عليه العَتائرُ ، وأنشد :
كغَرِيٍ أَجْسَدتْ رَأْسَه |
فُرُعٌ بين رئاسٍ وحامِ |
ويقال : غَرَوْتُ السَّهْمَ وغرَيتُه بالواو والياء أَغْرُوه وأَغرِيه ، وَهو سَهْمٌ مَغرُوٌّ ومَغْريٌ.
وقال أَوْسُ بن حجَرٍ يَصِفُ نبَالاً :
لأَسْهمه غارٍ وبار ورَاصِفُ
ومن أمثالهم : أَنْزِلْنِي ولوْ بأَحد المَغْرُوَّيْن ، حكاه المُفضَّل أي بأَحد السَّهمين.
قال : وذلك أنَّ رَجلاً ركِب بعيراً صعْباً فَتَقَحَّمَ به فاستغاثَ بصاحبٍ له معه سهمان فقال : أَنْزِلْني ولو بأَحد الْمَغْرُوَّيْنِ.
ويقال : أُغرِيَ فلانٌ بفلانٍ إِغراءً وغَرَاةً : إذا أُولع به.
ومِثله : أُغرِم به فهو مُغْرًى به ومُغرَمٌ وَيقال : أَغريْتُ الكلبَ : إذا آسدْتَه وأَرَّشْتَه.
غور ـ غير : قال الليث : الغار نباتٌ طيِّبٌ الرَّائحة على الوَقود ، ومنه السُّوس.
وقال عِديُّ بنُ زيد :
رُبَّ نارٍ بِتُّ أَرْمُقها |
تَقْضمُ الهنْديَّ والغارَا |
وغارُ الفَمِ : نِطْعاه في الحَنَكَيْن ، والغارُ مغارةٌ في الجبَل كأنه سَرَبٌ ، والغارُ : لُغةٌ في الغيْرَة ، والغارُ : الجماعةُ من الناس.
أبو عبيد عن الأصمعي : فلانٌ شديدُ الغار على أَهْله ، من الغيرة ، قال : وأَغار فلانٌ أَهْلَه : إذا تزوَّج عليها ، والغارُ : الجمْعُ الكثير من الناس.
ويُرْوَى عن الأحنف بن قيس أنه قال في الزُّبَيْر ، مُنْصرَفه عن وقْعةِ الجَمل : ما أَصْنع به إن كان جمعَ بين غارَين من الناس ثم ترَكهم وذَهب.
وقال الأصمعيُّ يقال لفَم الإنسان وفرْجه : هما الغاران ، يقال : المرْء يَسعَى لغَاريْه ، والغار شجَر.
وفي حديث عمرَ أنه قال لرجلٍ أَتَاه بمنْبوذٍ وَجَده : (عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً) وذلك أنَّه اتَّهمه أَن يَكون صاحب المنبوذ حتى أَثنَى على المُلتقِط عَرِيفُه خيراً ، فقال عمر حينئذٍ : هو حرٌّ ووَلاؤُه لك.
قال أبو عبيد : قال الأصمعيُّ : وأَصْلُ هذا المثَل : أَنه كان غارٌ فيه ناسٌ فانهار عليهم ، أو قال : فأَتاهم فيه عدوٌّ فقتَلهم فيه فصار مثَلاً لكلِّ شيءٍ يُخافُ أَنْ يَأْتي منه شرٌّ ثمَّ صُغِّر الغار فقيل : غوَيْرٌ.
قال أبو عبيد : وأخبرني ابنُ الكلبيِ بغير هذا ، زَعم أنَ الغُوَيرَ ماءٌ لكلبٍ معروفٌ بناحية السَّمَاوَة ، وأَنّ هذا المثَل إنما تكلَّمتْ به الزَّباءُ لمَّا وَجَّهَت قصِيراً اللّخْميَّ بالْعِير إلى العراق ليَحْمل لها من بَزِّه ، وكان قَصيرٌ يطلبها بثأْر جَذيمةَ الأَبْرشِ فجَعل الأحمالَ صناديق فيها
الرِّجالُ مع السلاح ثمَّ عدَل عن الجادَّة وأَخَذ عَلَى الغُوَيْر فأَحسَّتْ بالشَّرِّ وقالت :
عسى الغُوَير أبْؤُساً ، عَلَى إضمار فِعْلٍ.
أَرادتْ عسى أَنْ يُحدِث الغوَيرُ أَبْؤُساً.
وأَمَّا الغارة فلها مَعْنيَان.
يقال : أغار الحَبلُ يُغيرُه إغارةً وغارةً إذا شَدَّ فَتْلُه. وحبلٌ مغارٌ : شديدُ الفتلِ وما أشدَّ غارتَه ، فالإغارة مصدرٌ حقيقيٌّ ، والغارةُ اسمٌ يقومُ مقام المصدرِ ، ومثلهُ أَعَرْتُه الشيء أُعيرُه إعارةً وعارَةً ، وأطعتُ الله إطاعةً وطاعةً.
والمعنى الثاني في الغَارَةِ أنه يقال : أغارَ الفرسُ إِغارةً وغارَةً ، وهو سُرْعة حُضرِه ، ويُقال للخيْلِ المُغيرَة : غَارَةٌ ، أي أنها ذاتُ غارةٍ ، أيْ ذاتُ عَدْوٍ شديد ، وكانت العرب تقول للخيْلِ إذا شُنَّتْ على حَيٍّ نازلينَ صباحاً وهم غارُّونَ : فِيحِي فَيَاج : أي اتَّسعِي وتفَرَّقي أيتُها الخيلُ لتُحِيطِي بالحَيِّ ، ثمّ قِيلَ لِلنَّهْبِ غارَة لإغارة الخيْلِ عَليها.
وقال امرؤ القيس :
وغارةُ سِرْحانٍ وتَقْرِيبُ تَتْفُلِ
والسِّرْحانُ : الذِّئْبُ ، وغارَتُه شِدّةُ عَدْوِه.
وقال الله جل وعزّ : (فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣)) [العاديات : ٣].
أبو عبيد عن أبي عبيدة : غارَني الرَّجُلُ ، يَغيرُني ويغورُني : إذا وَدَاكَ من الدِّيةِ ، والاسمُ الغِيرَةُ ، وجمعُها الغِيرُ.
وفي الحديث أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لرجل طلب القَوَد بوليّ له قُتل : «ألا الغِيَرَ تُريدُ».
قال أبو عبيد : قال الكسائي : الغِيَرُ : الدّيَةُ ، وجمعه أَغيارٌ.
وقال أبو عمرو : والغِيَرُ جمعُ غِيرَةٍ ، وهي الدِّيةُ.
وأنشد :
لنَجْدَعَنَّ بأيدينا أنوفَكُمو |
بني أمَيمةَ إن لم تقبلوا الغيَرَا |
قال أبو عبيد : وإنما سُمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً فيما نرى لأنه كان يجبُ القَوَدُ فغُيِّرَ القَوَدُ دِيةً ، فسمِّيَتِ الدِّيةُ غيراً ، وأصلُه منَ التّغييرِ.
الحرانيُّ عن ابن السكيت : غارَ فلانٌ أهلَهُ يَغيرُهم غياراً : إذا مارَهم ، وغارهُم الله بالخيرِ يغورُهم ويغِيرُهم.
قال الأصمعيُّ : وهي الغِيرة ، وأنشدنا قولَ الهذليِّ :
ماذا بغيرِ ابنتيْ رِبْعٍ عوِيلُهما |
لا ترْقُدانِ ولا بُؤسى لمَنْ رَقَدا |
وقال الحيانيُّ : غارهُم اللهُ بالمطَرِ يغورهم ويَغيرُهم إذا سقاهم ، ويقالُ : اللهم غِرنا بخير : أي أَغِثنا.
أبو عبيد عن الأصمعي : الغائرةُ : القائلة ،
وقد غوّر القومُ تغويراً : إذا قالوا من القائلة ، ويُقال : غَوِّرُوا بنا فقد أرْمَضتمُونا : أي انزِلوا وقتَ الهاجرة حتى نُبرِدَ ثمّ تروَّحوا.
قال ابن شميل : التَّغوِيرُ أن يسيرَ الرَّاكبُ إلى الزَّوال ثمّ ينزلَ.
شمرٌ عن ابن الأعرابي : المُغوِّرُ : النازِلُ نصف النهار هُنيهةً ثم يرحل.
وقال الليث : التَّغويرُ يكون نزُولاً للقائلة ويكون سيراً في ذلك الوقتِ ، والحُجَّة للنزُولِ.
