مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

معرفة أو ما قارب المعرفة (١) ؛ و (أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ) هو مما يقرب من المعرفة ، لملازمة (مِنْ) لأفعل ، ولطول الاسم ؛ لأن (مِنْ) وما بعدها من تمام «أفعل» ؛ وإنما فرّق البصريون في هذه الآية ، ولم يجيزوا أن تكون [«هي»] فاصلة لأن اسم «كان» نكرة ؛ فلو كان معرفة لحسن وجاز.

١٢٩٧ ـ قوله تعالى : (يَبْلُوكُمُ اللهُ بِهِ) ـ ٩٢ ـ ترجع على العهد ، وقيل : ترجع على الكثرة والتكاثر.

١٢٩٨ ـ قوله تعالى : (مَنْ كَفَرَ بِاللهِ) ـ ١٠٦ ـ (مَنْ) في موضع رفع بدل من «الكاذبين».

١٢٩٩ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ) ـ ١٠٦ ـ [«مَنْ»] نصب على الاستثناء.

١٣٠٠ ـ والهاء في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ) ـ ٩٩ ـ تعود على إبليس (٢) ، لعنه الله. وقيل : الأولى للحديث والخبر.

١٣٠١ ـ والهاء في قوله تعالى : (هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ) ـ ١٠٠ ـ تعود على «الله» جل ذكره ، وقيل : على «الشيطان» على معنى : هم من أجله مشركون بالله.

١٣٠٢ ـ قوله تعالى : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً) ـ ١٠٦ ـ (مَنْ) مبتدأ ، و (فَعَلَيْهِمْ) الخبر.

١٣٠٣ ـ قوله تعالى : (لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ) ـ ١١٦ ـ (الْكَذِبَ) نصب ب (تَصِفُ) ، و «ما» و (تَصِفُ) مصدر. ومن رفع (٣) (الْكَذِبَ) وضمّ الكاف والذال جعله نعتا للألسنة وقرأ الحسن (٤) وطلحة [بن

__________________

(١) في(ح ، ظ ، د ، ق) : «أو ما قرب من المعرفة».

(٢) في(ح ، د ، ق) : «على الشيطان».

(٣) قرأ بالرفع مسلمة بن محارب. المحتسب ١٢/٢.

(٤) قرأ الحسن بخفض «الْكَذِبَ» ، وقرأ الجمهور بالنصب. الإتحاف ص ٢٨١ ؛ وفي المحتسب ١٢/٢ : قرأ بالخفض الأعرج وابن يعمر والحسن ـ بخلاف ـ وابن ـ

٤٠١

مصرف](١) ومعمر : «الكذب» بالخفض ، وفتح الكاف ، جعلوه نعتا «لما» أو بدلا منها ، [معناه : لوصفكم الكذب](٢).

١٣٠٤ ـ [قوله تعالى : (أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) ـ ١٢٣ ـ (حَنِيفاً) حال من المضمر المرفوع في (اتَّبِعْ) ، ولا يحسن أن تكون حالا من (إِبْراهِيمَ) لأنّه مضاف إليه. ومعنى (حَنِيفاً) : مائلا عن كل الأديان إلى دين إبراهيم ، والحنف : الميل ؛ ومنه : الأحنف].

١٣٠٥ ـ قوله تعالى : (٣) (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) ـ ١٢٧ ـ أي على الكفار (٤) ، أي لا تحزن على تخلفهم عن الإيمان ، ودل على ذلك قوله تعالى : (يَمْكُرُونَ) ، وقيل : الضمير في (عَلَيْهِمْ) للشهداء الذين نزل فيهم : (وَإِنْ عاقَبْتُمْ) إلى آخر السورة ، أي لا تحزن على قتل الكفار إياهم (٥).

«والضّيق» بالفتح مصدر ، و «الضّيق» بالكسر الاسم (٦). وقال الكوفيون (٧) : إن «الضّيق» بالفتح يكون في القلب [والصدر] ، وبالكسر يكون في الثوب والدار [ونحو ذلك] ؛ [تقول : هذا ثوب فيه ضيق ، ودار فيها ضيق ، وفي قلبي ضيق](٨).

__________________

ـ أبي إسحاق وعمرو ونعيم بن ميسرة. وانظر : البحر المحيط ٥٤٥/٥.

(١) زيادة في الأصل.

(٢) في(ح ، ظ ، ق) : «الهاء والميم تعودان على الكفار».

(٣) الأصل : «للشهداء».

(٤) قرأ بكسر الضاد من «ضيق» ابن كثير ، وقرأ الباقون بفتح الضاد. التيسير ص ١٣٩ ؛ والإتحاف ص ٢٨١ ؛ والكشف ٤١/٢.

(٥) معاني القرآن ١١٥/٢.

(٦) زيادة في الأصل.

٤٠٢

مشكل إعراب سورة

«بني إسرائيل» (١)

١٣٠٦ ـ معنى (سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ) ـ ١ ـ تنزيه الله من السّوء ، وهو مروي عن النبي ، عليه‌السلام. وانتصب (سُبْحانَ) على المصدر ، كأنه وضع موضع : سبّحت الله تسبيحا ، وهو معرفة إذا أفرد ، وفي آخره زائدتان ؛ وهما الألف والنون ، فامتنع من الصرف للتعريف والزيادتين (٢). وحكى سيبويه أنّ من العرب من ينكّره فيقول : «سبحانا» بالتنوين (٣). وقال أبو عبيدة (٤) : انتصب على النداء ، كأنه قال : يا سبحان الله ، يا سبحان الذي أسرى بعبده (٥).

__________________

(١) في(ح ، د) : «سُبْحٰانَ» وفي(ظ) «الإسراء».

(٢) في الأصل : «والزيادة».

(٣) الكتاب ، لسيبويه ١٦٤/١.

