الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٦٧
وهل يجب قبض الثمن في المجلس أو قبضه؟ نظر.
و : لو شرط الخيار لأجنبي كان الفسخ إليه لا إلى المشترط ، إلاّ أن نقول : إن شرط الخيار للأجنبي شرط له وتوكيل للأجنبي.
ز : لو شرط الخيار شهرا مثلا بعد مضي مدة معينة ، احتمل بطلان الشرط ، لأن الواجب لا ينقلب جائزا ،
______________________________________________________
قوله : ( وهل يجب قبض الثمن في المجلس ، أو قبضه؟ نظر ).
ينشأ : من أنه بدون ذلك هل يعدّ بيع دين بدين أم لا؟ والحقّ أنه لا يعدّ ، لأنّ بيع موصوف في الذمة ليس بيعا لدين ، لأنه لم يثبت في الذمة إلى الآن ، ولو كان بيعا لدين بدين وجب أن لا يصحّ وإن قبض أحد العوضين في المجلس ، لأنه لا يخرج بذلك عن كونه بيع دين بدين ، وإلحاقه بالسّلف في هذا الحكم قياس بغير جامع.
قوله : ( إلاّ أن نقول : إن شرط الخيار للأجنبي شرط له ، وتوكيل للأجنبي ).
وجه هذا الاحتمال : أنّ التسلّط على المبيع ، والثمن من توابع الملك ، فلا يكون اشتراط الخيار للأجنبي صحيحا ، إلاّ إذا نزّلناه على أنه توكيل ، وعموم « المسلمون عند شروطهم » (١) [ يدل على ] (٢) جواز الاشتراط ، وتنزيله على التوكيل لا ضرورة إليه ، إذ الممتنع هو سلطنة الانتفاع بالمبيع لغير مالكه ، أما سلطنة رفع العقد فلا مانع من ثبوته للأجنبي ، وقد تدعو الحاجة إليه ، فحينئذ إثبات الخيار لمشترطه لا للأجنبي لا مقتضي له أصلا ، إذ لا إشعار للّفظ فيه.
قوله : ( لو شرط الخيار شهرا مثلا بعد مضي مدة معينة احتمل بطلان الشرط ، لأن الواجب لا ينقلب جائزا ).
لا مانع من انقلاب الواجب في العقود جائزا ، وقد ثبت في مواضع ، فانّ
__________________
(١) الفقيه ٣ : ١٢٧ حديث ٥٥٣ ، التهذيب ٧ : ٢٢ حديث ٩٣.
(٢) لم ترد في « م » ، أثبتناها لاقتضاء السياق لها.
والصحة عملا بالشرط ، فلا يتخير قبل انقضاء المدة.
ح : لو فسخ المشتري بخياره فالعين في يده مضمونة ، ولو فسخ البائع فهي في يد المشتري أمانة على إشكال.
الفصل الثاني في العيب ، وفيه مطالب :
الأول : في حقيقته :
وهو : الخروج عن المجرى الطبيعي لزيادة أو نقصان موجب لنقص المالية كالجنون ، والجذام ، والبرص ، والعمى ، والعور ، والعرج ، والقرن ، والفتق ، والرتق ، والقرع ، والصمم ، والخرس ، وأنواع المرض
______________________________________________________
المبيع لو تعيب قبل القبض مع فرض لزوم البيع انقلب جائزا ، وكذا المبيع في التأخير يلزم ثلاثة أيام أو يوما ، ثم يثبت الجواز ، فلا يمتنع حينئذ تأخير زمان الخيار.
قوله : ( والصحة عملا بالشرط ، فلا يتخير قبل انقضاء المدة ).
لأن ذلك مقتضى الخيار المشروط تأخيره ، والأصح الصحة.
قوله : ( لو فسخ المشتري بخياره فالعين في يده مضمونة ).
لأنها كانت مضمونة قبل الفسخ ، إذ لم يسلمها البائع إلا في مقابلة الثمن ، والأصل بقاؤه ، ولم يتجدد ما يدل على رضى البائع ببقاء العين في يد المشتري ، إذ الفسخ إنما هو من قبله ، فيبقى ما كان.
قوله : ( ولو فسخ البائع فهي في يد المشتري أمانة على إشكال ).
ينشأ : مما ذكر ، ومن أنّ الفسخ لمّا صدر من البائع كان تركه للعين في يد المشتري مشعرا بالرّضى به المقتضي للاستئمان ، وفيه ضعف ، لأنّ مجرد هذا التوهم لا يسقط الأمر الثابت.
قوله : ( الأول : في حقيقته ، وهو : الخروج عن المجرى الطبيعي لزيادة أو نقصان موجب لنقص المالية كالجنون ، والجذام ، والبرص ، والعمى ، والعور ، والعرج ، والقرن ، والفتق ، والرتق ، والقرع ، والصمم ،
ـ سواء استمر كما في الممراض ، أو لا كالعارض ولو حمّى يوم ـ والإصبع الزائدة ، والحول ، والخوص ، والسبل وهو زيادة في الأجفان ، والتخنيث ،
______________________________________________________
والخرس ، وأنواع المرض ـ سواء استمرّ كما في الممراض ، أو لا كالعارض ولو حمّى يوم ـ والإصبع الزائدة ، والحول ، والخوص ، والسبل وهو : زيادة في الأجفان ، والتخنيث ).
ينبغي أن يكون مراده بـ ( المجرى الطبيعي ) : ما جرت به العوائد الغالبة ، لتندرج فيه الأمور التي ليست مخلوقة أصلا ليكون على نهج مقتضى الطبيعة ، أم لا ككون الضيعة ثقيلة الخراج ومنزل الجنود.
