الشيخ محمّد باقر بن محمّد تقي المجلسي
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة الوفاء
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٦٣
٣ ـ فض : عن القاروني حكاية عنه قيل : إنه كان يوما على منبره ومجلسه يومئذ مملوء بالناس في جمادى الآخرة سنة اثنين وخمسين وستمائة بواسط ، فروى عن ابن عباس رضياللهعنه أنه قال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في مجلسه ومسجده (١) وعنده جماعة من المهاجرين والانصار إذ نزل عليه جبرئيل عليهالسلام وقال له : يا محمد الحق يقرؤك السلام ويقول لك : أحضر عليا واجعل وجهك مقابل وجهه (٢) ، ثم عرج جبرئيل عليهالسلام إلى السماء فدعا النبي صلىاللهعليهوآله عليا فأحضروه ، وجعل وجهه مقابل وجهه ، فنزل جبرئيل ثانيا ومعه طبق فيه رطب ، فوضعه بينهما ، ثم قال : كلا ، فأكلا ، ثم أحضر طشتا وإبريقا وقال : يا رسول الله صلى الله عليك وآلك قد أمرك الله أن تصب الماء على يدي علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال له : السمع والطاعة لله ولما أمرني به ربي ، ثم أخذ الابريق وقام يصب الماء على يد علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فقال له علي عليهالسلام : يا رسول الله أنا أولى أن أصب الماء على يدك فقال له : يا علي إن الله سبحانه وتعالى أمرني بذلك ، وكان كلما صب الماء على يد علي (٣) لم يقع منه قطرة في الطشت ، فقال علي عليهالسلام : يارسول الله إني لم أر شيئا من الماء يقع في الطشت ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ياعلي إن الملائكة يتسابقون على أخذ الماء الذي يقع من يدك فيغسلون به وجوههم يتبركون به (٤).
٤ ـ يل : روي أن جبرئيل عليهالسلام نزل على النبي صلىاللهعليهوآله بجام من الجنة فيه فاكهة كثيرة ، فدفع (٥) إلى النبي صلىاللهعليهوآله فسبح الجام وكبر وهلل في يده (٦) ، ثم دفعه إلى أمير المؤمنين عليهالسلام فسبح الجام وكبر وهلل في يده ، ثم قال الجام : إني
____________________
(١) في المصدر : كان رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجده.
(٢) في المصدر : واجعل وجهه مقابل وجهك.
(٣) في المصدر : على يدي علي.
(٤) الروضة : ١ و ٢. وتوجد الرواية في الفضائل ايضا : ٩٦ و ٩٧.
(٥) في المصدر : فدفعه.
(٦) في المصدر بعد ذلك : ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام ، ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام اه.
أمرت أن لا أتكلم إلا في يد نبي أو وصي ، ثم عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح يسمعه كل أحد : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (١) ».
٥ ـ ب : ابن طريف ، عن ابن علوان ، عن جعفر ، عن أبيه عليهماالسلام قال : كان النبي صلىاللهعليهوآله ليسير (٢) في جماعة من أصحابه وعلي معه إذ نزلت عليه ثمرة ، فمد يده فأخذها فأكل منها ، ثم نظر إلى ما بقي منها فدفعه إلى علي عليهالسلام فأكله ، قال : فسئل ما تلك الثمرة؟ فقال : أما اللون فلون البطيخ وأما الريح فريح البطيخ (٣).
٦ ـ ما : ابن حشيش ، عن علي بن القاسم بن يعقوب ، عن محمد بن الحسين بن مطاع ، عن أحمد بن الحسن القواص (٤) ، عن محمد بن سلمة ، عن يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس بن مالك قال : ركب رسول الله ذات يوم بغلته فانطلق إلى جبل آل فلان ، وقال : يا أنس خذ البغلة وانطلق إلى موضع كذا وكذا تجد عليا جالسا يسبح بالحصى : فاقرأه مني السلام واحمله على البغلة وأت به إلي ، قال أنس : فذهبت فوجدت عليا كما قال رسول الله صلىاللهعليهوآله فحملته على البغلة فأتيت به إليه ، فلما أن بصر برسول الله صلىاللهعليهوآله (٥) قال : السلام عليك يارسول الله ، قال : وعليك السلام يا أبا الحسن ، اجلس (٦) فإن هذا موضع قد جلس فيه سبعون نبيا مرسلا ، ما جلس فيه من الانبياء أحد إلا وأنا خير منه ، وقد جلس في موضع كل نبي أخ له ما جلس من الاخوة أحد إلا وأنت خير منه ، قال أنس : فنظرت
____________________
(١) الفضائل : ٧٣.
(٢) في المصدر : يسير.
(٣) قرب الاسناد : ٥٦.
(٤) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ : القواس. وفي المصدر : عن أحمد بن الحبر القواس.
(٥) في المصدر : فلما أن بصر به رسول الله صلىاللهعليهوآله.
(٦) ليست هذه الكلمة في المصدر.
إلى سحابة قد أظلتهما ودنت من رؤوسهما ، فمد النبي صلىاللهعليهوآله يده إلى السحابة فتناول عنقود عنب ، فجعله بينه وبين علي عليهالسلام وقال : كل يا أخي فهذه هدية من الله تعالى إلي ثم إليك ، قال أنس : فقلت : يارسول الله علي أخوك؟ قال : نعم علي أخي ، قلت (١) : يا رسول الله صف لي كيف علي أخوك؟ قال : إن الله عزوجل خلق ماء تحت العرش قبل أن يخلق آدم بثلاثة آلاف عام ، وأسكنه في لؤلؤة خضراء في غامض علمه إلى أن خلق آدم ، فلما أن خلق آدم نقل ذلك الماء من اللؤلؤة ، فأجراه في صلب آدم إلى أن قبضه الله ثم نقله في صلب شيث (٢) فلم يزل ذلك الماء ينتقل من ظهر إلى ظهر (٣) حتى صار في عبدالمطلب ، ثم شقه الله عزوجل نصفين (٤) : فصار نصفه في أبي : عبدالله بن عبدالمطلب ونصف في أبي طالب ، فأنا من نصف الماء وعلي من النصف الآخر ، فعلي أخي في الدنيا والآخرة ، ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوآله : « وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا (٥) ».
