السيّد علي الحسيني الميلاني
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: المؤلّف
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٤
١٤ ـ الحاكم الحسكاني ، من أعلام القرن الخامس.
١٥ ـ ابن عساكر الدمشقي ، المتوفى سنة ٥٧١.
١٦ ـ ابن الأثير الجزري صاحب اسد الغابة ، المتوفى سنة ٦٣٠.
١٧ ـ أبو عبدالله الكنجي ، المتوفى سنة ٦٥٢.
١٨ ـ أبو العباس محبّ الدين الطبري المكي ، المتوفى سنة ٦٩٤.
١٩ ـ جمال الدين المزي ، المتوفى سنة ٧٤٢.
٢٠ ـ أبو عبدالله شمس الدين الذهبي ، المتوفى سنة ٧٤٨.
٢١ ـ ابن كثير الدمشقي ، المتوفى سنة ٧٧٤.
٢٢ ـ أبو بكر نور الدين الهيثمي ، المتوفى سنة ٨٠٧.
٢٣ ـ شهاب الدين ابن حجر العسقلاني ، المتوفى سنة ٨٥٢.
(١)
رواية شعبة
روى شعبة بن الحجاج هذا الحديث عن : أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، جاء ذلك :
في رواية أبي داود الطيالسي (١).
وفي رواية الترمذي (٢).
وفي رواية ابن كثير (٣).
وفي رواية غيرهم.
أقول :
و ( شعبة بن الحجاج ) من رجال الصحاح الستة ، ومن كبار الأئمة.
وهذه أوصاف ذكرها له أئمة القوم :
قال يحيى بن معين : شعبة إمام المتّقين.
وقال أبو زيد الأنصاري : هل العلماء إلاّشعبة من شعبة؟
__________________
(١) أنظر البداية والنهاية ٧ / ٣٤٦.
(٢) صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٩.
(٣) البداية والنهاية ٧ / ٣٤٣.
وقال يحيى بن سعيد : لا يعدل شعبة عندي أحد.
قال عفان : كان شعبة من العبّاد.
وقال سفيان الثوري لشعبة : أنت أمير المؤمنين في الحديث.
وكان سليمان بن المغيرة يقول : شعبة سيد المحدّثين.
وقال أحمد : كان شعبة امّة وحده في هذا الشأن.
توفّي سنة ١٦٠ (١).
(٢)
رواية أبي داود الطيالسي
قال الحافظ ابن كثير :
« وقال أبو داود الطيالسي : عن شعبة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس :
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لعلي : أنت ولي كلّ مؤمنٍ بعدي ».
أقول :
قد تقدّم الكلام على هذا السند بالتفصيل في الكتاب.
__________________
(١) من مصادر ترجمته : الجرح والتعديل ١ / ١٢٦ ، حلية الأولياء ٧ / ١٤٤ ، تاريخ بغداد ٩ / ٢٥٥ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٢٤٤ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ٢٠٢ ، وفيات الأعيان ٢ / ٤٦٩ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٣٨٨.
(٣)
رواية ابن سعد
وقال ابن سعد في ( طبقاته ) تحت عنوان ( ذكر إسلام علي وصلاته ) :
« أخبرنا يحيى بن حماد البصري قال : أخبرنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، قال :
أول من أسلم من الناس بعد خديجة علي » (١).
أقول :
وهذا السّند صحيح ، كما عرفته في الكتاب.
وأمّا ( ابن سعد ) نفسه ، فهذه ترجمته باختصار :
محمّد بن سعد بن منيع ، أبو عبدالله البغدادي ، كاتب الواقدي.
حدّث عنه : أبو بكر ابن أبي الدنيا ، وأحمد بن يحيى البلاذري ، وأبو القاسم البغوي ، والحسين بن فهم ، وغيرهم.
قال أبو حاتم : صدوق.
قال الخطيب : محمّد بن سعد عندنا من أهل العدالة ، وحديثه يدل على صدقه.
