله أنزله.
__________________
(١) الحبوة بالفتح والضم : مايحتبى به أى يشتمل به من ثوب أو عمامة.
(٢) فيسلم على خ ل ،
(٣) فكنا خ ل.
(٤) أى رفعت.
(٥) أى امثال هذه المعجزة فاحتفظوا بها واستظهروها وانقلوها إلى من لم يروها ، أو احتفظوا بسائر ما ترونه وتسمعونه كما حفظتم هذه.
(٦) جاء بك خ ل.
(٧) النوء : النجم مال للغروب ، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا : لابد من ان يكون عند ذلك مطر أو رياح ، فينسبون كل غيث إلى ذلك النجم فيقولون : مطرنا بنوء الثريا أو بنوء الدبران.
(٨) هم يقولون خ ل.
٤٣ ـ يج : عن أنس قال : قال النبي صلىاللهعليهوآله يدخل عليكم من هذا الباب خير الاوصياء وأدنى الناس منزلة من الانبياء ، فدخل علي بن أبى طالب ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لعلي عليهالسلام : «اللهم أذهب عنه الحر والبرد» فلم يجدهما حتى مات ، فإنه كان يخرج في قميص في الشتوة.
٤٤ ـ يج : روي أنه كان لبعض الانصار عناق فذبحها ، وقال لاهله : اطبخوا بعضا ، واشووا بعضا ، فلعل رسولنا يشرفنا ويحضر بيتنا الليلة ويفطر عندنا ، وخرج إلى المسجد ، وكان له ابنان صغيران ، وكانا يريان أباهما يذبح العناق ، فقال أحدهما للآخر : تعالى حتى أذبحك ، فأخذ السكين وذبحه ، فلما رأتهما الوالدة صاحت ، فعدى الذابح فهرب فوقع من الغرفة فمات ، فسترتهما وطبخت وهيأت الطعام ، فلما دخل النبي صلىاللهعليهوآله دار الانصاري نزل جبرئيل عليهالسلام وقال : يا رسول الله استحضر ولديه ، فخرج أبوهما يطلبهما فقالت : والدتهما : ليسا حاضرين ، فرجع إلى النبى صلىاللهعليهوآله وأخبره بغيبتهما ، فقال : لابد من إحضارهما ، فخرج إلى امهما فأطلعته على حالهما فأخذهما إلى مجلس النبي صلىاللهعليهوآله فدعا الله فأحياهما وعاشا سنين.
٤٥ ـ قب : الوافدي كتب النبي (ص) إلى بني حارثة بن عمرو يدعوهم إلى الاسلام ، فأخذوا كتاب النبي صلىاللهعليهوآله فغسلوه ورقعوا به أسفل دلوهم ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «ما لهم أذهب الله عقولهم » فقال : فهم أهل رعدة وعجلة وكلام مختبط وسفه.
وخاف النبى صلىاللهعليهوآله من قريش فدخل بين الاراك فنفرت (١) الابل ، فجاء أبوثروان إليه وقال : من أنت؟ قال : رجل استأنس إلى إبلك قال : أراك صاحب قريش؟ قال : أنا محمد ، قال : قم والله لا تصلح إبل أنت فيها ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم أطل شقاه وبقاه» قال عبدالملك : إني رأيته شيخا كبيرا يتمنى الموت فلا يموت ، فكان يقول له القوم : هذا بدعوة النبي صلىاللهعليهوآله.
ولما كلم النبي صلىاللهعليهوآله في سبي هوازن ردوا عليهم سبيهم إلا رجلين ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله خيروهما ، أما أحدهما قال : إنى أتركه ، وأما الآخر فقال : لا أتركه ، فلما أدبر
__________________
(١) فتقرب خ ل.
الرجل قال النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم أخس سهمه» فكان يمر بالجارية البكر والغلام فيدعه حتى مر بعجوز ، فقال : إني آخذ هذه فإنها أم حي فيفادونها مني بما قدروا عليه ، فقال عطية السعدي : عجوز يا رسول الله سيبة (١) بتراء مالها أحد ، فلما رأى أنه لا يعرضها أحد تركها.
وفي حديث جابر : إن امرأة من المسلمين قالت : اريد (٢) ما تريد المسلمة ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : علي بزوجها ، فجئ به ، فقال له في ذلك ، ثم قال لها : أتبغضينه؟ قالت : نعم والذي أكرمك بالحق ، فقال : أدنيا رؤوسكما ، فأدنيا فوضع جبهتها على وجهه ، ثم قال : «اللهم ألف بينهما ، وحبب أحدها إلى صاحبه» ثم رآها النبي صلىاللهعليهوآله تحمل الادم على رقبتها ، وعرفته فرمت الادم ثم قبلت رجليه ، فقال صلىاللهعليهوآله : كيف أنت وزوجك؟
فقالت : والذي أكرمك بالحق ما في الزمان أحد أحب إلي منه.