٧ ـ لى : الهمداني ، عن علي بن إبراهيم ، عن جعفر بن سلمة ، عن الثقفي عن محمد بن عبدالله الكوفي ، عن همام ، عن علي بن جميل الرقي ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال : كنا جلوسا في محفل من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله ورسول الله صلىاللهعليهوآله فينا ، فرأينا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد أشار بطرفه إلى السماء ، فنظرنا فرأينا سحابة قد أقبلت ، فقال لها : أقبلي فأقبلت ، ثم قال لها : أقبلي فأقبلت ، ثم قال لها : أقبلي فأقبلت ، فرأينا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقد قام قائما على قدميه ، فأدخل يديه إلى السحاب حتى استبان لنا بياض إبطي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فاستخرج من ذلك السحاب جامة بيضاء مملوءة رطبا ، فأكل النبي صلىاللهعليهوآله من الجام ، وسبح الجام في
____________________
(١) في المصدر : فقلت.
(٢) في المصدر : إلى صلب شيث.
(٣) في المصدر : من طهر إلى طهر.
(٤) في المصدر : بنصفين.
(٥) أمالي الشيخ : ١٩٧ و ١٩٨. والاية في سورة الفرقان : ٥٤.
كف رسول الله صلىاللهعليهوآله فناوله علي بن أبي طالب عليهالسلام ، فأكل علي عليهالسلام من الجام وسبح الجام في كف علي عليهالسلام فقال رجل : يا رسول الله أكلت من الجام وناولته علي بن أبي طالب؟! فأنطق الله عزوجل الجام وهو يقول : لا إله إلا الله خالق الظلمات والنور ، اعلموا معاشر الناس أني هدية الصادق إلى نبيه الناطق ، ولا يأكل مني إلا نبي أو وصي نبي (١).
٨ ـ لى : أبي ، عن سعد ، عن الثقفي ، عن يعقوب بن محمد البصري ، عن ابن عمارة ، عن علي بن أبي الزعزاع ، عن أبي ثابت الخزري ، عن عبدالكريم الخزري عن سعيد بن جبير ، عن عبدالله بن عباس قال : جاع رسول الله صلىاللهعليهوآله جوعا شديدا ، فأتى الكعبة فتعلق بأستارها فقال : رب محمد لاتجع محمدا أكثر مما أجعته ، قال : فهبط جبرئيل عليهالسلام ومعه لوزة ، فقال : يا محمد إن الله جل جلاله يقرأ عليك السلام فقال : يا جبرئيل ، الله السلام ومنه السلام وإليه يعود السلام ، فقال إن الله يأمرك أن تفك عن هذه اللوزة ، ففك عنها فإذا فيها ورقة خضراء نضرة مكتوبة عليها « لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدت محمدا بعلي ونصرته به ، ما أنصف الله من نفسه من اتهم الله في قضائه واستبطأه في رزقه (٢) ».
٩ ـ ع : أبي ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن محبوب ، عن مالك بن عيينة ، عن حبيب السجستاني ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : يا حبيب إن رسول الله صلىاللهعليهوآله لما فتح مكة أتعب نفسه في عبادة الله عزوجل والشكر لنعمه في الطواف بالبيت ، وكان علي عليهالسلام معه ، فلما غشيهم الليل انطلقا إلى الصفا والمروة يريدان السعي ، قال : فلما هبطا من الصفا إلى المروة وصارا في الوادي دون العلم الذي رأيت غشيهما من السماء نور ، فأضاءت لهما جبال مكة وخشعت أبصارهما ، قال : ففزعا لذلك فزعا شديدا ، قال : فمضى رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى ارتفع عن الوادي
____________________
(١) أمالي الصدوق : ٢٩٥.
(٢) أمالي الصدوق : ٣٣٠ و ٣٣١.
وتبعه علي عليهالسلام فرفع رسول الله صلىاللهعليهوآله رأسه إلى السماء فاذا هو برمانتين على رأسه قال فتناولهما رسول الله صلىاللهعليهوآله فأوحى الله عزوجل إلى محمد صلىاللهعليهوآله : يا محمد إنها من قطف الجنة (١) فلا يأكل منها (٢) إلا أنت ووصيك علي بن أبي طالب ، قال : فأكل رسول الله صلىاللهعليهوآله أحدهما وأكل علي عليهالسلام الاخرى الخبر (٣).
١٠ ـ ن : بالاسناد إلى دارم ، عن الرضا ، عن آبائه ، عن علي عليهمالسلام قال : دخلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما وفي يده سفرجل ، فجعل يأكل ويطعمني ويقول : كل ياعلي فإنها هدية الجبار إلي وإليك ، قال : فوجدت فيها كل لذة ، فقال لي : يا علي من أكل السفرجل ثلاثة أيام على الريق (٤) صفا ذهنه ، وامتلا جوفه حلما وعلما ، ووقي من كيد إبليس وجنوده (٥).
١١ ـ يج : روت عائشة أن رسول الله صلىاللهعليهوآله بعث عليا عليهالسلام يوما في حاجة فانصرف إلى النبي صلىاللهعليهوآله وهو في حجرتي ، فلما دخل علي عليهالسلام من باب الحجرة استقبله رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى وسط واسع من الحجرة وعانقه ، وأظلتهما غمامة سترتهما عني ، ثم زالت عنهما ، فرأيت في يد رسول الله صلىاللهعليهوآله عنقود عنب أبيض وهو يأكل ويطعم عليا ، فقلت : يارسول الله تأكل وتطعم عليا ولاتطعمني؟ قال : إن هذا من ثمار الجنة ، لايأكله إلا نبي أو وصي نبي في الدنيا (٦).
١٢ ـ يج : روي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه قال : كنت مع النبي صلىاللهعليهوآله فسار مليا وهو راكب وسايرته ماشيا ، فالتفت إلي فقال : يا أبا الحسن اركب كما ركبت أو أمشي كما مشيت ، فقلت : بل تركب وأمشي ، فسار ثم التفت إلي فقال
____________________
(١) القطف : العنقود.
(٢) في المصدر « فلا تأكل منها » على صيغة النهي.
(٣) علل الشرائع : ١٠٢.
(٤) الريق : لعاب الفم. ويقال « اني على الريق » أي لم آكل ولم أشرب بعد شيئا.
ويقال « شربت أو أكلت على الريق » أي قبل أن آكل شيئا.