(٤) في الأصل و (د) : أبو عبيد ، ورجحت ما جاء في(ح ، ظ ، ق).

(٥) في هامش ظ /٧٧ ب : «قوله تعالى : (سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ) ، فإن قيل : فلم انتصب قوله : سبحان؟ قيل : على المصدرية من قولك : سبح يسبح تسبيحا وسبحانا ، إلا أن المصدر إذا أضيف إلى شيء ، أو دخل فيه على الألف واللام ذهب التنوين ؛ لأن التنوين لا يجتمع مع الإضافة ، ولا مع الألف واللام. نظيره في المعنى : (قٰالَ مَعٰاذَ اللّٰهِ أَنْ نَأْخُذَ) ، نصب على المصدر من قولك : عاذ يعوذ عوذا ومعاذا ، وفيه نوع من التعويذ ، وفي سبحان نوع ـ من ـ التنزيه ، ومعناه : أعوذ باللّه وأنزهه من العيوب. ـ

٤٠٣

١٣٠٧ ـ قوله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) ـ ٣ ـ (ذُرِّيَّةَ) مفعول ثان من قوله : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) على قراءة من قرأ بالتاء ، والمفعول الأول (وَكِيلاً) وهو مفرد بمعنى الجمع ، أي وكلاء. و «اتخذ» يتعدى إلى مفعولين ، مثل قوله تعالى : (وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً)(١). ويجوز نصب (ذُرِّيَّةَ) على النداء [بمعنى : يا ذرية من حملنا](٢). فأمّا من قرأ «ألا يتخذوا» على ياء ، [وهو أبو عمرو بن العلاء (٣)](٤). ف (ذُرِّيَّةَ) مفعول ثان لا غير ، ويبعد أن يكون منصوبا على النداء ، لأنّ الياء للغيبة (٥) ، والنداء للخطاب ، فلا يجتمعان إلا على بعد. وقيل : (ذُرِّيَّةَ) في القراءتين ، بدل من قوله :

__________________

ـ وقال بعضهم : (سبحان اللّه)اسم مفرد كسائر أسمائه ، مثل : الرحمن والرحيم ، وهو على وزن(فعلان) ، فنصبه على البناء لا يتغير عن حاله.

ـ وقال أبو إسحاق : إن(سبحان اللّه)اسم اللّه تعالى حقيقي ، وتجعل الثلاثة معان من اللغة ؛ أحدهما : أن يكون مصدرا ، ومعناه : أمرا ، أي سبحوا اللّه ، لأنه قد جاء أمر بلفظ المصدر ، كقوله تعالى : (غُفْرٰانَكَ رَبَّنٰا) ، معناه : اغفر لنا ، ونحوه ، وقوله : (فَضَرْبَ الرِّقٰابِ) معناه : اضربوا الرقاب.

الثاني : يجوز أن يكون معناه نعتا ، أي هو المسبّح المقدس من كل شيء.

والثالث : يجوز أن يكون على حاله ، أي ... وتنزيهه للّه ، وهذه الأوجه الثلاثة موجودة في كتاب اللّه تعالى ...

فالأمر قوله تعالى : (فَسُبْحٰانَ اللّٰهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ) ، قال المفسرون : سبحوا للّه في هذه الأوقات ، أمر بالصلاة الخمس.

ـ وأما النعت فقوله : سبحانه وتعالى عما يشركون معناه : هو المسبّح المقدس عما وصفه الكفار.

ـ وأما التنزيه ، قوله : (سُبْحٰانَكَ هٰذٰا بُهْتٰانٌ عَظِيمٌ).

ـ وأما قوله : (سُبْحٰانَ الَّذِي أَسْرىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرٰامِ) ، يمكن أن يكون نعتا ، أي هو المسبّح المقدس. ويمكن أن يكون على طهارة من جهة الطهارة ، فاعرف ذلك».

(١) سورة النساء : الآية ١٢٥.

(٢) زيادة في الأصل.

(٣) وقرأ الباقون بالتاء. التيسير ص ١٣٩ ؛ والإتحاف ص ٢٨١.

(٤) في الأصل : «للغيب».

٤٠٤

«وكيلا». وقيل : هي منصوبة على إضمار : أعني [ذرية من حملنا مع نوح](١). ويجوز رفع (ذُرِّيَّةَ) في الكلام ، على قراءة من قرأ بالياء ، على البدل من الضمير في «يتخذوا» ؛ ولا يحسن ذلك في قراءة من قرأ على تاء ، لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب. ويجوز الخفض على البدل من «بني إسرائيل».

[و «أن» في] قوله عزوجل : (أَلَّا تَتَّخِذُوا) ـ ٢ ـ في قراءة من قرأ على ياء ، في موضع نصب على حذف الخافض ، أي لئلا يتخذوا. فأمّا من قرأ على تاء فتحتمل «أن» ثلاثة أوجه :

أحدها أن تكون «أن» لا موضع لها من الإعراب ، وهي للتفسير بمعنى «أي» ، فتكون «لا» للنهي ، ويكون معنى الكلام قد خرج فيه من الخبر إلى النهي.

والوجه الثاني أن تكون «أن» زائدة ليست للتفسير ، ويكون الكلام خبرا بعد خبر ، على إضمار القول ، وتقديره : وقلنا لهم لا تتّخذوا.

والوجه الثالث أن تكون «أن» في موضع نصب ، و «لا» زائدة ، وحرف الجرّ محذوف مع «أن» تقديره : وجعلناه هدى لبني إسرائيل لأن تتخذوا من دوني وكيلا ، أي كراهة أن تتخذوا (٢).

١٣٠٨ ـ قوله تعالى : (فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ) ـ ٥ ـ (خِلالَ) نصب على الظرف ، [وهو ظرف مكان](٣).

