فَيبْني مَجْدَهَا وَيُقيمُ فيها |
ويَمْشِي إنْ أُرِيد بِها المَشاءُ |
قال أبو الهَيْثَم : يمشي : يكثر يقال : مشت إبلُ بنِي فلان تمشي مَشاءً ، إذا كثرت والمشَاء : النَّماءِ ، ومنه قيل : الماشية.
وقال غيره : كلّ مالٍ يكون سائمةً للنَّسل والقُنْية من إبل وبقر وشاءٍ ، فهي ماشية ، وأصل الشاء النّماءِ والكثرة والتناسل.
وقال الراجز :
* الْعَنْزُ لَا تَمْشِي مَعَ الْمَمَلَّعِ*
ابن السّكّيت : الماشية تكون من الإبل والغَنَم ، يقال : قد أمشى الرجل ، إذا كَثُرت ماشيتُه ، وقد مَشِيَت الماشية ، إذا كثرت أولادُها. وناقة ماشية : كثيرة الأولاد.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : المَشاء الجَزَرُ الذي يؤكل ، وهو الإصطفلين.
أبو زَيد : شَرِبتُ مَشيّاً ، فمشيْتُ عنه مَشياً كثيراً.
باب اللفيف من حرف الشين
شيء : شيشاء ، شوى ، شاء ، شأي ، وشي ، أشّ ، أشا.
شيء : قال الله تبارك وتعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) [المائدة : قلت : لم يختلف النحويّون في أن أَشْياءَ جمع شيء ، وأنها غير مجراة ، واختلفوا في العِلّة فكرهت أن أحكيَ مقالة كلّ واحد منهم ، واقتصرت على ما ذكره أبو إسحاق الزجاج في كتابه ، لأنه جمع أقاويلَهم على اختلافها ، واحتجّ لأَصْوَبها عنده ، وعَزَاه إلى الخليل بن أحمد ، فقال في قوله : (لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ) : أشياء في موضع خفضٍ إلا أنها فتحت لأنها لا تنصرف.
قال : وقال الكسائيّ : أشبه آخرُها آخرَ حمراءٍ ، وكثر استعمالهم لها فلم تصرف.
قال الزّجَّاج : وقد أجمع البصريون وأكثرُ الكوفيِّين على أن قول الكسائيّ خطأ ، وألزموه ألّا يصرف أبناء وأسماء.
قال الفرّاء والأخفش : أصل أشياءٍ «أفعلاءٍ» كما تقول : هيْن وأهوناء ، إلّا أنه كان في الأصل «أَشْيِئاء» على وزن أشيِعَاع ، فاجتمعت همزتان بينهما ألفٌ فحذفت الهمزةُ الأولى.
قال أبو إسحاق : وهذا القول أيضاً غَلَط ، لأن «شيئاً» «فَعْل» ، و «فَعْل» لا يجمع على «أفعلاء» ، فأمّا هَيْن فأصله «هَيِّن» فجمع على «أفعلاء» كما يجمَعُ «فعيل» على أفعلاء مثل : نصيب وأنصباء.
قال : وقال الخليل : أشياء اسم للجميع كأنّ أصلَه فَعْلاء شيئاء ، فاستثقلت
الهمزتان ، فقُلبت الهمزة الأولى إلى أوّل الكلمة ، فجعلت «لَفْعاء» كما قلبوا «أنْوُق» ، فقالوا : «أينُق» وكما قلبوا قووس «قِسيّاً» ، قال : وتصديق قول الخليل جمعهم أشياء على أشاوَى وأشَايَا.
قال : وقول الخليل هو مذهَب سيبويه والمازنيّ وجميع البصريين إلا الزياديّ منهم فإنه كان يميل إلى قول الأخفش.
وذُكِرَ أنّ المازنيّ ناظر الأخفش في هذا ، فقطع المازنيّ الأخفشَ ، وذلك أنه سأله ، كيف تُصَغِّر «أَشياء»؟ فقال له : أقول «أُشَيَّاء» ، فاعلم ، ولو كانَتْ أفعلاء لرُدَّتْ في التصغير إلى واحدها ، فقيل : «أشَيَّات» ، وإجماع البصريين أن تصغير أصدقاء إن كان للمؤنث «صُدَيِّقات» ، وإن كان للمذكر «صُدَيِّقُون».
قلت : وأما اللّيث فإنه حَكَى عن الخليل غير ما حكاه الثَّقاتُ من أصحابه عنه ، وخَلَّط فيما حكى ، وطوَّل تَطْوِيلاً دَلَّ على حَيْرَتِه ولذلك أعرضت عنه ، ولم أكتبه بعَيْنه.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الأَيْدَعُ والشَّيَّانُ : دَمُ الأَخَوَيْن.
وقال الليث : الشيء الماء. وأنشد :
* ترى رَكْبَه بالشَّيء في وَسْطِ قفْرَةٍ*
قلت : لا أعرِف الشَّيء بمعنى الماء ، ولا أدرِي ما هو؟ ولا أَعْرِفُ البيت.
وقال أبو حاتم : قال الأصمعيْ : إذا قال لك الرجل : ما أردتَ؟ قلت : لا شَيئاً ، وإذا قال لك : لِمَ فعلتَ ذلك؟ قلت : للاشيءٍ. وإن قال : ما أَمْرُك؟. قلت : لا شيءٌ. تنون فيهن كلهن.
شيشاء : أبو عُبيد عن الفراء : يقال للتَّمر الذي لا يشتدّ نوَاه الشيشاء.
وأنشد :
يا لَكَ من تَمْرٍ ومِنْ شِيشَاءِ |
يَنْشَبُ في الْمَسْعَلِ واللهَاء |
شأشأ : أبو زَيْد : شأشأتُ بالحمار ، إذا دعوته «شَأْشَأْ» و «تَشُؤْتَشُؤْ».
عَمْرو عن أبيه : الشأْشَاء : زجر الحمار وكذلك الشأْشأ.
قال : وَالشأشأ : الشيّص ، والشأشأ : النخل الطوال.
وقال غيره : شأشأت النخلة وصأصأت.
وقالوا : شاشت فهي مُشيشة من الشيشاء.
ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الشَّأشاء : الشيِّص.
وفي الحديث : أن رجلاً من الأنصار قال لبعير : «شأ لعنك الله» ، فنهاه النبيّ صلىاللهعليهوسلم عن لَعْنه.
قلت : قوله : «شأْ» زجر للجمل ، وبعض العرب تقول : «جأ» وهما لغتان.
شوى : وقال الليث : الشَّيّ : مصدر شَوَيت ،
والشِّواء الاسم ، وتقول : أَشوَيْتُ أصحابي إشواءً إذا أطعمتَهم شِوَاء ، وكذلك شَوّيتهم تشويَةً.
قال : واشْتَوينا لحماً في حَالِ الْخُصوص ، وانْشوى اللّحم.
قلت : وهذا كلّه صحيح.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شويت الماء إِذا سَخَّنْتَه.
قال وأَشْوَى الرجل وشَوْشَى وشمْشم وأشْرَى إذا اقتَنى النّقَزَ من رَديء المال.
وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (كَلَّا إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦)) [المعارج : ١٥ ، ١٦]. قال الشَّوى : اليدان والرِّجلان والأطراف ، وقحف الرأس وجلدةُ الرأس ، يقال لها : شواة ، وما كان غير مقتل فهو شوّى.
وقال الزجاج : الشَّوى : جمع الشّواة ، وهي جلدة الرأس ، وأنشد :
قالت قُتَيْلَةُ ماله |
قد جُلِّلَتْ شَيْباً شَوَاتُه |
وقال أبو ذُؤَيب :
إذا هي قامت تَقْشَعِرُّ شَوَاتُهَا |
ويُشْرِقُ بَيْنَ اللِّيتِ منها إلى الصُّقْلِ |
وقال مجاهد : ما أَصاب الصائم شَوّى إلا الغِيبة والكذِب.