(٥) عيون الاخبار : ٢٢٩ و ٢٣٠.
(٦) لم نجده في المصدر المطبوع.
يا علي اركب كما ركبت أو أمشي كما مشيت ، فأنت أخي وابن عمي وزوج ابنتي و أبوسبطي ، فقلت : بل تركب وأمشي ، فسار مليا ثم التفت إلي فقال : يا علي بلغنا (١) إلى عين ماء ، فثنى رجله من الركاب فنزل (٢) ، وأسبغ الوضوء وأسبغت الوضوء معه ، ثم صف قدميه وصلى ، وصففت قدمي وصليت حذاه ، فبينما أنا ساجد إذ قال : يا علي ارفع رأسك فانظر إلى هدية الله إليك ، فرفعت رأسي فإذا أنا بنشر من الارض (٣) ، وإذا عليه فرس بسرجه ولجامه ، وقال صلىاللهعليهوآله : هذا هدية الله إليك اركبه ، فركبته وسرت مع النبي صلىاللهعليهوآله (٤).
قب : في حديث الحسن بن كردان القادسي مثله (٥).
١٣ ـ يج : روي عن أبي جعفر الطوسي ، عن أبي محمد الفحام ، عن أبيه ، عن أبي محمد العسكري ، عن آبائه عن الحسين عليهمالسلام عن قنبر قال : كنت مع مولاي علي عليهالسلام على شاطئ الفرات ، فنزع قميصه ونزل إلى الماء ، فجاءت موجة فأخذت القميص ، فإذا هاتف (٦) يهتف : يا أبا الحسن انظر عن يمينك وخذ ماترى ، فإذا منديل عن يمينه وفيها قميص مطوي ، فأخذه ولبسه ، وإذا في جيبه رقعه فيها مكتوب : هدية من الله العزيز الحكيم (٧) إلى علي بن أبي طالب هذا قميص هارون بن عمران « كذلك وأورثناها قوما آخرين » (٨).
١٤ ـ قب : أمالي أبي عبدالله النيسابوري إنه دخل الكاظم على الصادق والصادق
____________________
(١) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : فسار مليا حتى بلغنا اه.
(٢) في المصدر : ونزل.
(٣) في المصدر : بنبش.
(٤) الخرائج والجرائح : ٨٢.
(٥) مناقب آل أبي طالب : ١ ٣٩٧.
(٦) في المصدر : بهاتف.
(٧) في المصدر : من العزيز الحكيم.
(٨) الخرائج والجرائح : ٨٥. والاية في سورة الدخان : ٢٨.
على الباقر والباقر على زين العابدين وزين العابدين على الشهيد عليهمالسلام وكلهم فرحون وقائلون : إنه ناول النبي صلىاللهعليهوآله عليا تفاحة فسقط من يديه وصارت بنصفين ، فخرج في وسطه مكتوب فيه « من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب ».
كتاب الخطيب الخوارزمي عن ابن عباس أنه هبط جبرئيل ومعه أترجة ، فقال : إن الله تعالى يقرؤك السلام ويقول لك : هذه هدية علي بن أبي طالب ، فدعاه النبي صلىاللهعليهوآله فدفعها ، فلما صارت في كفه انفلقت الاترجة ، فإذا فيها حريرة خضراء (١) مكتوب فيها سطران نضرة (٢) « هدية من الطالب الغالب إلى علي بن أبي طالب » يقال : (٣) كان ذلك لما قتل عمرا.
الاعمش ، عن أبي سفيان ، عن أبي أيوب الانصاري قال : نزل النبي صلىاللهعليهوآله داري ، فنزل عليه جبرئيل عليهالسلام من السماء بجام من فضة فيه سلسلة من ذهب فيه ماء من الرحيق المختوم ، فناول النبي صلىاللهعليهوآله فشرب ، ثم ناول عليا عليهالسلام فشرب ، ثم ناول الحسن عليهالسلام فشرب ، ثم ناول الحسين عليهالسلام فشرب ثم ناول فاطمة عليهاالسلام فشربت (٤) ، ثم ناول الاول الاول فانضم الكأس ، فأنزل الله تعالى « لايمسه إلا المطهرون » ، « وفي ذلك فليتنافس المتنافسون (٥) ».
١٥ ـ يل ، فض : بالاسناد يرفعه إلى صعصعة بن صوحان قال : أمطرت المدينة مطرا ثم صحت (٦) فخرج النبي صلىاللهعليهوآله إلى صحرائها ومعه أبوبكر ، فلما خرجا فإذا بعلي مقبل ، فلما رآه النبي صلىاللهعليهوآله قال مرحبا بالحبيب القريب ، ثم قرأ هذه
____________________
(١) في المصدر : حريرة نضرة خضراء.
(٢) ليست هذه الكلمة في المصدر.
(٣) في المصدر : ويقال.
(٤) ذكرت هذه الجملة في المصدر قبل قوله ثم ناول الحسن عليهالسلام فشرب.
(٥) مناقب آل أبي طالب ١ : ٣٩٧ و ٣٩٨. والاية الاولى في سورة الواقعة : ٧٩. والثانية في سورة المطففين : ٢٦.
(٦) في المصدر : مطرا شديدا ثم صحت. وصحا اليوم : صفا ولم يكن فيه غيم.
الآية (١) : « وهدوا إلى صراط الحميد (٢) » أنت ياعلي منهم ، ثم رفع رأسه إلى السماء وأومأ بيده إلى الهواء ، وإذا برمانة تهوي عليه (٣) من السماء أشد بياضا من الثلج وأحلى من العسل وأطيب من رائحة المسك (٤) ، فأخذها رسول الله صلىاللهعليهوآله فمصها حتى روي ، ثم ناولها عليا عليهالسلام فمصها (٥) ، ثم التفت إلى أبي بكر وقال يا أبا بكر لولا أن طعام الجنة لا يأكله إلا نبي أو وصي نبي كنا أطعمناك منها (٦).
