أبو البركات بن الأنباري
المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
قوله تعالى : (سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٨).
سلام مرفوع من ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون مرفوعا على البدل من (ما) فى قوله تعالى :
(وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ)(١).
والثانى : أن يكون وصفا ل (ما) إذا جعلتها نكرة موصوفة ، وتقديره ، ولهم شىء يدعونه سلام.
والثالث : أن يكون (سلام) ، خبر (ما) ، و (لهم) ظرف ملغى.
وقد قرئ (سلاما) بالنصب لأنه مصدر مؤكد. وقولا ، منصوب لأنه مصدر أيضا مؤكّد لما قبله.
قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ) (٦٠).
ألّا تعبدوا فى موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، ألم أعهد إليكم بألا تعبدوا. فحذف حرف الجر ، فاتصل الفعل به.
قوله تعالى : (فَمِنْها رَكُوبُهُمْ) (٧٢).
إنما قال : (رَكُوبُهُمْ) بغير تاء على جهة النسب ، كقولهم : امرأة صبور وشكور ، والركوب ما ركب ، وقرئ : (ركوبتهم) على الأصل ، وذهب الكوفيون إلى أنهم أثبتوا التاء فى (ركوبتهم) ، لأنها بمعنى مفعول ، وأثبتت التاء فى فعول ، اذا كان بمعنى مفعول ليفرق بين فعول بمعنى مفعول ، وبين فعول بمعنى فاعل ، فيقولون : امرأة صبور وشكور بغير تاء ، لأنه بمعنى فاعل ، ويقولون : ناقة حلوبة وركوبة بمعنى مفعول ، ولو كان كما زعموا ، لما جاز أن يقرأ (فمنها ركوبهم) بغير تاء ، لأن (ركوبهم) فيها بمعنى مفعول فلما جاز ، دل على أن هذا التعليل ليس عليه تعويل.
__________________
(١) (ولهم فيها ما يدعون) بزيادة (فيها) فى أ ، ب.
«غريب إعراب سورة الصافات»
قوله تعالى : (إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ) (٦).
يقرأ (بزينة الكواكب) بتنوين (زينة) ، ونصب (الكواكب) وجرها ، وبترك التنوين وجر (الكواكب).
فمن قرأ بالتنوين ونصب (الكواكب) ، فعلى ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون أعمل (الزينة) فى (الكواكب) ، وتقديره ، بأن زيّنّا الكواكب. كقوله تعالى :
(أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً)(١)
وتقديره ، أو أن أطعم يتيما.
والثانى : أن يكون منصوبا على البدل من موضع (بزينة) ، وهو النصب.
والثالث : أن يكون منصوبا ب (أعنى).
ومن قرأ بالتنوين والجر فعلى البدل من (زينة).
ومن قرأ بترك التنوين وجر (الكواكب) ففيه وجهان.
أحدهما أن يكون الجر على الإضافة وهو ظاهر لا إشكال فيه.
والثانى : أن يكون حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، و (الكواكب) بدل من (زينة) كقراءة من نوّن (زينة).
قوله تعالى : (لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى) (٨).
__________________
(١) ١٤ ، ١٥ سورة البلد.
أتى ب (إلى) ، وإن كان يسمعون لا يفتقر إلى حرف جر ، لوجهين.
أحدهما : أن يكون حمل (يسمعون) على (يصغون) ، لأنه فى معناه ، فكما يقال : يصغون إليه. فكذلك يقال : يسمعون إليه.
والثانى : أن يكون المفعول محذوفا ، وتقديره ، لا يسمعون القول ، مائلين إلى الملأ الأعلى.
قوله تعالى : (وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ (٨) دُحُوراً) (٩).
دحورا ، منصوب على المصدر وتقديره ، يدحرون دحورا.
قوله تعالى : (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) (١٢).
قرئ (عجبت) بفتح التاء وضمها. فمن قرأ بالفتح كانت التاء تاء المخاطب. ومن قرأ بالضم ففيه وجهان.
أحدهما : أن يكون إخبارا عن الله عن نفسه من إنكار الكفار البعث ، مع بيان القدرة على الابتداء ، حتى بلغ هذا الإنكار منزلة يقال فيه : عجبت!
والثانى : أن يكون تقديره ، قل عجبت. لأن قبله (فاستفتهم) أى ، فى أمر البعث ، فإن لم يجيبوا بالحق ، فقد عجبت من إنكارهم هذا. وحذف القول كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ) (٢٥).
