السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤
وقد ذكرنا مراراً قول الحافظ ابن حجر مراراً : بأن التشيّع غير ضائر (١).
بل لقد ذكر الذهبي بترجمة أبان بن تغلب رحمهالله ما نصّه :
« شيعي جلد ، لكنه صدوق ، فلنا صدقه ، وعليه بدعته (٢).
وتلخص :
صحة كلا طريقي أبي يعلى.
(١٠)
رواية المحاملي
ومن رواة هذا الحديث : القاضي أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل بن محمّد الضبيّ المحاملي البغدادي ، المتوفى سنة ٣٣٠.
فقد جاء في بعض أسانيد الحافظ ابن عساكر بسنده :
« أنبأنا أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أنبأنا أبو موسى محمّد ابن المثنى ، أنبأنا يحيى بن حماد ، أنبأنا الوضّاح ، أنبأنا يحيى أبو بلج ، أنبأنا عمرو بن ميمون قال :
إني لجالس إلى ابن عباس ، إذْ أتاه تسعة رهط ... » (٣).
أقول :
هذا السّند هو سند النسائي بعينه.
__________________
(١) مقدمة فتح الباي : ٣٩٨.
(٢) ميزان الإعتدال : ١ / ٥.
(٣) ولكني لم أجده في كتاب الأمالي للمحاملي رواية ابن يحيى البيّع.
(١١)
رواية الطبراني
وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني ، في مسند ابن عباس ، تحت عنوان ( عمرو بن ميمون عن ابن عباس ) :
« حدثنا إبراهيم بن هاشم البغوي ، ثنا كثير بن يحيى ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون قال :
كنا عند ابن عباس ، فجاءه سبعة نفر ... ».
فأخرج الحديث بكامله (١).
ثم روى : « حدّثنا أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحرّاني ، ثنا أبو جعفر النفيلي ، ثنا مسكين بن بكير ، ثنا شعبة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس :
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بالأبواب كلّها فسدّت إلاّ باب علي رضياللهعنه » (٢).
ورواه في ( المعجم الأوسط ) بنفس السّند الأوّل ، لكنْ باختصار :
قال : « حدّثنا إبراهيم ، قال : حدّثنا كثير بن يحيى أبو مالك ، قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، قال :
قال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم يوم خيبر ، لأبعثنَّ رجلاً لا يخزيه الله ، فبعث إلى علي وهو في الرحل يطحن ـ وما كان أحدكم يطحن ـ فجاءوا به
__________________
(١) المعجم الكبير ١٢ / ٧٧ رقم ١٢٥٩٣.
(٢) المعجم الكبير ١٢ / ٧٨ رقم ١٢٥٩٤.
أرمد ، فقال : يا نبي الله ما أكاد ابصر ، فنفث في عينيه ، وهزّ الراية ثلاث مرار ، ثم دفعها إليه ، ففتح له ، فجاء بصفيّة بنت حيي.
ثم قال لنبي عمّه : أيّكم بتولاّني في الدنيا والآخرة؟ فقال لكلّ رجلٍ منهم : يا فلان ، أتتولاّني في الدنيا والآخرة ـ ثلاثاً ـ؟ فيقول : لا ، حتى مرّ على آخرهم ، فقال علي : يا نبي الله ، أنا وليّك في الدنيا والآخرة ، فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم : أنت وليّي في الدنيا والآخرة.
قال : وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، وبعث علياً على أثره ، فقال أبو بكر : يا علي ، لعلّ الله ورسوله سخطا عليَّ. فقال علي : لا ولكنْ قال نبي الله صلّى الله عليه وسلّم : لا ينبغي أن يبلّغ عنّي إلاّرجل مني وأنا منه.
قال : ووضع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ثوبه على علي وفاطمة والحسن والحسين ثم قال : ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً ) (٢).
وكان أوّل من أسلم بعد خديجة من الناس.
قال : وشرى علي نفسه ، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يرمون رسول الله » (١).
أقول :
وشيخ الطبراني ( إبراهيم بن هاشم البغوي ).
