أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني
المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣
والهمزة تعاقب الباء ، ولكن أجازه المبرّد وغيره على أن تكون الباء متعلّقة بالمصدر ؛ لأنّ الفعل يدل عليه ؛ إذ منه أخذ ، تقديره : يذهب ذهابه بالأبصار ، وعلى هذا أجازوا : أدخل بزيد السجن ، كأنه قال : أدخل السجن دخولا بزيد.
١٥٦٤ ـ قوله تعالى : (وَيَتَّقْهِ) ـ ٥٢ ـ من أسكن (١) القاف فعلى الاستخفاف ، كما قالوا في كتف : كتف ، [وفي فخذ : فخذ](٢). ومن كسرها فعلى الأصل ؛ لأنّ الياء التي بعد القاف حذفت للجزم.
١٥٦٥ ـ قوله تعالى : (طاعَةٌ) ـ ٥٣ ـ رفع على الابتداء ، أي : طاعة أولى بكم ، أو على إضمار مبتدأ ، أي : أمرنا طاعة. ويجوز النصب على المصدر (٣).
١٥٦٦ ـ قوله تعالى : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ) ـ ٥٥ ـ أصل (وَعَدَ) أن يتعدّى إلى مفعولين ، ولك أن تقتصر على أحدهما ، فلذلك تعدّى في هذه الآية إلى مفعول واحد ، وفسّر «العدة» بقوله سبحانه : (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ) ، كما فسّر «العدة» في المائدة بقوله : (لَهُمْ مَغْفِرَةٌ)(٤) ، وكما فسّر «الوصية» في النساء بقوله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ)(٥).
١٥٦٧ ـ قوله تعالى : (يَعْبُدُونَنِي) ـ ٥٥ ـ في موضع نصب على الحال من (الَّذِينَ آمَنُوا) ، أو في موضع رفع على القطع.
١٥٦٨ ـ قوله تعالى : (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ـ ٥٨ ـ من نصب (٦) «ثلاثا» جعله
__________________
(١) وهي قراءة حفص ، وقرأ الباقي بكسر القاف. التيسير ص ١٦٣ ؛ والإتحاف ص ٣٢٦.
(٢) زيادة في الأصل.
(٣) على تقدير : أطيعوا طاعة ، ودل عليه قوله تعالى بعدها : قُلْ أَطِيعُوا اللّٰهَ العكبري ٨٦/٢.
(٤) سورة المائدة : الآية ٩ ، وانظر فقرة(٦٧٣)من الجزء الأول.
(٥) سورة النساء : الآية ١١ ، وانظر فقرة(٥١٢)من الجزء الأول.
(٦) وهي قراءة أبي بكر وحمزة والكسائي وخلف ، والباقون بالرفع ، النشر ٣١٩/٢ ؛ ـ
بدلا من قوله : (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) ؛ و (ثَلاثَ مَرَّاتٍ) نصب على المصدر. وقيل : لأنّه في موضع المصدر ، وليس بمصدر على الحقيقة. وقيل : هو ظرف وتقديره : ثلاثة أوقات ، أي : يستأذنونكم (١) في ثلاثة أوقات ، وهذا أصحّ في المعنى ؛ لأنّهم لم يؤمروا أن يستأذنهم العبيد والصبيان ثلاث مرات ؛ إنما أمروا أن يستأذنوهم في ثلاثة أوقات ، ألا ترى أنّه قد بيّن الأوقات فقال : (مِنْ قَبْلِ)(٢) (صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ) فبيّن الثلاث المرّات بالأوقات ، فعلم أنّها ظرف ، وهو الصحيح. فإذا كانت ظرفا أبدلت منها (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ، على قراءة من نصب (ثَلاثُ عَوْراتٍ) ، ولا يصحّ هذا البدل حتى تقدّر محذوفا مضافا تقديره : أوقات ثلاث عورات ، فتبدل «أوقات ثلاث عورات» من «ثلاث مرات» ، وكلاهما ظرف ، فتبدل ظرفا من ظرف ، فيصحّ المعنى والإعراب.
فأمّا من قرأ (ثَلاثُ عَوْراتٍ) بالرفع فإنه جعله خبر ابتداء محذوف تقديره : هذه ثلاث عورات ، ثم حذف المضاف اتّساعا ، وهذه إشارة إلى الثلاثة الأوقات المذكورة قبل هذا ، ولكن اتّسع في الكلام فجعلت الأوقات عورات ؛ لأنّ ظهور العورة فيها يكون ؛ وهو مثل قولهم : نهارك صائم وليلك قائم (٣) ، أخبرت عن النهار بالصّوم ؛ لأنّه فيه يكون ، [وأخبرت عن الليل بالقيام (٤) ؛ لأنه فيه يكون] ، ومنه قوله تعالى : (بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ)(٥) ، أضيف «المكر» إلى الليل والنهار ؛ وهما لا يمكران ، إلا أنّ المكر يكون فيهما من فاعلهما ، فأضيف «المكر» إليهما
__________________
ـ والتيسير ص ١٦٣ ؛ والإتحاف ص ٣٢٦.
(١) في الأصل : «يستأذنونك».
(٢) في الأصل و (ظ ، ك ، د) : «من بعد» وهو تحريف ، وصححت في(ح ، ق).
(٣) كذا في(ح ، ك)والكشف ؛ وفي الأصل و (د ، ق) : «نائم».
(٤) كذا في(ح) ؛ وفي(ظ ، ك ، د ، ق) : «بالنوم».
(٥) سورة سبأ : الآية ٣٣.