قال أبو عُبيد : قال يحيى بن سَعِيد : الشَّوى : هو الشيء اليسير الهيِّن ، قال : وهذا وجهه ، وإياه أراد مجاهد ؛ ولكنَّ الأصل في الشّوى الأطراف ، وأراد أن الشَّوى ليس بمقتل ، وأن كل شيء أصابه الصائم لا يبطل صومه ، فيكون كالقتل له إلّا الغِيبة والكذب ، فإنهما يُبطلان الصَّوم ، فهما كالقَتْل له.
أبو عُبَيد عن الأحمر ، وأبي الوليد : الشِّوايةُ : الشيءُ الصغير من الكبير كالقِطعة من الشاة ، قال وشُوَايةُ الخُبْز : القُرص.
قال أبو بكر : العرب تقول : نَضِجَ الشُّوَاءُ ، بضم الشين ، يريدون الشِّواء.
قال : والشَّوى : جلدة الرأس ، والشّوى : إخطاء المقتل ، والشوى : اليدان والرجلان ، والشوى : رُذال المال ، ويقال : كل ذلك شوّى ـ ي هيِّنٌ ـ ما سَلِمَ دينك.
وقال الليث : الإشْواء يوضع موضع الإبقاء ، حتى قال بعضهم : تَعَشَّى فلان فأَشْوَى من عشائه ، أي أبقى بعضاً ، وأنشد :
فإنَّ منَ القَوْل التي لا شَوَى لها |
إذا زَلَّ عن ظهرِ اللسان انْفِلاتُها |
أي لا بُقْيَا لها.
وقال غيره : لا خطأَ لها. وقال الكُميت :
أَجيبُوا رُقَي الآسِي النِّطاسِيّ واحذروا
مُطَفّئة الرَّضْفِ التي لا شَوَى لها
أي لا بَرْءَ لها.
قلت : وهذا كله من إِشْواء الرامِي ؛ وذلك إذا رَمَى فأَصاب الأطرافَ ولم يُصِب المقتَل ، فيوضع الإشواء موضع الخطأ والشيء الهَيِّن.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : الشاء والشّوِيّ والشَيِّهُ واحِد ، وأنشد :
قالتْ بُهَيَّةُ لا يُجَاوِرُ رَحْلنا |
أَهلُ الشَّوِي وغاب أهلُ الجامِل |
قلت : والواحد شاة للذكر والأُنثى ، والشاة ، الثَّور الوحشيّ ، لا يقال إلّا للذكر. وقال الأعشى :
* وحانَ انطلاقُ الشَّاةِ من حيثُ خَيَّما*
وربما كَنَّوْا بالشاة عن المرأة فأنثّوا كما قال عنترة :
يا شاةَ ما قَنَصٍ لمن حَلَّتْ له |
حَرُمَتْ عَلَيَّ وَلَيْتها لم تَحْرُم |
فأَنَّثها.
وقال الليث : الشاة كانت في الأصل «شاهة» ، وبيان ذلك أنّ تصغيرها «شُوَيْهة» ، وأرض «مُشاهة» كثيرة الشاء.
قلت : وإذا نسبوا إلى الشَّاء قالوا : هذا شاوِيّ.
وشى : قال الله عزوجل : (لا شِيَةَ فِيها) [البقرة : ٧١]. قال أبو إسحاق : أي ليس فيها لون يخالف سائر لونها.
حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا عبيد الله بن جرير ، قال : أخبرنا حجاج عن حماد ، عن يحيى بن سعيد ، عن قاسم بن محمد أن أبا سيّارة وَلِعَ بامرأة أبي جُندب ، فأبت عليه ، ثم أعلمت زوجها ، وكَمَنَ له ، وجاء فدخل عليها ، فأَخذه أبو جندب فدق عنقه إلى عَجْبِ ذنبه ، فائْتَشَى مُحْدَوْدِباً.
قال : والوشى في اللون خَلْطُ لونٍ بلون ، وكذلك في الكلام ، يقال وشيت الثوب أشيه وَشْيَةً.
وقال الليث : الشِّيَة سَوَاد في بياض ، أو بياض في سواد ، وثور مُوَشَّى القوائم : فيه سُفعة وبياض ، والحائك واشٍ يشي الثوب وَشْياً ؛ أي نسجاً وتأليفاً ، والنَّمَام يشي الكذب ، يُؤلِّفه. وقد وشى فلان بفلان وشايَةً ، أي نمّ به. والْوَشي في الصوت.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو والفرّاء : ائتَشى العَظم ، إذا برأ من كسْرٍ كان به.
قلتُ : وهو افتعال من الوشي.
ورُوِيَ عن الزُّهْرِيّ أنه كان يستوشي الحديث.
قال أبو عُبيد : معناه أنه كان يستخرجه بالبحث والمسألة ، كما يستوشي الرجل جَرْيَ الفرس وهو ضربه جنبه بعقبه وتحريكه ليجري ، يقال : أوشى فرسه
واسْتَوْشاهُ.
وقال الشاعر :
يُوشُونَهُنَ إذا ما آنَسُوا فَزَعاً |
تحت السَّنَوّرِ بالأعقابِ والْجِذَمِ |
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : أوشى إذا كثر ماله ، وهو الْوَشَاء والمشاء. وأَوْشى ؛ إذا اسْتَخرج ركض الفرس بجرْيه ، وأَوْشى استخرج معنى كلامٍ أو شعر.
وقال الليث : الوشْوَاش : الخفيف من النعام ، وناقة وشواشة. وناقة شَوْشاء ، ممدود.
وقال حُمَيد :
من العيش شَوْشَاءٌ مِزَاقٌ تَرى بها |
نُدُوباً من الأنشاع فَذّاً وتَوْأَماً |
وقال بعضهم : هي فَعْلاء ، وقيل : هي فعلال. وسماعي من العرب : ناقه شَوشاه بالهاء وقصر الألف.
أبو عُبيد : الشَّوشاة : الناقَة السريعة.
قال : وقال الأُمَوِيّ : الوشوَاش من الرجال الخفيف.
وقال الليث : الوشْوَشة : كلام في اختلاط وكذلك التشويش.
قلت : هذا خطأ ، أمّا الوشوشة فهي الخِفَّة ، وأما التشويش فإن اللّغويين أجمعوا على أنه لا أصل له في العربية وأنه مِنْ كلام المَولّدين. وأصله التهويش ، وهو التخليط ، وقد مرَّ تفسيره في كتاب الهاء.
عَمْرو عن أبيه : في فلان من أبيه وَشْوَاشَة ، أي شَبَهٌ.
وقال أبو عُبيدة : رجل وَشْواش الذّراع ونَشْنَشِيُّ الذراع ، لم يَتَلَبَّثُ ولم يَهْمُمْ.
أشش : قال الليث : الأَشُ والأَشاش : الْهَشاشُ ، وهو الإقبال على الشيء بنَشاط ، وأنشد :
* كيف يُوَاتيه ولا يَؤُشُّه *
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الأشُ : الخبز اليابس الهَشّ ، وأنشد شَمِر :
رُبَّ فتاة مِنْ بني العِنَازِ |
حَيَّاكَةٍ ذاتِ هَنٍ كِنَازِ |
|
ذِي عضدين مُكْلَئِزٍّ نَازي |
تَأَشُ للقُبْلَةِ والْمحازِ |
الجماع.