« إبراهيم بن هاشم بن الحسين بن هاشم ، أبو إسحاق البيّع ، المعروف
__________________
(١) المعجم الأوسط ٣ / ٣٨٨ رقم ٢٨٣٦.
بالبغوي. سمع امية بن بسطام ، وإبراهيم بن الحجاج السامي ، وأبا الربيع الزهراني ، وعلي بن الجعد ، ومحرز بن عون ، ومحمّد بن بكار ، وأحمد بن حنبل ، وأحمد بن سعيد الدارمي.
روى عنه : أحمد بن سلمان النجاد ، وعبدالباقي بن قانع ...
أخبرني الأزهري قال قال أبو الحسن الدارقطني : إبراهيم بن هاشم البغوي ثقة.
أخبرنا محمّد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا إسماعيل بن علي الخطبي ، قال : مات أبو إسحاق إبراهيم بن هاشم البغوي يوم الخميس سلخ جمادى الآخرة سنة ٢٩٧.
قلت : وكان مولده سنة ٢٠٧ » (١).
وذكره الحافظ ابن الجوزي فيمن توفي في السنة المذكورة من الأكابر ، قال : « وكان ثقة » (٢).
وبقي الكلام على سند رواية سدّ الأبواب ، ففيه :
( أبو شعيب عبدالله بن الحسن الحرّاني ) :
قال الدارقطني : ثقة مأمون.
وقال الخطيب : كان مسنداً غير متّهم في روايته.
ووصفه الذهبي : بـ « الشيخ المحدّث المعمَّر المؤدّب ، طال عمره ، وتفرَّد »
__________________
(١) تاريخ بغداد ٦ / ٢٠٣.
(٢) المنتظم ١٣ / ٩٧.
فذكر توثيق الدارقطني (١) ، وقال عنه أيضاً : « معمَّر صدوق » (٢).
وقال ابن حجر « ذكره ابن حبان في الثقات وقال يخطئ ويهم » وقال موسى بن هارون : « السماع من أبي شعيب يفضل على السماع من غيره ، لأنه المحدّث ابن المحدّث ابن المحدّث وهو صدوق » وقال مسلمة : « كان ثقة فصيحاً » (٣).
أقول : وإنما اورد في ( الميزان ) و ( لسانه ) لأنّه كان يأخذ الدراهم على الحديث ، كما صرّح بذلك الذهبي مع التنصيص على أنه كان غير متّهم.
و ( أبو جعفر النفيلي ) وهو : عبدالله بن محمّد بن علي بن نفيل.
من رجال البخاري والأربعة.
وروى عنه : أبو زرعة ، وأبو حاتم ، والذهلي وجماعة.
وثّقه أبو حاتم ، والدارقطني ، وابن حبان (٤).
و ( مسكين بن بكير ) وهو :
من رجال الصحاح الستة (٥).
__________________
(١) تاريخ بغداد ٩ / ٤٣٥ ، سير أعلام النبلاء ١٣ / ٥٣٦.
(٢) ميزان الإعتدال ٢ / ٤٠٦.
(٣) لسان الميزان ٣ / ٢٧١.
(٤) الجرح والتعديل ٥ / ١٥٩ ، تهذيب التهذيب ٦ / ١٦ ، تذكرة الحفاظ ٢ / ٤٤٠ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٦٣٤.
(٥) تهذيب التهذيب ١٠ / ١٢٠.
(١٢)
رواية الحاكم النيسابوري
وأخرجه الحاكم أبو عبدالله النيسابوري في ( المستدرك ) :
« أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ببغداد ، من أصل كتابه ، ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، حدّثني أبي ، ثنا يحيى بن حمّاد ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو بن ميمون ، قال :
إني لجالس عند ابن عبّاس ... ».
فرواه بطوله ثم قال : « هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة.
وقد حدّثنا السيد الأوحد أبو يعلى حمزة بن محمّد الزيدي ـ رضياللهعنه ـ ثنا أبو الحسن علي بن محمّد بن مهرويه القزويني القطان ، قال : سمعت أبا حاتم الرازي يقول : كان يعجبهم أن يجدوا الفضائل من رواية أحمد بن حنبل » (١).