اتّساعا ؛ كذلك أخبرت عن الأوقات بالعورات ؛ لأنّ فيها تظهر العورات من الناس ، فلذلك أمر (١) الله تعالى عباده ألّا يدخل عليهم في هذه الأوقات الثلاثة عبد ولا صبيّ إلّا من بعد استئذان. وأصل الواو في «العورات» الفتح ، لكن أسكنت لئلّا يلزم فيها أن تقلب ألفا ، لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، ومثل عورات «بيضات». [وهذا الأمر إنما كان من الله عزوجل للمؤمنين إذ كانت البيوت بغير أبواب (٢)].
١٥٦٩ ـ قوله تعالى : (وَالْقَواعِدُ) ـ ٦٠ ـ هو جمع قاعد ، على النسب ، أي : ذات قعود (٣) ، فلذلك حذفت الهاء. وقال الكوفيّون : لمّا لم تقع (الْقَواعِدُ) إلّا للمؤنّث (٤) استغني عن الهاء. وقيل : حذفت الهاء للفرق بينه وبين «القاعدة» بمعنى الجالسة.
١٥٧٠ ـ قوله تعالى : (غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ) ـ ٦٠ ـ نصب «غيرا» على الحال من الضمير في (يَضَعْنَ) ، وقيل : حال من «هن» التي في (ثِيابَهُنَّ)(٥).
١٥٧١ ـ قوله تعالى : (وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ) ـ ٦٠ ـ (أَنْ) في موضع رفع بالابتداء ، و (خَيْرٌ لَهُنَّ) الخبر.
١٥٧٢ ـ قوله تعالى : (جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً) ـ ٦١ ـ كلاهما حال من المضمر في (تَأْكُلُوا).
١٥٧٣ ـ قوله تعالى : (تَحِيَّةً) ـ ٦١ ـ مصدر ، لأنّ (فَسَلِّمُوا) معناه : فحيّوا.
__________________
(١) في الأصل : «فأمر».
(٢) الكشف ١٤٣/٢ ؛ والبيان ١٩٩/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٠٥/١٢.
(٣) في الأصل : «هو جمع قاعد ، على معنى : ذات قعود».
(٤) ومنه : حامل ، وحائض ، وطامث ، وطالق. البيان ٢٠٠/٢.
(٥) عبارة الأصل : «نصب غيرا على الحال من(هن)التي في ثيابهن» وأثبت ما جاء في(ق).
١٥٧٤ ـ قوله تعالى : (كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً) ـ ٦٣ ـ الكاف في موضع نصب مفعول ثان ل «جعل».
١٥٧٥ ـ قوله تعالى : (لِواذاً) ـ ٦٣ ـ مصدر. وقيل : حال بمعنى : ملاوذين. وصح (لِواذاً) بالواو لصحته في «لاوذ» ، ومصدر «فاعل» لا يعل (١).
__________________
(١) في البيان ٢٠١/٢ : «لاوذ لواذا ، كقاوم قواما : لأن المصدر يتبع الفعل في الصحة والاعتلال ، ولو كان مصدر(لاذ)لكان(لياذا)معتلا لاعتلال الفعل ، فقام قياما».
مشكل إعراب سورة
«الفرقان»
١٥٧٦ ـ قوله تعالى : (تَبارَكَ) ـ ١ ـ وهو «تفاعل» من البركة ، والبركة : الكثرة من كل خير ، ومعناه : تعالى (١) عطاؤه ، أي زاد وكثر. وقيل معناه : دام وثبت إنعامه ، وهو من : برك الشيء إذا ثبت (٢).
١٥٧٧ ـ قوله تعالى : (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ) ـ ١ ـ الضمير في «يكون» للنبي عليهالسلام ، وقيل : للقرآن (٣).
١٥٧٨ ـ قوله تعالى : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ـ ٥ ـ أي هذه أساطير ، فهو خبر ابتداء محذوف ، وقيل تقديره : الذي أتيت به أساطير الأولين ؛ يخاطبون محمدا صلىاللهعليهوسلم بذلك. وواحد «أساطير» أسطورة ، وقيل واحدها : أسطار ، بمنزلة أقوال وأقاويل.
١٥٧٩ ـ وقوله تعالى : (ثُبُوراً) ـ ١٣ ـ مصدر. وقيل : هو مفعول به.
١٥٨٠ ـ قوله تعالى : (ما لِهذَا الرَّسُولِ) ـ ٧ ـ وقعت اللام منفصلة في المصحف ؛ وعلّة ذلك أنّه كتب على لفظ المملي ، كأنّه كان يقطع لفظه
__________________
(١) في الأصل «تبارك عطاؤه».
(٢) تفسير القرطبي ١/١٣.
(٣) في(ظ) : «للفرقان».
[«مال ... هذا»](١) ، فكتب الكاتب على لفظه. وقال الفراء : أصله : ما بال هذا الرسول ، ثم حذفت «با» (٢) فبقيت اللام منفصلة. وقيل : إنّ أصل حروف الجر أن تأتي منفصلة مما بعدها نحو : «في» و «عن» و «على» ، فأتى ما هو على حرف على قياس ما هو على حرفين ؛ ومثله : (فَما لِهؤُلاءِ الْقَوْمِ)(٣) ، و (فَما لِ الَّذِينَ كَفَرُوا)(٤).
١٥٨١ ـ قوله تعالى : (قُلْ أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ) ـ ١٥ ـ قيل : هو مردود على قوله تعالى : (إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي) ـ ١٠ ـ فردّ ما في الجنّة على ما لو شاء تعالى كوّنه في الدنيا ؛ وذلك إشارة إلى ما ذكر من الجنّات والقصور في الدنيا. وقيل : هو مردود على ما قبله من ذكر السعير والنار ، وجاز التفاضل بينهما على ما جاء عن العرب ؛ حكى سيبويه (٥) : الشقاء أحبّ إليك أم السّعادة؟ ولا يجوز عند النحويين : السعادة خير من الشقاء ؛ لأنّه لا خير في الشقاء فيقع فيه التفاضل ؛ وإنما يأتي (٦) «أفعل» أبدا في التفضيل بين شيئين في خير أو شرّ ، في أحدهما من الفضل أو من الشر ما ليس في الآخر ، وكلاهما فيه فضل أو شر ، إلا أنّ أحدهما أكثر فضلا أو شرا.