١٣٠٩ ـ قوله تعالى : (كُلًّا نُمِدُّ) ـ ٢٠ ـ (كُلًّا) منصوب ب (نُمِدُّ) ، و (هؤُلاءِ) بدل من (كُلًّا) على معنى : المؤمن والكافر يرزق من عطاء ربك.

١٣١٠ ـ قوله تعالى : (أَكْثَرَ نَفِيراً) ـ ٦ ـ (نَفِيراً) نصب على البيان.

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) انظر : الكشف ٤٢/٢ ؛ والعكبري ٤٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢١٤/١٠.

(٣) زيادة في الأصل.

٤٠٥

١٣١١ ـ قوله تعالى : (إِمَّا يَبْلُغَنَ(١) عِنْدَكَ الْكِبَرَ) ـ ٢٣ ـ قرأ حمزة والكسائي بتشديد النون ، وبألف على التثنية ، لتقدّم ذكر الوالدين ، وأعاد الضمير في (أَحَدُهُما) على طريق التأكيد [كما قال (أَمُوتُ) ، ثم قال : (غَيْرُ أَحْياءٍ)(٢) على التأكيد] فتكون (أَحَدُهُما) بدلا من الضمير. وقوله تعالى : (أَوْ كِلاهُما) عطف على (أَحَدُهُما). وقيل : ثنّي الفعل ـ وهو مقدّم ـ على لغة من قال : قاما أخواك ، وكما ثبتت علامة التأنيث في الفعل المقدم عند جميع العرب ، فيكون (أَحَدُهُما) رفع بفعله على هذا القول ، و (أَوْ كِلاهُما) عطف على (أَحَدُهُما)(٣).

١٣١٢ ـ قوله تعالى : (فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ) ـ ٧ ـ معناه : وعد المرة الآخرة ، ثم حذف ، فهو في الأصل صفة قامت مقام موصوف ؛ لأن (الْآخِرَةِ) نعت ل «المرّة» ، فحذفت «المرّة» وأقيمت (الْآخِرَةِ) مقامها ، والكلام هو رد على قوله تعالى : (لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ) ـ ٤ ـ.

١٣١٣ ـ قوله تعالى : (وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا) ـ ٧ ـ (ما) والفعل (٤) مصدر ، أي وليتبّروا علوّهم ، أي وقت علوّهم ، أي وليهلكوا ويفسدوا وقت (٥) تمكّنهم ، فهو بمنزلة قولك : جئتك مقدم الحاجّ ، وخفوق النجم ، أي وقت ذلك. [وقال الزجاج (٦) : معنى (ما عَلَوْا) ، أي وليدمّروا في حال علوّهم عليكم](٧).

١٣١٤ ـ قوله تعالى : (عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ) ـ ٨ ـ (أَنْ) في موضع نصب

__________________

(١) في ح ، ظ ، د «يَبْلُغَنَّ» وهي قراءة الجمهور ، أما «يبلغان» فقراءة حمزة والكسائي وخلف. التيسير ص ١٣٩ ؛ والإتحاف ص ٢٨٢.

(٢) الآية : ٢١ من سورة النحل.

(٣) الكشف ٤٣/٢ ؛ والبيان ٨٨/٢ ؛ والعكبري ٤٩/٢.

(٤) في الأصل : «ما وعلوا».

(٥) في(ح ، ظ ، د ، ق) : «زمن».

(٦) معاني القرآن ٢٢٨/٣.

(٧) زيادة في الأصل ليست في باقي النسخ.

٤٠٦

بعسى ، وقد [تقدم] شرح ذلك (١). و «الرحمة» هنا بعث محمد عليه‌السلام ، و (عَسى) من الله واجبة ، فقد كان ذلك ، [وبعث نبيه صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالرحمة ، وهو قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ)(٢) ، أي لأهل التقى والعمل الصالح](٣).

١٣١٥ ـ قوله تعالى : (وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ) ـ ١١ ـ (دُعاءَهُ) نصب على المصدر ، وفي الكلام حذف ، تقديره : ويدع الإنسان بالشرّ دعاء مثل دعائه بالخير ، ثم حذف الموصوف وهو «دعاء» ثم حذف الصفة المضافة ، فقام المضاف إليه مقامها.

١٣١٦ ـ قوله تعالى : (عَلَيْكَ حَسِيباً) ـ ١٤ ـ نصب (حَسِيباً) على البيان ، وقيل : على الحال.

١٣١٧ ـ قوله تعالى : (انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا) ـ ٢١ ـ (كَيْفَ) في موضع نصب ب (فَضَّلْنا) ، ولا يعمل فيه (انْظُرْ) ، لأنّ الاستفهام [له صدر الكلام](٤) ، فلا يعمل فيه ما قبله.

١٣١٨ ـ قوله تعالى : (أَكْبَرُ دَرَجاتٍ) ـ ٢١ ـ (أَكْبَرُ) خبر الابتداء وهو (وَلَلْآخِرَةُ) ، و (دَرَجاتٍ) نصب على البيان ؛ ومثله (تَفْضِيلاً).

١٣١٩ ـ قوله تعالى : (ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ) ـ ٢٨ ـ و (خَشْيَةَ إِمْلاقٍ) ـ ٣١ ـ كلاهما مفعول من أجله.

١٣٢٠ ـ قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) ـ ٣٢ ـ من قصر (الزِّنى) فهو مصدر ، زنى يزني زنى ، ومن مدّه جعله مصدر : زانى يزانى زناء ومزاناة ، [مثل : واطأ يواطئ وطاء ومواطأة ، أي أشد ركوبا](٥).

__________________

(١) انظر فقرة(٥٢٧).

(٢) سورة الأنبياء : الآية ١٠٧.

(٣) زيادة في الأصل.

(٤) زيادة في الأصل.

٤٠٧

١٣٢١ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً) ـ ٣٣ ـ (مَظْلُوماً) نصب على الحال.