وقال الذهبي : محمّد بن سعد بن منيع ، الحافظ العلاّمة الحجة.
وقال ابن حجر : أحد الحفاظ الكبار الثقات المتحرّين.
توفي سنة ٢٣٠ (٢).
__________________
(١) الطبقات الكبرى ٣ / ٢١.
(٢) تاريخ بغداد ٥ / ٣٢١ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٦٦٤ ، تهذيب التهذيب ٩ / ١٦١.
(٤)
رواية أحمد بن حنبل
وأخرج أحمد بن حنبل هذا الخبر في ( المسند ) واللفظ المذكور في أوّل الفصل له.
فقد جاء في ( المسند ).
« حدّثنا عبدالله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو بن ميمون ، قال : إني لجالس إلى ابن عباس ... » الحديث بطوله (١).
وفيه بعد ذلك :
« حدثنا عبدالله ، حدّثني أبي ، ثنا أبو مالك كثير بن يحيى ، قال : ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، نحوه » (٢).
أقول :
( أبو عوانة ) و ( أبو بلج ) و ( عمرو بن ميمون ) رجال أعلام موثّقون ، وقد ترجمنا لهم في الكتاب ، في رواية أبي داود لحديث الولاية ، فلا نعيد.
و ( يحيى بن حمّاد ) الواسطة بين أحمد وأبي عوانة ، ترجمنا له في رواية أحمد.
__________________
(١) مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣٠.
(٢) مسند أحمد بن حنبل ١ / ٣٣١.
وأمّا ( أبو مالك كثير بن يحيى ) الواسطة بينهما في السند الثاني ، قال ابن أبي حاتم الرازي :
« كثير بن يحيى بن كثير ، أبو مالك البصري ، روى عن أبي عوانة ، ومطر ابن عبدالرحمن الأعنق ، وواهب بن سوار ، وسعيد بن عبدالكريم بن سليط.
سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمّد : روى عنه أبي وأبو زرعة.
نا عبدالرحمن قال : سألت أبي عن كثير بن يحيى بن كثير فقال : محلّه الصدق ، وكان يتشيّع.
نا عبدالرحمن قال : سئل أبو زرعة عن كثير بن يحيى ، فقال : صدوق » (١).
أقول :
فالرجل عند « أبي حاتم الرازي » « محلّه الصّدق » وكذا عند « أبي زرعة ».
وقد ذكر الحافظ الذهبي بترجمة أبي حاتم ما نصّه :
« إذا وثّق أبو حاتم رجلاً فتمسّك بقوله ، فإنّه لا يوثّق إلاّرجلاً صحيح الحديث ، وإذا ليّن رجلاً ، أو قال فيه : لا يحتج به. فتوقّف حتى ترى ما قال غيره فيه ، فإنْ وثّقه أحد فلا تبن على تجريح أبي حاتم ، فإنّه متعنّت في الرجال » (٢).
وقوله : « كان يتشيّع » غير مضر عندهم كما نصّ الحافظ ابن حجر على
__________________
(١) الجرح والتعديل ٧ / ١٥٨.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٢٦٠ ، وكذا قال ابن حجر في مقدمة فتح الباري : ٤٤١.
ذلك ، في مواضع ، منها بترجمة « خالد بن مخلد القطواني » حيث ذكر قولهم : « كان يتشيع » فقال :
« قلت : أمّا التشيّع ، فقد قدّمنا أنّه ـ إذا كان ثبت الأخذ والأداء ـ لا يضرّه ، سيّما ولم يكن داعية إلى رأيه » (١).
بل ذكر الحافظ ابن حجر بترجمة « عبّاد بن يعقوب الرواجني » ـ شيخ البخاري ـ ما نصّه :
« رافضي مشهور ، إلاّ أنه كان صدوقاً » (٢).
