تفسير الصراط المستقيم - ج ٣

آية الله السيّد حسين البروجردي

تفسير الصراط المستقيم - ج ٣

المؤلف:

آية الله السيّد حسين البروجردي


المحقق: الشيخ غلامرضا بن علي أكبر مولانا البروجردي
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مؤسسة المعارف الإسلاميّة
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
ISBN: 964-6289-73-8
الصفحات: ٧٤٨

نعم ربما يقال : إن الوهم الذي ردّه صاحب «الكشاف» هو كون الاستغراق معنى تعريف الجنس لا كونه مستفادا من المعرف بلام الجنس على الشمول والإحاطة.

بل في بعض حواشي «الكشاف» استنباط القول عن ذلك حيث قال : أنه توهم كثير من الناس أن معنى تعريف الجنس هو الاستغراق.

قال : ويبطله أن الاستغراق قد يتحقق في النفي والإثبات وليس معه تعريف أصلا كما في «لا رجل وتمرة خير من جرادة».

أقول : وهذا بمعزل عما يستفاد من ظاهر العبارة على ما فهمه الناظرون في كلامه أن تعريف الجنس بالاستغراق لم نعرفه من أحد فضلا من أن يعزى إلى توهم كثير من الناس.

وكأنه إنما دعاهم إلى توهم القول والنسبة مجرد تصحيح العبارة وهو كما ترى.

وأما الخلط بين الاستغراق وتعريفه فقد مرت الإشارة إليه.

نعم ، عن الزركشي (١) : «يشبه أن يكون مراد الزمخشري أن المطلوب من العبد إنشاء الحمد لا الإخبار به ، وحينئذ يستحيل كونها للاستغراق إذ لا يمكن للعبد أن ينشئ جميع المحامد منه ، ومن غيره بخلاف كونها للجنس وفيه نظر.

__________________

(١) الزركشي : محمد بن عبد الله بن بهادر الفقيه الأصولي المحدث الشافعي المتوفى (٧٩٤) ه ـ حسن المحاضرة : ج ١ / ٢٤٨.

٣٤١
٣٤٢

الفصل الثاني

فيما يتعلق بقوله تعالى «لله»

قد أسلفنا بعض ما يتعلّق بهذا الاسم الأعظم والجامع المقدم.

ونقول الآن : إنما نسب الحمد إليه دون سائر الأسماء لأنه سبحانه حسب ما سمعت لا يمكن الإحاطة بذاته ولا بحقايق صفاته حيث إنّه لا يحيط به الأفهام ولا يدركه خواطر الظنون والأوهام.

كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : «الطريق مسدود والطلب مردود».

وأما من حيث ظهوره في الظاهرة بشؤونه وأفعاله فله الأسماء الحسنى وإن كانت مختلفة من حيث العموم والشمول بحسب المظاهر ، وقد مر أن عموم الظهور يستلزم خصوص الاسم وحيث إن أوّل ظهوره وأشمله وأعمه إنما هو بالألوهية كان هذا الاسم هو المقدم الجامع لجميع الأسماء والصفات وقد وسع وملأ جميع فضاء الإمكان والأعيان والأكوان ، وشيء من الأسماء ليس له هذه الإحاطة والعموم ، فليس له هذا الاختصاص من حيث المفهوم ، ولذا نسب الحمد إليه دون غيره من الأسماء للإشعار على ثبوت الحمد له واختصاصه به بالألوهية الجامعة لجميع الصفات والأسماء من القدس والإضافة والخلق في عالمي الإمكان والأكوان لما ستعرف من أن الحق مجعولية الإمكان خلق الله المشية الإمكانية بنفسها وخلق الإمكانات بها ، فحمده قد ملأ ووسع جميع فضاء الإمكان ، فما بقي في الإمكان ولا في الأكوان فضاء ولا مكان إلا وقد ملأ حمده من جميع الجهات والاعتبارات كما

٣٤٣

وسعه ألوهيته.

وهو قوله : «قد ملأ الدهر قدسه وأحاط بكل شيء علمه ، وكما أنه أعلم الأسماء وأشملها فهو أعلاها وأولها» (١).