شمر عن بعض بني كلاب : أَشَّت الشَّحمة ونَشَّت. قال : أَشَّتْ ، إذا أَخَذَت تحلب ، ونَشَّت إذا قَطرت ، تَنِشُّ نَشِيشاً.
شأي : قال الليث : الشَّأْو : الْغايَةُ.
يقال : عَدَا الفرس شَأْواً ، أو شأوَيْن ، أي طَلَقاً أو طلَقين.
ويقال : شَأَوتُ القوم ، أي سبقتهم ، وشَآهُ يَشْآهُ شَأْواً ، إذا سبقه.
ويقال : تَشَاءى ما بينهم بوزن تشاعَى ، أي تباعد.
وقال ذو الرُّمة :
أبوك تَلافَى الدِّينَ والناسَ بعدما |
تَشاءَوْا وبيتُ الدِّينِ منقطع الكسرِ |
وقال ابن الأعرابي : الشَّأْيُ : الفساد ، مِثل : الثّأْي. قال : والشَّأْيُ التفريق.
أبو عُبيد ، عن الأصمعيّ : شَآني الأمرُ مثل : شَعاني ، وشاءني مثل : شاعني ، إذا حَزَنك.
وقال الحارث بن خالد :
مَرّ الخُمولُ فما شَأْونَكَ نَقْرَةً |
ولقد أراكَ تُشَاءُ بالأَظْعَان |
فجاء باللغتين جميعاً.
وقال أبو عمرو : ومنه قول عديّ بن زيد :
لَمْ أُغَمِّضْ له وَشَأْيِي به مّا |
ذاك أَنِّي بصَوبه مَسْرُور |
ومن أمثالهم : شَرُّ ما أَشَاءك إلى مُخَّةِ عُرقُوب ، وشرّ ما ألجأَك ، وقد أُشِئْتُ إلى فلان ، وأُجِئْتُ إليه ، أي أُلْجِئْتُ.
الليث : شُؤْتُه أَشُوءُهُ أي أَعْجَبتُه.
وقال ساعدة الهُذْليّ :
حتّى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ |
باتت طِراباً وبات الليلَ لم يَنِمَ |
شَآها ، أي شاقها وطَرَّبَها ، بوزن شَعَاهَا.
وقال الليث : شَأْوُ الناقة : زِمامُها.
قال : وشَأْوُها بَعَرُها ، وقال الشَّماخ عَيْراً وأتانه :
إذا طَرَحا شأواً بأرض هَوَى له |
مُفَرَّضُ أطرافِ الذّراعين أفلَجُ |
ويقال : للزَّبيل الْمِشآة ، فشبَّه ما يُلْقِيه الحمار والأتان من رَوْثهما به.
شيأ : وقال الليث : للشيئة مَصْدَر شاء يشاء مشيئَة.
وقال أبو عُبيدة : الشَّيِّئان بوزن الشَّيِّعان : البَعيد النظر ، ويُنعتُ به الفرس ، وأنشد شمر :
* مُخْتَتِياً لِشَيِّئانٍ مِرْجَمِ*
ويقال : شُؤتُ به : أعجبتُ به وسُررت.
أبو عُبيد : اشتأَيْتُ أي استمعْتُ ، وأنشد للشماخ :
وحُرَّتَيْنِ هِجانٍ ليس بَيْنَهما |
إذا هُما اشْتَأَتا للسَّمْع تَمَهْيل |
أبو عُبيد : الإشاء الصغار من النخل ، واحدها أشاءة.
أبو عَمْرو : الْمُشَيَّأ : المختلف الخَلْق ، القبيح ، وقد شَيّأَ الله خَلْقَه أي قَبَّحَهُ.
وقالت امرأة من العرب :
إني لأَهْوَى الأطْوَلين الْغُلْبَا |
وأُبْغِضُ المشَيَّأَيْنِ الزُّغْبا |
وقال أبو سَعِيد المُشَيَّأُ مثل المؤبَّن.
وقال الجَعديّ :
زَفيرَ الْمُتِمّ بالْمُشَيَّأِ طَرَّقَتْ |
بِكاهِله فيما يَرِيم الملاقيا |
اللِّحيانيّ : عن الكسائي : جاء بالعَيّ والشَّيّ.
وهو عَيِييّ شَييّ ، وما أعيَاه وأشياه ، وأشواه أكثر.
ويقال : هو عَوِيّ شَوِيَّ.
والشَّوى : رُذال الإبل والغنم ، وصغارها شَوًى.
وقال الشاعر :
أَكَلْنا الشَّوَى حتى إذا لم نَدَعْ شَوًى |
أَشَرْنا إلى خَيْراتها بالأصابع |
أبو عبيد ، عن الأحمر : يا فَيْءَ ما لي ، ويا شيْء ما لي ، ويا هَيْء ما لي ، معناه كله الأسف والتلهُّف والحزن.
اللِّحيانيّ ، عن الكسائيّ ، يا فَيَّ ما لِي ، ويا هَيَّ ما لي ، لا يهمزان ، ويا شَيْءَ ما لي ويا شيَ ما لي يهمز ولا يُهْمز. قال : و «ما» في كلها في موضع رفع ، تأويله يا عجباً ما لي! ومعناه التلهُّفُ والأسَى.
وقال الفراء : قال الكسائيّ : من العرب من يتعجب بشَيْءٍ وهيْء وفيء ، ومنهم من يزيد فيقول : يا شَيَّمَا ، ويا هَيَّمَا ويا فَيَّما ، أي ما أحسن هذا!
باب الرباعي من حرف الشين
شفصل : قال الليث : الشَّفْصلي : حَمْلُ اللّواء الذي يلتوي على الشجر ، ويخرج عليه أمثال المَسالّ ، تَتَفَلَّقُ عن قطنٍ ، وحبّ كالسمسم.
شندف : أبو عُبيد : فرس شُنْدُف ، أي مُشرف.
وقال المرَّار :
شُنْدُفٌ أشدفَ ما وَرَّعْتَه |
فإذا طُؤطِىء طَيَّارٌ طِمِر |
شوصل : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : شَفْصَل وشوصَل جميعاً ، إذا أكل الشّاصُلَّى ، وهو نبات.
شرشف : وقال اللّيْث : الشُّرْسُوف ضِلَعٌ على طرفها الغُضروف الرَّقيق وشاة مُشَرْسَفَة ، إذا كان بجنبها بياض ، قد غَشِيَ الشَّراسيف والشَّواكل.
الأصمعيّ : الشراسيف أَطراف أضلاع الصَّدر التي تُشرِف على البَطْن.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الشُّرْسُوف رأس الضِّلَعِ مما يلي البطن ، والشُّرْسوف أيضاً البعير المقَيّد ، وهو الأسير المكتوف ، وهو البعيرُ الذي عُرْقِبَت إحدى رجليه.
شنترة : أبو زيد : الشَّنْتَرَة والشِّنْتِيرة : الإصبع ، بلغة أهل اليمن ، وأنشد :
فلم يَبق منها غير نصف عِجانها |
وشِنْتِيرةٍ منها وإحدى الذَّوائبِ |
شفتر : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : اشْفَتَرَّ السِّراجُ إذا اتسعت النار ، فاحتجْتَ أن تقطع من رأسِ الذُّبال.
وقال أبو الهيثم في قول طرفة :
فترى الْمَرْوَ إذا ما هَجَّرَتْ |
عن يَدَيها كالجراد الْمُشفَتِرّ |
قال : والْمُشفَتِرُّ : المتفرق.
قال : وسمعت أعرابياً يقول : المشفتِرُّ : المنتصِب ، وأنشد :
* تَغْدُو على الشّرِّ بوَجْهٍ مُشفَتِرّ*
وقيل : المشفترّ المقْشعِرّ.