١٦ ـ بشا : محمد بن عبد الوهاب الرازي عن محمد بن أحمد النيسابوري ، عن الحسن بن أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن محمد الاهوازي ، عن الحسن بن محمد ابن سهل ، عن أحمد بن محمد بن موسى الفارسي ، عن أحمد بن يحيى البلخي (٧) عن محمد بن جرير ، عن الهيثم بن الحسين بن محمد بن عمر ، عن محمد بن هارون بن عمارة عن أبيه ، عن أنس بن مالك قال خرجت مع رسول الله صلىاللهعليهوآله نتماشى حتى انتهينا إلى بقيع الغرقد (٨) ، فإذا نحن بسدرة عارية لا نبات عليها ، فجلس رسول الله صلىاللهعليهوآله تحتها ، فأورقت الشجرة وأثمرت واستظلت على رسول الله صلىاللهعليهوآله فتبسم وقال : يا أنس ادع لي عليا ، فعدوت حتى انتهيت إلى منزل فاطمة عليهاالسلام ، فإذا أنا بعلي يتناول شيئا من الطعام ، قلت له (٩) : أجب رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : لخير أدعى؟ فقلت : الله و رسوله أعلم ، قال : فجعل علي عليهالسلام يمشي ويهرول على أطراف أنامله حتى مثل
____________________
(١) في المصدر : ثم تلا.
(٢) سورة الحج : ٢٤.
(٣) في المصدرين : تهوى إليه.
(٤) في الفضائل : وأطيب رائحة من المسك ، وفي الروضة : وأعظم رائحة من المسك.
(٥) في المصدرين : فمصها حتى روى.
(٦) الفضائل : ١٧٦. الروضة ٣٨ و ٣٩.
(٧) في المصدر : عن أحمد بن يعقوب البلخي.
(٨) قال في المراصد ( ١ : ٢١٣ ) : أصل البقيع في اللغة : الموضع فيه اروم الشجر من ضروب شتى. والغرقد : كبار العوسج. وهو مقبرة أهل المدينة.
(٩) في المصدر : فقلت له.
بين يدي رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فجذبه رسول الله وأجلسه إلى جنبه ، فرأيتهما يتحدثان ويضحكان ، ورأيت وجه علي قد استنار ، فإذا أنا بجام من ذهب مرصع بالياقوت والجواهر (١) ، وللجام أربعة أركان ، على كل ركن منه مكتوب « لا إله إلا الله محمد رسول الله » وعلى الركن الثاني « لا إله إلا الله محمد رسول الله علي بن أبي طالب ولي الله ، وسيفه على الناكثين والقاسطين والمارقين » وعلى الركن الثالث « لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أيدته بعلي بن أبي طالب » وعلى الركن الرابع « نجا الله المعتقدين (٢) لدين الله الموالين لاهل بيت رسول الله » وإذا في الجام رطب وعنب ولم يكن أوان العنب ولا أوان الرطب فجعل رسول الله صلىاللهعليهوآله يأكل ويطعم عليا ، حتى إذا شبعا ارتفع الجام ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوآله : يا أنس أترى هذه السدرة؟ قلت : نعم ، قال : قعد (٣) تحتها ثلاثمائة وثلاثة عشر نبيا وثلاثمائة وثلاثة عشر وصيا ، ما في النبيين نبي أوجه مني (٤) ، ولا في الوصيين وصي أوجه من علي بن أبي طالب ، يا أنس من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه وإلى إبراهيم في وقاره وإلى سليمان في قضائه وإلى يحيى في زهده وإلى أيوب في صبره وإلى إسماعيل في صدقه فلينظر إلى علي بن أبي طالب ، يا أنس ما من نبي إلا وقد خصه الله تبارك وتعالى بوزير (٥) ، وقد خصني الله تبارك وتعالى بأربعة : اثنين في السماء واثنين في الارض ، فأما اللذان في السماء : فجبرئيل وميكائيل ، وأما اللذان في الارض : فعلي بن أبي طالب وعمي حمزة (٦).
١٧ ـ عيون المعجزات للسيد المرتضى : ذكر الجام في رواية العامة وعن
____________________
(١) في المصدر : باليواقيت والجواهر.
(٢) في المصدر : نجا المعتقدون لدين الله.
(٣) في المصدر : قال قد قعد.
(٤) في المصدر : أشرف مني.
(٥) في المصدر : بوزيره.
(٦) بشارة المصطفى : ١٠٠ ١٠٢.
الخاصة إبراهيم بن الحسين الهمداني ، عن إسحاق بن إبراهيم ، عن عبدالغفار بن القاسم ، عن جعفر الصادق ، عن أبيه ، يرفعه إلى أمير المؤمنين عليهمالسلام أن جبرئيل نزل على النبي صلىاللهعليهوآله بجام من الجنة فيه فاكهة كثيرة من فواكه الجنة ، فدفعه إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، فسبح الجام وكبر وهلل في يده ، ثم دفعه إلى أبي بكر فسكت الجام ، ثم دفعه إلى عمر فسكت الجام ، ثم دفعه إلى أمير المؤمنين علي عليهالسلام فسبح الجام وهلل وكبر في يده ، ثم قال الجام : إني أمرت أن لا أتكلم إلا في يد نبي أو وصي.
وفي رواية أخرى من كتاب الانوار أن الجام من كف النبي صلىاللهعليهوآله عرج إلى السماء وهو يقول بلسان فصيح سمعه كل أحد : « إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا (١) » وفي ذلك قال العوني شعرا :
علي كليم الجام إذ جاءه به |
|
كريمان في الاملاك مصطفيان |
وقال أيضا غيره :
إمامي كليم الجان والجام بعده |
|
فهل لكليم الجان والجام من مثل؟ (٢) |
أقول : قد مضى كثير من الاخبار في أبواب معجزات النبي صلىاللهعليهوآله في ذلك.
٧٩
( باب )
* ( أن الخضر كان يأتيه عليهماالسلام وكلامه مع الاوصياء ) *
١ ـ ما : المفيد ، عن الكاتب ، عن الزعفراني ، عن الثقفي ، عن إبراهيم بن ميمون ، عن مصعب بن سلام ، عن ابن طريف ، عن ابن نباتة قال : كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يصلي عند الاسطوانة السابعة من باب الفيل مما يلي الصحن
____________________
(١) سورة الاحزاب : ٣٣.
(٢) مخطوط ، ولم نظفر بنسخته.