ما ، استفهامية فى موضع رفع على الابتداء ، ولكم ، خبره. ولا تناصرون ، جملة فى موضع نصب على الحال من الضمير المجرور فى (لكم) ، كقولك : ما لك قائما.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ يَسْتَكْبِرُونَ) (٣٥).
يستكبرون ، فى موضعه وجهان : النصب والرفع.
فالنصب على أنه خبر (كان) ، ويكون كان واسمها وخبرها فى موضع رفع ، لأنه خبر (إن).
والرفع على أنه خبر (إن) وكان ملغاة ، ولا يجوز أن يكون (إذا) فى موضع نصب ، لأنه خبر (كان) ، لأن (إذا) ظرف زمان ، والواو فى (كانوا) يراد بها الجثث وظروف الزمان لا يجوز أن تقع أخبارا عن الجثث.
قوله تعالى : (إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ) (٣٨).
العذاب ، مجرور بالإضافة ، ولهذا حذفت النون من (لذائقو) وقرأ أبو الشمال الأعرابى : إنكم لذائقو العذاب. بالنصب لأنه قدر حذف النون للتخفيف لا للإضافة ، وهو ردىء فى القياس ، ولذاك قال أبو عثمان : لحن أبو الشمال بعد أن كان فصيحا ، فانه قرأ : إنكم لذائقو العذاب الأليم ، بالنصب.
قوله تعالى : (فَواكِهُ وَهُمْ مُكْرَمُونَ) (٤٢).
فواكه ، مرفوع على البدل من (رزق) ، فى قوله تعالى :
(أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ).
قوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ) (٤٧).
غول ، مرفوع بالابتداء. وفيها ، خبره ، ولا يجوز أن يبنى (غول) مع (لا) ، للفصل بينهما ب (فيها).
قوله تعالى : (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) (٥٤).
قرئ : (مطلعون) بفتح النون وكسرها ، فالفتح ظاهر ، والكسر ضعيف جدا لأنه جمع بين نون الجمع والإضافة ، وكان ينبغى أن يكون (مطلعىّ) ، بياء مشددة ، لأن النون تسقط للإضافة ، ويجتمع الواو والياء والسابق منهما ساكن ، فتقلب الواو ياء ،
وجعلتا ياء مشددة ، وأبدل من الضمة كسرة توطيدا للياء ، ولا وجه له ، إلّا أن يجرى اسم الفاعل مجرى الفعل ، فيجرى مطلعون مجرى يطلعون وهو شاذ جدا (١) ، كقول الشاعر :
١٥٧ ـ وليس حاملنى إلّا ابن حمّال (٢)
فأدخل نون الوقاية على اسم الفاعل ، لأنه أجراه مجرى الفعل ، فكأنه قال : يحملنى ، وهذا إنما يكون فى ضرورة الشعر لا فى اختيار الكلام.
قوله تعالى : (فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٥٥).
قرئ (اطّلع) بالتشديد ، و (اطلع) على (أفعل) بالتخفيف وهما فعلان ماضيان. ويقال : (اطّلع واطلع) بمعنى واحد ، ويجوز أن يكون (أطلع) بالتخفيف فعلا مضارعا ، إلّا أنه نصب على جواب الاستفهام بالفاء.
قوله تعالى : (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) (٥٩).
موتتنا ، منصوب على المصدر كأنه قال : ما نحن نموت إلا موتتنا الأولى. كما تقول :
ما ضربت إلا ضربة واحدة.
قوله تعالى : (إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ) (٦٤).
فى أصل الجحيم فيه ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون وصفا ل (شجرة).
والثانى : أن يكون خبرا بعد خبر.
__________________
(١) (شاذا) فى أ.
(٢) قال أبو العباس : أنشدنى السّعدى أبو محلّم ، وذكر أبياتا منها :
ألا فتى من بنى ذبيان يحملنى |
|
وليس يحملنى إلا ابن حمال |
وأنشد بعضهم (وليس حاملنى إلا ابن حمال» الكامل ١ / ٢١٣.
والثالث : أن يكون فى موضع نصب على الحال من الضمير فى (تخرج).
قوله تعالى : (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) (٧٥).
المخصوص بالمدح محذوف ، وتقديره ، فلنعم المجيبون نحن ، كقوله تعالى :
(نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)(١).
أى أيوب.
قوله تعالى : (سَلامٌ عَلى نُوحٍ) (٧٩).