وقد أجاز الكوفيون : العسل أحلى من الخلّ ، ولا حلاوة في الخل فيفاضل بينه وبين حلاوة العسل ، ولا يجيز هذا البصريون. ولا يجوز : المسلم خير من النصراني ؛ إذ لا خير في النصرانيّ. ولو قلت : اليهود (٧) خير من النصارى لم يجز ؛ إذ لا خير في واحد منهما. فإن قلت : اليهوديّ
__________________
(١) زيادة في الأصل.
(٢) في الأصل : «البا».
(٣) سورة النساء : الآية ٧٨.
(٤) سورة المعارج : الآية ٣٦.
(٥) الكتاب ٤٨٤/١.
(٦) في الأصل : «وأما ما في» وهو تصحيف من الناسخ.
(٧) في(ح ، ظ) : «اليهودي خير من النصراني» ؛ وفي(ق) : «النصراني خير من اليهود».
شرّ من النصرانيّ جاز ، إذ الشرّ فيهما موجود ، وقد يكون أحدهما أكثر شرّا.
١٥٨٢ ـ قوله تعالى : (لا بُشْرى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ) ـ ٢٢ ـ لا يجوز أن تعمل (لا بُشْرى) في (يَوْمَئِذٍ) إذا جعلت (لا) و (بُشْرى) مثل : لا رجل ، وبنيت على الفتح ، ولكن تجعل (يَوْمَئِذٍ) خبرا ل (بُشْرى) ، لأنّ الظروف تكون خبرا عن المصادر. وقوله تعالى : «للمجرمين» صفة ل (بُشْرى) ، أو تبيينا له. ويجوز أن تجعل (لِلْمُجْرِمِينَ) خبرا ل (بُشْرى) ، و (يَوْمَئِذٍ) تبيينا ل (بُشْرى). وإن قدّرت أن (بُشْرى) غير مبنيّة مع (لا) جاز أن تعملها في (يَوْمَئِذٍ) ؛ لأنّ المعاني تعمل في الظروف.
١٥٨٣ ـ قوله تعالى : (الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ) ـ ٢٦ ـ يجوز أن تنصب (يَوْمَئِذٍ) ب (الْمُلْكُ) ، فهو في صلته ، مثل قوله : (وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ)(١). ويجوز نصب (يَوْمَئِذٍ) ب «الرحمن» ، تقدر في الظرف (٢) التأخير ، تقديره : الملك الحقّ للرحمن يومئذ ، أي : الملك الحقّ لمن يرحم يومئذ عباده المؤمنين.
١٥٨٤ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلائِكَةَ لا بُشْرى) ـ ٢٢ ـ العامل في (يَوْمَ) محذوف تقديره : يمنعون البشارة يوم يرون الملائكة ، ولا يعمل فيه (بُشْرى) ؛ لأنّ ما بعد النفي لا يعمل فيما قبله (٣). وقيل التقدير : واذكر يا محمّد يوم يرون الملائكة. و (الْمُلْكُ) ـ ٢٦ ـ مبتدأ و «الْحَقُ» نعته ، و (لِلرَّحْمنِ) الخبر. وأجاز الزجّاج (٤) (الْحَقُّ) بالنصب على المصدر ، فيكون (لِلرَّحْمنِ) خبر (الْمُلْكُ).
١٥٨٥ ـ قوله تعالى : (حِجْراً) ـ ٢٢ ـ نصب على المصدر (٥).
__________________
(١) سورة الأعراف : الآية ٨.
(٢) في الأصل «الظروف».
(٣) في الأصل : «لا يعمل فيه ما قبله».
(٤) معاني القرآن ٦٥/٤.
(٥) في هامش الأصل : «قال مجاهد : الملائكة يقولون للمجرمين : حجرا محجورا ، ـ
١٥٨٦ ـ وقوله تعالى : (وَقَوْمَ نُوحٍ) ـ ٣٧ ـ عطف على المضمر في «دمرناهم» (١). وقيل : انتصب على : اذكر. وقيل : على إضمار فعل يفسّره (أَغْرَقْناهُمْ) ، أي : وأغرقنا قوم نوح لمّا كذبوا الرسل أغرقناهم.
١٥٨٧ ـ وقوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ)(٢) ـ ٣٨ ـ وما بعده ، عطف كلّه على (وَقَوْمَ نُوحٍ) ، إذا نصبتهم بإضمار «اذكر» ، أو على العطف على الهاء والميم في «دمرناهم» (٣) ، ويجوز (٤) أن يكون معطوفا على المضمر في «جعلناهم».
١٥٨٨ ـ قوله تعالى : (وَكُلًّا ضَرَبْنا لَهُ الْأَمْثالَ) ـ ٣٩ ـ [«كُلًّا»] (٥) نصب بإضمار فعل تقديره : وأنذرنا كلّا ، ضربنا له الأمثال ؛ لأنّ ضرب الأمثال أعظم الإنذار ، فجاز أن يكون تفسيرا ل «أنذرنا».
١٥٨٩ ـ قوله تعالى : (بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) ـ ٤١ ـ (رَسُولاً) نصب على الحال ، وقيل : على المصدر ، وهو بمعنى : رسالة.