وقال الليث : اشفَتَرَّ الشيءُ اشفِتْرَاراً والاسم الشَّفتَرَة ، وهو تفرُّق كَتَفَرُّق الجراد.
شرنف : وقال الليث : الشِّرْنَافُ : ورق الزرع إذا طال وكثُرَ حتى يخاف فَساده فيقطع ، يقال : حينئذٍ : شَرْنَفْتُ الزرع ، وهي كلمة يمانيَّة.
شنظب : قال : والشُّنْظُب : موضع في البادية ، والشُّنْظُب : كلّ جُرف فيه ماء.
وقال أبو زيد : الشُّنْظُب الطويلُ الحسَنُ الخَلْق.
شنظر : قال : والشِّنظير : الفاحش الغَلِقُ من الرجال والإبل السَّيِءُ الخُلُق.
أبو عَمْرو : وشَنظَرَ الرجُل بالقوم شنْظَرَةً ، إذا شتمهم ، وأنشد :
يُشَنْظِرُ بالقَوْمِ الكرام ويَعتزى |
إلى شَرِّحَافٍ في البلاد وناعِلِ |
شِمر : الشِّنظير مثل الشُّنْظُرَة ، وهي الصخرة تَنْفلق من رُكن من أركان الجبل فَتَسْقُط.
النَّضْر عن أبي الخطاب : شَناظِير الجبل : أطرافُه وحُروفُه ، الواحد شِنْظِير.
طفنشأ : أبو عُبيد عن الأمويّ : الطَّفَنْشَأُ ، مهموز مقصور : الضعِيف من الرجال.
طرفش : قال : وقال أبو عمرو : طَرْفش طَرْفَشَةً ، ودَنْفَشَ دَنْفَشَةً ، إذا نظر وكسر عينيه.
قلت : وكان شمِر وأبو الهيثم يقولان في هذا الحرف : دنقس دنقسة ، بالقاف والسين.
فرشط : أبو عُبيد ، عن الفراء : فرشط الرجل فرشَطَةً ، إذا ألصَقَ ألَيتَيْه بالأَرض وتوسَّدَ ساقيه.
وقال ابن بُزْرُج : الْفَرشطَةُ بَسْط الرِّجلين في الركوب من جانب ، والبَرقطة القُعود على الساقين بتفريج الركبتين.
شمصر : غيرُه : الشمْصَرَة : الضِّيق ، يقال : شَمْصَرت عليه ، أي ضَيَّقْتَ عليه ، وشَمَنْصِير : جبل من جبال هذيل معروف ، ذكره بعضُهم فقال :
تَبَوَّأَ من شمَنْصِيرٍ مقاماً
شرذم : والشِّرْذِمَةُ : الجماعةُ القليل ، قال الله تعالى : (إِنَّ هؤُلاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ (٥٤)) [الشعراء : ٥٤]. وقال اللّيث : الشِّرذِمَةُ :
القطعة من السَّفَرْجَلة ونحوها ، وأنشد :
يُنَفِّرُ النِّيبَ عنها بين أَسْوُقِهَا |
لم يَبْقَ مِنْ شَرِّها إلّا شَراذِيمُ |
وثياب شراذم ، أي أخلاق متقطعة.
شبرذ : أبو عَمْرو : ناقة شَبَرْذَاةٌ : نَاجِيَةٌ سريعة.
وقال مرداس الزبيريّ :
لما أتانا رافِعاً قِبِرّاه |
على أَمُونٍ جَسْرَةٍ شَبَزذاهُ |
شمذر : أبو عُبيد عن أبي عمرو : بعير شَمَيْذَر ، وناقة شَمَيْذَرَةٌ ، وسَير شَمَيْذَر ، وأنشد :
* وَهُنَّ يُبَارِيَن النَّجاءَ الشَّميْذَرا*
وأنشد الأصمعي لحُميد :
* كَبْدَاءُ لاحِقَةُ الرَّحَا وشَمَيْذَرُ*
ابن الأعرابيّ : غلام شمْذارة وشَمَيْذَر ، إذا كان نشيطاً خفيفاً.
شبذر وشنذر : أبو زيد : رجل شِبْذَارَةٌ وشِنْذَارة ، أي غَيور ، وأنشده :
أَجَدَّ بِهِمْ شِنْذَارَةٌ مُتَعَبِّسٌ |
عَدوّ صَديقِ الصَّالحين لَعِينُ |
الليث : رجلٌ شِنْذيرَةٌ وشِنْظِيرَةٌ وشِنْفِيرَةٌ ، إذا كان سَيِّىءَ الخلق ، وأنشد :
* شِنْفِيرَةٍ ذي خُلُقٍ زَبَعْبَقِ*
وقال الطِّرمّاح يصف ناقة :
ذاتِ شِنْفَارَةٍ إذا هَمّتْ الذِّفْـ |
ـرَى بماء عَصائِمٍ جَسَدُهْ |
أراد أنها ذات حِدَّةٍ في السيرة.
شبرم : أبو عَمْرو : رجل شُبْرُمٌ ، أي قصير ، قال هِمْيان :
ما منهُمُ إلَّا لَئيمٌ شُبْرُمٌ |
أَرْصَعُ لا يُدْعَى لِعَنْزٍ حَلْكَمُ |
والحَلْكُمُ : الأسود ، والشُّبْرُم : ضرب من النَّبات معروف.
سلَمة عن الفراء : الشُّبْرُمُ : حبٌّ يُشبه الحِمَّص ، والشُّبْرُم : النَّخيل ، وإن كان طويلاً.
وقال أبو زَيْد : من الْعِضَاه ، والشُّبْرُم الواحِدَة شُبْرُمَة ، ولها ثَمرة نحو النَّجْد في لونه ونبْتَته ، ولها زهرةٌ حمراء ، والنَّجْد : الحِمَّص.
برشم : أبو عُبَيد عن الأُمَويّ : البِرشام جدَّة النَّظر ، والمبرشِمُ : الحادُّ النَّظر ، وهي البَرشَمة والبَرهَمة.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : البُرشُوم من الرُّطَب الشَّقُم.
شفتن : قال : وأَرَّ فلانٌ ، إذا شَفْتَنَ ، وآرّ ، إذا شَفْتَنَ.
قال : ومنه قوله :
* وما النَّاسُ إلَّا آئِرٌ ومَئِير*
قلت : ومعنى شفتن ، جامع ونكح ، مثل أرَّ وآر.
شمطل : ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : الشُّمطالة : الْبَضْعَةُ من اللحم يكون فيها شحم.
فندش : وغلام فَنْدَشٌ ، إذا كان قَوِيّاً ضابِطاً ، وقد فَنْدش غيرَه ، إذا غلبه وقهره ، وأنشدني بعض بني نُمير :
قد دَمَصَتْ زَهراءُ بابن فَنْدشِ |
يُفَنْدِشُ ولم يُفَنْدِش |
شنبل : وقال ابن الأعرابيّ عن الدُّبيريّة : يقال : قَبَّلَهُ ورشفه وثاغَمَه وشَنْبَله ولَثَمه ، بمعنى واحد.
شنظي : وقال أبو السَّميدع : امرأةٌ شِنْظيان عِنْظيان ، إذا كانت سَيِّئَة الخُلُق.
برنشأ : أبو عُبيد عن أبي زَيد : ما أَدري أيُ الْبَرْنَشاء هو ، وأَيّ الْبَرْنَساء هو ،
ممدودان.
وقال الكسائيّ مثله ، معناه ، أي النَّاس هو؟
ومن خماسيّه.
شمردل : أبو عُبيد ، عن أبي زياد الكِلابيّ : الشَّمَرْدَلَة : الناقة الحسنةُ الجميلة.