قول الراعي :
ونحنُ إلى دُفُوفِ مُغَوِّرَاتٍ |
نَقِيسُ عَلَى الحصى نُطَفاً بَقينا |
وقال ذُو الرُّمة في التغويرِ فجعَلهُ سَيْراً :
برَاهُنّ تغوِيري إِذا الآلُ أرْفَلتْ |
به الشمسُ أُزْرَ الحزْوَراتِ العوانكِ |
قال : أرْفلَتْ : أيْ بلغتْ به الشمسُ أوْساطَ الحزْوَراتِ.
وقال الأصمعي : غارَ النهارُ إذا اشتَدّ حَرُّهُ.
قلتُ : والغائرةُ هي القائلةُ ، والتغوِيرُ كلُّه أُخذَ من هذا.
وقال ذو الرمة :
نزَلنا وقد غارَ النهارُ وأَوقَدَتْ |
علينا حَصى المَعزَاء شمسٌ تنالُها |
أي : من قُربِها كأنكَ تنالُها.
أبو العباس عن ابن الأعرابي : قال : الغَوْرَةُ : الشمس.
وقالت امرأةٌ من العرب لبنتٍ لها : هي تشفيني مِنَ الصَّوْرَة وتستُرُني من الغوْرة ، والصَّوْرَة : الحِكَّة.
وقال ابنُ بُزرج : غوّرَ النهارُ : أي : زالت الشمسُ.
وقال الأصمعي : يُقال : غار الرجُل يغور إذا سار في بلادِ الغَوْرِ ، وهكذا قال الكِسائي.
وأنشد قولَ جَرير :
يا أُمَّ طَلْحَةَ ما رأيْنا مِثْلكم |
في المُنْجِدين ولا بغَوْرِ الغائر |
وسُئل الكسائي عن قوله :
أغارَ لعَمْرِي في البلاد وأنجَدَا
فقال : ليسَ هذا من الغَوْر ، وإنما هو مِنْ أغارَ إذا أسرعَ ، وكذلك قال الأصمعيّ.
شمرٌ عن ابن الأعرابي : غارَ القومُ وأغارُوا : إذا أَخذوا نحو الغَوْرِ.
ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : العربُ تقول : ما أدْرِي أغارَ فلانٌ أمْ مار ، قال : أغارَ : أتَى الغَوْر ، ومارَ : أتى نجداً.
وقال ابنُ السكيت : قال الفراء : أغارَ لغةٌ بمعنى غارَ واحتَجّ ببيتِ الأعشى ، ويقال : غارتْ عينُه تغُور غؤُوراً وغَوْراً ، وغارَ الماءُ يَغورُ غوْراً وغؤوراً.
قال الله تعالى : (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] ، سمّاه بالمصدرِ ، كما يقالُ : ماءٌ سَكْبٌ وأُذُنٌ حشْرٌ ودِرْهم ضرْب : أي : ضُرِبَ ضرباً ، وغارَتِ الشمسُ فهي تغُورُ غؤوراً إذا سقطت في الغَوْر حينَ تغيبُ ، وغار على أهله يَغارُ غَيرَةً ، وامرأَةٌ غيُورٌ من نِسْوة غُيُر وامرأة غيْرَى من نِسْوة غيَارَى ، ورَجُلٌ غَيُور من قوم غُيُرٍ.
وقال غيره : رجل مِغوارٌ : كثير الغارات على أعدائِه ، وجمعُه مَغاوِيرُ.
وقال الليث : فرَس مُغارٌ : شديدُ المَفاصِلِ.
قلتُ : معناه : شدّةُ الأسْرِ كأنما فُتِل فَتْلاً ، والغوْرُ : تِهامةُ وما يلي الْيَمَنَ.
وقال الأصمعي : ما بين ذات عرق إلى البحر غوْر تهامة.
وقال الباهليُّ : كل ما انحدَرَ سيْلُه مَغربيّاً فهو غوْر.
وقال الليث : يقال : غارتِ الشمسُ غِياراً ، وأنشد :
فلمّا أَجَنّ الشمسَ عنِّي غيارُها
واسْتغارَ الجُرْحُ والقَرْح : إذا وَرِمَ.
وأنشد :
رَعَتْه أشْهراً وحلَا عليها |
فطارَ النِّيُّ فيها واستغارا |
قلتُ : معنى استغارَ في هذا البيت أي : اشتدّ وصلبَ ، يعني شَحْمَ النّاقةِ ولحْمَها إذا اكتنزَ كما يَسْتغيرُ الحبلُ إذا أُغيرَ أيْ : شُدّ فَتْلُه.
وقال بعضهم : استَغارَ شَحْمُ البعير : إذا دخلَ جَوْفَه ، والقوْلُ هو الأولُ ، ويقال : إنكَ غُرْتَ في غيرِ مغارٍ : معناه : طَلَبْتَ في غيرِ مطلَبٍ ، ورَجُل بعيدُ الغَوْرِ : إذا كانَ جيِّدَ الرأي قَعيرَهُ.
وغر : ابن السكيت : يقال : في صدره عليه وغرٌ ، ساكن الغين ، وقد أوغرت صدره ، أي : أوقدْته من الغيْظ وأحميته ، وأصله من وغرة القَيْظ ، وهي شِدّة حرِّه ، ويقال : سمعْتُ وغرَة الجيش أي : أصواتهم.
وأنشد :
كأن وغرَ قطاه وغرُ حادينا
قال الليث : الوَغْرُ : احتراقُ الغيظ ، يقال : وغِرَ صدرُه عليه يؤغَرُ ، وهو أَن يَحترِقَ القلب من شدّة الغيْظ ، وقدْ وغر صدْرُه وغَراً ، وأوغرَ صدْرَه عليه ، وكذلك أَرِيَ صدرُه عليه يأْرَى مِثلُ وغِرَ وغراً سَوَاءٌ.
قاله أبو زيد فيما روَى عنه أبو عبيد ، ويقال : وغرتِ الهاجرَةُ تَوغر وَغَراً : إذا رَمِضتْ ، واشتدّ حرها ولَقيتهُ في وغرة الهاجِرَة حينَ تتوسَّط العينُ السماءَ ، ويقال : نزلنا في وَغْرةِ القيْظِ على ماء كذا وكذا ، وأوْغرتُ الماءَ إيغاراً : إذا أحْرَقْته
حتى غلَا ، ومنه المَثَل السائر : كما كَرِهتِ الخنازير الحميمَ المُوغَر.
وقال الشاعر :
ولقدْ رأيتَ مكانهمْ فكرِهْتهم |
ككراهة الخِنزير للإيغار |
وقال ابن السكيت : الوَغيرة : اللّبَنُ وحدَه محضاً يُسخَّن حتى ينضَجَ وربما جُعِلَ فيه السمنُ ، يقال : أوْغرت اللّبنَ.
قال : وفي لُغة الكِلابيينَ : الإيغار : أن تُسَخِّن الرضافَ وتُحرقهَا ثم تُلقيها في الماءِ لتُسخِّنه.
وقال الليث : الوَغير : لحْمٌ يُشوى على الرَّمْضاء.
قال : ووغَّر العامل الخرَاج : إذا استوفاه.
وقال أبو سعيدٍ : أوْغرْت فلاناً إلى كذا : أي : ألجأتُه. وأنشد :
وتطاوَلَتْ بكَ هِمّةٌ محطوطةٌ |
قد أوْغرَتْك إلى صباً وهُجون |
أي : أَلجأَتْكَ إلى الصبا.
قال : واشْتِقاقُه من إيغار الخَراج ، وهو أن يُؤدِّي الرجلُ خرَاجه إلى السلطان الأكبر فِراراً من العمال ، يقال : أوْغرَ الرجل خراجه إذا فعل ذلك.
أبو عبيد عن الأصمعيِّ : الوغْر : الصَّوْتُ.
وقال ابن الفرج : قال الأصمعي : الوغرُ والوغم : الذحلُ.
قال : وقال بعضهم : ذهبَ وغَر صدْره ووغَم صدره : أي : ذهب ما فيه من الغلِّ والعداوة.
وقال اللحياني : وغِرَ عليه صدري يَوْغَرُ ويَغِرُ ووَعِرَ يَوْعَرُ ويعِرُ بالعين : أي : امتلأ غيظاً وحقداً.
روغ ـ ريغ : أبو عبيد عن اليزيديِّ : هذه رِيَاغَةُ بني فلانٍ ورِوَاغَتُهُمْ حيث يَصْطَرِعُون.
وقال الليث : الرَّوَّاغُ : الثعلب ، وهو أروَغُ من ثعلبٍ ، وطريقٌ رائغٌ مائلٌ ، وراغَ فلانٌ إلى فلانٍ : إذا مال إليه سراً.
ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (فَراغَ إِلى أَهْلِهِ فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ (٢٦)) [الذاريات : ٢٦].
