مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

وفيه ضمير المخاطب ، فإن جعلت في موضعه «ضاربه» أظهرت الضمير فقلت : الذي ضاربه أنت زيد. وكذلك الصفة والحال في قولك : مررت برجل تضربه ، ومررت بزيد تضربه ، إن جلعت في موضع «تضربه» اسم فاعل لم يكن بدّ من إظهار الضمير من الصفة والحال كما ظهر من الخبر والصلة ، فهذا معنى قولي لك : إذا جرى اسم الفاعل على غير من هو له ، خبرا أو صفة أو حالا أو صلة ، لم يكن بدّ من إظهار الضمير ، ويجوز ذلك في الفعل ، ولا يظهر الضمير ، فافهم (١).

١٧٥٦ ـ قوله تعالى : (وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) ـ ٥٣ ـ في موضع نصب عطف على (غَيْرَ ناظِرِينَ) ، أو في موضع خفض على العطف على (ناظِرِينَ).

١٧٥٧ ـ قوله تعالى : (وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا) ـ ٥٣ ـ [«أَنْ»] في موضع رفع اسم (كانَ) ، وكذلك : (وَلا أَنْ تَنْكِحُوا) عطف عليها.

١٧٥٨ ـ قوله تعالى : (فِيها إِلَّا قَلِيلاً) ـ ٦٠ ـ حال من المضمر المرفوع في (يُجاوِرُونَكَ) ، أي : لا يجاورونك إلّا في حال قلتهم وذلتهم. وقيل : هو نعت لمصدر محذوف أو لظرف محذوف ، تقديره : إلّا جوارا قليلا أو وقتا قليلا.

١٧٥٩ ـ قوله تعالى : (مَلْعُونِينَ) ـ ٦١ ـ حال أيضا من المضمر في (يُجاوِرُونَكَ). وقيل : هو نصب على الذم والشتم.

١٧٦٠ ـ قوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ) ـ ٦٢ ـ نصب على المصدر ؛ أي سنّ الله تعالى ذلك سنّة ، فيمن أرجف بالأنبياء ونافق (٢).

١٧٦١ ـ قوله تعالى : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ـ ٧٣ ـ أي : لم يزل كذلك. و (رَحِيماً) حال من المضمر في (غَفُوراً) ، وهو العامل فيه ، أي : يغفر في حال رحمته. ويجوز أن يكون نعتا لغفور ، وأن يكون خبرا بعد خبر.

__________________

(١) في سائر النسخ : «فافهمه».

(٢) في الأصل : «ونافق عليهم».

٥٤١

مشكل إعراب سورة

«سبأ»

١٧٦٢ ـ قوله تعالى : (يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ) ـ ٢ ـ (يَعْلَمُ) حال من اسم الله ، جلّ ذكره. ويجوز أن يكون مستأنفا.

١٧٦٣ ـ قوله تعالى : (يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ) ـ ٧ ـ العامل في (إِذا) فعل دلّ عليه الكلام ، تقديره : ينبئكم بالبعث أو بالحياة أو بالنشور إذا مزقتم.

وأجاز بعضهم أن يكون العامل في «إِذا» «مُزِّقْتُمْ» ، وليس بجيّد ، لأن (إِذا) مضافة إلى ما بعدها من الجمل والأفعال ، ولا يعمل المضاف إليه في المضاف ، لأنه كبعضه ، كما لا يعمل بعض الاسم في بعض. ولا يجوز أن يكون العامل (يُنَبِّئُكُمْ) لأنّه ليس يخبرهم ذلك الوقت ، فليس المعنى عليه.

١٧٦٤ ـ قوله تعالى : (يا جِبالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ) ـ ١٠ ـ من نصب (الطَّيْرَ) عطفه على موضع «الجبال» ، لأنها في موضع نصب بمعنى النداء ، وهو قوله سيبويه (١). وقيل : هي مفعول معه. وقال أبو عمرو : هو منصوب بإضمار فعل تقديره : وسخّرنا له الطير. وقال الكسائيّ : تقديره : وآتيناه الطير ، كأنه معطوف على «فضل». وقد قرأه (٢) الأعرج : (وَالطَّيْرَ)

__________________

(١) الكتاب ، لسيبويه ٣٠٤/١ ـ ٣٠٥.

(٢) انفرد ابن مهران عن هبة اللّه بن جعفر عن أصحابه عن روح برفع الراء من «وَالطَّيْرَ» ، وهي رواية زيد عن يعقوب ، ووردت عن عاصم وأبي عمرو. النشر ٣٣٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٦٦/١٤.

٥٤٢

بالرفع ، عطفه على لفظ الجبال ، [على تقدير : يا أيها الجبال ويا أيها الطير أوبي معه ، أي سبحي معه](١). وقيل : هو معطوف على المضمر المرفوع في (أَوِّبِي) ، وحسن ذلك لأن (مَعَهُ) قد فصلت بينهما ، فقامت مقام التأكيد (٢).

١٧٦٥ ـ قوله تعالى : (أَنِ اعْمَلْ) ـ ١١ ـ (أَنِ) تفسير ، لا موضع لها من الإعراب ، [بمعنى أي]. وقيل : هي في موضع نصب على حذف الخافض ، تقديره : لأن اعمل ، أي : وألنّا له الحديد لهذا الأمر.

١٧٦٦ ـ قوله تعالى : (غُدُوُّها شَهْرٌ) ـ ١٢ ـ ابتداء وخبر تقديره : مسير غدوّها [مسيرة] شهر ، وكذلك (٣) : رواحها شهر. وإنما احتيج إلى ذلك لأنّ الغدو والرواح ليسا (٤) بالشهر ، إنما يكونان فيه.

١٧٦٧ ـ قوله تعالى : (وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ) ـ ١٢ ـ (مِنَ) في موضع رفع على الابتداء ، وما قبلها الخبر. وقيل : (مِنَ) في موضع نصب على العطف على معمول «سخرنا» ، أي : وسخّرنا له من الجنّ من يعمل.