١٥٩٠ ـ قوله تعالى : (إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا) ـ ٤٢ ـ تقديره عند سيبويه : إنه كاد ليضلّنا ، وعند الكوفيّين : ما كاد إلّا يضلنا (٦) ، واللام بمعنى «إلّا» عندهم ، و (إِنْ) بمعنى «ما» ، وهي مخفّفة من الثقيلة عند سيبويه ، واللام عنده لام تأكيد.
١٥٩١ ـ قوله تعالى : (لَوْ لا أَنْ صَبَرْنا) ـ ٤٢ ـ (إِنْ) في موضع رفع ،
__________________
ـ أي حراما محرما أن يدخلوا الجنة ، أي حرم اللّه عليكم دخول الجنة حراما محرما».
(١) في الأصل : «دمرنا».
(٢) في المصحف : «وثمود» بدون تنوين ، وتمام الآية : (وَعٰاداً وَثَمُودَ وَأَصْحٰابَ الرَّسِّ وَقُرُوناً بَيْنَ ذٰلِكَ كَثِيراً).
(٣) في الأصل «دمرنا».
(٤) في(ق ، ظ)والبيان : «ولا يجوز». والعطف على المضمر في(دمرناهم) و (جعلناهم)اختاره النحاس ؛ لأنه أقرب إليه. انظر : تفسير القرطبي ٣٢/١٣.
(٥) زيادة من : (ك ، ق).
(٦) في الأصل : «إلا ليضلنا».
أي لو لا صبرنا ، [وقد تقدّم (١) شرحها].
١٥٩٢ ـ قوله تعالى : (وَأَناسِيَّ كَثِيراً) ـ ٤٩ ـ واحد أناسيّ «إنسيّ». وأجاز الفراء (٢) أن يكون واحدها «إنسانا» ، وأصله عنده «أناسين» ثم أبدل من النون ياء ، ولا قياس يسعده في ذلك ؛ ولو جاز هذا لجاز في جمع «سرحان» (٣) سراحيّ ، وذلك لا يقال.
١٥٩٣ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ) ـ ٥٧ ـ (مِنْ) في موضع نصب لأنّه استثناء ليس من الجنس الذي قبله (٤). [و (أَنْ) في موضع نصب ب (شاءَ) بمعنى : إلا من شاء الاتخاذ](٥).
١٥٩٤ ـ قوله تعالى : (الرَّحْمنُ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً) ـ ٥٩ ـ (الرَّحْمنُ) رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هو الرحمن. وقيل : (الرَّحْمنُ) مبتدأ ، و (فَسْئَلْ) الخبر. وقيل : هو بدل من المضمر في (اسْتَوى). ويجوز الخفض على البدل من «الحي». ويجوز النصب على المدح.
وقوله تعالى : (خَبِيراً) نصب بقوله : «فاسأل» وهو نعت لمحذوف ؛ كأنّه قال : فاسأل عنه إنسانا خبيرا. وقد قيل : الخبير هو الله لا إله إلا هو ، فيكون التقدير : فاسأل عنه مخبرا خبيرا. ولا يحسن أن يكون (خَبِيراً) حالا ؛ لأنّك إن جعلته حالا من المضمر في (فَسْئَلْ) لم يجز ؛ لأنّ الخبير
__________________
(١) انظر فقرة(١١٨٣).
(٢) معاني القرآن ٢٦٩/٢.
(٣) السرحان : كلب ، ومن الحوض وسطه ، ج سراح وسراحي ، كما يقال : ثعالب وثعالي ، وسراحين ، وهو الجاري على الأصل الذي حكاه سيبويه.
و «ذنب السرحان» الوارد في الحديث : الفجر الكاذب ، أي الأول ، والمراد بالسرحان هنا الذئب ، ويقال : الأسد. انظر : التاج(سرح).
وفي مختار الصحاح : السرحان ، بالكسر : الذئب ، وجمعه(سراحين)والأنثى (سرحانة).
(٤) أي استثناء منقطع.
(٥) زيادة في الأصل.
لا يحتاج أن يسأل غيره عن شيء ؛ إنما يحتاج أن يسأل هو عن الأمور لخبره بها ، وإن جعلته حالا من المضمر في (بِهِ) لم يجز ؛ لأنّ المسئول عنه ، وهو (الرَّحْمنُ) ، خبير أبدا ؛ والحال أكثر أمرها أنّها لما ينتقل ويتغير ، فإن جعلتها الحال المؤكدة التي لا تنتقل مثل : (وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً)(١) و (وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً)(٢) جاز ، وفيه نظر (٣).
١٥٩٥ ـ قوله تعالى : (وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ) ـ ٦٣ ـ (عِبادُ) رفع بالابتداء ، والخبر (الَّذِينَ يَمْشُونَ). وقال الأخفش (٤) : (الَّذِينَ يَمْشُونَ) نعت ل (عِبادُ) ، والخبر محذوف. وقال الزجّاج (٥) : (الَّذِينَ يَمْشُونَ) نعت ، والخبر : (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) ـ ٧٥ ـ
١٥٩٦ ـ قوله تعالى : (قالُوا)(٦) (سَلاماً) ـ ٦٣ ـ نصب على المصدر ، معناه : تسليما ، فأعمل القول فيه ؛ لأنّه لم يحك قولهم بعينه ، إنّما حكى معنى قولهم ، ولو حكى قولهم بعينه لكان محكيّا ، ولم يعمل فيه القول ؛ فإنما أخبر تعالى ذكره ، أنّ هؤلاء القوم إذا خاطبهم الجاهلون بالله بما يكرهون قالوا سدادا من القول ، لم يجاوبوهم بلفظ «سلام» بعينه.