وقال أيضاً : (فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (٩٣)) [الصافات : ٩٣] ، كل ذلك انحرافٌ في استخفاء ، ويقال : فلانٌ يُرِيغُ كذا وكذا ويُلِيصُهُ : أي : يديره ويطلبه ، وتقول للرجل يحُومُ حولك ما تُرِيغُ : أي : ما تطلب ، وفلانٌ يُديرني عن أمرٍ وأنا أُرِيغُهُ.
وقال دارة أبو سالم :
يُدِيروننيَ عن سالم وأُريغه |
وجلدة بين العين والأنف سالم |
ومنه قول عبيد : وقال عبيد بن الأبرص يردّ على امرىء القيس كلمته :
أتُوعِدُ أسرتي وتركت حجراً
يُرِيغُ سوادَ عَيْنَيْهِ الغُرابُ
أي : يطلبه لينتزعه فيأكله.
وفي الحديث : «إذا كَفى أحدكم خادمهُ حَرَّ طعامهِ فليُقعده معه وإلا فَلْيُرَوِّغْ له لُقمةً».
يقال : روَّغَ فلان طعامه ومَرَّغَهُ : إذا روَّاه دَسَماً ، وفلان يُراوغُ فلاناً : إذا كان يحيدُ عمَّا يُدِيره ويُحايصُه.
وقال شمرٌ : الرِّياغُ : الرَّهَج والغبار.
قال رؤبة يصف عَيْراً وأتْنَه :
[وإن](١)أثارتْ من رِياغٍ سَمْلَقاً |
تهْوِي حَوامِيها به مُدَقَّقَا |
قلت : وأحسب الموضع الذي يتمرَّغُ فيه الدوابُّ سمِّي مَرَاغاً من الرِّياغِ وهو الغُبار.
رغا : قال الليث : رَغَا البعير يَرْغُو رُغاء.
قال : والضَّبعُ ترغُو ، وسمعت رَوَاغِيَ الإبل : أي : رُغاءَها وأصواتها ، وأرْغَى فلانٌ بعيره : إذا فعل به فعلاً يَرْغُو منه ليسمع الحيُّ صوته فيدعوه إلى القِرَى ؛ وقد يُرْغِي صاحب الإبل إبله بالليل ليسمع ابن السبيل رُغاءَها فيميل إليها وأن الضيف إذا أرغى بعيره وجد فيها قِرىً.
وقال ابن فسوة يصف إبلاً :
طوال الذُّرى ما يلعنُ الضيفُ أهلها |
إذا هو أرْغَى وسطَها بعد ما يَسْرِي |
أي : يُرْغِي ناقته في ناحية هذه الإبل.
وأنشد ابن الأعرابي :
من البِيضِ تُرْغِينا سِقاطَ حديثها |
وتنكدُنا لَهْوَ الحديث الْمُمَتّعِ |
أي : تُطعمنا حديثاً قليلاً بمنزلة الرَّغوة.
وقال الليث : الارْتِغَاءُ : سحفُ الرَّغوة واحتِساؤُها ، ومن أمثالهم : هو يُسِرُّ حَسْواً في ارْتِغاءٍ ، يُضرب مثلاً لمن يظهرُ طلب القليل وهو يُسِرُّ أخذ الكثير.
ويقال : رَغَا اللَّبنُ وأرْغَى : إذا كثرت رغوته.
أبو عبيد عن الكسائي : هي رَغْوَةُ اللبن ورُغْوَةٌ ورِغْوَةٌ ورِغايةٌ وزاد غيرُهُ رُغايةً ، ولم نسمع رُغاوةً.
أبو زيد ، يقال للِرَّغْوَةِ رُغاوَى وجمعها رَغَاوَى ، رواه ابن نَجدة عنه.
ثعلب عن ابن الأعرابي ، قال : الرَّغْوَةُ : الضَّجْرةُ ، ويقال : رغَّاهُ : إذا أغضبه ، وغَرَّاه إذا أجبره.
غير : في حديث جَرير بن عبد الله ، أنه سمع النبي صلىاللهعليهوسلم يقول : «ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي ، يقدرون أن يُغَيِّرُوا فلا يُغَيِّرُون ، إلا أصابهم الله بعقاب».
__________________
(١) زيادة من «اللسان» (ريغ ـ ٥ / ٣٩٢) و «العين» (٤ / ٤٤٤).
قال الزجاج : معنى يغيِّرون ، أي : يدفعون ذلك المنكر بغيره من الحق ، وهو مشتق من غير ، يقال : مَرَرْت برجل غيرك ، أي ليس بِكَ.
قال الليث : غَيْرٌ يكون استثناء مثل قولك : هذا درهمٌ غَيْرَ دانق ، معناه : إلا دانقاً ويكون غَيْر اسماً تقول : مَرَرْتُ بِغَيْرِكَ ، وهذا غَيْرُكَ.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] ، خفضت غَيْرٌ لأنها نعتٌ للذين ، وهو غَيْرُ مصمودِ صمدهُ وإن كان فيه الألف واللام.
وقال أبو العباس : جعل الفراء الألف واللام فيها بمنزلة النَّكرة ويجوز أن يكون غَيْرٌ نعتاً للأسماء التي في قوله : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] ، وهي غير مصمودٍ : صمْدها أيضاً ، وهذا قول بعضهم ، والفراء يأبَى أن تكون غَيْرٌ نعتاً لغير الذين لأنها بمنزلة النكرة عنده.
وقال الأخفش : غَيْرٌ : بدلٌ.
قال ثعلب : وليس يمتنع ما قال ، ومعناه التكرير كأنه أراد : صِراط غيرِ المغضوب عليهم.
وقال الفراء : معنى غيرٍ معنى لا ، ولذلك رُدَّت عليها لا ، كما تقول : فلان غيرُ مُحْسنٍ ولا مُجْمِل ، قال : وإذا كانت غَيْرٌ بمعنى سِوًى لم يجز أن يُكرَّ عليها ، ألا ترى أنه لا يجوز أن تقول : عندي سِوى عبد الله ولا زيدٍ ، قال : وقد قال من لا يعرف العربية إن معنى غيرٍ هاهنا بمعنى سِوًى ، وإنَّ لا صلةٌ.
قلت : وهذا قول أبي عبيدة.
وقال أبو زيد : من نصب قوله (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) فهو قطعٌ.
وقال الزجاج : من نصب غَيْراً فهو على وجهين ، أحدهما : الحال ، والآخر : الاستثناء.
قلت : والمُغَيِّرُ : الذي يُغَيِّر على بعيره أداته ليُريحه ويخفِّف عنه.
وقال الأعشى :
واستُحِثَ المُغَيِّرون من القو |
م وكان النِّظاف ما في العزالي |
شمر عن ابن الأعرابي : يقال : غَيَّرَ فلان عن بعيره : إذا حطَّ عنه رحْلَه وأصلح من شأنه.
وقال القطامي :
إلا مُغَيِّرنا والمُسْتَقِي العَجِلُ
وتَغَيَّرَ فلان عن حاله فهو مُتَغَيِّر.
باب الغين واللام
[غ ل (وايء)]
غلا ـ غول ـ غيل ـ وغل ـ ولغ ـ لغا ـ لوغ ـ ليغ : مستعملات.
غلا : قال الليث : غَلَا السِّعْرُ غلاءً : مَمْدُودٌ ،
وغَلَا في الدِّين يغْلو غُلُوّاً : إذا جاوزَ الحدَّ ، وغلا بالسَّهْم يغْلو غُلُوّاً : إذا رمى به ، وقال الشماخُ :
كما سَطَعَ المرِّيخُ شَمَّرَهُ الغالي
قال : والمغالي بالسَّهم : الرَّافعُ يَدَهُ يُريدُ به أقصى الغايةِ ، قال : وكلُّ مرماةٍ من ذلك غَلْوَةٌ ، وأنشد :
منْ مائَةٍ زَلْخٍ بمرِّيخٍ غال
قال : والمِغْلَاةُ : سَهْمٌ يتخذ لمغالاة الغَلْوَةِ ويقال له المِغْلَى بِلا هَاءٍ ، قال : والفَرْسَخُ التَّامُّ خمسٌ وعِشْرُونَ غلوَةً ، والدَّابَّةُ تغلو في سَيْرِهَا غَلْواً وتغتلي بخفَّةِ قوائمها ، وأنشد :
فَهْيَ أَمَامَ الفَرْقَدَيْن تَغْتَلي
وتغالى النَّبْتُ أي : ارتفعَ وطَالَ.
وقال ذو الرمة :
مِمَّا تَغَالى منَ الْبُهْمَى ذَوائبُهُ |
بالصَّيْفِ وانْضَرَجَتْ عنه الأكاميمُ |
قال : وتغالى لحمُ الدَّابّةِ : إذا تَحَسَّرَ عند التَّضمير.
