الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-34-5
الصفحات: ٤٠٦
وإن انفتح فوقها ، أو عليها ، لم ينقض إن كان الخارج نادراً كالحصى وإن كان نجاسة كالعذرة فقولان : أقواهما : العدم (١).
الثاني : لو خرج من أحد السبيلين دود ، أو غيره من الهوام ، أو حصى أو دم غير الثلاثة ، أو شعر ، أو حقنة ، أو أشياف ، أو دهن قطره في إحليله ، لم ينقض ، إلّا أن يستصحب شيئاً من النواقض ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال مالك وداود (٢) لأنّه نادر فأشبه الخارج من غير السبيلين ، وللأصل ، ولمّا تقدم من الأحاديث.
وقال أبو حنيفة ، وأصحابه ، والشافعي ، والثوري ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق وأبو ثور : إنّه ناقض ، لعدم انفكاكه من البلة (٣). وهو ممنوع.
الثالث : الريح إنّ خرج من قبل المرأة نقض ، لأنّ له منفذاً إلى الجوف ، وكذا الآدر (٤) أما غيرهما فإشكال ـ وبه قال الشافعي (٥) ـ لعموم النقض (٦) بخروج الريح.
وقال أبو حنيفة : لا ينقض خروج الريح من القبل (٧).
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٨ ، الوجيز ١ : ١٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣ ، فتح العزيز ٢ : ١٣ ، ١٤.
٢ ـ بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٣ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠ ، عمدة القارئ ٣ : ٤٧ ، الشرح الصغير ١ : ٥٢ ، ٥٣ ، المجموع ٢ : ٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٠.
٣ ـ اللباب ١ : ١١ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٨ ، ألام ١ : ١٧ ، المجموع ٢ : ٤ و ٦ ، مغني المحتاج ١ : ٣٢ ، عمدة القارئ ٣ : ٤٧ ، فتح العزيز ٢ : ١٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨٣ ، المغني ١ : ١٩٢.
٤ ـ الآدر : من يصيبه فتق في إحدى خصييه. مجمع البحرين ٣ : ٢٠٣.
٥ ـ الاُم ١ : ١٧ ، المجموع ٢ : ٤ ، الوجيز ١ : ١٥ ، فتح العزيز ٢ : ٩.
٦ ـ اُنظر على سبيل المثال : الكافي ٣ : ٣٦ / ٦.
٧ ـ اللباب ١ : ١١ ، فتح العزيز ٢ : ٩ ، المجموع ٢ : ٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٨٣.
الرابع : لو ظهرت مقعدته وعليها شيء من العذرة ثم خفيت ، ولم ينفصل شيء ، ففي النقض إشكال ، ينشأ من صدق الخروج ، ومن عدم الانفصال.
الخامس : الخنثى المشكل إذا بال فحكمه حكم ما لو كانت الثقبة دون المعدة ، ولم ينسد المخرج فعندنا ينقض ، وللشافعي قولان (١) لجواز أن يكون ذلك المخرج ثقبة زائدة.
مسألة ٢٨ : النوم الغالب على السمع والبصر ناقض عند علمائنا أجمع ، وهو قول أكثر أهل العلم ، لقوله عليهالسلام : ( العين وكاء السه ، من نام فليتوضأ ) (٢) وقال الصادق عليهالسلام : « لا ينقض الضوء إلّا حدث ، والنوم حدث » (٣).
وحكي عن أبي موسى الاشعري ، وأبي مجلز ، وحميد الاعرج ، أنّه لا ينقض (٤) ، وعن سعيد بن المسيب ، أنّه كان ينام مضطجعاً مراراً ينتظر الصلاة ، ثم يصلّي ولا يعيد الوضوء (٥) لأنّه ليس بحدث في نفسه ، والحدث مشكوك فيه.
ونمنع الاُولى لما تقدم.
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٨ و ١٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٢.
٢ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٦١ / ٤٧٧ ، سنن ابي داود ١ : ٥٢ / ٢٠٣ ، مسند أحمد ١ : ١١١.
٣ ـ التهذيب ١ : ٦ / ٥ ، الاستبصار ١ : ٧٩ / ٢٤٦.
٤ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، أحكام القرآن لابن العربي ٢ : ٥٥٩ ، فتح الباري ١ : ٢٥١ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢١ ، المجموع ٢ : ١٧ ، المغني ١ : ١٩٦.
٥ ـ المغني ١ : ١٩٦.
فروع :
الأول : نوم المضطجع ناقض ، قلّ أو كثر عند كلّ من حكم بالنقض.
ونوم القاعد ناقض عندنا وإن قلّ ، للعموم ، وهو قول المزني ، والشافعي في أحد القولين ، وإسحاق ، وأبوعبيد (١) ، إلّا ابن بابويه منّا ، فانه قال : الرجل يرقد قاعداً لا وضوء عليه ما لم ينفرج (٢) ، وهو قول الشافعي وإن كثر اذا كان ممكنا لمقعدته من الأرض ، لأنّ الصحابة كانوا ينامون ثم يقومون فيصلون من غير وضوء (٣) ، وليس بحجة لإمكان السنة.
وقال مالك ، وأحمد ، والثوري ، وأصحاب الرأي : إن كان كثيراً نقض وإلّا فلا (٤).