وقوله : ( موجب لنقص المالية ) كان عليه أن يقيده بقوله : غالبا ، ليندرج فيه الخصاء والجبّ ، فإنّهما يزيدان في المالية ، مع أنهما عيبان يثبت بهما الرّد قطعا ، وفي الأرش إشكال ، منشؤه : أن تعيينه منوط بالنقصان وهو منتف هنا ، ولا يدفع عنه ذلك ذكرهما فيما بعد ، لأن ذلك وان حصل به تبيان الحكم ، إلاّ أنه لا يكون مصححا للضابط.
و ( القرن ) في العبارة : محرّكة على ما ذكره في الجمهرة ، قال : وامرأة قرناء وهي : التي تظهر قرنة رحمها من فرجها : وهو عيب ، والاسم القرن ، وضبطها ضبطا معتمدا محركة. وفي نهاية ابن الأثير : القرن بسكون الراء شيء يكون في فرج المرأة كالسن يمنع من الوطء ، ويقال له : العفلة (١).
و ( الفتق ) : بالتحريك على ما ذكره في النهاية ، قال : الفتق بالتحريك انفتاق المثانة ، وقيل : انفتاق الصّفاق إلى داخل في مراق البطن ، وقيل : هو أن ينقطع اللحم المشتمل على الأنثيين (٢). وفي الغريبين : أنه بالتحريك أيضا ، قال :هكذا أقرأنيه الأزهري. وعلى حاشية الفائق بخط بعض الأفاضل : أن هذا وهم وافتراء على الأزهري ، وأنه وجد بخطه بالإسكان ، وعليه صح.
__________________
(١) النهاية ( قرن ) ٤ : ٥٤.
(٢) النهاية ( فتق ) ٣ : ٤٠٩.
وكونه خنثى ، والجب والخصاء ، وإن زادت بهما قيمته ،
______________________________________________________
و ( الرتق ) : بالتحريك مصدر قولك : امرأة رتقاء ، بينة الرتق لا يستطاع جماعها ، لارتتاق ذلك الموضع منها ، قاله في الصحاح (١). و ( القرع ) : بالتحريك ، قال في الجمهرة : وقرع رأس الإنسان يقرع قرعا ، إذا تحاتّ شعره ، الذكر أقرع ، والأنثى قرعاء.
وفيها : حول الرجل يحول حولا ، إذا كان أحد سوادي عينيه في موقه والآخر في لحاظه. وفي القاموس : الحول محرّكة ، ظهور البياض في مؤخر العين ، ويكون السواد في قبل المآق ، أو إقبال الحدقة على الأنف ، أو ذهاب حدقتها قبل مؤخّرها ، أو أن تكون العين كأنما تنظر إلى الحجاج ، أو أن تميل الحدقة إلى اللحاظ (٢).
وفيه : أن الخوص ـ بالخاء المعجمة ـ محرّكة [ غؤور ] (٣) العينين ، خوص كفرح فهو أخوص (٤) ـ وبالمهملة ـ محرّكة : ضيق في مؤخر العينين ، أو في إحداهما ، حوص كفرح فهو أحوص (٥). ومن المرض الاستحاضة ، نصّ عليه في التذكرة (٦).
قوله : ( والتخنيث ).
أي : كونه مخنّثا ممكّنا من نفسه ، وفيه من العار ما لا يخفى.
قوله : ( والجبّ والخصاء ، وإن زادت بهما قيمته ).
أي : هما عيب ، لنقصانهما عن أصل الخلقة وإن زادت بهما القيمة ، وفي أخذ الأرش بهما إشكال ، منشؤه عدم الاطّلاع على قدر نقص القيمة بهما ، وفي
__________________
(١) الصحاح ( رتق ) ٤ : ١٤٨٠.
(٢) القاموس ( حول ) ٣ : ٣٦٤.
(٣) في « م » : عور ، وما أثبتناه من القاموس ، وهو الصحيح.
(٤) القاموس ( خوص ) ٢ : ٣٠٢.
(٥) القاموس ( حوص ) ٢ : ٢٩٩.
(٦) التذكرة ١ : ٥٣٩.
وبول الكبير في الفراش ، والإباق ، وانقطاع الحيض ستة أشهر وهي في سن من تحيض ، والثفل الخارج عن العادة في الزيت أو البرز ، واعتياد الزنى والسرقة ،
______________________________________________________
الصحاح : خصيت الفحل خصاء ممدودا ، إذا سلّت خصيتيه (١).
قوله : ( وبول الكبير في الفراش ).
دون الصغير ، لجريان العادة به ، وكونه ممّا لا ينفك منه صغير غالبا ، فكان كالطبيعي الجبلّي ، وضابط الصغير والكبير : العادة ، كما نبّه عليه في التذكرة (٢) ، وضبط بعض العامة سن الصغير بسبع (٣) لا دليل عليه ، ولا فرق بين الذكر والأنثى.
قوله : ( والإباق ).
هو من أفحش العيوب ، لأنه معه في حكم التالف ، ولأنه سرقة لنفسه ، فهو أبلغ من السرقة ، والموجب للرد هو ما يكون عند البائع ، أو يحدث في الثالث عند المشتري قبل تصرفه ، أما غيره فلا ، قال في التذكرة : والمرّة الواحدة في الإباق تكفي في أبدية العيب ، كالوطء في إبطال العنة (٤).
قوله : ( والثفل الخارج عن العادة ).
في القاموس : الثفل بالضم ، والثافل : ما استقر تحت الشيء من كدرة (٥) ، والمراد بالبرز : دهن الكتان.
قوله : ( واعتياد الزنى والسرقة ).
قيّد بالاعتياد فيهما ، لأن المرة عنده لا تكفي ، والذي يلوح من تعليل
__________________
(١) الصحاح ( خصى ) ٦ : ٢٣٢٨.
(٢) التذكرة ١ : ٥٣٩.
(٣) انظر : المجموع ١٢ : ٣٢١.