وقال لبيد :
فإذا تغالى لَحْمُها وتحسرتْ |
وتقَطَّعَتْ بعد الكلالِ خدامُها |
تغالى لحمها : أي : ارتفع وصارَ على رُؤوس العظام ، ويقال : غلتِ القِدرُ تغلي غَلياً وغلَياناً ، والغاليةُ : معروفةٌ ، يقال منها : تَغَلَّلتُ وتَغَلّفْتُ.
وقال الأصمعي : تغلَّيتُ من الغالية.
وقال أبو نصر : سألتُ الأصمعي هل يجوزُ تغلّلْتُ ، فقال : إن أردت أَنَّكَ أدْخَلْتَهُ في لحيتكَ أو شاربكَ فجائِز.
وقال الفراء : غالَيْتُ اللحم وغاليت باللحم : جائزٌ ، وأنشد :
تُغالي اللَّحْم للأضياف نِيئاً |
وتبذله إذا نَضِجَ القُدُورُ |
المعنى : تُغالي باللحم.
وقال أبو مالك : نُغالي اللَّحْم : نشتريه غالياً ، ثم نَبذُلُهُ ونُطعمهُ إذا نَضجَ ما في قُدُورنا.
وقال أبو زيد : أراد نُغالي باللحم فحذف الباءَ ، قال : ويقال : لعبْتُ الكعابَ ، ولعبتُ بالكعابِ.
وقال أبو عبيد : الغُلَواء ممدودٌ : سرعةُ الشبابِ ، وأنشد قوله :
لم تلتفتْ لِلدَاتها |
ومضتْ على غُلَوائها |
وقال ابن السكيت في قول الشاعر :
خمصانةٌ قلِقٌ مُوشَّحُها |
رُؤْدُ الشبابِ غلابها عظمُ |
هذا مثل قول ابن الرُّقيات : لم تلتفت لِلداتِها وكما قال :
كالغُصْن في غُلوائهِ المتأَوِّدِ
وقال غيره : الغالي : اللحمُ السَّمينُ ، أُخِذَ
منه قوله : غلابها عظمٌ : إذا سَمِنَتْ.
وقال أبو وجزة :
تَوَسَّطها غالٍ عتيقٌ وَزانها |
مُعرَّسُ مَهْرِي به الذَّيل يلمعُ |
أي : توسطها شحمٌ عتيقٌ في سنامها ، والغَلْوَى : الغاليةُ في قول عديِّ بن زيد :
ينفحُ مِنْ أردانها المسكُ والعن |
بَرُ والغلوى ولبني قفُوص |
ويقال : غاليتُ صدَاقَ المرأةِ أي أغليتُهُ ومنه قول عمر : ألا لا تُغالُوا صُدُق النساءِ، وقال بعضهم : غَلوتُ في الأمر غلانيةً : إذا جاوزت فيه الحدَّ ، زادوا فيه النُّون ، ويقال للشيء إذا ارتفع وزَادَ : قد غَلا.
وقال ذو الرُّمَّة :
فما زال يغلو حبُّ مَيَّةَ عندنا |
ويزدَادُ حتّى لم نَجد ما نَزيدها |
غول ـ غيل : قال ابن شميل : يقال ما أبعدَ غَوْلَ هذه الأرضِ : أي ما أبعد ذَرْعها ، وإنَّها لَبعيدةُ الغولِ وقد تغوَّلتِ الأرضُ بفلانٍ : أي : أهلكتهُ وضللته ، وقد غالتهم تلك الأرضُ : إذا هلكُوا ، واغتالتهم مِثله ، وقال ذو الرُّمة :
وَرُبَّ مفازةٍ قُذُف جموحٍ |
تغولُ منحِّبَ القَربِ اغتِيالا |
وقال الأصمعي : هذه أرضٌ تغتالُ المشي : أي لا يستبين فيها المشيُ من بعدها وَسَعتها ، وقال العجاجُ :
وَبلدةٍ بعيدةِ النِّياط |
مجهُولةٍ تغتالُ خَطو الخاطي |
وقال الليث : الغَولُ : بعدُ المفازةِ ، وَذلك أنها تغتالُ سير القوم.
وقال الأصمعي : يقال للصَّقر وغيره لا يغتاله الشبع أي : لا يذهبُ بقوَّتهِ شبعُه ، وقال زهير :
مِن مَرقَبٍ في ذُرى خلقاءَ راسيةٍ |
حُجْن المخالبِ لا يغتاله الشِّبَعُ |
أراد صقراً حُجْناً مخالبُه ، ثم أدخلَ عليه الألف واللام وأقامها مقام الكنايةِ ، ويقال : تغوَّلتِ المرأةُ إذا تلوَّنتْ ، وقال ذو الرمة :
إذا ذاتُ أَهْوالِ نَكُولٌ تغوَّلَتْ |
بها الرُّبْدُ فوْضَى والنَّعَامُ السَّوارحُ |
ويقال : غالتْه غولٌ : إذا وَقع في هَلَكة ، وغاله الموت : أَهْلكه ، والغُوْلُ : المَنيَّة.
وقال الشاعر :
ما مِيتَة إن متُّها غيرَ عاجز |
بعار إذا ما غَالت النّفسَ غُولُها |
وأنشد أبو زيدٍ :
عنِينَا وأَغنَانا غنانَا وغالَنا |
مَآكِلُ عمَّا عندَكم وَمَشاربُ |
قال : غالَنا : حَبَسَنا ، يُقال : ما غالَكَ
عنّا : أي : ما حَبَسَكَ عنا.
وفي الحديث : «لا عَدْوَى وَلا هامةَ ولا غُولَ».
كانت العربُ تقول : إنَ الغيلانَ في الفَلَوات تراءَى لِلنَّاسِ وتَتَغَوَّلُ تَغَوُّلاً : أي : تَتَلَوَّنُ ألواناً ، وتضلُّ الناسَ عن طرقهمْ وتهلكُهمْ ، وَتَزْعُمُ أنَّها مردةُ الجِنِّ والشَّياطِين ، وذَكرُوا ذَلكَ في أشعارِهمْ فَأَكْثُروا ، فأَبْطَلَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم ما قالوا ؛ ولم يحقق ما تواطَأُوا عليه ونفى جميعَ ما ذكرُوه ، وقولهُ الحقُّ وما قالوه باطلٌ ، والعرب تسمِّي الْحيَّات أَغْوالاً.
ومنه قول امرىءِ القيس :
ومَسْنونةٌ زُرْقٌ كأَنيابِ أغْوالِ
أراد كأنياب الحياتِ ، وقيل : أرادَ بالأغوالِ مردةَ الشَّياطينِ.
ثعلب عن ابن الأعرابيِّ : غال الشيءُ زَيداً : إذا ذهب بهِ يَغُولُه غوْلاً ، والغَولُ : كلُّ شيءٍ ذهبَ بالعقلِ.
وقال أبو عبيد : الْمِغْوَلُ سوطٌ في جوفهِ سيفٌ.
وقال غيره : سمِّي مِغْولاً لأنَّ صاحبهُ يغتالُ به عَدُوَّه من حيثُ لا يحتسبهُ : أي : يهلكهُ ، وجمعهُ : مغَاوِلُ ، والغوْلانُ : ضربٌ من الحمضِ معروفٌ ، والمُغاولةُ : المبادرةُ.
وفي الحديث : «إني كنتُ أغاولُ حاجةً لي» أي : أبادرها.
وقال جرير :
عاينتُ مشعلةَ الرِّعال كأنها |
طيرٌ تغاول في شمام وُكورا |
وقال شمر : قال ابن شميلٍ : الغُول : شيطانٌ يأكل الناس.
وقال غيره : كل ما اغْتالَكَ من جِنِّيٍّ أو شيطان أو سُبعٍ فهو غُولٌ.
وذكرت الغِيلانُ عند عمر فقال : إذا رآها أحدكم فليؤذِّن فإنه لا يتحوَّل شيءٌ عن خَلْقِهِ الذي خُلق له ، ولكن لهم سحرة كسحرتكم ، ويكتب في عهدة المماليك : لا داءَ ولا خِبْثَةَ ولا غائلة ولا تغييبَ.
قال ابن شميل : يكتُبُ الرجل العهود فيقول : أبيعُك على أنه ليس لك داءٌ ولا تغييبٌ ولا غائلةٌ ولا خِبْثَةٌ.
قال : والتَّغْيِيبُ : أن لا يَبيعه ضالة ولا لُقطةً ولا مُزَغْزَغاً.