وأما نوم القائم ، والراكع ، والساجد فعندنا أنّه ناقض ، وبه قال الشافعي في الجديد ، وأحمد في إحدى الروايتين (٥) للعموم ، والثانية : أنّه لا ينقض ، وبه قال الشافعي في القديم (٦).
وقال أبو حنيفة : النوم في كلّ حال من أحوال الصلاة غير ناقض ، وإن
__________________
١ ـ مختصر المزني : ٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المحلى : ٢٢٣ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٠ ، فتح الباري ١ : ٢٥١.
٢ ـ الفقيه ١ : ٣٨ / ١٤٤.
٣ ـ المجموع ٢ : ١٤ ، الوجيز ١ : ١٦ ، الاُم ١ : ١٢ ، سبل السلام ١ : ٩٦ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤ ، فتح العزيز ١ : ٢١ ، المحلى ١ : ٢٢٥.
٤ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٣٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، المحلى ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٢ : ١٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٩ ، مسائل الامام أحمد : ١٣ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٤٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢٥ ، فتح الباري ١ : ٢٥١ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، القواعد في الفقه الاسلامي : ٣٤٢.
٥ ـ نيل الأوطار ١ : ٢٤٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، الاُم ١ : ١٣ ، بداية المجتهد ١ : ٣٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١ ، عمدة القارئ ٣ : ١١٠ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ ، المغني ١ : ١٩٧.
٦ ـ المجموع ٢ : ١٨ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ ، المغني ١ : ١٩٨.
كثر ، وهو أضعف أقوال الشافعي (١) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( إذا نام العبد في سجوده باهى الله تعالى به ملائكته ، يقول : عبدي روحه عندي وجسده ساجد بين يدي ) (٢) ، ولا حجة فيه.
الثاني : السُنة ـ وهي ابتداء النعاس ـ غير ناقضة ، لأنّها لا تسمى نوماً ، ولأن نقضه مشروط بزوال العقل.
الثالث : كلّ ما أزال العقل من إغماء ، أو جنون ، أو سكر ، أو شرب مرقد ، ناقض لمشاركته للنوم في المقتضي ، ولقول الصادق عليهالسلام : « إذا خفي الصوت فقد وجب الوضوء » (٣).
وللشافعية في السكر قولان ، أضعفهما : عدم النقض ، لأنّه كالصاحي في الحكم فينفذ طلاقه وعتقه ، وإقراره وتصرفاته (٤) ، وهو ممنوع.
الرابع : ولو شك في النوم لم تنتقض طهارته ، وكذا لو تخايل له شيء ولم يعلم أنّه منام أو حديث النفس ، ولو تحقق أنّه رؤيا نقض.
مسألة ٢٩ : دم الاستحاضة إن كان قليلاً يجب به الوضوء خاصة ، ذهب إليه علماؤنا ، إلّا ابن أبي عقيل (٥) ، لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( المستحاضة تتوضأ لكلّ صلاة ) (٦).
وقول الصادق عليهالسلام : « وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت
__________________
١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٨ ، فتح العزيز ٢ : ٢٤ و ٢٨ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٢ : ١٤ و ١٨ ، المحلى ١ : ٢٢٤ ، اللباب ١ : ١٣ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٣.
٢ ـ تلخيص الحبير ٢ : ٢٦.
٣ ـ الكافي ٣ : ٣٧ / ١٤ ، التهذيب ١ : ٩ / ١٤ ، وفيهما عن أبي الحسن (ع).
٤ ـ المجموع ٢ : ٢١ ، فتح العزيز ٢ : ١٩.
٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٨.
٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٨١ / ٣٠٠ ، سنن البيهقي ١ : ٣٤٨.
وصلت كلّ صلاة بوضوء » (١).
وقال ابن أبي عقيل : ما لم يظهر على القطنة فلا غسل ولا وضوء (٢) وقال مالك : ليس على المستحاضة وضوء (٣).
مسألة ٣٠ : لا يجب الوضوء بشيء سوى ما ذكرناه ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وقد خالف الجمهور في أشياء نحن نذكرها.
الأول : المذي والوذي ـ وهو ما يخرج بعد البول ثخين كدر ـ لا ينقضان الوضوء ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، للأصل ، ولقول الصادق عليهالسلام : « إنّ علياً عليهالسلام كان مذاء ، فاستحى أن يسأل رسول الله صلىاللهعليهوآله لمكان فاطمة عليهاالسلام ، فأمر المقداد أن يسأله ، فقال : ليس بشيء » (٤).
وقال الجمهور : إنّهما ناقضان (٥) إلّا مالكاً فإنه قال : المذي إذا استدام به لا يوجب الوضوء (٦) ، لأنّ علياً عليهالسلام قال : « كنت اكثر الغسل من المذي حتى تشقق ظهري ، فسألت رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : إنّما يكفيك أن تنضح على فرجك ، وتتوضأ للصلاة » (٧) وهو بعد
__________________
١ ـ الكافي : ٨٩ / ٢ ، التهذيب ١ : ١٠٧ / ٢٧٧.
٢ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٨.
٣ ـ بداية المجتهد ١ : ٦٠ ، المغني ١ : ٣٨٩ ، المحلى ١ : ٢٥٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٢٧.
٤ ـ التهذيب ١ : ١٧ / ٣٩ ، الاستبصار ١ : ٩١ / ٢٩٢.