إذ أقبل رجل عليه بردان أخضران ، وله عقيصتان (١) سوداوان ، أبيض اللحية ، فلما سلم أمير المؤمنين عليهالسلام من صلاته أكب عليه فقبل رأسه ، ثم أخذ بيده فأخرجه من باب كندة ، قال : فخرجنا مسرعين خلفهما ولم نأمن عليه ، فاستقبلنا عليهالسلام في جارسوخ كندة قد أقبل راجعا ، فقال : مالكم؟ فقلنا : لم نأمن عليك هذا الفارس فقال : هذا أخي الخضر ، ألم تروا حيث أكب علي؟ قلنا : بلى ، فقال : إنه قال لي : إنك في مدرة لايريدها جبار بسوء إلا قصمه الله ، واحذر الناس ، فخرجت معه لاشيعه لانه أراد الظهر (٢).
٢ ـ قب : عن ابن نباتة مثله. وروى خرور وسعد بن طريف عن الاصبغ أنه جاءه ثانية فإذا ميثم يصلي إلى تلك الاسطوانة ، فقال : يا صاحب السارية اقرأ صاحب الدار السلام يعني عليا وأعلمه أني بدأت به فوجدته نائما (٣).
بيان : قال الجزري : مدرة الرجل بلدته.
٣ ـ ص : الصدوق ، عن ماجيلويه ، عن عمه ، عن علي الكوفي ، عن إبراهيم ابن أبي البلاد ، عن أبيه ، عن الحارث الاعور الهمداني قال : رأيت مع أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام شيخا بالنخيلة (٤) ، فقلت : يا أمير المؤمنين من هذا؟ قال : هذا أخي الخضر ، جاءني يسألني عما بقي من الدنيا ، وسألته عما مضى من الدنيا ، فأخبرني وأنا أعلم بما سألته منه ، قال أمير المؤمنين عليهالسلام : فأتينا بطبق رطب من السماء ، فأما الخضر فرمى بالنوى وأما أنا فجمعته في كفي ، قال الحارث : وقلت فهبه لي يا أمير المؤمنين ، فوهبه (٥) فغرسته ، فخرج مشانا جيدا بالغا عجبا لم أر مثله قط. (٦).
____________________
(١) العقيصة : ضفيرة الشعر.
(٢) أمالي الشيخ : ٣٢.
(٣) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٩.
(٤) مصغرا ، موضع قرب الكوفة على سمت الشام.
(٥) في غير ( ك ) فوهبه لي.
(٦) مخطوط.
بيان : المشان كغراب وكتاب من أطيب الرطب.
٤ ـ قب : جعفر بن محمد ، عن آبائه عليهمالسلام قال : لما قبض رسول الله جاء آت يسمعون حسه ولايرون شخصه ، فقال : السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته في الله عزاء من كل مصيبة ، وخلف من كل هالك ، ودرك من كل مافات ، فبالله فثقوا وإياه فارجوا ، فإن المحروم من حرم الثواب ، والسلام.
فقال علي عليهالسلام : تدرون من هذا؟ هذا الخضر عليهالسلام.
وروى محمد بن يحيى قال : بينا علي يطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بالاستار وهو يقول : « يامن لايشغله سمع عن سمع يا من لايغلطه السائلون يا من لايتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك (١) » فقال علي عليهالسلام : ياعبدالله دعاؤك هذا؟ قال : وقد سمعته؟ قال : نعم ، قال : فادع به في دبر كل صلاة ، فوالذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء وقطرها وحصباء الارض (٢) وترابها لغفر لك أسرع من طرفة عين.
عبد الله بن الحسن بن الحسن ، عن أبيه ، عن جده ، عن أمير المؤمنين عليهمالسلام (٣) كان في مسجد الكوفة يوما ، فلما جنه الليل أقبل رجل من باب الفيل عليه ثياب بيض ، فجاء الحرس وشرطة الخميس ، فقال لهم أمير المؤمنين عليهالسلام : ماتريدون؟ فقالوا : رأينا هذا الرجل أقبل إلينا فخشينا أن يغتالك ، فقال : كلا فانصرفوا (٤) رحمكم الله ، أتحفظوني من أهل الارض؟ فمن يحفظني من أهل السماء؟ ومكث الرجل عنده مليا يسأله ، فقال : يا أمير المؤمنين لقد ألبست الخلافة بهاء وزينة وكمالا ولم تلبسك ، ولقد افتقرت إليك أمة محمد صلىاللهعليهوآله وما افتقرت إليها ، ولقد تقدمك قوم
____________________
(١) في المصدر : وحلاوة مغفرتك.
(٢) الحصباء : الحصى.
(٣) كذا في النسخ والمصدر. والظاهر : عن أبيه ، عن جده أن أمير المؤمنين عليهالسلام اه.
(٤) في المصدر : كلا انصرفوا.
وجلسوا مجلسك فعذابهم على الله ، وإنك لزاهد في الدنيا وعظيم في السماوات والارض ، وإن لك في الآخرة لمواقف كثيرة تقر بها عيون شيعتك ، وإنك لسيد الاوصياء وأخوك سيد الانبياء ، ثم ذكر الائمة الاثني عشر وانصرف (١).
وأقبل أمير المؤمنين عليهالسلام على الحسن والحسين عليهماالسلام فقال : تعرفانه؟ قالا : ومن هو يا أمير المؤمنين؟ قال : هذا أخي الخضر عليهالسلام.
وفي الخبر أن خضرا وعليا عليهماالسلام قد اجتمعا ، فقال له علي عليهالسلام : قل كلمة حكمة ، فقال : ما أحسن تواضع الاغنياء للفقراء قربة إلى الله ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام ، وأحسن من ذلك تيه الفقراء (٢) على الاغنياء ثقة بالله ، فقال الخضر : ليكتب هذا بالذهب.
أمالي المفيد النيسابوري وتاريخ بغداد قال الفتح بن شخرف (٣) : رأى أمير المؤمنين الخضر عليهماالسلام في المنام فسأله نصيحة ، قال ، فأراني كفه فإذا فيها مكتوب بالخضرة.
قد كنت ميتا فصرت حيا |
|
وعن قليل تعود ميتا |
فابن لدار البقاء بيتا |
|
ودع لدار الفناء بيتا (٤) |
٥ ـ جا : محمد بن الحسين ، عن أحمد بن محمد الصولي ، عن الجلودي ، عن الحسين بن حميد ، عن مخول بن إبراهيم ، عن صالح بن أبي الاسود ، عن محفوظ بن عبيد الله ، عن شيخ من أهل حضرموت ، عن محمد بن الحنفية عليه الرحمة قال : بينا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليهالسلام يطوف بالبيت إذا رجل متعلق بالاستار وهو يقول : « يا من لايشغله سمع عن سمع يا من لايغلطه السائلون يا من لايبرمه إلحاح
____________________
(١) في المصدر : فانصرف.