قال : وباعني مُغَيَّباً من المال ، أي : ما زال يخبؤُه ويُغيِّبه حتى رماني به ، أي باعَنِيهِ ، قال : والخِبْثَةُ : الضالة أو السرقة ، والغائلة : المُغَيِّبَة أو المسروقة.
وقال غيره : الدّاء العيب الباطن الذي لم يُطْلع البائعُ المشتري عليه ، والْخِبثة في الرقيق ألا يكون طيِّب الأصل كأنه حُرُّ الأصل لا يحل مِلْكُه لأمانٍ سبق له أو حرِّية ثبتت فيه ، والغائِلَةُ : أن يكون
مسروقاً ، فإذا استُحق غالَ مالَ مُشتريه الذي أدَّاه فيه ثمناً له.
أبو عُبيد : الغَوائِلُ : الدَّواهي ، وهي الدَّغاولُ.
شمر عن ابن الأعرابي : فلاةٌ تَغَوَّلُ : أي : ليست بِبَيِّنة الطُّرق فهي تضلِّل أهلها ، وتغَوَّلها : اشتباهها وتلونها.
قال : والغَوْلُ : بُعد الأرض ، وأغوالُها : أطرافها ، وإنما سُمِّي غَوْلاً لأنها تغُولُ السائلة أي : تقذف بهم وتُسقطهم وتبعدهم.
وقال الأصمعي وغيره : قتل فلان فلاناً غِيلَةً ، أي : في اغتيالٍ وخفيةٍ ، وقيل : هو أن يُخدع الإنسانُ حتى يصير إلى مكان قد استخفى له فيه من يقتله ، قال ذلك أبو عبيد.
وقال ابن السكيت : يقال : غَالَه يغُولُه إذا اغْتالُه ، وكل ما أهلك الإنسان فهو غُولٌ ، والغضبُ غُولُ الحلم ، أي : يغتالهُ ويذهب به.
وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «لقد هممت أن أنهى عن الغِيلَةِ ثم ذكرت أن فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضرُّهم».
قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة واليزيدي : الغِيلَةُ هي الغَيْلُ ، وذلك أن يجامع الرجل المرأة وهي مرضع ، وقد أَغَالَ الرجل ولده وأغْيَلَهُ ، والولد مُغالٌ ومُغْيَلٌ.
وقال ابن السكيت : الغَيْلُ : أن ترضع المرأة ولدها وهي حاملٌ.
وقالت أم تأبط شراً تُؤَبِّنُه بعد موته : والله ما أرضعته غَيْلاً.
قال : والغَيْلُ أيضاً : الساعد الرَّيان المُمتلىءُ ، وأنشد :
لكاعبٌ مائلةٌ في العطفين |
بيضاءُ ذات ساعدين غَيْلَيْن |
وقال أبو عبيد : قال اليزيدي في الغَيْلِ مثل ما قال ابن السكيت قال : والغَيلُ أيضاً : الماءُ الذي يجري على وجه الأرض ، والغَيْل : الشجر الملتفُّ ، ونحو ذلك. قال ابن الأعرابي وجاء في الحديث : «ما سُقِي بالغَيلِ ففيهِ العُشْرُ».
وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : الغَيْلُ ما جَرى من المياهِ في الأنهار ، وهو الفتحُ ، وأما الغلَلُ فهو الماء يجري بين الشجر.
وقال ابن الأعرابي : الغوائلُ : خروقٌ في الحوض واحدتها غائلة ، وأنشد :
وإذا الذَّنُوبُ أحيلَ في مُتَثلَّمَ |
شَربتْ غَوائلُ ماءَهُ وهزُومُ |
وقال أبو عبيد في قول الأعشى :
وسِيق إليهِ الباقِرُ الغُيُلُ
قال : الغُيُلُ : هي الكثيرة ، قلت : ويكون بمعنى السِّمانِ.
وغل : قال ابن الأعرابي وغيره : الواغلُ
الدَّاخلُ عَلَى القومِ في شرابهمْ من غيرِ دَعْوَةٍ.
وقال الليث : هو الدَّاخلُ عَليهمْ في طَعَامِهمْ.
وقال ابن السكيت : الوَغْلُ : الشراب الذي يشربه الواغِلُ ، وأنشد :
إن أكُ مِسْكيراً فلا أشربُ |
الوغل ولا يَسلَمُ مني البَعيرْ |
وقد وَغَلَ الواغِلُ يَغِلُ : إذا دَخلَ عَلَى قومٍ شَرْبٍ لم يَدعوهُ.
والوَغلُ : الرَّجلُ الضعيفُ وجمعه أوْغالٌ ، وأوغلَ القوم : إذا أمْعَنُوا في سَيْرِهم دَاخلين بين ظَهْرَانِي الشعابِ أو في أرْض العدُوِّ ، وكذلك تَوَغَّلُوا وتَغلغلُوا.
وفي الحديث : «إِن هذا الدين مَتِينٌ فَأَوْغلْ فيه برفقٍ».
قال أبو عبيد : قال الأصمعي : الإيغال : السيرُ الشديدُ ، والإمْعانُ فيه.
وقال الأعشى :
يقطع الأمْعَزَ المكوكبَ وخْداً |
بِنواجٍ سريعةِ الإيغالِ |
قال : وأما الوُغُولُ فإنه الدُّخولُ في الشيء وإن لم يُبعدْ فيه ، وكل دَاخلٍ فهو واغلٌ.
يقال : منه وغَلتُ أغِلُ وغولاً ووَغْلاً.
وقال أبو زيد : وغلَ في البلادِ وأوغلَ بمعنى واحدٍ إِذا ذَهَبَ فيها.
لغا : قال الليث : اللُّغةُ واللغاتُ واللُّغِين : اختلافُ الكلامِ في معنى واحِدٍ.
ويقال : لغَا يَلْغو لَغواً ، وهو اخْتلاطُ الكلامِ ولَغَا يَلْغا لُغةٌ.
وفي الحديث : «من قال يوم الجُمعةِ والإمامُ يخطبُ لِصاحِبهِ صَهْ فقد لَغَا» ، أي : تكلَّمَ. وقال الله : (وَإِذا مَرُّوا بِاللَّغْوِ) [الفرقان : ٧٢] ؛ أي : مَرُّوا بالباطِلُ.
ويقال : ألْغيْتُ هذِه الكلمةَ أي : رأيتها باطِلاً وَفَضْلاً ، وكذلكَ ما يُلغَى من الحسابِ.
وفي حديث سَلمانَ : «إياكُمْ ومَلْغاةَ أولِ اللَّيلِ» يريدُ اللغو ، وقال الله : (لا تَسْمَعُ فِيها لاغِيَةً) (١١) [الغاشية : ١١] ، أي : كلمةً قَبيحةً أو فاحِشةً.
قال قتادَةُ : أي : باطِلاً ومَأثماً.
وقال مجاهدٌ : شَتْماً.
وقال غيرهما : اللَّاغيةُ واللَّوَاغي بمعنى اللغوِ مثلُ راغيةِ الإبل ورواغيها بمعنى رُغائها ، واللَّغْو واللَّغا واللغْوَى : ما كان من الكلام غير معقودٍ عليه.
وقال ابن شميل في قوله : «من تكلّم يوم الجمعة والإمام يَخطبُ فقد لغَا» أي : خَابَ.
قال : وألغيْتُه أي : خَيَّبتهُ. رواهُ أبو داودَ عنه.
وقالت عائشةُ في قولِ الله : (لا يُؤاخِذُكُمُ
اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) [البقرة : ٢٢٥] ، هو قول الرجل لَا واللهِ وَبَلَى واللهِ.
قال الفراء : كأنَّ قول عائشةَ أَنَ اللَّغوَ ما يجري في الكلامِ عَلَى غيرِ عَقْدٍ.
قال : وهو أشْبَهُ ما قيل فيهِ بِكلامِ العرَبِ.
وقال غيره : لَغَا فلانٌ عن الصَّوابِ أي : مالَ عنهُ.
أبو عبيد عن الكسائيِّ : لَغِي فلانٌ بالماء يَلْغَى به : إذا أكثر منه ، ولَغيَ فلانٌ بفُلانٍ يَلْغى : إذا أُولعَ به.
وقال ابن السكيت : لَغْوَى الطير أصواتها ، وقال الراعي :
قوارِبُ الماء لَغْوَاها مبيِّنةٌ |
في لُجَّةِ اللَّيْل لَمَّا راعها الْفَزَعُ |
وقال أبو سعيد : إذا أردت أن تنْتفِع بالأعراب فاسْتَلْغِهمْ : أي : اسْمع من لُغاتِهم من غير مسألةٍ ، ويقال : إن فَرَسَكَ لَمُلاغي الْجَرْي : إذا كان جَرْيُهُ غيْرَ جَرْيِ جِدِّ. وأنشد أبو عمرو لطلْقِ بن عَدِيّ :
جَدَّ فَمَا يَلْهُو ولا يُلاغى
وقال الأصمعي : ألغَاهُ من العدد وألقاهُ بمعْنى واحد.
