السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الأبحاث العقائدية
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-270-9
الصفحات: ٧٠
|
قامه عبد الله بن عمر وسعد بن مالك ، إن كان برّاً إنّ أجره لعظيم ، وإن كان إثماً إنّ خطره ليسير (١) . |
والحال أنّ عبد الله بن عمر وسعد بن مالك يعني سعد بن أبي وقّاص كلاهما قد ندما على عدم بيعتهما مع علي وتخلَّفهما عن القتال معه في حروبه ، والنصوص بذلك موجودة في المصادر .
يضيف إنّ عليّاً كان يقول لابنه الحسن عليهالسلام في ليالي صفّين :
|
يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الأمر يبلغ إلىٰ هذا ، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة (٢) . |
الأحاديث الصحيحة المتقنة في الكتب المعتبرة يكذّبها ويطالب فيها بسند صحيح ، ثمّ يذكر مثل هذا ولا يذكر له أيّ سند ، وأيّ مصدر ، وغير معلوم من قال هذا ؟ ويرسله إرسال المسلّمات ، يا حسن يا حسن ما ظنّ أبوك أنّ الأمر يبلغ إلى هذا ، ودّ أبوك لو مات قبل هذا بعشرين سنة ! !
يقول :
|
ولمّا رجع من صفّين تغيّر كلامه . . .
وتواترت |
__________________
(١) منهاج السنّة ٦ / ٢٠٩ .
(٢) منهاج السنّة ٦ / ٢٠٩ .
|
الآثار بكراهته الأحوال في آخر الأمر (١) . وكان علي أحياناً يظهر فيه الندم والكراهة للقتال ، ممّا يبيّن أنّه لم يكن عنده فيه شيء من الأدلّة الشرعيّة (٢) . وممّا يبيّن أنّ عليّاً لم يكن يعلم المستقبل ، إنّه ندم على أشياء ممّا فعلها . . . وكان يقول ليالي صفّين : يا حسن يا حسن ، ما ظنّ أبوك أنّ الأمر يبلغ هذا ، لله درّ مقامٍ قامه سعد بن مالك وعبد الله بن عمر . . . (٣) . |
هذا كرّره مرّة أخرىٰ ، وقال بعد ذلك :
|
هذا رواه المصنّفون (٤) . |
ومن المصنّفون ؟ غير معلوم .
يقول :
|
وتواتر عنه أنّه كان يتضجّر ويتململ
من اختلاف رعيّته عليه ، وأنّه ما كان يظنّ أنّ الأمر يبلغ ما بلغ ، وكان الحسن رأيه ترك القتال ، وقد جاء النصّ |
__________________
(١) منهاج السنّة ٦ / ٢٠٩ .
(٢) منهاج السنّة ٨ / ٥٢٦ .
(٣) منهاج السنّة ٨ / ١٤٥ .
(٤) منهاج السنّة ٨ / ١٤٥ .
|
الصحيح بتصويب الحسن . . . وسائر الأحاديث الصحيحة تدلّ علىٰ أنّ القعود عن القتال والإمساك عن الفتنة كان أحبّ إلى الله ورسوله (١) . |
يقول : وأمّا حديث أُمرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين ، فهذا كذب .
لا بدّ وأن يكذّبه ، لأنّه يصرّ علىٰ أنّ عليّاً لم يكن عنده دليل شرعي علىٰ قتاله ، فلا بدّ وأن يكون هذا الحديث كذباً .
نصّ العبارة :
|
لم يرو علي رضياللهعنه في قتال الجمل وصفّين شيئاً . . . وأمّا قتال الجمل وصفّين فلم يرو أحد منهم فيه نصّاً إلّا القاعدون ، فإنّهم رووا الأحاديث في ترك القتال في الفتنة ، وأمّا الحديث الذي يُروىٰ أنّه أمر بقتل الناكثين والقاسطين والمارقين ، فهو حديث موضوع على النبي صلىاللهعليهوسلم (٢) . |
وهذا الحديث يرويه من الصحابة :
١ ـ أبو أيّوب الأنصاري .
__________________
(١) منهاج السنّة ٨ / ١٤٥ .
(٢) منهاج السنّة ٦ / ١١٢ .
٢ ـ أمير المؤمنين .
٣ ـ عبد الله بن مسعود .
٤ ـ أبو سعيد الخدري .
٥ ـ عمّار بن ياسر .
وغيرهم .
ومن الحفّاظ :
١ ـ الطبري .
٢ ـ البزّار .
٣ ـ أبو يعلىٰ .
٤ ـ ابن مردويه .
٥ ـ أبو القاسم الطبراني .
٦ ـ الحاكم النيسابوري .
٧ ـ الخطيب البغدادي .
٨ ـ ابن عساكر .
٩ ـ ابن الأثير .
١٠ ـ الجلال السيوطي .
١١ ـ ابن كثير .
١٢ ـ المحب الطبري .
__________________
(١) منهاج السنّة ٦ / ١١٢ .
١٣ ـ أبو بكر الهيثمي .
١٤ ـ والمتقي الهندي .
ومن أسانيده الصحيحة ما رواه البزّار والطبراني في الأوسط ، وترون النص علىٰ صحّته في مجمع الزوائد يقول بعد روايته : وأحد إسنادي البزّار رجاله رجال الصحيح ، غير الربيع بن سعيد ووثّقه ابن حبّان ، وله أسانيد أُخرىٰ صحيحة .
افتراء ابن تيميّة علىٰ أمير المؤمنين عليهالسلام
وأمّا الأشياء التي نسبها إلىٰ أمير المؤمنين ، والأكاذيب التي هي في الحقيقة كذب عليه ، في كلماته كثيرة ، منها : إنّ عليّاً كان يقول مراراً : إنّ أبا بكر وعمر أفضل منّي ، وكان يفضّلهما علىٰ نفسه .
يقول :
|
حتىٰ قال : لا يبلغني عن أحد أنّه فضّلني علىٰ أبي بكر وعمر إلّا جلدته جلد المفتري (١) . |
هذا الشيء الذي نقله لم يذكر له مصدراً عن أمير المؤمنين ، وأمير المؤمنين لم نسمع أنّه جلد أحداً من الصحابة لأنّه فضّله على الشيخين ، مع أنّ كثيرين من الصحابة كانوا في نفس الوقت وفي حياة أمير المؤمنين يفضّلون عليّاً على الشيخين بمسمع منه ومرأىٰ .
__________________
(١) منهاج السنة ٧ / ٥١١ .
إنّ ابن حزم في الفصل (١) ، وكذا ابن عبد البر في الاستيعاب (٢) بترجمة أمير المؤمنين ، هذان الحافظان الكبيران يذكران أسماء عدّة كبيرة من الصحابة كانوا يقولون بأفضليّة علي من الشيخين ، ولم نسمع أنّ عليّاً جلد واحداً منهم .
وأمّا هذا الخبر ، فقد كفانا الدكتور محمّد رشاد سالم ـ الذي حقّق منهاج السنّة في طبعته الجديدة ـ مؤنة تحقيقه حيث قال : بأنّه ضعيف (٣) .
وكذب علىٰ علي وفاطمة الزهراء فزعم أنه روي :
|
كما في الصحيح عن علي رضياللهعنه ، قال : طرقني رسول الله صلىاللهعليهوسلم وفاطمة ، فقال : « ألا تقومان تصليان ؟ » فقلت : يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا ، قال : فولّى ، وهو يقول : ( وَكَانَ الْإِنسَانُ أَكْثَرَ شَيْءٍ جَدَلًا ) (٤) . |
وكذب علىٰ أمير المؤمنين في قضيّة شرب الخمر (٥) .
__________________
(١) الفصل في الملل والنحل ٤ / ١٨١ .
(٢) الاستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ١٠٩٠ .
(٣) منهاج السنة ٧ / ٥١١ ، الهامش .
(٤) منهاج السنة ٣ / ٨٥ ، الآية سورة الكهف : ٥٤ .
(٥) منهاج السنة ٧ / ٢٣٧ .
أكتفي بما ذكرت ، وأكرّر دعاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : « اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » .
وصلىٰ الله علىٰ محمّد وآله الطاهرين .