سلام ، مرفوع لأنه مبتدأ. وعلى نوح ، خبره ، وجاز الابتداء بالنكرة ، لأنه فى معنى الدعاء ، كقوله تعالى :
(وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٢).
وقرئ (سلاما) بالنصب ، على أنه مفعول (تركنا) ، وتقديره ، تركنا عليه فى الآخرين سلاما ، أى ثناء حسنا.
قوله تعالى : (أَإِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللهِ تُرِيدُونَ) (٨٦).
إفكا ، منصوب ب (تريدون) وتقديره ، أتريدون إفكا. وآلهة ، منصوب على البدل من قوله : (إفكا).
قوله تعالى : (وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ) (٩٦).
ما ، فى موضع نصب بالعطف على الكاف والميم ، وهى مع الفعل مصدر ، وتقديره ، خلقكم وعملكم ، ويجوز أن تكون (ما) استفهامية فى موضع نصب ب (تعملون) على التحقير لعملهم ، والتصغير له. والوجه الأول أظهر.
__________________
(١) ٣٠ سورة ص ، ٤٤ سورة ص.
(٢) ١ سورة المطففين.
قوله تعالى : (فَانْظُرْ ما ذا تَرى) (١٠٢).
قرئ (ترى) بفتح التاء والراء ، وبضم التاء وكسر الراء. فمن قرأ (ترى) بفتح الراء ، فهو من الرأى وليس من رؤية العين ، لأنه لم يأمره برؤية شىء ، وإنما أمره أن يدبر رأيه فيما أمر فيه ، ولا يكون أيضا من رؤية القلب لأنه يفتقر إلى مفعولين ، وليس فى الكلام إلا مفعول واحد ، وهو (ماذا) ، يجعلها اسما واحدا فى موضع نصب ب (ترى) ، وإن شئت جعلت (ما) استفهامية فى موضع رفع بالابتداء ، و (ذا) بمعنى الذى فى موضع رفع ، لأنه خبر المبتدأ ، ووقع (ترى) على الهاء العائدة على الذى ، وبحذفها من الصلة تخفيفا ، ولا يجوز أن يعمل (ترى) فى (ذا) ، وهى بمعنى الذى ، لأن الصلة لا تعمل فى الموصول. ومن قرأ (ترى) بضم التاء وكسر الراء فهى أيضا من الرأى إلّا أنه نقل بالهمزة إلى الرباعى ، فحقه أن يتعدى إلى مفعولين ، ولك الاقتصار على أحدهما ، وتقديره ، ماذا تريناه. فحذف المفعولان تخفيفا ، ويقال : أريته الشىء ، إذا جعلته يعتقده. والمعنى ، فانظر ما ذا تحملنا عليه من الرأى ، أنصبر أم نجزع.
قوله تعالى : (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ) (١٠٣).
فى جواب (لمّا) ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون محذوفا وتقديره ، فلما أسلما رحما أو سعدا.
والثانى : أن يكون جوابه (ناديناه) ، والواو زائدة ، والوجه الأول أوجه الأوجه.
والثالث : أن يكون جوابه قوله (تلّه) والواو زائدة (١).
قوله تعالى : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ) (١٢٥).
(اللهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ) (١٢٦).
الله ربكم ، يقرأ بالرفع والنصب. فالرفع على الابتداء ، والخبر ؛ والنصب على البدل من قوله تعالى : (أَحْسَنَ الْخالِقِينَ).
__________________
(١) الوجه الثالث ساقط من أكله ، ومنقول من ب.
قوله تعالى : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ) (١٢٩).
مفعول (تركنا) محذوف ، وتقديره ، وتركنا عليه فى الآخرين الثناء الحسن. ثم ابتدأ فقال :
(سَلامٌ عَلى إِلْ ياسِينَ) (١٣٠).
سلام على آل ياسين. سلام ، مرفوع لأنه مبتدأ والجار بعده ، خبره ، والجملة فى موضع نصب ب (تركنا) ، ولو أعملت (تركنا) فيه لنصب فقال : (سلاما). وآل ياسين : فيه قراءتان (آل ياسين وإل ياسين) ، فمن قرأ (آل ياسين) ، أراد به (آل محمد). ومن قرأ (إل ياسين) ففيه وجهان.
أحدهما : أن يكون لغة فى (إلياس) ، كميكال وميكائيل.
والثانى : أن يكون جمع (إلياسّ) فحذف ياء النسب ، كالأعجميّين والأشعريين ، وإنما حذفت لثقلها وثقل الجمع ، وقد تحذف هذه فى جمع التكسير ، كما تحذف فى جمع التصحيح فى قولهم : المهالبة والمسامعة ، واحدهم مهلبىّ ومسمعىّ.