وروي عن ابن عباس : أنه ألْغَى طلاق الْمُكْرهِ
: أي : أبْطَلُه ، وقال الشاعر :
إذا اسْتَلغَاني الْقَوْمُ في السُّرى |
بَرِمْتُ فألْغَوْني بِسِرِّك أعْجَمَا |
اسْتَلغَوْني : أرادوني على اللَّغْو.
وقال الأصمعي : ذلك الشيء لك لَغْواً ولَغاً ولَغْوَى ، وهو الشيءُ الذي لا يُعْتَدُّ به ، قلت : واللُّغةُ من الأسماءِ الناقصة وأَصْلُها لُغْوَةٌ من لَغَا إذا تكلَّم.
وقال ابن الأعرابي : لَغَا يَلغُو : إذا حَلف بِيمينٍ بِلا اعتقادٍ.
لوغ ـ ليغ : لاغ يلُوغ لَوْغاً : إذا لزم الشيء.
أبو عبيد عن أبي عمر : والألْيَغُ الذي لا يُبيِّنُ الكلام وامرأةٌ لَيْغَاءُ.
وقال الليث : الألْيَغُ الذي يرجع لِسَانُهُ إلى الياء.
ثعلب عن ابن الأعرابي : رَجلٌ ألْيَغُ وامرأةٌ لَيْغَاء إذا كانَا أحْمَقين ، واللّيَغُ : الْحُمْقُ الْجَيِّدُ.
ولغ : قال الليث : الْوَلْغُ : شُربُ السِّباع بألْسِنتها وبعض العرب يقول : يالَغُ : أرادوا بيَان الواو فجعلوا مكانها ألِفاً.
وقال ابن الرُّقيات :
ما مرَّ يومٌ إلا وعِنْدَهما |
لَحمُ رجالٍ أو يالغَانِ دَمَا |
ورجلٌ مُسْتَوْلغٌ : لا يُبَالي ذمّاً ولا عاراً.
وقال اللحياني : يقال : وَلَغَ الكلبُ ووَلِغَ يَلِغُ في اللغتينِ معاً.
ثعلبٌ عن ابن الأعرابي : لاغَ يَلُوغُ لَوْغاً : إذا لَزِمَ الشيءَ.
أبو عبيد عن الأموي : الْوَلْغَةُ : الدلْوُ الصغيرة ، وأنشدنا :
شَرُّ الدِّلاء الْوَلْغَةُ الْمُلازِمَة |
وَالْبَكرَاتُ شَرُّهُنَّ الصَّائمة |
يعني : التي لا تدور.
باب الغين والنون
غ ن
(وايء) غني ـ غين ـ نغي ـ وغن : مستعملة.
غين : قال الليث : الْغينُ : حرفٌ ، والْغَينُ :
شجرٌ مُلتفٌّ ، وأنشد :
أمطَرَ في أكْتاف غَيْنٍ مُغْينِ
قلت : أراد بالْغيْنِ السَّحاب ، وهو الْغيمُ.
قال ابن السكيت وغيره : الْغيْمُ والْعينُ السَّحابُ ، وأنشد قوله :
كأنِّي بين خافيَتَيْ عُقاب |
أصابَ حمامةً في يَوْم غَينِ |
أي : في يَوْم غيْمٍ ، وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «إنه لَيُغَانُ على قَلبِي حتى أستغفِر الله».
قال أبو عبيدٍ : قال أبو عبيدةَ : يَعْنِي أنه يَتَغَشَّى الْقلبَ ما يُلبِسُهُ ، وكذلك كل شيء تغشى شيئاً حتى يُلبِسَه فقد غينَ عليْهِ ، ويقال : غِينَتِ السماءُ غَيْناً ، وَهُوَ إطباقُ الغيْمِ السماءَ.
وقال الفراء : شَجرةٌ غيْنَاءُ : كثيرةُ الورق مُلتفَّةُ الأغصانِ ، وأَشجارٌ غِينٌ ، وأنشد :
لَعِرْضٌ من الأَعْراضِ يُمْسِي حمامُهُ |
وَيُضْحي عَلَى أفنانِهِ الغينِ يَهْتِفُ |
وقال أبو العميثل : الْغَيْنَةُ : الأشجارُ المُلْتَفَّةُ في الجبال وفي السهل بلا ماءٍ ، فإذا كانت بماءٍ فهي غَيضَةٌ.
أبو عبيد عن الفراء : غانت نفسهُ تَغِينُ وَرَانت تَرينُ إذا غَثَتْ ، والْغِينَةُ : ما سال من الْجِيفَةِ.
غني : قال الليث : الْغنَى في المال مَقْصورٌ ، واستغنى الرجُلُ : أصاب غِنى ، والْغُنْيَةُ : اسمٌ من الاستغناء عن الشيء.
وفي الحديث : «ليس مِنَّا من لم يَتَغَنَ بِالقُرْآنِ».
قال أبو عبيد : كان سُفيان بن عُيَيْنةَ يقول : معناه : ليس مِنَّا من لم يَسْتَغنِ بهِ ، ولم يذهب به إلى الصَّوتِ.
قال أبو عبيد : وهذا كلام جائزٌ فاشٍ في كلام العرب ، يقولون : تَغَنَّيْتُ تغنِّياً وتَغانَيتُ تغانياً بمعنى استغنيتُ.
وقال الأعشى :
وكنتُ امرأً زمناً بالعرا |
ق في عفيف المناخِ طويل التَّغَنّ |
يريد : الاستغناء.
وأما الحديث الآخر : «ما أذِن الله لشيء كأذَنِهِ لنبيٍ يتغنَّى بالقرآن» فإِن عبد الملك أخبرني عن الرَّبيع عن الشافعي أنه قال :
معناه : تحزينُ القراءة وترقيقها.
ومما يحقِّق ذلك الحديث الآخر : «زيِّنُوا القرآن بأصواتكم» ، ونحو ذلك قال أبو عبيد.
وقال أبو العباس : الذي حصَّلناه من حُفاظ اللغة في قوله صلىاللهعليهوسلم : «كأذنه لنبيٍ يتغنى بالقرآن» أنه على معنَيين ، على الاستغناء ، وعلى التطريب ، قلت : فمن ذهب به إلى الاستغناء فهو من الغنى مقصورٌ ، ومن ذهب به إلى التطريب فهو من الغناء الصوت ممدود ، يقال : غنَّى فلان يُغَنِّي أُغْنِية وتَغنَّى بأغنيةٍ حسنة ، وجمعها : الأغانِيُ ، وأما الغَنَاءُ بفتح الغين والمدِّ فهو الإجزاء والكفاية ، يقال : رجلٌ مُغْنٍ ، أي مجزىءٌ كافٍ ، يقال : أغْنَيْتُ عنك مَغْنَى فلان ومغْنَاته ومُغني فلان ومُغْناته أجزأْتُ عنك مُجزأَهُ ومُجزأَتهُ.
وسمعت رجلاً من فصحاء العرب يُبَكِّتُ خادماً له ويقول له : أغْنِ عني وجهك بل شَرَكَ بمعنى اكفني شرَّك وكُفَّ عنِّي شرَّك.
ومنه قول الله جلَّ وعزَّ : (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ (٣٧)) [عبس : ٣٧] ، يقول : يكفيه شُغُلُ نفسه عن شُغلِ غيره.
الليث : رجل غان عن كذا ، أي : مُسْتَغْنٍ عنه ، وقد غَنِيَ عنه ، ورجلٌ غَنِيٌ : ذو وفرٍ.
وقال طرفة :
وإن كنت عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
ويقال : غَنِيَ القوم في دارِهِم : إذا طال مقامهم فيها.
وقال الله عزوجل : (كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا) [الأعراف : ٩٢] ، أي : لم يُقيموا فيها.
أبو عبيد عن أبي عبيدة : المغَاني : المنازِلُ التي يَقْطنها أهلها ، واحِدُها مغنًى.
وقال الليث : يقال للشيء إذا فني كأن لم يغن بالأمس أي : كأَنْ لم يكن.
قال : والغانيةُ : الشَّابَّةُ المتزوجةُ ، وجَمعُها غَوانٍ ، وهي التي غَنِيتْ بالزوَّجِ ، سلمة عن الفراء قال : الأَغناءُ : إمْلاكَاتُ العَرائسِ.
قال أبو منصور : أراد بها التزويج ، قال : والإنغاء : كلام الصبيان.