١٣٢٢ ـ قوله تعالى : (فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً) ـ ٣٣ ـ [يريد ولي المقتول كان منصورا]. الهاء في (إِنَّهُ) تعود على «الولي» أي إن وليّ الدم ، وقيل : تعود على «المقتول» ، وقيل : على «الدم» ، وقيل : على «القتل». وقال أبو عبيد : هي للقاتل ، ومعناه : أن القاتل إذا أقيد منه في الدنيا فقتل فهو منصور ، [بأن لا يسرف عليه فيمثل به أو يتجاوز عليه] ، وفيه بعد في التأويل.

١٣٢٣ ـ قوله تعالى : (مَرَحاً) ـ ٣٧ ـ نصب على المصدر. وقرأ يعقوب (١) «مرحا» بكسر الراء ، فيكون نصبه على الحال ؛ [لأنه اسم المرح].

١٣٢٤ ـ قوله تعالى : (نُفُوراً) ـ ٤٦ ـ نصب على الحال.

١٣٢٥ ـ قوله تعالى : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا) ـ ٥٣ ـ قد مضى الاختلاف في نظيره في سورة إبراهيم (٢) ، [فهو مثله].

١٣٢٦ ـ قوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَقْرَبُ) ـ ٥٧ ـ ابتداء وخبر ، ويجوز أن تكون (أَيُّهُمْ) بمعنى الذي بدلا من الواو في (يَبْتَغُونَ) ، تقديره : يبتغي الذي هو أقرب الوسيلة ، ف «أيّ» على هذا التقدير مبنية عند سيبويه (٣) ، وفيه اختلاف ونظر سنذكره في سورة مريم ، (٤) إن شاء الله.

١٣٢٧ ـ قوله تعالى : (وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ) ـ ٥٩ ـ «أن» الأولى في موضع نصب مفعول ثان ل «منع». و (أَنْ) الثانية في موضع رفع فاعل «منع» تقديره : وما منعنا الإرسال بالآيات التي اقترحتها

__________________

(١) تفسير القرطبي ٢٦١/١٠ ؛ والبحر المحيط ٣٧/٦.

(٢) انظر : الآية ٣١ من السورة المذكورة.

(٣) الكتاب ، لسيبويه ٣٩٨/١.

(٤) انظر : الآية ٦٩ من السورة المذكورة.

٤٠٨

قريش إلا تكذيب الأولين بمثلها ، فكان ذلك سبب إهلاكهم ؛ فلو أرسلنا إلى قريش فكذبوا بها لأهلكوا ، وقد تقدّم في علم الله وقدره تأخير عقابهم إلى يوم القيامة ، فلم يرسلها لذلك.

١٣٢٨ ـ قوله تعالى : (مُبْصِرَةً) ـ ٥٩ ـ نصب على الحال.

١٣٢٩ ـ قوله تعالى : (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ) ـ ٦٠ ـ نصب (الشَّجَرَةَ) على العطف على (الرُّؤْيَا) ، أي وما جعلنا الرؤيا والشجرة الملعونة (١).

١٣٣٠ ـ قوله تعالى : (أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً) ـ ٦١ ـ (طِيناً) نصب على الحال.

١٣٣١ ـ قوله تعالى : (يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ) ـ ٧١ ـ العامل في (يَوْمَ) فعل دلّ عليه الكلام ، كأنّه قال : لا يظلمون يوم ندعو ، ودلّ عليه قوله : (وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلاً.) ولا يحسن أن يعمل فيه «ندعو» ، لأن (يَوْمَ) مضاف إليه ، ولا يعمل المضاف إليه في المضاف ؛ لأنهما كاسم واحد ، ولا يعمل الشيء في نفسه.

والباء في (بِإِمامِهِمْ) تتعلّق ب (نَدْعُوا) ، في موضع المفعول الثاني ل (نَدْعُوا) ، تعدّى إليه بحرف [جر] ، ويجوز أن تتعلق الباء بمحذوف ، والمحذوف في موضع الحال ، فالتقدير : ندعو كلّ أناس مختلطين بإمامهم ، أي في هذه الحال ، أي ندعوهم وإمامهم فيهم ، فمعناه على القول الأول : ندعوهم باسم إمامهم ؛ وهو معنى ما روي عن ابن عبّاس في تفسيره (٢).

وقد روي عن الحسن أن الإمام هنا الكتاب الذي فيه أعمالهم ، فلا يحتمل على هذا أن تكون الباء إلا متعلقة بمحذوف ، وذلك المحذوف في

__________________

(١) في هامش(ظ)/٧٨ ب : «وقرئ (والشجرة الملعونة) بالرفع ، على أنها مبتدأ محذوف الخبر ، كأنه قيل : والشجرة الملعونة في القرآن كذلك. كشاف».

(٢) تفسير القرطبي ٢٩٦/١٠ وما بعده ؛ والبحر المحيط ٦٣/٦ ؛ والبيان ٩٤/٢ ؛ والعكبري ٥٢/٢.

٤٠٩

موضع الحال تقديره : ندعوهم ومعهم كتابهم الذي فيه أعمالهم ، كأنه في التقدير : ندعوهم ثابتا معهم كتابهم ، أو مستقرا معهم كتابهم ، ونحو ذلك ؛ فلا يتعدّى (نَدْعُوا) على هذا التأويل إلا إلى مفعول واحد.