قوله تعالى : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) (١٤٧).
أو ، فيها أربعة أوجه.
الأول : أن تكون للتخيير ، والمعنى ، أنهم إذا رآهم الرائى ، تخير فى أن يعدهم مائة ألف أو يزيدون.
والثانى : أن تكون للشك ، يعنى أن الرائى إذا رآهم ، شك فى عدتهم لكثرتهم ، فالشك يرجع إلى الرائى لا إلى الله.
والثالث : أن تكون بمعنى (بل).
والرابع : أن تكون بمعنى الواو ، والوجهان الأولان مذهب البصريين ، والوجهان الآخران مذهب الكوفيين.
قوله تعالى : (أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ) (١٥١).
إنهم ، مكسورة بعد (ألا) لأنها مبتدأة ، ولولا (اللام) فى (ليقولون) ، لجاز أن تفتح الهمزة على أن تكون (ألا) بمعنى حقا ، ولو قلت : أحقا أنك منطلق ، لفتحت ، لأن تقديره ، أفى حقّ أنك منطلق.
قوله تعالى : (أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ) (١٥٣).
قرئ (أصطفى) بهمزة مفتوحة من غير مد ، وقرئ بالمد ، فمن قرأه بغير مد ، كان أصله (أصطفى) ، فأدخلت عليه همزة الاستفهام ، فاستغنى بها عن همزة الوصل فحذفت ، كقوله تعالى :
(سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ)(١)
ومن قرأه بالمد أبدل من همزة الوصل مدة ، كما يبدل من الهمزة التى تصحب لام التعريف مدة ، نحو ، آلرجل عندك. وكقوله تعالى :
(آللهُ أَذِنَ لَكُمْ)(٢)
والفرق بينهما ظاهر ، لأنه لو اسقطت الهمزة التى تصحب لام التعريف مع همزة الاستفهام ، لأدى ذلك إلى أن يلتبس الاستفهام بالخبر ، وليس كذلك ههنا ، لأن همزة الاستفهام مفتوحة ، وهمزة الوصل مكسورة ، فلا يقع اللبس ، فلا يفتقر إلى فرق لإزالة اللبس.
قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ) (١٦٣).
من ، فى موضع نصب ب (فاتنين) ، وقرئ (صال الجحيم) بضمة اللام ، وفيه ثلاثة أوجه.
__________________
(١) ٦ سورة المنافقون.
(٢) ٥٩ سورة يونس ، وكلمة (آلله) ساقطة من ب.
الأول : أن يكون على حذف لام (صال) ، وهى الياء كما قالوا : يا ليت ويا لت أى يا ليه.
والثانى : أن يكون قلب اللام التى هى الياء من (صالى) ، إلى موضع العين ، فصار (صايل) ، ثم حذف الياء فبقيت اللام مضمومة ، وفيه بعد.
والثالث : أن يكون أصله (صالون) ، جمع (صال) ، وجمع حملا على معنى (من) ، فحذفت النون منه للإضافة ، وحذفت الواو لالتقاء الساكنين.
قوله تعالى : (وَما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) (١٦٤).
تقديره ، وما منا أحد إلا له مقام معلوم. وذهب الكوفيون إلى أن تقديره ، وما منا إلّا من له مقام معلوم. فحذف الموصول وأبقى الصلة ، وأباه البصريون ، لأن الموصول عندهم لا يحذف.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) (١٦٧).
إن ، مخففة من الثقيلة ، وتقديره ، وإنهم كانوا ليقولون. ودخلت اللام فرقا بين (إن) المخففة من الثقيلة ، و (إن) النافية ، وذهب الكوفيون إلى أن (إن) بمعنى (ما) واللام بمعنى (إلا) وقد قدمنا نظائره.
قوله تعالى : (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ) (١٧٢).
لهم ، فصل بين اسم (إن) وهو (هم) ، وخبرها وهو (المنصورون) ، وأدخلت اللام على الفصل ، ولا يجوز أن يكون (لهم) صفة لاسم (إن) ، لأن اللام لا تدخل على الصفة ، ويجوز أن يجعل (لهم) مبتدأ. والمنصورون ، خبره ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع لأنه خبر (إن).
«غريب إعراب سورة ص»
قوله تعالى : (ص) (١).
قرئ (صاد) بسكون الدال وفتحها وكسرها بلا تنوين وبتنوين.