١٧٦٨ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ يَزِغْ) ـ ١٢ ـ (مِنَ) رفع الابتداء ، وهي شرط ، اسم تام ، و (نُذِقْهُ) الجواب ، وهو خبر الابتداء (٥).

١٧٦٩ ـ قوله تعالى : (مِنْسَأَتَهُ) ـ ١٤ ـ من قرأه (٦) بألف ، فأصل الألف همزة مفتوحة ، لكن أتى البدل في هذا ، والقياس أن تجعل الهمزة

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) البيان ٢٧٥/٢ ؛ وقد رجح قراءة النصب ، وانظر : العكبري ١٠٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٦٦/١٤.

(٣) في الأصل : «وكذلك مسير رواحها».

(٤) في الأصل : «ليستا».

(٥) في الأصل : «ابتداء».

(٦) قرأ نافع ، وأبو جعفر ، وأبو عمرو «منساته» بالألف ساكنة ، بدلا من الهمزة ، والبدل مسموع على غير قياس. وقرأ ابن ذكوان بهمزة ساكنة. التيسير ص ١٨٠ ؛ والنشر ٣٣٥/٢ ؛ والكشف ٢٠٣/٢.

٥٤٣

بين الهمزة والألف في التخفيف ، وهذا أتى على البدل من الهمزة ، ولا يقاس عليه ، والهمز هو الأصل.

١٧٧٠ ـ قوله تعالى : (تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كانُوا) ـ ١٤ ـ (أَنْ) في موضع رفع بدل من (الْجِنُّ) والتقدير : تبيّن الإنس أنّ الجنّ لو كانوا يعلمون. وقيل : هي في موضع نصب على حذف اللام : لأن.

١٧٧١ ـ قوله تعالى : (آيَةٌ جَنَّتانِ) ـ ١٥ ـ (جَنَّتانِ) بدل من (آيَةٌ) ، وهي اسم (كانَ). ويجوز أن ترفع (جَنَّتانِ) على إضمار مبتدأ ، أي : هي جنتان ، وتكون الجملة في موضع نصب على التفسير.

١٧٧٢ ـ قوله تعالى : «في مساكنهم» (١) ـ ١٥ ـ من قرأ (٢) بالتوحيد وفتح الكاف جعله مصدرا فلم يجمعه ، وأتى [به] على القياس ؛ لأنّ «فعل يفعل» قياس مصدره أن يأتي بالفتح ، نحو : المقعد ، والمدخل ، والمخرج. وقيل : هو اسم مفرد للمكان يؤدّي عن الجمع. ومن كسر الكاف جعله اسما للمكان ، كالمسجد. وقيل : هو أيضا مصدر خرج عن الأصل ، كالمطلع (٣).

١٧٧٣ ـ قوله تعالى : (بَلْدَةٌ) ـ ١٥ ـ رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هذه (٤) بلدة. وكذلك : (وَرَبٌّ غَفُورٌ) ، أي وهذا رب غفور.

١٧٧٤ ـ قوله تعالى : (ذلِكَ جَزَيْناهُمْ) ـ ١٧ ـ (ذلِكَ) في موضع نصب ب (جَزَيْناهُمْ).

١٧٧٥ ـ قوله تعالى : (ذَواتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ) ـ ١٦ ـ من (٥) أضاف

__________________

(١) في المصحف «مسكنهم» بالتوحيد.

(٢) قرأ بذلك حمزة ، والكسائي ، وخلف ، وحفص ، وكسر الكاف الكسائي وخلف ، وفتحها حمزة وحفص ، كما قرأ باقي العشرة بالجمع «مساكنهم». التيسير ص ١٨٠ ؛ والنشر ٣٣٥/٢.

(٣) الكشف ٢٠٤/٢ ؛ والبيان ٢٧٧/٢.

(٤) في الأصل : «هي».

(٥) وهي قراءة يعقوب وأبي عمرو ؛ قرءا بالإضافة من غير تنوين ، وقرأ الباقون ـ

٥٤٤

«الأكل» إلى «الخمط» جعل الأكل هو الثمر ، والخمط شجر ، فأضاف الثمر إلى شجره ، كما تقول : هذا ثمر نخل وعنب كرم. وقيل : لمّا لم يحسن أن يكون [الخمط نعتا للأكل ، لأن الخمط اسم (١) شجر بعينها ، ولم يحسن أن يكون] بدلا ؛ لأنّه ليس هو الأول ؛ ولا [هو] بعضه ، وكان الجنى والثمر من الشجر ، أضيف على تقدير «من» ، كقولك : هذا ثوب خز. فإمّا من نوّنه فإنه جعل «الخمط» عطف بيان على «الأكل» ، فبيّن أنّ الأكل لهذا الشجر الذي هو «الخمط» ، إذ لم يمكن أن يكون وصفا ، ولا بدلا ، فبيّن به أكل أي شجر هو (٢).

١٧٧٦ ـ [قوله تعالى : (لَيالِيَ وَأَيَّاماً) ـ ١٨ ـ هما ظرفان للسير. و «الليالي» جمع ليلة ، وهو على غير قياس ، كان أصل واحده «ليلات» ، فجمع على غير لفظ واحده ، مثلك ملاقح جمع ملقحة ، ولم تستعمل ملقحة ، وكذلك : «مشابه» جمع مشبهة ؛ ولم يستعمل].

١٧٧٧ ـ قوله تعالى : (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ) ـ ٢٠ ـ من خفف (٣) «صدق» نصب (ظَنَّهُ) انتصاب الظرف ، أي : صدق في ظنّه. ويجوز على الاتساع أن تنصبه انتصاب المفعول به. وقيل : هو مصدر. فأمّا من شدّد (صَدَّقَ) فظنّه مفعول لصدّق [والتقدير : ولقد صدّق ظنّ إبليس](٤). ومن قرأ بتخفيف «صدق» ونصب (إِبْلِيسُ) ورفع «الظن» ، جعل الظن فاعلا ل (صَدَّقَ) ، ونصب (إِبْلِيسُ) لأنّه مفعول به ب (صَدَّقَ) ، والتقدير : ولقد صدق ظنّ إبليس إبليس ، كما تقول : ضرب زيدا غلامه ،

__________________

ـ بالتنوين. التيسير ص ١٨٠ ؛ والنشر ٣٣٦/٢.