(٢) التيه : الصلف والكبر. وفي المصدر « نيه الفقراء » يقال : ناهت نفسه عن الشئ أي انتهت وأبت فتركته.
(٣) في المصدر : شنجرف.
(٤) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٩ ٤١٠.
الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك » فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : هذا دعاؤك؟ قال له الرجل : وقد سمعته؟ قال : نعم ، قال : فادع به في دبر كل صلاة فوالله ما يدعو به أحد من المؤمنين في أدبار الصلاة إلا غفر الله له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماء وقطرها وحصباء الارض وثراها ، فقال له أمير المؤمنين عليهالسلام : علم ذلك (١) عندي ، والله واسع كريم ، فقال له الرجل (٢) وهو الخضر : صدقت والله ياأمير المؤمنين وفوق كل ذي علم عليم (٣).
٦ ـ ير : محمد بن عيسى ، عن عثمان بن عيسى ، عمن أخبره ، عن عباية الاسدي قال : دخلت على أمير المؤمنين عليهالسلام وعنده رجل رث الهيئة وأمير المؤمنين عليهالسلام مقبل عليه يكلمه ، فلما قام الرجل قلت : يا أمير المؤمنين من هذا الذي شغلك عنا (٤)؟ قال : هذا وصي موسى عليهالسلام (٥).
قب : عن عباية مثله (٦).
٧ ـ ير : الحسن بن علي بن عبدالله ، عن علي بن حسان ، عن عمه عبدالرحمن ابن كثير الهاشمي مولى محمد بن علي ، عن أبي عبدالله عليهمالسلام قال : خرج أمير المؤمنين عليهالسلام بالناس يريد صفين حتى عبر الفرات ، وكان (٧) قريبا من الجبل بصفين إذ حضرت صلاة المغرب ، فأمعن بعيدا ثم توضأ وأذن ، فلما فرغ من الاذان انفلق الجبل عن هامة بيضاء بلحية بيضاء ووجه أبيض ، فقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، مرحبا بوصي خاتم النبيين وقائد الغر المحجلين والاغر المأثور والفاضل والفائق بثواب الصديقين وسيد الوصيين ، قال له : وعليك السلام يا أخي
____________________
(١) في المصدر : إن علم ذلك.
(٢) في المصدر : فقال له ذلك.
(٣) أمالي الشيخ المفيد : ٥٤.
(٤) في المصدر : أشغلك عنا.
(٥) بصائر الدرجات : ٨٠.
(٦) مناقب آل أبي طالب ١ : ٤٠٩.
(٧) في المصدر : فكان.
شمعون بن حمون وصي عيسى بن مريم روح القدس ، كيف حالك؟ قال : بخير يرحمك الله ، أنا منتظر روح الله ينزل ، فلا أعلم أحدا أعظم في الله بلاء ولا أحسن غدا ثوابا ولا أرفع مكانا منك ، اصبر يا أخي على ما أنت عليه حتى تلقى الحبيب غدا ، فقد رأيت أصحابك بالامس لقوا مالقوا (١) من بني إسرائيل ، نشروهم بالمناشير وحملوهم على الخشب ، فلو تعلم هذه الوجوه العزيزة الشائهة (٢) ما أعد الله لهم من عذاب ربك وسوء نكاله لاقصروا ، ولو تعلم هذه الوجوه المضيئة ماذا لهم من الثواب في طاعتك لتمنت أنها قرضت بالمقاريض ، والسلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله و بركاته ، والتأم الجبل عليه ، وخرج أمير المؤمنين عليهالسلام إلى قتاله (٣) ، فسأله عمار بن ياسر وابن عباس ومالك الاشتر وهاشم بن عتبة بن أبي وقاص وأبو أيوب الانصاري وقيس بن سعد الانصاري وعمرو بن الحمق الخزاعي وعبادة بن الصامت وأبوالهيثم بن التيهان عن الرجل ، فأخبرهم أنه شمعون بن حمون وصي عيسى بن مريم ، و سمعوا كلامهما فازدادوا بصيرة ، فقال له عبادة بن الصامت وأبوأيوب : لايهلعن (٤) قلبك يا أمير المؤمنين ، بأمهاتنا وآبائنا نفديك يا أمير المؤمنين ، فوالله لننصرنك كما نصرنا أخاك رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا يتخلف عنك من المهاجرين والانصار إلا شقي (٥) فقال لهما معروفا وذكرهما بخير (٦).
قب : عن عبدالرحمن مثله (٧).
بيان : الشائهة : البعيدة. والهلع : أفحش الجزع.
أقول : قد أثبتنا إتيان الخضر إليه عليهالسلام في أبواب النصوص وباب قوله عليهالسلام « سلوني » وباب « وصية النبي صلىاللهعليهوآله » وسيأتي كلام سام بن نوح عليهماالسلام معه وإقراره بولايته في باب استجابة دعواته.
____________________
(١) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ وكذا المصدر : لقوا ما لاقوا.
(٢) شاه الوجه : قبح. وقوله « العزيزة » كذا في النسخ ، ولايناسب المقام.
(٣) في المصدر : إلى عسكره.
(٤) هلع : جزع. وفي المصدر : لاهلعن.
(٥) كذا. ولعل الصحيح : « إلا شفى » أي إلا قليل ( ب ).
(٦) بصائر الدرجات : ٧٩.
(٧) مناقب آل ابي طالب ١ : ٤٠٩.
٨٠
( باب )
* ( أن الله تعالى أقدره على سير الافاق ، وسخر له السحاب ) *
* ( وهيأ له الاسباب ، وفيه ذهابه صلوات الله عليه ) *
* ( إلى أصحاب الكهف ) *
١ ـ ير : محمد بن الحسين ، عن ابن سنان ، عن عمار بن مروان ، عن المنخل ، عن جابر ، عن أبي جعفر عليهالسلام قال : قال يا جابر : هل لك من حمار يسير بك فبلغ بك من المطلع (١) إلى المغرب في يوم واحد؟ قال : قلت : يا أبا جعفر جعلني الله فداك وأني لي هذا؟ قال : فقال أبوجعفر عليهالسلام : وذلك أمير المؤمنين ، ثم قال : ألم تسمع قول رسول الله صلىاللهعليهوآله في علي بن أبي طالب عليهالسلام : لتبلغن الاسباب والله لتركبن السحاب (٢).