فمن قرأ بالسكون فعلى الأصل ، لأن الأصل فى حروف التهجى البناء ، والأصل فى البناء أن يكون على السكون.
ومن قرأ بالفتح جعله اسما للسورة كأنه قال : اقرأ صاد ، ولم يصرفه للتعريف والتأنيث ، وقيل هو فى موضع نصب ، بتقدير حذف حرف القسم كقولك : الله لأفعلنّ.
ومن قرأ بالكسر بغير تنوين ، ففيه وجهان.
أحدهما : أن يكون أمرا من المصاداة ، وهى المقابلة ومعناه ، صاد القرآن بعملك. أى ، قابله.
والثانى : أن يكون أعمل حرف القسم مع الحذف ، كقولهم : الله لأفعلنّ. وأعمل الحرف مع الحذف ، لكثرة حذفه فى القسم ، وفيه ضعف.
ومن قرأ بالكسر مع التنوين ، شبهه بالأصوات التى تنون للفرق بين التعريف والتنكير ، نحو : مه ومه وصه وصه.
والقران مجرور على القسم ، وجواب القسم ، فيه أربعة أوجه.
الأول : أن يكون جوابه (إن كلّ إلّا كذّب الرسل).
والثانى : أن يكون جوابه ، (بل الّذين كفروا).
والثالث : أن يكون جوابه ، (إنّ ذلك لحق).
والرابع : أن يكون جوابه (كم أهلكنا) وتقديره ، لكم أهلكنا ، فحذفت اللام ، كما حذفت من قوله تعالى :
(قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها)(١)
أى ، لقد أفلح ، وهذا قول الفراء.
قوله تعالى : (فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ) (٣).
ولات ، حرف بمعنى (ليس) ، وله اسم وخبر كليس ، وتقديره ، ولات الحين حين مناص ، ولا يكون اسمه وخبره إلا الحين ، ولا يجوز إظهار اسمه ، لأنه أوغل فى الفرعية ، لأنه فرع على (ما) ، و (ما) فرع على (ليس) فألزم طريقة واحدة.
وأما من قرأ (ولات حين مناص) بالرفع فأضمر الخبر ، فهو من الشاذ الذى لا يقاس عليه ، كقولهم : ملحفة جديدة ، وقياسه ملحفة جديد. وكقول الشاعر :
وإذ ما مثلهم بشر (٢)
فنصب خبر (ما) مع تقديمه على اسمها ، وذلك شاذ لا يقاس عليه. والتاء فى (لات) لتأنيث الكلمة ، وهى عند البصريين بمنزلة التاء فى الفعل ، نحو ، ضربت وذهبت ، والوقف عليها بالتاء ، وعليه خط المصحف ، وهى عند الكوفيين بمنزلة التاء فى الاسم ، نحو ، ضارية وذاهبة ، والوقف عليها عندهم بالهاء ، وروى ذلك عن الكسائى ، والأقيس مذهب البصريين ، لأن الحرف إلى الفعل أقرب منه إلى الاسم ، وذهب أبو عبيد القسم بن سلّام ، إلى أن التاء تتعلق ب (حين) ، والأكثرون على خلافه.
__________________
(١) ٩ سورة الشمس.
(٢) هذا شطر بيت من شواهد سيبويه ١ / ٢٩ وقد نسبه إلى الفرزدق والبيت :
فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم |
|
إذ هم قريش وإذ ما مثلهم بشر |
استشهد به على تقديم خبر (ما) منصوبا ، والفرزدق تميمى ، يرفعه مؤخرا ، فكيف إذا تقدم؟.
قوله تعالى : (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا) (٦).
أن ، مفسرة ، وتقديره أى امشوا ، وهو من المشاية (١) ، وهى كثيرة النتاج ، دعا لهم بكثرة الماشية. وامرأة ماشية ، كثيرة الولد. قال الشاعر :
١٥٨ ـ والشاة لا تمشى على الهملّع (٢)
أى لا تكثر. والهملع ، الذئب ، وقد أفردنا فى أسمائه كتابا.
قوله تعالى : (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ) (١١).
جند ، مرفوع لأنه مبتدأ. وما ، زائدة. وهنالك ، صفة جند ، وتقديره ، جند كائن هنالك. ومهزوم ، خبر المبتدأ ، وقيل : هنالك ، متعلق بمهزوم ، تقديره ، جند مهزوم فى ذلك المكان. والأوّل أوجه.
قوله تعالى : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ) (١٢).