وقال الليث : الشَّمَرْدَل : الْفَتِيُّ القويُّ الْجَلْد ، وكذلك من الإبل ، وأنشد :
* مُوَاشِكَةٌ الإيغالِ حَرْفٌ شَمردَلُ *
عَمْرو عن أبيه : الشَّمَرْدَلة : النّاقة الْقَوِيَّةُ على السير ، ويقال للجمل : شَمَرْدَل ، وللناقة : شمردل ، وشمردَلَة.
قال ذو الرمّة :
بَعيدُ مَسَافِ الْخَطْوِ عَوْجٌ شَمَرْدَلٌ |
تُقَطَّعُ أَنْفاسَ المهاري تَلاتِلُهْ. |
شرنبث : والشَّرْنبَث : الغليظ الكَفّ ، وعُروق اليد.
شبربص : عَمْرو عن أبيه : الشِّبَرْبَصُ والقِرْمِليّ والحَبَرْبَرُ : الجمل الصغير.
طفنش : ابن دُريد : الطّفَنَّشُ : الرجل الواسِعُ صَدْر القدم.
شمرضض : الليث : الشِّمِرْضاض : شجَرٌ بالجزيرة.
وهذا آخر حرف الشين ، والمنة لله.
* * *
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كتاب حرف الضاد
أبواب مضاعف الضّاد
قال الليث : قال الخليل بن أحمد : الضَّاد مع الصَّاد معْقُومٌ ، لم تدخلا معاً في كلمة من كلام العرب إلَّا في كلمة وُضِعت مثالاً لبعض حساب الجمّل ، وهي «صعفض» هكذا تأسيسها ، وبيانُ ذلك أنها تُفَسَّر في الحساب على أن الصاد ستون ، والعين سبعون ، والفاء ثمانون ، والضاد تسعون ، فلما قبحث في اللفظ ، حولت الضاد إلى الصاد ، فقيل : «صعفص».
ض س
مهمل.
[باب الضاد والزاي]
ض ز
استعمل منه : ضزّ.
ضز : قال الليث : الأَضَزّ مَصْدَره الضَّزَزَ ، وهو الذي إذا تكلم لم يَسْتَطع أن يفرّج بين حَنكيه ، خِلْقَةً خُلِقَ عليها ، وهي من صلابة الرأس فيما يقال : وأنشد لرؤبة :
دَعْنِي فقد يُقْرَعُ للأضَزِّ |
صَكِّى حِجَاجَيْ رأسِه وبَهْزِي |
والفِعل ضزَّ يَضَزُّ ضَزَزاً.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : في لَحْيه ضَززٌ وكَزَزٌ ، وهو ضيق الشِّدْق ، وأن تَلْتَقِي الأضراس العُليا والسُّفلى ، إذا تكلم لم يَبِنْ كلامه.
قال : والضُّزَّازَ : الذين تقرُب أَلْحِيتُهم فيضيق عليهم مخرجُ الكلام حتى يستعينوا عليه بالضاد.
وقال أبو عمرو : رَكْبٌ أَضَرُّ : شديد ، وأنشد :
يا رُبَّ بَيْضاءَ تلَزُّلزَّا |
بالفْخذين رَكَباً أَضَزَّا |
وبئر فيها ضزَزٌ ، أي ضيق ، وأنشد :
وفَحَّت الأَفْعَى حِذَاءَ لِحْيَتِي |
ونَشِبَتْ كَفّيَ في الجال الأضَزّ |
[باب الضاد والطاء]
ض ط
أهمله الليث.
ضط : وروى أبو العباس ، عن ابن الأعرابيّ ، قال : الضُّطَط : الدَّواهِي.
وقال غيره : الضَّطِيط : الوَحَل الشديد من الطِّين ، يقال : وقَعْنا في ضَطيِطَة مُنْكَرَة ، أي وَحَلٍ وَرَدْغَة.
[باب الضاد والدال]
ض د
ضد : قال الليث : الضِّدُّ : كل شيء ضَادَّ شيئاً ليغْلِبَه ، والسَّوادُ ضدُّ البياض ، والموتُ ضدُّ الحياة ، تقول : هذا ضِدّه وضَدِيده ، والليلُ ضدُّ النهار ، إذا جاء هذا ذهب ذاك ، ويُجمع على الأضْداد.
قال الله عزوجل : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم : ٨٢] ، قال الفراء : أي يكونون عليهم عَوْناً.
قلت : يعني الأصْنام التي عَبدها الكفار ، تكونُ أعواناً على عابديها يومَ القيامة.
ورُوِي عن عِكْرَمَة أنه قال في قوله : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) [مريم : ٨٢] قال : أعداء. وقال أبو إسحاق : أي يكونون عليهم.
وأخْبرني المنذريّ ، عن ثعلب ، أنه قال : قال الأخفش في قوله : (وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا) ، لأن الضِّدَّ يكونُ واحداً وجماعةً ، مثل الرَّصَد والأرْصاد ، قال : والرّصد يكون للجماعة.
وقال أبو العباس : قال الفراء : معناه في التفسير : ويكونون عليهم عَوْناً ، فلذلك وُحِّد.
الحرانيّ عن ابن السكيت ، قال : حكى لنا أبو عمرو : والضِّدُّ مثل الشيْءِ ، والضِّدّ خلافُه.
قال : والضَّدّ : الملء يا هذا.
وقال أَبو زيد : ضَدَدْتُ فلاناً ضَدّاً ، أي غَلَبْته وخَصَمْته ، ويقال : لَقِيَ القومُ أضدادهم وأَنْدَادَهم وأَيْدادهم ، أي أقرانهم.
وأخبرني المنذريّ عن أبي الهيثم : يقال : ضادَّني فلان إذا خالفك ، فأردتَ طولاً وأراد قِصَراً ، وأردت ظُلْمة وأرادَ نُوراً ، فهو ضِدُّكَ وضَدِيدُك وقد يقال : إذا خالفك تذهبُ فأردتَ وجهاً فيه ، ونازعَك في ضِدِّه.
وفلان نِدِّي ونَدِيدي ، للذي يريد خلاف الوجه الذي تريده ، وهو مستقلّ من ذلك بمثل ما تستقلّ به.
شمِر عن الأخفش : النِّدُّ : الضِّدُّ ، والشِّبه ، (وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْداداً) [فصلت : ٩] ، أي أضداداً ، أي أشباهاً.
وقال أبو تراب : سمعت زائدة يقول :
صَدَّه عن الأمر وضَدَّه ، أي صرفه عنه بِرِفْق.
عمرو عن أبيه ، قال الضُّدُدُ : الذين يملئون للناس الآنية إذا طلبوا ، الماء واحدهم ضَادّ ، فيقال : ضَادَد وضَدَد.
ض ت ـ ض ظ ـ ض ذ ـ ض ث
أهملت وجوهها.
[باب الضاد والراء]
ض ر
ضر ، رض : [مستعملان].
ضر : قال الليث : الضَّرّ والضُّرُّ : لغتان ، فإذا جمعت بين الضَّر والنّفع فتحت الضاد ، وإذا أفردتَ الضُّرّ ضَمَمْتَ الضاد إذا لم تجعله مصدراً ، كقولك : ضَررت ضُرّاً.
هكذا يستعمله العرب.
قال : وقال أبو الدُّقَيْش : الضُّرُّ : ضِدّ النفع : والضُّر : الهُزَال وسُوء الحال ، والضَّرَرُ : النُّقصان ، تقول : دخَل عليه ضَرَرٌ في ماله.