أقول :
ولأجل « التشيّع » تكلّم بعضهم في « كثير بن يحيى » ، فلذا أورده الذهبي في ( الميزان ) ، مع أن ابن عدي لم يذكره في ( الكامل ) :
« كثير بن يحيى بن كثير صاحب البصري. شيعي. نهى عباس العنبري الناس عن الأخذ عنه. وقال الأزدي : عنده مناكير. ثم ساق له عن أبي عوانة ، عن خالد الحذاء ، عن عبدالرحمن بن أبي بكرة ، عن أبيه : سمعت عليّاً رضياللهعنه يقول : ولي أبو بكر وكنت أحق الناس بالخلافة.
قلت : هذا موضوع على أبي عوانة ، ولم أعرف من حدّث به عن كثير » (٣).
وقال ابن حجر في ( لسان الميزان ) بعدما تقدم عن الذهبي :
« وقد روى عنه : عبدالله بن أحمد ، وأبو زرعة ، وغيرهما. قال أبو حاتم :
__________________
(١) مقدمة فتح الباري : ٣٩٨.
(٢) مقدمة فتح الباري : ٤١٠.
(٣) ميزان الإعتدال ٣ / ٤١٠.
محلّه الصدق وكان يتشيّع. وقال أبو زرعة : صدوق ، وذكره ابن حبان في الثقات ، فلعلَّ الآفة ممّن بعده » (١).
أقول :
لكنّ العجب من الذهبي وابن حجر كيف يذكران كلام الأزدي في مقابل كلام الأئمة كأبي حاتم وأبي زرعة وغيرهما ، وخاصّةً بعد كلام أبي حاتم وقد ذكرا حاله في الجرح والتعديل كما عرفته؟
بل كيف يذكران كلام الأزدي ، وقد نصّ كلاهما على ضعفه وعدم الإعتناء بتجريحاته :
قال الذهبي ـ بعد نقل تضعيفه لبعض الرجال ـ : « قلت : هذه مجازفة ، ليت الأزدي عرف ضعف نفسه » (٢).
وقال ابن حجر : « قلت : قدّمت غير مرة : أن الأزدي لا يعتبر تجريحه ، لضعفه هو » (٣).
(٥)
رواية التّرمذي
وأخرج الترمذي في ( صحيحه ) قطعةً من هذا الحديث ، إذ رواه بسنده
__________________
(١) لسان الميزان ٤ / ٥٨٠. الطبعة المحققة.
(٢) سير أعلام النبلاء ١٣ / ٣٨٩.
(٣) مقدمة فتح الباري : ٤٣٠.
عن شعبة عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ... قال :
« حدّثنا محمّد بن حميد الرازي ، حدّثنا إبراهيم بن المختار ، عن شعبة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس :
إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أمر بسدّ الأبواب إلاّباب علي ».
ثم قال الترمذي :
« هذا حديث غريب ، لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلاّمن هذا الوجه » (١).
أقول :
( محمّد بن حُميد الرازي ) من رجال أبي داود والترمذي وابن ماجة.
وحدّث عنه : أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين ، ومحمّد بن جرير الطبري ، وأبو القاسم البغوي.
ومع ذلك ، فقد تكلموا فيه ، وربما نسبوه إلى الكذب (٢)!!
و ( إبراهيم بن المختار ) التميمي الرازي.
من رجال البخاري في المتابعات ، والترمذي ، وابن ماجة.
قال ابن حجر : « صدوق ضعيف الحفظ » (٣).
__________________
(١) صحيح الترمذي ٥ / ٥٩٩.
(٢) ميزان الإعتدال ٣ / ٥٣٠.
(٣) تقريب التهذيب ١ / ٤٣.
(٦)
رواية ابن أبي عاصم
وروى الحافظ أبو بكر ابن أبي عاصم الشيباني المتوفى سنة ٢٨٧ هذا الحديث حيث قال :
« حدثنا محمّد بن المثنى ، حدثنا يحيى بن حماد ، حدثنا أبو عوانة ، عن يحيى بن سليم أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لأبعثنَّ رجلاً يحبّه الله ورسوله لا يخزيه الله أبداً ، قال : فاستشرف لها من استشرف قال : فقال : أين علي؟ قال : فدعاه وهو أرمد ما يكاد أنْ يبصر ، فنفث في عينيه ، ثم هزّ الراية ثلاثاً فدفعها إليه ، فجاء بصفيّة بنت حيي.
