أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني
المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣
مشكل إعراب سورة
«الروم»
١٦٨٩ ـ قوله تعالى : (فِي بِضْعِ سِنِينَ) ـ ٤ ـ الأصل في «سنة» ألّا تجمع بالياء والنون ، والواو والنون ؛ لأنّ الواو والنون لمن يعقل ؛ ولكن جاز ذلك في «سنة» وإن كانت مما (١) لا يعقل ، للحذف الذي دخلها ، لأنّ أصلها «سنوة» وقيل : سنهة ، على «فعلة» ، دليله قولهم : سنوات ، وقولهم : سانهت من السنين
وكسرت السين في (سِنِينَ) لتدل على أنّه جمع على غير الأصل ، لأنّ كلّ ما جمع جمع السلامة لا يتغير فيه بناء الواحد ، فلمّا تغيّر بناء الواحد في هذا الجمع ، بكسر (٢) أوّله ، وقد كان مفتوحا في الواحد ، علم أنّه جمع على غير أصله.
١٦٩٠ ـ قوله تعالى : (مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ) ـ ٤ ـ [«قَبْلُ» و «بَعْدُ»] مبنيان ، وهما ظرفا زمان ، أصلهما الإعراب ، وإنما بنيا لأنهما تعرّفا بغير ما تتعرّف به الأسماء ، وذلك أنّ الأسماء تتعرّف بالألف واللام ، وبالإضافة إلى المعرفة ، وبالإضمار ، وبالإشارة ، وبالعهد ، وليس في «قَبْلُ وبَعْدُ» شيء من ذلك ، فلما تعرّفا بخلاف ما تتعرّف به الأسماء ، وهو
__________________
(١) في الأصل : «ممن لا يعقل».
(٢) في الأصل : «كسر» وهو تحريف.
حذف ما أضيفا إليه ، خالفا الأسماء ، وشابها الحروف ، فبنيا كما تبنى الحروف ، وكان أصلهما أن يبنيا على سكون ، لأنّه أصل البناء ، لكن قبل الآخر (١) ساكن ، وأيضا فإنّه قد كان لهما في الأصل تمكّن ، لأنهما يعربان إذا أضيفا أو نكّرا فبنيا على حركة ، وأيضا فإنّه لم يكن بدّ من حركة أو حذف ، ولا يمكن الحذف في حروف السلامة ، وحرك الثاني لأنّ البناء فيه ، وإنما وجب أن تكون الحركة ضمّا دون الكسر ودون الفتح ، لأنهما أشبها المنادى المفرد ، إذ المنادى يعرب إذا أضيف أو نكّر ، كما يفعل بهما ، فبنيا على الضم كما بني المنادى المفرد.
وقد قال عليّ بن سليمان : إنما بنيا لأنهما متعلقان بما بعدهما ، فأشبها الحروف ، إذ الحروف متعلقة بغيرها لا تفيد شيئا ، إلّا بما بعدها. وقيل : إنما بنيا على الضم لأنهما غايتان ، وقد اقتصر عليهما ، وحذف ما بعدهما ، فبنيا لمخالفتهما الأسماء ، وأعطيا الضم ، لأنّه غاية الحركات.
وقيل : لمّا تضمنا المحذوف بعدهما صارا كبعض الاسم ، وبعض [الاسم] مبني. وقال الفرّاء (٢) : لمّا ضمّنا معنيين ، يعني معناهما في أنفسهما ، ومعنى ما بعدهما المحذوف ، بنيا وأعطيا الضمة ، لأنّهما أقوى الحركات. وقال هشام : لمّا لم يجز أن يفتحا ، فيشبها حالهما في الإضافة ، ولم يجز أن يكسرا ، فيشبها المضاف إلى المخاطب ، ولم يسكّنا ؛ لأنّ ما قبل الآخر ساكن ، لم يبق إلّا الضم فأعطياه.
وأجاز الفراء (٣) : رأيتك بعد ، بالتنوين رفع ، و «بعدا» بالنصب منوّنا ، وهما معرفة. وأجاز هشام : رأيتك بعد يا هذا ، بالفتح غير منوّن ، على إضمار المضاف. ومعنى الآية : لله الأمر من قبل كل شيء ومن بعد كل
__________________
(١) في هامش(ح) : «أي قبل آخر(قبل وبعد)ساكن ، وهو الباء والعين ، فحذفا لئلا يلتقي ساكنان».
(٢) معاني القرآن ٣١٩/٢ ـ ٣٢٠.
(٣) معاني القرآن ٣١٩/٢ ـ ٣٢٠.
شيء ، فلما حذف ما بعد (قَبْلُ) و (بَعْدُ) وتضمّنا معناه ، خالفا الأسماء فبنيا.
١٦٩١ ـ قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ) ـ ٦ ـ مصدر مؤكّد.
١٦٩٢ ـ قوله تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا) ـ ١٠ ـ (عاقِبَةَ) اسم (كانَ) ، و (السُّواى) خبرها ، و (أَنْ كَذَّبُوا) مفعول من أجله ؛ ويجوز أن تكون (السُّواى) مفعولة ب (أَساؤُا) ، و (أَنْ كَذَّبُوا) خبر (كانَ). ومن نصب (١) (عاقِبَةَ) جعلها خبر (كانَ) ، و (السُّواى) اسمها. ويجوز أن تكون (أَنْ كَذَّبُوا) اسمها ، و (السُّواى) مفعول ل (أَساؤُا).
١٦٩٣ ـ قوله تعالى : (أَنْ خَلَقَكُمْ) ـ ٢٠ ـ (أَنْ) في موضع رفع على الابتداء ، والمجرور قبلها خبرها ، وكذلك كل ما بعده من صنفه.
١٦٩٤ ـ قوله تعالى : (كَخِيفَتِكُمْ) ـ ٢٩ ـ الكاف في موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : تخافونهم خيفة كخيفتكم [أنفسكم] ، أي مثل خوفكم أنفسكم ، يعني : كخوفكم شركاءكم. ومثله : (كَذلِكَ نُفَصِّلُ)(٢) تقديره : نفصّل الآيات تفصيلا كذلك ، أي مثل ذلك [التفصيل](٣).
١٦٩٥ ـ قوله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ) ـ ٣٠ ـ نصب بإضمار فعل تقديره : اتبع فطرة الله ؛ ودلّ عليه قوله عزوجل : (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ) ؛ لأنّ معنى «أقم وجهك للدين» : اتبع الدين. وقيل : (فِطْرَتَ اللهِ) انتصب على المصدر ؛ لأنّ الكلام دلّ على : فطر الله الخلق فطرة.
١٦٩٦ ـ قوله تعالى : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) ـ ٣١ ـ حال من الضمير في (فَأَقِمْ) ، وإنما جمع لأنه مردود على المعنى ؛ لأن الخطاب للنبي صلىاللهعليهوسلم ، هو
__________________
(١) النصب قراءة الكوفيين وابن عامر ، وقرأ الباقون بالرفع. التيسير ص ١٧٤ ؛ والنشر ٢٣٠/٢ ؛ والكشف ١٨٢/٢.
(٢) سورة الأعراف : الآية ٣٢ وغيرها.
(٣) زيادة في الأصل.
خطاب لأمّته ، فتقديره : فأقيموا وجوهكم منيبين إليه. وقال الفراء (١) : التقدير : فأقم وجهك ومن معك ، فلذلك قال : (مُنِيبِينَ).
١٦٩٧ ـ قوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) ـ ٣٥ ـ «السلطان» يؤنث ويذكّر ، وهو جمع «سليط» كرغيف ورغفان. فمن ذكّره فعلى معنى الجمع ، ومن أنّثه فعلى معنى الجماعة.
١٦٩٨ ـ قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ) ـ ٣٦ ـ شرط ، وجوابه : (إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) ، ف (إِذا) جواب بمنزلة الفاء ، لأنها لا يبتدأ بها ، كما لا يبتدأ بالفاء ، وإنما [لم] يبتدأ ب (إِذا) لأنها التي للمفاجأة ، ف (إِذا) التي فيها معنى الشرط غير التي للمفاجأة ، والتي للشرط يبتدأ بها ولا تكون جوابا للشرط ، و (إِذا) التي للمفاجأة لا يبتدأ بها ، فأشبهت الفاء ، فوقعت موقعها وصارت جوابا للشرط ، وقد تدخل [على] (إِذا) التي للمفاجأة الفاء في جواب الشرط ، وذلك للتأكيد ، فاعلمه.
١٦٩٩ ـ قوله تعالى : (كِسَفاً) ـ ٤٨ ـ من فتح السين جعله جمع «كسفة» مثل قولك : كسرة وكسر. ومن أسكن (٢) فعلى التخفيف. والهاء في قوله : (مِنْ خِلالِهِ) تعود على «السحاب» ، ويجوز أن تعود على «الكسف» ، لكنّه ذكّر كما قال تعالى : (مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ)(٣).
١٧٠٠ ـ قوله تعالى : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) ـ ٤٧ ـ (حَقًّا) خبر (كانَ) ، و (نَصْرُ) اسمها. ويجوز أن تضمر في (كانَ) اسمها ، وترفع (نَصْرُ) بالابتداء ، و (عَلَيْنا) الخبر ، والجملة خبر (كانَ). ويجوز في الكلام رفع «حق» على اسم (كانَ) ؛ لأنّه وصف ب (عَلَيْنا) ، وتنصب «نصرا» على خبر
__________________
(١) معاني القرآن ٣٢٥/٢.
(٢) قرأ بإسكان السين من «كسفا» ابن عامر بخلاف عن هشام ، وقرأ الباقون بفتحها. التيسير ص ١٧٥ ؛ والإتحاف ص ٣٤٨.
(٣) سورة يس : الآية ٨٠ ، وفي الأصل «من الشجر الأخضر ، وبقوله من خلله».
(كانَ). ويجوز رفعهما جميعا على الابتداء والخبر ، وتضمر في (كانَ) الحديث أو الأمر ، والجملة خبر (كانَ).
١٧٠١ ـ قوله تعالى : (فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) ـ ٥١ ـ الهاء تعود على «الزرع» ، وقيل : على «السحاب» ، وقيل : على «الريح». وذكّرت «الريح» لأنّ الهاء للمرسل منها ، وقيل : ذكّرت ؛ إذ لا ذكر لها ، فتأنيثها غير حقيقي.
١٧٠٢ ـ قوله تعالى : (لَظَلُّوا)(١) (مِنْ بَعْدِهِ) ـ ٥١ ـ معناه : ليظلّنّ (٢) ، [فالماضي] في موضع المستقبل ، وحسن هذا ، لأنّ الكلام بمعنى المجازاة ، والمجازاة لا تكون إلا بمستقبل ، هذا مذهب سيبويه (٣).
__________________
(١) في الأصل : «لضلوا ... ليضلن» بالضاد.
(٢) الكتاب ، لسيبويه ٤٥٦/١.
مشكل إعراب سورة
«لقمان»
١٧٠٣ ـ قوله تعالى : (هُدىً وَرَحْمَةً) ـ ٣ ـ حالان من «تلك» ، ولا يحسن أن تكونا حالا من «الكتاب» ، لأنّه مضاف إليه ، فلا عامل يعمل في الحال ؛ إذ ليس لصاحب الحال عامل ، وفيه اختلاف. ومن رفع (١) (وَرَحْمَةً) جعل (هُدىً) في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، تقديره : هو هدى ورحمة ، ويجوز أن تكون خبر (تِلْكَ) ، و (آياتُ) بدل من (تِلْكَ).
١٧٠٤ ـ قوله تعالى : (وَيَتَّخِذَها) ـ ٦ ـ من نصبه (٢) عطفه على (لِيُضِلَّ). ومن رفع عطف على (يَشْتَرِي) أو على القطع (٣). والهاء في (يَتَّخِذَها) تعود على (الْحَدِيثِ) ، لأنّه بمعنى الأحاديث ، وقيل : تعود على «السبيل» ، وقيل : تعود على «الآيات» (٤).
١٧٠٥ ـ قوله تعالى : (بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها) ـ ١٠ ـ (تَرَوْنَها) في موضع خفض على النعت ل (عَمَدٍ) ، فيمكن أن تكون ثمّ عمد ، ولكن لا ترى. ويجوز أن تكون في موضع نصب على الحال من (السَّماواتِ) ولا عمد ثمّ
__________________
(١) الرفع قراءة حمزة ، وقرأ الباقون بالنصب. التيسير ص ١٧٦ ؛ والنشر ٣٣٢/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٤٩ ؛ والكشف ١٨٧/٢.
(٢) النصب قراءة يعقوب وحمزة والكسائي وخلف وحفص ، وقرأ الباقون بالرفع. النشر ٣٣٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٧٦ ؛ والإتحاف ص ٣٥٠.
(٣) أي على الاستئناف.
(٤) الكشف ١٨٧/٢ ؛ والبيان ٢٥٣/٢ ؛ والعكبري ١٠١/٢.
البتّة. ويجوز أن تكون في موضع رفع على القطع ، ولا عمد ثمّ أيضا.
١٧٠٦ ـ قوله تعالى : (ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) ـ ١١ ـ (ما) استفهام في موضع رفع على الابتداء ، وخبره (ذا) ، وهو بمعنى «الذي» تقديره : فأروني أيّ شيء الذي خلق الذين من دونه ، والجملة في موضع نصب ب «أروني». ويجوز أن تكون (ما) في موضع نصب ب (خَلْقُ) ، وهي استفهام [يعمل فيه ما بعده](١) ، وتجعل (ذا) زائدة. ويجوز أن تكون (ما) بمعنى «الذي» في موضع نصب ب «أروني» ، و (ذا) زائدة ، وتضمر الهاء مع (خَلْقُ) ، لتعود على «الذي» ، أي : فأروني الأشياء التي خلقها الذين من دونه.
١٧٠٧ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) ـ ١٣ ـ أي : واذكر يا محمد إذ قال لقمان. و (لُقْمانُ) اسم معرفة ، فيه زائدتان [كعثمان] ، فلذلك لم ينصرف ، وقد يجوز أن يكون أعجميّا. وقد قال عكرمة : إنّه كان نبيّا ، وفي الخبر أنه كان حبشيّا أسود.
١٧٠٨ ـ قوله تعالى : (وَهْناً) ـ ١٤ ـ نصب على حذف الخافض ، تقديره : حملته أمّه بوهن ، أي بضعف.
١٧٠٩ ـ قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي) ـ ١٤ ـ (أَنِ) في موضع نصب على حذف الخافض ، أي بأن اشكر لي. وقيل : هي بمعنى «أي» لا موضع لها من الإعراب. وقد تقدّم القول في (إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ) ـ ١٦ ـ في الأنبياء (٢). وكذلك ما كان مثله نترك ذكره لتقدّم الكلام في نظيره.
١٧١٠ ـ [قوله تعالى : (مَعْرُوفاً) ـ ١٥ ـ نعت لمصدر محذوف ، تقديره : وصاحبهما في الدنيا صحابا معروفا].
١٧١١ ـ قوله تعالى : (مَرَحاً) ـ ١٨ ـ مصدر في موضع الحال.
__________________
(١) زيادة في الأصل.
(٢) الآية : ٤٧ من سورة الأنبياء ، وانظر فقرة(١٤٧٤).
١٧١٢ ـ قوله تعالى : (نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً) ـ ٢٠ ـ حالان. ومن قرأ (١) «نعمة» بالتوحيد جعل ما بعده نعتا له.
١٧١٣ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ) ـ ٢٧ ـ «أنّ» في موضع رفع بفعل مضمر تقديره : لو وقع [ذلك].
١٧١٤ ـ قوله تعالى : (وَالْبَحْرُ) ـ ٢٧ ـ من رفع جعله مبتدأ ، وما بعده خبره وهو (يَمُدُّهُ) ، والجملة في موضع الحال. ومن نصب (٢) (الْبَحْرُ) عطفه على (ما) ، وهي اسم (أَنَّ) ، و (يَمُدُّهُ) الخبر. ويجوز رفع (الْبَحْرُ) ؛ تعطفه على موضع اسم (أَنَّ) ، و (أَقْلامٌ) خبر (أَنَّ) في الوجهين جميعا (٣).
١٧١٥ ـ قوله تعالى : (إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) ـ ٢٨ ـ الكاف في موضع رفع خبر ل (خَلْقُكُمْ) ، وتقديره : إلّا مثل بعث نفس واحدة.
١٧١٦ ـ قوله تعالى (هُوَ جازٍ) ـ ٣٣ ـ ابتداء وخبر. ومذهب سيبويه (٤) والخليل أن تقف على (جازٍ) ونظيره بغير ياء ، ليعرف أنّه كان في الوصل كذلك. وحكى يونس أنّ بعض العرب يقف بالياء لزوال التنوين الذي من أجله حذفت الياء ، [وهو القياس].
١٧١٧ ـ قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) ـ ٣٤ ـ (عَلِيمٌ) خبر (إِنَّ) ، و (خَبِيرٌ) نعته. ويجوز أن تكون خبرا بعد خبر.
__________________
(١) وهي قراءة غير نافع وأبي عمرو وحفص ، وأما هؤلاء فقرءوا(نعمه). الكشف ١٨٨/٢ ، وتفسير القرطبي ٧٣/١٤.
(٢) النصب قراءة أبي عمرو ، ويعقوب ، وقرأ باقي العشرة بالرفع. التيسير ص ١٧٧ ؛ والنشر ٣٣٢/٢.
(٣) الكشف ١٨٩/٢ ؛ والبيان ٢٥٦/٢ ؛ والعكبري ١٠٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٧٧/١٤.
(٤) الكتاب ٣١٦/١.
مشكل إعراب سورة
«السّجدة»
١٧١٨ ـ قوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ) ـ ٢ ـ رفع بالابتداء ، و (لا رَيْبَ فِيهِ) الخبر ، أو على إضمار مبتدأ ، أي : هذا تنزيل ، أو المتلو تنزيل ، أو هذه الحروف تنزيل ، ودلّت (الم) على ذكر الحروف. ويجوز النصب في الكلام على المصدر ، [ويجوز أن تكون (لا رَيْبَ فِيهِ) في موضع الحال من «الكتاب» ، و (مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ) الخبر ؛ وهو أحسنها ، و (مِنْ) متعلقة بالخبر المحذوف. فإن جعلت (لا رَيْبَ فِيهِ) الخبر ، كانت (مِنْ) متعلقة ب (تَنْزِيلُ)].
١٧١٩ ـ قوله تعالى : (أَمْ يَقُولُونَ افْتَراهُ) ـ ٣ ـ (أَمْ) هنا لخروج من خبر إلى خبر آخر ، وقيل : هي بمعنى (بَلْ).
١٧٢٠ ـ قوله تعالى : (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) ـ ٧ ـ من أسكن اللام في (خَلَقَهُ) جعله مصدرا ، لأنّ قوله : (أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ) يدل على : خلق كلّ شيء خلقا ؛ فهو مثل (صُنْعَ اللهِ)(١) ، و (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ)(٢). وقيل : هو بدل من «كل». وقيل : هو مفعول ثان ، و (أَحْسَنَ) بمعنى : أفهم ، فيتعدّى إلى مفعولين. ويجوز في الكلام (خَلَقَهُ) بالرفع ، على معنى : ذلك خلقه.
__________________
(١) سورة النمل : الآية ٨٨.
(٢) سورة النساء : الآية ٢٤.
ومن قرأ بفتح (١) اللام جعله فعلا ماضيا في موضع نصب نعتا ل (كُلَّ) أو في موضع خفض نعتا ل (شَيْءٍ)(٢).
١٧٢١ ـ قوله تعالى : (أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) ـ ١٠ ـ العامل في (إِذا) فعل مضمر تقديره : أنبعث إذا غيّبنا وتلفنا (٣) في الأرض.
١٧٢٢ ـ قوله تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) ـ ١٦ ـ (تَتَجافى) في موضع نصب على الحال من المضمر في قوله تعالى : (خَرُّوا) ، وكذلك (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) في موضع الحال ، وكذلك (سُجَّداً) ، وكذلك موضع (وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ) ، وكذلك [موضع] (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) ، كلّها أحوال من المضمر في (خَرُّوا) ، أو في (سَبَّحُوا). ويحسن أن يكون ما بعد كل حال حالا من المضمر [الذي] في الحال الذي قبله ، وقد مضى نظيره.
١٧٢٣ ـ قوله تعالى : (خَوْفاً وَطَمَعاً) ـ ١٦ ـ مفعولان من أجلهما ، وقيل : مصدران.
١٧٢٤ ـ قوله تعالى : (ما أُخْفِيَ لَهُمْ) ـ ١٧ ـ من أسكن (٤) الياء جعل الألف ألف المتكلم ، والياء حقها الضمّ ؛ لأنه فعل مستقبل (٥) ولكن أسكنت استخفافا. ومن فتح الياء جعله فعلا ماضيا لم يسمّ فاعله ، وفيه ضمير يقوم مقام الفاعل ، [تقديره : الذي أخفي هو لهم](٦). و (ما) إن
__________________
(١) قرأ بالفتح نافع ، وعاصم ، وحمزة ، والكسائي وخلف ، وقرأ باقي العشرة بإسكان اللام من(خلقه). التيسير ، ص ١٧٧ ، والنشر ٣٣٢/٢ ، والإتحاف ، ص ٣٥١.
(٢) الكشف ١٩١/٢ ، والبيان ٢٥٨/٢ ، والعكبري ١٠٢/٢ ، وتفسير القرطبي ٩٠/١٤.
(٣) (ق) : «وبلينا».
(٤) قرأ بإسكان الياء يعقوب وحمزة ، والباقون بفتح الياء. التيسير ، ص ١٧٧ ، والنشر ٣٣٢/٢ ، والإتحاف ، ص ٣٥٢.
(٥) في الأصل : «لأنها فاء الفعل ، والفعل مستقبل».
(٦) زيادة في الأصل.
جعلتها بمعنى الذي كان في موضع (١) نصب ب (تَعْلَمُ) ، وتكون الهاء محذوفة من الصلة ، على قراءة من أسكن الياء ، أي أخفيه أنا لهم ، ولا حذف في قراءة من فتح الياء ؛ لأنّ الضمير المرفوع في (أُخْفِيَ) الذي لم يسمّ فاعله ، يعود على الذي. فإن جعلت (ما) استفهاما كانت (ما) في موضع رفع بالابتداء ، في قراءة من فتح الياء ، وفي موضع نصب ب (أُخْفِيَ) في قراءة من أسكن الياء ، والجملة كلّها في موضع نصب ب (تَعْلَمُ) ، وسدّت الجملة مسدّ المفعولين ل (تَعْلَمُ)(٢).
١٧٢٥ ـ قوله تعالى : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) ـ ٢٣ ـ الهاء تعود على (الْكِتابَ) ، أضاف المصدر إلى المفعول ، كقوله تعالى : (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ)(٣) ، وتقديره : من لقاء موسى الكتاب ، فأضمر «موسى» لتقدّم ذكره ، وأضيف المصدر إلى الكتاب. ويجوز أن تعود الهاء على موسى عليهالسلام ، فيكون قد أضاف المصدر إلى الفاعل ، والمفعول به محذوف ، كقوله تعالى : (لا يَسْمَعُوا دُعاءَكُمْ)(٤) أي : دعاءكم إيّاهم ، وكقوله : (لَمَقْتُ اللهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ)(٥) تقديره : لمقت الله إيّاكم أكبر من مقتكم أنفسكم. وقيل : الهاء تعود على ما لاقى موسى ، أي : فلا تكن في مرية من لقاء ما لاقى موسى من قومه ، من الأذى والتكذيب. وقيل : تعود (٦) على موسى من غير تقدير حذف مفعول ، أي : لا تكن يا محمد في مرية من أن تلقى موسى ؛ لأنّ النبي ـ عليهالسلام ـ لقي موسى ـ عليهالسلام ـ ليلة أسري به. وقيل : الهاء تعود على موسى ، والمفعول محذوف ، وهو التوراة ، أي : فلا تكن في مرية من لقاء موسى التوراة (٧).
__________________
(١) في الأصل : «إن جعلت ما بمعنى الذي ، وهي في موضع».
(٢) الكشف ١٩١/٢ ، والبيان ٢٥٩/٢ ، وتفسير القرطبي ١٠٣/١٤.
(٣) سورة ص الآية : ٢٤.
(٤) سورة فاطر الآية : ١٤.
(٥) سورة غافر الآية : ١٠.
(٦) في الأصل : «تقديره».
(٧) البيان ٢٦٠/٢ ، والعكبري ١٠٢/٢ ، وتفسير القرطبي ١٠٨/١٤.
١٧٢٦ ـ قوله تعالى : (كُلَّما أَرادُوا) ـ ٢٠ ـ «كلما» ظرف.
١٧٢٧ ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا) ـ ٢٦ ـ فاعل «يهدي» مصدره ، تقديره : أو لم يهد الهدى لهم ، وهو قول المبرد. وقال الفراء (١) : «كم» هي الفاعل ل «يهدي» ، ولا يجوز هذا عند البصريين ؛ لأنّ (كَمْ) لا يعمل فيها ما قبلها ؛ لأنها في الخبر بمنزلتها في الاستفهام ، لها صدر الكلام ، فلا يعمل فيها ما قبلها ، كما لا يعمل في الاستفهام ما قبله. وقيل : الفاعل ل «يهدي» هو الله جلّ ذكره ، تقديره : أو لم يهد الله لهم.
ومن قرأ «نهد» بالنون ، فالفاعل هو الله تعالى ، بلا إشكال ولا خلاف ، وهي قراءة (٢) أبي عبد الرحمن السلميّ وقتادة. و (كَمْ) عند البصريين في هذه الآية في موضع نصب ب (أَهْلَكْنا).
١٧٢٨ ـ قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ) ـ ٢٨ ـ (مَتى) في موضع نصب على الظرف ، وهي خبر الابتداء [وهو] (هذَا) ، و (الْفَتْحُ) نعت ل (هذَا) أو عطف بيان. ويجوز أن تكون (مَتى) في موضع رفع على تقدير حذف مضاف مع (هذَا) ، تقديره : متى وقت هذا الفتح.
__________________
(١) معاني القرآن ٢٣٣/٢.
(٢) وقرأ الجمهور بالياء. البحر المحيط ٢٨٨/٦ ؛ وتفسير القرطبي ١١٠/١٤.
مشكل إعراب سورة
«الأحزاب»
١٧٢٩ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُ) ـ ١ ـ «أيّ» نداء مفرد ، مبني على الضم ، و «ها» للتنبيه ، وهو تنبيه لازم ل «أي» ، و «النبيّ» نعت ل «أي» لا يستغنى عنه ، لأنّه هو المنادى في المعنى. ولا يجوز نصبه على الموضع عند أكثر النحويين ، وأجازه المازنيّ ، جعله مثل قولك : يا زيد الظريف ، بنصب «الظريف» على موضع زيد ؛ [لأن موضعه نصب ، المعنى : دعوت زيدا ، أو أريد زيدا](١) ، وهذا نعت يستغنى عنه ، ونعت «أي» لا يستغنى عنه ، فلا يحسن نصبه على الموضع. وأيضا فإنّ نعت «أيّ» هو المنادى في المعنى ، [فلا يحسن نصبه]. وقال الأخفش : هو صلة ل «أي» ولا يعرف في كلام العرب اسم مفرد صلة ل «شيء».
١٧٣٠ ـ قوله تعالى : (وَكَفى بِاللهِ وَكِيلاً) ـ ٣ ـ (بِاللهِ) في موضع رفع لأنّه الفاعل ، و (وَكِيلاً) نصب على البيان أو على الحال.
١٧٣١ ـ قوله تعالى : (وَاللهُ يَقُولُ الْحَقَ) ـ ٤ ـ (الْحَقَّ) نعت لمصدر محذوف ، أي : يقول القول الحقّ. ويجوز أن تكون (الْحَقَّ) مفعولا للقول.
١٧٣٢ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ) ـ ٥ ـ (ما) في موضع خفض
__________________
(١) زيادة في الأصل.
عطف على «ما» في قوله تعالى : (فِيما أَخْطَأْتُمْ). ويجوز أن يكون في موضع رفع على الابتداء تقديره : ولكن ما تعمّدت قلوبكم تؤاخذون به.
١٧٣٣ ـ قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا) ـ ٦ ـ (أَنْ) في موضع نصب على الاستثناء الذي ليس من الأول.
١٧٣٤ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ يَقُولُ) ـ ١٢ ـ (وَإِذْ قالَتْ) ـ ١٣ ـ العامل في «إذ» فيهما فعل مضمر ، تقديره : واذكر يا محمد إذ يقول ، وإذ قالت.
١٧٣٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ) ـ ١٣ ـ (عَوْرَةٌ) خبر (إِنَّ) ، وهو مصدر في الأصل ، فمعناه : ذات عورة. ويجوز أن يكون اسما فاعلا ، أصله : عورة ، ثم أسكن تخفيفا. ويجوز أن يكون مصدرا في موضع اسم الفاعل [بمعنى معورّة وعاورة](١) ، كما تقول : رجل عدل ، فهو عادل.
١٧٣٦ ـ قوله تعالى : (أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ) ـ ١٩ ـ وزنه أفعلة ، جمع «شحيح» مثل : رغيف وأرغفة ، ولكن نقلت حركة الحاء الأولى على الشين ، وأدغمت في الحاء الثانية. وأصله «أشححة». ونصبه على الحال ، والعامل فيه (وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ) ـ ١٨ ـ فهو حال من المضمر في (الْقائِلِينَ) ؛ هذا قول الفراء (٢) ، وأجاز أيضا أن يعمل فيه فعل مضمر دل عليه (الْمُعَوِّقِينَ) ، فهو حال من الفاعل في الفعل المضمر ، كأنّه قال : يعوّقون أشحّة ، ويجوز عنده أن يكون العامل فيه (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ)(٣) ، فهو حال من المضمر في (يَأْتُونَ). وأجاز أيضا نصبه على الذم. ولا يجوز عند البصريين أن يكون العامل (الْمُعَوِّقِينَ) ولا (الْقائِلِينَ) ؛ لأنّه يكون داخلا في صلة الألف واللّام ، وقد فرقت بينهما بقوله : (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) ، وهو غير داخل في الصلة ، إلّا أن تجعل (وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ) في موضع الحال من المضمر في «القائلين» ، فيجوز أن تكون أيضا (أَشِحَّةً) حالا من ذلك
__________________
(١) زيادة في الأصل.
(٢) معاني القرآن ٣٣٨/٢.
(٣) في الأصل : «الناس» وهو تحريف.
المضمر ، ويعمل فيه (الْقائِلِينَ) ؛ لأنه كله داخل في صلة الألف واللام من (الْقائِلِينَ). ولا يحسن أن تكون (أَشِحَّةً) حالا من المضمر في (الْمُعَوِّقِينَ) ولا من المضمر في (يَأْتُونَ) ، على مذهب البصريين بوجه ؛ لأنّ (وَالْقائِلِينَ) عطف على (الْمُعَوِّقِينَ) غير داخل في صلته. و (أَشِحَّةً) إن جعلته حالا من المضمر في (الْمُعَوِّقِينَ) كان داخلا في الصلة ، وكذلك (وَلا يَأْتُونَ) فقد فرقت بين الصلة والموصول بالمعطوف.
ولا يحسن أيضا على مذهب البصريين أن يعمل فيه فعل مضمر يفسره (الْمُعَوِّقِينَ) ، كما لم يجز أن يعمل فيه (الْمُعَوِّقِينَ) ؛ لأنّ ما في الصلة لا يفسّر ما ليس في الصلة ، فافهم ذلك. والصحيح [فيه] أنّه حال من المضمر في (يَأْتُونَ) ، وهو العامل فيه. [و] قوله تعالى : (وَلا يَأْتُونَ) حال من المضمر في (الْقائِلِينَ) ، فكلاهما داخل في الصلة ؛ وكذلك إن جعلتهما جميعا حالين (١) من المضمر في (وَالْقائِلِينَ) فهو حسن ، وكلاهما داخل في الصلة. فأما نصبه على الذم فجائز.
١٧٣٧ ـ قوله تعالى : (هَلُمَّ إِلَيْنا) ـ ١٨ ـ معناه : أقبلوا إلينا ، وهذه لغة أهل الحجاز ، وغيرهم يقول : «هلمّوا» للجماعة ، و «هلمّي» للمرأة.
وأصل (هَلُمَّ) : ها المم ، ف «ها» للتنبيه ، و «المم» معناه : اقصد إلينا ، وأقبل إلينا ؛ لكن كثر الاستعمال فيها فحذفت ألف الوصل من «المم» لما تحرّكت اللام بضمة الميم الأولى عند الإدغام فصارت : هالمّ ، فحذفت ألف «ها» لسكونها وسكون اللام بعدها ؛ لأنّ حركتها عارضة ، كما حذفت الواو في (قالُوا الْآنَ جِئْتَ)(٢) في قراءة ورش ، وقد تحركت اللام فلم يعتدّ بحركتها لأنها عارضة ، كذلك حركة اللام من «لمّ» لم يعتدّ بها ، وجرت على أصلها ، فحذفت ألف «ها» لسكونها وسكون اللام في الأصل ،
__________________
(١) في الأصل : «ليس» وهو تحريف.
(٢) سورة البقرة : الآية ٧١ ، وقد قرأ أهل المدينة «قال لان» بتخفيف الهمزة مع حذف الواو لالتقاء الساكنين. تفسير القرطبي ٤٥٥/١.
فاتصلت الهاء باللام ، فصارت «هلمّ» كما ترى ، وفتحت الميم (١) لالتقاء الساكنين ، كما تقول : ردّ ومدّ. وقد قيل : إنّ ألف «ها» إنما حذفت لسكونها وسكون اللام قبل أن تلقى حركة الميم الأولى على اللام ، فصارت : هلمم ، فألقيت حركة الميم الأولى على اللام ، وأدغمت في التي بعدها ، فصارت : «هلمّ» ، كما ترى.
١٧٣٨ ـ قوله تعالى : (إِلَّا قَلِيلاً) ـ ١٨ ـ نعت لمصدر محذوف ، أو لظرف محذوف ، تقديره : [إلّا] إتيانا قليلا ، أو إلّا وقتا قليلا ، ومثله : (ما قاتَلُوا إِلَّا قَلِيلاً) ـ ٢٠ ـ
١٧٣٩ ـ قوله تعالى : (أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ) ـ ١٩ ـ حال من المضمر في (سَلَقُوكُمْ) وهو العامل فيه (٢).
١٧٤٠ ـ قوله تعالى : (وَما زادَهُمْ) ـ ٢٢ ـ الهاء والميم تعود على النظر ؛ لأن معنى قوله : (وَلَمَّا رَأَ الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزابَ :) أي ولما نظر. وقيل أيضا : المضمر يعود على الرؤية ؛ لأن «رأى» تدل على الرؤية ، وجاز تذكيرها ؛ لأنّ تأنيثها غير حقيقي ، [تقول : رأي ورؤية](٣).
١٧٤١ ـ قوله تعالى : (صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) ـ ٢٣ ـ (ما) في موضع نصب ب (صَدَقُوا) ، وهي مع الفعل مصدر تقديره : صدقوا العهد ، أي وفوا به.
١٧٤٢ ـ قوله تعالى : (فَتَعالَيْنَ) ـ ٢٨ ـ هو من «العلوّ» ، وأصله الارتفاع ، ولكن كثر استعماله حتى استعمل في معنى «انزل» ، فيقال للمتعالي : تعال ، أي (٤) انزل وأقبل.
__________________
(١) في الأصل : و «فتحت اللام».
(٢) في الأصل : «سلقوكم أشحة ، وهو العامل في أشحة».
(٣) زيادة في الأصل.
(٤) في الأصل : «إذا».
١٧٤٣ ـ قوله تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَ) ـ ٣٣ ـ من كسر (١) القاف جعله من الوقار والتوقر في البيوت ، فيكون مثل «عدن وزنّ» ، [من : وعدن ووزنّ ووقرن ، يقرن ويزنّ ويعدن](٢) ، لأنه (٣) في الأمر محذوف الفاء لتحرك العينات. ويجوز أن يكون من القرار ، فيكون مضعّفا ، يقال : قرّ في المكان يقرّ ؛ هذه اللغة المشهورة ، فيكون أصله : واقررن ، ثمّ يبدل من الراء التي هي عين الفعل ياء ، كراهة التضعيف ، كما أبدلوا في قيراط ودينار ، [أصله : قرّاط ودنّار ، ألا ترى أنه يجمع على الأصل : قراريط ودنانير. وكذلك «واقررن» تبدل من الراء ياء](٤) ، فتصير الياء مكسورة ؛ [لأنها في محل الراء المحذوفة ، فتنقل الكسرة](٥) ، فتلقى حركتها على ما قبلها ، وهي القاف ، وتحذف الياء لسكونها وسكون الراء التي بعدها ، فيستغنى عن ألف الوصل لتحرّك القاف فيصير (وَقَرْنَ). وقيل : بل حذفت الراء الأولى كراهة التضعيف ، كما قالوا : ظلت (٦) ، [والأصل] ظللت ، وألقيت حركتها على القاف ، فحذفت ألف الوصل لتحرّك القاف أيضا.
فأمّا من فتح القاف فهي لغة حكاها أبو عبيد (٧) عن الكسائي أنه يقال : قررت في المكان أقرّ [على فعل يفعل](٨) ، وهي لغة قليلة ، قد أنكرها (٩) المازنيّ وغيره ، ثم جرى الاعتلال على الوجهين المذكورين في الكسر أولا. وقد قيل : هو مأخوذ من : قررت به عينا أقرّ به ، ثم أعلّ على أحد
__________________
(١) الكسر قراءة غير نافع وأبي جعفر وعاصم ، وقرأ هؤلاء بالفتح. النشر ٣٣٤/٢ ؛ والتيسير ص ١٧٩ ؛ والإتحاف ص ٣٥٥.
(٢) زيادة في الأصل.
(٣) في سائر النسخ : «لأنه محذوف الفاء وهو الواو».
(٤) في(ح ، د ، ق) : «ظلت» بكسر الظاء ، وكذا تفسير القرطبي ١٧٨/١٤ ؛ وفي القرآن الكريم : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) سورة الواقعة الآية : ٦٥.
(٥) في(ح ، ظ ، ق ، ك) «أبو عبيدة» وأثبت ما في الأصل و (د) ؛ وتفسير القرطبي.
(٦) زيادة في الأصل.
(٧) في الأصل : «ذكرها» وهو تحريف.
الأصلين المذكورين أوّلا ، فاعلمه (١).
١٧٤٤ ـ قوله تعالى : (أَهْلَ الْبَيْتِ) ـ ٣٣ ـ نصب على النداء ، وإن نصبت على المدح جاز. ويجوز في الكلام الخفض على البدل من الكاف والميم في «عنكم» (٢) عند الكوفيين ، ولا يجوز ذلك عند البصريين ؛ لأنّ الغائب لا يبدل من المخاطب لاختلافهما. وقيل : إنه لم يجز ، لأنّ البدل يأتي على البيان ، والمخاطب والمخاطب لا يحتاجان إلى بيان.
١٧٤٥ ـ قوله تعالى : (وَالْحافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحافِظاتِ) ـ ٣٥ ـ أعمل الأول من هذين الفعلين ، وكان قياسه على أصول باب إعمال الفعلين (٣) ، لو أخّر مفعول الفعل الأوّل ، أن يقال : والحافظاتها ، ولكن لما قدّمه (٤) استغنى عن الضمير لبيان المعنى في أنّ الأول هو المعمل ؛ إذ مفعوله بعده لم يتأخّر بعد الفعل الثاني ، وحذف الضمير من هذا إذا [ما] تقدّم مفعول (٥) الأول حسن فصيح ، وإثبات الضمير إذا ما تأخر مفعول الأول في آخر الكلام أحسن وأفصح. ومثله في القياس : (وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِراتِ) ، لو تأخّر المفعول إلى آخر الكلام لكان وجه الكلام «والذّاكراته» ، فلمّا تقدّم حسن حذف الضمير ، وإثباته جائز في الكلام لتقدم ذكره.
١٧٤٦ ـ [قوله تعالى : (وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ) ـ ٣٧ ـ (اللهَ) ابتداء ، و (أَحَقُّ) خبره ، و (أَنْ) في موضع نصب على حذف الخافض. وإن شئت جعلت (أَنْ) وما بعدها ابتداء ثانيا ، و (أَحَقُّ) خبره ، والجملة خبر عن (اللهُ). وإن شئت جعلت (أَنْ) وما بعدها بدلا من الله ، مبتدا ، و (أَحَقُّ)
__________________
(١) الكشف ١٩٧/٢ ؛ والبيان ٢٦٨/٢ ؛ والعكبري ١٠٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٧٨/١٤.
(٢) في الأصل : «عنكم أهل البيت».
(٣) في سائر النسخ : «على أصول هذا الباب».
(٤) في الأصل : «قدمها».
(٥) في(ق ، ظ ، ك) : معمول.
خبره. ولا يجوز أن تقدر إضافة (أَحَقُّ) إلى (أَنْ) البتّة ؛ لأنّ أفعل لا يضاف إلّا إلى ما هو بعضه].
١٧٤٧ ـ قوله تعالى : (سُنَّةَ اللهِ) ـ ٣٨ ـ مصدر عمل فيه معنى ما قبله.
١٧٤٨ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ) ـ ٣٩ ـ (الَّذِينَ) في موضع خفض على البدل أو على النعت لقوله : (فِي الَّذِينَ خَلَوْا) ـ ٣٨ ـ
١٧٤٩ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) ـ ٤٠ ـ (رَسُولَ اللهِ) خبر كان مضمرة ، تقديره : ولكن كان محمد رسول الله. ومن رفعه (١) فعلى إضمار [«هو» ، أي] : هو رسول الله.
١٧٥٠ ـ قوله تعالى : (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً) ـ ٥٠ ـ عطف على الأزواج وما بعدهنّ ، والعامل في ذلك كله (أَحْلَلْنا). ومن قرأ : (إِنْ وَهَبَتْ) بفتح «أن» ، وهو مرويّ (٢) عن الحسن [البصري](٣) ، جعل «أن» بدلا من (امْرَأَةً). وقيل : هو على حذف حرف الجر ، أي : لأن وهبت.
١٧٥١ ـ قوله تعالى : (خالِصَةً لَكَ) ـ ٥٠ ـ حال.
١٧٥٢ ـ قوله تعالى : (لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ) ـ ٥٠ ـ اللام متعلقة بقوله تعالى : (أَحْلَلْنا) ، وقيل : ب (فَرَضْنا)(٤).
١٧٥٣ ـ قوله تعالى : (بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ) ـ ٥١ ـ (كُلُّهُنَّ) تأكيد للمضمر في (يَرْضَيْنَ)(٥) ، ولا يجوز أن تكون تأكيدا للمضمر في (آتَيْتَهُنَّ) ؛ لأن المعنى على خلافه (٦).
__________________
(١) قرأ بذلك ابن أبي عبلة. تفسير القرطبي ١٩٦/١٤.
(٢) قرأ بذلك أيضا أبيّ بن كعب والثقفي وسلام والشعبي. تفسير القرطبي ٢٠٩/١٤ ؛ والبحر المحيط ٢٤٢/٧ ؛ والمحتسب ١٨٢/٢.
(٣) زيادة في الأصل.
(٤) في الأصل : «بفرضنا لكيلا».
(٥) في الأصل : «يرضين كلهن».
(٦) معاني القرآن للفراء ٣٤٦/٢.
١٧٥٤ ـ قوله تعالى : (إِلَّا ما مَلَكَتْ) ـ ٥٢ ـ (ما) في موضع رفع على البدل من (النِّساءُ) ، أو في موضع نصب على الاستثناء. ولا يجوز أن تكون في موضع نصب ب (مَلَكَتْ) ؛ لأنّ الصلة لا تعمل في الموصول ، وفي الكلام «هاء» محذوفة [من الصلة] ، بها يتمّ الكلام ، تقديره : إلّا ما ملكته يمينك [مما أفاء الله عليك](١). ويجوز أن تجعل (ما) والفعل مصدرا في موضع المفعول ، فيكون المصدر في موضع نصب ، لأنه استثناء ليس من الجنس ، ولا يحتاج إلى حذف هاء ، تقديره : إلا ملك يمينك ، وملك بمعنى مملوك ، فيكون بمنزلة قولهم : هذا درهم ضرب الأمير ، أي : مضروبه (٢).
١٧٥٥ ـ [قوله تعالى : (غَيْرَ ناظِرِينَ إِناهُ)] ـ ٥٣ ـ (إِناهُ) ظرف زمان ، [أي وقته](٣) ، وهو مقلوب من «آن» الذي بمعنى الحين ، قلبت النون قبل الألف ، وغيّرت الهمزة إلى الكسر ، فمعناه : غير ناظرين آنه ، أي حينه ، ثم قلب ، وغيّر على ما ذكرنا.
ونصب (غَيْرَ) على الحال من الكاف والميم في «لكم» ، والعامل فيه (يُؤْذَنَ). ولا يحسن أن تجعل (غَيْرَ) وصفا للطعام ، لأنه يلزم فيه أن تظهر الضمير الذي في (ناظِرِينَ) ، فيلزم أن تقول : غير ناظرين أنتم إناه ، لأنّ اسم الفاعل إذا جرى صفة أو خبرا أو حالا أو صلة ، على غير من هو له ، لم يستتر فيه ضمير الفاعل ، وذلك في الفعل جائز ، فلو قال في الكلام : إن أذن لكم إلى طعام لا تنتظرون إناه ، فكلوا ، لجاز أن تكون «لا تنتظرون» وصفا للطعام ، وأن تكون حالا من الكاف والميم في «لكم» ؛ ألا ترى أنّك تقول : زيد تضربه ، فزيد مبتدأ ، وتضربه خبر له ، وهو فعل للمخاطب ليس هو لزيد ، وفيه ضمير المخاطب مستتر ، ولو لا الهاء ما كان خبرا لزيد ؛ لأنه لم يعد عليه شيء من سببه ولا من ذكره ، فلو جعلت في موضع تضربه «ضاربه» ، لم يكن بدّ من إظهار الضمير ، فتقول : زيد ضاربه أنت ، أو أنا. وكذلك قياس : الذي تضربه زيد ، ف «تضربه» صلة الذي ،
__________________
(١) زيادة في الأصل.
(٢) في الأصل : «مضروب الأمير».