(١) في(ح) : «أصل».

(٢) الكشف ٢٠٥/٢ ؛ والبيان ٢٧٨/٢ ؛ والعكبري ١٠٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٨٦/١٤.

(٣) قراءة الكوفيين بتشديد الدال ، وقرأ الباقون بالتخفيف. التيسير ص ١٨١ ؛ والنشر ٣٣٦/٢ ؛ والكشف ٢٠٧/٢.

(٤) زيادة من نسخة(ح).

٥٤٥

أي : ضرب غلام زيد زيدا. ومن خفف ورفعهما جميعا ، جعل «ظنّه» بدلا من (إِبْلِيسُ) ، وهو بدل الاشتمال (١).

١٧٧٨ ـ قوله تعالى : (ما ذا قالَ رَبُّكُمْ) ـ ٢٣ ـ (ما) في موضع نصب بقوله : (قالَ) ، و (ذا) زائدة ، ودليل ذلك قوله تعالى : (قالُوا الْحَقَ) فنصب الجواب ب (قالَ) ؛ وكذلك يجب أن يكون السؤال. ويجوز في الكلام رفع (الْحَقَّ) على أن تكون (ما) استفهاما في موضع رفع على الابتداء ، و «ذا» بمعنى الذي خبره ، وفي (قالَ) هاء محذوفة ، تقديره : أيّ شيء الذي قاله ربّكم؟ فيرفع الجواب ، إذ السؤال مرفوع ، وقد مضى لهذا نظائر.

١٧٧٩ ـ قوله تعالى : (وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ) ـ ٢٤ ـ هو عطف على اسم «إنّ» ، ويكون (لَعَلى هُدىً) خبرا للثاني وهو (إِيَّاكُمْ) ، وخبر الأول محذوف لدلالة الثاني عليه ؛ هذا اختيار المبرّد (٢). وسيبويه (٣) يرى أن (لَعَلى هُدىً) خبر للأول ، وخبر الثاني محذوف لدلالة الأول عليه. ولو عطفت (أَوْ إِيَّاكُمْ) على موضع اسم «إنّ» في الكلام ، لقلت : أو أنتم ، ويكون (لَعَلى هُدىً) خبرا للثاني لا غير ، وخبر الأول محذوف ، ولا اختلاف في هذا ؛ لأنّ العطف على موضع اسم «إنّ» لا يكون إلا بعد مضي الخبر ، ولا بدّ من إضمار [خبر] الأول قبل المعطوف ، ليعطف على الموضع بعد إتيان [الخبر في اللفظ](٤).

١٧٨٠ ـ قوله تعالى : (إِلَّا كَافَّةً) ـ ٢٨ ـ حال ، ومعناه : جامعا للناس.

١٧٨١ ـ قوله تعالى : (قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ) ـ ٣٠ ـ أضاف «الميعاد» إلى «اليوم» على السعة. ويجوز في الكلام : ميعاد يوم ، منوّنين مرفوعين ،

__________________

(١) البيان ٢٧٩/٢ ؛ والعكبري ١٠٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٩٢/١٤.

(٢) المقتضب ٢٦١/١.

(٣) الكتاب لسيبويه ٣٨٠/١.

(٤) انظر : البيان ٢٨٠/٢ ؛ والإنصاف ١٠٧/١ ؛ والعكبري ١٠٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٩٨/١٤.

٥٤٦

يبدل الثاني من الأول ، وهو هو ، على تقدير : وقت ميعاد يوم. و (مِيعادُ) ابتداء ، [و (لَكُمْ) الخبر]. ويجوز أن تنصب «يوما» على الظرف ، وتكون الهاء في (عَنْهُ) تعود على الظرف ، فإن جعلتها تعود على «الميعاد» أضفت «يوما» إلى ما بعده ، فقلت : يوم لا تستأخرون عنه. ولا يجوز إضافة (يَوْمٍ) إلى ما بعده إذا جعلت الهاء ل «اليوم» ؛ لأنّك تضيف الشيء إلى نفسه ، وهو «اليوم» [تضيفه] إلى جملة فيها هاء هي اليوم ، فتكون قد أضفت «اليوم» إلى الهاء وهو هي.

١٧٨٢ ـ قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْتُمْ) ـ ٣١ ـ لا يجوز عند المبرّد غير هذا ، تأتي بضمير مرفوع ، كما كان المظهر مرفوعا. وأجاز سيبويه «لولاكم» والمضمر في موضع خفض بضدّ ما كان المظهر ، ومنعه المبرد (١).

١٧٨٣ ـ قوله تعالى : (عِنْدَنا زُلْفى) ـ ٣٧ ـ (زُلْفى) في موضع نصب على المصدر ، كأنّه قال : «إزلافا» ، والزّلفى : القربى ، كأنّه قال : تقرّبكم عندنا تقريبا. و «التي» عند الفراء (٢) للأموال والأولاد ، وقيل : هي للأولاد خاصة ، وحذف خبر الأموال لدلالة الثاني عليه ، تقديره : وما أموالكم بالتي تقربكم عندنا زلفى ، ولا أولادكم بالتي تقربكم ، ثم حذف الأول لدلالة الثاني عليه.