أقول :
وشيخ الحاكم : ( أبو بكر القطيعي ) قد ترجمنا له في الكتاب.
وأخرج الحاكم أيضاً قال :
« حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق ، ثنا زياد بن الخليل التستري ، ثنا كثير
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٣٢.
ابن يحيى ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال :
شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي ... ».
ثم قال الحاكم : « هذا حديث صحيح الإيناد ولم يخرجاه.
وقد رواه أبو داود الطيالسي وغيره عن أبي عوانة ، بزيادة ألفاظ » (١).
أقول :
وشيخ الحاكم ( أبو بكر أحمد بن إسحاق ) هو النيسابوري ، المعروف بالصبغي.
تجد الثناء بالجميل عليه في :
١ ـ طبقات الشافعية ٣ / ٩.
٢ ـ الوافي بالوفيات ٦ / ٢٣٩.
٣ ـ مرآة الجنان ٢ / ٣٣٤.
٤ ـ النجوم الزاهرة ٣ / ٣١٠.
٥ ـ سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٨٣.
٦ ـ شذرات الذهب ٢ / ٣٦١.
وأمّا ( زياد بن خليل التستري ) فقد ذكره الخطيب وابن الجوزي والسمعاني والذهبي وقالوا ما موجزه :
« وأبو سهل زياد بن خليل التستري. قدم بغداد وحدّث بها عن إبراهيم بن
__________________
(١) المستدرك على الصحيحين ٣ / ٤.
المنذر الحزامي و ... روى عنه : عبدالصمد بن علي الطستي وأبو بكر محمّد بن عبدالله الشافعي ..
وذكره الدارقطني فقال : لا بأس به.
ومات في طريق المدينة قبل أنْ يدخل مكة في ذي القعدة سنة ٢٩٠. وقيل : ٢٨٦ » (١).
(١٣)
رواية ابن عبدالبر
وقال الحافظ ابن عبدالبر القرطبي بترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام :
« روي عن سليمان ، وأبي ذر ، والمقداد ، وحذيفة ، وخباب ، وجابر ، وأبي سعيد الخدري ، وزيد بن أرقم : أن علي بن أبي طالب أوّل من أسلم ، وفضّله هؤلاء على غيره.
قال ابن إسحاق : أول من آمن بالله ورسوله محمّد صلّى الله عليه وسلّم ، من الرجال علي بن أبي طالب.
وهو قول ابن شهاب ، إلاّ أنه قال : من الرجال بعد خديجة.
وهو قول الجميع في خديجة.
حدثنا أحمد بن محمّد ، حدثنا أحمد بن الفضل ، حدثنا محمّد بن جرير قال قال أحمد بن عبدالله الدقاق : حدثنا مفضل بن صالح ، عن سماك بن حرب ،
__________________
(١) الأنساب ـ التستري ، تاريخ بغداد ٨ / ٢٨١ ، تاريخ الإسلام ـ حوادث ٢٨١ ـ ٢٩٠ ـ ص ١٨١ ، المنتظم ١٢ / ٤٠٧.
عن عكرمة ، عن ابن عباس ، قال :
لعلي أربع خصال ليست لأحدٍ غيره : هو أوّل عربي وعجمي صلّى مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وهو الذي كان لؤاؤه معه في كلّ زحف ، وهو الذي صبر معه يوم فرّ عنه غيره ، وهوالذي غسّله وأدخله في قبره.
وقد مضى في باب أبي بكر الصديق رضياللهعنه ذكر من قال أن أبا بكر أول من أسلم.
وروي عن سلمان الفارسي أنه قال : أوّل هذه الامّة وروداً على نبيّها عليه الصلاة والسلام الحوض أوّلها إسلاماً : علي بن أبي طالب.
وروي هذا الحديث مرفوعاً عن سلمان الفارسي ، عن النبي صلّى الله عليه وسلّم انه قال : أوّل هذه الامّة وروداً عليّ الحوض أوّلها إسلاماً : علي بن أبي طالب.
ورفعه أولى ، لأن مثله لا يدرك بالرأي.