٢ ـ ير : أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن عثمان بن عيسى ، عن سماعة ابن مهران ، عن أبي بصير ، عن أبي جعفر عليهالسلام أنه قال : إن عليا عليهالسلام ملك ما في الارض وما تحتها ، فعرضت له السحابان : الصعب والذلول ، فاختار الصعب ، وكان في الصعب ملك ما تحت الارض وفي الذلول ملك ما فوق الارض ، واختار الصعب على الذلول فدارت به سبع أرضين فوجد ثلاث خراب وأربع عوامر (٣).
يج : عن أبي بصير مثله (٤).
٣ ـ يج : روي عن شريك بن عبدالله وهو يومئذ قاض أن النبي صلىاللهعليهوآله بعث عليا عليهالسلام وأبا بكر وعمر إلى أصحاب الكهف فقال : ائتوهم فأبلغوهم مني السلام
____________________
(١) في المصدر : يسير بك من المطلع.
(٢) بصائر الدرجات : ١١٧.
(٣) بصائر الدرجات : ١٢٠.
(٤) لم نجده في المصدر المطبوع.
فلما خرجوا من عنده قال أبوبكر لعلي : أتدري أين هم؟ فقال : ما كان رسول الله صلىاللهعليهوآله بعثنا (١) إلى مكان إلا هدانا الله له ، فلما أوقفهم على باب الكهف قال : يا أبا بكر سلم فإنك أسننا ، فسلم فلم يجب ، ثم قال : يا أبا حفص سلم فإنك أسن مني ، فسلم فلم يجب ، قال : فسلم علي عليهالسلام فردوا السلام وحيوه وأبلغهم سلام رسول الله صلىاللهعليهوآله فردوا عليه ، فقال أبوبكر : سلهم مالهم سلمنا عليهم فلم يجيبوا؟ قال : سلهم أنت ، فسألهم فلم يكلموه ، ثم سألهم عمر فلم يكلموه ، فقالا : يا أبا الحسن سلهم أنت فقال علي عليهالسلام : إن صاحبي هذان سألاني أن أسألكم لم رددتم علي ولم تردوا عليهما؟ قالوا : إنا لانكلم إلا نبيا أو وصي نبي (٢).
٤ ـ يج : روي أن الصحابة سألوا النبي صلىاللهعليهوآله أن يأمر الريح فتحملهم إلى أصحاب الكهف ففعل ، فلما نزلوا هناك سلم عليهم أبوبكر وعمر وعثمان فلم يردوا عليهم ، ثم قام القوم الآخرون كلهم فسلموا فلم يردوا عليهم أيضا ، فقام علي عليهالسلام فقال : السلام عليكم يا أصحاب الكهف والرقيم الذين كانوا [ من آياتنا ] عجبا ، فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته يا أبا الحسن ، فقال أبوبكر : مالنا سلمنا عليهم فلم يجيبوا؟ فسألهم علي ، فقالوا : إنا لانكلم إلا نبيا أو وصي نبي وأنت وصي خاتم الانبياء ، ثم قال علي عليهالسلام : يا ريح احملينا ، فإذا نحن في الهواء ، فلما أن كان في جوف الليل قال علي عليهالسلام : يا ريح ضعينا ، ثم قام فركض برجله ، فإذا نحن بعين ماء ، فتوضأ وقال : توضؤوا فإنكم مدركون بعض صلاة الصبح عند رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثم قال : ياريح احملينا ، فأدركنا آخر ركعة مع رسول الله صلىاللهعليهوآله فلما أن قضينا ما سبقنا به التفت إلينا و أمرنا بالاتمام ، فلما فرغنا قال : يا أنس وأحدثكم أو تحدثونا؟ قلت : يارسول الله من فيك أحسن ، فحدثنا كأنه كان معنا ، ثم قال : اشهد بهذا لعلي يا أنس ،
____________________
(١) كذا في ( ك ). وفي غيره من النسخ : يبعثنا.
(٢) لم نجده في المصدر المطبوع.
فاستشهدني علي عليهالسلام وهو على المنبر فداهنت في الشهادة ، قال : إن كنت كتمتها مداهنة من بعد وصية رسول الله عليهالسلام فأبرصك الله وأعمى عينيك وأظمأ جوفك ، فلم أبرح من مكاني حتى عميت وبرصت ، وكان أنس لايستطيع الصوم في شهر رمضان ولا في غيره من شدة الظماء ، وكان يطعم في شهر رمضان كل يوم مسكينين حتى فارق الدنيا وهو يقول : هذا من دعوة علي (١).
أقول : قد أوردنا نحوه مع زيادة في باب استجابة دعواته عليهالسلام.
٥ ـ شف : روينا من عدة طرق ورأينا من طرقهم وتصانيفهم في مواضع عن محمد بن أحمد ، عن أحمد بن الحسين ، عن الحسن بن دينار ، عن عبدالله بن موسى ، عن أبيه ، عن جده جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه محمد بن علي ، عن أبيه عليهمالسلام ، عن جابر بن عبدالله الانصاري قال : خرج علينا رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما ونحن في مسجده فقال : من ههنا؟ فقلت : أنا يا رسول الله وسلمان الفارسي ، فقال : يا سلمان اذهب فادع لي مولاك علي بن أبي طالب ، قال جابر : فذهب سلمان يبتدر به ، حتى أخرج عليا من منزله ، فلما دنا من رسول الله صلىاللهعليهوآله قام فخلا به وأطال مناجاته ، ورسول الله يقطر عرقا كهيئة اللؤلؤ ويتهلل حسنا (٢) ثم انصرف رسول الله صلىاللهعليهوآله من مناجاته وجلس ، فقال له : أسمعت يا علي ووعيت؟ قال : نعم يا رسول الله ، قال جابر : ثم التفت إلي وقال : يا جابر ادع لي أبا بكر وعمر وعبدالرحمن بن عوف الزهري ، قال جابر : فذهبت مسرعا فدعوتهم ، فلما حضروا قال : يا سلمان اذهب إلى منزل أمك أم سلمة فأتني ببساط الشعر الخيبري ، قال جابر : فذهب سلمان فلم يلبث أن جاء بالبساط ، فأمر رسول الله صلىاللهعليهوآله سلمان فبسطه ، ثم قال : لابي بكر وعمر وعبدالرحمن : اجلسوا على البساط ، فجلسوا كما أمرهم ، ثم خلا رسول الله سلمان ، فلما جاءه أسر إليه شيئا ، ثم قال له : اجلس في الزاوية الرابعة ، فجلس سلمان ، ثم أمر عليا عليهالسلام أن يجلس في وسطه ، ثم قال له : قل ما أمرتك
____________________
(١) لم نجده في المصدر المطبوع.