٥ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، الاُم ١ : ٣٩ ، الشرح الصغير ١ : ٥٢ ، المحلى ١ : ٢٣٢ ، المجموع ٢ : ٦ ، سبل السلام ١ : ١٠١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠ ـ ١٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، المغني ١ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧ ، عمدة القارئ ٣ : ٢١٧ ، فتح الباري ١ : ٣٠٢.
٦ ـ بداية المجتهد ١ : ٣٤ ، المجموع ٢ : ٧ ، المنتقى للباجي ١ : ٨٩.
٧ ـ سنن ابي داود ١ : ٥٣ / ٢٠٦ ، ٢٠٧ ، سنن النسائي ١ : ١١١ ، صحيح مسلم ١ : ٢٤٧ / ٣٠٣ ، الموطأ ١ : ٤٠ / ٥٣.
التسليم محمول على الاستحباب.
الثاني : القيء لا ينقض الوضوء ، سواء قل أو كثر ، وكذا ما يخرج من غير السبيلين ، كالدم والبصاق والرعاف وغير ذلك ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال في الصحابة علي عليهالسلام ، وعبدالله بن عباس ، وعبدالله بن عمر ، وعبدالله بن أبي أوفى ، ومن التابعين سعيد بن المسيب ، والقاسم بن محمد ، وعطاء ، وطاووس ، وسالم بن عبد الله بن عمر ، ومكحول ، وهو مذهب ربيعة ، ومالك ، والشافعي ، وأبو ثور ، وداود ، (١) للأصل ، ولقولهم عليهمالسلام : « لا ينقض إلّا ما خرج من طرفيك الأسفلين ، أو النوم » (٢).
وقال أبو حنيفة : القيء إن كان ملء الفم أوجب الوضوء وإلّا فلا ، وغيره إن كان نجساً خرج من البدن وسال أوجب الوضوء ، وإن وقف على رأس المخرج لم يوجب الوضوء ، وبه قال الأوزاعي ، والثوري ، وأحمد ، وإسحاق ، إلّا أن أحمد يقول : إن كان الدم قطرة أو قطرتين لم يوجب الوضوء (٣).
وعنه رواية اُخرى : أنّه إنّ خرج قدر ما يعفى عن غسله ـ وهو قدر الشبر ـ لم يجب الوضوء (٤) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( من قاء أو قلس فلينصرف وليتوضأ ، وليبن على صلاته ما لم يتكلم ) (٥).
____________
١ ـ الاُم ١ : ١٨ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٥ ، سنن الترمذي ١ : ١٤٥ ، ذيل الحديث ٨٧ ، المغني ١ : ٢٠٨ ، المجموع ٢ : ٥٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢ ، سبل السلام ١ : ١٠٦ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٤ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٧٠ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨.
٢ ـ الكافي ٣ : ٣٦ / ٦ ، الفقيه ١ : ٣٧ / ١٣٧ ، التهذيب ١ : ٨ / ١٢ ، الاستبصار ١ : ٧٩ / ٢٤٤.
٣ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٥ ، شرح فتح القدير ١ : ٣٤ ، اللباب ١ : ١١ ـ ١٢ ، المغني ١ : ٢٠٩ ، المجموع ٢ : ٥٤ ، فتح العزيز ٢ : ٢ ، نيل الأوطار ١ : ٢٣٥ و ٢٣٧ ، رحمة الامة ١ : ١٥ ، المحلى ١ : ٢٥٧.
٤ ـ المغني ١ : ٢٠٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢١١.
٥ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٥٣ / ١١ و ١٥٤ / ١٢.
وهو محمول على غسل الفم ، والاستحباب ، ولأنّه متروك (١) ، لأنّه فعل كثير.
الثالث : مسّ الذكر والدبر لا يوجب الوضوء ، سواء مسّ الباطنين أو الظاهرين ، وكذا لو مسّت المرأة قبلها أو دبرها سواء كان بباطن الكف أو ظاهره ، وسواء مسّ بشهوة أو غيرها ، وسواء كان الفرجان منه أو من غيره ، ذهب إليه أكثر علمائنا (٢) ، وبه قال علي عليهالسلام ، وعمار بن ياسر ، وعبدالله بن مسعود ، وابن عباس في إحدى الروايتين ، وحذيفة ، وعمران بن الحصين ، وأبو الدرداء ، وسعد بن أبي وقاص في إحدى الروايتين ، والحسن البصري ، وقتادة ، والثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه (٣) ، للأصل ، ولقوله عليهالسلام وقد سئل عن مسّ الرجل ذكره بعد الوضوء : ( هل هو إلّا بضعة منه؟ ) (٤) ، ولقول الصادق عليهالسلام ـ وقد سئل عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة ـ : « لا بأس » (٥) ، وما تقدم.
وقال الصدوق : من مسّ باطن ذكره بإصبعه أو باطن دبره انتقض وضوؤه (٦).
وقال ابن الجنيد : من مسّ ما انضم عليه الثقبان نقض وضوؤه ، ومن
____________
١ ـ لم ترد في نسخة ( م ).
٢ ـ منهم المفيد في المقنعة : ٣ ، والشيخ الطوسي في النهاية : ١٩ ، والمبسوط ١ : ٢٦ ، والخلاف ١ : ١١٢ مسألة ٥٥ ، وسلار في المراسم : ٣١ ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : ١٢٦ ، والمحقق الحلّي في المعتبر : ٢٩.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٩ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٦ ، شرح فتح القدير ١ : ٤٨ و ٤٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، المحلى ١ : ٢٣٧.