حدثنا أحمد بن قاسم ، حدثنا قاسم بن أصبغ ، حدثنا الحارث بن أبي اسامة ، حدثنا يحيى بن هاشم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن أبي صادق ، عن حنش بن المعتمر ، عن عليم الكندي ، عن سلمان الفارسي قال : قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : أوّلكم وروداً عليَّ الحوض أوّلكم إسلاماً : علي بن أبي طالب.
وروى أبو داود الطيالسي : حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس : إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي : أنت ولي كلّ مؤمن بعدي.
وبه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قال : أوّل من صلّى مع النبي صلّى الله عليه وسلّم بعد خديجة علي بن أبي طالب.
حدثنا عبدالوارث بن سفيان ، قال حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال حدثنا أحمد بن زهير بن حرب ، قال حدثنا الحسن (١) بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال :
كان علي أوّل من آمن بالله من الناس بعد خديجة رضي الله عنهما.
قال أبو عمر رحمهالله : هذا إسناد لا مطعن فيه لأحدٍ ، لصحته وثقة نقلته » (٢).
أقول :
أمّا ( عبدالوارث بن سفيان ) فقد :
قال الذهبي : « عبدالوارث بن سفيان بن جبرون. المحدث الثقة العالم الزاهد ...
توفي سنة ٣٩٥ » (٣).
وأمّا ( قاسم بن أصبغ ) فقد
ذكره الذهبي ، ووصفه بـ « الإمام الحافظ العلاّمة محدّث الأندلس » قال : « وانتهى إليه علوّ الإسناد بالأندلس ، مع الحفظ والإتقان ، وبراعة العربية ، والتقدم في الفتوى ، والحرمة التامة ، والجلالة ».
قال : « أثنى عليه غير واحد ، وتواليف ابن حزم ، وابن عبدالبر ، وأبي الوليد الباجي ، طافحة بروايات قاسم بن أصبغ.
__________________
(١)كذا ، والصحيح : يحيى بن حمّاد ، وراجع الهامش أيضاً.
(٢) الإستيعاب في معرفة الأصحاب ٣ / ٢٧ ـ ٢٨.
(٣) سير أعلام النبلاء ١٧ / ٨٤.
مات سنة ٣٤٠ » (١).
وأمّا ( أحمد بن زهير بن حرب ) فهو : ابن أبي خيثمة ، وترجمته موجودة في الكتاب.
وأمّا ( يحيى بن حمّاد ) ومن فوقه ، فقد عرفتهم كذلك.
فالسند صحيح كما ذكر ابن عبدالبر.
(١٤)
رواية الحسكاني
وروى الحاكم الحسكاني حديث عمرو بن ميمون بتفسير قوله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ ) ، قال :
« أخبرنا أبو بكر التميمي قال : أخبرنا أبو بكر القباب عبدالله بن محمّد قال : أخبرنا أبو بكر ابن أبي عاصم القاضي ، قال : محمّد بن المثنى قال : حدّثنا يحيى بن حماد ، قال : حدّثنا أبو عوانة الوضّاح بن عبدالله ، عن يحيى بن سليم أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال :
وكان ـ يعني عليّاً ـ أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ولبس ثوبه ونام مكانه ، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله ، وهم يحسبون أنه نبي الله ، فجاء أبو بكر وقال : يا نبي الله ، فقال علي : إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون ، وكان المشركون يرمون عليّاً وهو يتضوّر ، حتى أصبح فكشف عن رأسه فقالوا : كنا نرمي صاحبك ولا يتضور ، وأنت تتضوّر ، استنكرنا ذلك.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٥ / ٤٧٢.
ـ أخبرنا أبو عبدالله الجرجاني قال : أخبرنا أبو طاهر السلمي قال : أخبرنا جدّي أبو بكر قال : حدّثنا علي بن مسلم قال : حدّثنا أبو داود ، عن أبي عوانة عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون الأودي ، عن ابن عباس :
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا انطلق ليلة الغار ...
ـ وأخبرنا الحاكم أبو عبدالله قال : حدثنا أبو بكر بن إسحاق الفقيه ، قال : أخبرنا زياد بن الخليل التستري ، قال : حدّثنا كثير بن يحيى. قال : حدّثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال :
شرى علي نفسه ولبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ، ثم نام مكانه.
