ويصحّ اشتراط السائغ ، فيضمن لمخالفته وإن تلف بغير ذلك ، كاشتراط السير ليلا أو نهارا.
وللمستأجر ضرب الدابّة بالمعتاد وحثّها وكبحها (١) باللجام ولا ضمان.
ويضمن المؤجر الحمل بتفريطه ، وللمستأجر تضمينه قيمته في موضع التسليم ولا أجرة ، أو في موضع التلف ، وعليه الأجرة ، ومع الضمان يضمن المثلي بمثله والقيمي بقيمته يوم التلف.
القسم الثاني : في التنازع
لو تنازعا في أصل الإجارة قدّم قول منكرها مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر المستأجر ، أو في قدر المنفعة ، أو في قدر المدّة ، أو في ردّ العين ، قدّم قول المؤجر مع يمينه.
ولو اختلفا في قدر الأجرة ، أو في التفريط ، أو في التعدّي ، أو في قيمة العين معهما ، أو في تلف العين ، قدّم قول المستأجر مع يمينه.
ولو ادّعى الصّانع أو الملّاح أو المكاري هلاك المتاع وأنكر المالك ولا بيّنة ، قدّم قولهم مع اليمين.
ولو قال : أمرتك بقطعه قميصا ، فقال : بل قباء ، فالقول قول المالك مع يمينه ، ولا أجرة للخيّاط بل عليه الأرش ، ثمّ إن كانت الخيوط من الثوب أو من المالك لم يكن للخيّاط فتقه ، وإلّا فله أخذها.
__________________
(١) قال الجوهري في الصحاح : ١ / ٣٩٨ : كبحت الدابّة : إذا جذبتها إليك باللجام لكي تقف ولا تجري ، يقال : أكمحتها ، وأكفحتها ، وكبحتها هذه وحدها بلا ألف عن الأصمعي.
ولو أراد المالك أن يشدّ خيطه في الخيط ليصير مكانه فيسلّه ، فله منعه.
ولو اختلفا في بطلان العقد قدّم قول مدّعي الصحّة.
الفصل الثاني : (١)
في تجهيلهما
وهو المضاربة
وفيه مباحث :
[ المبحث ] الأوّل : في العقد
ولفظ الإيجاب : ضاربتك ، أو قارضتك ، وما في معناهما على أن يعمل في هذا المال بربح كذا ، تساويا أو تفاوتا. ولفظ القبول : ما يدلّ على الرّضا مثل : قبلت.
وهو جائز من الطرفين لكلّ منهما فسخه ، ويبطل بالجنون ، أو الإغماء ، أو الموت.
وإطلاق العقد يقتضي مقتضى الوكالة المطلقة ، فيتصرّف بالبيع والشراء كيف شاء ، وبما شاء ، وأين شاء ، ومتى شاء ، وعلى من شاء ، وأيّ متاع شاء.
ويجب قصد الاسترباح ، كما يجب على الوكيل قصد المصلحة.
ويقتضي مقتضى الوديعة ، فلا يمزج مال المضاربة بماله ولا بمال غيره ،
__________________
(١) من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.
ولا بمضاربة أخرى للمالك أو لغيره ، ولا يودعه ، ولا ينتفع به ، ولا يقصّر في حفظه والقيام بمصالحه ، ولا يجحده عند طلبه ، ولا يؤخّر الدفع عند المطالبة مع المكنة ، فيضمنه إذا خالف في هذه المواضع.
ولو قال له المالك : اعمل برأيك ، أو اصنع ما شئت ، فهو تفويض إلّا في النسيئة ، ويجب مراعاة المصلحة.
ويصحّ البيع والشراء بنقد البلد وبغيره ، وبثمن المثل وأزيد مع تصوّر (١) مصلحة استقباليّة. (٢)
وإطلاق العقد يقتضي التجارة في بلد القراض ، فلا يجوز السفر إلّا بإذنه ، فيضمن لو خالف.
والربح على الشرط ، ويقبل من الشروط ما لا ينافيه كشرط مضاربة أخرى ، أو بضاعة ، أو قرض ، أو قضاء حاجة ، أو البيع على شخص معيّن ، أو الشراء منه ، أو شراء متاع معيّن ، أو عمل غلام المالك ، أو عدم السّفر بالمال مطلقا أو عن جهة مخصوصة ، دون ما ينافيه كشرط اللزوم ، وضمان المال ، أو قسط من الخسران ، أو البيع برأس المال ، ويفسد العقد بذلك.