١٣٣٢ ـ قوله تعالى : (فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى)(١) ـ ٧٢ ـ هو من عمى القلب ، فهو ثلاثي من : عمي يعمى ، فلذلك أتى بغير فعل ثلاثي ، وفيه معنى التعجب. ولو كان من عمى العين لقال : فهو في الآخرة أشدّ عمى ، أو أبين عمى ، لأنّ فيه معنى التعجب. وعمى العين شيء ثابت كاليد والرجل ، فلا يتعجب منه إلّا بفعل ثلاثي ، وكذلك حكم ما جرى مجرى التعجب. وقيل : لما كان عمى العين أصله الرباعي لم يتعجب منه إلا بإدخال فعل ثلاثي ، لينتقل الثلاثي بالتعجب إلى الرباعي (٢) ، وإذا كان فعل المتعجّب منه رباعيا لم يمكن نقله إلى أكثر من ذلك ، فلا بدّ من إدخال فعل ثلاثي نحو : بان ، وشدّ ، وكثر ، وشبهه ، هذا مذهب البصريين. وقد حكى الفرّاء (٣) : ما أعماه وما أعوره ، ولا يجيزه البصريون.

١٣٣٣ ـ قوله تعالى : (سُنَّةَ مَنْ قَدْ) ـ ٧٧ ـ نصب على المصدر ، أي سنّ الله تعالى ذلك سنّة ، يعنى : سنّ الله أنّ من أخرج نبيه هلك. وقال الفراء (٤) : [المعنى] كسنّة من ، فلما حذف الكاف نصب.

١٣٣٤ ـ قوله تعالى : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) ـ ٧٨ ـ نصب بإضمار فعل تقديره : واقرءوا (٥) قرآن الفجر ، وقيل : تقديره : أقم قرآن الفجر.

وقوله (قَبِيلاً) ـ ٩٢ ـ نصب على الحال.

__________________

(١) في الأصل : «وهو» وهو تحريف.

(٢) في(ح ، ق ، د) : «لينقله التعجب إلى الرباعي».

(٣) معاني القرآن ١٢٨/٢.

(٤) معاني القرآن ١٢٩/٢.

(٥) ح ، ق ، د : «وآثروا».

٤١٠

١٣٣٥ ـ وقوله تعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) ـ ٩٤ ـ (أَنْ) في موضع نصب مفعول (مَنَعَ) ثان.

١٣٣٦ ـ قوله تعالى : (إِلَّا أَنْ قالُوا) ـ ٩٤ ـ (أَنْ) في موضع رفع فاعل (مَنَعَ) أي : وما منع الناس الإيمان إلا قولهم كذا [وكذا].

١٣٣٧ ـ قوله تعالى : (كَفى بِاللهِ شَهِيداً) ـ ٩٦ ـ اسم «الله» جلّ ذكره ، في موضع رفع بكفى ، و (شَهِيداً) حال أو بيان ، تقديره : قل كفى الله شهيدا.

١٣٣٨ ـ قوله تعالى : (تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ) ـ ١٠١ ـ يجوز أن تكون (بَيِّناتٍ) في موضع خفض على النعت لآيات ، ويجوز أن تكون في موضع نصب على النعت ل (تِسْعَ).

١٣٣٩ ـ قوله تعالى : (وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ) ـ ١٠٥ ـ [«بِالْحَقِّ»] الأول حال مقدمة من المضمر في (أَنْزَلْناهُ). و (بِالْحَقِّ) الثاني حال مقدمة من المضمر في (نَزَلَ). ويجوز أن تكون الباء في الثاني متعلقة ب (نَزَلَ) ، على جهة التعدّي.

١٣٤٠ ـ قوله تعالى : (قُلْ لَوْ أَنْتُمْ) ـ ١٠٠ ـ (لَوْ) لا يليها إلا الفعل ، لأنّ فيها معنى الشرط ، فإن لم يظهر الفعل أضمر ، فهو مضمر في هذا. و (أَنْتُمْ) رفع بالفعل المضمر ، [أي لو كنتم أنتم](١).

١٣٤١ ـ قوله تعالى : (لَفِيفاً) ـ ١٠٤ ـ نصب على الحال.

١٣٤٢ ـ [قوله تعالى : (وَقُرْآناً فَرَقْناهُ) ـ ١٠٦ ـ انتصب «قرآن» بإضمار فعل يفسره (فَرَقْناهُ) تقديره : وفرقناه. ويجوز أن تكون معطوفا على (مُبَشِّراً وَنَذِيراً) ـ ١٠٥ ـ على معنى : وصاحب قرآن ، ثم حذف المضاف ، فيكون (فَرَقْناهُ) نعتا ل «القرآن»].

__________________

(١) زيادة في الأصل.

٤١١

١٣٤٣ ـ قوله تعالى : (أَيًّا ما تَدْعُوا) ـ ١١٠ ـ (أَيًّا) نصب ب (تَدْعُوا) ، و (ما) زائدة للتأكيد.

١٣٤٤ ـ قوله تعالى : (لِلْأَذْقانِ سُجَّداً) ـ ١٠٧ ـ نصب على الحال.

٤١٢

مشكل إعراب سورة

«الكهف»

١٣٤٥ ـ قوله عزوجل : (قَيِّماً) ـ ٢ ـ نصب على الحال من «الكتاب».

١٣٤٦ ـ قوله تعالى : (كَبُرَتْ كَلِمَةً) ـ ٥ ـ (كَلِمَةً) نصب على التفسير ، وفي (كَبُرَتْ) ضمير فاعل تقديره : كبرت مقالتهم : اتخذ الله ولدا (١). ومن رفع (٢) (كَلِمَةً) جعل (كَبُرَتْ) بمعنى : عظمت ، ولم يضمر فيه شيئا ، وصار فعلا للكلمة ، فارتفعت به. و (تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ) نعت ل «الكلمة».

١٣٤٧ ـ قوله تعالى : (إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً) ـ ٥ ـ (إِنْ) بمعنى (ما) التي للنفي ، و (كَذِباً) نصب بالقول.

١٣٤٨ ـ قوله تعالى : (أَسَفاً) ـ ٦ ـ مصدر في موضع الحال.

١٣٤٩ ـ قوله تعالى : (زِينَةً لَها) ـ ٧ ـ مفعول ثان ل «جعلنا» ، إن

__________________

(١) في الأصل : «ولدا كلمة».