إنما دخلت التاء فى (كذبت) لتأنيث الجماعة.
قوله تعالى : (إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ إِذْ دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قالُوا لا تَخَفْ خَصْمانِ بَغى بَعْضُنا عَلى بَعْضٍ) (٢١ ، ٢٢).
إذ ، تتعلق ب (نبأ) ، وقال (تسوّروا) بلفظ الجمع ، لأن الخصم مصدر يصلح للواحد والاثنين والجمع والمذكر والمؤنث ، فجمع حملا على المعنى. وإذ دخلوا عليه.
__________________
(١) (المشا) وهو كثير النتاج ـ هكذا فى ب.
(٢) اللسان مادة (هملع). أنشد ابن سيده :
لا تأمرينى ببنات أسفع |
|
فالشاة لا تمشى على الهملّع |
والهملع : الذئب الخفيف ـ أسفع : فحل من الغنم ـ وقوله : لا تمشى على الهملع ، أى لا تكثر مع الذئب ـ وقيل : قوله تمشى ، يكثر نسلها.
إذ ، بدل من (إذ) الأولى ، وقيل العامل فى (إذ) الثانية (تسوروا) ، وقيل : التسوّر فى زمان غير زمان الدخول ، وقيل (إذ) الأولى بمعنى (لما) ، وتقديره ، وهل أتاك نبأ الخصم لمّا تسوروا المحراب. وخصمان ، مرفوع لأنه خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، نحن خصمان. فحذف المبتدأ.
قوله تعالى : (وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ) (٢٣).
قرئ (وعزنى) بالتشديد والتخفيف ، فمن قرأ بالتشديد فعلى الأصل من قولهم : عزّه إذا غلبه ، ومنه قولهم : من عزّ يزّ ، أى ، من غلب سلب. ومن قرأ (وعزنى) بالتخفيف جعله مخففا من قولهم : (وعزّنى) كما قالوا فى (ربّ رب) ، وما أشبهه من المضاعف. والخطاب فيه وجهان.
أحدهما : أن يكون مصدر خاطب خطابا ، نحو ضارب ضرابا.
والثانى : أن يكون مصدر خطب المرأة خطابا ، نحو كتب كتابا.
قوله تعالى : (قالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ إِلى نِعاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٢٤).
بسؤال نعجتك ، تقديره بسؤاله إياك. نعجتك. فحذف الهاء التى هى فاعل فى المعنى ، والمفعول الأول ، وأضاف المصدر إلى المفعول الثانى. والخلطاء ، جمع خليط ، كشريف وشرفاء ، وفعيل إذا كان صفة ، فإنه يجمع على فعلاء إلا أن يكون فيه واو ، فإنه يجمع على فعال ، نحو ، طويل وطوال.
قوله تعالى : (وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ) (٢٤).
هم ، مبتدأ. وقليل ، خبره. وما ، زائدة. وظن داود أنما فتناه ، أى تيقن. وفتناه ، قرئ ، بتشديد النون وتخفيفها ، فالتشديد ظاهر ، والتخفيف أراد به الملكين ، أى فتنه الملكان.
قوله تعالى : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ) (٢٥).
ذلك ، فى موضع نصب ب (غفرنا) ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، الأمر ذلك.
قوله تعالى : (وَوَهَبْنا لِداوُدَ سُلَيْمانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ) (٣٠).
المقصود بالمدح محذوف ، وفى تقديره وجهان.
أحدهما : أن يكون التقدير ، نعم العبد سليمان.
والثانى : أن يكون التقدير ، نعم العبد داود ، وهو إلى سليمان أقرب.
قوله تعالى : (إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ) (٣١).
الجياد ، فيه وجهان.
أحدهما : أن يكون جمع (جواد).
والثانى : أن يكون جمع (جائد).
قوله تعالى : (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) (٣٢).
حب الخير ، منصوب لوجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا على أنه مفعول به ، لأن المعنى ، أنه آثر حب الخير ، لا أنه أحبّ حبّا.
والثانى : أن يكون منصوبا على المصدر ، ووضع (حبّ) ، وهو اسم ، موضع الإحباب الذى هو المصدر ، والوجه الأول أوجه الوجهين. وحتى توارت بالحجاب ، معنى الشمس وإنما أضمر قبل الذكر لدلالة الحال ، كقوله تعالى :
(كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ)(١)
__________________
(١) ٢٦ سورة الرحمن.
أراد به الأرض ، وإن لم يجر لها ذكر ، لدلالة الحال ، وهو كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) (٤٣).