ولو شرط الأجل لم يلزم ولم يفسد العقد ، لكن لا يتصرّف العامل بعده.
ولو قال : اشتر إلى سنة ثمّ بع ولا تشتر ، أو بالعكس لزم.
ولو قال : قارضتك سنة على أن لا أملك فيها منعك لم يصحّ وإذا فسد العقد نفذ التصرّف ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل.
__________________
(١) في « أ » : « قصور » بدل « تصوّر » ولعلّه مصحّف.
(٢) لعلّه قيد لشراء الأزيد من ثمن المثل ، فيجوز إذا كانت هناك مصلحة في المستقبل.
المبحث الثاني : في المتعاقدين
ويشترط فيهما التكليف ، وجواز التصرّف ، والاختيار ، فلا يصحّ من الصّبيّ والمجنون والمملوك والسّفيه والمفلّس والمكره ، ويجوز تعدّد المالك واتّحاده ، وكذا العامل.
ويصحّ من المريض وإن شرط للعامل ما يزيد على أجرة المثل ، ولا يحسب الزّائد من الثلث ، بخلاف ما لو حابى الأجير في الأجرة.
ويصحّ أن يكون العامل مملوك الغير بإذنه والحصّة لمولاه.
ولوليّ اليتيم أن يقارض على ما له من الثقة لا من غيره ، فيضمن.
ولو قارض العامل لنفسه (١) بطل ، ولو قارض للمالك صحّ مع الإذن ، ولا شيء له من الرّبح ، وإن لم يأذن لم يصحّ ، فلو عمل الثاني فالربح للمالك ، وله أجرة المثل على الأوّل مع جهله ، وإن تلف في يده فللمالك مطالبة من شاء ، لكن إن طالب الأوّل رجع على الثاني مع علمه ، وإن طالب الثاني رجع على الأوّل مع جهله.
المبحث الثالث : في المال
وشرطه : أن يكون دراهم أو دنانير ، فلا يصحّ بالنقرة والسبائك والحليّ والفلوس والدّراهم المغشوشة ، ولا بالعروض ، ولا بدفع آلة الصيد أو الصنعة ، فلو اكتسب بها فهو له ، وعليه الأجرة.
__________________
(١) أي ضارب العامل غيره ليكون الربح له كلّا أو جزءا منه. لاحظ القواعد : ٢ / ٣٣٢.
وأن يكون موجودا ، فلو قارضه بما في ذمّته أو ذمّة زيد لم يصحّ ، وكذا لو قال له : اعزل ما في ذمّتك ، أو اقبض ما في ذمّة زيد ، أو بع هذا الثوب واقبض ثمنه ، واعمل فيه مضاربة ، ولو وكّله في العقد بعد الانضاض في ذلك كلّه جاز.
ولو قال : أقرضتك هذا المال شهرا ثمّ هو مضاربة لم يصحّ ، ولو عكس صحّ.
وأن يكون معيّنا فلو ضاربه على أحد الكيسين المتساويين ، أو على أيّهما شئت لم يصحّ.
وأن يكون معلوم القدر والوصف ، فلا تكفي المشاهدة على الأقوى ، ولو قلنا بالصحّة فالقول قول العامل في قدره مع يمينه.
ويجوز أن يكون مشاعا ، وأن يجعل الوديعة والمغصوب مضاربة ، ويبرأ بالدفع إلى البائع لا بعقد المضاربة.
وأن يكون في يد العامل ، فلو شرط المالك انفراد يده بطل ، ولو شرط مشاركة يده أو مراجعته أو مراجعة ثقة صحّ. (١)
المبحث الرابع : [ في ] العمل
وشرطه : أن يكون تجارة ، وهي : الاسترباح بالبيع والشراء ، ويدخل فيها توابعها ، كالنقل والكيل والوزن ، فلو شرط ابتياع أصل يشتركان في نمائه كالبستان لم يصحّ.
__________________
(١) ما في المتن مطابق لنسخة « ب » و « ج ». وقد عبّر في القواعد بتعبير واضح قال : « أمّا لو شرط أن يكون مشاركا في اليد أو يراجعه في التصرّف أو يراجع مشرفه فالأقرب الجواز » القواعد : ٢ / ٣٣٤.