(٢) قرأ برفع «كلمة» الحسن ومجاهد ويحيى بن يعمر وابن أبي إسحاق. تفسير القرطبي ٣٥٣/١٠ ؛ والبحر المحيط ٩٧/٦ ؛ وفي المحتسب ٢٤/٢ قرأ بها يحيى بن يعمر والحسن وابن محيصن وابن أبي إسحاق والثقفي والأعرج ـ بخلاف ـ وعمرو بن عبيد.

٤١٣

جعلت «جعلنا» بمعنى : صيّرنا. وإن جعلته بمعنى : خلقنا ، نصبت (زِينَةً) على أنه مفعول من أجله ؛ لأنّ «خلقنا» لا يتعدّى إلّا إلى مفعول واحد.

١٣٥٠ ـ قوله تعالى : (سِنِينَ) ـ ١١ ـ نصب على الظرف. و (عَدَداً) مصدر ، وقيل : نعت ل (سِنِينَ) ، على معنى : ذات عدد. وقال الفرّاء (١) : معناه : معدودة ، فهو على هذا نعت ل «السنين».

١٣٥١ ـ قوله تعالى : (أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً) ـ ١٢ ـ (أَمَداً) نصب لأنه مفعول ل (أَحْصى) ، كأنّه قال : لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟. وقيل : هو منصوب ب (لَبِثُوا).

وأجاز الزجاج (٢) نصبه على التمييز ، ومنعه غيره ؛ لأنّه إذا نصبه على التمييز جعل (أَحْصى) اسما على «أفعل». و (أَحْصى) أصله مثال ماض من : أحصى يحصي ، وقد قال الله عزوجل : (أَحْصاهُ اللهُ وَنَسُوهُ)(٣) ، (وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً)(٤) ، فإذا صحّ أنّه يقع فعلا ماضيا لم يكن أن يستعمل منه : أفعل من كذا ، وإنما يجيء أفعل من كذا أبدا من الثلاثي ، ولا يأتي من الرباعي البتة إلا في شذوذ ، نحو قولهم : ما أولاه للخير ، وما أعطاه للدراهم ، فهو شاذ لا يقاس عليه. فإذا لم يمكن أن يأتي «أفعل من كذا» من الرباعي ، علم أن (أَحْصى) ليس هو «أفعل من كذا» ، إنما هو فعل ماض ؛ وإذا كان فعلا ماضيا لم يأت معه التمييز ، وكان تعدّيه إلى «أمد» أبين وأظهر. وإذا نصبت (أَمَداً) ب (لَبِثُوا) ، فهو ظرف ، لكن يلزمك أن تكون عدّيت (أَحْصى) بحرف جر ؛ لأنّ التقدير : أحصى للبثهم في الأمد ، وهو ما لا يحتاج إلى حرف ، فيبعد ذلك بعض البعد ، فنصبه ب (أَحْصى) أولى وأقوى.

__________________

(١) معاني القرآن ١٣٥/٢.

(٢) معاني القرآن ٢٧١/٣ ؛ وانظر : معاني القرآن للفراء ١٣٦/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٦٤/١٠.

(٣) سورة المجادلة : الآية ٦.

(٤) سورة الجن : الآية ٢٨.

٤١٤

فأما قوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) ، وقوله : (فَلْيَنْظُرْ أَيُّها أَزْكى طَعاماً) ـ ١٩ ـ فالرفع عند أكثر النحويين في هذا على الابتداء ، وما بعده خبره ، والفعل وهو (لِنَعْلَمَ) معلّق غير معمل (١) في اللّفظ ؛ وعلّة سيبويه (٢) في ذلك ، أنّه لمّا حذف العائد على (أَيُّ) بناها على الضم. وسنذكر شرح الاختلاف في (أَيُّ) في مريم (٣).

١٣٥٢ ـ قوله تعالى : (شَطَطاً) ـ ١٤ ـ نعت لمصدر محذوف تقديره : قولا شططا. ويجوز أن ينتصب ب «القول».

١٣٥٣ ـ قوله تعالى : (وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ) ـ ١٦ ـ أي : واذكروا إذ اعتزلتموهم.

١٣٥٤ ـ قوله تعالى : (ذاتَ الْيَمِينِ) و (ذاتَ الشِّمالِ) ـ ١٧ ـ ظرفان.

١٣٥٥ ـ قوله تعالى : (فِراراً) و (رُعْباً) ـ ١٨ ـ منصوبان على التمييز.

١٣٥٦ ـ قوله تعالى : (إِذْ يَتَنازَعُونَ) ـ ٢١ ـ العامل في «إِذْ» «لِيَعْلَمُوا».

١٣٥٧ ـ قوله تعالى : (ثَلاثَةٌ) ـ ٢٢ ـ أي هم ثلاثة ، وكذا ما بعده من «خمسة» و «سبعة».

١٣٥٨ ـ قوله تعالى : (وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ) ـ ٢٢ ـ إنما جيء بالواو هنا لتدلّ على تمام القصة وانقطاع الحكاية عنهم ، ولو جيء بها مع «رابع» و «سادس» لجاز ، ولو حذفت من «الثامن» لجاز ؛ لأنّ الضمير العائد يكفي من الواو ، تقول : رأيت عمرا وأبوه جالس ، وإن شئت حذفت الواو ؛ للهاء العائدة على عمرو ؛ ولو قلت : رأيت عمرا وبكر جالس ؛ لم يجز حذف الواو ؛ إذ لا عائد يعود على عمرو. ويقال لهذه الواو : واو الحال ، ويقال :

__________________

(١) في الأصل «معمول».

(٢) الكتاب ١٢٠/١.

(٣) انظر الفقرة(١٤٢٠).

٤١٥

واو الابتداء ، ويقال : واو «إذ». أي هي بمعنى إذ ؛ ومنه قوله تعالى : (وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ)(١).