(٤) التذكرة ١ : ٥٣٨.
(٥) القاموس ( ثفل ) ٣ : ٣٤٢.
والبخر والصنان الذي لا يقبل العلاج ، وكون الضيعة منزل الجنود ،
______________________________________________________
التذكرة كون الإباق عيبا (١) عدم اشتراط الاعتياد هنا ، فتكفي المرة ، وعبارته في حكمهما في التذكرة خالية من اعتبار الاعتياد (٢) ، وكذا في التحرير (٣) ، وعبارة الدروس (٤) أيضا خالية.
وظني أن الاعتياد غير شرط ، لأن الإقدام على القبيح مرة يوجب الجرأة عليه ، ويصير للشيطان على النفس سبيلا ، ولترتب وجوب الحدّ الذي لا يؤمن معه الهلاك عليهما ، وعلى هذا فيكون شرب الخمر عيبا ، ومال في التذكرة إلى عدمه (٥). ولو حصلت التوبة الخالصة المعلوم صدقها بالقرائن القوية في هذه المواضع بعد تحقق العيب ، ففي زوال الحكم نظر.
قوله : ( والبخر والصنان الذي لا يقبل العلاج ).
أفرد ( الذي ) بتأويل كل واحد منهما ، ولا يحسن تقييده بكونه [ غير قابل للعلاج ] (٦) فانّ البخر الذي يكون من تغير المعدة عيب وإن أمكن علاجه ، بخلاف ما يكون من قلح الأسنان ، أي : صفرتها ، والفرق أن الأول مرض ، بخلاف الثاني ، فإنّه يزول بتنظيف الفم.
وكذا القول في الصنان الذي يكون مستحكما ، بخلاف العارض الذي يحدث من عرق أو حركة عنيفة أو اجتماع وسخ ، لعدم الانفكاك من ذلك غالبا عند هذه الأمور. ولعله أراد بقبوله العلاج : الزوال بسرعة وسهولة ، بخلاف ما يحتاج إلى الدواء ، لكنه لا يفهم من العبارة.
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٣٨.
(٢) التذكرة ١ : ٥٣٨.
(٣) تحرير الأحكام ١ : ١٨٢.
(٤) الدروس : ٣٦٤.
(٥) التذكرة ١ : ٥٤٠.
(٦) في « م » : عرفا بل للعلاج ، وما أثبتناه من الحجري ، وهو الصحيح.
وثقيل الخراج ، واستحقاق القتل بالردة أو القصاص ، والقطع بالسرقة أو الجناية ، والاستسعاء في الدين ، وعدم الختان في الكبير دون الصغير والأمة ، والمجلوب من بلاد الشرك مع علم المشتري بجلبه.
والثيوبة ليست عيبا ، ولا الصيام ، ولا الإحرام ، ولا الاعتداد ، ولا التزويج ، ولا معرفة الغناء والنوح ،
______________________________________________________
قوله : ( وثقيل الخراج ).
ذكر الضمير بتأويل الموضع ، ومثله أن يصير للظلمة عليها سبيل خارج عن العادة ولو بمرة ، والمراد بـ ( ثقيل الخراج ) كونه فوق المعتاد في أمثالها.
قوله : ( والقطع بالسرقة أو الجناية ).
هذان عيبان بالاستقلال ، وإن كانت السرقة عيبا برأسها.
قوله : ( وعدم الختان في الكبير دون الصغير ).
لعدم اعتباره في الصغير ، وينبغي أن يراد بـ ( الصغير ) هنا : ما دون البلوغ ، نظرا إلى أنّ ذلك إنما يجب في البالغ ، ويمكن الرّجوع فيه إلى مقتضى العادة الغالبة ، حتّى لو كان سنّ دون البلوغ يغلب وقوع الختان قبله ردّ به. وليس بشيء ، لأن المرجع إلى عادة الشرع ـ إذا وجدت ـ متعين ، ومن ثم لم يعتبر الختان في الأمة وإن اعتيد.
قوله : ( والمجلوب من بلاد الشرك مع علم المشتري بجلبه ).
أي : دون المجلوب من بلاد الشرك وإن كان كبيرا ، فانّ عدم الختان فيه ليس عيبا يردّ به ، لأن الغالب عدم فعل ذلك في بلاد الشرك ، لكن يشترط أن يعلم المشتري كونه مجلوبا ، وإن لم يعلم عدم الختان.
قوله : ( ولا الاعتداد ، ولا التزويج ).
إذا كان زمان الاعتداد قصيرا جدا فلا بحث في أنه لا يعدّ عيبا ، أما إذا
ولا العسر على إشكال ، ولا الكفر ، ولا كونه ولد زنى وإن كان جارية ، ولا عدم المعرفة بالطبخ والخبز وغيرهما.
______________________________________________________
كان طويلا فقد احتمل في التذكرة ثبوته (١) ، وكذا احتمل في التزويج ذلك إذا استعقب فسخه العدّة (٢) ، وهو مشكل [ والأكثر على إطلاق ] (٣) نفي كونه عيبا.
قوله : ( ولا العسر على إشكال ).
العسر : هو قوة اليد اليسرى على ما تقوى عليه اليمنى مع ضعف اليمنى ، عكس المعتاد ، ومنشأ الاشكال : من أنّ المطلوب من المنافع حاصل ، ومن خروجه عن المجرى الطبيعي ، والأصحّ أنه عيب ، لرواية محمد بن مسلم عن الباقر عليهالسلام ، المتضمنة واقعة ابن أبي ليلى في خلوّ الركب عن الشعر (٤).
قوله : ( ولا الكفر ).
وللشيخ (٥) وابن الجنيد (٦) قول بأنه عيب ، واختاره في الدروس (٧) ، ويشكل أنه ليس خروجا عن المجرى الطبيعي ، إلاّ أن يقال : قوله عليهالسلام :« كل مولود فإنه يولد على الفطرة » (٨) قد يدل على خروجه عنه.
اما الفسق فليس عيبا جزما ، إلا أن يكون زانيا ، لأنه يوجب الحدّ ، وكذا كل موجب له كشرب المسكر ، فإنّه معرض للحدّ ، ولا يؤمن معه التلف.
قوله : ( ولا كونه ولد زنى وإن كان جارية ).
اختار في الدروس كونه عيبا (٩) ، واحتمل في حواشي القواعد كونه
__________________
(١) التذكرة ١ : ٥٣٩.
(٢) التذكرة ١ : ٥٣٩.
(٣) لم ترد في « م » ، وأثبتناه من الحجري.
(٤) الكافي ٥ : ٢١٥ حديث ١٢ ، التهذيب ٧ : ٦٥ حديث ٢٨٢.
(٥) قال في مفتاح الكرامة ٤ : ٢٦٠ : وحكي عن الشيخ.
(٦) نقله عنه في المختلف : ٣٧٥.
(٧) الدروس : ٣٦٤.
(٨) الكافي ٢ : ١٠ حديث ٤ ، وليس فيه : فإنه.
(٩) الدروس : ٣٦٤.
المطلب الثاني : في الأحكام :
كلّما يشترطه المشتري من الصفات المقصودة مما لا يعدّ فقده عيبا يثبت الخيار عند عدمه ، كاشتراط الإسلام ، أو البكارة ، أو الجعودة في الشعر ، أو الزجج في الحواجب ، أو معرفة الطبخ ، أو غيره من الصنائع ، أو كونها ذات لبن ، أو كون الفهد صيودا.
ولو شرط غير المقصود فظهر الخلاف ، فلا خيار ، كما لو شرط السبط أو الجهل.
ولو شرط الكفر أو الثيوبة فظهر الضد تخير ، لكثرة طالب الكافرة
______________________________________________________
عيبا ، لحصول النقص في نسب الولد ، ويضعف بأن المقصود من الجارية المالية لا الاستيلاد ، وليس هذا بخارج عن المجرى الطبيعي.
قوله : ( أو البكارة ).
هذا هو الأصح ، أعني : ثبوت الردّ في المشروط بكارتها إذا ظهر الضدّ ، وقال الشيخ (١) وابن البراج : لا ردّ (٢) ، والأصح ما اختاره المصنف في المختلف (٣) : أنه إن علم سبق الثيوبة على العقد تخير المشتري بين الرد والأرش إن [ لم ] (٤) يكن تصرّف ، وله الأرش معه ، ومع الشك لا أرش ولا ردّ ، لأنّها قد تذهب بالعلّة والنزوة ، وفي مقطوعة علي بن إبراهيم (٥) ما يدلّ على ذلك.
قوله : ( ولو شرط الكفر أو الثيوبة فظهر الضد تخير ، لكثرة طالب
__________________
(١) النهاية : ٣٩٤.
(٢) قاله في الكامل كما نقله العلامة عنه المختلف : ٣٧٢.
(٣) المختلف : ٣٧٢.
(٤) لم ترد في « م » ، وأثبتناها من الحجري.
(٥) الكافي ٥ : ٢١٦ حديث ١٤ ، التهذيب ٧ : ٦٤ حديث ٢٧٨ ، الاستبصار ٣ : ٨٢ حديث ٢٧٨.
من المسلمين وغيرهم ، وعدم تكلّفها العبادات ، وربما عجز عن البكر.
ولو شرط الحلب كل يوم شيئا معلوما ، أو طحن الدابة قدرا معينا لم يصح.
ولو شرطها حاملا صح ، ولو شرطها حائلا فبانت حاملا ، فان كانت أمة تخير ، وإن كانت دابة احتمل ذلك لإمكان إرادة حمل ما تعجز
______________________________________________________
الكافرة من المسلمين وغيرهم ، وعدم تكلّفها العبادات ، وربّما عجز عن البكر ).
في هذه العبارة لف ونشر ، لأن قوله : ( لكثرة طالب الكافرة ... ) تعليل التخير إذا ظهر ضدّ الكفر المشروط ، الذي حقه أن لا يراد ولا يشترط.
وتوضيحه : أنّ الكفر وإن كان وصف نقص ، لكنه مما يقصد ، وذلك لأن طالب الكافر كثير ـ فانّ جهات رغبته متعددة ، فإنّ بيعه على كلّ من الكافر والمسلم جائز ، بخلاف المسلم ـ وخدمته أوفر ، لأنه لعدم تكلّفه العبادات متى طالب وجد. وقوله : ( وربما عجز عن البكر ) تعليل للتخير إذا ظهر ضدّ الثيوبة المشروطة ، التي حقها أن لا تراد ولا تشترط.
وتوضيحه : أن البكارة وإن كانت صفة مطلوبة ، إلا أنّ الثيوبة تطلب كثيرا للعاجز عن البكر ، فكانت غرضا مقصودا في الجملة.
واعلم أنه لو قال : لكثرة طالب الكافر لكان أشمل ، ولكنّه لاحظ أنّ الثيوبة إنما تكون في الأنثى ، فأجرى وصف الكفر عليها طلبا للمناسبة ، ولأن المشروط فيه غير مذكور ، فجعل الكلام على وتيرة واحدة ، لئلا يخرج إلى تقدير متعدد.
ولا يخفى أن الكفر الذي يجوز اشتراطه هو ما يقرّ أهله عليه.
قوله : ( وإن كانت دابة احتمل ذلك لإمكان إرادة حمل ما تعجز
عنه حينئذ ، وعدمه للزيادة إن قلنا بدخول الحمل كالشيخ.
وإطلاق العقد واشتراط الصحة يقتضيان السلامة من العيب ، فلو وجد المشتري عيبا سابقا على العقد ولم يكن عالما به تخير بين الفسخ والأرش.
ولو تبرأ البائع من العيوب في العقد وإن كانت مجملة ، أو علم المشتري به قبله ، أو أسقطه بعده سقط الرد والأرش.
______________________________________________________
عنه حينئذ ، وعدمه للزيادة إن قلنا بدخول الحمل (١) كالشيخ (٢) ).
ينبغي أن يكون قوله : ( إن قلنا ) شرطا لـ ( احتمل ) لأنا إذا لم نقل بدخول الحمل يكون للبائع ، فيكون المبيع مشغولا بملكه على وجه لا يستطاع تفريغه.
ثم إذا قلنا بمقالة الشيخ ، فأي الاحتمالين أرجح؟ لا ريب أنه الأول ، لأن الحمل وإن كان زيادة في المال ، إلاّ أنه موجب للنقيصة من وجه آخر ، لمنع الانتفاع بها عاجلا ، ولأنه لا يؤمن عليها ـ إذا وضعته ـ الهلاك.
قوله : ( ولو تبرّأ البائع من العيوب في العقد وإن كانت مجملة ).
خالف في ذلك ابن الجنيد في الاكتفاء بالبراءة من العيوب إجمالا (٣) ، وهو قول ابن البراج (٤) ، والمشهور الاكتفاء ـ وهو الأصح ـ ولا جهالة ، لأن نفي العيوب للعموم ، فيندرج فيه كلّ عيب ، ولحسنة جعفر بن عيسى ، عن أبي الحسن عليهالسلام (٥) ، وتخيّل الجهالة مردود بالمنع من ثبوت الغرر به ، إذ المبيع مشاهد ، ولأنه لو تمّ لزم فساد العقد ، وصورة التبرؤ أن يقول : برئت من جميع العيوب.
قوله : ( أو علم المشتري به قبله ).
أي : بالعيب قبل العقد ، فلا شيء له ، لأنه إنما اشتراه على ذلك.
__________________
(١) في « م » وردت كلمة ( البائع ) ولم ترد في القواعد فحذفناها ، لأن إثباتها يغاير المتن مع الشرح.
(٢) الخلاف ٢ : ٢٨ مسألة ١٧٤ كتاب البيوع.
(٣) نقله عنه في المختلف : ٣٧١.
(٤) المهذب ١ : ٣٩٢.
(٥) التهذيب ٧ : ٦٦ حديث ٢٨٥.
ولو أحدث فيه حدثا قبل العلم بالعيب أو بعده ، أو حدث عنده عيب آخر بعد قبضه من جهته مطلقا أو من غير جهته ـ إذا لم يكن حيوانا في مدة الخيار ـ فله الأرش خاصة ، ولو كان العيب الحادث قبل القبض لم يمنع الرد مطلقا.
______________________________________________________
قوله : ( ولو أحدث فيه حدثا قبل العلم بالعيب أو بعده ).
لا ردّ له في الصورتين ، للتصرف ـ لكن له الأرش فيهما ، ووجهه في الثانية : أنه حقّ مالي ثبت بالعقد ، لوجوب تنزيله على صحة المبيع ، والأصل بقاؤه ، ولا دلالة للتصرف على إسقاطه ، نعم يدلّ على الالتزام بالعقد ـ ولدلالة الأخبار (١) على ذلك ، وهذا هو الأصح والمشهور ، خلافا لابن حمزة حيث أسقطهما (٢).
قوله : ( أو حدث عنده عيب آخر بعد قبضه من جهته مطلقا ).
أي : سواء كان المبيع حيوانا في مدة الخيار أم لم يكن ، كما يدلّ عليه التقييد في المسألة التي بعد هذه ، ووجهه : أنه بمنزلة إحداثه حدثا ، ويتحقق كونه من جهته بتقصيره في المحافظة على المبيع وصيانته ، وقيد بكونه بعد قبض المشتري ، لأنه قبله مضمون على البائع ، يثبت به كلّ من الأمرين على الأصح والأرش كما سبق.
قوله : ( أو من غير جهته إذا لم يكن حيوانا في مدة الخيار ).
إذا لم يكن الحادث من جهة المشتري ، لكن لو لم يكن المبيع حيوانا ، أو كان وكان الحدث بعد الثلاثة لم يكن له ردّ ، لأن المبيع حينئذ من ضمان المشتري ، فنقصانه يكون محسوبا منه ، فيمتنع الرد.
نعم يثبت الأرش لمثل ما قلناه في السابق ، أما لو كان حيوانا وحدث في الثلاثة من غير جهة المشتري ، فلا يمنع الرد ولا الأرش ، لأنه حينئذ مضمون على البائع ، والظاهر أنّ كلّ خيار يختصّ بالمشتري كذلك.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢٠٧ حديث ٢ ، ٣ ، التهذيب ٧ : ٦٠ حديث ٢٥٧.
(٢) الوسيلة : ٢٩٦.
وينبغي إعلام المشتري بالعيب أو التبرؤ مفصلا ، فإن أجمل بريء.
ولو ابتاع شيئين صفقة ووجد بأحدهما عيبا سابقا تخير في رد الجميع أو أخذ الأرش ، وليس له تخصيص الراد بالمعيب ، فان كان قد تصرف في أيهما كان سقط الرد خاصة.
______________________________________________________
قوله : ( وينبغي إعلام المشتري بالعيب ، أو التبرؤ مفصّلا ).
الظاهر أن المراد بـ ( ينبغي ) هنا : الاستحباب كما هو الغالب في استعمالها ، لأن التبرّؤ مفصّلا غير واجب عنده ، لكن هذا إنما يكون في غير العيب الخفيّ ، مثل شوب اللبن بالماء ونحوه ، فانّ هذا يجب ذكره كما سبق ، وبدونه ينبغي أن يكون العقد باطلا ، لأن ما كان من غير الجنس لا يصحّ العقد فيه ، والآخر مجهول ، إلاّ أن يقال : إن جهالة الجزء غير قادحة إن كانت الجملة معلومة ، كما لو ضمّ ماله ومال غيره وباعهما ، ثم ظهر البعض مستحقا ، فانّ البيع لا يبطل في ماله ، وإن كان مجهولا قدره وقت العقد.
وقوله : ( فإن أجمل بريء ) لا يستقيم على إطلاقه ، لما قلناه في شوب اللبن بالماء ، وفي الدروس : أنه لو تبرّأ من العيب سقط وجوب الإعلام (١) ، ومقتضى كلامه السقوط في العيب الخفيّ ، وفيه تردد ، لأن الماء ليس من جنس اللبن.
قوله : ( وليس له تخصيص الرد بالمعيب ).
لما فيه من ضرر تبعيض الصفقة بالنسبة إلى البائع.
قوله : ( فان كان قد تصرف في أيهما كان سقط الرد خاصة ).
المراد بـ ( أيهما كان ) : استواء التصرف في الصحيح والمعيب ، والمعنى : أنه إذا كان تبعيض الصفقة على البائع ممتنعا ، فالتصرف في أيهما كان مانع من الرد ، لأنه ممنوع من ردّه بالتصرف ، وفي الباقي يمتنع تبعيض الصفقة.
__________________
(١) الدروس : ٣٦٤.
وليس للمشتريين صفقة الاختلاف ، ـ فيطلب أحدهما الأرش والآخر الرد ، بل يتفقان ـ على إشكال.
أما لو ورثا خيار عيب فلا إشكال في وجوب التوافق ، ولا إشكال في جواز التفريق لو باعهما في عقدين.
ولو اشترى من اثنين جاز له الرد على أحدهما والأرش من الآخر ، سواء اتحد العقد أو تعدد ،
______________________________________________________
قوله : ( وليس للمشتريين صفقة الاختلاف ، فيطلب أحدهما الأرش والآخر الرد ، بل يتفقان على إشكال ).
الجار متعلق بالنفي المدلول عليه : سلب استحقاق المشتريين صفقة الاختلاف. وقوله : ( فيطلب ) إلى قوله : ( بل يتفقان ) معترض ، ومنشأ الاشكال :من ثبوت الصفقة صورة التعدد معنى.
والأصح أن لهما الاختلاف في ذلك ، لأن التعدد في البيع يتحقق بتعدد البائع وبتعدد المشتري ، لاختلاف الملكين. نعم لا يبعد الفرق بين ما إذا كان البائع عالما بالصورة ، وبين ما إذا كان جاهلا ، فيجوز الاختلاف في الأول دون الثاني.
قوله : ( أما لو ورثا خيار عيب فلا إشكال في وجوب التوافق ).
إن قيل : قد سبق في كلام المصنف أنّ فيه نظرا ، وإن كان استقرب المنع من التفريق ، لكن كيف يستقيم نفي الاشكال؟
أمكن الجواب : بأنه لا إشكال عنده الآن.
قوله : ( ولو اشترى من اثنين جاز له الرد على أحدهما والأرش من الآخر ، سواء اتحد العقد ، أو تعدد ).
قد يقال : مع اتحاد العقد يجيء الإشكال السابق في المشتريين صفقة ، لصورة الصفقة هنا أيضا. إلاّ أن مسألة المشتريين اختصت بالخلاف في حكمها بخلاف البائعين.
والأرش جزء من الثمن ، نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح.
وطريقه : أن يقوّم في الحالتين ، ـ فيحتمل قيمته حين العقد والقبض والأقل منهما ـ ، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بينهما ،
______________________________________________________
قوله : ( والأرش جزء من الثمن ، نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح ).
هذا إذا كان الأرش من البائع للمشتري ، إلاّ في الصورة السابقة في الصرف ، وأما إذا كان من المشتري للبائع ، كما إذا حدث في المبيع عيب بيد المشتري وفسخ البائع بخياره ، فإنّه يأخذ الأرش من المشتري ، وهو تفاوت ما بين القيمتين.
وقوله : ( نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح ) فيه حذف ظاهر ، تقديره : إلى قيمة الصحيح.
قوله : ( وطريقه : أن يقوّم في الحالين ، فيحتمل قيمته حين العقد والقبض والأقل منهما ، ويؤخذ من الثمن بنسبة التفاوت بينهما ).
أراد بـ ( الحالين ) : ما استفيد من الكلام ، وهو : حال العيب وحال الصحة.
وقوله : ( ويؤخذ ... ) معطوف على قوله : ( يقوّم في الحالين ) وهو من تمام بيان طريق أخذ الأرش ، فما بينهما من تعيين القيمة معترض.
والمراد بقوله : ( فيحتمل قيمته حين العقد ... ) أن تقويمه حال كونه صحيحا وحال كونه معيبا يحتمل أن تعتبر قيمته حين العقد ، لأنه وقت دخوله في ملكه ووقت استحقاقه الأرش.
ويحتمل اعتبار قيمته حين القبض ، لأنه حين استقرار الملك ، إذ البيع قبل القبض بمعرض الانفساخ لو حصل التلف. وفيه ضعف ، إذ لا دخل لذلك في اعتبار القيمة حينئذ ، مع كون استحقاق الأرش قبل ذلك.
ويحتمل اعتبار الأقل من القيمتين ، لأنه إن كان الأقلّ هو قيمة حين
ويؤخذ بالأوسط إن اختلف المقوّمون.
ولو ظهرت الأمة حاملا قبل العقد كان له الرد وإن تصرف بالوطء خاصة ،
______________________________________________________
العقد فلأنه وقت الاستحقاق ، وإن كان هو قيمة حين القبض فلأنه وقت الاستقرار ، وضعفه يظهر من ضعف الثاني ، والأول أقوى.
قوله : ( ويؤخذ بالأوسط إن اختلف المقوّمون ).
المراد بـ ( الأوسط ) : قيمة منتزعة من المجموع ، نسبتها إليه كنسبة الواحد إلى عدد تلك القيم ، فمن القيمتين نصف مجموعهما ، ومن الثلث ثلاثة وهكذا ، وذلك لأنه لا ترجيح لقيمة على اخرى ، ولانتفاء الأوسط في نحو القيمتين ، فلم يبق إلاّ أن يراد بالتوسط معنى آخر ، وهو لا انتزاع القيمة من المجموع ، بحيث لا يكون للقيمة المنتزعة نسبة إلى بعض تلك القيم هي أرجح وأقرب من نسبتها إلى البعض الآخر.
ويعتبر في المقوّم : التعدد ، مع الذكورة ، والعدالة ، والمعرفة ، واعتبر في الدروس مع ذلك ارتفاع التهمة (١) ، وهو ظاهر ، فإنّه شاهد ، فيعتبر لقبول شهادته عدم التهمة.
قوله : ( ولو ظهرت الأمة حاملا قبل العقد كان له الرد وإن تصرف بالوطء خاصّة ).
لا حاجة الى التقييد بقبليّة العقد ، لأن العيب الحادث بعد العقد قبل القبض مضمون على البائع ، إلاّ أن يعتذر بأن الرد بعد التصرف خلاف الأصول المقررة ، فيقتصر فيه على صورة النص ، وهذا يتمّ إن لم يكن المسكوت عنه أولى بالحكم من المنصوص ، وتقييد التصرف بكونه بالوطء فقط ينفي غيره ، لكن يجيء في مقدماته كالتقبيل والملاعبة نظر ، من عدم النص وأضعفيتها بالنظر إلى الوطء ،
__________________
(١) الدروس : ٣٦٦.
ويرد معها نصف عشر قيمتها ، فان تصرف بغيره فلا رد ، وكذا لا ردّ لو وطأ وكان العيب غير الحمل.
______________________________________________________
ولعدم انفكاكه منها غالبا ، فإذا لم يقدح معه فبدونه أولى ، وفيه قوة ، وإن توقف في الدروس (١).
إذا تقرر هذا ، فالمشهور بين الأصحاب أن الأمة تردّ بعيب الحمل بعد التصرّف بالوطء وإن لم يكن الحمل من البائع ، للأخبار (٢) الواردة بذلك ، وذهب بعضهم إلى ذلك حيث يكون الحمل من البائع ، واختاره المصنف في المختلف ، ونزّل إطلاق النصوص عليه (٣).
ويشكل بعدم المقتضي للتقييد ، وبأنه لا معنى لتخصيص التصرف بالوطء حينئذ ، لأنه لا بيع على ذلك التقدير ، والأصحّ الأوّل.
قوله : ( ويرد معها نصف عشر قيمتها ).
هذا هو المشهور ، وورد به بعض الأخبار (٤) ، وقال بعض الأصحاب : يردّ معها العشر (٥). وفصّل ابن إدريس : بالبكارة والثيوبة ، فأوجب العشر في الأول ونصفه في الثاني (٦) ، وهو صحيح وإن بعد الفرض ، فان فيه جمعا بين الأخبار.
وعلى هذا الحكم إشكال : من حيث أنها مملوكة للمشتري حين الوطء ، فكيف يجب عليه شيء بوطئها؟ فمن ثمّ يقوى القول بتنزيل الحكم على كون الحمل من البائع. قال في الدروس : إلا أن يقول الرد يفسخ العقد من أصله ، أو يكون المهر جبرا لجانب البائع كما في لبن المصراة وغيرها عند الشيخ (٧) (٨).
__________________
(١) الدروس : ٣٦٤.
(٢) الكافي ٥ : ٢١٥ حديث ٨ ، ٩ ، الفقيه ٣ : ١٣٩ حديث ٦٠٨ ، التهذيب ٧ : ٦٢ حديث ٢٦٩ ، ٢٧٠ ، الاستبصار ٣ : ٨١ حديث ٢٧٥ ، ٢٧٦.
(٣) المختلف : ٣٧٣.
(٤) التهذيب ٧ : ٦٢ حديث ٢٧١ ، ٢٧٢ ، الاستبصار ٣ : ٨١ حديث ٢٧٢ ، ٢٧٣.
(٥) منهم : أبو الصلاح في الكافي في الفقه : ٣٥٨.
(٦) السرائر : ٢٢٦.
(٧) المبسوط ٢ : ١٢٥.
(٨) الدروس : ٣٦٤.
فروع :
أ : لو قتل بردّة سابقة فللمشتري الأرش ، وهو نسبة ما بين قيمته
______________________________________________________
وأقول : لا وجه لهذا الاشكال بعد الاعتراف بثبوت وجوب العقر في الاخبار ، والاستبعاد مدفوع كما اندفع بالنسبة إلى جواز الردّ بعد التصرف ، وكونه مقصورا على الوطء خاصة.
فعلى المشهور هذه المسألة خرجت عن الأصول بأمرين : الردّ بعد التصرف المخصوص بالعيب المخصوص ، وثبوت العقر على المشتري بوطء جاريته ، وعلى الآخر لا مخالفة للأصل ، لكن لا يقتصر الحكم على الوطء ، بل جميع التصرفات كذلك ، وهو متجه ، لو لا مخالفة المشهور ، والعدول عن ظاهر الأخبار.
وقوله : ( فان تصرف بغيره فلا ردّ ) بناء منه على اختيار المشهور.