وإطلاق العقد يقتضي فعل ما يتولّاه المالك من البيع والشراء ، وإقباض المبيع وقبض الثّمن وإحرازه ، وعرض القماش وطيّه ونشره ، وإحرازه ، وحفظ المال وحراسته.
ولا يجب عليه ما لا يليه عادة ، كالنداء على المتاع ، ونقله ، ووزنه ، وكيله ، ورفع الأحمال وحطّها ، فيستأجر له ، ولو تولّاه لم يستحقّ أجرة ، ولو استأجر للأوّل لزمته الأجرة.
المبحث الخامس : [ في ] الربح
وشرطه : أن يختصّ بالمتعاقدين ، فلو شرط بعضه لأجنبيّ بطلت ، إلّا أن يعمل ، أو يكون غلام أحدهما.
وأن يكون مشتركا ، فلو اختصّ به المالك أو العامل ، مثل خذه مضاربة والربح لي أو لك بطل ، ولو لم يذكر مضاربة فإن قال : والربح لي فهو بضاعة ، ولو قال : والربح لك (١) فهو قرض.
ولو قال : خذه فاتّجر به ولا أجرة لك ، فهو وكالة.
ولو قال : فلك كذا فإن ضبط العمل فهو إجارة ، وإلّا فهو جعالة.
وأن تكون حصّة العامل معلومة ، فلو شرط له ما شاء أو ما شئت ، أو مثل حصّة عامل فلان ولم يعلماها ، أو ذكر حصّته خاصّة بطلت ، ولو اقتصر على حصّة العامل صحّ.
__________________
(١) النسخ هنا مشوّشة صحّحنا المتن على القواعد : ٢ / ٣٣٦.
ولو قال : خذه على النصف ، أو على أنّ الرّبح بيننا ، فالربح بينهما نصفان ، وكذا لو قال : لك نصف ربحه ، أو ربح نصفه.
ولو قال : ضاربتك على أنّ النّصف لك والثلث لي صحّ ، وكان السدس للمالك.
ولو قال : لك النّصف وثلث ما بقي ، فله الثلثان ، ولو قال : وربع ما بقي ، فله نصف وثمن.
ولو قال : لك الثلث وثلثا ما بقي فله سبعة أتساع ، ولو قال وثلث ما بقي ، فله خمسة أتساع ، ولو قال : وربع ما بقي فله النصف ، سواء عرفا الحساب (١) أو لا.
وأن يكون التقدير بالجزء المشاع كالنصف والثلث ، فلو شرط أحدهما شيئا معيّنا ، والباقي بينهما أو للآخر ، أو قال : لك ربح هذه الألف وربح الأخرى لي ، أو ربح شهر معيّن لك ، أو ربح أحد السفرتين فسد.
المبحث السادس : في الأحكام
وفيه مسائل :
الأولى : العامل أمين لا يضمن إلّا بتعدّ أو تفريط.
الثانية : لا ينفذ تصرّفه إلّا مع الغبطة ، فيصحّ شراء المعيب ، والردّ بالعيب ، وأخذ الأرش ، ومع الاختلاف فيهما يراعى الغبطة ، ومع التساوي يقدّم اختيار المالك.
__________________
(١) كذا في « أ » ولكن في « ب » و « ج » : عرف الحساب.
ولا يبيع إلّا بثمن المثل فصاعدا ، فلو باع بأقلّ فللمالك الفسخ ، ويستردّه ، فإن تعذّر رجع بقيمته على المشتري ، ويرجع على العامل بالثمن ، وإن رجع على العامل رجع العامل على المشتري بالزائد من قيمته.
ولو اشترى بأكثر ردّه واستعاد الثمن ، فإن تعذّر ضمن التفاوت.
الثالثة : لا يبيع إلّا بنقد البلد نقدا إلّا مع التفويض ، فإن خالف ضمن ، ووقف على الإجازة ، ويجوز بالعروض مع الغبطة ، ويجب الشراء بالعين إلّا مع الإذن العامّ أو الخاصّ ، فإن خالف وقع له إلّا أن يذكر المالك ، فيقف على الإجازة ، ولو أضافه في النّية وقع للعامل ظاهرا.
الرابعة : لا يصحّ أن يشتري من ينعتق على المالك ، فإن أذن صحّ وعتق وبطل القراض.
ثمّ إن ظهر فيه ربح ضمن المالك حصّته وقيل : الأجرة (١) وإن لم يظهر ربح فعلى الأوّل لا شيء له ، وعلى الثاني الأجرة.