قلت : وهكذا قال أَهلُ اللغة ، وقال في قوله جلّ وعزّ : (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ) [يونس : ١٢] ، وقال : (كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ) [يونس : ١٢]. وكلّ ما كان من سُوء حالٍ وفقر ، في بدنٍ ، فهو ضُرٌّ ، وما كان ضِدّاً للنّفع فهو ضَرٌّ.
وأما الضِّرُّ ، بكسر الضاد ، فهو أن يَتَزَوَّج الرَّجلُ امرأةً على ضَرَّة ، يقال : فلان صاحب ضِرِّ ؛ هكذا قاله الأصمعي.
قال : ويقال : امرأة مُضِرٌّ ، إذا كان لها ضَرَّةٌ ، ورجُل مُضِرٌّ ، إذا كان له ضرائر.
وجمع الضَّرَّة ضرائر. والضَّرتان : امرأتان للرّجل ، سُمِّيتا ضَرَّتين ، لأن كل واحدة منهما تُضَارُّ صاحبتها ، وكُرِه في الإسلام أن يقال لها : ضَرّة ، وقيل : جارَة ، كذلك جاء في الحديث ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ في الإسلام» ولكلِّ واحدةٍ من اللّفْظتين معنى غير الآخر.
فمعنى قوله : «لا ضرر» أي لا يَضُرُّ الرجلُ أخاهُ فينقص شيئاً من حقه أو مسلكه ، وهو ضِدُّ النفع.
وقوله : «لا ضِرَار» أي لا يُضَارّ الرجل جاره مُجَازاة فينقصه ويُدخِل عليه الضَّرر في شيء فيجازيه بمثله ، فالضِّرّار منهما معاً ، والضّرر فعل واحد ، ومعنى قوله : «ولا ضرار» ، أي لا يُدخلَ الضرر ، وهو النقصان على الذي ضَرَّه ، ولكن يعفو الله عنه ، كقول الله : (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ) [فصلت : ٣٤] الآية.
ورُوِيَ عن النَّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قيل له : أَنَرَى رَبَّنا يومَ القيامة؟ فقال : «أَتُضارّون في
رُؤْيَة الشَّمس في غَيْر سَحاب؟» ، قالوا : لا ، قال : «فإنكم لا تُضارون في رُؤْيته تبارك وتعالى».
قلت : رُوِيَ هذا الحديث بالتَّشديد من الضّرّ. وروي : «تضارُون» بالتخفيف من الضّيْر ، والمعنى واحد. يقال : ضَارَّه ضِرَاراً وضَرَّه ضَرّاً وضَارَهُ ضَيْراً ، والمعنى : لا يُضَارُّ بعضكم بعضاً في رُؤْيته ، أي لا يخالِفُ بعضكم بعضاً فيكذِّبه ؛ يقال : ضارَرْتُه ضِراراً ومُضارَّة ؛ إذا خالفته.
وقال الجعديُّ :
وَخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَى تُدْرَإ |
مَتَى بَاتَ سِلْمُهما يَشْغَب |
ويُرْوَى : «لا تُضامُون في رُؤْيته» ، أي لا يَنْضَمّ بعضكم إلى بعض فيُزَاحمه ، ويقول له : أَرِنيِه ، كما يفعلون عند النَّظر إلى الهِلال ، ولكن ينفرد كلّ منكم برُؤْيته.
ورُوِيَ من وَجْهٍ آخر : «لا تضامُون» بالتخفيف ، ومعناه : لا ينالُكُمْ ضَيْمٌ في رؤيته ، أي ترونه حتى تَسْتووا في الرُّؤْية ، فلا يَضِيمُ بعضكم بعضاً ؛ ومعنى هذه الألفاظ وإن اختلفت متقاربة ، وكل ما رُوِيَ فيه صحيح ، ولا يدفع لفظ منها لفظاً ، وهو من صِحاح أخبار رسول الله صلىاللهعليهوسلم وغُرَرها ، ولا ينكرها إلا مُبْتَدِعٌ صاحبُ هوًى.
وقال الليث : الضَّرورة : اسم لمصدر الاضْطرار ، تقول : حملتني الضَّرورة على كذا ، وقد اضْطُرَّ فلان إلى كذا وكذا ، بناؤه : «افْتُعل» ، فجعلت التاء طاء ؛ لأن التاء لم يَحْسُن لفظها مع الضاد.
وقال ابن بُزُرْج : هي الضّارُورَة ، والضارُورَاء ، ممدود.
وقال الليث : الضَّرِير : الإنسان الذاهب الْبَصر ، يقال : رجل ضَريرٌ البَصر ، إذا ضَرَّ بِهِ ضَعْفُ الْبَصر ، ويقال : رجل ضرير ، وامرأة ضَرِيرَة. والضَّرِيرُ : اسم للمضَارّة ، وأكثر ما يستعمل في الْغَيْرَة ؛ يقال : ما أشَدَّ ضَرِيرَه عليها! وقال الراجز يصف عَيْراً :
* حَتَّى إذَا مَا لَانَ مِنْ ضَرِيرِه *
وقال أبو عُبَيْد : الضرير : بقية النَّفَس.
وقال الأصمعيّ : إنَّه لذو ضَرير على الشيء ، إذا كان ذا صَبْرٍ عليه ومقاساةٍ ، وأنشد :
* وهَمَّامُ بنُ مُرَّةَ ذُو ضَرِيرِ*
يقال ذلك في النّاس والدّواب ، إذا كان لها صَبْر على مقاساة الشرّ.
وقال الأصمعيّ في قول الشاعر :
بِمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها |
بأَطْرَافِها والْعِيسُ بادٍ ضَريرُها |
قال : ضَرِيرُها شدّتُها ، حكاه الباهليّ عنه.
ويقال : انزل بأحد ضرِيرَي الوادِي ، أي
بإحدى ضِفّتيْه.
وقال أَوْس :
وما خَليجٌ من الْمرُّوت ذُو شُعَبٍ |
يَرْمِي الضَّرِير بخُشْبِ الطَّلحِ والضَّالِ |
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : الإضرار : التزويج على ضَرّة. يقال منه : رجل مُضِر ، وامرأة مُضِر بغير هاء. والمضرّ أيضاً ، الدَّاني من الشيء. ومنه قولُ الأخطل :
ظَلَّتْ ظباء بَنِي الْبَكَّار راتعَةً |
حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرارِ |
ويقال : مكان ذُو ضِرار ، أي ضَيّق.
ويقال : ليس عليك فيه ضَرَر ولا ضارُورة. ويقال : أضرّ الفرس على فَأْسِ اللِّجام ؛ إذا أَزَمَ عليه.
الليث : الضَّرَّتان للألية من جانب عظمها ، وهما الشَّحمتان اللتان تَهدَّلان من جانبيها ، وضِرّةُ الإبهام : لحمةٌ تحتها ، وضَرَّةُ الضَّرْع لحمهما ، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. والمِضرُّ الرجلُ : الذي عنده ضَرَّةٌ من مال ، وهي القطعة من الإبل ، وأنشد :
بِحَسْبكَ في القومِ أَن يَعْلَموا |
بأَنَّكَ منهم غَنِيٌ مُضِرّ |
وفي حديث مُعاذ : «أنه كان يُصلّي فأَضَرُّ به غُصْنٌ ، فَمَدَّ يَدَه فكَسره» قوله : «أَضَرَّ به» ، أي دَنا مِنْه.
وقال عبد الله بن عَنَمة الضبيّ :
لأُمِّ الأرض وَيْلٌ ما أَجَنَّتْ |
بحيث أضَرَّ بالحَسَن السبيلُ |
أي بحيث دنا حبل الحسن من السبيل.