(٢) في المصدر : ويتهلل حقا.
فوالذي بعثني بالحق نبيا لو شئت قلت على الجبل لسار ، فحرك علي عليهالسلام شفتيه قال جابر : فاختلج البساط فمر بهم.
قال جابر : فسألت سلمان فقلت : أين مر بكم البساط؟ قال : والله ماشعرنا بشئ حتى انقض بنا البساط في ذروة جبل شاهق ، وصرنا إلى باب كهف ، قال سلمان : فقمت وقلت لابي بكر : يا أبا بكر أمرني رسول الله صلىاللهعليهوآله أن نصرخ في هذا الكهف بالفتية الذين ذكرهم الله في محكم كتابه ، فقام أبوبكر فصرخ بهم بأعلى صوته فلم يجبه أحد ، ثم قلت لعمر : قم فاصرخ في هذا الكهف كما صرخ أبوبكر ، فصرخ عمر (١) فلم يجبه أحد ، ثم قلت لعبد الرحمن : قم فاصرخ فيه (٢) كما صرخ أبوبكر وعمر ، فقام وصرخ فلم يجبه أحد ، ثم قمت أنا وصرخت بهم بأعلى صوتي فلم يجبني أحد ، ثم قلت لعلي بن أبي طالب عليهالسلام : قم يا أبا الحسن واصرخ في هذا الكهف فإنه أمرني رسول الله أن آمرك كما أمرتهم ، فقام علي عليهالسلام فصاح بهم بصوت خفي ، فانفتح باب الكهف ، ونظرنا إلى داخله يتوقد نورا ويأتلق (٣) إشراقا ، وسمعنا ضجة (٤) ووجبة شديدة ، فملئنا رعبا وولى القوم هاربين ، فناداهم : مهلا ياقوم وارجعوا ، فرجعوا وقالوا : ماهذا ياسلمان؟ قلت : هذا الكهف الذي وصفه الله عزوجل في كتابه ، والذين نراهم هم الفتية الذين ذكرهم عزوجل (٥) هم الفتية المؤمنون ، وعلي عليهالسلام واقف يكلمهم ، فعادوا إلى موضعهم ، قال سلمان : وأعاد علي عليهمالسلام (٦) فقاوا كلهم : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته ، وعلى محمد رسول الله صلىاللهعليهوآله خاتم النبوة منا السلام ، أبلغه منا السلام وقل له : قد شهدوا لك بالنبوة التي أمرنا قبل وقت مبعثك (٧) بأعوام كثيرة ، ولك يا علي
____________________
(١) في المصدر : ثم قلت لعمر : أن تصرخ بهم ، فقام فصرخ بأعلى صوته اه.
(٢) في المصدر : فاصرخ بهم.
(٣) ألق البرق : لمع.
(٤) في المصدر : صيحة.
(٥) في المصدر : ذكرهم الله عزوجل.
(٦) في المصدر : وأعاد علي عليهالسلام فسلم عليهم اه.
(٧) في المصدر : قبل مبعثك.
بالوصية ، فأعاد علي عليهالسلام سلامه عليهم فقالوا كلهم : وعليك وعلى محمد منا السلام ، نشهد بأنك مولانا ومولى كل من آمن بمحمد صلىاللهعليهوآله.
قال سلمان : فلما سمع القوم أخذوا بالبكاء وفزعوا واعتذروا إلى أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقاموا كلهم إليه يقبلون رأسه ويقولون : قد علمنا ما أراد رسول الله ومدوا أيديهم وبايعوه بإمرة المؤمنين ، وشهدوا له بالولاية بعد محمد صلىاللهعليهوآله ، ثم جلس كل واحد مكانه من البساط وجلس علي عليهالسلام في وسطه ، ثم حرك شفتيه فاختلج البساط فلم ندر كيف مر بنا في البر أم في البحر حتى انقض بنا على باب مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، قال : فخرج إلينا رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : كيف رأيتم أبا بكر (١)؟ قالوا : نشهد يارسول الله كما شهد أهل الكهف ونؤمن كما آمنوا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : الله أكبر لاتقولوا : « سكرت أبصارنا بل نحن قوم مسحورون » ولا تقولوا يوم القيامة : « إنا كنا عن هذا غافلين » والله لئن فعلتم لتهتدون « وما على الرسول إلا البلاغ المبين » وإن لم تفعلوا تختلفوا ، ومن وفى وفى الله له ، ومن يكتم ماسمعه فعلى عقبيه ينقلب ولن يضر الله شيئا ، أفبعد الحجة والمعرفة والبينة خلف؟! والذي بعثني بالحق نبيا لقد أمرت أن آمركم ببيعته وطاعته فبايعوه و أطيعوه بعدي ، ثم تلا هذه الآية « ياأيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الامر منكم (٢) » يعني علي بن أبي طالب ، قالوا : يا رسول الله قد بايعناه وشهد علينا أهل الكهف ، فقال النبي صلىاللهعليهوآله : إن صدقتم فقد اسقيتم ماء غدقا وأكلتم من فوقكم ومن تحت أرجلكم ، أو يلبسكم شيعا (٣) وتسلكون طريق بني إسرائيل ، فمن تمسك بولاية علي لقيني يوم القيامة وأنا عنه راض.
قال سلمان : والقوم ينظر بعضهم إلى بعض ، فأنزل الله هذه الآية في ذلك اليوم « ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب (٤) » قال سلمان
____________________
(١) في المصدر : كيف رأيتم يا أبابكر.
(٢) سورة النساء : ٥٩.
(٣) أي وإن لم تصدقوا يلبسكم شيعا.
(٤) سورة التوبة : ٧٨.