وبعث أبا بكر بسورة التوبة ، فبعث علياً خلفه فأخذها منه ، فقال أبو بكر لعلي : الله ورسوله (١). قال : لا ولكنْ لا يذهب بها إلاّرجل هو مني وأنا منه.
وقال النبي صلّى الله عليه وسلّم لبني عمّه : أيّكم يواليني في الدنيا والآخرة؟ فأبوا ، فقال علي عليهالسلام : أنا اواليك في الدنيا والآخرة ، فقال : أنت وليي في الدنيا والآخرة.
قال : ودعا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم الحسن والحسين وعلياً وفاطمة ، ومدّ عليهم ثوباً ثم قال : اللهمّ هؤلاء أهل بيتي وخاصّتي فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
__________________
(١) كذا.
قال : وكان أوّل من أسلم من الناس بعد خديجة.
قال : وشرى بنفسه ، لبس ثوب النبي صلّى الله عليه وسلّم ونام مكانه ، فجعل المشركون يرمونه كما كانوا يرمون رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهم يحسبون أنه نبي الله عليهالسلام. قال : فجاء أبو بكر فقال : يا نبي الله. قال فقال علي : إن نبي الله قد ذهب نحو بئر ميمون ، فبادر فاتبعه فدخل معه الغار. قال : وكان المشركون يرمون علياً وهو يتضوّر وأنك تتضوّر ، استنكرنا في ذلك.
قال : وخرج الناس في غزوة تبوك فقال علي : أخرج معك؟ قال : لا ، قال : فبكى ، قال : أفلا ترضى أنْ تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنك لست بنبي وأنت خليفتي في كلّ مؤمن من بعدي.
وسدّت أبواب المسجد غير باب علي ، فكان يدخل المسجد وهو جنب ، وهو طريقه ، ليس له طريق غيره.
قال : وقال : من كنت وليّه فعلي وليّه.
قال : قال ابن عباس : قد أخبرنا الله في القرآن أنه قد رضي عن أصحاب الشجرة ، فهل حدّثنا بعد أنْ سخط عليهم؟ » (١).
أقول :
سند هذا الحديث نفس سند النسائي ، فلاحظ.
__________________
(١) كتاب السنّة : ٥٨٨ ـ ٥٨٩ برقم ١٣٥١.
(٧)
رواية البزّار
ورواه الحافظ أبو بكر البزار ، قال :
« حدثنا محمّد بن المثنى ، ثنا يحيى بن حماد ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس :
إن النبي صلّى الله عليه وسلّم قال ...
فذكر حديثاً بهذا ... ثم قال :
وبه قال : من كنت مولاه فعلي مولاه » (١).
وقال الحافظ الهيثمي :
« وعن ابن عباس : ان النبي صلّى الله عليه وسلّم قال : من كنت مولاه فعلي مولاه.
رواه البزار في أثناء حديث ، ورجاله ثقات » (٢).
أقول :
رجاله ثقات كما قال ... وهو نفس سند الحافظ النسائي.
__________________
(١) كشف الأستار عن زوائد البزار للحافظ الهيثمي ٣ / ١٨٩.
(٢) مجمع الزوائد ٩ / ١٠٨.
(٨)
رواية النسائي
وأخرج النسائي هذا الحديث في ( خصائص الإمام أمير المؤمنين ) بطوله (١).
أخرجه عن « محمّد بن المثنى » عن « يحيى بن حمّاد » عن « أبي عوانة » عن « أبي بلج » عن « عمرو بن ميمون ».
أقول :
فكان الواسطة بينه وبين « يحيى بن حمّاد » شيخه : ( محمّد بن المثنّى ) وهو من رجال الصحاح الستة.