وقد قال سيبويه : هذا منسوخ ، لأنّ هذه الآية نزلت بمكّة قبل أن يؤمروا بالقتال ؛ وما تكلّم سيبويه في شيء من الناسخ والمنسوخ غير هذه الآية ، فهو من «التسلّم» وليس من التسليم (٧). قال سيبويه : ولم يؤمر المسلمون يومئذ أن يسلّموا على المشركين ، [و] استدلّ سيبويه أنه من
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٩١ ، وانظر فقرة(١٤٧).
(٢) سورة الأنعام : الآية ١٢٦ ، فقرة(٨٤٩).
(٣) البيان ٢٠٧/٢ ؛ والعكبري ٨٩/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٣/١٣.
(٤) معاني القرآن ص ٤٢٢.
(٥) معاني القرآن ٧٤/٤.
(٦) في الأصل : «وقالوا» وهو تحريف.
(٧) في الأصل «فهو من السّلام في هذا. وليس من التسليم».
التسلّم ، وهو (١) البراءة من الشر ، وليس من التسليم الذي هو التحيّة (٢).
١٥٩٧ ـ قوله تعالى : (وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) ـ ٦٧ ـ اسم (كانَ) مضمر فيها والتقدير : وكان الإنفاق بين ذلك قواما. و (قَواماً) خبر (كانَ). وأجاز الفرّاء (٣) أن تكون (بَيْنَ ذلِكَ) اسم (كانَ) وهو مفتوح ، كما قال : (وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ)(٤) ف (دُونَ) مفتوح ، وهو مبتدأ ، وإنما جاز ذلك لأن هذه ألفاظ كثر استعمالها بالفتح ، فتركت على حالها في موضع الرّفع ؛ وكذلك يقول في قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)(٥) هو مرفوع ب (تَقَطَّعَ) ، ولكنه ترك مفتوحا لكثرة وقوعه كذلك ، وخالفه البصريون في ذلك.
١٥٩٨ ـ قوله تعالى : (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ) ـ ٦٩ ـ من جزم (٦) جعله بدلا من (يَلْقَ) ؛ لأنّه جواب الشّرط ، ولأنّ لقاء الآثام هو تضعيف العذاب والخلود ، فأبدل منه ؛ إذ المعنى يشتمل بعضه على بعض ، وعلى هذا المعنى يجوز بدل الأفعال بعضها من بعض ، فإن تباينت معانيها لم يجز بدل بعضها من بعض. ومن رفع فعلى القطع ، أو على الحال (٧).
١٥٩٩ ـ قوله تعالى : (مَتاباً) ـ ٧١ ـ مصدر فيه معنى التوكيد ، لأنّه أتى بعد لفظ فعله.
__________________
(١) كذا(ق ، ك)والكتاب لسيبويه ، وفي الأصل : «من السّلام وهذا» وفي(ح ، ظ) : «من التسليم» وفي(د) : «من السّلام».
(٢) انظر الكتاب ١٦٣/١ ، ١٦٤ ؛ والبيان ٢٠٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٩/١٣.
(٣) معاني القرآن ٢٧٢/٢ ، ٢٧٣.
(٤) سورة الجن : الآية ١١.
(٥) سورة الأنعام : الآية ٩٤.
(٦) الجزم قراءة غير ابن عامر وأبي بكر ، وهذان قرءا بالرفع. التيسير ص ١٦٤ ، والنشر ٣٢١/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٠.
(٧) الكشف ١٤٧/٢ ؛ والبيان ٢٠٨/٢ ؛ والعكبري ٩٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٧٦/١٣.
١٦٠٠ ـ قوله تعالى : (كِراماً) ـ ٧٢ ـ و (كِراماً صُمًّا وَعُمْياناً) ـ ٧٣ ـ كلّها أحوال.
١٦٠١ ـ قوله تعالى : (فَسَوْفَ يَكُونُ لِزاماً) ـ ٧٧ ـ اسم «كان» مضمر فيها ، و (لِزاماً) خبرها ، والتقدير : فسون يكون جزاء التكذيب عذابا لازما ، قيل : ذلك في الدنيا ، وهو ما نزل بهم يوم بدر من القتل والأسر. وقيل : ذلك في الآخرة.
وقال الفراء (١) : في «يكون» مجهول (٢) ، وذلك لا يجوز ، لأنّ المجهول إنّما يفسّر بالجمل لا بالمفردات.
__________________
(١) معاني القرآن ٢٧٥/٢.
(٢) المجهول : هو الضمير المحذوف.
مشكل إعراب سورة
«الشعراء»
١٦٠٢ ـ قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) ـ ٢ ـ (تِلْكَ) ابتداء ، و (آياتُ) الخبر. و (تِلْكَ) إشارة إلى ما نزل من القرآن ، وقيل : بل هي إشارة إلى هذه الحروف التي في أوائل السور ، التي منها تأتلف آيات القرآن. وقيل : (تِلْكَ) في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هذه تلك آيات الكتاب المبين التي كنتم وعدتم بها في كتبكم ، لأنهم وعدوا في التوراة والإنجيل بإنزال القرآن.
١٦٠٣ ـ قوله تعالى : (أَلَّا يَكُونُوا) ـ ٣ ـ «أن» في موضع نصب مفعول من أجله.
١٦٠٤ ـ قوله تعالى : (وَإِذْ نادى) ـ ١٠ ـ أي : واتل عليهم إذ نادى.
١٦٠٥ ـ قوله تعالى : (أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ) ـ ٢٢ ـ (أَنْ) في موضع رفع على البدل من (نِعْمَةٌ). ويجوز أن تكون في موضع نصب على تقدير : لأن عبّدت ، ثم حذف الحرف ، وحذفه مع (أَنْ) كثير في الكلام والقرآن. ولذلك قال بعض النحويين : إن (أَنْ) في موضع خفض بالخافض المحذوف ، لأنّه لمّا كثر حذفه مع (أَنْ) عمل ، وإن كان محذوفا.