وإن لم يأذن فإن اشتراه بالعين بطلت ، وإن اشتراه في الذمّة فإن ذكر المالك وقف على الإجازة ، وإلّا وقع له ، سواء علم بالنسب أو لا.
ولو اشترى من ينعتق عليه ، فإن كان فيه ربح وقلنا : يملك بالظهور صحّح ، وعتق عليه نصيبه ، ولا يسري عليه ، بل يسعى العبد ، ويحتمل البطلان ، وإن قلنا : لا يملك صحّ ، ولم يعتق ، وإن لم يكن فيه ربح صحّ وجاز بيعه ، إلّا أن يظهر فيه ربح لارتفاع السوق ، فيعود البحث.
__________________
(١) القائل هو العلّامة في القواعد : ٢ / ٣٣٩.
ولو اشترى زوجة المالك لم يصحّ ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وكذا زوج المرأة إلّا مع الإذن.
الخامسة : الحصّة لازمة بالشرط دون الأجرة ، ويملكها بالظهور لا بالانضاض ، وتستقر بالقسمة أو بالفسخ أو بالانضاض ، فتورث عنه ، ويضمن بالإتلاف ، وليس له أخذ شيء منها بغير إذن المالك وهو وقاية لرأس المال ، فيحسب التالف منه ، سواء كان قبل دورانه في التجارة أو بعده ، وسواء قبل الانضاض أو بعده ، وكذا الخسارة ، سواء كان في سلعة أو أكثر ، أو في صفقة أو أكثر.
ولو تعدّدت المضاربة لم يجبر خسران إحداهما من ربح الأخرى ، ولو أذن المالك في المزج صارت واحدة ، وكذا لو مزج بغير إذنه لكن يضمن الجميع.
ولو أخذ المالك من المال شيئا بعد الخسران حسب عليه حصّته منه ، فلو كان المال مائة فخسر عشرين ، ثمّ أخذ المالك عشرين ، فرأس المال إذن خمسة وسبعون ، فلو ربح لم يجبر منه خسارة المأخوذ.
ولو أخذ المالك منه بعد ربحه حسب له حصّته من الربح ، فلو كان مائة فربح عشرين ، ثمّ أخذها المالك ، فرأس المال ثلاثة وثمانون وثلثا ، فإذا خسر لم يجبر من ربح المأخوذ ، وكان للعامل حصّته منه.
ولو نفق قدر الربح فاقتسماه ثمّ خسر ، ردّ العامل الأقلّ من الخسارة وممّا أخذ.
السادسة : يستحقّ العامل كمال النفقة بالعقد في السفر من مال
القراض ، وينفق في الحضر من ماله ، ولو كان معه مال يتّجر به قسّطت النفقة ، سواء كان لنفسه أو لغيره ، ويجب الاقتصاد والاقتصار على نفقة أمثاله ، فيحسب عليه الزائد ولو أنفق من خاصّة ما له فله الرجوع بها ، ولو أخذ المالك ماله في السفر فعلى العامل نفقة الرجوع ، ولو مات لم يجب تكفينه ، ولا يقيم في سفره أكثر من غرضه ، فنفقة الزائد من خاصّته ويضمن ، ويرجع في السفر إلى العرف.
السابعة : ليس للمالك أن يشتري من مال المضاربة ، ولا الأخذ بالشفعة ، ويجوز للعامل مع الإذن إلّا أن يظهر ربح فيبطل في نصيبه.
الثامنة : يجوز للعامل أن يأخذ مضاربة من آخر ، إلّا أن يتضرّر الأوّل ، فإن فعل اختصّ بنصيبه من الثانية ، وضمن ما تضرّرت به الأولى.
ولو شرط عليه أخذ بضاعة صحّ ، ووجب الوفاء به ، ويلزم العامل قسطها من النفقة.
ولو أخذ مضاربة يعجز عنها ضمن ما يهلك إن جهل المالك وإلّا فلا. (١)
التاسعة : لا يجوز للعامل وطء أمة المضاربة ، فإن وطئ قبل ظهور الربح فعليه المهر والحدّ ، والولد رقّ ، وإن كان بعده صارت أمّ ولد ، والولد حرّ ، وعليه قيمتها وقيمة الولد ، ويسقط من الحدّ ومن قيمة الولد بقدر حصّته ولو أحلّها له جاز ، ولو أذن له أن يشتري جارية يطأها لم يجز.