وهذه خلاصة ترجمته في ( تهذيب الكمال ) :
« محمّد بن المثنى ، أبو موسى البصري ، الحافظ المعروف بالزمن.
روى عنه : الجماعة ، وأبو يعلى ، والفريابي ، والمحاملي ، وابن خراش ، والذهلي ، وابن صاعد ، وأبو حاتم وأبو زرعة الرازيان.
عن حيى بن معين : ثقة.
وعن الذهلي : حجة.
وعن صالح جزرة : صدوق اللهجة.
وعن أبي حاتم : صالح الحديث ، صدوق.
__________________
(١) خصائص أمير المؤمنين : ٦١.
وعن ابن خراش : كان من الأثبات.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال الخطيب : كان صدوقاً ، ورعاً ، فاضلاً ، عاقلاً.
وقال في موضعٍ آخر : كان ثقة ثبتاً ، إحتج سائر الأئمة بحديثه » (١).
(٩)
رواية أبي يعلى
وأخرج أبو يعلى الموصلي ، قال :
« أنبأنا يحيى بن عبدالحميد ، أنبأنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عباس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لُاعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله.
فقال : أين علي؟
قالوا : يطحن.
قال : وما كان أحد منهم يرضى أن يطحن؟
فاتي به. فدفع إليه الراية ، فجاء بصفيّة بنت حيي » (٢).
وأخرجه أيضاً فقال :
« أنبأنا زهير ، أنبأنا يحيى بن حماد ، أنبأنا أبو عوانة ، أنبأنا أبو بلج ، عن
__________________
(١) تهذيب الكمال في أسماء الرجال ٢٦ / ٣٥٩.
(٢) رواه عنه بسنده : الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، كما سيأتي.
عمرو بن ميمون قال :
إني لجالس عند ابن عبّاس ، اذْ أتاه سبعة رهط قالوا ... ».
الحديث بطوله (١).
وقال الحافظ ابن كثير :
« رواية ابن عباس :
وقال أبو يعلى : حدثنا يحيى بن عبدالحميد ، ثنا أبو عوانة ، عن أبي بلج ، عن عمرو بن ميمون ، عن ابن عبّاس ، قال :
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : لُاعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ، ويحبّه الله ورسوله.
فقال : أين علي؟
قالوا : يطحن.
قال : وما أحد منهم يرضى أن يطحن؟
فاتي به. فدفع إليه الراية. فجاء بصفيّة بنت حيي بن أخطب » (٢).
أقول :
فأبو يعلى ـ يروي هذا الخبر تارةً : عن « يحيى بن عبدالحميد » عن « أبي عوانة » ... واخرى : عن « زهير » عن « يحيى بن حمّاد » عن « أبي عوانة » ...
أمّا ( زهير ) فهو : « زهير بن أبي خيثمة » وقد ترجمنا له في الكتاب.
__________________
(١) رواه عنه بسنده : الحافظ ابن عساكر في تاريخ دمشق ، كما سيأتي.
(٢) البداية والنهاية ٧ / ٢٣٨.
وكذا ( يحيى بن حماد ) وإلى آخر السند.
فالطريق الثاني صحيح بلا كلام.
وأمّا ( يحيى بن عبدالحميد ) وهو الحِماني الكوفي ، فقد وقع بينهم حوله كلام كثير وخلاف شديد جدّاً (١).
فمنهم : من تكلَّم فيه بصراحةٍ.
فعن ابن خزيمة : سمعت الذهلي يقول : ذهب كالأمس الذاهب.
وعن الذهلي أيضاً : إضربوا على حديثه بستّة أقلام.
وعن النسائي : ليس بثقة. وقال مرّةً : ضعيف.
وعن علي بن المديني : أدركت ثلاثة يحدّثون بمالا يحفظون : يحيى بن عبدالحميد ...
وقال محمّد بن عبدالله بن عمار : يحيى الحماني سقط حديثه.