١٦٠٦ ـ قوله تعالى : (فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي) ـ ٧٧ ـ (عَدُوٌّ) واحد يؤدى عن الجماعة فلا يجمع ، ويأتي للمؤنّث بغير هاء ، تقول : هي عدو ، وهو
عدو لله. وحكى الفرّاء : [هي] عدوّة الله. وقال الأخفش الصّغير (١) : من قال : «عدوّة» بالهاء فمعناه : معادية ، ومن قال : (عَدُوٌّ) بغير هاء فلا يجمع [ولا يثنى](٢) ولا يؤنث ، وإنما ذلك على النسب (٣).
١٦٠٧ ـ قوله تعالى : (إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ) ـ ٧٧ ـ نصب على الاستثناء الذي ليس من الأوّل ، لأنّهم كانوا يعبدون الأصنام ، وإقرارهم بالله مع عبادتهم الأصنام لا ينفعهم (٤). وأجاز الزجّاج (٥) أن يكون من الأوّل ، لأنهم كانوا يعبدون الله تعالى مع أصنامهم.
١٦٠٨ ـ قوله تعالى : (فارِهِينَ) ـ ١٤٩ ـ حال من المضمر في «تنحتون».
١٦٠٩ ـ قوله تعالى : (أَصْحابُ الْأَيْكَةِ)(٦) ـ ١٧٦ ـ من فتح التاء (٧) جعله اسما للبلدة ، فلم يصرفه للتعريف والتأنيث ، ووزنه : فعلة. ومن خفض التاء جعله معرفة (٨) بالألف [فخفضه لإضافة «أصحاب» إليه] ، وأصله : أيكة ، اسم لموضع فيه شجر ودوم ملتفّ. ولم يعرف المبرد «ليكة» على فعلة ، إنما هي عنده «أيكة» دخلها حرفا التعريف فانصرفت ، وقراءة من فتح التاء عنده غلط ، إنما تكون التاء مكسورة بالإضافة ، واللام لام التعريف [مفتوحة] ، ألقي عليها حركة الهمزة المفتوحة فانفتحت ، كما
__________________
(١) هو علي بن سليمان.
(٢) ساقط في الأصل.
(٣) البيان ٢١٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١١٠/١٣ ؛ والصحاح : (عدا).
(٤) في الأصل : «مع ذلك لا ينفعهم».
(٥) معاني القرآن ٩٣/٤.
(٦) قرأ ابن كثير وأبو عمر ونافع «فرهين» بغير ألف ، وقرأ الباقون «فارهين» بألف ، وهما بمعنى واحد في قول أبي عبيدة وغيره. تفسير القرطبي ١٢٩/١٣ والكشف ١٥١/٢.
(٧) قرأ نافع وابن كثير وابن عامر وأبو جعفر «ليكة» بلام مفتوحة بلا ألف وصل قبلها ولا همز بعدها ، وفتح ياء التأنيث. وقرأ الباقون «الأيكة» بهمزة وصل وسكون اللام وبعدها همزة مفتوحة وبكسر التاء. التيسير ص ١٦٦ ؛ والنشر ٣٢٢/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٣.
(٨) في(ق ، ظ ، ك) : «معرّفا بالألف».
قالوا في الأحمر : لحمر ، وفي يسأل : يسل (١).
١٦١٠ ـ قوله تعالى : (ما أَغْنى عَنْهُمْ) ـ ٢٠٧ ـ (ما) استفهام في موضع نصب ب «أغنى». ويجوز أن تكون حرف نفي. و (ما) الثانية في موضع رفع بقوله : «أغنى».
١٦١١ ـ قوله تعالى : (نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ) ـ ١٩٣ ـ يجوز أن تكون (بِهِ) في موضع المفعول ل (نَزَلَ). ويجوز أن تكون «به» في موضع الحال ، كما تقول : خرج زيد بثيابه ، ومنه قوله تعالى : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ)(٢) أي : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ، لم يرد أنّهم دخلوا بشيء يحملونه معهم (٣) ، إنما أراد أنهم دخلوا على حال وخرجوا على تلك الحال.
١٦١٢ ـ قوله تعالى : (ذِكْرى وَما كُنَّا) ـ ٢٠٩ ـ موضع (ذِكْرى) عند الكسائي نصب على الحال ، وقال الزجّاج (٤) : [نصب](٥) على المصدر ، لأنّ معنى هل نحن منذرون (٦) ، أي مذكّرون ذكرى. ويجوز أن تكون «ذكرى» في موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أي : إنذارنا ذكرى ، [أو] ذلك ذكرى ، أو تلك ذكرى. ويجوز تنوينها إذا جعلتها مصدرا (٧).
١٦١٣ ـ قوله تعالى : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) ـ ٢٢٧ ـ نصبت «أيا» ب (يَنْقَلِبُونَ) ، فهو نعت لمصدر (٨) «ينقلبون» تقديره : أيّ انقلاب ينقلبون.
__________________
(١) لم يأخذ العكبري ٩٢/٢ بقراءة فتح التاء من(ليكة) ، قال : «وهذا لا يستقيم ؛ إذ ليس في الكلام(ليكة)حتى يجعل علما ، فإن ادعى قلب الهمزة لاما فهو في غاية البعد. وانظر البيان ٢١٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٣٤/١٣.
(٢) سورة المائدة : الآية ٦١ ، وانظر فقرة(٧١٢).
(٣) في الأصل «منهم».
(٤) معاني القرآن ١٠٢/٤.
(٥) تكملة من(ك ، د).