وكان عند خديجة امرأة عمياء فقال صلىاللهعليهوآله : لتكونن عيناك صحيحتين ، فصحتا ، فقالت خديجة : هذا دعاء مبارك ، فقال : « وما أرسلناك إلا رحمة ».
ودعا صلىاللهعليهوآله لقيصر فقال : ثبت الله ملكه كما كان.
ودعا على كسرى : « مزق الله ملكه » فكان كما قال.
جعفر بن نسطور الرومي كنت مع النبي صلىاللهعليهوآله في غزوة تبوك فسقط من يده السوط فنزلت عن جوادي فرفعته ودفعته إليه ، فنظر إلى وقال : يا جعفر مد الله في عمرك مدا ، فعاش ثلاثمأة وعشرين سنة.
وقوله للنابغة وقد مدحه : « لا يفضض الله فاك » فعاش مأة وثلاثين سنة ، كلما سقطت له سن نبتت له اخرى أحسن منها ، ذكره المرتضى في الغرر.
وعن ميمونة أن عمرو بن الحمق سقى النبي صلىاللهعليهوآله لبنا فقال : « اللهم أمتعه بشبابه » فمرت عليه ثمانون سنة لم ير شعرة بيضاء.
ومر النبي بعبد الله بن جعفر وهو يصنع شيئا من طين من لعب (٣) الصبيان ، فقال :
__________________
(١) في الصمدر : سبية. وفيه : لا يعرفها. وسيبة وزان ثيبة : المرأة التى لا ينظر إليها استعارة من سابت البعير إذا أهملت وتركت لا يركب عليها ولا تذبح ولا تباع اشفاقا عليها لما أدركت نتاج نتاجها
(٢) ما اريد خ ل.٠
(٣) اللعب : ما يلعب به.
ما تصنع بهذا؟ قال : أبيعة ، قال ما تصنع بثمنه؟ قال : أشتري رطبا فآكله ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : «اللهم بارك له في صفقة (١) يمينه» فكان يقال : ما اشترى شيئا قط إلا ربح فيه فصار أمره إلى أن يمثل به ، فقالوا : عبدالله بن جعفر الجواد ، وكان أهل المدينة يتداينون (٢) بعضهم من بعض إلى أن يأتي عطاء عبدالله بن جعفر.
أبوهريرة أتيت النبي صلىاللهعليهوآله بتميرات فقلت : ادع لي بالبركة فيهن ، فدعا ، ثم قال : اجعلهن في المزود ، قال : فلقد حملت منها كذى وكذى وسقا (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآله في ابن عباس : «اللهم فقهه في الدين» الخبر ، فخرج بحرا في العلم وحبرا للامة.
في نزهة الابصار : أن النبي صلىاللهعليهوآله قال لسعد : «اللهم سدد رميته ، وأجب دعوته» وذلك أنه كان يرمي ، فيقال : إنه تخلف يوم القادسية عن الوقعة لفترة عرضت له ، فقال فيه شاعر :
ألم تر أن الله أظهر دينه |
|
وسعد بباب القادسية معصم |
رجعنا وقدآمت نساء كثيرة |
|
ونسوة سعد ليس فيهن أيم |
فبلغ ذلك سعدا فقال ، اللهم أخرس لسانه ، فشهد حربا فأصابته رمية فخرس من ذلك لسانه.
ورأى رجلا بالمدينة راكبا على بعير يشتم عليا عليهالسلام ، فقال : اللهم إن كان هذا الشيخ وليا من أوليائك فأرنا قدرتك فيه ، فنفر به بعيره فألقاه فاندقت رقبته.
وسمع النبي صلىاللهعليهوآله في مسيره إلى خيبر سوق (٤) عامر بن الاكوع بقوله :
__________________
(١) الصفقة : ضرب اليد على اليد في البيع وذلك علامة وجوب البيع. أو وضع أحد المتبايعين يده في الاخر عند البيع ، وقد تطلق الصفقة على عقد البيع.
(٢) في المصدر : يقترض.
(٣) الوسق بالفتح : ستون صاعا وهو ثلاثمأة وعشرون رطلا عند أهل الحجاز ، وأربعمأة و ثمانون رطلا عند أهل العراق.
(٤) السوق بالفتح : حث الماشية على السير والمراد ههنا : الحداء.
لا هم لولا أنت ما اهتدينا |
|
ولا تصدقنا ولا صلينا |
فقال صلىاللهعليهوآله : برحمة الله (١) ، قال رجل : وجبت يا رسول الله لولا أمتعتنا به ، وذلك أن النبي صلىاللهعليهوآله ما استغفر قط لرجل يخصمه إلا استشهد.
وكان الناس يحفرون الخندق وينشدون سوى سلمان رضياللهعنه ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : « اللهم أطلق لسان سلمان ولو على بيتين من الشعر » فأنشأ سلمان رضياللهعنه.