قال الحسين بن إدريس : فقيل لابن عمّار : فما علَّته؟
قال : لم يكن لأهل الكوفة حديث جيّد غريب ، ولا لأهل المدينة ، ولا لأهل بلدٍ حديث جيّد غريب ، إلاّرواه ، فهذا يكون هكذا.
ومنهم : من وثّقه بصراحةٍ.
روى عباس عن يحيى بن معين : أبو يحيى الحماني ثقة وابنه ثقة.
وقال أحمد بن زهير عنه : يحيى الحماني ثقة.
وقال أحمد بن زهير عنه : ما كان بالكوفة رجل يحفظ معه ، وهؤلاء يحسدونه.
__________________
(١) الكلمات كلّها منقولة عن سير أعلام النبلاء ١٠ / ٥٢٦.
وروى عنه عثمان بن سعيد : صدوق مشهور ، ما بالكوفة مثله ، ما يقال فيه إلاّمن حسد.
وقال عبدالخالق بن منصور عن يحيى بن معين : ثقة.
وقال أحمد بن منصور الرمادي : هو عندي أوثق من أبي بكر بن أبي شيبة ، وما يتكلّمون فيه إلاّمن الحسد.
ابن صالح المصري : قال البغوي : كنا على باب يحيى الحماني ، فجاء يحيى بن معين على بغلته ، فسأله أصحاب الحديث أنْ يحدّثهم ، فأبى ، وقال : جئت مسلّماً على أبي زكريا ، فدخل ، ثم خرج ، فسألوه عنه ، فقال : ثقة ابن ثقة.
وكذلك روى توثيقه عن يحيى بن معين : مطيَّن ، وأحمد بن أبي يحيى ، وعبدالله بن الدورقي وغيرهم ، حتى قال محمّد بن أبي هارون الهمذاني : سألته عنه ، فقال : ثقة وأبوه ثقة. فقلت : يقولون فيه. قال : يحسدونه ، هو ـ والله الذي لا إله إلاّهو ـ ثقة.
وقال مطيَّن : سألت محمّد بن عبدالله بن نمير عن يحيى الحماني ، فقال : هو ثقة ، هو أكبر من هؤلاء كلّهم ، فاكتب عنه.
وقال أبو أحمد بن عدي : ليحيى الحماني مسند صالح ، ويقال : إنه أول من صنف المسند بالكوفة ... ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير ، وأرجو أنه لا بأس به.
ومنهم : من اختلف كلامه فيه.
قال محمّد بن عبدالرحمن السامي الهروي : سئل أحمد بن حنبل عن يحيى الحماني : فسكت فلم يقل شيئاً.
وقال الميموني : ذكر الحماني عند أحمد فقال : ليس بأبي غسّان بأس. ومرةً ذكره ، فنفض يده وقال : لا أدري.
وقال مطيّن : سألت أحمد بن حنبل عنه ، قلت له : تعرفه؟ لك به علم؟ فقال : كيف لا أعرفه؟ قلت : أكان ثقة؟ قال : أنتم أعرف بمشايخكم.
قال أبو داود : سألت أحمد عنه. فقال : ألم تره؟ قلت : بلى. قال : إنك إذا رأيته عرفته.
وقال عبدالله بن أحمد : قلت لأبي : إن ابني أبي شيبة يقدمون بغداد ، فما ترى فيهم؟ فقال : قد جاء ابن الحماني إلى هاهنا ، فاجتمع عليه الناس ، وكان يكذب جهاراً ، ابن أبي شيبة على كلّ حالٍ يصدق ...
قال البخاري : كان أحمد وعلي يتكلَّمان في يحيى الحماني.
أقول :
لقد وثّق غير واحدٍ من الأئمة ( يحيى بن عبدالحميد الحماني ) وعلى رأسهم يحيى بن معين.
وتكلّم فيه أيضاً جماعة ، وعلى رأسهم أحمد بن حنبل ، وعلي بن المديني.
أمّا أحمد ، فكلامه في جرح الرجل غير صحيح ، فإنّه لمّا سئل عنه « سكت » أو قال : « أنتم أعرف بمشايخكم » أو قال : « إذا رأيته عرفته ». نعم ، جاء في خبر جوابه لسؤال ولده منه عن يحيى : « كان يكذب جهاراً ». لكنّ هذا الخبر لم يصدّقه المحقّقون من القوم ، قال الذهبي بعد نقل الكلمات ـ :
« قلت : لا ريب أنه كان مبرّزاً في الحفظ ، كما كان سليمان الشاذكوني ،
ولكنه أصون من الشاذكوني ، ولم يقل أحد قط : إنه وضع حديثاً ، بل ربما كان يتلقَّط أحاديث ويدّعي روايتها ، فيرويها على وجه التدليس ويوهم أنه سمعها ، وهذا قد دخل فيه طائفة ، وهو أخف من افتراء المتون. قال أبو حاتم الرازي : لم أر من المحدّثين من يحفظ ويأتي بالحديث على لفظٍ واحدٍ لا يغيّره ، سوى قبيصة وأبي نعيم في حديث الثوري ، وسوى يحيى الحماني في حديث شريك ، وعلي بن الجعد في حديثه ».
وكذلك نسب رميه بالكذب إلى ابن نمير ، ولا أساس لذلك من الصحة. قال ابن عدي : « أخبرنا عبدالله قال قال ابن نمير : الحماني كذاب. فقيل لعبدان : سمعته منه؟ قال : لا » بل روى مطيَّن عن ابن نمير قوله في يحيى : « هو ثقة ، هو أكبر من هؤلاء كلّهم ، فاكتب عنه ».
وأمّا علي بن المديني ، فقد تقدم أن السّبب في تكلّمه فيه أنّه كان يحدّث بمالا يحفظ.
أقول :
لكن الذي يظهر أن السبب الأصلي للتكلّم فيه أمران :
أحدهما : الحسد.
وهذا ما كان يؤكّد عليه يحيى بن معين وغيره ، وذلك لأنّه قد ألّف المسند الكبير ، وقد ذكر ابن عدي أنّه أوّل من صنف المسند ، ووصفه بأنه مسند صالح ، وقد ذكر الحماني نفسه هذا السّبب ، فقد حكى العقيلي عن علي بن عبدالعزيز : سمعت يحيى الحماني يقول لقومٍ غرباء في مجلسه :
من أين أنت؟ فأخبروه.
فقال : سمعتم ببلدكم أحداً يتكلَّم فيَّ ويقول : إني ضعيف في الحديث؟
لا تسمعوا كلام أهل الكوفة ، فإنّهم يحسدونني ، لأني أوّل من جمع المسند ، وقد تقدّمتهم في غير شيء.
والسبب الآخر هو : التشيّع.
قال أبو داود : سألته عن حديثٍ لعثمان ، فقال لي : تحبُّ عثمان؟
وقال أحمد بن محمّد بن صدقة وأبو شيخ ، عن زياد بن أيوب دلّويه ، سمعت يحيى بن عبدالحميد يقول : مات معاوية على غير ملّة الإسلام. قال أبو شيخ : قال دلّويه : كذب عدوّ الله ».
وكأنّ التشيّع هو السبب الوحيد لإيراده في ( ميزان الإعتدال ) ، فقد قال الذهبي بعد الكلمات فيه :
« قال ابن عدي : ولم أر في مسنده وأحاديثه أحاديث مناكير ، وأرجو أنه لا بأس به ».
فتعقّبه قائلاً : « قلت : إلاّ أنّه شيعي بغيض ... قال زياد بن أيوب : سمعت يحيى الحماني يقول : كان معاوية على غير ملّة الإسلام. قال زياد : كذب عدوّ الله » (١).
أقول :
لكنّ الحافظ ابن حجر أعرض عمّا فعله الذهبي وقاله في الرجل ، فلم يذكره في ( لسان الميزان ) أصلاً ...
__________________
(١) ميزان الإعتدال : ٤ / ٣٩٢.