ـ اخبرنا الحاكم الوالد ، عن أبي حفص بن شاهين قال : أخبرنا أحمد بن محمّد بن سعيد الهمداني قال : حدّثنا أحمد بن عبدالرحمن بن سراج ومحمّد بن أحمد بن الحسين القطواني ، قالا : حدثنا عباد بن ثابت قال : حدّثني سليمان بن قرم قال : حدثني عبدالرحمن بن ميمون أبو عبدالله قال : حدّثني أبي عن ابن عباس : إنه سمعه يقول : أنام رسول الله علياً على فراشه ... » (١).
أقول :
لقد روى الحاكم الحسكاني هذا الحديث بأسانيد :
فأمّا السند الأوّل ففيه :
( أبو بكر التميمي ) وهو : أحمد بن محمّد بن عبدالله بن الحارث التميمي الأصبهاني ،
__________________
(١) شواهد التنزيل ١ / ١٢٤ ـ ١٢٨.
نزيل نيسابور. ترجم له الحافظ عبدالغافر ، فقال ما ملخّصه :
« أحمد بن محمّد بن أحمد بن عبدالله بن الحارث. الإمام أبو بكر التميمي الإصبهاني ، المقرئ الأديب ، الفقيه ، المحدّث ، الديّن ، الزاهد ، الورع ، الثقة ، الإمام بالحقيقة ، فريد عصره في طريقته وعلمه وورعه ، لم يعهد مثله. كان عارفاً بالحديث ، كثير السماع ، صحيح الاصول ، توفي بنيسابور سنة ٤٣٠.
حدّث عن أبي محمّد عبدالله بن محمّد بن جعفر بجملةٍ من حديثه ومصنفاته ، وعن أبي بكر عبدالله بن محمّد القباب ، وأقرانهم.
سمع منه الوالد ، وابن أبي زكريا ، وابن رامش ، وابن الشقاني والطبقة.
قرأت بخط الحسكاني ـ وكان من المكثرين عنه ، المختصّين بالإستفادة منه ـ أنه قال : توفي أبو الشيخ بإصبهاني سنة ٣٦٩ وهو ابن ٩٧ سنة » (١).
و ( أبو بكر القبّاب ) وهو : من كبار المحدّثين والقرّاء ، توجد ترجمته في :
١ ـ طبقات المفسرين للداوودي ٢ / ٢٥١.
٢ ـ غاية النهاية في طبقات القراء للجزري ١ / ٤٥٤.
٣ ـ سير أعلام النبلاء ١٦ / ٢٥٧.
٤ ـ ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٩٠.
٥ ـ النجوم الزاهرة ٤ / ١٣٩.
٦ ـ شذرات الذهب ٣ / ٧٢.
٧ ـ الأنساب ـ القبّاب.
قال ابن الجزري الحافظ : « إمام وقته ، مفسّر مشهور ... ، قال الحافظ
__________________
(١) المنتخب من السياق في تاريخ نيسابور ١٠٧.
أبو العلاء : فأمّا أبو بكر القباب ، فإنه من أجلّة قرّاء اصبهان ، ومن العلماء بتفسير القرآن ، كثير الحديث ، ثقة نبيل ، توفي سنة ٣٧٠. قيل : إنه بلغ المائة ».
و ( ابن أبي عاصم ) فمن فوقه ، قد عرفتهم في الكتاب.
فالسند صحيح بلا ارتياب.
وكذا السند الثالث ، فإنّه عن ( الحاكم صاحب المستدرك ) بسنده المتقدّم قريباً.
(١٥)
رواية ابن عساكر
وقال الحافظ ابن عساكر بترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام من ( تاريخه ) :
« وأخبرتنا به امّ البهاء فاطمة بنت محمّد قالت : قرئ على إبراهيم بن منصور ، أنا أبو بكر بن المقرئ ، نا أبو يعلى ، نا يحيى بن عبدالحميد ، نا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لُاعطينّ الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.
فقال : أين علي؟
قالوا : يطحن.