١٣٥٩ ـ قوله تعالى : (ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ) ـ ٢٥ ـ من نون «المائة» استبعد الإضافة إلى الجمع ؛ لأنّ أصل هذا العدد أن يضاف إلى واحد يبين جنسه ، نحو : عندي مائة درهم ومائة ثوب ، فنوّن «المائة» ؛ إذ بعدها جمع. ونصب (سِنِينَ) على البدل من (ثَلاثَ). وقال الزجّاج (٢) : (سِنِينَ) في موضع نصب عطف بيان على (ثَلاثَ). وقيل : هي في موضع خفض على البدل من «مائة» ، لأنها في معنى «مئين». ومن لم ينوّن أضاف (مِائَةٍ) إلى (سِنِينَ) ، وهي قراءة (٣) حمزة والكسائي ، أضافا إلى الجمع كما يفعلان في الواحد ، وجاز لهما ذلك لأنهما إذا أضافا إلى واحد فقالا : ثلاثمائة سنة ، فسنة بمعنى سنين ، لا اختلاف في ذلك ، فحملا الكلام على معناه ، فهو حسن في القياس ، قليل في الاستعمال ؛ لأنّ الواحد في الاستعمال أخفّ من الجمع ، فإنما يبعد من جهة قلة الاستعمال (٤) ، وإلّا فهو الأصل (٥).

١٣٦٠ ـ قوله تعالى : (وَازْدَادُوا تِسْعاً) ـ ٢٥ ـ «تسع» مفعول به ب (ازْدَادُوا) ، وليس بظرف ، تقديره : وازدادوا لبث تسع سنين. و «زاد يزيد» أصله فعل يتعدى إلى مفعولين ؛ قال الله جلّ وعزّ : (وَزِدْناهُمْ هُدىً)(٦) ، لكن لما رجع «فعل» [إلى] «افتعل» نقص من التعدّي ، وتعدّى إلى مفعول واحد. وأصل الدّال [الأولى] في (ازْدَادُوا) تاء الافتعال ، وأصله : وازتيدوا ، ثم قلبت الياء ألفا ؛ لتحركها وانفتاح

__________________

(١) سورة آل عمران : الآية ١٥٤.

(٢) معاني القرآن ٢٧٨/٣.

(٣) قرأ به أيضا خلف ، وقرأ الباقون بالتنوين. النشر ٢٩٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٤٣ ، والإتحاف ص ٢٨٩.

(٤) في الأصل : «فإنما يبعد لهذا» وأثبت ما في : (ح ، ق).

(٥) الكشف ٥٨/٢ ؛ والبيان ١٠٥/٢ ؛ والعكبري ٥٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٣٨٥/١٠.

(٦) سورة الكهف : الآية ١٣.

٤١٦

ما قبلها ، وأبدل من التاء دال ، لتكون في الجهر كالدال التي بعدها ، والزاي التي قبلها ، وكانت الدال أولى بذلك ؛ لأنّها من مخرج التاء ، فيكون عمل اللسان من موضع واحد في القوة والجهر.

١٣٦١ ـ قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) ـ ٣٠ ـ خبر (إِنَّ) الأولى (أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ) ـ ٣١ ـ. وقيل : خبرها (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً) ؛ لأن معناه : إنّا لا نضيع أجرهم. وقيل : الخبر محذوف تقديره : إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم الله بأعمالهم ، ودلّ على ذلك قوله : (إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً.)

١٣٦٢ ـ قوله تعالى : (مِنْ سُنْدُسٍ) ـ ٣١ ـ هو جمع ، واحدته «سندسة» ، وواحد العبقريّ «عبقرية» ، وهو منسوب إلى عبقر ، وواحد الرّفرف (١) «رفرفة» ، وواحد الأرائك «أريكة».

١٣٦٣ ـ قوله تعالى : (وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللهُ) ـ ٣٩ ـ (ما) اسم ناقص (٢) بمعنى الذي ، في موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : قلت : الأمر ما شاء الله ، أي ما شاءه الله ، ثم حذفت الهاء من الصلة. وقيل : (ما) شرط ، [اسم تام] ، و «شاء» في موضع «يشاء» ، والجواب محذوف تقديره : قلت ما شاء الله كان ، ولا هاء مقدرة في هذا الوجه ؛ لأن (ما) إذا كانت للشرط والاستفهام فهي اسم تام لا يحتاج (٣) إلى صلة ، ولا إلى عائد من صلة.

١٣٦٤ ـ قوله تعالى : (إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَ) ـ ٣٩ ـ (أَنَا) فاصلة لا موضع لها من الإعراب ، و (أَقَلَّ) مفعول ثان ل «ترني». وإن شئت جعلت (أَنَا) تأكيدا لضمير المتكلم في «ترني». ويجوز في الكلام رفع (أَقَلَّ) ، تجعل

__________________

(١) الرفرف : ثياب خضر.

(٢) أي اسم موصول.

(٣) في الأصل : «لأن ما إذا كان الشرط والاستفهام اسما تاما لا يحتاج».

٤١٧

(أَنَا) مبتدأ ، و (أَقَلَّ) الخبر ، والجملة في موضع المفعول الثاني ل «ترى».

١٣٦٥ ـ قوله تعالى : (أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً) ـ ٤١ ـ (غَوْراً) نصب ، [لأنه] خبر «أصبح» تقديره : ذا غور.

١٣٦٦ ـ قوله تعالى : (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ) ـ ٤٢ ـ المفعول الذي لم يسمّ فاعله ل (أُحِيطَ) مضمر ، وهو المصدر. ويجوز أن يكون (بِثَمَرِهِ) في موضع رفع على (١) اسم ما لم يسمّ فاعله ل (أُحِيطَ).