مالي لسان فأقول شعرا |
|
أسأل ربي قوة ونصرا |
على عدوي وعدو الطهرا |
|
محمد المختار حاز الفخرا |
حتى أنال في الجنان قصرا |
|
مع كل حوراء تحاكي البدرا |
فضج المسلمون ، وجعل كل قبيلة يقول : سلمان منا ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله سلمان منا أهل البيت (٢).
بيان : قوله : سيبة ، لعل المراد بها السائبة التي لا وارث لها ، والبتراء : التي لا ولد لها ، قولها : ما تريد المسلمة : أي الجماع.
٤٦ ـ قب : عن الصادق عليهالسلام في خبر إنه ذكر قوة (٣) اللحم عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فقال : ما ذقته منذ كذا ، فتقرب إليه فقير بجدي كان له فشواه وأنفذه إليه فقال النبي صلىاللهعليهوآله : كلوه ولا تكسروا عظامه ، فلما فرغوا أشار إليه وقال : انهض بإذن الله ، فأحياه فكان يمر عند صاحبه كما يساق.
وأتى أبوأيوب بشاة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله في عرس فاطمة عليهاالسلام ، فنهاه جبرئيل عن ذبحه (٤) ، فشق ذلك عليه فأمر صلىاللهعليهوآله : يزيد بن جبير (٥) الانصاري فذبحه بعد
__________________
(١) يرحمهالله خ ل.
(٢) مناقب آل أبى طالب ١ : ٧٢ ـ ٧٥.
(٣) قرم خ ل.
(٤) في المصدر : عن ذبحها ، وكذا الضمائر الاتية الراجعة إلى الشاة كلها في المصدر مؤنثة.
(٥) في المصدر : لزيد بن جبير. أقول : يأتى في الشعر ما يؤيد المتن ولم نعرف ابن جبير هذا في الصحابة ، ولعله مصحف بزيد بن جارية.
يومين ، فلما طبخ أمر ألا يأكلوا إلا بسم الله ، وأن لا يكسروا عظامه ، ثم قال : إن أبا أيوب رجل فقير ، إلهي أنت خلقتها ، وأنت أفنيتها ، وإنك قادر على إعادتها ، فاحيها يا حي لا إله إلا أنت فأحياه الله وجعل فيها بركة لابي أيوب ، وشفاء المرضى في لبنها ، فسماها أهل المدينة المبعوثة ، وفيها قال عبدالرحمن بن عوف أبياتا منها :
ألم يبصروا شاة ابن زيد (١) وحالها |
|
وفي أمرها للطالبين مزيد |
وقد ذبحت ثم استجر (٢) إهابها |
|
وفصلها فيما هناك يزيد |
وأنضج منها اللحم والعظم والكلى |
|
فهلهله بالنار وهو هريد |
فأحيا له ذو العرش والله قادر |
|
فعادت بحال ما يشاء يعود |
وفي خبر عن سلمان : أنه لما نزل صلىاللهعليهوآله دار أبي أيوب لم يكن له سوى جدي وصاع من شعير ، فذبح له الجدي وشواه ، وطحن الشعير وعجنه وخبزه ، وقدم بين يدي النبي صلىاللهعليهوآله فأمر بأن ينادي : ألا من أراد الزاد فليأت إلى دار أبي أيوب ، فجعل أبوأيوب ينادي ، والناس يهرعون كالسيل حتى امتلات الدار ، فأكل الناس بأجمعهم والطعام لم يتغير ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أجمعوا العظام فجمعوها فوضعها في إهابها ، ثم قال : قومي بإذن الله تعالى ، فقام الجدي فضج الناس بالشهادتين (٢).
بيان : قوله : فهلهله ، أي طبخه رق ، من قولهم : هلهل النساج الثوب : إذا أرق نسجه وخففه ، وفي بعض النسخ فخلخله ، يقال : خلخل العظم : إذا أخذ ما عليه من اللحم ، ويقال : هرد اللحم ، أي أنعم إنضاجه أو طبخه حتى تهرأ.
٤٧ ـ كا : علي ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن هشام بن الحكم ، عن أبى عبدالله عليهالسلام قال : لما استسقى رسول الله صلىاللهعليهوآله وسقي الناس حتى قالوا : إنه الغرق ، وقال رسول الله صلىاللهعليهوآله بيده وردها : «اللهم حوالينا ولا علينا» قال : فتفرق السحاب ، فقالوا
__________________
(١) أراد أبا أيوب لانه خالد بن زيد بن كليب الانصارى الخزرجى.
(٢) في المصدر : استجز والاهاب بالكسر : الجلد.
(٣) مناقب آل أبى طالب ١ : ١١٤ وفى النسختين المطبوعتين اثبات حديث آخر ذيل الحديث من المناقب أوله : أمير المؤمنين عليهالسلام قال : لما غزونا خيبر ، الحديث وقد مر نقلة من المناقب ص ٣٦٥ ج ١٧ واما في نسخة المصنف ( قده ) فقد خط عليه لعدم مناسبته الباب.