١٧٨٤ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ آمَنَ) ـ ٣٧ ـ (مَنْ) في موضع نصب عند الزجّاج (٣) على البدل من الكاف والميم في (تُقَرِّبُكُمْ) وهو وهم ؛ لأنّ المخاطب لا يبدل منه (٤) ، ولكن هو نصب على الاستثناء. وقد جاء بدل

__________________

(١) الكتاب لسيبويه ٣٨٨/١ ؛ والكامل للمبرد ص ١٢٧٧ ـ ١٢٧٨ طبعة مؤسسة الرسالة بدمشق ؛ والبيان ٢٨١/٢ ؛ والإنصاف ٣٦٢/٢ المسألة ٩٧ ؛ وتفسير القرطبي ٣٠٢/١٤.

(٢) معاني القرآن ٣٦٣/٢.

(٣) معاني القرآن ٢٥٥/٤.

(٤) في(ك ، ق) : «لا يبدل منه الغائب».

٥٤٧

الغائب من المخاطب بإعادة العامل ، وهو قوله تعالى : (لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ)(١) ، ثم أبدل من الكاف والميم بإعادة الخافض ، فقال : (لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(٢).

١٧٨٥ ـ قوله تعالى : (فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ) ـ ٣٧ ـ (جَزاءُ) خبر «أولئك». ويجوز في الكلام (جَزاءُ الضِّعْفِ) بتنوين (جَزاءُ) ، ورفع (الضِّعْفِ) على البدل من (جَزاءُ). [ويجوز حذف التنوين لالتقاء الساكنين ورفع الضعف ؛ ولا يقرأ بشيء من ذلك]. ويجوز نصب (جَزاءُ) على الحال ، ورفع (الضِّعْفِ) على الابتداء ، و (لَهُمْ) الخبر ، والجملة خبر «أولئك».

١٧٨٦ ـ قوله تعالى : (أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ) ـ ٤٦ ـ (أَنْ) في موضع خفض على البدل من «واحدة» (٣) ، أو في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هي أن تقوموا ، وقيل : هي في موضع نصب على حذف اللام.

١٧٨٧ ـ قوله تعالى : (مَثْنى وَفُرادى) ـ ٤٦ ـ حالان من المضمر في (تَقُومُوا).

١٧٨٨ ـ قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ـ ٤٨ ـ من رفع (عَلَّامُ)(٤) جعله نعتا ل «رب» على الموضع ، أو على البدل منه ، أو على البدل من المضمر في (يَقْذِفُ). ومن نصبه ، وهو عيسى بن عمر (٤) ، جعله نعتا [ل «رب»] ، على اللفظ ، أو على البدل. [ويجوز الرفع] (٥) على أنه خبر بعد خبر ، أو على إضمار مبتدأ.

__________________

(١) سورة الممتحنة : الآية ٦. وانظر : معاني القرآن للفراء ٣٦٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٠٦/١٤.

(٢) في الأصل : «واحد».

(٣) في الأصل : «علاما».

(٤) وقرأ بالنصب أيضا ابن أبي إسحاق ، وزيد بن علي ، وابن أبي عبلة ، وأبو حيوة ، وحرب بن طلحة ، وقرأ الجمهور بالرفع. البحر المحيط ٢٩٢/٧.

(٥) ما بين قوسين ساقط في الأصل وكتب مكانه(أو).

٥٤٨

١٧٨٩ ـ قوله تعالى : (التَّناوُشُ) ـ ٥٢ ـ وهو من : ناش ينوش ، إذا تناول ، ومعناه : من أين لهم تناول التوبة بعد الموت ، وقيل : بعد البعث ، فلا أصل له في الهمز.

ومن همزه (١) فكذلك هو عنده ، إلا أن الواو انضمّت بعد ألف زائدة ، فهمزها لانضمامها. وقيل : هو من النئيش ، وهي الحركة في إبطاء ، فعلى هذا أصله الهمز (٢) [لا غير].

__________________

(١) قرأ بالمد والهمز «التناؤش» أبو عمرو ، وحمزة ، والكسائي ، وخلف ، وأبو بكر ، وقرأ الباقون بالواو المحضة. التيسير ص ١٨١ ؛ والنشر ٣٣٦/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٦١.

(٢) الكشف ٢٠٨/٢ ؛ والبيان ٢٨٤/٢ ؛ والعكبري ١٠٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣١٦/١٤.

٥٤٩

مشكل إعراب سورة

«فاطر»

١٧٩٠ ـ قوله تعالى : (جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً) ـ ١ ـ لا يجوز تنوين (جاعِلِ) لأنه لما مضى. و (رُسُلاً) مفعول ثان ل (جاعِلِ). وقيل : انتصب على إضمار فعل ؛ لأن اسم الفاعل ، إذا كان في معنى الماضي ، لا يعمل النصب.

١٧٩١ ـ قوله تعالى : (مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ) ـ ١ ـ هذه أعداد معدولة في حال تنكيرها ، فتعرّفت بالعدل ، فمنعت من الصرف للعدل [والتعريف] ، وقيل : للعدل والصفة. والفائدة في عدلها أنها تدلّ على التكرير ؛ فمعنى مثنى : اثنان اثنان ، وثلاث : ثلاثة ثلاثة ، ورباع : أربعة أربعة ، وقد تقدّم في أول النساء (١) شرح هذا.

١٧٩٢ ـ قوله تعالى : (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) ـ ٣ ـ من رفع (٢) «غيرا» جعله فاعلا كما تقول : هل ضارب غير زيد ، بمعنى : إلا زيد. وقيل : هو نعت ل (خالِقٍ) على الموضع ؛ [لأن معنى : هل خالق غير الله ، و (مِنْ) زائدة لتأكيد النفي](٣). ويجوز النصب على الاستثناء ؛ [لأن الكلام يتم قبله](٣). ومن خفضه جعله نعتا ل (خالِقٍ) على اللفظ (٤).

__________________

(١) الآية ٣ من سورة النساء ، فقرة(٥٠٥).

(٢) الرفع قراءة غير أبي جعفر وحمزة والكسائي وخلف ، وأما هؤلاء فقرءوا بخفض الراء. النشر ٣٣٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٨٢ ؛ والإتحاف ص ٣٦١.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) الكشف ٢١٠/٢ ؛ والبيان ٢٨٦/٢ ؛ والعكبري ١٠٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٢١/١٤.

٥٥٠

١٧٩٣ ـ وقوله تعالى : (وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ) ـ ٥ ـ من فتح (١) الغين جعله اسما للشيطان ، [و «فعول» للتكثير](٢). ومن ضم الغين فهو جمع «غارّ» مثل : جالس وجلوس. وقيل : [هو] جمع غرّ ، و «غرّ» مصدر. وقيل : هو مصدر كالدّخول.

١٧٩٤ ـ وقوله تعالى : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ) ـ ٧ ـ (الَّذِينَ) في موضع خفض على البدل من «أصحاب» ، أو في موضع نصب على البدل من (حِزْبَهُ) ، أو في موضع رفع على البدل من المضمر في (لِيَكُونُوا).

١٧٩٥ ـ وقوله تعالى : (يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ) ـ ١٠ ـ (السَّيِّئاتِ) نصب على المصدر ؛ لأن (يَمْكُرُونَ) بمعنى : يسيئون سيئات وسيئة. وقيل معناه : يمكرون المكرات السيئات ، ثم حذف المنعوت [وأقام النعت مقامه](٢) ، وقيل : هو مفعول به ، و (يَمْكُرُونَ) بمعنى : يعملون.

١٧٩٦ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا) ـ ٧ ـ (الَّذِينَ) في موضع رفع على الابتداء ، و (مَغْفِرَةٌ) ابتداء ثان ، و (لَهُمْ) الخبر ، والجملة خبر [عن] (الَّذِينَ).

١٧٩٧ ـ وقوله تعالى : (حَسَراتٍ)(٣) ـ ٨ ـ نصب على المفعول من أجله أو على المصدر.

١٧٩٨ ـ والهاء في (يَرْفَعُهُ) ـ ١٠ ـ تعود على (الْكَلِمُ) ، وقيل : على (الْعَمَلُ) تعود ، فيجوز النصب في (الْعَمَلُ) على القول الثاني ، بإضمار فعل يفسره (يَرْفَعُهُ) ، ولا يجوز (٤) على القول الأول إلا الرفع.

١٧٩٩ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى) ـ ١٨ ـ اسم (كانَ) مضمر (٥)

__________________

(١) قرأ بالضم أو حيوة وأبو السّمّال العدويّ ، ومحمد بن السّميقع ، وقراءة الجمهور بالفتح. تفسير القرطبي ٣٢٣/١٤ ؛ والبحر المحيط ٣٠٠/٧.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) في الأصل : «حسرات عليهم» وهو تحريف.

(٤) في الأصل : «فيجوز النصب في «العمل» ، والعمل الصالح ، بإضمار فعل يفسره «يرفعه» على القول الثاني ، ولا يجوز».

(٥) في الأصل : «ضمر».

٥٥١

فيها تقديره : ولو كان المدعوّ ذا قربى. ويجوز في الكلام : ولو كان ذو قربى ، وتكون (كانَ) بمعنى وقع ، أو على حذف الخبر.

١٨٠٠ ـ قوله تعالى : (مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ) ـ ٢٨ ـ أي : خلق مختلف ألوانه ، فالهاء ترجع على المحذوف ، و (مُخْتَلِفٌ) رفع بالابتداء ، وما قبله من المجرور (١) خبره ، و (أَلْوانُهُ) فاعل [ل (مُخْتَلِفٌ) ، أي يختلف](٢).

١٨٠١ ـ قوله تعالى : (كَذلِكَ إِنَّما يَخْشَى اللهَ) ـ ٢٨ ـ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : مختلف ألوانه اختلافا مثل ذلك الاختلاف المتقدم ذكره.

١٨٠٢ ـ قوله تعالى : (أَساوِرَ)(٣) ـ ٣٣ ـ جمع «أسورة» وأسورة جمع «سوار» و «سوار» ، وحكي في الواحد «إسوار» ، وجمعه «أساوير» (٤).

١٨٠٣ ـ قوله تعالى : (جَنَّاتُ عَدْنٍ) ـ ٣٣ ـ الرفع في (جَنَّاتُ) على الابتداء ، و (يَدْخُلُونَها) الخبر ، أو على إضمار مبتدأ ، أي هي جنات ، و (يَدْخُلُونَها) نعت ل (جَنَّاتُ).

١٨٠٤ ـ وقوله تعالى : (يُحَلَّوْنَ فِيها وَلِباسُهُمْ فِيها حَرِيرٌ) ـ ٣٣ ـ كلاهما نعت ل (جَنَّاتُ) ، رفعتها أو نصبتها على البدل من «الخيرات» ، أو على إضمار فعل يفسره ما بعده. ويجوز أن يكونا في موضع الحال من المضمر المرفوع أو المنصوب في (يَدْخُلُونَها) ؛ لأن في كلا الحالين عائدين (٥) ؛ أحدهما يعود على المضمر المرفوع في (يَدْخُلُونَها) ، والآخر على المنصوب.

١٨٠٥ ـ قوله تعالى : (الَّذِي أَحَلَّنا) ـ ٣٥ ـ (الَّذِي) في موضع [نصب]

__________________

(١) في الأصل : «من المحذوف».

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) في الأصل : «أساورة» وأثبت ما في(ق)والمصحف.

(٤) في الأصل : «أساور».

(٥) في الأصل : «لأن كلا الحالين عائدان».

٥٥٢

نعت لاسم «إن» ، أو في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أو على أنّه خبر بعد خبر ، أو على البدل من «غفور» ، أو على البدل من المضمر في «شكور».

١٨٠٦ ـ قوله تعالى : (دارَ الْمُقامَةِ) ـ ٣٥ ـ [«الْمُقامَةِ»] معناه : الإقامة ، [مصدران ل «أقام»](١).

١٨٠٧ ـ قوله تعالى : (اسْتِكْباراً) ـ ٤٣ ـ مفعول من أجله.

١٨٠٨ ـ قوله تعالى : (وَمَكْرَ السَّيِّئِ) ـ ٤٣ ـ هو من إضافة الموصوف إلى صفته ، [و] تقديره : ومكر المكر السيئ ، [و] دليله قوله تعالى بعد ذلك : (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.) و «مكر السّيّئ» نصب على المصدر ، ثم أضيف إلى نعته اتساعا ، كصلاة الأولى ، ومسجد الجامع.

١٨٠٩ ـ وقوله تعالى : (أَنْ تَزُولا) ـ ٤١ ـ (إِنَّ) مفعول من أجله ، أي لئلّا تزولا ، وقيل معناه : من أن تزولا ، لأنّ معنى (يُمْسِكُ) : يمنع [من أن تزولا](٢).

١٨١٠ ـ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ) ـ ٤٥ ـ لا يجوز أن تعمل (بَصِيراً) في «إذا» ، لأنّ ما بعد «إن» لا يعمل فيما قبلها ؛ لو قلت : اليوم إنّ زيدا خارج ، تريد أن «اليوم» بخارج ، لم يجز ، ولكنّ العامل في «إذا» (جاءَ) ، لأن «إذا» فيها معنى الجزاء ؛ والأسماء التي يجازى بها يعمل فيها ما بعدها ، تقول : من أكرم يكرمني ، ف «أكرم» هو العامل في (مِنْ) بلا اختلاف ، فأشبهت «إذا» حروف الشرط لما فيها من معناه ، فعمل فيها ما بعدها ، وكان حقّها ألا يعمل فيها ما بعدها ، لأنّها مضافة إلى ما بعدها من الجمل ؛ وفي جوازه اختلاف وفيه نظر ؛ لأن «إذا» لا يجازى بها عند سيبويه (٣) إلّا في الشعر ، فالموضع الذي يجازى بها يمكن أن يعمل فيها

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) الكتاب ٤٣٤/١.

٥٥٣

الفعل الذي يليها ، كما يعمل في (مِنْ) و (ما) اللتين للشرط ؛ والموضع الذي لا يجازى فيه بها لا يحسن أن يعمل فيها الفعل الذي يليها ، لأنّها مضافة إلى الجملة التي بعدها ؛ والمضاف إليه لا يعمل في المضاف ؛ لأنّه من تمامه ، كما لا يعمل الشيء في نفسه. وفي تقدير إضافة «إذا» اختلاف مشكل.

٥٥٤

مشكل إعراب سورة

«يس»

١٨١١ ـ [قوله تعالى : (يس) ـ ١ ـ](١) حق النون الساكنة من هجاء (يس) ، إذا وصلت كلامك ، أن تدغم في الواو بعدها أبدا. وقد قرأ جماعة بإظهار النون (٢) من «يسن» و «نون والقلم» ، والعلّة في ذلك أن هذه الحروف المقطّعة في أوائل السور حقّها أن يوقف عليها ، على كلّ حرف منها ؛ لأنها ليست بخبر لما قبلها ، ولا يخبر عنها ، ولا يعطف بعضها على بعض كالعدد ، فحقّها الوقف والسكون عليها (٣) ؛ ولذلك لم تعرب ، فوجب إظهار النون عند الواو ؛ لأنها موقوف عليها غير متصلة بما بعدها ، هذا أصلها. ومن أدغم أجراها مجرى المتصل ، والإظهار أولى بها لما ذكرنا.

وقد قرأ عيسى بن عمر (٤) بفتح النون على أنّه مفعول به على معنى : اذكر ياسين ، لكنه لم ينصرف (٥) لأنّه مؤنّث اسم للسورة ولأنّه أعجمي ،

__________________

(١) زيادة من(ك ، ق).

(٢) قرأ بذلك أبو عمر ، والأعمش ، وحمزة. والإدغام قراءة أهل المدينة والكسائي. البحر المحيط ٣٢٣/٧ ؛ وتفسير القرطبي ٣/١٥.

(٣) في الأصل : «والسكوت عليها».

(٤) شواذ ابن خالويه ص ١٢٤ ؛ والبحر المحيط ٣٢٣/٧ ؛ وفي المحتسب ٢٠٣/٢ : قرأ بفتح النون ابن أبي إسحاق ـ بخلاف ـ والثقفي.

(٥) في الأصل : «لا ينصرف».

٥٥٥

وهو على زنة هابيل وقابيل. ويجوز أن يكون أراد أن يصله بما بعده فالتقى ساكنان ؛ الياء والنون بعدها ، ففتحه لالتقاء السّاكنين ، فبناه على الفتح ك «أين» و «كيف». وقد قرئ بكسر النون (١) ، حرّكت بالكسر لالتقاء الساكنين ، [فكسرت على أصل اجتماع الساكنين] ، فجعلت ك «جير» (٢) في القسم. وأوائل السور قد قيل : إنّها قسم ، [أقسم الله بها لشرفها ، ولأنها مباني أسمائه](٣).

١٨١٢ ـ وقوله تعالى : (عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ ٤ ـ خبر ثان ل «إنّ» ، وقيل : (عَلى) متعلقة ب (الْمُرْسَلِينَ) ، من صلتهم.

١٨١٣ ـ (٤) وقوله تعالى : (تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ) ـ ٥ ـ من رفع (٥) (تَنْزِيلَ) أضمر له مبتدأ ، أي هو تنزيل العزيز الرحيم. ومن نصبه جعله مصدرا. ويجوز الخفض في الكلام على البدل من (الْقُرْآنِ).

١٨١٤ ـ وقوله تعالى : (ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ) ـ ٦ ـ (ما) حرف نفي ، لأن آباءهم لم ينذروا برسول قبل محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وقيل : موضعها نصب ، لأنها في موضع المصدر ، وهو قول عكرمة ، لأنّه قال : قد أنذر آباؤهم ، وتقديره : لتنذر قوما إنذارا مثل إنذارنا آباءهم ، ف (ما) والفعل مصدر (٦).