وقال ابن الأعرابي : الغنَى : التَّزْويجُ ، والعرب تقول : الغنَى : حِصْنٌ للعزَبِ ، أي : التّزْويجُ.
وقال أبو عبيدة : الغَوَانِي : ذَواتُ الأزْوَاجِ ، وأنشد :
أزمان لَيلى كعابٌ غير غانية
وأنشد لجميل :
وأحببت لما أن غنيت الغَوَانِيا
وقال ابن السكيت عن عمارةَ : الغواني : الشّوابُّ اللّواتي يعْجِبْنَ الرّجال ويعْجِبهُنَّ الشبان.
وقال غيره : الغانِيةُ : الجارية الحسناء ذات زوجٍ كانت أو غير ذات زوجٍ ، سمِّيت
غانيةً لأنها غَنِيَتْ بحُسنها عن الزينة.
وقال ابن شميل : كل امرأةٍ غانيةٌ ، وجمعها الغَواني.
وقال أبو عبيدة : أغْنَى الله الرجل حتى غَنِي غِنًى ، أي : صار له مالٌ وأقْناه الله حتى قَنِيَ قِنًى وهو أن يصير له قُنيةٌ من المال.
قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنى وَأَقْنى (٤٨)) [النجم : ٤٨] ، ورملُ الغَنَاءَ ممدودٌ مفتوحُ الأول ومنه قول ذي الرمة يذكره :
تنطَّقْن من رمل الغَنَاءِ وعُلِّقَتْ |
بأعناق أُدمانِ الظِّبَاءِ القلائدُ |
أي : اتَّخذن من رمل الغناء إعجازاً كالكُثبان وكأن أعناقهن أعناق الظِّباء.
نغي : قال الليث : المُنَاغاةُ : تكليمُك الصبيَّ بما يهوى من الكلام ، نَغَيتُ إلى فلانٍ نَغْيَةً ونَغَى إليَّ أُخرى : إذا ألقيت إليه كلمة وألقى إليك أخرى.
سلمة عن الفراء قال : الإنغاءُ : كلام الصبيان.
أبو عبيد عن الكسائي : سمعتُ منه نَغْيَةً ، وهو الكلام الحسن.
وقال أحمد بن يحيى : مُناغاةُ الصبيِّ : أن يصير بحذاء الشمس فَيُنَاغِيهَا كما يُناغِي الصبيُّ أمَّهُ ، ويقال لِلْمَوْج إذا ارتفع : كاد يُناغِي السحاب.
وقال الشاعر :
كأَنَّك بالمُباركِ بعد شهرٍ |
يُناغي موجهُ غُرَّ السحابِ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : أنْغَى : إذا تكلم بكلامٍ لا يُفهم ، وأنْغَى أيضاً : إذا تكلم أيضاً بكلامٍ يفهم ، ويقال : نَغَوْتُ أنغُو ، ونَغَيتُ أَنْغِي ، قال : وأنْغَى وناغَى : إذا تكلم صبياً بكلامٍ لطيفٍ مليحٍ.
عمرو عن أبيه قال : النَّغْوَةُ والمَغْوَةُ : النَّغْمَة ، يقال : نَغوْتُ ونَغيْتُ نَغْوَةً ونَغْيَةً ، وكذلك مَغوْتُ ومَغيْتُ.
وغن : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : التّوَغُّنُ : الإقدام في الحرب ، والوَغْنَةُ : الحُبُّ الواسع ، والتَّغوُّنُ : الإصرار على المعاصي.
باب الغين والفاء
غ ف
(وايء) وغف ـ غاف ـ غيف ـ فغا ـ غفا ـ (أغفى) ـ فوغ.
وغف : قال الليث : الوَغْفُ : سرعة العَدْوِ.
وأنشد :
وأَوْغفَتْ شَوَارِعاً وأَوْغفَا
وقال أبو عمرو : وأَوْغفَتَ المرأة إيغافاً : إذا ارتهزت عند الجماع تحت الرجل.
وأنشد :
لمَّا دَجاها بِمِتَلٍّ كالصقب |
وأوْغفَتْ لذاك إيغافَ الكلب |
|
قالت لقد أصبحت قرْماً ذا وطب |
لما يديم الحُبَّ منه في القلب |
ثعلب عن ابن الأعرابي : أوْغَفَ : إذا سار سيراً مُتعباً ، وأوْغَفَ : إذا عمش ، وأَوْغَفَ : إذا أكل من الطعام ما يكفيه.
أبو عبيد عن أبي عمر : الوَغْفُ : ضعف البصر.
غيف ـ غاف : قال الليث : يقال : أغفْتُ الشجرة فَغافت ، وهي تَغِيفُ : إذا تَغَيَّفَتْ بأغصانها يميناً وشمالاً ، وشجرةٌ غيْفاءُ ، والأغْيَفُ كالأغيَدِ إلا أنه في غير نعاسٍ. وأنشد :
[وهَدَبٌ](١)أغيَفُ غيْفانيّ
أبو عبيد عن الأصمعي : مَرَّ البعيرُ يَتَغيَّفُ ، ولم يفسِّره ، فقال شمر : معناه : يُسرع.
وقال أبو الهيثم فيما قرأت بخطه : التَّغَيُّفُ أن يتثنى ويتمايل في شِقَّيه من سعة الخَطْوِ ولين السير ، كما قال العجاج :
يكادُ يَرمي الفاترَ المُغَلَّفَا |
منه أجاريٌّ إذا تَغَيَّفَا |
أبو عبيد : غيَّفَ : إذا فَرَّ وعَرَّدَ.
وقال القُطامي :
وحَسَبْتُنا نزعُ الكتيبة غُدوةً |
فَيُغيِّفُونَ ونرجِعُ السَّرعانا |
الليث : الغافُ : يَنْبُوتٌ عظامٌ كالشجر يكون بِعُمان ، الواحدة : غافةٌ.
وقال أبو عمرو : الغَيَفَانُ : مرحٌ في السَّير.
وقال المُفَضَّل : تَغَيَّفَ إذا اختال في مشيته وهو الغيفان.
أبو زيد : الغافُ من العِضاهِ ، الواحدة غافةٌ ، وهي شجرةٌ نحو القرظِ شاكة حجازية تنبتُ في القِفاف.
فغا : في الحديث : «سيِّدُ ريحانِ أهل الجنة الفاغيَةُ».
قال الأصمعي : الفاغيَةُ : نَوْرُ الحِنَّاءِ ، قال : وكلُّ نورٍ فاغيَةٌ.
وسُئلَ الحسن عن السَّلفِ في الزعفران فقال : إذا أَفْغَى ، يُرِيد إذا نَوَّرَ.
وقال الليث : الفاغِيَةُ : نور الحِنَّاء ودُهنٌ مَفْغُوٌّ ، وأَفْغَتِ الشَّجَرةُ إذا أخرجت فاغِيتَها.
سلمة عن الفراء : هو الفَغْوُ والفاغيَةُ لنور الحِنَّاء.
وقال ابن الأعرابي : الفاغيَةُ أحسن الرّياحين وأطيبُها رائحة.
__________________
(١) زيادة من «اللسان» (غيف ـ ١٠ / ١٥٩).
وقال شمر : الفَغْوُ : نورٌ ، والفَغْوُ : رائحةٌ طيبةٌ.
وقال الأسود بن يعفر :
سُلافةُ الدَّنِّ مرفوعاً نصائبُهُ |
مُقَلَّدَ الفَغْو والرَّيانِ مَلْثُوما |
وقال الليث : الفَغَا ضربٌ من التَّمر.
وقال إسحاق بن الفرج : سمعت شُجَاعاً وحَتْرشاً يقولان : هذه كلمة فاغية فينا ، أي : فاشية.
قلت : هذا خطأ ، والغَفَا داءٌ يقع على البُسر مثل الغبار ، ويقال : ما الذي أفغاكَ أي : أغضبكَ وأورمكَ.
وأنشد ابن السكيت فيه :
وصارَ أمثالَ الفَغا ضرائري |
مخرنطمات عسر عواسري |
أبو عبيد عن الأصمعي : إذا غَلُظت التَّمرةُ وصار فيها مثل أجنحة الجراد فذلك الفَغَا مقصورٌ ، وقد أفْغَت النَّخلة.
قلت : والإغفاء في الرُّطب مثل الإفْغاء سواء.
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : أفْغى الرجل : إذا افتقر بعد غنًى ، وأفْغى : إذا سمُجَ بعد حُسن ، وأفْغى : إذا عصى بعد طاعةٍ ، وأفْغى : إذا دام على أكل الفَغَا ، وهو المُتَغَيِّرُ من البُسر.
وقال أبو عبيد : الفَغْوَاءُ : اسم رجل.
فوغ : أبو عبيد عن الأصمعي : وجَدْتُ فَوْغةَ الطِّيب.