(٦) في الأصل : «منظرون» وهو في الآية : ٢٠٣.
(٧) البيان ٢١٧/٢ ؛ والعكبري ٩٢/٢ وقد نصبه على أنه مفعول له ؛ بينما اختار النحاس نصبه على المصدر كما في تفسير القرطبي ١٤١/١٣.
(٨) في(ق ، ك) : «المصدر محذوف لينقلبون».
ولا يجوز نصبه ب (سَيَعْلَمُ) ، لأنّ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، لأنّ له صدر الكلام (١) ، وإنما يعمل فيه ما بعده. وقيل : إنما لم يعمل فيه ما قبله لأنه خبر (٢) ، ولا يعمل الخبر في الاستفهام ، لأنهما مختلفان (٣).
__________________
(١) في الأصل : «لأنه يجيء بصدر الكلام».
(٢) في الأصل : «ما بعده. فيبقى معنى الاستفهام فيه ، لأنه إذا عمل فيه ما قبله صار خبرا».
(٣) أي مختلفان في المعنى.
مشكل إعراب سورة
«النمل»
١٦١٤ ـ قوله تعالى : (هُدىً وَبُشْرى) ـ ٢ ـ حالان من «الكتاب».
١٦١٥ ـ قوله تعالى : (بِشِهابٍ قَبَسٍ) ـ ٧ ـ من أضافه فإنّه من إضافة النوع إلى جنسه ، بمنزلة قولك : ثوب خزّ. وقال الفراء (١) : هو إضافة الشيء إلى نفسه ، ك : صلاة الأولى ، وليس مثله ؛ لأنّ «صلاة الأولى» إنما هي في الأصل موصوف وصفة ، فأضيف الموصوف إلى صفته ، وأصله : الصلاة الأولى. ومن نوّن (٢) «شهابا» جعل «قبسا» ، بدلا منه ، وقيل : صفة له. ولو نصب «قبسا» في غير القرآن لجاز على الحال أو على المصدر أو على البيان. والشهاب : كلّ ذي نور ، والقبس : ما يقتبس به من جمر ونحوه. فمعناه لمن لم ينوّن : بشهاب من قبس ، و «القبس» المصدر ، و «القبس» الاسم (٣) ، كما أن معنى ثوب خزّ : ثوب من خز (٤).
١٦١٦ ـ قوله تعالى : (تَصْطَلُونَ) ـ ٧ ـ أصل الطاء تاء ، ووزنه «تفتعلون» ، فأبدلوا من التاء طاء لمؤاخاتها الصاد في الإطباق ، وأعلّت لام
__________________
(١) معاني القرآن ٢٨٦/٢.
(٢) التنوين قراءة الكوفيين ويعقوب ، والباقي بغير تنوين. التيسير ص ١٦٧ ؛ والنشر ٣٢٣/٢.
(٣) في الأصل : «وهو الاسم أيضا».
(٤) الكشف ١٥٤/٢ ؛ والبيان ٢١٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٥٦/١٣.
الفعل فحذفت لسكونها وسكون الواو بعدها.
١٦١٧ ـ قوله تعالى : (نُودِيَ أَنْ بُورِكَ) ـ ٨ ـ (أَنْ) في موضع نصب على حذف حرف الجر ، أي : نودي لأن بورك وبأن بورك ، والمصدر مضمر يقوم مقام الفاعل ، أي : نودي النداء لأن بورك. وقيل : (أَنْ) في موضع رفع على أنّه مفعول لما لم يسمّ فاعله ل (نُودِيَ). وحكى الكسائي : باركك الله وبارك فيك (١).
١٦١٨ ـ قوله تعالى : (تَهْتَزُّ) ـ ١٠ ـ في موضع نصب على الحال من الهاء في (رَآها) ؛ وكذلك : (كَأَنَّها جَانٌ) في موضع الحال أيضا ، وتقديره : فلما رآها مهتزة مشبهة جانّا ولّى مدبرا. و «رأى» من رؤية العين (٢). و (مُدْبِراً) حال (٣) من موسى عليهالسلام.
١٦١٩ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) ـ ١١ ـ (مَنْ) في موضع نصب لأنّه استثناء ليس من الأوّل. وقال الفرّاء : هو استثناء من الجنس ؛ لكن المستثنى منه محذوف (٤) ، وهذا بعيد. وأجاز بعض النحويين أن تكون (إِلَّا) بمعنى الواو ، وهذا أبعد ؛ لاختلاط المعاني.
١٦٢٠ ـ قوله تعالى : (تَخْرُجْ بَيْضاءَ) ـ ١٢ ـ نصب (بَيْضاءَ) على الحال من المضمر في (تَخْرُجْ) ، وهو ضمير «اليد».
١٦٢١ ـ قوله تعالى : (آياتُنا مُبْصِرَةً) ـ ١٣ ـ حال من «الآيات» ومعناه : مبينة. ومن قرأه «مبصرة» بفتح (٥) الصاد جعله مصدرا.
__________________
(١) البيان ٢١٨/٢ ؛ والعكبري ٩٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٥٨/١٣.
(٢) في الأصل : «كأنها جان. قوله تعالى : (وَلّٰى مُدْبِراً) في موضع الحال ، وتقديره : فلما رآها مهتزة مشبهة جانا ولّى مدبرا. وقوله : (فَلَمّٰا رَآهٰا) هو من رؤية العين». وأثبت ما جاء في(ح).
(٣) في الأصل : «حالا».
(٤) معاني القرآن ٢٨٧/٢.
(٥) قرأ بفتح الميم والصاد قتادة وعلي بن الحسين. المحتسب ١٣٦/٢ ؛ والبحر ـ
١٦٢٢ ـ قوله تعالى : (غَيْرَ بَعِيدٍ) ـ ٢٢ ـ ([غَيْرَ]) نعت لظرف محذوف تقديره : فمكث وقتا غير بعيد ، أو لمصدر محذوف ، أي : مكثا غير بعيد.