__________________
(١) قال في القواعد : ٢ / ٣٤١ : ولو أخذ من واحد مالا كثيرا يعجز عن العمل فيه ضمن مع جهل المالك.
العاشرة : إذا قارض العامل غيره بإذن المالك ، وشرط الربح بين المالك والعامل الثاني صحّ ، ولو شرط لنفسه منه شيئا لم يصحّ ، ولو كان بغير إذنه لم يصحّ ، ويضمن المال بالتسليم ، فإن ربح فهو للمالك ، ويرجع الثاني على الأوّل بأجرة المثل مع الجهل وإلّا فلا.
الحادية عشرة : موت كلّ منهما يبطل المضاربة ، فلو مات المالك لم يجز للعامل التصرّف إلّا بإذن الوارث ، ولا السّفر بها إذا علم بالموت ، فلو سافر ضمن ، ولو اضطرّ سلّم المال إلى وكيل الوارث ، فان فقد فإلى الحاكم ، فإن تعذّر فإلى الثقة ، ولو ربح قاسمه الوارث ، ويقدّم على الغرماء.
ويجب عليه تحصيل الدين دون بيع العروض ، ولو أقرّه الوارث لم يصحّ ، ناضّا كان المال أو لا.
ويجوز تجديد العقد إن كان المال ناضّا.
ولو مات العامل فإن عيّن مال المضاربة أخذه صاحبه ، وإلّا فإن علم قدّم وإلّا فله أسوة الغرماء ، ولو ظهر ربح قاسمه الوارث ، ولو أقرّه المالك لم يصحّ.
ولو كان المال ناضّا صحّ استئناف العقد ، وإلّا فلا.
الثانية عشرة : إذا فسخ المالك العقد ولم يكن ربح أخذ المال ، وعليه أجرة المثل ، وإن كان ربح اقتسماه على الشرط ، وفي مطالبة العامل بالإنضاض توقّف ، وعليه استيفاء الدّين ، وكذا البحث لو فسخ العامل.
الثالثة عشرة : إذا تلف المال قبل الشراء بطل العقد ، وإن تلف بعده بطل البيع ، ولو اشترى في الذّمة بإذن المالك لم يبطل ، وعلى المالك بدله ، والجميع رأس المال.
الرابعة عشرة : لو تعدّد المالك وشرطا التفاضل في الربح مع تساوي المالين ، أو التساوي مع تفاضلهما لم يصحّ ، ولو تعدّد العامل جاز التفاضل والتساوي وإن تفاضل العمل.
الخامسة عشرة : إذا فسد القراض جاز تصرّف العامل بالإذن السابق ، والربح للمالك ، وعليه أجرة المثل وإن لم يظهر ربح ، إلّا أن يكون الفساد يجعل الربح كلّه للمالك.
المبحث السابع : في النزاع
وفيه مسائل :
الأولى : لو اختلفا في قدر رأس المال ، أو تلفه ، أو قدر الربح ، أو في الخيانة ، أو التفريط ، أو في الخسران ، أو عدم الربح ، أو في الشراء للمضاربة ، أو لنفسه أو في النهي عن شراء ما اشتراه ، قدّم قول العامل مع يمينه.
ولو اختلفا في ردّ المال أو بعضه ، أو في قدر الحصّة ، أو في الإذن في النسيئة ، أو في الإذن بالبيع بكذا أو بالشراء بكذا ، أو في التفويض ، قدّم قول المالك مع يمينه.
ولو ادّعى العامل الخسران بعد الرّبح قبل ، ولو ادّعى الخطأ أو النسيان لم يقبل.
ولو أنكر القراض ثمّ اعترف به وادّعى التلف ، لم يقبل ، ولو أنكر الاستحقاق أوّلا قبل.
الثانية : لو ادّعى المالك أنّ رأس المال ثلثا الحاصل والباقي ربح نصفه بين العاملين فصدّقه أحدهما وكذّبه الآخر وادّعى العكس ، حلف المكذب وأخذ سدس الحاصل ، ويأخذ المالك رأس ماله الّذي ادّعاه بتصديق الآخر وثلثي الباقي ، والمصدّق ثلثه ، لأنّ الزيادة الّتي أخذها الحالف كالتالف من الربح ، فيحسب عليهما بنسبة استحقاقهما.
الثالثة : لو ادّعى المالك القراض والعامل القرض تحالفا ، ويثبت للعامل أكثر الأمرين من المدّعى حصّة وأجرة المثل.
ولو أقاما بيّنة طلب الترجيح. (١)
ولو انعكس لأجل الخسارة قدّم قول المالك مع اليمين ، وكذا لو ادّعى المالك القرض والعامل الإبضاع ، ولو انعكس تحالفا ويثبت للعامل أجرة المثل.
ولو ادّعى المالك الإبضاع والعامل القراض تحالفا ، ويثبت للعامل أقلّ الأمرين من الأجرة والمدّعى نصيبا ، ويبعد العكس ، ولو أمكن فالقول قول العامل مع يمينه.
__________________
(١) قال في جامع المقاصد : ٨ / ١٧٢ : والمعروف في التعارض بين البيّنتين هو الترجيح للأعدل ، ثمّ للأكثر عددا ، ثمّ يقرع ويقضى للخارج بيمينه.
الفصل الثالث (١)
في تقدير المنفعة دون العوض
وهو المزارعة والمساقاة
فهنا بحثان :
الأوّل :
[ في ] المزارعة
وهي معاملة على أرض الزّرع مدّة معلومة بحصّة مشاعة من نمائها.
ومطالبها أربعة :
[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العقد
ويفتقر إلى الإيجاب مثل : زارعتك على هذه الأرض ، أو عاملتك عليها ، أو سلّمتها إليك للزرع مدّة كذا بربع الحاصل مثلا ، وإلى القبول ، وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا.
ولا ينعقد بلفظ الإجارة ، ولا يصير إجارة لعدم العلم بالأجرة.
وهو عقد لازم من الطرفين ، لا ينفسخ إلّا بالتقايل ، ولا يبطل بموت
__________________
(١) من الفصول الأربعة الّتي أشرنا إليها في أوّل كتاب الإجارة.
أحدهما ، ويقبل الشّروط السائغة ويلزم ، ويكره اشتراط ذهب أو فضّة مع الحصّة.
المطلب الثاني : في الشروط
وهي ثلاثة :
الأوّل : إمكان زرع الأرض ، بأن يكون لها ماء من عين أو نهر أو بئر أو مصنع ، وكذا لو أجرها للزّراعة ، فلو زارعه على أرض لا ماء لها لم يصحّ.
ولو آجرها للزراعة فللعامل الفسخ مع الجهل لا مع العلم ، فيثبت المسمّى ، ولو أطلق الإجارة لم يكن له الفسخ ، ولو كانت في بلاد تشرب بالغيوث غالبا صحّ الجميع ، ولو انقطع في الأثناء فللمزارع أو المستأجر الفسخ ، وعليه أجرة ما يتلف.
ولو كان الماء لا ينحسر عنها لم تصحّ المزارعة ولا الإجارة للزراعة وإن رضي المستأجر ، وكذا لو كان ينحسر تدريجا لجهالة وقت الانتفاع.
الثاني : تعيين المدّة وضبطهما بالأيّام أو الشهور أو الأعوام ، ولا يكفي تعيين المزروع ، ويشترط إمكان إدراكه فيها ، فلو علم عدمه بطلت ، ولو ظنّه فلم يتّفق فللمالك إزالته بغير أرش وأجرة ما مضى ، سواء كان من قبل الله أو من تفريط الزارع (١) ولو اتّفقا على الإبقاء بعوض جاز ، ويجب تقديره وتقدير المدّة ، ولو شرط في العقد الإبقاء إن تأخّر فسد.
ولو لم يزرع حتّى خرجت المدّة لزمته أجرة المثل ولو كان إجارة
__________________
(١) في « ب » و « ج » : الزّراع.
لزمه المسمّى ، فلا يشترط اتّصال المدّة بالعقد.
الثالث : ذكر الحصّة فيجب تقديرها بالجزء المشاع ، فلو جهلها أو أهملها أو قدّرها بالأرطال بطلت ، ويجب الاشتراك في النماء متساويا أو متفاضلا ، فلو شرطه لأحدهما ، أو شرط له قدرا معلوما والباقي له أو بينهما ، أو شرط لكلّ واحد نوعا كالهرف والأفل (١) أو ما يزرع على الجداول وغيره (٢) لم يصحّ.
المطلب الثالث : في الأحكام
وفيه مسائل :
الأولى : إطلاق العقد يقتضي تخيير العامل في زرع ما يشاء إلّا أن يعيّن نوعا ، وفي الزّرع بنفسه أو المشاركة ، ومزارعة غيره ، إلّا مع التّخصيص ، ويقتضي وجوب خراج الأرض ومئونتها على ربّها ، إلّا أن يشترط على العامل.
الثانية : لا يجوز زرع غير المشترط ، فإن زرع الأضرّ فللمالك أجرة المثل أو المسمّى مع الأرش ، وإن زرع الأخفّ تخيّر في الحصّة وأجرة المثل.
الثالثة : لو شرط زرع نوعين وجب تقديرهما ، ويجوز التساوي في الحصّة منهما والاختلاف ، تساويا في الضّرر أو لا ، وكذا لو شرط غرسين أو غرسا وزرعا ، وكذا الإجارة ، فلو استأجرها مدّة ليغرس فيها ما يبقى بعدها فله إزالته بغير أرش على الأقوى.
__________________
(١) في جامع المقاصد : ٧ / ٣٢٤ : الهرف : ما زرع عاجلا ، والأفل خلافه.
(٢) في « أ » : « أو غيره ». في جامع المقاصد : ٧ / ٣٢٤ : ربما فسّرت الجداول بالألواح من الأرض الّتي تحفّ بجمع التراب حولها ، وعبارة التذكرة تشعر بأنّ المراد بها الأنهار ، فانّه قال : أو يشترط أحدهما ما على الجداول والسواقي ، والآخر ما عداه.
الرابعة : يصحّ أن يكون من أحدهما الأرض ومن الآخر البذر والعمل والعوامل ، ويجوز أن يشترط (١) على صاحب الأرض بعضها لا على ثالث.
الخامسة : لو انتثر حبّ من الزرع فنبت في القابل فهو لهما ، وعلى المزارع أجرة الأرض ، ولصاحبها قلعه ، ولو كانت مستأجرة فهو لصاحب البذر ، وعليه أجرة الأرض ولصاحبها قلعه.
السادسة : يجوز للمالك الخرص على العامل ، فيتخيّر في القبول ، فإن قبل لزم ، ويملك الزائد ، ويغرم النقص ، ويشترط في استقراره السلامة ، فلو تلف بآفة سماويّة أو أرضيّة لم يلزمه شيء ، ولو تلف البعض سقط عنه بنسبته.
السابعة : إذا فسدت المزارعة فالزرع لصاحب البذر ، فإن كان ربّ الأرض فعليه أجرة العامل ، وإن كان العامل فعليه أجرة الأرض.
المطلب الرابع : في النزاع
لو اختلفا في المدّة قدّم قول منكر الزيادة مع اليمين ، ولو اختلفا في قدر الحصّة قدّم قول صاحب البذر ، فإن أقاما بيّنة قدّمت بيّنة العامل.
ولو قال العامل : أعرتنيها ، وادّعى المالك الحصّة أو الأجرة ، قدّم قوله ، ويثبت له أقلّ الأمرين من أجرة المثل والحصّة ، وللزّارع التبقية إلى إدراكه.
ولو قال : غصبتها حلف ، وله الإزالة والمطالبة بأجرة المثل وأرش الأرض وطمّ الحفر.
__________________
(١) في « ب » : أن يشرط.
البحث الثاني :
[ في ] المساقاة
وهي معاملة على أصول ثابتة بحصّة من ثمرها.
ومطالبها ثلاثة :
[ المطلب ] الأوّل : [ في ] العقد
ولا بدّ فيه من إيجاب مثل : ساقيتك ، أو عاملتك ، ومن قبول : وهو كلّ لفظ دلّ على الرضا ، ولا يصحّ (١) بلفظ الإجارة ، وهو عقد لازم من الطرفين لا يبطل بموت أحدهما.
[ المطلب ] الثاني : في الشروط ، وهي ستّة :
الأوّل : الوقت ، ويصحّ قبل ظهور الثمرة وبعدها إذا بقى للعامل مستزاد في الثمرة كالتأبير لا كالجداد. (٢)
الثاني : المحلّ ، وهو كلّ أصل ثابت له ثمرة ينتفع بها مع بقائه ، كالنخل وشجر الفواكه والورق والزهر المنتفع بهما كالثمرة ، ولو ساقى على وديّ (٣) غير
__________________
(١) في « أ » : ولا يصلح.
(٢) أي إذا بقي للعامل عمل تزيد به الثمرة كالتأبير. لاحظ القواعد : ٢ / ٣١٧. وفي جامع المقاصد : ٧ / ٣٥١ : الجداد ـ بالدالين المهملتين مع فتح أوّله وكسره ـ : هو صرامها وتجفيف الثمرة ونقلها ونحو ذلك.
(٣) الوديّ : فسيل النخل وصغاره. لسان العرب.
مغروس ، أو على الخضر كالبطيخ والباذنجان ، أو على شجر لا ثمرة له كالغرب (١) لم يصحّ ، ولو كان الوديّ مغروسا صحّ بشرط أن يحمل مثله في المدّة غالبا ، فلو قصرت قطعا أو ظنا أو تساوى الاحتمالان بطلت.
الثالث : المدّة ، ويشترط تقديرها بالشهور والأعوام ، وحصول الثمرة فيها غالبا ، فلو قدّرها بما يحتمل الزيادة والنقصان كقدوم الحاجّ ، وبلوغ الثمرة ، أو خرجت المدّة قبل ظهور الثمرة بطلت ، ولو خرجت قبل كمالها صار شريكا لم يجب عليه العمل.
الرابع : العمل ، وإطلاق العقد يقتضي وجوب كلّ عمل فيه مستزاد للثمرة على العامل : كإصلاح الأجاجين ، وطرق السقي ، وإزالة الحشيش المضرّ بالأصول ، والحرث تحتها ، والعمل بالناضح أو الاستقاء (٢) ، والسّقي (٣) وبقر الحرث وآلته ، وتهذيب الجريد [ من الشوك ] وقطع ما يحتاج إلى القطع ، وزبر الكرم والبطيخ ، والتعديل ، والجداد ، وإصلاح موضع الشمس (٤) ، ونقل الثمرة إليه وحفظها.
ويقتضي وجوب حفر النهر والبئر ، وعمل ما يستقى به من دولاب ودالية والسماد على المالك ، ويرجع في بقر الدولاب والكش إلى العرف.
ويجوز أن يشترط العامل على المالك بعض ما يجب عليه لا كلّه ، وكذا
__________________
(١) الغرب : ضرب من شجر تسوّى منه السهام ، ويطلق في الشام على الحور ، وهو جنس شجر من الفصيلة الصفصافية يزرع حول الجداول لخشبه. المعجم الوسيط.
(٢) في « أ » : والاستقاء.
(٣) في القواعد : ٢ / ٣١٩ مكان العبارة : وسقي الشجر واستقاء الماء.
(٤) في القواعد : ٢ / ٣١٩ : وإصلاح موضع التشميس.
العكس ، وأن يشترط أجرة بعض ما يجب عليه على المالك أو عليهما بشرط أن يبقي شيئا ، وأن يشترط عمل غلام المالك معه ، وإن كان لخاصّه (١) ونفقته على مولاه ، ولو شرطها على العامل أو عليهما أو من الثمرة صحّ بشرط العلم بها.
الخامس : كون الثمرة مشتركة بينهما ، فلو اختص بها أحدهما بطلت.
السادس : ذكر حصّة العامل وتعيينها بالجزء المشاع ، فلو أهمل ذكرها ، أو جهلها كالنصيب ، أو قدّرها بالأرطال بطلت ، وكذا لو شرط لأحدهما قدرا معلوما والباقي للآخر أو بينهما ، أو شرط لأحدهما ثمرة نوع أو ثمرة نخلات معيّنة والباقي للآخر ، أو بينهما ، أو شرط مع الحصّة جزءا من الأصل ، أو ساقاه بالثلث إن سقى سيحا وبالنّصف إن سقى بالناضح.
ولو ذكر حصّة العامل خاصّة صحّ بخلاف العكس.
ولو ساقاه على أحد البستانين بالنصف على أن يساقيه على الآخر بالثلث صحّ ، وكذا لو تفاوتت الحصّة من البستانين ، ومن النوعين إذا علم قدرهما ، ومن الشريكين إذا علم حصّة كلّ منهما.
ولو تعدّد العامل جاز التساوي وعدمه.
الثالث : في الأحكام
وفيه مسائل :
الأولى : إذا ظهرت الثمرة ملك العامل الحصّة وتحقّقت الشركة ، فالتالف منهما والباقي لهما ، وتجب الزكاة على من بلغت حصّته نصابا ، وهو أمين فالقول
__________________
(١) المراد اشتراط لخاصّ العامل. لاحظ جامع المقاصد : ٧ / ٣٦٤.