وقال شمر : يقال : فَوْغَةٌ وَفَوْعَةً : قال : وفَوْغةٌ من الفاغِيَةِ.
قلت : كأنه مقلوبٌ عنده.
وروى ثعلب عن ابن الأعرابي : الفائِغةُ : الرائحة المُخَشِّمَةُ من الطِّيب وغيرها.
غفا : يقال : أغْفي الرجلُ وغيره : إذا نام نومةً خفيفةً.
وفي الحديث : «فَغَفَوْتُ غفْوَةً».
واللغةُ الجيدة : أَغْفَيْت إغفاءَةً ، وغفَا : قليلٌ في كلامهم.
أبو عبيد عن الفراء : في الطعام مِمَّا لا خير فيه قَصَلٌ وزُؤَانٌ وغَفَا منقوصٌ ، قال : وكل هذا مما يُخرَج منه فيُرمى به.
ثعلب عن ابن الأعرابي : في الطعام حَصَلُه وغفاؤُه ممدودٌ وفَغاهُ مقصورٌ وحُثالتُه ، كله الرَّديءُ الذي يرمي به.
عمرو عن أبيه : أغفى الرجل نام على الغفا ، وهو التِّبن في بَيْدَرِه ، وأفْغى : إذا أكل الفَغا ، وهو البُسر المُتَترِّب.
وقال أبو العباس : الغفا : الرَّديء من كل شيء ، من الناس والمأكول والمشروبِ والمركوب ، وأنشد :
إذا فِئَةٌ قُدِّمَت لِلقتا |
لِ فرَّ الغَفَا وصَلِينَا بها |
باب الغين والباء
غ ب (وايء)
غبي ـ وغب ـ وبغ ـ بغي ـ بيغ ـ غيب : مستعملة.
غبي : قال الليث : غَبِيَ فلانٌ غَباوَةً فهو غَبِيٌ : إذا لمْ يَفْطُنْ للخِبِّ ونحوه.
وقال الأصمعيُّ يقال : غَبِيَ عَلَيَّ ذاك الأمرُ : إذا لم يَفطن له ، والغَباوَةُ : المصدَر ، يقال : فلانٌ ذُو غباوَة ، وفلانٌ غبيٌ عن ذلك الأمر : إذا كان لا يَفطُنُ له.
ويقال : ادخُلْ في الناس فهو أَغْبَى لك : أي أَخفَى لك.
ويقال : دَفَنَ فلانٌ لي مُغَبَّاةً ثم حَمَلني عليها وذلك إذا أَلْقاكَ في مَكْرٍ أَخفاهُ.
ويقال : غبِّ شَعْرَك : أي : اسْتأْصِله ، وقد غبَّى شَعره تَغبيةً.
وقال غيرُه : الغَبْيَةُ : الدَّفعةُ من المطَر.
وقال امرؤ القيس :
وغبْيَةُ شُؤْبُوبٍ من الشَّدِّ مُلْهَبِ
وهي الدُّفْعةُ من الحُضْر ، شَبَّهَها بدُفعة المطر ، وغبْيَةُ التُّراب : ما سطع منه.
قال الأعشى :
إذا حالَ مِن دونها غبْيَةٌ |
من التُّرْب فانْجَال سِرْبالها |
وحَكى الأصمعيُّ عن بعض العرَب أنه قال : الحُمَّى في أُصُول النخل ، وشَرُّ الغَبَيات غبْيَةُ النَّبْل ، وشَرُّ النساءِ السُّوَيْداءُ المِمْرَاضُ ، وشَرٌّ منها الحُمَيْرَاءُ المِحْيَاض.
أبو عبيد عن الكسائي : غبَّيْتُ البئْرَ : إذا غطَّيْتَ رأسَها ثم جَعلْتَ فوقها تراباً.
وقال أبو سعيد : وذلك التراب هو الغِبَاءُ.
وقال الفرَّاء : غبِيتُ الشيءَ أَغبَاه ، وقد غَبِيَ عَلَيَّ ، مِثلُه إذا لم تَعرِفه ، وفي فلان غبْوَة وغَبَاوَةٌ.
وغب : قال الليث : الوَغْبُ : الجملُ الضخْمُ ، وأنشد :
أَجَزْتُ حِضْنَيْهِ هِبَلًّا وَغْبا
وقد وَغُبَ وُغوبةً قال : وأَوْغابُ البيوت أَسْقاطُها.
أبو عبيد عن الأصمعي : الوغْبُ والوَغدُ كلاهما الضعيفُ ، وأنشد :
ولا بِبِرْشامِ الوِخام وَغبِ
وقال أبو عمرو : أوغابُ البيت : البُرْمةُ والرَّحَيان والعُمُدُ الواحد وَغْبٌ.
بغي ـ بيغ : قال الليث : البَغْيُ في عَدْوِ الفَرس : اخْتِيالٌ ومَرَحٌ ، وإنَّه ليَبْغِي في عَدْوِه ، ولا يقال : فرَسٌ باغ.
وقال اللحياني : بَغَيْتَ على أَخيك بَغْياً : أي حسدْتَه بغياً.
وقال الله جلَّ وعزّ : (ثُمَ بُغِيَ عَلَيْهِ
لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ)(١) [الحج : ٦٠].
وقال : (وَالَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنْتَصِرُونَ (٣٩)) [الشورى : ٣٩].
فالبغْيُ أصلُه الحَسَد ، ثم سُمِّي الظلمُ بَغياً لأنَّ الحاسد يَظلم المَحْسود جهدَه إراغةَ زوَالِ نعمةِ اللهِ عليه عنه.
وقال جلَّ وعزّ : (يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ) [التوبة : ٤٧] ، يقولون : يَبْغونَ لَكم الفِتنة.
وقال كعب بنُ زهير :
إذا ما نَتَجْنَا أَرْبَعاً عامَ كفْأَةٍ |
بَغاها خَنَاسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبعا |
أي : بَغَى لها خَنَاسِيرَ وهي الدَّواهِي ، ومعنى بَغا هاهُنا : طَلَب.
وقال الأصمعي : يقال : ابْغِني كذا وكذا أي : اطلبه لِي ، ومعنى ابْغِني وابغ لي سواءٌ فإِذا قال أَبْغني كذا وكذا فمعناهُ أَعِنِّي عَلَى بُغائه واطلبْه معي.
أبو عبيد عن الكسائي : أَبْغيتُكَ الشيءَ إذا أَرَدتَ أنكَ أَعَنْتَهُ على طلبه ، فإِذا أردت أنَّكَ فعلْتَ ذلك له قلتَ بَغيَتُكَ ، وكذلك أَعْكَمْتُكَ وأحْمَلْتُك : إذا أَعَنْتَه ، وعكَمتُك العِكْمُ : أي : فعلتُه لك.
وقال الأصمعيُّ : بَغت المرأة وهي تبغي بِغاءً : إذا فَجَرَتْ.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ) [النور : ٣٣] ، والبِغاء : الفُجور.
وقال الله جلَّ وعزَّ : (وَما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا) [مريم : ٢٨] ، أي : ما كانت فاجِرَةً ، وامرأةٌ بَغِيٌ ، وباغت المرأةُ تُباغي بِغاءً : إذا زَنت ، وهذا كله من كلام العرب.
وقال الأصمعيُّ : بَغى الرَّجلُ حاجَتَه أو ضالَّتَهُ يَبْغيها بُغاءً وبُغيةً وبُغَايةً إذا طلبها.
قال أبو ذُؤَيب :
بُغايةً إنما يَبْغِي الصِّحابَ من الْ |
فِتْيَانِ في مِثله الشُّمُّ الأَناجِيحُ |
وفلانٌ ذُو بُغايةٍ للكَسب : إذا كان يَبغِي ذلك ، وارتَدَّتْ عَلَى فلانٍ بُغيتُه : أي : طَلِبَتُه ، وذلك إن لم يجِدْ ما طَلَب ، والرَّجل يَبغِي على صاحبه بَغْياً.
قال : ويقال : بَغَى الجُرحُ وهو يَبغي بَغياً : إذا تَرامَى إلى فساد.
ويقال : دَفَعنَا بَغْيَ السماءِ خلفنا : أي : شِدَّتَها ومُعظمَ مطرِها.
ويقال : قامتِ البَغايا على رُؤُوسهم يعني الإماءَ ، وَالواحدةُ : بَغيٌ.
وقال الأعشى يَمدح رَجُلاً :
والبَغَايا يَركضنَ أكْسِيَةَ الإضْرِ |
يجِ والشَّرْعَبِيَّ ذَا الأَذْيالِ |
__________________
(١) في المطبوع : «ومن (بُغِيَ) عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللهُ».