مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

ذكره ، أو سليمان عليه‌السلام ، أي : وصدّها الله عن عبادتها ، أو صدّها سليمان ـ عليه‌السلام ـ عن عبادتها.

١٦٣٠ ـ قوله تعالى : (إِنَّها كانَتْ) ـ ٤٣ ـ من كسر «إنّ» فعلى الابتداء. ومن فتحها (١) جعلها بدلا من «ما» ؛ إذا كانت فاعلة. وقيل : بل هي في موضع نصب على حذف الجار تقديره : لأنّها كانت.

١٦٣١ ـ قوله تعالى : (مَعَ سُلَيْمانَ) ـ ٤٤ ـ قيل : (مَعَ) حرف يبنى على الفتح ؛ لأنّه قد يكون اسما ظرفا ، فقوي بالتمكين في بعض أحواله فبني ، وهو حرف مبني على الفتح لكونه اسما في بعض أحواله ، وحقّه السكون. وقيل : هو اسم ظرف فلذلك فتح كالظروف. فإن أسكنت العين فهو حرف لا غير.

١٦٣٢ ـ قوله تعالى : (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ) ـ ٤٥ ـ (أَنِ) في موضع نصب على حذف الجار تقديره : بأن اعبدوا الله.

١٦٣٣ ـ قوله تعالى : (قالُوا اطَّيَّرْنا) ـ ٤٧ ـ أصله «تطيّرنا» ثم أدغمت التاء في الطاء ، فسكنت ، لأنّ أوّل المدغم لا يكون إلّا ساكنا ، ولا يدغم حرف في حرف حتى يسكن الأوّل ، فلما سكن الأوّل اجتلبت ألف وصل في الابتداء ليبتدأ بها ، وكسرت لسكونها وسكون ما بعدها. وقيل : بل كسرت لكسرة ثالث الفعل أو فتحه ، ولم يفتح لفتحة ثالث الفعل ، لئلّا يشبه ألف المتكلم. وضمّت لضمة ثالث الفعل ، لئلّا يخرج من كسر إلى ضمّ. فوزن «اطّيّرنا» على الأصل «تفعّلنا» ، ولا يمكن وزنه على لفظه ، إذ ليس في الأمثلة «افّعّلنا» بحرفين مشدّدين متواليين. وقد ذكرنا (مَهْلِكَ) ـ ٤٩ ـ في الكهف (٢).

١٦٣٤ ـ قوله تعالى : (قالُوا تَقاسَمُوا بِاللهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ) ـ ٤٩ ـ من قرأه

__________________

(١) قرأ بالفتح سعيد بن جبير ، وابن أبي عبلة ، والكسر قراءة الجمهور. البحر المحيط ٧٩/٧ ؛ وتفسير القرطبي ٢٠٨/١٣.

(٢) راجع فقرة(١٣٧٥)من سورة الكهف : الآية ٥٩.

٥٠١

بالتاء في الكلمتين (١) فإنه جعل (تَقاسَمُوا) أمرا ، وهو فعل مبني ، وكذلك من قرأه بالنون فيهما. ومن قرأهما (٢) بالياء جعل (تَقاسَمُوا) فعلا ماضيا ، لأنه إخبار عن غائب ، والأوّل إخبار عن مخاطب أو عن مخبر عن نفسه.

١٦٣٥ ـ قوله تعالى : (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْناهُمْ) ـ ٥١ ـ من قرأ (أَنَّا) بالكسر فعلى الابتداء ، و (كَيْفَ) خبر (كانَ) مقدّم ، لأنّ الاستفهام له صدر الكلام ، و (عاقِبَةُ) اسم (كانَ) ، ولا يعمل «انظر» في (كَيْفَ) ، ولكن يعمل في موضع الجملة كلها. وقيل : إنّ (كانَ) بمعنى : وقع وحدث ، و (عاقِبَةُ) اسمها ، ولا خبر لها ، و (كَيْفَ) في موضع الحال ، والتقدير : فانظر يا محمد على أيّ حال وقع عاقبة أمرهم ، ثم فسّر كيف وقعت العاقبة ؛ فقال مفسّرا مستأنفا : (أَنَّا دَمَّرْناهُمْ وَقَوْمَهُمْ).

فأمّا من قرأ «أنّا دمّرناهم» بالفتح (٣) ، فإنه جعل (كَيْفَ) خبر (كانَ) ، و «العاقبة» اسمها ، و «أنّ» بدلا من «العاقبة» في موضع رفع.

ويجوز أن تكون [كان] بمعنى : وقع وحدث ، و «أنّ» بدلا (٤) من «العاقبة» ، و (كَيْفَ) في موضع الحال. وإن شئت جعلت «أنا» خبر «كان» ، و «العاقبة» اسمها ، و (كَيْفَ) في موضع الحال ، والتقدير : فانظر يا محمد على أيّ حال كان عاقبة أمرهم تدميرهم. وقيل : «أنّ» في موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره : فانظر كيف كان عاقبة مكرهم لأنّا دمّرناهم. ويجوز في الكلام نصب «عاقبة» على خبر (كانَ) ، وتجعل (أَنَّا)

__________________

(١) أي في «لنبيتنه» و «لنقولن» ، وقرأ بالتاء حمزة والكسائي وخلف. وقرأ الباقون بالنون فيهما. التيسير ص ١٦٨ ؛ والنشر ٣٢٤/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٧ ؛ والكشف ١٦١/٢.

(٢) وهي قراءة سفيان بن عيينة عن حميد الأعرج عن مجاهد ، كما في معاني القرآن ٢٩٦/٢ ، وانظر : تفسير القرطبي ٢١٦/١٣ ؛ والبحر المحيط ٨٤/٧.

(٣) الفتح في «أنا» قراءة عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف ، وقرأ الباقون بكسرها. التيسير. ص ١٦٨ ؛ والنشر ٣٢٤/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٨.

(٤) في الأصل : «بدل».

٥٠٢

اسم (كانَ). وقيل : موضع (أَنَّا) موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هو أنّا دمّرناهم ، والجملة خبر (كانَ)(١).

١٦٣٦ ـ قوله تعالى (٢) : (فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خاوِيَةً) ـ ٥٢ ـ (خاوِيَةً) نصب على الحال. ويجوز الرفع في (خاوِيَةً) في الكلام ، من خمسة أوجه :

الأول : أن تكون «بيوتهم» بدلا من «تلك» ، و «خاوية» خبر «البيوت».

والثاني : أن تكون (خاوِيَةً) خبرا ثانيا.

والثالث : أن ترفع (خاوِيَةً) على إضمار مبتدأ ؛ أي : هي خاوية.

والرابع : أن تجعل (خاوِيَةً) بدلا من «البيوت».

والخامس : أن تجعل (بُيُوتُهُمْ) عطف بيان على «تلك» ، و (خاوِيَةً) خبر «تلك» (٣).

١٦٣٧ ـ قوله تعالى : (وَلُوطاً) ـ ٥٤ ـ انتصب (لُوطاً) على معنى : واذكر ، أو على معنى : وأرسلنا لوطا.

١٦٣٨ ـ قوله تعالى : (آللهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ) ـ ٥٩ ـ إنما جاز المفاضلة في هذا ، ولا خير في آلهتهم ؛ لأنهم خوطبوا على ما كانوا يعتقدون ؛ لأنهم كانوا يظنون أنّ في آلهتهم خيرا ، فخوطبوا على زعمهم وظنهم. وقد قيل : إن «خيرا» هنا ليست بأفعل (٤) ، إنما هي «فعل» ، فلا يلزم فيها تفاضل بين شيئين ، كما قال حسان (٥) رحمه‌الله :

__________________

(١) الكشف ١٦٣/٢ ؛ والبيان ٢٢٤/٢ ؛ والعكبري ٩٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢١٧/١٣.

(٢) اختلف ترتيب الآيات : ٥٢ ، ٥٤ ، ٥٩ ، ٦٦ ، ٧٢ ، ٨٢ ، ٨٧ ما بين النسخ ، فآثرت ترتيبها حسب ورودها في المصحف.

(٣) البيان ٢٢٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢١٨/١٣.

(٤) أي «أفعل» التي للمفاضلة.

(٥) هو حسان بن ثابت ، والبيت في ديوانه ص ٨ ، وتمامه :

أتهجوه ولست له بكفء

فشرّكما لخيركما الفداء

٥٠٣

* فشرّكما لخيركما الفداء*

أي : الذي فيه الشر منكما فداء للذي فيه الخير.

١٦٣٩ ـ قوله تعالى : (إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ) ـ ٦٥ ـ الرفع في اسم (اللهُ) جل ذكره على البدل من (مَنْ) مؤخرة (١).

١٦٤٠ ـ قوله تعالى : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) ـ ٦٦ ـ من قرأه (٢) على «أفعل» بناه على أنّ علمهم في قيام الساعة قد تناهى لا مزيد عندهم فيه ، أي لا يعلمون ذلك أبدا ؛ إذ لا مزيد في علمهم ؛ يقال : أدرك الثمر ، إذا تناهى. وقيل معناه : الإنكار ، أي : هل أدرك علمهم في الآخرة شيئا ، أي لم يدرك شيئا ، ولا وقفوا منه على حقيقة. وقيل معناه : بل كمل علمهم في أمر الآخرة فلا مزيد فيه ، ودلّ على أنّه على الإنكار قوله تعالى : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها) أي لم يدركوا وقت حدوثها ، فهم عنها عمون ؛ والعمى عن الشيء أعظم من الشك فيه. ومن قرأه بألف وصل مشدّدا فأصله «تدارك» ثم أدغمت التاء في الدال ، ودخلت ألف الوصل في الابتداء لسكون أول المشدّد ، كقوله : (اطَّيَّرْنا) ـ ٤٧ ـ ومعناه : بل تكامل علمهم في قيام الساعة فلا مزيد عندهم. وقيل معناه : بل تتابع علمهم في أمر الآخرة ، فلم يبلغوا إلى شيء (٣).

١٦٤١ ـ قوله تعالى : (فِي الْآخِرَةِ) ـ ٦٦ ـ (فِي) بمعنى الباء ، أي بالآخرة ، أي بعلم الآخرة.

__________________

ـ وهو من قصيدة قالها مادحا الرسول الكريم صلّى اللّه عليه وسلّم ، ويهجو فيها أبا سفيان ، وكان قبل إسلامه قد هجا النبي عليه السّلام.

(١) في العكبري ٩٤/٢ : «إلا اللّه : بدل من(من) ، ومعناه : لا يعلم أحد ، وقيل : (إلا)بمعنى غير ، وهي صفة لمن».

(٢) أي بقطع الهمزة مفتوحة وإسكان الدال من غير ألف بعدها ، وهي قراءة ابن كثير والبصريين وأبي جعفر ، وقرأ الباقون بوصل الهمزة وتشديد الدال مفتوحة وألف بعدها. التيسير ص ١٦٨ ؛ والنشر ٣٢٥/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٩.

(٣) الكشف ١٦٤/٢ ؛ والبيان ٢٢٦/٢ ؛ والعكبري ٩٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٢٦/١٣.

٥٠٤

١٦٤٢ ـ قوله تعالى : (رَدِفَ لَكُمْ) ـ ٧٢ ـ اللام زائدة ، ومعناه : ردفكم ، ومثله : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ)(١) ، ومثله : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ)(٢) وهو كثير ، واللام فيه زائدة ، لا تتعلّق بشيء ، [وفيه اختلاف](٣).

١٦٤٣ ـ قوله تعالى : (تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ) ـ ٨٢ ـ (أَنَّ) في موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره : تكلمهم بأنّ الناس. ويجوز ألّا تقدّر حذف حرف الجر ، وتجعل «أنّ» مفعولا بها ، على أن تجعل (تُكَلِّمُهُمْ) بمعنى «تخبرهم». ومن (٤) كسر «إنّ» فعلى الاستئناف (٥).

١٦٤٤ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ) ـ ٨٧ ـ العامل في (يَوْمَ) فعل مضمر تقديره : واذكر يوم ينفخ.

١٦٤٥ ـ قوله تعالى : (صُنْعَ اللهِ) ـ ٨٨ ـ نصب على المصدر ، لأنّه تعالى لمّا قال : (وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ) دلّ على أنّه تعالى صنع ذلك ، فعمل في (صُنْعَ اللهِ). ويجوز نصبه على الإغراء. ويجوز الرفع على معنى : ذلك صنع الله.

١٦٤٦ ـ قوله تعالى : (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) ـ ٨٩ ـ (مَنْ) شرط ، رفع بالابتداء ، و (فَلَهُ) الجواب ، وهو الخبر.

__________________

(١) سورة الحج : الآية ٢٦.

(٢) سورة يوسف : الآية ٤٣.

(٣) ما بين قوسين ساقط في الأصل ومثبت في(ظ ، ق)وهامش(ح).

(٤) قرأ بالكسر غير عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف ، وأما هؤلاء فقرءوا بفتح الهمزة. التيسير ص ١٦٩ ؛ والإتحاف ص ٣٣٩.

(٥) الكشف ١٦٧/٢ ؛ والبيان ٢٢٧/٢ ؛ والعكبري ٩٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٣٨/٣.

٥٠٥

مشكل إعراب سورة

«القصص»

١٦٤٧ ـ قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) ـ ٢ ـ (تِلْكَ) في موضع رفع بمعنى : هذه تلك ، و (آياتُ) بدل منها. ويجوز في الكلام أن تكون (تِلْكَ) في موضع نصب ب (نَتْلُوا) ، وتنصب (آياتُ) على البدل من (تِلْكَ).

١٦٤٨ ـ قوله تعالى : (وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً) ـ ٤ ـ مفعولان ل (جَعَلَ) ؛ لأنّها بمعنى «صيّر» ، فإن كانت بمعنى «خلق» تعدّت إلى [مفعول] واحد ، نحو قوله تعالى : (وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ)(١) ، أي وخلق الظلمات والنور. و «خلق» إذا كانت بمعنى «صيّر» تعدّت على مفعولين ، نحو : (ثُمَّ خَلَقْنَا)(٢) (النُّطْفَةَ عَلَقَةً)(٣) ، وإن كانت بمعنى «اخترع» و «أحدث» تعدّت إلى مفعول [واحد نحو : (خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ)(٤)](٥).

١٦٤٩ ـ قوله تعالى : (قُرَّتُ عَيْنٍ) ـ ٩ ـ رفع على إضمار مبتدأ ، أي

__________________

(١) سورة الأنعام : الآية ١.

(٢) في الأصل : «فَخَلَقْنَا» والتصحيح من(ظ)والمصحف.

(٣) سورة المؤمنون : الآية ١٤.

(٤) سورة العنكبوت : الآية ٤٤.

(٥) زيادة من(ظ ، ق).

٥٠٦

هو قرة عين لي. ويجوز أن يكون «قرة» مبتدأ ، والخبر (لا تَقْتُلُوهُ). ويجوز نصبه بإضمار فعل يفسّره (لا تَقْتُلُوهُ) ، تقديره : اتركوا قرّة عين لي لا تقتلوه (١).

١٦٥٠ ـ قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها) ـ ١٠ ـ (إِنْ) في موضع رفع ، والجواب محذوف ، وقد تقدم شرحه (٢).

١٦٥١ ـ قوله تعالى : (بَلَغَ أَشُدَّهُ) ـ ١٤ ـ (أَشُدَّهُ) عند سيبويه وزنه «أفعل» ، وهو عنده جمع «شدّة» كنعمة وأنعم. وقال غيره : هو جمع شدّ مثل قدّ وأقدّ. وقيل : هو واحد ، وليس في الكلام اسم مفرد على «أفعل» بغير هاء غيره ، إلا «أَصبُعا» في بعض لغاته.

١٦٥٢ ـ قوله تعالى : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) ـ ١٥ ـ أي من أعدائه ، ومعناه : إذا نظر إليهما الناظر قال ذلك.

١٦٥٣ ـ قوله تعالى : (خائِفاً) ـ ١٨ ـ [نصب على] خبر «أصبح» ، وإن شئت على الحال ، و (فِي الْمَدِينَةِ) خبر «أصبح».

١٦٥٤ ـ قوله تعالى : (فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ) ـ ١٨ ـ (الَّذِي) مبتدأ ، وما بعده صلته ، و (يَسْتَصْرِخُهُ) الخبر. ويجوز أن تكون «إذا» هي الخبر ، و (يَسْتَصْرِخُهُ) حال.

١٦٥٥ ـ [قوله تعالى : (تَمْشِي) ـ ٢٥ ـ في موضع الحال من (إِحْداهُما) ، والعامل فيه «جاءت». (عَلَى اسْتِحْياءٍ) في موضع الحال من المضمر في (تَمْشِي) ، والعامل فيه (تَمْشِي). ويجوز أن تكون (عَلَى اسْتِحْياءٍ) في موضع الحال المتقدّمة من المضمر في (قالَتْ) ، والعامل فيه (قالَتْ) ، والأوّل أحسن. ويحسن الوقف على (تَمْشِي) على القول الثاني ، ولا يحسن الوقف على القول الأول إلّا على (اسْتِحْياءٍ)]

١٦٥٦ ـ قوله تعالى : (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ) ـ ٢٨ ـ (ذلِكَ) مبتدأ ،

__________________

(١) تفسير القرطبي ٢٥٣/١٣.

(٢) انظر الفقرة(٩٢٨)في سورة الأعراف.

٥٠٧

وما بعده خبر ، ومعناه عند سيبويه : ذلك بيننا.

١٦٥٧ ـ قوله تعالى : (أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ) ـ ٢٨ ـ نصبت «أيا» ب «قضيت» و «ما» زائدة للتوكيد ، وخفضت (الْأَجَلَيْنِ) [بإضافة «أي» إليهما. وقال ابن كيسان : «ما» في موضع خفض بإضافة «أيّ» إليها ، وهي نكرة ، و (الْأَجَلَيْنِ) بدل من «ما» ، كذلك قال في قوله : (فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ)(١) أن «رحمة» بدل من «ما» ، وكان يتلطّف](٢) في ألّا يجعل شيئا زائدا في القرآن ، ويخرج له وجها يخرجه من الزيادة.

١٦٥٨ ـ قوله تعالى : (أَنْ يا مُوسى) ـ ٣٠ ـ (أَنْ) في موضع نصب بحذف حرف جر محذوف ، أي بأن يا موسى. (وَأَنْ أَلْقِ عَصاكَ) ـ ٣١ ـ معطوف عليها (٣).

١٦٥٩ ـ قوله تعالى : (وَلَّى مُدْبِراً) ـ ٣١ ـ (مُدْبِراً) نصب على الحال. وكذلك موضع قوله : (وَلَمْ يُعَقِّبْ) موضع نصب على الحال [أيضا].

١٦٦٠ ـ قوله تعالى : (مِنَ الرَّهْبِ) ـ ٣٢ ـ «من» متعلّقة ب «ولّى» ، أي ولّى مدبرا من الرهب.

١٦٦١ ـ قوله تعالى : (فَذانِكَ) ـ ٣٢ ـ [هو] تثنية «ذا» المرفوع ، وهو رفع بالابتداء ، وألف «ذا» مع التثنية محذوفة ؛ لدخول ألف التثنية عليها. ومن قرأه (٤) بتشديد النون فإنه جعل التشديد عوضا من [ذهاب] الألف المحذوفة من «ذا».

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ١٥٩.

(٢) في الأصل : بإضافتك(أيا)إليهما ، وهي نكرة ، و (الْأَجَلَيْنِ) بدل من(ما) ، كذلك قال في قوله تعالى : (فَبِمٰا رَحْمَةٍ مِنَ اللّٰهِ). وقال ابن السكيت : (ما)في موضع خفض بإضافة(أي)إليها. وكذلك (فَبِمٰا رَحْمَةٍ) ، و (رَحْمَةٍ) بدل من(ما). وكذلك (الْأَجَلَيْنِ) بدل من(ما)في قوله ؛ وكان مذهبه أن يتلطف». وهي عبارة مغلوطة صححت من النسخ الأخرى ، ومن تفسير القرطبي ٢٧٩/١٣ الذي ذكر العبارة بتمامها.

(٣) في الأصل : «وألقي معطوف عليها».

(٤) وهي قراءة ابن كثير وأبي عمرو ورويس ، وقرأ الباقون بتخفيف النون. التيسير ص ١٧١ ؛ والإتحاف ص ٣٤٢.

٥٠٨

وقيل : إنّ من شدّد إنما بناه على لغة من قال في الواحد «ذلك» ، فلمّا ثنّى أثبت اللام بعد نون التثنية [معناه. فذان لك](١) ، ثم أدغم اللام في النون على حكم إدغام الثاني في الأوّل ، [لا الأول في الثاني](٢). والأصل إدغام الأوّل في الثاني أبدا ، إلّا أن تمنع من ذلك علّة ، فيدغم الثاني في الأوّل ، والعلّة التي منعت من (٣) هذا ، أن يدغم الأوّل في الثاني ، أنّه لو فعل ذلك لصار في موضع النون التي تدل (٤) على التثنية لام مشدّدة ، فيتغير لفظ التثنية ، فأدغم الثاني في الأول لذلك (٥) ، فصارت نونا مشددة (٦).

وقد قيل : إنه لمّا ثنّى أثبت اللام التي في «ذلك» قبل النون ، ثم أدغم الأول في الثاني ، على أصول الإدغام ، فصارت نونا مشددة. وقيل : إنه إنّما شدّد النون في هذه المبهمات ، ليفرق بين النون التي هي عوض من حركة وتنوين ، أو من تنوين ، وذلك موجود في الواحد أو مقدّر فيه ذلك ، ومما هو غير موجود في الواحد. وقيل : شددت للفرق بين النون التي تحذف في الإضافة والنون التي لا تحذف في الإضافة أبدا ، وهو نون تثنية المبهم. وكذلك العلّة التي في تشديد النون في «اللذان» و «اللذين» ، و «هذان» ، وشبهه.

١٦٦٢ ـ قوله تعالى : (رِدْءاً) ـ ٣٤ ـ حال من الهاء في «أرسله» ، [أي أرسله في هذه الحال](٧). وكذلك (يُصَدِّقُنِي) حال ، في قراءة

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في(ق ، ظ ، ك) : «في هذا».

(٣) في الأصل : «النون الدال».

(٤) في الأصل : «لتصح نون ...» وفي(ح) : «فذلك» وأثبت ما في(ق ، ظ ، د).

(٥) في الأصل : «شديدة».

(٦) زيادة في الأصل.

٥٠٩

من (١) رفع ، أو نعت ل (رِدْءاً). ومن جزمه فعلى جواب الطلب.

١٦٦٣ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ)(٢) (الْقِيامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) ـ ٤٢ ـ انتصب (يَوْمَ) على أنّه مفعول به على السّعة ، كأنه قال : وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ، [ولعنة يوم القيامة](٣) ، ثم حذف «اللعنة» لدلالة الأولى عليها ، وقام اليوم مقامها ، فانتصب انتصابها. ويجوز أن تنصب «اليوم» تعطفه على موضع (فِي هذِهِ الدُّنْيا) ، كما قال :

* إذا ما تلاقينا من اليوم أو غدا (٤) *

ويجوز نصب (يَوْمَ) على أنّه ظرف للمقبوحين ، أي وهم من المقبوحين يوم القيامة ، ثم قدّم الظرف.

١٦٦٤ ـ قوله تعالى : (بَصائِرَ وَهُدىً وَرَحْمَةً) ـ ٤٣ ـ نصب كله على الحال من (الْكِتابَ).

١٦٦٥ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) ـ ٤٦ ـ انتصبت «الرحمة» على المصدر عند الأخفش (٥) ، بمعنى : ولكن رحمك ربّك رحمة يا محمد ، وهو مفعول من أجله عند الزجّاج (٦) ، أي ولكن للرّحمة فعل ذلك لك ، أي من أجل الرحمة. وقال الكسائيّ : هي خبر «كان»

__________________

(١) قرأ برفع القاف من «يصدقني» عاصم وحمزة ، وقرأ الباقون بجزمها. النشر ٣٢٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٧١ ؛ والإتحاف ص ٣٤٣.

(٢) في الأصل : «يوم» بدون واو.

(٣) في الأصل : «وأتبعناهم يوم القيامة لعنة».

(٤) هو عجز بيت نسبه سيبويه إلى كعب بن جعيل. وصدره :

ألا حيّ ندماني عمير بن عامر الكتاب ٣٥/١ ؛ والمقتضب ١١٢/٤ ؛ والمحتسب ٣٦٢/٢ ؛ والحجة ٢٠/١ عجزه.

(٥) معاني القرآن ص ٤٣٣.

(٦) معاني القرآن ١٤٧/٤.

٥١٠

مضمرة بمعنى : ولكن كان ذلك رحمة من ربك. ويجوز في الكلام الرفع على معنى : ولكن هي رحمة (١).

١٦٦٦ ـ قوله تعالى : (بَطِرَتْ مَعِيشَتَها) ـ ٥٨ ـ نصب «المعيشة» عند المازني على تقدير حرف جر محذوف ، معناه : بطرت في معيشتها (٢). وقال الفرّاء (٣) : هي نصب على التفسير ؛ وهو بعيد ، لأنها معرفة ، والتفسير لا يكون إلا نكرة [لتوقع المخاطب ما لم يعرفه](٤). وقيل : هي نصب ب (بَطِرَتْ) ، و (بَطِرَتْ) بمعنى : جهلت ، أي جهلت القرية ، أي أهل القرية ، شكر معيشتها ، ثم حذف المضاف.

١٦٦٧ ـ قوله تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ) ـ ٦٨ ـ (ما) الثانية للنفي ، لا موضع لها من الإعراب. وقال [بعض العلماء] ، الطبريّ (٥) وغيره : هي في موضع نصب ب (يَخْتارُ) ؛ وليس ما قاله بحسن في الإعراب ، لأنّه لا عائد يعود على ما في الكلام ، وهو أيضا بعيد في المعنى والاعتقاد (٦) ، لأنّ كونها للنفي يوجب عموم (٧) جميع الأشياء [في الخير والشر](٨) ، أنها حدثت بقدر الله واختياره ، وليس (٩) لمخلوق فيها اختيار غير اكتسابه بقدر من الله له.

وإذا كانت (١٠) (ما) في موضع نصب ب (يَخْتارُ) ، لم تعمّ جميع

__________________

(١) تفسير القرطبي ٢٩٢/١٣.

(٢) تفسير القرطبي ٣٠١/١٣.

(٣) معاني القرآن ٣٠٨/٢.

(٤) زيادة في الأصل.

(٥) تفسير الطبري ١٠٠/٢٠.

(٦) في الأصل : «في المعنى وفي اعتقاد مذاهب أهل السنة».

(٧) في(ح) «أن تعم».

(٨) زيادة في الأصل.

(٩) في(ح ، ظ ، ك) : «وليس للعبد فيها شيء غير اكتسابه بقدر من اللّه».

(١٠) في(ح ، ظ ، ك ، ق) : «وإذا جعلت».

٥١١

الأشياء ، أنّها مختارة لله ، إنما أوجبت أنه يختار ما كان لهم فيه الخيرة لا غير ، ونفي ما ليس لهم فيه الخيرة ، وهو الخير موقوفا. وهذا هو مذهب القدريّة والمعتزلة. فكون (ما) للنفي أولى في المعنى وأصحّ في التفسير ، وأحسن في الاعتقاد ، وأقوى في العربيّة ؛ ألا ترى أنّك لو جعلت «ما» في موضع نصب لكان ضميرها في (كانَ) اسمها ، ولوجب نصب (الْخِيَرَةُ) ، ولم يقرأ بذلك أحد.

وقد قيل في تفسير هذه الآية : إن معناها : وربّك يا محمد يخلق ما يشاء ، ويختار لولايته ورسالته من يريد ، ثم ابتدأ بنفي الاختيار عن المشركين ، وأنّهم لا قدرة لهم ، فقال : (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) ، أي ليس الولاية والرسالة وغير (١) ذلك باختيارهم ولا بمرادهم ، والله أعلم بما أراد من ذلك. وهذه الآية تحتاج إلى بسط أكثر من هذا ، وفيما أشرنا إليه كفاية.

١٦٦٨ ـ قوله تعالى : (ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ) ـ ٧٦ ـ (ما) في موضع نصب ب (آتَيْناهُ) مفعولا (٢) ثانيا ، و (إِنَّ) واسمها وخبرها وما يتصل بها إلى قوله : (أُولِي الْقُوَّةِ) في صلة (ما). وواحد «أولي» «ذي».

١٦٦٩ ـ قوله تعالى : (وَيْكَأَنَّ اللهَ) ـ ٨٢ ـ أصلها «وي» منفصلة من الكاف. قال سيبويه (٣) عن الخليل في معناها : إنّ القوم انتبهوا أو نبّهوا ، فلما انتبهوا قالوا : وي ، وهي ، أعني «وي» ، كلمة يقولها المتندّم إذا أظهر ندامته. وقال الفرّاء (٤) : «وي» متصلة بالكاف ، وأصلها : ويلك إنّ الله ، ثم حذفت اللام ، واتصلت الكاف ب أنّ (٥) ؛ وفيه بعد في المعنى والإعراب ؛ لأنّ القوم لم يخاطبوا أحدا ، ولأنّ حذف اللام من هذا

__________________

(١) في الأصل : «وغير ذلك إلى اختيارهم ومرادهم».

(٢) في الأصل : «ومفعولا».

(٣) الكتاب ٢٩٠/١.

(٤) معاني القرآن ٣١٢/٢.

(٥) في الأصل : «وي».

٥١٢

لا يعرف ، ولأنّه كان يجب أن تكون (أَنْ) مكسورة ، إذ لا شيء يوجب فتحها.

١٦٧٠ ـ قوله تعالى : (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) ـ ٨٨ ـ انتصب «الوجه» على الاستثناء ، ويجوز في الكلام الرفع ، على معنى الصّفة ، كأنّه قال : غير وجهه ، كما قال :

وكلّ أخ مفارقه أخوه

لعمر أبيك إلّا الفرقدان (١)

أي غير الفرقدين ، فغير صفة لكل ، كذلك جواز الآية.

__________________

(١) البيت من شواهد سيبويه ٣٧١/١ ونسبه إلى عمرو بن معدي كرب ؛ وفي الخزانة ٥٢/٢ ، ٧٩/٤ نسب إلى عمرو أيضا وإلى صحابي آخر هو حضرمي بن عامر ؛ كما يروى لسوار بن المضرب ؛ وفي المؤتلف والمختلف ص ١١٦ نسب فيه أيضا إلى حضرمي بن عامر. والبيت من شواهد المغني ٧٦/١. والشاهد فيه كون (إِلاّٰ) بمعنى(غير) ، على تقدير : وكل أخ غير الفرقدين مفارقه أخوه.

٥١٣

مشكل إعراب سورة

«العنكبوت»

١٦٧١ ـ قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) ـ ٢ ـ (أَنْ) في موضع نصب ب (حَسِبَ).

١٦٧٢ ـ وقوله تعالى : (أَنْ يَقُولُوا) ـ ٢ ـ [«أَنْ»] في موضع نصب بحذف الخافض ، أي بأن يقولوا ، أو لأن يقولوا : وقيل : هي بدل من الأولى.

١٦٧٣ ـ قوله تعالى : (ساءَ ما يَحْكُمُونَ) ـ ٤ ـ (ما) نكرة ، وهي في موضع نصب ب (ساءَ) ، أي ساء شيئا يحكمونه. وقيل : (ما) في موضع رفع ، وهي معرفة ، تقديره : ساء الشيء الذي يحكمونه. وقال ابن كيسان : (ما) مع الفعل مصدر ، في موضع رفع تقديره : ساء حكمهم (١).

١٦٧٤ ـ قوله تعالى : (بِوالِدَيْهِ حُسْناً) ـ ٨ ـ أيّ ووصيناه بوالديه أمرا ذا حسن ، ثم أقام الصفة مقام الموصوف ، وهو «الأمر» ، ثم حذف المضاف وهو «ذا» وأقام المضاف إليه مقامه ، وهو «حسن».

١٦٧٥ ـ قوله تعالى : (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) ـ ١٢ ـ لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الشرط والجزاء.

__________________

(١) تفسير القرطبي ٣٢٧/١٣.

٥١٤

١٦٧٦ ـ قوله تعالى : (أَلْفَ سَنَةٍ) ـ ١٤ ـ (أَلْفَ) نصب على أنها ظرف. و (خَمْسِينَ) نصب على الاستثناء. وإنما انتصب الاستثناء عند سيبويه (١) لأنّه كالمفعول به ، إذ هو مستغنى (٢) عنه كالمفعول ، فأتى بعد تمام الكلام ، فانتصب [كالمفعول]. ونصبه عند الفراء ب «أن» ؛ لأنّ أصل (إِلَّا) عنده : إن لا ، فإذا نصب نصب ب «إن» ، وإذا رفع رفع ب «لا» (٣). ونصبه عند المبرد (٤) على أنه مفعول به ، و «إلّا» عنده قامت مقام الفعل الناصب للأسماء ، فهي تقوم مقام : أستثني واستثنيت فلانا ، ولا يستثنى من العدد إلّا أقلّ من النصف عند أكثر النحويين.

١٦٧٧ ـ قوله تعالى : (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) ـ ١٦ ـ نصبت (إِبْراهِيمَ) على العطف على الهاء في «أنجيناه». وقيل : هو معطوف على «نوح» في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) ـ ١٤ ـ [أي] وأرسلنا إبراهيم. وقيل : هو منصوب بإضمار فعل ، أي : واذكر إبراهيم.

__________________

(١) الكتاب ٣٦٩/١.

(٢) أي فضلة.

(٣) انظر : البيان ٢٤١/٢.

(٤) المقتضب ٣٩٠/٤.

(٥) في نسخة الأصل بعد كلمة «النحويين» كلام مقحم على كتاب المشكل ، وهو ساقط في باقي النسخ ، فآثرت إثباته في الهامش ، وهو :

«زيادة من معاني القرآن لابن فورك رحمه اللّه : فإن سأل سائل وقال : ما حكم الاستثناء في قول القائل : لك عندي ألف إلا ألفين ، في الإقرار؟ قيل : إنه أقر بثلاثة آلاف لأنه استثنى زائدا من ناقص ، ودليله هذه الآية(إلا ما شاء اللّه)في هود. وكأن المقر قال له : عندي ألف إلا ألفين متقدمين ، فمعنى «إلا» هاهنا كمعنى الواو ؛ قاله الفراء. وإذا قال : ما لك عندي ألف إلا ألفان ، فقد أقر بألفين ، وكأنه قال : مالك عندي سوى ألفين. ولو قال : لك عندي ألف إلا ألفان ، بالرفع ، فإنما أقر بألف فقط ؛ لأنها صفة مثبتة ؛ كأنه قال : «لك عندي ألف لا ألفان. عاد الكلام إلى مشكل الإعراب». وابن فورك : هو محمد بن الحسن بن فورك الأنصاري ، أبو بكر ، واعظ ، عالم بالأصول والكلام ، من فقهاء الشافعية ، له تصانيف كثيرة. مات مسموما سنة ٤٠٦ ه‍ ، (طبقات السبكي ١٢٧/٤ ؛ وسير أعلام النبلاء ٢١٤/١٧ ؛ وشذرات الذهب ١٨١/٣).

٥١٥

١٦٧٨ ـ قوله تعالى : (وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ) ـ ٢٢ ـ أي : ولا من في السماء بمعجز ، فيكون (فِي السَّماءِ) نعتا (١) ل «من» المحذوفة ، في موضع رفع ، ثم يقوم النعت مقام المنعوت ، وفيه بعد ، لأنّ نعت النكرة كالصّلة لها ، ولا يحسن حذف الموصول ، وقيام الصلة (٢) مقامه ، [والحذف في الصفة أحسن منه في الصلة](٣).

١٦٧٩ ـ قوله تعالى : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ) ـ ٢٥ ـ (ما) بمعنى الذي ، وهي اسم «إنّ» ، والهاء العائدة على الذي مضمرة ، تقديره : إنّ الذي اتخذتموه. وقوله (أَوْثاناً) مفعول ثان ل «اتخذتم» والهاء المحذوفة هي المفعول الأول ل (اتَّخَذْتُمْ). و (مَوَدَّةَ) خبر «إنّ». وقيل : هي رفع بإضمار : هو مودّة. وقيل : هي رفع بالابتداء ، و «في الحياة الدنيا» الخبر ، والجملة خبر «إنّ» ، و (بَيْنِكُمْ) خفض بإضافة (مَوَدَّةَ) إليه. وجاز أن تجعل الذي اتخذتموه من دون الله مودّة ، على الاتّساع ، وتصحيح ذلك أن يكون التقدير : إنّ الذي اتخذتموه من دون الله أوثانا ذو (٤) مودّة بينكم.

وقد قرئ بنصب (٥) (مَوَدَّةَ) ، وذلك على أن تكون «ما» كافة لعمل «إنّ» ، فلا ضمير محذوف في «اتخذتم» ، فتكون «أوثان» مفعولا ل (اتَّخَذْتُمْ) ، لأنّه تعدّى إلى مفعول واحد ، واقتصر عليه ، كما قال : (إِنَّ

__________________

(١) في الأصل : «نعت».

(٢) في الأصل : «صلته» ..

(٣) تكملة من(ظ ، ق ، د ، ك).

(٤) في الأصل و (د) : «ذوو» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، ك).

(٥) قرأ بنصب «مودة» حمزة وحفص وروح ، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ورويس برفع «مودة» من غير تنوين وخفض «بينكم». وقرأ الباقون بنصبها منونة ونصب «بينكم». النشر ٣٢٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٧٣ ؛ والإتحاف ص ٣٤٥.

٥١٦

الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ)(١) ، وتكون (مَوَدَّةَ) مفعولا من أجله ، أي إنما اتخذتم الأوثان من دون الله للمودة فيما بينكم ، لا لأنّ عند الأوثان نفعا أو ضرّا.

ومن نوّن (مَوَدَّةَ) في النصب أو في الرفع ، جعل (بَيْنِكُمْ) ظرفا ، فنصبه [نصب الظروف](٢) ، وهو الأصل ، والإضافة اتّساع في الكلام ، والعامل في الظرف «المودة». ويجوز أن تنصب (بَيْنِكُمْ) في قراءة من نوّن «مودة» على الصفة للمصدر ، لأنّه نكرة ، والنكرة توصف بالظروف والجمل والأفعال. فإذا نصبت (بَيْنِكُمْ) على أنه ظرف ، جاز أن يكون قوله (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ظرفا للمودة أيضا ، وكلاهما متعلق بالعامل وهو (مَوَدَّةَ) ، لأنهما ظرفان مختلفان ، أحدهما للزمان ، والآخر للمكان ، وإنما يمنع أن يتعلّق بعامل واحد ظرفا زمان ، أو ظرفا مكان ، ولا ضمير في واحد من هذين الظرفين ؛ إذ لم يقم واحد منهما مقام محذوف مقدّر (٣).

وإذا جعلت قوله (بَيْنِكُمْ) صفة ل (مَوَدَّةَ) كان متعلقا بمحذوف ، وفيه ضمير كان في المحذوف الذي هو صفة في الحقيقة ، فيكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) في موضع الحال من ذلك الضمير في (بَيْنِكُمْ) ، والعامل فيه الظرف وهو (بَيْنِكُمْ) ، وفي الظرف وهو (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ضمير يعود على ذي الحال. والصّفة لا بدّ أن يكون فيها عائد على الموصوف ، فإذا قام مقام الصفة [ظرف] صار ذلك الضمير في الظرف ، كما يكون في الظرف إذا كان خبرا لمبتدإ أو حالا ، وقد تقدّم شرحه.

ولا يجوز أن (٤) يعمل في قوله تعالى (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، وهو حال من المضمر في (بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً) ، لأنّك قد وصفت المصدر بقوله (بَيْنِكُمْ) ،

__________________

(١) سورة الأعراف : الآية ١٥٢.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) في الأصل : «تقدره».

(٤) أراد لفظ «مودة».

٥١٧

ولا يعمل بعد الصّفة ، لأن المعمول فيه داخل في الصلة ، والصفة غير داخلة في الصلة ، فتكون قد فرّقت بين الصلة والموصول ، فلا يعمل فيه إذا كان حالا من المضمر في (بَيْنِكُمْ) إلا (بَيْنِكُمْ) ، وفيه ضمير يعود على المضمر في (بَيْنِكُمْ) ، وهو هو ، لأنّ كلّ حال لا بدّ أن يكون فيها ضمير يعود على ذي الحال كالصفة. وأيضا فإنّ قوله : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) إذا جعلته حالا من المضمر في (بَيْنِكُمْ) ، والمضمر في (بَيْنِكُمْ) إنما ارتفع بالظرف ؛ وجب أن يكون العامل في الحال الظرف أيضا ، لأن العامل في ذي الحال هو العامل في الحال أبدا ؛ لأنها هو في المعنى (١) ، فلا يختلف العامل فيهما ؛ لأنه لو اختلف فيهما لكان قد عمل عاملان في شيء واحد ؛ إذ الحال هي صاحب الحال (٢) ، فلا يختلف العامل فيهما.

ويجوز أن تكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) صفة ل (مَوَدَّةَ) و (بَيْنِكُمْ) صفة أيضا ، فلا بدّ أن يكون في كل واحد منهما ضمير يعود على «المودة» ، والعامل فيهما المحذوف الذي هو صفة على الحقيقة ، وفيه كان الضمير ، فلمّا قام الظرف مقامه انتقل الضمير إلى الظرف ، كما ينتقل إلى الظروف إذا كانت أخبارا للمبتدإ وتقدير المحذوف كأنّه قال : إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة مستقرّة بينكم ثابتة في الحياة الدنيا ، ثم حذفت «مستقرة» وفيها ضمير ، و «ثابتة» وفيها ضمير ، يعودان على «المودة» ، وقام (بَيْنِكُمْ) مقام «مستقرة» التي هي صفة ، فصار الضمير الذي كان فيها يعود على الموصوف في (بَيْنِكُمْ) ، فصارت صفة للمودة ؛ لأنها خلف عن الصفة ، وكذلك حذفت «ثابتة» وفيها ضمير ، وأقمت (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) مقامها ، فصار الضمير في قولك : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، وذلك المحذوف هو العامل في الظرفين جميعا ، وقاما مقام المحذوفين [من] الصفتين ، فصارا صفتين ، فيهما ضميران يعودان على الموصوف. وعلى هذا القياس يجري كل

__________________

(١) في الأصل : «لأنّ الحال المفعول في المعنى».

(٢) في الأصل : «هي صاحب الحال واسم فعله».

٥١٨

ما أشبهه ، فاعلم وافهم هذه المسألة ، فقد كشفت لك [فيها] سرائر النحو وغرائبه (١).

١٦٨٠ ـ وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) ـ ٢٧ ـ حرف الجر في قوله (فِي الْآخِرَةِ) متعلق بمحذوف تقديره : وإنّه صالح في الآخرة لمن الصالحين. [وقيل : هو تبيين تقدم ، وقيل : هو متعلق ب (الصَّالِحِينَ)] والألف واللام للتعريف ، وليستا بمعنى الذين ؛ [لتقدم الصلة](٢).

١٦٨١ ـ قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) ـ ٢٨ ـ هو عطف على الهاء في (فَأَنْجَيْناهُ) ـ ١٥ ـ. وقيل : عطف على «نوح» في قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً) ـ ١٤ ـ. وقيل : هو نصب على تقدير : واذكر لوطا ، والعامل في «إذ» هو العامل في «لوط».

١٦٨٢ ـ قوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ) ـ ٣٨ ـ عطف على (الَّذِينَ) في قوله : (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) ـ ٣ ـ (وَعاداً وَثَمُودَ.) وقيل : هو عطف على الهاء والميم في قوله : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ) ـ ٣٧ ـ وهو أقرب من الأوّل وقيل التقدير : وأهلكنا عادا وثمودا.

١٦٨٣ ـ قوله تعالى : (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) ـ ٣٩ ـ عطف على «عاد» في جميع وجوهه ، وهي أسماء أعجميّة معرفة ، فلذلك لم تنصرف. وقيل : إنهم عطف على الهاء والميم في قوله : (فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ) ـ ٣٨ ـ أي : صد قارون وفرعون وهامان.

١٦٨٤ ـ قوله تعالى (كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ) ـ ٤١ ـ الكاف في موضع رفع خبر المبتدأ وهو قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا.) وقيل : هي في موضع نصب على الظرف. وجمع «العنكبوت» عناكيب ، وعناكب ، وعكاب ، وعكب ، وأعكب.

__________________

(١) انظر : الكشف ١٧٨/٢ ؛ والبيان ٢٤٢/٢ ـ ٢٤٣ ؛ والعكبري ٩٨/٢ ـ ٩٩ ؛ وتفسير القرطبي ٣٣٨/١٣.

(٢) زيادة في الأصل.

٥١٩

١٦٨٥ ـ قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) ـ ٤٦ ـ (الَّذِينَ) في موضع نصب على البدل من (أَهْلَ) أو على الاستثناء.

١٦٨٦ ـ قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنا) ـ ٥١ ـ «أنّ» في موضع رفع فاعل (يَكْفِهِمْ).

١٦٨٧ ـ وقوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً) ـ ٥٨ ـ من قرأ «لنثوينّهم» بالثاء (١) [فهو] من الثّواء ، ف «غرف» منصوبة على حذف حرف الجر ؛ لأنّه لا يتعدّى إلى مفعولين ، ولا يحسن أن ينصب «الغرف» على الظرف ؛ لأنّه مخصوص ، ولا يتعدّى الفعل إلى المخصوص من ظرف المكان ، [إلّا بحرف] ؛ لا تقول : جلست دارا ، فالتقدير : لنثوينّهم في غرف ، فلما حذف الحرف نصب.

ومن قرأه بالباء جعل «غرفا» مفعولا ثانيا ؛ لأنّه يتعدّى إلى مفعولين ، تقول : بوّأت زيدا منزلا. فأما قوله تعالى : (وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ)(٢) فاللام زائدة كزيادتها في : (رَدِفَ لَكُمْ)(٣) ، إنما هو : ردفكم ، وبوّأنا إبراهيم.

١٦٨٨ ـ قوله تعالى : (وَلِيَتَمَتَّعُوا) ـ ٦٦ ـ من كسر (٤) اللام جعلها لام «كي» ، ويجوز أن تكون لام أمر. ومن أسكنها فهي لام أمر لا غير. ولا يجوز أن تكون مع الإسكان لام «كي» ؛ لأنّ لام «كي» حذفت بعدها «أن» ، فلا يجوز حذف حركتها أيضا ، لضعف عوامل الأفعال.

__________________

(١) قرأ بالثاء ساكنة من غير همز حمزة والكسائي وخلف ، وقرأ الباقون بالباء مفتوحة والهمز. التيسير ص ١٧٤ ؛ والنشر ٣٢٩/٢ ؛ والكشف ١٨١/٢.

(٢) سورة الحج : الآية ٢٦.

(٣) سورة النمل : الآية ٧٢ ، وانظر الفقرة(١٦٤٢).

(٤) قرأ بإسكان اللام ابن كثير وحمزة والكسائي وقالون ، وقرأ الباقون بكسرها. التيسير ص ١٧٤ ؛ والنشر ٣٢٩/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٤٦ ؛ وانظر : الكشف ١٨١/٢.

٥٢٠