رحمة ، منصوب بوجهين.
أحدهما : أن يكون مصدرا.
والثانى : أن يكون منصوبا لأنه مفعول له.
قوله تعالى : (إِنَّا أَخْلَصْناهُمْ بِخالِصَةٍ ذِكْرَى) (٤٦).
قرئ (بخالصة) بالتنوين ، وترك التنوين ، فمن قرأ بالتنوين كان (ذكرى الدار) بدلا من (خالصة) ، وتقديره ، إنّا أخلصناهم بذكرى الدار. ويجوز أن يكون منصوبا ب (خالصة) ، لأنه مصدر كالعافية والعاقبة ، ومن ترك التنوين كان (ذكرى) مجرورا بالإضافة.
قوله تعالى : (جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوابُ) (٥٠).
جنات ، منصوب على البدل من قوله تعالى : (لَحُسْنَ مَآبٍ). ومفتحة ، منصوب لأنه وصف لجنات ، وفيه ضمير عائد إلى (جنات) ، وتقديره جنات عدن مفتحة هى. والأبواب ، مرفوع من وجهين.
أحدهما : أن يكون مرفوعا على البدل من الضمير فى (مفتحة) ، لأنك تقول : فتحت الجنان ، إذا فتحت أبوابها. قال الله تعالى :
(وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً)(١)
والثانى : أن يكون مرفوعا بقوله (مفتحة) ولا يكون فى (مفتحة) ضمير ، وتقديره مفتحة لهم الأبواب منها. فحذف (منها) وذهب الكوفيون إلى أن التقدير فيه ، مفتحة
__________________
(١) ١٩ سورة النبأ
لهم أبوابها ، فأقاموا الألف واللام مقام الضمير ، وهذا لا يجوز عند البصريين ، لأن الحرف لا يكون بدلا من الاسم.
قوله تعالى : (مُتَّكِئِينَ فِيها) (٥١).
متكئين ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (لهم).
قوله تعالى : (هذا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ) (٥٥).
هذا ، فى موضع رفع لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، الأمر هذا ويجوز أن يكون التقدير ، إنّ هذا لرزقنا هذا. فيكون توكيدا لما قبله.
قوله تعالى : (هذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ) (٥٧).
هذا ، يجوز فى موضعه الرفع والنصب ، فالرفع من أربعة أوجه.
الأول : أن يكون مبتدأ وحميم ، خبره. وفليذوقوه ، اعتراض ، كما تقول : زيد فاعلم رجل عالم.
والثانى : أن يكون (هذا) مخصوصا بالذم ، أى بئس المهاد هذا المذكور.
والثالث : أن يكون مبتدأ وخبره (فليذوقوه) ، ودخلت الفاء للتنبيه الذى فى (هذا) ، ويرفع (حميم) ، على تقدير ، هو حميم.
والرابع : أن يكون خبر مبتدأ ، وتقديره الأمر هذا ، ويرفع (حميم) على تقدير ، هو حميم. وقيل تقديره ، منه حميم. والنصب فى هذا يكون بتقدير فعل يفسره (فليذوقوه) وتقديره ، فليذوقوا هذا فليذوقوه. والفاء زائدة عند أبى الحسن الأخفش كقولك : هذا زيد فاضرب. ولو لا الفاء ، لكان النصب أولى من الرفع ، وإن كان جائزا لأنه أمر ، والأمر بالفعل أولى.
قوله تعالى : (وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ) (٥٨).
وآخر (١) ، مبتدأ. و (من شكله) صفة له ، ولهذا حسن أن يكون مبتدأ مع كونه نكرة. وأزواج خبر المبتدأ ، وكذلك من قرأ (آخر) بالتوحيد رفعه بالابتداء أيضا. وأزواج ، ابتداء ثان. ومن شكله ، خبر ل (أزواج) ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع ، لأنه خبر المبتدأ الأول الذى هو (أخر) ، ولا يحسن أن يكون (أزواج) خبرا من الآخر ، لأن الجمع لا يكون خبرا عن المفرد ، وقيل (آخر) ، وصف لمبتدأ محذوف وتقديره ، لهم عذاب آخر من شكل ما تقدم. وأزواج ، مرفوع بالظرف وهو (من شكله) ، ولا يحسن هذا فى قراءة من قرأ (وأخر) بالجمع ، لأنك إذا رفعت (الأزواج) بالظرف ، لم يكن فى الظرف ضمير وهو صفة ، والصفة لا بد لها من ضمير يعود على الموصوف ، لأن الظرف لا يرفع فاعلين.
قوله تعالى : (وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ) (٦٢).
ما ، فى موضع رفع بالابتداء. ولنا ، خبره. ولا نرى ، جملة فى موضع نصب على الحال من الضمير فى (لنا). كنا نعدهم ، جملة فعلية فى موضع نصب ، لأنها صفة لقوله :
(رجالا) ، والعائد منها إلى الموصوف الهاء والميم فى (نعدهم). ومن الأشرار ، فى موضع نصب ، لأنه يتعلق ب (نعدهم). والأشرار ، إنما جازت إمالته وإن كان فيه راء مفتوحة والراء المفتوحة تمنع من الإمالة ، لأنّ فيه راء مكسورة والراء المكسورة تجلب الإمالة ، وإنما غلبت الراء المكسورة فى جلب الإمالة ، على الراء المفتوحة المانعة من الإمالة ، لأن الراء المكسورة أقوى ، والراء المفتوحة أضعف ، فلما تعارضا فى جلب الإمالة وسلبها ، كان الأقوى أولى من الأضعف.
قوله تعالى : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) (٦٤).
__________________
(١) (أزواج وآخر) هكذا فى أ.
تخاصم. مرفوع من أربعة أوجه.
الأول : أن يكون مرفوعا على البدل من (حق).
والثانى : أن يكون خبر مبتدأ محذوف وتقديره ، هو تخاصم.
والثالث : أن يكون خبرا بعد خبر ل (إنّ).
والرابع : أن يكون بدلا من (ذلك) على الموضع.
قوله تعالى : (قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (٦٨)
هو نبأ ، مبتدأ وخبر. وعظيم ، صفة. وأنتم مبتدأ. ومعرضون ، خبره ، وعنه ، متعلق بالخبر وهو (معرضون). ويروى عن عاصم ، أنه كان يقف على (نبأ) ، ويبتدئ : عظيم أنتم عنه معرضون. فيكون (عظيم) ، خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو عظيم. ويكون (أنتم) مبتدأ. ومعرضون ، خبره. وعنه ، متعلق (بمعرضين) ، والجملة وصف ل (عظيم) ، لمكان العائد إليه وهو الهاء فى (عنه) ، والمبتدأ مع خبره فى موضع رفع صفة ل (نبأ).
قوله تعالى : (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠).
أنما ، فى موضعه وجهان : الرفع والنصب.
فالرفع ب (يوحى) ، على أنه مفعول ما لم يسم فاعله ، والنصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره ، بأنما أنا نذير. وإلىّ ، يقوم مقام الفاعل ل (يوحى).
والوجه الأول أوجه الوجهين.
قوله تعالى : (قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ) (٨٤).
فالحق الأول ، يقرأ بالنصب والرفع.
فالنصب من وجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا على تقدير فعل ، وتقديره ، الزموا الحق أو اتبعوا الحق.
والثانى : أن يكون منصوبا على تقدير حذف حرف القسم ، كقولك : الله لأفعلنّ. والدليل على أنه قسم ، قوله تعالى :
(لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ).
والرفع من وجهين.
أحدهما : أن يكون مرفوعا على أنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره أنا الحق.
والثانى : أن يكون مبتدأ والخبر محذوف وتقديره ، فالحق منى.
والحق الثانى ، منصوب ب (أقول) وتقديره : أقول الحق. وهو اعتراض بين القسم وجوابه ، وقد قرئ : فالحقّ والحقّ أقول. بالجر فيها على القسم وإعمال حرف الجر فى القسم مع الحذف ، كما تقول : الله لأفعلن ، (و) الله لأذهبن. وهى قراءة شاذة ضعيفة جدا ، قياسا واستعمالا.
قوله تعالى : (وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٨٨).
وأصله (لتعلمون) ، إلا أنه لما اتصلت به نون التوكيد الشديدة ، أوجبت بناءه ، لأنها أكدت الفعلية فردته إلى أصله فى البناء ، فحذفت النون ، فالتقت الواو والنون الأولى من نون التوكيد الشديدة ، لأن الحرف المشدد بحرفين ، الأولى ساكنة والثانية متحركة ، فاجتمع ساكنان فحذفت الواو لالتقاء الساكنين ، وبقيت الضمة قبلها تدل عليها ، ومعنى (لتعلمنّ) أى ، لتعرفنّ ، ولهذا تعدّى إلى مفعول واحد.