قال : وما كان أحد منهم يرضي أن يطحن؟
فاتي به. فدفع إليه الراية ، فجاء بصفيّة بنت حيي.
( قال ابن عساكر ) :
هذا مختصر من حديث.
وأخبرنا بتمامه : أبو القاسم بن السمرقندي ، أنا أبو محمّد بن أبي عثمان وأبو طاهر القصاري.
ح وأخبرنا أبو عبدالله بن القصاري ، أنا أبي أبو طاهر قالا أنا أبو القاسم إسماعيل بن الحسين بن هشام ، أنا أبو عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي ، أنا أبو موسى محمّد بن المثنى ، نا يحيى بن حماد ، نا الوضّاح نا يحيى أبو بلج ، نا عمرو بن ميمون قال :
إني لجالس إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ... ».
فرواه بطوله. ثم قال :
« وأخبرتنا ام البهاء فاطمة بنت محمّد ، قال : أنا إبراهيم بن منصور ، انا أبو بكر بن المقرئ ، انا أبو يعلى ، نا زهير ، نا يحيى بن حماد ، نا أبو عوانة ، نا أبو بلج ، عن عمرو بن ميمون قال :
إني لجالس عند ابن عباس ، إذ أتاه سبعة رهط ... ».
فرواه بطوله أيضاً. ثم قال :
« أخبرنا أبو القاسم بن الحصين ، أنا أبو علي بن المذهب ، أنا أحمد ابن جعفر ، نا عبدالله بن محمّد ، حدّثني أبي ، نا يحيى بن حماد ، نا أبو عوانة ، نا أبو بلج ، نا عمرو ميمون قال :
إني لجالس إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط ... ».
فرواه بطوله ، ثم قال :
« قال : وأنبأنا عبدالله بن أحمد ، نا أبو مالك كثير بن يحيى ، أنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، بنحوه » (١).
أقول :
لقد روى ابن عساكر الحافظ هذا الحديث بأسانيد له ، عن طريق أحمد بن حنبل ، وأبي يعلى ، والمحاملي.
وقد عرفت صحّة روايات هؤلاء في محالّها.
وأمّا مشايخ ابن عساكر :
فإن ( امّ البهاء فاطمة بنت محمّد ) هي :
« الشيخة العالمة الواعظة الصالحة المعمّرة ، مسندة إصبهان ، فطمة بنت محمّد بن أبي سعد أحمد بن الحسن بن علي بن البغدادي الأصبهاني ... حدّث عنها : السمعاني وابن عساكر ... قال السّمعاني : شيخة معمّرة مسندة. وقال أبو موسى : توفيت في ٥٣٩ ولها قريب من ٩٤ سنة » (٢).
و ( إبراهيم بن منصور ) هو : سبط بحرويه. وقد تقدمت ترجمته.
وكذا ترجمة ( ابن المقرئ ).
وهؤلاء مشايخه في السندين الأوّل والثالث.
__________________
(١) تاريخ دمشق ٤٢ /.
(٢) سير أعلام النبلاء ٢٠ / ١٤٨.
وفي السند الثاني :
( أبو القاسم ابن السّمرقندي ) ، وقد ترجمنا له في الكتاب.
و ( أبو القاسم إسماعيل بن الحسن بن هشام ) ، وهو : إسماعيل بن الحسن ابن عبدالله بن الهيثم بن هشام ، الصرصري ، صاحب المحاملي (١) ، المتوفى سنة ٤٠٣.
قال الحاکم : سألت البرقاني عنه فقال : صدوق.
وسئل عنه ـ وأنا أسمع ـ فقال : ثقة (١).
وقال السمعاني : « شيخ صدوق ثقة ، سمع أبا عبدالله الحسين بن إسماعيل المحاملي و ... وآخر من روى عنه إن شاء الله : أبو طاهر أحمد بن محمّد بن عبدالله القصاري الخوارزمي » (٢).
أقول :
لم أعثر ـ فيما بيدي من المصادر ـ ترجمةً لأبي طاهر هذا ، ولا لابنه أبي عبدالله محمّد بن أحمد.
وفي السند الرابع :
( أبو القاسم بن الحصين )
و ( أبو علي بن المذهب )
و ( أحمد بن جعفر ) وهو القطيعي.
__________________
(١) سير أعلام النبلاء ١٧ / ١٦٢.
(٢) الأنساب ـ الصرصري.
وهؤلاء ترجمنا لهم في الكتاب ، فلا نعيد.
فظهر صحّة رواية ابن عساكر بأغلب أسانيدها.
هذا ، وقد رواه في كتاب ( الأربعين الطوال ) ، وفي كتاب ( الموافقات ) بعين لفظ أحمد في ( المسند ) كما في ( الرياض النضرة ) و ( كفاية الطالب ).
(١٦)
رواية ابن الأثير
وروى عز الدين ابن الأثير بترجمة أمير المؤمنين عليهالسلام :
« أنبأنا إبراهيم بن محمّد بن مهران الفقيه وغير واحدٍ ، بإسنادهم إلى أبي عيسى محمّد بن عيسى الترمذي ، عن محمّد بن حميد ، عن إبراهيم بن المختار ، عن شعبة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، قال : أوّل من أسلم علي.
ومثله روى مقسم ، عن ابن عباس ، واسم أبي بلج : يحيى بن أبي سليم (١).
أقول :
أمّا ( إبن الأثير ) صاحب ( أسد الغابة ) فغني عن التعريف.
وأمّا ( إبراهيم بن محمّد بن مهران ) فقد :
قال ابن الأثير ـ في حوادث سنة ٥٥٧ ـ : « وفيها توفي إبراهيم بن محمّد
__________________
(١) اسد الغابة في معرفة الصحابة ٤ / ٨٩.
ابن مهران الفقيه الشافعي ، بجزيرة ابن عمر ، وكان فاضلاً كثير الورع » (١).
(١٧)
رواية الكنجي الشافعي
وقال الحافظ أبو عبدالله محمّد بن يوسف القرشي الكنجي :
« وروى إمام أهل الحديث أحمد بن حنبل في مسنده قصة نوم علي عليهالسلام على فراش رسول الله في حديث طويل ، وتابعه الحافظ محدث الشام في كتابه المسمى بالأربعين الطوال.
فأمّا حديث الإمام أحمد :
فأخبرناه قاضي القضاة حجة الإسلام أبو الفضل يحيى بن قاضي القضاة أبي المعالي محمّد بن علي القرشي ، قال : أخبرنا حنبل بن عبدالله المكبّر ، أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين ، أخبرنا أبو علي الحسن بن المذهب ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي ، حدثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي.
وأمّا الحديث الذي في الأربعين الطوال :
فأخبرناه به القاضي العلاّمة مفتي الشام أبو نصر محمّد بن هبة الله بن قاضي القضاة شرقاً وغرباً أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمّد بن مميل الشيرازي ، قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن ، أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمّد بن عبدالواحد الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن
__________________
(١) الكامل في التاريخ ١١ / ٤٧٧.
علي بن محمّد التيمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، حدثنا عبدالله بن أحمد بن محمّد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا أبو بلج ، حدثنا عمرو بن ميمون ، قال :
إني لجالس إلى ابن عباس ، إذ أتاه تسعة رهط فقالوا ... » (١).
أقول :
ورجال هذين السندين كلّهم علماء كبار موثقون ، وقد ترجمنا لهم في الكتاب ، فالسندان صحيحان بلا شبهة وارتياب.
(١٨)
رواية المحبّ الطبري
وقال الحافظ أبو العباس محب الدين الطبري المكي في ( ذخائر العقبى ) ما نصّه :
« ذكر اختصاصه بعشر :
عن عمرو بن ميمون قال : إني لجالس إلى ابن عباس رضي الله عنهما ، إذ أتاه سبعة رهط فقالوا : يا ابن عباس ... » فروى الخبر بطوله ، فقال :
« أخرجه بتمامه أحمد ، وأبو القاسم الدمشقي في الموافقات وفي الأربعين الطوال ، وأخرج النسائي بعضه » (٢).
__________________
(١) كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب : ٢٤٠ ـ ٢٤٤.
(٢) ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى : ٨٦ ـ ٨٨.