فالحمد الذي علقه عليه أعلى المحامد وأولها ، ولذا نبّه على اختصاصه به باللام المفيدة له إفادة أولية أصلية ، فإنه الأصل في معانيها المتكثرة التي أنهاها بعضهم إلى نيّف وعشرين معنى وهو المراد بها في المقام ، لكنه ينبغي أن يعلم أن المراد بالاختصاص هو الربط الملحوظ بين الشيئين على الوجه المعتبر في النسبة ، وهذا قد يكون بالاستحقاق نحو : الحمد لله ، والملك لله ، والعزة لله ، وويل للمطففين ، ونحوها ... ، قيل : وهو المراد بها حيث وقعت بين معنى وذات ، وقد يكون بالملك نحو : «لك يا إلهي وحدانية العدد» (٢) على ما في الصحيفة السجادية ، أي إنها ملك له سبحانه ، فهي من جملة خلقه ، لا انه يتصف بها في ذاته.

ومثله : (لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) (٣) وهذا هو الملكية الحقيقية الأصلية وأما الفرعية الظلية فكقولك : هذا المال لزيد ، وله علي عشرة دراهم ، فإنها ملكية شرعية اعتبرها الشارع الحكيم في صقع الناسوت بين بني آدم بأسباب جعلية شرعية حفظا للنظام ولطفا على الأنام ، مع أنهم لا يملكون لأنفسهم شيئا ، هو المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم.

وقد يكون بمجرد الاختصاص وإن لم يبلغ الملكية الاعتبارية أيضا نحو الجل للفرس ، والحصير للمسجد ، والمنبر للخطيب.

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ٩٣ / ٢٥٥ ، ح ١.

(٢) الصحيفة السجادية : الدعاء ٢٥ ، أولها : أللهم إني أخلصت بانقطاعي إليك.

(٣) طه : ٦.

٣٤٤

وقوله : (فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) (١) ، وقوله : (جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً) (٢).

وربما يعدّ هذا الأخير من شبه التمليك ، لكن الوجه ما سمعت من رجوع الجميع إلى معنى الاختصاص الذي يختلف وجوهه باعتبار الموارد ووجوه النسب التي بين الشيئين.

ولذا قسّمه بعض الأعلام ثلاثة أقسام :

اختصاص السافل بالعالي على وجه الملك ، نحو : (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) (٣) ، والعكس نحو : (رَبِّ الْعالَمِينَ) (٤) ، و (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (٥) ، إذ الإضافة فيهما بتقدير اللام ، والعالي وإن كان لا يلتفت إلى السافل إلا أنّ السافل من جهة استمداده منه ولواذه به والتجائه إليه ظهر به فليس له حقيقة إلا ظهور العالي به وتعريفه له بنفسه ، كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : «بها تجلّى صانعها للعقول» (٦). فيكون للعالي أيضا اختصاص به من حيث الإفاضة والإمداد والإبقاء واختصاص بعض المتباينين بالبينونة الاعتزالية بالآخر ، وذلك من جهة التناسب الواقع بينهما في صقع الاعتبار والافتقار.

وعلى كل حال ، فحقيقة الاختصاص وتمامه إنما هو اختصاص السافل بالعالي لأنه اختصاص من جميع الوجوه وبكل الاعتبارات ، فإن السافل كله للعالي على الإطلاق ، وهو رب الأرباب ، إذ منه ذاته ووجوده وصفاته وآثاره وأفعاله.

__________________

(١) النساء : ١١.

(٢) النحل : ٧٢ ، الشورى : ١١.

(٣) التغابن : ١.

(٤) فاتحة الكتاب : ٢.

(٥) فاتحة الكتاب : ٤.

(٦) بحار الأنوار : ج ٤ / ٢٣٠ ، ح ٣ وص ٢٥٤ ، ح ٨.

٣٤٥

واستمداده في كل ذلك لأنه قائم بأمر الله بالقيام الصدوري كما قال مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام : «كل شيء سواك قام بأمرك».

وإليه الإشارة بقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ) (١).

ثم إن الأصل في كل كلمة على حرف واحد كالواو ، والفاء ، والسين ، واللام ، وغيرها هو الفتح ، لأن الحرف الواحد لا حظ له في الإعراب بل يقع مبتدأ في الكلام ولا يبتدأ بساكن ، فاختير له الفتح ، لأنه أخفّ الحركات ، والأنسب الابتداء بالأخف ، فنقول : جاء زيد وعمرو أو فعمرو ، وسيخرج زيد.

وقد خرج من هذه القاعدة الباء الجارة التي مضى الكلام فيها ، واللام الجازمة في «ليفعل» فرقا بينها وبين لام التوكيد ، واللام الجارة في مثل المقام فرقا بين لام الملك ولام التوكيد ، فإذا قلت : إن المال لهذا ـ أي في ملكه ـ وأن المال لهذا أي هو هو.