١٦٢٣ ـ قوله تعالى : (مِنْ سَبَإٍ) ـ ٢٢ ـ من صرفه جعله اسما لأب أو حي. ومن لم يصرفه جعله اسما لقبيلة أو لمدينة أو لامرأة ، فلم يصرفه للتعريف والتأنيث. ومن (١) أسكن الهمزة فعلى نيّة الوقف ، وقيل : أسكن لتوالي سبع حركات استخفافا وهو بعيد كله (٢).
١٦٢٤ ـ قوله تعالى : (أَلَّا يَسْجُدُوا) ـ ٢٥ ـ «أن» في موضع نصب ب (يَهْتَدُونَ)(٣) ، و «لا» زائدة. وقيل : هي في موضع نصب على البدل من «الأعمال» ، و «لا» غير زائدة. وقيل : هي في موضع خفض على البدل من «السبيل» ، و «لا» زائدة. فأمّا قراءة الكسائي (٤) : (أَلَّا يَسْجُدُوا) بتخفيف «ألا» فإنه على معنى : ألا يا هؤلاء اسجدوا ، ف «ألا» للتنبيه ، و «يا» للنداء ، وحذف المنادى لدلالة حرف النداء عليه ؛ و «اسجدوا» مبني على هذه القراءة ، ومنصوب على القراءة الأولى ب «أن» (٥).
١٦٢٥ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ) ـ ٣٠ ـ الكسر فيهما على الابتداء. وأجاز الفراء (٦) الفتح فيهما في الكلام ، على أن يكون موضعهما
__________________
ـ المحيط ٥٨/٧ ؛ وفي تفسير القرطبي ١٦٣/١٣ : «قال الأخفش : ويجوز مبصرة وهو مصدر ، كما يقال : الولد مجبنة».
(١) وهو قنبل عن ابن كثير ، وقد ذكر سيبويه أن أبا عمرو كان لا يصرفها ، وقد وافق أبا عمرو البزي عن ابن كثير ، كما قرأ باقي العشرة بصرفها. التيسير ص ١٦٧ ؛ والنشر ٣٢٣/٢ ؛ والإتحاف ص ٣٣٥ ـ ٣٣٦.
(٢) الكشف ١٥٥/٢ ؛ والبيان ٢٢١/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٨١/١٣.
(٣) في الأصل : «بيسجدوا» وهو تحريف.
(٤) وقرأ به أيضا أبو جعفر ، ورويس عن يعقوب ، وقرأ باقي العشرة بالتشديد. النشر ٣٢٣/٢ ؛ والتيسير ص ١٦٧ ؛ والإتحاف ص ٣٣٦.
(٥) الكشف ١٥٦/٢ ؛ وإيضاح الوقف والابتداء ص ١٦٩ ؛ والبيان ٢٢١/٢ ؛ والعكبري ٩٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٨٥/١٣ ؛ وزاد المسير ١٦٦/٦.
(٦) معاني القرآن ٢٩١/٢.
رفعا على البدل من «كتاب» ، وأجاز أن يكونا في موضع نصب بحذف حرف الجر.
١٦٢٦ ـ قوله تعالى : (أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَ) ـ ٣١ ـ «أن» في موضع نصب على حذف الخافض ، أي : بأن لا تعلوا عليّ. وقيل : هي في موضع رفع على البدل من (كِتابٌ) ـ ٢٩ ـ تقديره : إنّي ألقي إليّ ألّا تعلوا. وقال سيبويه : هي بمعنى «أي» للتفسير ، لا موضع لها من الإعراب ، بمنزلة (أَنِ امْشُوا)(١).
١٦٢٧ ـ قوله تعالى : (أَذِلَّةً وَهُمْ صاغِرُونَ) ـ ٣٧ ـ حالان (٢) من المضمر المنصوب في (لَنُخْرِجَنَّهُمْ).
١٦٢٨ ـ والتاء في (عِفْرِيتٌ) ـ ٣٩ ـ زائدة ، كزيادتها في «طاغوت» ، وجمعه : عفاريت وعفار ، كما تقول في جمع «طاغوت» : طواغيت وطواغ ؛ فطواغ وعفار مثل جوار ، والياء محذوفة ، [قيل] : لالتقاء الساكنين ؛ وهما : الياء والتنوين ، وقيل : للتخفيف ؛ وهو أصحّ. وإن عوّضت قلت : عفاريّ وطواغيّ.
وإنما دخل هذا الضرب التنوين ، وهو لا ينصرف ؛ لأنّ الياء لما حذفت للتخفيف نقص البناء الذي من أجله لم ينصرف ، فلما نقص دخل التنوين. وقيل : بل دخل التنوين عوضا من حذف الياء ؛ فإذا صارت هذه الأسماء التي هي جموع لا تنصرف (٣) إلى حال النصب ، رجعت الياء وامتنعت من الصرف.
١٦٢٩ ـ قوله تعالى : (وَصَدَّها ما كانَتْ تَعْبُدُ) ـ ٤٣ ـ (ما) في موضع رفع لأنّها الفاعلة ل «الصد». ويجوز أن تكون في موضع نصب [ب (صَدَّها)] ، على حذف حرف الجر ، ويكون في (صَدَّها) ضمير الفاعل ، وهو (اللهِ) جلّ
__________________
(١) سورة ص : الآية ٦ ، وانظر : الكتاب ٤٧٩/١.
(٢) أي(أذلة)وجملة(وهم صاغرون).
(٣) في الأصل : «لا تنصرف ، صارت إلى ..».