١٨١٥ ـ وقوله تعالى : (وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا) ـ ١٢ ـ أي ذكر ما قدّموا ،

__________________

(١) قرأ بكسر النون من «يسن» ابن عباس ، وابن أبي إسحاق ، ونصر بن عاصم. البحر المحيط ٣٢٣/٧ ؛ وتفسير القرطبي ٣/١٥ ؛ وفي المحتسب ٢٠٣/٢ : قرأ بكسر النون أبو السمال وابن أبي إسحاق ، بخلاف.

(٢) «جير» بكسر الراء : يمين للعرب ، ومعناها : حقا.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) في هامش الأصل عبارة «بلغ مقابلة».

(٥) قرأ برفع اللام غير ابن عامر وحمزة والكسائي وخلف وحفص ، وهؤلاء قرءوا بنصب اللام. النشر ٣٣٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٨٣ ؛ والكشف ٢١٤/٢ ؛ وقد روى الخفض الحسن ؛ كما في الإتحاف ص ٣٦٣.

(٦) تفسير القرطبي ٦/١٥.

٥٥٦

ثم حذف المضاف ، وكذلك : (وَآثارَهُمْ) أي : ([وَنَكْتُبُ]) ذكر آثارهم ، وهي الخطى إلى المساجد. وقيل : هي ما سنّوا من سنّة حسنة ، فعمل بها بعدهم.

١٨١٦ ـ قوله تعالى : (وَكُلَّ شَيْءٍ) ـ ١٢ ـ نصب بإضمار فعل تقديره : وأحصينا كلّ شيء أحصيناه ، وهو الاختيار ، ليعطف ما عمل فيه الفعل على ما عمل فيه الفعل. ويجوز الرفع على الابتداء ، و (أَحْصَيْناهُ) الخبر.

١٨١٧ ـ وقوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) ـ ١٣ ـ

أصحّ ما يعطى القياس والنظر في «مثل» و (أَصْحابَ) أنهما مفعولان ل (اضْرِبْ) ، دليله قوله تعالى : (إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ)(١) ، فلا اختلاف أنّ (مَثَلاً) ابتداء ، و «كماء» خبره ، فهذا ابتداء وخبر ، بلا شكّ. ثم قال [تعالى] في موضع آخر : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ)(٢) ، فدخل (اضْرِبْ) على الابتداء والخبر ، فعمل في الابتداء ونصبه ، [فلا بدّ أن يعمل في الخبر أيضا ، لأنّ كل فعل دخل على الابتداء والخبر ، فعمل في الابتداء] ، فلا بدّ أن يعمل في الخبر ؛ إذ هو هو ، فقد تعدّى (اضْرِبْ) ، الذي هو لتمثيل الأمثال ، إلى مفعولين ، بلا اختلاف في هذا ، فوجب أن يجري في غير هذا الموضع على ذلك ، فيكون قوله تعالى : (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ) مفعولين ل (اضْرِبْ) كما كان في دخوله على الابتداء والخبر ، وقد قيل : إنّ (أَصْحابَ) بدل من «مثل» وتقديره : واضرب لهم مثلا أصحاب القرية ، فالمثل الثاني بدل من الأول ، ثم حذف المضاف.

١٨١٨ ـ قوله تعالى : (بِما غَفَرَ لِي رَبِّي) ـ ٢٧ ـ تكون «ما» والفعل مصدرا ، أي : بغفران ربّي [لي]. ويجوز أن تكون بمعنى الذي ،

__________________

(١) سورة يونس : الآية ٢٤.

(٢) سورة الكهف : الآية ٤٥.

٥٥٧

وتحذف (١) الهاء من الصلة ، تقديره : بالذي غفره لي ربّي. ويجوز أن تكون «ما» استفهاما ، فيه معنى التعجّب من مغفرة الله تعالى له ، تقديره : بأيّ شيء غفر لي ربّي ، على التقليل لعمله والتعظيم لمغفرة الله تعالى له ، فتبتدئ به في هذا الوجه ؛ وفي كونه استفهاما بعد ، لثبات الألف في «ما» ، وحقّها أن تحذف مع الاستفهام ، إذا دخل عليها حرف جر ، نحو : (فَبِمَ تُبَشِّرُونَ)(٢)(عَمَّ يَتَساءَلُونَ)](٣) ، ولا يحسن إثبات ألف «ما» في الاستفهام (٤) إلّا في شعر ، [فبعد لذلك.

١٨١٩ ـ قوله تعالى : (وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ) ـ ٢٨ ـ (ما) زائدة (٥) عند أكثر العلماء. وقال بعضهم : هي اسم في موضع خفض عطف على (جُنْدٍ) ، وهو معنى غريب حسن].

١٨٢٠ ـ وقوله تعالى : (يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) ـ ٣٠ ـ نداء منكور ، وإنّما نادى الحسرة ليتحسّر بها من خالف الرّسل وكفر بهم ، والمراد بندائها تحسّر المرسل إليهم بها ، فمعناها : تعالي (٦) يا حسرة ، فإنّ هذا أوانك وإبّانك الذي يجب أن تحضري (٧) فيه ليتحسّر بك من كفر بالرّسل.

١٨٢١ ـ قوله تعالى : (كَمْ أَهْلَكْنا) ـ ٣١ ـ (كَمْ) في موضع نصب ب (أَهْلَكْنا). وأجاز الفراء (٨) أن تنصب (كَمْ) ب (يَرَوْا) ، وذلك لا يجوز عند جميع البصريين ، لأنّ الاستفهام وما يقع موقعه لا يعمل فيه ما قبله.

١٨٢٢ ـ وقوله تعالى : (أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ) ـ ٣١ ـ «أن» في موضع

__________________

(١) في الأصل : «ولا يجوز .. وحذف» وهو تحريف.

(٢) سورة الحجر : الآية ٥٤.