وكذا قوله : ( وكذا لا ردّ لو وطأ وكان العيب غير الحمل ) اقتصارا في مخالف الأصل على المنصوص.
قوله : ( لو قتل بردّة سابقة ، فللمشتري الأرش ... ).
أي : سابقة على العقد أو القبض ، لأنه حينئذ مضمون على البائع.
وقوله : ( من الثمن ) متعلق بمحذوف ، على أنه حال من الأرش أو صفة له ، وما بينهما اعتراض.
وعلى هذا الحكم إشكال ، حاصله : أن المقتول بالردة لا قيمة له ، فهو كالبيض المكسور إذا خرج بالكسر فاسدا ، فيجب أن يسترد المشتري جميع الثمن في صورة القتل بالردة.
وجوابه : أنّ البيض الفاسد لا قيمة له في وقت العقد بحسب الواقع ، لكن لعدم الاطلاع عليه جوّز المتعاقدان أن تكون له قيمة ، فالكسر كاشف عن حاله بخلاف ما هنا ، فان المرتد في وقت البيع كان مالا متقوّما ، غاية ما هناك أن قيمته ناقصة ، لأنه بمعرض أن يقتل ، ونقصانها على حسب ما تقتضيه رغبات
مستحقا للقتل وغير مستحق من الثمن ، وكذا لو قطع في قصاص أو سرقة فله أرش ما بين كونه مستحقا وغير مستحق للقطع.
ب : لو حملت من السحق فوطأها المشتري بكرا ، فالأقرب أن عليه عشر قيمتها ، ويحتمل نصف العشر وعدم الرد ،
______________________________________________________
الناس ، باعتبار الاقدام على حالته الخطيرة ، كالمريض مرضا مخوفا.
بقي هنا شيء ، وهو : أنه تقييد هذا الحكم بما إذا كان القتل بعد انقضاء خيار المشتري ، أو قبله وقد تصرّف ، وإلاّ كان له الفسخ ، أو يقال : ينفسخ العقد ، لأن تلفه حينئذ من ضمان البائع ، ولمّا كان المتلف له الشارع كان بمنزلة التالف بآفة.
قوله : ( فله أرش ما بين كونه مستحقا وغير مستحق للقطع ).
الجار والمجرور الأخير قد تنازعه كلّ من ( مستحقا ) و ( غير مستحق ) وهما معا بكسر الحاء : اسم فاعل ، وهو ظاهر.
قوله : ( لو حملت من السحق فوطأها المشتري بكرا ، فالأقرب أنّ عليه عشر قيمتها ، ويحتمل نصف العشر وعدم الرد ).
هذا من فروع المسألة السابقة ، بناء على المشهور : من عدم اعتبار كون الحمل من البائع ، وقد ذكر المصنف فيه احتمالات :
أقربها الأول ، وهو : وجوب العشر ، لأن عقر البكر هو ذلك كما ثبت في النصوص.
والثاني : وجوب نصف العشر ، عملا بإطلاق كلام أكثر الأصحاب ، وما دلّ من الأخبار (١) : على رد نصف العشر إذا ظهرت الجارية [ حاملا ] (٢) بعد الوطء ، فإنه يتناول صورة النزاع ، ويضعف بأن المطلق يحمل على المقيد.
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٦٢ حديث ٢٧١ ، ٢٧٢ ، الاستبصار ٣ : ٨١ حديث ٢٧٢ ، ٢٧٣.
(٢) في « م » : حائلا ، وما أثبتناه من الحجري ، وهو الصحيح.
وكذا الإشكال في وطء الدبر ، ونصف العشر فيه أقرب.
______________________________________________________
والثالث : عدم الردّ هاهنا ، لأن الأصل عدم الرّد مع التصرف ، خرج منه الوطء حيث يجب نصف العشر ، وذلك عقر الثّيب ، فيبقى ما عداه على الأصل.
ويضعّف : بأن تقييد نصف العشر بالثيب لا يقتضي تقييد الجارية المردودة بكونها ثيبا ، لأن تقييد جملة لا يقتضي تقييد اخرى ، ولأن في بعض الأخبار التصريح بردّ العشر (١) ، ذكره في الدروس (٢) ، وذلك لا يكون إلاّ في البكر ، فاندفع المنافي ، والأصح الأول.
قوله : ( وكذا الإشكال في وطء الدبر ، ونصف العشر فيه أقرب ).
أي : وكذا يجيء مثل الاحتمالات السابقة ، فيما لو كان وطأ الجارية ـ التي ظهرت حاملا ـ في الدّبر ، ووجوب نصف العشر هنا ـ وهو الاحتمال الثاني ـ أقرب.
وجه الأول : إطلاق العشر في عقر البكر ، فيتناول صورة النزاع.
ويضعّف : بأن ترتّبه على وطء البكر يقتضي أن يكون للوطء تعلّق بزوال البكارة ، فإنّه المتبادر إلى الفهم ، ولان ترتّب الحكم على الوصف يشعر بالعلية ، وذلك منتف هاهنا.
ووجه الثاني : أنه لا ينقص عن وطء الثيّب ، ولأن الواجب أحد الأمرين بالسبر والتقسيم ، فإذا انتفى الأول تعيّن الثاني ، وهو الأقرب.
ووجه الثالث : عدم تناول النّص له ، لأن الوارد بوجوب العشر منزّل على إزالة البكارة ، والوارد بنصف العشر على وطء الثيب ، وليست هذه واحدة منهما.
ويضعّف : بأن النصوص بردّ الحامل ولو بعد الوطء تتناول هذه ، ولا
__________________
(١) التهذيب ٧ : ٦٢ حديث ٢٦٨ ، الاستبصار ٣ : ٨١ حديث ٢٧٤.
(٢) الدروس : ٣٦٣.