وإنما قيّدناه بمثل المقام لأنها إذا دخلت على المضمر ردت إلى الأصل وهو الفتح ، فنقول : له ولك ولنا ، لارتفاع اللبس لتغاير ضمير الجر للرفع.

نعم ، كسروها مع ياء المتكلم لأن هذا الياء لا يكون قبلها مكسورا بلا فرق بين الاسم والفعل والحرف ، نحو : غلامي وضربني ولي.

ولذا لمّا كان الجرّ لا يدخل الفعل زادوا قبل الياء نون الوقاية ، وقاية للفعل من كسر آخره.

بقي الكلام فيما يتعلق بقراءة الآية الشريفة ، وقد ادّعي في «المجمع» وغيره إجماع القرّاء على ضم الدال من (الْحَمْدُ) وكسر اللام من (لِلَّهِ).

قال : «وروى في الشواذ بكسر الدال واللام ، وبضم الدال واللام ، وبفتح الدال

__________________

(١) الروم : ٢٥.

٣٤٦

وكسر اللام ، وأجمعوا على كسر الباء من رب ، وروي عن زيد (١) بن علي نصب الباء ، ويحمل على أنه بين جوازه لا أنه قراءة» (٢).

وحكي في «الكشاف» القراءة بالكسرتين عن الحسن (٣) البصري ، وبالضمتين عن إبراهيم (٤) بن أبي عبلة للاتباع فيهما ، قال : والذي جسرهما على ذلك ، والاتباع إنما يكون في كلمة واحدة كقولهم : منحدر الجبل ومغيره تنّزل الكلمتين منزلة كلمة واحدة لكثرة استعمالها مقترنتين ، وجعل الأفضل قراءة إبراهيم حيث جعل الحركة البنائية تابعة للإعرابية التي هي أقوى بخلاف قراءة الحسن» (٥).

لكنه لا يخفى أن هذه القرائات كلها مشتركة في الشذوذ ، فلا يجوز القراءة بشيء منها في الصلاة وغيرها ، وكذا نصب الرب المحكي عن زيد بن علي عليه‌السلام وإن أمكن توجيهه بالنصب على المدح أو بما دل عليه (الْحَمْدُ لِلَّهِ) كأنه قيل «نحمد الله ربّ العالمين».

ثم إنه قد ذكر بعض العامة في كتاب أورد فيه ضبط رسوم الكلمات أن (لِلَّهِ) كتب بلامين ، والقياس يوجب أن يكون بثلاث لا مات ، وكذا كل كلمة يجتمع فيها ثلاث لا مات حذف منها واحدة نحو : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى).

أقول : وفيما ذكره من المثال ما لا يخفى ، ولعل الأولى رسمه بلام واحدة لمكان التشديد كما لا يخفى.

__________________

(١) هو : زيد بن علي بن الحسين بن علي عليهم‌السلام المعروف يزيد الشهيد ، استشهد بالكوفة سنة (١٢٠) ه كما في إرشاد المفيد ص ٢٨٦ أو سنة (١٢٣) ه. ـ كما في الأعلام : ج ٣ / ٩٨.

(٢) مجمع البيان : ج ١ / ٢١.

(٣) الحسن البصري المتوفى (١١٠) ه.

(٤) إبراهيم بن أبي عبلة شمر بن يقظان الدمشقي توفي بفلسطين سنة (١٥٢) ه. الثقات لابن حبان : ج ٤ / ١١.

(٥) الكشاف : ج ١ / ٥١ ـ ٥٢.

٣٤٧
٣٤٨

الفصل الثالث

في معنى كلمة «رب»

اعلم أن الربّ في الأصل إما مصدر من ربّه يربه ربا بمعنى التربية ، بل يقال : إنّ التربيّة كان في الأصل مضاعفا خفّف بتبديل الباء الثاني ياء كما في التمطي والتظني ، فإن أصلهما التمطط والتظنن ، ويستعمل أيضا بمعنى الإصلاح ، والجمع والزيادة واللزوم ، والإقامة والتطبب ، والملك ، كما يظهر من «القاموس» ، فالوصف به حينئذ للمبالغة على حد قولك : زيد صوم ، وعمرو عدل.

وأما اسم من قولك : رب يرب فهو رب كبّر من بر يبر وأصله بار.

وإما صفة مشبهة منه كنّم ينمّ فهو نمّ ، قيل : والمصدر حينئذ الربابة.

لكن في «القاموس» الرب باللام لا يطلق لغير الله عزوجل ، وقد يخفف والاسم الربابة بالكسر والربوبية بالضم ، وعلى ربوبي بالفتح نسبة إلى الرب على غير قياس ، وربّ كل شيء مالكه ومستحقّه أو صاحبه ، والجمع أرباب وربوب والرباني المتأله العارف بالله عزوجل.

وفي «توحيد الصدوق» : الرب المالك وكل من ملك شيئا فهو ربّه ، ومنه قوله عزوجل : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) (١) أي إلى سيدك ومليكك ، وقال قائل يوم حنين : لئن

__________________

(١) يوسف : ٥٠.

٣٤٩

يربني رجل من قريش أحب إلى من أن يربني رجل من هوازن (١) ، يريد يملكني ويصير لي ربا ومالكا ، ولا يقال لمخلوق : الرب بالألف واللام ، لأن الألف واللام دالتان على العموم ، وإنما يقال للمخلوق : ربّ كذا ، فيعرف بالإضافة لأنه لا يملك غيره (٢).

وظاهرهما كصريح بعض المفسرين هو الثالث ، أي كونه صفة مشبهة بعد نقل المشتق منه إلى فعل اللازم ، جعلا له بمنزلة الغرايز كما سبق في اشتقاق الرحمن والإضافة معنوية من قبيل كريم البلد لانتفاء عامل النصب فلا إشكال في وصف المعرفة به.

وفي «الكشاف» ترجيح المصدرية على الوصفية وعلّل بأبلغيته وسلامته عن تكلف جعل المتعدي لازما (٣).

وفيه : منه كونه تكلفا بعد اطراده في باب المدح والذم كما صرح به السكاكي (٤) في «المفتاح».

بل الزمخشري أيضا في «الفايق» عند ذكر فقير ورفيع فالترجيح بالأبلغية حجة عليه مضافا إلى أن التربية من الصفات الفعلية التي ينبغي حمله عليه سبحانه

__________________

(١) هو صفوان بن أمية بن خلف الجمحي أسلم بعد الفتح ومات بمكة سنة (٤١) ه ، هرب يوم الفتح ، ثم رجع إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وشهد معه حنينا وهو كافر وصار من المؤلفة القلوب ، أعطاه الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من غنائم حنين حين أسلم ، ولما هرب المسلمون يوم حنين في أول القتال استبشر أبو سفيان وقال : غلبت والله هوازني ، إذن لا يردهم إلا البحر ، فرد عليه صفوان قائلا : بفيك الكثكث ـ دقاق الحجارة ـ ، لأن يربني رجل من قريش ... إلخ.

(٢) كتاب التوحيد : باب أسماء الله تعالى ، ص ٢٠٣ ، ط قم ، مؤسسة المدرسين.

(٣) في الكشاف ج ١ / ٥٢ : ويجوز أن يكون وصفا بالمصدر للمبالغة كما وصف بالعدل ، انتهى ، وليس فيه ترجيح ولا علة ترجيح ، ما حكاه المصنف قدس‌سره عنه لم أظفر عليه في الكشاف.

(٤) السكاكي : يوسف بن أبي بكر المتوفى (٦٢٦) ه. ـ الأعلام : ج ٣ / ١٦٠.

٣٥٠

بذو هو في ملكه لا هو هو في ذاته وبالمبالغة على الوجه الثاني ينثلم تنزيهه سبحانه ولذا يستفاد من ظاهر الأكثر كصريح بعضهم ترجيح الوصفية ، ويؤيده ما في الدعاء : «يا ربّ كل شيء وصانعه» (١).

وعلى كل حال فهو يطلق على السيّد المطاع ، وحمل عليه قوله (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) (٢).

بل عن ابن عباس حمل قوله (رَبِّ الْعالَمِينَ) عليه ، لكنه غير جيّد ، إذ السيد لا يضاف إلى غير ذوي العقول ، فلا يقال : فلا يقال : سيد السموات والأرض كما يقال : رب السموات والأرض ، وحمل العالمين على ذوي العقول لذلك تكلّف في تكلف ، مع أن المقام تأبى عنه لوجوه لا تخفى ، نعم المعنى المستفاد من السيادة مقصود في المقام على وجه أبلغ مما يستفاد من المعاني الآتية.

وعلى المربي الذي يبلغ بالشيء إلى كماله شيئا فشيئا بالتدريج وعليه حمله في «التيسير» بل يحمل عليه قول فرعون لموسى عليه‌السلام : (أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً) (٣) ، بناء على ما مر من التخفيف بتبديل الباء ياء.

ولا بأس بإرادته في المقام على الوجه الذي يليق بعزّ جلاله من كون التربية له من جميع الوجوه ، وعلى وجه القيوميّة المطلقة لا لغرض ولا لعوض يعود إليه حسب ما يأتي.

وعلى المالك كما يقال : ربّ الدار وربّ الغنم.

وعلى الصاحب ، تقول : زيد رب عمرو أي صاحبه ، ويطلق عليه سبحانه كما

__________________

(١) دعاء الجوشن الكبير ، الفصل (٩٤).

(٢) يوسف : ٤٢.

(٣) الشعراء : ١٨.

٣٥١

ورد في الدعاء : «اللهم أنت رب الصاحب في السفر» (١).

وعلى المدبر ، ومنه ربّاني الأمة لمدبّر أمور دينهم والمصلح من رب القيعة (٢) ـ أي أصلحها ـ والجامع من التربب بمعنى الاجتماع والثابت من ربّ بالمكان أي ثبت ، والدائم من أربّت السحابة أي أدامت.

وهذه المعاني وإن صحّ إطلاقها على الله سبحانه على وجه الأصالة والذاتية والقيّوميّة المطلقة التي لا تليق بغيره سبحانه ، إذ كل شيء سواه قام بأمره ، إلّا أنّ أمّ المعاني في هذا الباب وأصلها وأساسها بل جامعها الذي يرجع جميعها إليه إنما هو التربية ، وهو تبليغ الشيء إلى كماله أو حال أحسن من حاله ، وبالجملة إلى كماله الحقيقي أو الإضافي شيئا فشيئا.

وهذا المعنى سار في جميع المعاني المتقدمة كما يظهر بأدنى تأمّل ، فالربّ إن كان مربيا أو مصلحا ومفيضا للظاهر والباطن من كل الجهات وفي جميع الأحوال ، فهو الرب على الإطلاق الذي هو المنعم الحقيقي أو من بعض الجهات دون بعض ، وذلك لا يكون إلا بعض وسائط الفيض ، فإن الله جعل لكل شيء سببا ، وأبى الله أن يجري الأمور إلا بأسبابها.

ولذا ورد : «من لم يشكر الناس لم يشكر الله» (٣).

لكنه لا بد من حفظ الحدود كي لا ينقلب الشكر شركا بمجرد التغيير ولو بالتقديم والتأخير.

كما في رواية العياشي عن الصادق عليه‌السلام في قوله : (وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلَّا

__________________

(١) بحار الأنوار : ج ١٠ / ١١٢ ، ح ١.

(٢) القيعة ـ بكسر القاف ـ المستوي من الأرض.

(٣) في البحار ج ٧١ / ٤٤ ، ح ٤٧ : «من لم يشكر المنعم من المخلوقين لم يشكر الله عز».

٣٥٢

وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (١) قال عليه‌السلام : «هو الرجل يقول : لو لا فلان لهلكت ، ولو لا فلان لأصابني (٢) كذا وكذا ، ولو لا فلان لضاع عيالي ، أترى أنه قد جعل لله شريكا في ملكه يرزقه ويدفع عنه».

قيل : فيقول : لولا أن منّ الله ، عليّ بفلان لهلكت.

قال عليه‌السلام : «نعم ، لا بأس بهذا» (٣).

فالرب من بعض الجهات من الوسائط لا المبدأ ، إذ لو كان من هذه الجهة ربا لذاته ومفيضا لا بواسطة غيره لكان ربا على الإطلاق بالذات من كل الجهات ، وهذا خلف ، وهذا معنى إطلاقه على العبيد حيث أطلق كقوله تعالى : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) (٤).

ولذا لا يطلق حينئذ إلا مضافا لأن المخلوق ليس ربا مطلقا بل واسطة لتربية بعض الأشياء من بعض الجهات في بعض الأحوال ، فأضيف إلى مرباه أو بعض جهاته الملابسة له لكفاية أدنى الملابسة في الإضافة.

ومنه يظهر أن المضاف المطلق على المخلوق غير المطلق على الخالق سواء أضيف حينئذ إلى العام نحو رب الناس ، ورب العالمين ، ورب كل شيء ، أو الخاصّ نحو ربي وربك وربه ، فإنّ المعنيين متغايران من دون جامع حقيقي بينهما وإن كان من حيث بعض الاعتبارات حسب ما هو المقرّر في سائر الأسماء المشتركة بحسب الظاهر بين الخلق والخالق كالعالم والقادر والحي وغيرها.

وأما مطلق المعرّف باللام فلا يطلق إلا على الله سبحانه كما صرّح به

__________________

(١) يوسف : ١٠٦.

(٢) في تفسير العياشي : ط طهران العلمية الإسلامية : «لأصبت كذا وكذا ...».

(٣) في تفسير العياشي : لو لا أن الله منّ عليّ بفلان لهلكت.

(٤) يوسف : ٤٢.

٣٥٣

الصدوق والفيروزآبادي (١) وغيرهما لما عرفت من أنّ المستفاد من لام الجنس أو الاستغراق كونه ربّا لكلّ شيء من كلّ وجه في كل حال ، وهذا لا يكون إلا الملك الحق جلّت عظمته.

وإن أمكن المناقشة في المعرف بلام الجنس فضلا من الدالّة على العهد كقولك في جواب من ربّ هذه الدار؟ : زيد الربّ ، إلّا أنّ الخطب فيه سهل ، لأن اللام عوض عن المضاف إليه ، والمعنى زيد رب الدار.

وأما المنوّن بتنوين التمكن فلا يستعمل كالمعرّف إلّا على الحق القيوم وبتنوين النكرة والعوض عن المضاف إليه يجوز إطلاقه على المخلوق.

أما الطرفان فلما مرّ ، وأما الوسط فانّ تنكيره يدلّ على انتشار الأفراد وتكثرها والأرباب المتكثرة لا يمكن كون كل واحد منها ربا مطلقا ومبدأ أوليا لجميع الفيوض.

فلا بد من حملها على الوسايط الجزئية للفيوض الجزئية أو على مجرد الدعوى الباطلة التي دليل بطلانها معها ، ولذا أبطل العبد الصالح يوسف بن يعقوب على نبينا وآله وعليهما‌السلام مقالتهم بقوله : (يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (٢) فإنهم إذا كانوا أربابا متكثّرين فلا يصلح شيء منهم للربوبية ، إذ الربّ من كان ربا حقا ومطلقا ، وتعدّدهم دليل على تقيّدهم فليس شيء منهم مطلقا في الربوبية ، وقد سمعت أنّ عدم مطلقيتهم فيها ملزوم لعدم حقيقتهم وتأصّلهم في الفيوض التي هي أمداد التربية ، ولذا عقبّه بقوله (ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ

__________________

(١) الفيروزآبادي : محمد بن يعقوب الشيرازي اللغوي ، توفي سنة (٨١٨) ه. ـ بغية الوعاة : ص ١١٧.

(٢) يوسف : ٣٩.

٣٥٤

الله إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ) (١).

وهذه مناقضة لطيفة لإبطال آراء المشركين وهو نظير الاستدلال للتوحيد بقوله عزّ من قائل : (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) (٢) وهو دليل رقيق لطيف جدّا على نوعي التوحيد بل أنواعه لمن تأمله.

ثم إنه يؤيّد ما ذكرناه من معنى الربوبية ، بل وإرجاع معانيها إلى ما سمعت ما رواه مولانا العسكري عليه وعلى ابنه الحجة وعلى آبائه آلاف الثناء والتحية في تفسيره.

وفي «الاحتجاج» أيضا عن السّجاد عليه‌السلام أنّ رجلا أتى أمير المؤمنين عليه‌السلام فقال : أخبرني عن قوله عزوجل : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ما تفسيره؟ فقال :

«الحمد لله هو أن عرّف الله عباده بعض نعمه عليهم جملا ، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل ، لأنّها أكثر من أن تحصى أن تعرف ، فقال لهم : قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا ربّ العالمين ، يعني مالك العالمين ، وهم الجماعات من كلّ المخلوق من الجمادات والحيوانات ، فأما الحيوانات فهو يقلّبها في قدرته ، ويغذّيها من رزقه ، ويحوطها بكنفه ، ويدبّر كلا منها بمصلحته.

وأمّا الجمادات فهو يمسكها بقدرته يمسك ما اتصل منها أن يتهافت ، ويمسك المتهافت منها أن يتلاصق ، ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه ، ويمسك الأرض أن تنخسف إلّا بأمره ، إنه بعباده رؤف رحيم.

قال عليه‌السلام : و (رَبِّ الْعالَمِينَ) مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق مقسوم ، وهو يأتي ابن آدم على أيّ سيرة سارها من

__________________

(١) يوسف : ٤٠.

(٢) سورة النحل : ٥١.

٣٥٥

الدنيا ليس تقوى متق بزائده ، ولا فجور فاجر بناقصه ، وبينه وبينه ستر (١) وهو طالبه ، ولو أن أحدكم يتربص (٢) رزقه لطلبه رزقه كما يطلبه الموت.

قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : «فقال الله لهم : قولوا الحمد لله على ما أنعم به علينا وذكرنا به من خير في كتب الأولين من قبل أن نكون».

ففي هذا إيجاب على محمد وآله محمد بما فضّله وفضّلهم وعلى شيعتهم أن يشكروه بما فضّلهم به على غيرهم.

وذلك أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لما بعث الله تعالى موسى بن عمران واصطفاه نجيا ، وفلق البحر فنجّى بني إسرائيل ، وأعطاه التوراة والألواح رأى مكانه من ربه عزوجل فقال : يا ربّ لقد أكرمتني بكرامة لم تكرم بها أحدا قبلي ، فقال الله عزوجل : يا موسى! أما علمت أن محمّدا أفضل عندي من جميع ملائكتي وجميع خلقي؟ قال موسى : يا ربّ فإن كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفضل عندك من جميع خلقك فهل في آل الأنبياء أكرم من آلي؟ قال الله عزوجل : يا موسى! أما علمت أن فضل آل محمد على جميع آل النبيين كفضل محمّد على جميع المرسلين؟ فقال : يا ربّ فإن كان آل محمد عندك كذلك ، فهل في صحابة الأنبياء أكرم من صحابتي؟ قال الله عزوجل : يا موسى! أما علمت أن فضل صحابة محمد على جميع صحابة المرسلين كفضل آل محمّد على جميع آل النبيين ، وكفضل محمّد على جميع المرسلين؟ فقال موسى : يا رب! فإن كان محمد وآله وصحبه كما وصفت فهل في أمم الأنبياء أفضل عندك من أمتي ظلّلت عليهم الغمام وأنزلت عليهم المنّ والسلوى وفلقت لهم البحر؟ فقال الله : يا موسى! أما علمت أنّ فضل أمّة محمد على جميع

__________________

(١) في التفسير : شبر.

(٢) في البحار : يفر من رزقه.

٣٥٦

الأمم كفضلي على جميع خلقي؟ قال موسى : يا ربّ ليتني كنت أراهم ، فأوحى الله إليه : يا موسى! إنّك لن تراهم فليس هذا أوان ظهورهم ، ولكن سوف تراهم في الجنة (١) جنات عدن والفردوس بحضرة محمّد في نعمتها يتقّلبون ، وفي خيراتها يتبجحون ، أفتحبّ أن أسمعك كلامهم؟ فقال : نعم يا إلهي قال : قم بين يدي واشدد مئزرك قيام العبد الذليل بين يدي السيد الملك الجليل.

ففعل ذلك موسى فنادى ربنا : يا أمة محمد! فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم وأرحام أمهاتهم : لبيك اللهم لبيك ، إنّ الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك لبيك.

قال : فجعل الله تلك الإجابة منهم شعار الحج ، ثم نادى ربنا عزوجل : يا أمّة محمد! إنّ قضائي عليكم ، إنّ رحمتي سبقت غضبي ، وعفوي سبق عقابي ، فقد استجبت لكم من قبل أن تدعوني وأعطيتكم من قبل أن تسألوني ، من لقيني منكم بشهادة أن إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله صادق في أقواله ، محقّ في أفعاله ، وأن علي بن أبي طالب أخوه ووصيه من بعده ووليه يلتزم طاعته كما يلتزم طاعة محمد وأنّ أولادهم المصطفين الأخيار المطهرين الميامين لعجائب (٢) آيات الله ، ودلائل حجج الله من بعدهما أولياؤه ، أدخله (٣) جنتي وإن كان ذنوبه مثل زبد البحر.

قال : فلمّا بعث الله نبينا محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : يا محمد! وما كنت بجانب الطور إذ نادينا أمتك بهذه الكرامة ، ثم قال عزوجل لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : قل الحمد لله رب العالمين على ما اختصصتنا به من هذه الفضيلة.

__________________

(١) في البحار : «سوف تراهم في الجنان جنات عدن».

(٢) في البحار : «بعجائب».

(٣) أدخلته جنّتى.

٣٥٧

وقال لأمته : قولوا أنتم : الحمد لله رب العالمين على ما اختصنا به من هذه الفضائل» (١).

تبصرة

ربما يقال : إن الربّ هو الاسم الأعظم نظرا إلى اختصاصه من بين الأسماء بجواز إطلاق مقلوبه على الله سبحانه ، إذ «البر» أيضا من أسماءه الحسنى (إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ) (٢).

وكأنه مع ملاحظة الاختلاف في التخفيف والتشديد أيضا بالنسبة إلى الحرفين.

بل ربما يحكى ذلك عن الخضر النبي على نبينا وآله وعليه‌السلام مؤيدا بإشراق أشعة أنوار التوحيد منه في البداية والنهاية كما في الآيتين (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٣) ، (وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى) (٤) ويجعله في الأولى إقرارا بالتوحيد بمنزلة لا إله إلا الله ، ولذا ذكر كلمتي الرحمن والرحيم في الفاتحة بعد هذا الاسم ، وفي البسملة بعد لفظة الجلالة تنبيها على أنه بمنزلته.

وبأنه أوقع في القرآن كثيرا حتى أنه لم يذكر بعد لفظة الجلالة شيء من الأسماء بكثرته (٥) وهو مذكور في أربع وتسعين من السور.

__________________

(١) تفسير الإمام العسكري عليه‌السلام : ص ١١ ـ ١٢. عيون الأخبار : ص ١٥٦ ـ ١٥٨ ، وعنهما بحار الأنوار : ج ٢٦ ، ص ٢٧٤ ـ ٢٧٧ ، ح ١٧.

(٢) الطور : ٢٨.

(٣) الأعراف : ١٧٢.

(٤) النجم : ٤٢.

(٥) هذا الاسم الشريف ذكر في القرآن (نحو ٩٦٩) مرة.

٣٥٨

وبأنه هو المذكور عند الأمر بالدعاء (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً) (١) (وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) (٢) وعند البشارة بالاستجابة كقوله : (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ) (٣) بعد تكرر الرب خمس مرات في الحوائج المسؤولة في الآيات المتقدمة.

وبأنه مختص من بين الأسماء بإضافته إلى أقسام المضمرات من الغائب والحاضر والمتكلم بأنواعها كقوله : (وَلْيَدْعُ رَبَّهُ) (٤) (وَأَذِنَتْ لِرَبِّها وَحُقَّتْ) (٥) (وَاعْبُدْ رَبَّكَ) (٦) (ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ) (٧) (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ) (٨) (إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ) (٩) (اللهُ رَبُّنا) (١٠) وإلى أنواع المظهرات من عمومها وخصوصها ك (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما) (١١) (فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) (١٢) ، (هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) (١٣) ، (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) (١٤) ، (رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ

__________________

(١) الأعراف : ٥٥.

(٢) غافر : ٦٦.

(٣) آل عمران : ١٩٥.

(٤) غافر : ٢٦.

(٥) الانشقاق : ٥.

(٦) الحجر : ٩٩.

(٧) الفجر : ٢٨.

(٨) يونس : ٣.

(٩) يوسف : ١٠٠.

(١٠) الشورى : ١٥.

(١١) مريم : ٦٥.

(١٢) الذاريات : ٢٣.

(١٣) المؤمنون : ١١٦.

(١٤) المعارج : ٤٠.

٣٥٩

وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ) (١) ، (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) (٢) ، و (بِرَبِّ النَّاسِ) (٣) ، و (بِرَبِّ الْفَلَقِ) (٤) و (رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ) (٥) و (رَبَّ هذَا الْبَيْتِ) (٦) ، (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) (٧).

وبالجملة فلعموم ربوبيته وظهور تربيته في جميع الأشياء أضيف إليها خصوصا كما سمعت وعموما كقوله : (رَبِّ الْعالَمِينَ) و (رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ) (٨) فهو منتهى مطلب الحاجات ، وعنده نيل الطلبات ، ومفتاح الكرامات ، ووسيلة العنايات.

ولذا توسل المتوسلون بل الأنبياء والمرسلون به سبحانه من جهة ظهوره وتجليه بشأن الربوبية الجامعة لجميع صفات الفعل بل الذات حسب ما تعرف إن شاء الله.

فدعاه أبونا آدم على نبينا وآله وعليه‌السلام لتوبته : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) (٩).

والنبي نوح عليه‌السلام بقوله (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَ) (١٠) ، و (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ) (١١).

__________________

(١) الرحمن : ١٧.

(٢) الشعراء : ٢٨.

(٣) الناس : ١.

(٤) الفلق : ١.

(٥) النمل : ٩١.

(٦) قريش : ٣.

(٧) سورة الرحمن.

(٨) الأنعام : ١٦٤.

(٩) الأعراف : ٢٣.

(١٠) نوح : ٢٨.

(١١) نوح : ٢٦.

٣٦٠