(٣) سورة النبأ : الآية ١ ، وهي زيادة من الأصل.

(٤) في الأصل : «إثبات الألف في الاستفهامين».

(٥) في(ح) : «نافية» وصححت من : (ظ ، ق ، د ، ك).

(٦) في الأصل : «تعال».

(٧) في الأصل و (ق) : «تحضرني» وأثبت ما في(د).

(٨) معاني القرآن ٣٧٦/٢.

٥٥٨

نصب على البدل من (كَمْ) ، و (كَمْ) وما بعدها من الجملة في موضع نصب ب (يَرَوْا).

١٨٢٣ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ) ـ ٣٢ ـ (إِنْ) مخففة من الثقيلة ، فزال عملها لنقصها ، فارتفع ما بعدها على الابتداء ، وما بعده (١) الخبر ؛ ولزمت اللام في خبرها ، فرقا بين الخفيفة التي بمعنى «ما» وبين المخفّفة من الثقيلة. ومن قرأ (لَمَّا) بالتشديد (٢) جعل (لَمَّا) بمعنى «إلا» و (إِنْ) بمعنى «ما» وتقديره : وما كلّ إلّا جميع ، فهو ابتداء وخبر ؛ حكى سيبويه (٣) : سألتك بالله لمّا فعلت ، بمعنى : إلّا فعلت. وقال الفراء (٤) : (لَمَّا) بمعنى «لمن ما» ثم أدغمت النون في الميم ، فاجتمع ثلاث ميمات ، فحذفت إحداهنّ استخفافا ، وشبّهه بقولهم : علماء بنو فلان ، يريدون : على الماء ، ثم أدغم وحذف إحدى اللامين استخفافا (٥).

١٨٢٤ ـ وقوله جلّ وعزّ : (وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ) ـ ٣٣ ـ «آية» ابتداء ، و (الْأَرْضُ) الخبر. وقيل : (لَهُمُ) الخبر ، و (الْأَرْضُ) رفع على الابتداء ، و (أَحْيَيْناها) الخبر ، والجملة في موضع التفسير للجملة الأولى.

١٨٢٥ ـ وقوله تعالى : (وَما عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ) ـ ٣٥ ـ (ما) في موضع خفض على العطف على «من ثمره». ويجوز أن تكون (ما) نافية ، أي : ولم تعمله أيديهم. ومن قرأ (٦) «عملت» بغير هاء ، كان الأحسن أن تكون

__________________

(١) أي ما بعد «كُلٌّ» وهو قوله «لَمّٰا جَمِيعٌ».

٢) قرأ بالتشديد ابن عامر ، وعاصم ، وحمزة ، وابن جماز عن أبي جعفر ، والباقون بتخفيف الميم من «لما». التيسير ص ١٢٦ ؛ والنشر ٢٨٠/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٦٤.

(٣) الكتاب ٤٥٥/١.

(٤) معاني القرآن ٣٧٧/٢.

(٥) معاني القرآن ٣٧٧/٢ ؛ والكشف ٢١٥/٢ ؛ والبيان ٢٩٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٠٥/٩ و ٢٤/١٥.

(٦) وهي قراءة حمزة والكسائي وخلف وأبي بكر ، وقرأ الباقون بالهاء. التيسير ص ١٨٤ ؛ والنشر ٣٣٨/٢ ؛ والكشف ٢١٦/٢.

٥٥٩

(ما) في موضع خفض ، وتحذف الهاء من الصلة ، ويبعد [مع هذه القراءة](١) أن تكون (ما) نافية ؛ لأنّك تحتاج إلى إضمار مفعول ل «عملت».

١٨٢٦ ـ وقوله تعالى : (قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) ـ ٣٩ ـ أي : قدّرناه ذا منازل ، ثم حذف المضاف. ويجوز أن يكون حذف حرف الجر من المفعول [الأول] ، ولم يحذف مضافا من الثاني ، تقديره : قدّرنا له منازل. وارتفع (الْقَمَرَ) على الابتداء ، و (قَدَّرْناهُ) الخبر. ويجوز رفعه على إضمار مبتدأ ، و (قَدَّرْناهُ) في موضع الحال من (الْقَمَرَ). ويجوز نصبه (٢) على إضمار فعل يفسره (٣) (قَدَّرْناهُ) ، ولا يكون (قَدَّرْناهُ) حالا من (الْقَمَرَ) ؛ إنما هو تفسير لما نصب القمر.

١٨٢٧ ـ وقوله تعالى : (فَلا صَرِيخَ لَهُمْ وَلا هُمْ يُنْقَذُونَ) ـ ٤٣ ـ فتحت (صَرِيخَ) لأنّه مبنيّ مع «لا» ، ويختار في الكلام «لا صريخ» بالرفع والتنوين ؛ لأجل إتيان «لا» ثانية مع معرفة ؛ لو قلت في الكلام : لا رجل في الدار ولا زيد ، لكان الاختيار [في «رجل»] الرفع والتنوين ؛ لإتيان «لا» بعده مع معرفة (٤) ، لا يحسن فيه إلّا الرفع.

١٨٢٨ ـ [قوله تعالى : (يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ) ـ ٤٠ ـ «أن» في موضع رفع ب (يَنْبَغِي) ، قاله الفراء (٥) وغيره] (٦).

١٨٢٩ ـ وقوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا) ـ ٤١ ـ (آيَةٌ) ابتداء و (لَهُمْ) الخبر ، وقيل : الخبر (أَنَّا) ، فإذا جعلت (لَهُمْ) الخبر ، كانت «أنّ» رفعا

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) قرأ الكوفيون وابن عامر بنصب «القمر» ، وقرأ الباقون بالرفع. الكشف ٢١٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٩/١٥.

(٣) في الأصل : «تقديره».

(٤) في الأصل : «لإتيان لا بعدها معرفة».

(٥) معاني القرآن ٣٧٨/٢.

(٦) زيادة من : (ظ ، ق).

٥٦٠