٤ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٦ / ١٨٢ ، سنن النسائي ١ : ١٠١ ، سنن الدارقطني ١ : ١٤٩ / ١٧.
٥ ـ التهذيب ١ : ٣٤٦ / ١٠١٤ ، الاستبصار : ٨٨ / ٢٨٢.
٦ ـ الفقيه ١ : ٣٩ ذيل الحديث ١٤٨.
مس ظاهر الفرج من غيره بشهوة تطهّر إن كان محرّماً ، ومن مسّ باطن الفرجين فعليه الوضوء من المحرم والمحلل (١) ، لأنّ عمارا سأل الصادق عليهالسلام عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره ، قال : « نقض وضوءه » (٢) ، والطريق ضعيف ، ومحمول على استصحاب نجاسته.
وقال الشافعي : من مسّ ذكراً ببطن كفه وجب عليه الوضوء.
وحكاه ابن المنذر ، عن عمر ، وابن عمر ، وسعد بن أبي وقاص ، وعائشة ، وأبي هريرة ، وابن عباس.
ومن التابعين عطاء بن أبي رباح ، وسعيد بن المسيب ، وأبان بن عثمان ، وعروة بن الزبير ، وسليمان بن يسار ، والزهري ، وأبو العالية ، ومجاهد.
وبه قال مالك ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، والمزني (٣) ، لأنّ بسرة بنت صفوان روت أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( إذا مسّ أحدكم ذكره فليتوضأ ) (٤) ، ومع التسليم يحمل على المس للغسل من البول لأنّه الغالب.
وقال داود : إنّ مسّ ذكر نفسه انتقض ، وان مسّ ذكر غيره لم ينتقض (٥) ، لأنّ الخبر ورد فيمن مسّ ذكره.
__________________
١ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٢٩.
٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤٨ / ١٠٢٣ ، الاستبصار ١ : ٨٨ / ٢٨٤.
٣ ـ ألام ١ : ١٩ ، المجموع ٢ : ٤١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٦ ، المحلى ١ : ٢٣٧ ، بداية المجتهد ١ : ٣٩ ، المدونة الكبرى ١ : ٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٢٢ ، فتح العزيز ٢ : ٣٧ ـ ٣٨ ، مختصر المزني : ٣ ـ ٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠.
٤ ـ الموطأ ١ : ٤٢ / ٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٦١ / ٤٧٩ ، سنن الدارقطني ١ : ١٤٧ / ٣ ، سنن البيهقي ١ : ١٢٨.
٥ ـ المحلى ١ : ٢٣٥ ، المغني ١ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٧.
قال الشافعي : ولو مسّ بغير بطن كفه من ظهر كفه ، أو ساعده ، أو غير ذلك من أعضائه لم ينتقض الوضوء (١) ، للاصل.
وحكي عن عطاء ، والأوزاعي ، وأحمد في إحدى الروايتين : النقض بظهر الكف والساعد ، لأنّه من جملة يده (٢).
قال الشافعي : ولو مسّه بحرف يده ، أو بما بين الاصابع لم ينتقض (٣).
ولو مسّ الذكر بعد قطعه فوجهان عنده (٤) ، ولو مسّه من ميّت انتقضت (٥) ، وقال إسحاق : لا ينتقض (٦) ولا فرق بين الذكر الصغير والكبير (٧).
وقال الزهري ، والأوزاعي ، ومالك : لا يجب بمس الصغير (٨) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله مسّ زبيبة الحسن عليهالسلام ولم يتوضأ (٩).
قال الشافعي : ولو مسّ الانثيين أو الالية أو العانة لم ينتقض (١٠). وعن عروة بن الزبير النقض (١١).
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٣٧ و ٤٠ ، الاُم ١ : ٢٠ ، المحلى ١ : ٢٣٧.
٢ ـ المجموع ٢ : ٤١ ، فتح العزيز ٢ : ٣٨ ، المحلى ١ : ٢٣٧ ، المغني ١ : ٢٠٣ ـ ٢٠٤.
٣ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ١ : ٦٧ ـ ٦٨.
٤ ـ المجموع ٢ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٦٣.
٥ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، الوجيز ١ : ١٦ ، الاُم ١ : ١٩ ، مختصر المزني : ٤ ، فتح العزيز ٢ : ٥٩ ، المغني ١ : ٢٠٥ الشرح الكبير ١ : ٢١٨.
٦ ـ المغني ١ : ٢٠٥ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٨.
٧ ـ المجموع ٢ : ٣٧ ، مختصر المزني : ٤ ، الاُم ١ : ١٩ ، فتح العزيز ٢ : ٦٠ ، الوجيز ١ : ١٦.
٨ ـ المغني ١ : ٢٠٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٧ ، الشرح الصغير ١ : ٥٥.
٩ ـ فتح العزيز ٢ : ٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٣٧.
١٠ ـ المجموع ٢ : ٤٠ ، مغني المحتاج ١ : ٣٥ ، الاُم ١ : ١٩.
١١ ـ المجموع ٢ : ٤٠ ، واُنظر سنن البيهقي ١ : ١٣٧.
ولو مسّ حلقة دبره أو دبر غيره ، قال الشافعي : انتقض (١) ، وفي القديم : لا ينتقض ، كما ذهبنا إليه ، وبه قال مالك ، وداود ، لأنّه لا يقصد مسّه (٢).
ولو مسّت المرأة فرجها انتقض وضوؤها عند الشافعي (٣) ، خلافاً لمالك (٤).
والخنثى المشكل إذا مسّ فرج نفسه ، أو مسّه غيره إنتقض وضوؤه ، إذا تيقنا أن الذي مسّه فرج ، أو لمس من رجل وامرأة ، ومتى جوّزنا غير ذلك فلا نقض ، وإن مسّ نفسه ، فإن مسّ ذكره أو فرجه فلا نقض ، وإن جمع نقض.
وإن مسّه رجل ، فإن مسّ ذكره انتقض ، لأنّه إن كان رجلاً فقد مسّ فرجه ، وإن كان امرأة فقد مسّ موضعا من بدنها ، فإن الزيادة لا تخرجه عن كونه من بدنها ، وإن مسّ الفرج فلا نقض ، لجواز أن يكون رجلاً فقد مسّ خلقة زائدة من بدنه.
وإن مسّه امرأة ، فإن مسّت ذكره فلا نقض ، لجواز أن تكون امرأة فتكون قد مسّت خلقة زائدة من بدنها ، وإن مسّت فرجه انتقض ، لأنّها إنّ كانت امرأة فقد مسّت فرجها ، وإن كان رجلاً فقد مسّت بدنه.
وإن مسّه خنثى ، فإن مسّ ذكره فلا نقض ، لجواز أن يكونا امرأتين ، فتكون إحداهما مسّت بدن الاُخرى ، وإن مسّ فرجه لم ينتقض ، لجواز أن
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٣٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٥٨ ، مغني المحتاج ١ : ٣٦.
٢ ـ فتح العزيز ٢ : ٥٦ ـ ٥٧ ، المدونة الكبرى ١ : ٨ ، مقدمات ابن رشد ١. ٧٠ ، الشرح الصغير ١ : ٥٥ ، المجموع ٢ : ٤٣ ، المحلى ١ : ٢٣٧.
٣ ـ المجموع ٢ : ٤٣ ، الاُم ١ : ٢٠ ، الوجيز ١ : ١٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣١ ، فتح العزيز ٢ : ٧٤.
٤ ـ المدونة الكبرى ١ : ٩ ، المجموع ٢ : ٤٣.
يكونا رجلين ، فيكون أحدهما مسّ بدن الآخر ، وإن مسّ فرجه وذكره انتقض ، لأنّه لا بدّ وأن يكون أحدهما فرجاً.
وهذا كله ساقط عنّا.
ولو مسّ فرج البهيمة فللشافعي قولان ، أحدهما : النقض ، وبه قال الليث ابن سعد (١).
الرابع : مسّ المرأة لا يوجب الوضوء ، بشهوة كان أو بغيرها ، أي موضع كان من بدنها ، بأي موضع كان من بدنه ، سوى الفرجين ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وعطاء ، وطاووس ، وأبو حنيفة ، وأصحابه (٢) للأصل ، وللاحاديث السابقة ، ولمّا روت عائشة أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قبل امرأة من نسائه وخرج إلى الصلاة ولم يتوضأ (٣).
وقال الشافعي : لمس النساء يوجب الوضوء ، بشهوة كان أو بغير شهوة ، أي موضع كان من بدنه بأي موضع كان من بدنها ، سوى الشعر ، وبه قال ابن مسعود ، وابن عمر ، والزهري ، وربيعة ، ومكحول ، والأوزاعي (٤) لقوله تعالى : ( أو لمستم النساء ) (٥) وحقيقة اللمس باليد ،
____________
١ ـ الاُم ١ : ١٩ ، المجموع ٢ : ٣٨ و ٤٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٥٨ ـ ٥٩.
٢ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، نيل الأوطار ١ : ٢٤٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٨ ، المجموع ٢ : ٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤.
٣ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١٦٨ / ٥٠٢ ، سنن ابي داود ١ : ٤٦ / ١٧٩ ، سنن النسائي ١ : ١٠٤ ، سنن الدارقطني ١ : ١٣٥ / ٥.
٤ ـ المجموع ٢ : ٢٦ و ٣٠ ، الاُم ١ : ١٥ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٤ ، التفسير الكبير ١١ : ١٦٨ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٢٩ ، المغني ١ : ٢٢٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢١٩.
٥ ـ النساء : ٤٣ ، المائدة : ٦.
وهو ممنوع عرفاً.
وقال مالك ، وأحمد ، وإسحاق : إنّ لمسها بشهوة انتقض وضوؤه وإلّا فلا ، وحكاه ابن المنذر عن النخعي ، والشعبي ، والحكم ، وحماد ، لأنّ اللمس بغير شهوة لا يحرم في الاحرام ، والصوم ، فكان كالشعر (١) ، وقال داود : إنّ قصد لمسها انتقض ، وإلّا فلا (٢).
ولمس الشعر ، أو من وراء حائل لا ينقض عند الشافعي (٣) ، وقال مالك : ينقضان إن كان بشهوة وإلّا فلا (٤).
وفي لمس ذات المحارم كالام والاُخت عند الشافعي قولان (٥) ، وفي الكبار والصغار وجهان (٦).
وتنتقض طهارة اللامس في صور النقص كلها ، وفي الملموس قولان (٧).
ولو لمس يداً مقطوعة أو عضواً فلا نقض (٨) ، ولو مسّ ميتة فلاصحابه قولان (٩).
__________________
١ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٦٧ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٦ ، المجموع ٢ : ٣٠ ، المحلى ١ : ٢٤٨ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٦٩ ، المغني ١ : ٢١٩.
٢ ـ المحلى ١ : ٢٤٤ ، المجموع ٢ : ٣٠.
٣ ـ المجموع ٢ : ٢٧ ، الاُم ١ : ١٦ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٥.
٤ ـ الشرح الصغير ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ٣٠ ـ ٣١ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٦ ـ ٦٧.
٥ ـ المجموع ٢ : ٢٧ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦.
٦ ـ تفسير القرطبي ٥ : ٢٢٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢.
٧ ـ المجموع ٢ : ٢٦ ، الوجيز ١ : ١٦ ، بداية المجتهد ١ : ٣٧ ، فتح العزيز ٢ : ٣٣.
٨ ـ المجموع ٢ : ٢٩ ، فتح العزيز ٢ : ٣١.
٩ ـ الوجيز ١ : ١٦ ، فتح العزيز ٢ : ٣٢.
الخامس : القهقهة لا تنقض الوضوء ، وإن وقعت في الصلاة لكن تبطلها ، ذهب إليه أكثر علمائنا (١) ـ وبه قال جابر وأبو موسى الاشعري ، ومن التابعين القاسم بن محمد ، وعروة ، وعطاء ، والزهري ، ومكحول ، ومالك ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور (٢) ـ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( الضحك ينقض الصلاة ، ولا ينقض الوضوء ) (٣) ، وقول الصادق عليهالسلام : « ليس ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك » (٤) الحديث.
وقال ابن الجنيد منّا : من قهقه في صلاته متعمّداً لنظر أو سماع ما أضحكه قطع صلاته ، وأعاد وضوءه (٥) ، لرواية سماعة ، قال : سألته عما ينقض الوضوء ، إلى أن قال : « والضحك في الصلاة » (٦) ، وهي مقطوعة ضعيفة السند.
وقال أبو حنيفة : يجب الوضوء بالقهقهة في الصلاة ، وهو مروي عن الحسن ، والنخعي ، وبه قال الثوري ، وعن الأوزاعي روايتان (٧) لأنّ أبا العالية الرياحي روى أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله كان يصلّي ، فجاء ضرير
____________
١ ـ منهم المحقق الحلّي في المعتبر : ٣٠ ، وابن حمزة في الوسيلة : ٥٣ ، وسلار في المراسم : ٤٠ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٤٩ ، والشيخ في الخلاف ١ : ١٢٦ مسألة ٦٢.
٢ ـ المجموع ٢ : ٦٠ ، الوجيز ١ : ١٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢ ، المغني ١ : ٢٠١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٥ ، المنتقى للباجي ١ : ٦٥ ، مسائل أحمد : ١٣.
٣ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٧٣ / ٥٨.
٤ ـ التهذيب ١ : ١٦ / ٣٦.
٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣٠.
٦ ـ التهذيب ١ : ١٢ / ٢٣ ، الاستبصار ١ : ٨٣ / ٢٦٢.
٧ ـ المبسوط للسرخسي ١ : ٧٧ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٥ ، المجموع ٢ : ٦١ ، المغني ١ : ٢٠١ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٢ ، اللباب ١ : ١٣ ، فتح العزيز ٢ : ٣.
فتردّى في بئر فضحك طوائف من القوم فأمر النبيّ صلىاللهعليهوآله الذين ضحكوا أن يعيدوا الوضوء والصلاة (١) ، وهو مرسل ، قال ابن سيرين : لا تأخذوا بمراسيل الحسن وأبي العالية فانهما لا يباليان عمّن أخذا (٢).
السادس : لا وضوء من أكل ما مسته النار ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وبه قال علي عليهالسلام ، وجماعة من الصحابة ، وعامة الفقهاء (٣).
وحكي عن عمر بن عبد العزيز ، وأبي قلابة ، وأبي مجلز ، والزهري ، والحسن البصري أنهم كانوا يتوضؤون منه (٤) ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( توضؤوا مما مسته النار ) (٥) ، وهو منسوخ ، لأنّ جابر بن عبد الله قال : كان آخر الأمرين من رسول الله صلىاللهعليهوآله ترك الوضوء مما مسّت النار (٦).
السابع : أكل لحم الجزور لا يوجب الوضوء ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وهو قول أكثر العلماء (٧) ـ للأصل ، لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله
____________
١ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٦٣ / ٥ و ٦ ، سنن البيهقي ١ : ١٤٦.
٢ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٧١ / ٤٤ ـ ٤٥ ، سنن البيهقي ١ : ١٤٦.
٣ ـ الاُم ١ : ٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٩ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، المجموع ٢ : ٥٧ ، فتح العزيز ٢ : ٤ ، نيل الأوطار ١ : ٢٦٢ ، المحلى ١ : ٢٤١ ، الوجيز ١ : ١٥ ، مسائل الامام أحمد : ١٥ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤ ، مجمع الزوائد ١ : ٢٥١ ، الموطأ ١ : ٢٦ / ٢٢ ، سنن الترمذي ١ : ١١٦ / ٧٩.
٤ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، المحلى ١ : ٢٤٣ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٣ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤. المغني ١ : ٢١٦ ـ ٢١٧.
٥ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٧٣ / ٣٥٢ و ٣٥٣ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٥ و ١٥٧ ، سنن النسائي ١ : ١٠٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٦٤ / ٤٨٦ ـ ٤٨٧.
٦ ـ سنن ابي داود ١ : ٤٩ / ١٩٢ ، سنن النسائي ١ : ١٠٨ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٥ ـ ١٥٦.
٧ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٧٩ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٢ ، سنن الترمذي ١ : ١٢٥ ذيل الحديث ٨١ ، المغني ١ : ٢١١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٢.
قال : ( الوضوء مما يخرج لا مما يدخل ) (١).
وللشافعي قولان ، القديم : النقض ـ وبه قال أحمد (٢) ـ لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله سئل أيتوضأ من لحوم الإبل؟ فقال : ( نعم ) (٣) ، ولو سلم حمل على غسل اليد.
الثامن : الردة لا تبطل الوضوء ، للأصل ، ولقول الصادق عليهالسلام : « لا ينقض الوضوء إلّا ما خرج من طرفيك » (٤) ، الحديث.
وقال أحمد : ينقض (٥) لقوله تعلى : ( لئن أشركت ليحبطن عملك ) (٦) وهو مقيد بالموافاة.
التاسع : حكي عن مجاهد ، والحكم ، وحماد ، أن في قص الشارب وتقليم الأظفار ، ونتف الإبط الوضوء ، بغير حجة ، وأنكره جمهور العلماء (٧).
تنبيه : كلّ ما أوجب الوضوء فهو بالعمد والسهو سواء بلا خلاف.
____________
١ ـ سنن الدارقطني ١ : ١٥١ / ١ ، سنن البيهقي ١ : ١١٦.
٢ ـ المجموع ٢ : ٥٧ ، بداية المجتهد ١ : ٤٠ ، نيل الأوطار ١ : ٢٥٢ ، سبل السلام ١ : ١٠٧ ، كشاف القناع ١ : ١٣٠ ، مسائل الامام أحمد : ١٥ ، عمدة القارئ ٣ : ١٠٤ ، المغني ١ : ٢١١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٢.
٣ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٧٥ / ٣٦٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٥٨.
٤ ـ الكافي ٣ : ٣٥ / ١ ، التهذيب ١ : ١٠ / ١٧ و ١٦ / ٣٦ ، الاستبصار ١ : ٨٦ / ٢٧١.
٥ ـ المجموع ٢ : ٦١ ، المغني ١ : ٢٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٥.
٦ ـ الزمر : ٦٥.
٧ ـ المغني ١ : ٢٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٢٨.
الفصل الثاني : في آداب الخلوة
يستحب الاستتار عن العيون ، لأنّ جابراً قال : خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله في سفر ، فإذا هو بشجرتين بينهما أربعة أذرع ، فقال : ( يا جابر انطلق إلى هذه الشجرة فقل : يقول لك رسول الله صلىاللهعليهوآله : الحقي بصاحبتك حتى أجلس خلفكما ) فجلس النبيّ صلىاللهعليهوآله خلفهما ، ثم رجعتا إلى مكانهما (١).
ويجب ستر العورة لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( احفظ عورتك ، إلّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ) (٢) ، وقول الصادق عليهالسلام : « لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه » (٣).
والعورة هي القُبل والدبر ، لقول الكاظم عليهالسلام : « العورة عورتان : القُبل والدبر » (٤).
مسألة ٣١ : المشهور بين علمائنا تحريم استقبال القبلة واستدبارها حالة
__________________
١ ـ سنن البيهقي ١ : ٩٣.
٢ ـ سنن الترمذي ٥ : ١١٠ / ٢٧٩٤ ، مسند أحمد ٥ : ٣ ، مستدرك الحاكم ٤ : ١٨٠ ، سنن البيهقي ١ : ١٩٩.
٣ ـ التهذيب ١ : ٣٧٤ / ١١٤٩.
٤ ـ الكافي ٦ : ٥٠١ / ٢٦ ، التهذيب ١ : ٣٧٤ / ١١٥١.
البول والغائط ، في الصحارى والبنيان ، ويجب الانحراف في موضع قد بني على ذلك ـ وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد في إحدى الروايتين (١) ـ لقول النبيّ صلىاللهعليهوآله : ( إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ) (٢) ، وقوله عليهالسلام : ( إذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يولها ظهره ، شرقوا أو غربوا ) (٣).
وعن علي عليهالسلام : « أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها » (٤) ولمّا فيه من الاحترام والتعظيم لشعائر الله تعالى.
وقال ابن الجنيد : يستحب ترك الاستقبال والاستدبار (٥) ، وبه قال عروة ، وربيعة ، وداود (٦) ، لقول جابر : نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله أن يستقبل القبلة ببول ، ورأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها (٧) ، ويحمل مع التسليم على الاستقبال حالة التنظيف ، إذ لا أقل من الكراهة.
وقال المفيد منّا وسلار : يجوز في البنيان الاستقبال والاستدبار (٨) ـ وبه قال ابن عباس ، وابن عمرو ، ومالك ، والشافعي ، وابن المنذر ، وأصح
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، المغني ١ : ١٨٥ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤ ، المحلى ١ : ١٩٤ ، فتح الباري ١ : ١٩٨ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٧٧.
٢ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٢٤ / ٢٦٥.
٣ ـ صحيح البخاري ١ : ٤٨.
٤ ـ التهذيب ١ : ٢٥ / ٦٤ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣٠.
٥ ـ حكاه المحقق في المعتبر : ٣١.
٦ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، المغني ١ : ١٨٤ ، عمدة القارى ٢ : ٢٧٨ ، فتح الباري ١ : ١٩٨ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤.
٧ ـ سنن ابي داود ١ : ٤ / ١٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ١١٧ / ٣٢٥ ، سنن الترمذي ١ : ١٥ / ٩.
٨ ـ المقنعة : ٤ ، المراسم : ٣٢.
الروايتين عن أحمد (١) ـ لأنّ الكاظم عليهالسلام كان في داره مستراح إلى القبلة (٢) ، ولا حجة فيه لاحتمال شرائها كذلك ، وكان عليهالسلام ينحرف أو له غيره.
ورواية عائشة ـ ان النبيّ صلىاللهعليهوآله قال : ( استقبلوا بمقعدتي القبلة ) (٣) ـ ضعيفة ، لبرائته عليهالسلام من الأمر بالمكروه ، أو المحرم.
وعن أحمد رواية أنّه يجوز استدبار الكعبة في الصحارى والبنيان (٤) ، لأنّ ابن عمر قال : رأيت النبيّ صلىاللهعليهوآله على حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة (٥) ، ويضعف بما تقدم.
مسألة ٣٢ : يكره له أشياء.
الأول : استقبال الشمس والقمر بفرجيه ، لقول الباقر. عليهالسلام عن آبائه عليهمالسلام : « إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله نهى أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه وهو يبول » (٦).
الثاني : استقبال الريح بالبول ، لقول الحسن بن علي عليهماالسلام : « ولا تستقبل الريح » (٧) ، ولئلا ترّده الريح إليه.
الثالث : البول في الأرض الصلبة ، لئلا يترشش عليه ، ولقول الصادق
__________________
١ ـ المجموع ٢ : ٧٨ ـ ٧٩ ، المغني ١ : ١٨٥ ، المدونة الكبرى ١ : ٧ ، عمدة القارئ ٢ : ٢٧٨ و ٢٨١ ، مقدمات ابن رشد ١ : ٦٤ ، بُلغة السالك ١ : ٣٧.
٢ ـ التهذيب ١ : ٢٦ / ٦٦ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣٢. وفيهما عن ابي الحسن الرضا عليهالسلام.
٣ ـ سنن ابن ماجة ١ : ١١٧ / ٣٢٤ ، سنن الدارقطني ١ : ٦٠ / ٧ ، مسند أحمد ٦ : ١٣٧.
٤ ـ المجموع ٢ : ٨١ ، الإنصاف ١ : ١٠١ ، نيل الأوطار ١ : ٩٤.
٥ ـ صحيح مسلم ١ : ٢٢٥ / ٦٢ ، سنن الترمذي ١ : ١٦ / ١١.
٦ ـ التهذيب ١ : ٣٤ / ٩١.
٧ ـ الفقيه ١ : ١٨ / ٤٧ ، التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٨ ، الاستبصار ١ : ٤٧ / ١٣١.
عليهالسلام : « كان رسول الله صلىاللهعليهوآله أشد الناس توقيا للبول ، حتى أنّه كان إذا أراد البول يعمد إلى مكان مرتفع من الأرض ، أو إلى مكان يكون فيه التراب الكثير ، كراهية أن ينضح عليه البول » (١).
الرابع : البول في جحرة الحيوان ، لئلا يؤذيه.
الخامس : البول في الماء الجاري والراكد ، لأنّ علياً عليهالسلام نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري ، إلّا من ضرورة ، وقال : « إنّ للماء أهلاً » (٢) ، وقال الصادق عليهالسلام : « يكره أن يبول في الراكد » (٣).
السادس : الجلوس في المشارع والشوارع ، وتحت الأشجار المثمرة ، فيضمن على إشكال ، وأفنية الدور ، ومواطن النزال ، ومواضع اللعن وهي : أبواب الدور.
وقال الصادق عليهالسلام : « قال رجل لعلي بن الحسين عليهماالسلام : أين يتوضأ الغرباء؟ قال : يتّقى شطوط الأنهار ، والطرق النافذة ، وتحت الأشجار المثمرة ، ومواضع اللعن » (٤).
وسأل أبو حنيفة من الكاظم عليهالسلام أين يضع الغريب ببلدكم؟ فقال : « اجتنب أفنية المساجد ، وشطوط الأنهار ، ومساقط الثمار ، وفيء النزال ، ولا تستقبل القبلة ببول ولا غائط ، وارفع ثوبك ، وضع حيث شئت » (٥).
__________________
١ ـ الفقيه ١ : ١٦ / ٣٦ ، التهذيب ١ : ٣٣ / ٨٧ ، علل الشرائع : ٢٧٨ باب ١٨٦.
٢ ـ التهذيب ١ : ٣٤ / ٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٥ وفيهما ، عن علي عليهالسلام ، قال : نهى النبيّ صلىاللهعليهوآله .
٣ ـ التهذيب ١ : ٣١ / ٨١ ، الاستبصار ١ : ١٣ / ٢٣.
٤ ـ الكافي ٣ : ١٥ / ٢ ، الفقيه ١ : ١٨ / ٤٤ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٨ ، معاني الأخبار : ٣٦٨ / ١.
٥ ـ الكافي ٣ : ١٦ / ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠ / ٧٩ ، تحف العقول : ٤١١ ، الاحتجاج ٢ : ٣٨٧ ـ ٣٨٨.