وقال الأخطل :
لِكلِّ فَراشةٍ منها وَفَجِ |
أَضَاةٌ مَاؤُهَا ضَررٌ يمورُ |
قال ابن الأعرابيّ : ماؤها ضَرَرٌ ، أي يَمُرَّ في مضيق ، وأراد أنَّه كثيرٌ غَزِيرٌ فمجاريه تضيق به وإن اتَّسَعَت.
وقال أبو عَمرو : يقال : رجل ضِرُّ أضْرارٍ ، وعِضُّ أَعْضاضٍ وَصِلُّ أَصْلالِ ، إذا كان داهِيَةً في رأيه ، وأنشد :
والقَومُ أَعْلَمُ لو قُرْطٌ أُرِيد بها |
لكانَ عُرْوةُ فيها ضِرُّ أَضْرارِ |
أي لا يَسْتَنْقِذُه ببَأْسه وحِيَله.
وعروةً أخو أبي خِراش ، وكان لأبي خِراش عند قُرْطٍ منَّة ، وأَسرت أزدُ السَّراةِ عُروة ، فلم يحمَد نيابة قُرْط ، عند أبي خراش في إسارهم أخاه :
إذاً لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيفِ من رجلٍ |
من سادة القوم أو لَالْتَفَّ بالدار |
سلمة عن الفراء : سمعت أبا ثَرْوان يقول : ما يضرُّك عليها جارية ، أي ما يزيدك.
قال : وقال الكسائي : سمعتهم يقولون : ما يضرك على الضَّبّ صَبْراً ، وما يَضيرُكَ على الضَّب صبراً ، أي ما يزيدك.
ثعلب ، عن ابن الإعرابيّ : يقال : ما يَضُرُّك عليه شيئاً وما يزيدُك عليه شيئاً ، بمعنى واحد.
وقال ابن السكيت في أبواب النَّفي : يقال : لا يضرك عليه رجل ، أي لا يزيدك ولا يضرَّك عليه حمل.
وسئل أبو الهيثم عن قول الأعشى :
* ثُمَّ وَصّلْتَ ضَرَّةً بربيع*
فقال : الضَّرَّة : شدة الحال ، فَعْلَة من الضرّ. قال : والضُّرُّر أيضاً هو حال الضرير ، وهو الزَّمِنُ. والضَّرَّاء الزَّمانة ، والضَّرّاء : السَّنَة.
ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ : قال : الضَّرّة : الأذاة ، والضَّرَّةُ : المال الكثير ، ومنه قيل : رجل مُضِرّ.
وقال أبو زيد : الضَّرَّةُ : الضَّرْعُ كلُّه ما خلا الأطْباء ، وإنما تُدْعى ضَرَّة إذا كان بها لَبن ، فإذا قَلُص الضَّرْع وذهب اللّبن ، قيل له : خَيْف.
رض : قال الليث : الرّضُ : دَقُّكَ الشيء ، ورُضَاضُه : قطعه. قال : والرَّضْراضَةُ : حجارة تُرَضْرَضُ على وجه الأرض ، أي تتحرك ولا تثْبت.
قلت : وقال غيره : الرَّضْراض والرَّصراص : ما دَقَّ من الحصى.
وقال الباهليّ : الرّضُ : التَّمر الذي يُدَقُّ ويُنَقَّى من عَجَمِه ، ويُلْقى في المَخْض.
وقال ابن السكيت : المُرِضَّة : تمر يُنقع في اللبن فتشربه الجارية ، وهو الكُدَيْراء.
وقال : المُرِضَّةُ بهذا المعنى.
قال : وسألتُ بعض بني عامر عن المُرِضَّة ، فقال : هي اللّبَن الشديد الحموضة الذي إذا شربه الإنسان أصبح قد تَكَسَّر.
وقال أبو عُبيد : إذا صْبّ لبنٌ حليب على لبن حَقين ، فهو المرِضَّة والريْبَة ، وأنشد قول ابن أحمر :
إذا شَرِبَ المُرِضّةَ قال : أَوْكِي |
على ما في سَقائِك قد رَوينَا |
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : الرَّضْرَاضَة : المرأة الكثيرة اللّحم.
قال رُؤْبَة :
أَزْمانَ ذاتُ الكفَلِ الرّضْراضِ |
رَقْرَاقَةٌ في بُدْنِها الفَضفاض |
ورجل راضْراض ، وبعير رضراض : كثير اللحم.
وقال الأصمعيّ : أرَضَ الرُّجُل إِرْضَاضاً : إذا شَرِبَ المُرِضَّةَ فَثَقُلَ عنها.
وأنشد :
* ثم اسْتَحَثُّوا مُبْطِئاً أَرَضا*
وقال أبو عُبيدة : المُرِضَّةُ من الخيل : الشَّديدة العَدْو. وقال أبو زيد : المُرضَّةُ : الأُكلة والشُّرْبَةُ إذا أكلتها أوْ شَرِبتها
أَرَضَّتْ عَرَقَك ، فأَسالته.
قال : ويقال للراعية إذا رضّت العشب أكلاً وهَرْساً : رَضَارض ، وأنشد :
يَسْبُتُ راعيها وهي رِضارضُ |
سَبْتَ الوَقيدِ والورِيدُ نابضُ |
وقال الجَعدي يصف فرساً :
فعَرَفْنا هزّة تأْخُذُه |
فقرنّاهُ برَضْرَاضٍ رِفَلْ |
أراد : قرَنّاهُ ببعير ضخمٍ ، والرّضُ : التّمر والزُّبْد يُخْلطان. وقال :
جاريةٌ شَبّتْ شباباً غَضّاً |
تشرب مَحْضاً وتَغَذَّى رَضّا |
وقال ابن السكيت : الإرْضاض شِدةُ العَدْو ، وأَرَضّ في الأرض : ذَهَب.
باب الضاد واللّام
ض ل
ضلّ ، لضلض : [مستعملان].
لضلض : قال الليث : اللّضْلاض الدليل ، ولَضْلَضْتُه : التفَاتُه وتَحْفُّظُه ، وأنشد :
وبَلَدٍ بعيَا على اللّضلاضِ |
أَيْهَمَ مغبِّر الفِجاج فَاضى |
أي واسعٌ ، من الفضاء.
ضل : الحُرانيّ عن ابن السكيت : يقال : أَضْلَلْتُ بعيري وغيره ، إذا ذهب منك ، وقد ضلِلْتُ المسجدَ والدّار ، إذا لم تعرفْ موضعَهما.
وقال أبو حاتم : ضَلِلْتُ الدار والطريق ، وكلِّ شيء ثابتٍ لا يَبْرَح. ويقال : ضَلَّني فلانٌ فلم أَقْدِرْ عليه ، أي ذَهَبَ عني ، وأنشد :
والسَّائِلُ المُبْتَغِي كرائمها |
يعلم أَنِّي تَضِلُّني عِلِلي |
أي تذهب عني ، ويقال : أضللت الناقة.
والدراهم وكلَّ شيء ليس بثابت قائم ؛ مما يزول ولا يثبت.
وقال الفراء في قول الله عزوجل ؛ (فِي كِتابٍ لا يَضِلُ رَبِّي وَلا يَنْسى) [طه : ٥٢].
أي لا يَضِلُّه ربي ولا ينساه.
ويقال : أَضْلَلْتُ الشيء ، إذا ضَاعَ منك ، مثل الدّابة والنّاقة ، وما أشبههما إذا انْفَلَت منك. وإذا أخطأتَ موضع الشيء الثابت ، مثل : الدار والمكان قلت : ضَلِلْتُه وضَلَلْتَه ، ولا تَقل : أَضْلَلْتُه.
وأخبرني المنذريّ عن ابن فهمْ عن محمد ابن سلّام ، قال : سمِعْتُ حمّاد بن سَلمة يقرأ (في كتاب لا يُضِلُ ربي ولا ينسى) فسألتُ عنها يونس فقال : «يُضلّ» جَيِّدَةٌ ، يقولون : ضَلَ فلان بعيرَه ، أي أَضَلّه.
قلت : خالفهم يونس في هذا.
وقال الزَّجاج : ضَلِلْتُ الشيء أَضِلُّهُ إذا جعلتَه في مكان ولم تَدْرِ أَين هو ، وأضْلَلْتُه ، أي أضَعْته.
وقول الله جلَّ وعزَّ : (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى) [البقرة : ٢٨٢]. وقُرىء (إنْ تَضِلَ) بالكسر ، فمن كسر «إنْ» فالكلام على لَفْظ الجزاء ومعناه.
وقال الزَّجاج : المعنى في (إن تضلّ) : إنْ تَنْسَ إحداهما تُذَكِّرْها الأخرى الذاكرة.
قال : وتُذَكِّرُ وتُذْكِرُ ، رفعٌ مع كسر «إنْ» لا غير. ومن قرأ (أَنْ تَضِلَ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ) ، وهي قراءة أكثر الناس.
قال : وذكر الخليل وسيبويه أن المعنى : اسْتَشهِدُوا امرأَتَين ، لأن تُذَكّرَ إحداهما الأخرى ، ومن أجل أن تُذَكّرها.
قال سيبويه : فإن قال إنسان : فلمَ جاز أن تضِلَ ، وإنما أُعِدَّ هذا للإذكار! ، فالجواب عنه أنّ الإذكار لما كان سبَبُه الإضلال ، جاز أن يذكر أن تَضِلَ ، لأن الإضلال هو السبب الذي به وجب الإذْكار. قال : ومثلُه أَعْدَدْتُ هذا أن يَمِيلَ الحائط فأَدْعَمه ، وإنما أَعْدَدْتُه للدَّعْم ، لا للميل ؛ ولكن الميل ذُكِرَ ، لأنه سبب الدَّعْم ، كما ذكر الإضلال ، لأنه سبب الإذكار ، فهذا هو الْبَيِّن إن شاء الله تعالى.
وقوله : عزوجل : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) [السجدة : ١٠]. معناه : أإذا مِتْنَا وصِرْنا تُراباً وعِظاماً ، فضللنا في الأرض فلم يتبيَّن شيءٌ من خَلْقِنا.
وقوله : (رَبِّ إِنَّهُنَ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ) [إبراهيم : ٣٦].
قال الزّجاجُ : أي ضَلُّوا بسببها ، لأن الأصْنام لا تعقل ولا تفعل شيئاً ، كما تقول : قد فتَنَتَنِي. والمعنى : إني أحببتها ، وافْتَتَنتُ بسببها.
وقوله جلّ وعزّ : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) [النحل : ٣٧].
قال الزجاج : هو كما قال جلّ وعزّ : (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) [الأعراف : ١٨٦].
قلت : والإضلال في كلام العرب ضدّ الهِدَاية والإرشاد. يقال : أَضللْتُ فلاناً ، إذا وجهتَه للضلال عن الطريق ، وإياه أراد لبيد :
مَنْ هداه سُبُلَ الخَيْرِ اهْتَدَى |
ناعِمَ البالِ ومن شَاءَ أَضلّ |
وقال لبيد هذا في جاهليته ، فوافق قوله التنزيل يُضلّ مَنْ يشاء ، وللاضلال في كلام العرب معنى آخر.
يقال : أَضللْتُ الميِّتَ ، إذا دَفَنْتَهُ.
وقال المخَبَّلُ :
أَضلَّتْ بنو قَيْسِ بن سَعْدٍ عَميدَها |
وفارِسَها في الدَّهْرِ قَيْسَ بن عاصم |
وقال النابغة :
فَآبَ مُضِلُّوهُ بعَيْنٍ جَلِيّةٍ |
وغُودِرَ بالجَوْلانِ حَزْمٌ ونائِلُ |
يريد بمضلِّيه : دافِنيه حينَ مات.
وقال أبو عَمْرو : يقال : ضَلِلْتُ بعيري إذا كان معقولاً فلم تهتد لمكانه ، وأَضْلَلْتُه إضلالاً إذا كان مُطْلقاً ، فذهب ولا تدري أين أخذ ، وكُلَّما جاء الضلالُ من قِبَلِكَ قلت : ضللْتُه ، وما جاء من المفعول به ، قلت : أَضللْتُه.
قال أبو عَمْرو : أصل الضلال الغَيبوبة ، يقال : ضلَ الماءُ في اللبن ، إذا غَاب ، وضلَ الكافِرُ : غاب عن الحُجَّة ، وضلَ الناسِي ، إذا غابَ عنه حِفْظُه.
قال الله تعالى : (لا يَضِلُ رَبِّي) [طه : ٥٢] ، أي لا يغيب عنه شيءٌ ، ولا يغيب عن شَيْءٍ ، وقوله : (أَنْ تَضِلَ إِحْداهُما) [البقرة : ٢٨٢] أي تغيب عن حِفظها ، أو يغيب حِفْظُها عنها.
سلَمة عن الفراء قال : الضُّلَّةُ ، بالضم : الحذاقَةُ بالدّلالة في السَّفَر ، والضَّلّة : الغيبوبةُ في خير أو شر ، والضِّلّةُ : الضلال.
وقال ابن الأعرابيّ : أَضلَّنِي أمرُ كذا وكذا ، أي لم أَقْدِرْ عليه.
وأنشد :
إني إذا خُلَّةٌ تَضيّفَنِي |
يُريدُ مالِي أَضلَّني عِلَلِي |
أي فارقَتْني ، فلم أَقْدر عليها ، ويقال : أرض مَضَلَّةٌ ، ومَضِلّةٌ : لا يهتدي فيها.
وقال شمِر : قال الأصمعيّ : المَضَلُ : الأرض المَتِيهة.
وقال غيره : أَرْضٌ مَضَلَ يَضلّ فيها الناسُ ، والمَجْهل كذلك.
ويقال : أَخَذْتُ أَرْضاً مَضِلّةً ، ومَضَلّة ، وأَرْضاً مَضَلَّا مَجْهلاً.
وأنشد :
أَلَا طَرَقَتْ صَحْبِي عُمَيْرَةُ إنَّها |
لَنا بالمَرَوْرَاةِ المَضَلِ طَرُوقُ |
وقال غيره : أرض مَضِلّة ومَزِلّةٌ ، وهو اسم ، ولو كان نَعْتاً كان بغير الهاء.
ويقال : فلاةُ مَضَلَّةٌ وخَرْقٌ مَضَلةٌ ، الذكر والأنثى ، والجمع سواء ، كما قالوا : الولد مَبْخَلَةٌ ، وقيل : أرضٌ مَضِلةٌ ، وأَرَضونَ مَضِلَّات.
أبو عُبيد عن أبي زيد : أَرْض مَتِيهة مَضِلَّةُ ومَزِلةٌ من الزّلَق.
وقال الأصمعيّ : الضَّلَضِلَةُ : الأرض الغليظة. ويقال للدليل الحاذِق : الضَّلاضِل ، والضُّلَضِلَةُ ، قاله ابن الأعرابيّ.
ويقال : فلان ضُلّ بن ضُلّ ، إذا لم يُدْرَ مَنْ هو؟ وممَّنْ هو؟ وهو الضُّلالُ بن الأُلَال ، والضُّلالُ بن فَهْلَل ، وابن ثَهلل ، كلُّه بهذا المعنى.
وقال اللحيانيّ : يقال : فلان ضِلُ أَضْلال وصِلُّ أصْلال بالضاد والصاد ، إذا كان