١٣٦٧ ـ قوله تعالى : (بِثَمَرِهِ) ـ ٤٢ ـ من قرأ بضمتين جعله جمع ثمرة ، كخشبة وخشب ، ويجوز أن يكون جمع الجمع ، كأنه جمع ثمار ، كحمار وحمر. وثمار جمع ثمرة ، كأكمة وإكام. ومن قرأه (٢) بفتحتين جعله جمع ثمرة ، كخشبة وخشب. ومن أسكن الثاني وضم الأول فعلى الاستخفاف ، وأصله بضمتين ، [وهي قراءة أبي عمرو (٣)](٤).

١٣٦٨ ـ قوله تعالى : (هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِ) ـ ٤٤ ـ من رفع (٥) (الْحَقِّ) جعل (الْوَلايَةُ) مبتدأ و (هُنالِكَ) خبره ، و (الْحَقِّ) نعت للولاية ، والعامل في (هُنالِكَ) الاستقرار المحذوف الذي قام (هُنالِكَ) مقامه. ويجوز أن يكون (لِلَّهِ) خبرا ل (الْوَلايَةُ). ومن خفض «الحقّ» جعله نعتا (لِلَّهِ) جلّ ذكره ، أي لله ذي الحقّ ، وألغى (هُنالِكَ) ، فيكون العامل في (هُنالِكَ) الاستقرار الذي قام (لِلَّهِ) مقامه ؛ ولا يحسن الوقف على (هُنالِكَ) في هذين الوجهين. ويجوز أن يكون العامل في (هُنالِكَ) ـ إذ جعلت (لِلَّهِ) خبرا ـ (مُنْتَصِراً) ، فيحسن

__________________

(١) في(ح ، ظ ، ق) : «على المفعول ل‍ «أحيط».

(٢) قرأ بفتحين من «ثمره» أبو جعفر وعاصم وروح ، وقرأ أبو عمرو بضم الثاء وإسكان الميم ، والباقون بضم الثاء والميم. النشر ٢٩٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٤٣ ؛ والإتحاف ص ٢٩٠.

(٣) الكشف ٥٩/٢ ؛ والبيان ١٠٩/٢.

(٤) زيادة في الأصل.

(٥) الرفع قراءة أبي عمرو والكسائي ، وقرأ الباقي بالخفض. النشر ٢٩٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٤٣ ؛ والإتحاف ص ٢٩٠ ؛ والكشف /١٦٦أ.

٤١٨

الوقف على (هُنالِكَ) على هذا الوجه. و (هُنالِكَ) يحتمل أن يكون ظرف زمان وظرف مكان ، وأصله المكان ؛ تقول : اجلس هنالك وهاهنا وهناك ، وأقم هنالك. واللام في (هُنالِكَ) تدل على بعد المشار إليه.

١٣٦٩ ـ قوله تعالى : (وَعُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا) ـ ٤٨ ـ (صَفًّا) نصب على الحال.

١٣٧٠ ـ قوله تعالى : (وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ) ـ ٤٧ ـ العامل في (يَوْمَ) فعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد يوم نسيّر الجبال ، ولا يحسن أن يكون العامل ما قبله ؛ لأن حرف العطف يمنع من ذلك.

١٣٧١ ـ قوله تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ) ـ ٥٠ ـ (إِبْلِيسَ) نصب على الاستثناء المنقطع ، على مذهب من رأى أن إبليس لم يكن من الملائكة. وقيل : هو من الأول مستثنى ؛ لأنه من الملائكة كان.

١٣٧٢ ـ قوله تعالى : (وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا) ـ ٥٥ ـ (أَنْ) في موضع نصب مفعول (مَنَعَ). (إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ «أَنْ») في موضع رفع فاعل (مَنَعَ).

١٣٧٣ ـ قوله تعالى : (الْعَذابُ قُبُلاً) ـ ٥٥ ـ من ضمّ (١) القاف جعله جمع «قبيل» ، أي : يأتيهم العذاب قبيلا [قبيلا] ، أي صنفا [صنفا] ، أي أجناسا. وقيل معناه : شيء (٢) بعد شيء ، من جنس واحد ، فهو نصب على الحال. وقيل : معناه : مقابلة ، أي : يقابلهم العذاب عيانا من حيث يرونه. وكذلك المعنى في قراءة من كسر القاف «قبلا» ، أي : يأتيهم مقابلة ، أي عيانا. حكى أبو زيد : لقيت فلانا قبلا ومقابلة وقبلا وقبلا ، وقبيلا بمعنى واحد ، أي عيانا ومقابلة (٣).

١٣٧٤ ـ قوله تعالى : (وَتِلْكَ الْقُرى) ـ ٥٩ ـ (تِلْكَ) في موضع رفع

__________________

(١) قرأ الكوفيون وأبو جعفر بضم القاف والياء ، وقرأ الباقون بكسر القاف وفتح الياء. النشر ٢٩٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٤٤ ؛ والإتحاف ص ٢٩٢.

(٢) في الأصل : «شيئا».

(٣) النوادر ص ٢٣٥ ؛ والكشف ٦٤/٢ ؛ والبيان ١١٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦/١١.

٤١٩

على الابتداء ، و (أَهْلَكْناهُمْ) الخبر. وإن شئت كانت (تِلْكَ) في موضع نصب بإضمار فعل تفسيره (أَهْلَكْناهُمْ) ، [أي أهلكنا تلك القرى أهلكناهم](١).

١٣٧٥ ـ قوله تعالى : (لِمَهْلِكِهِمْ) ـ ٥٩ ـ من فتح (٢) اللام والميم جعله مصدر : هلكوا مهلكا ، وهو مضاف إلى المفعول ، على لغة من أجاز تعدّي «هلك» ؛ ومن لم يجز تعديه ، فهو مضاف إلى الفاعل. ومن فتح الميم وكسر اللام جعله اسم الزمان ، تقديره : لوقت مهلكهم ، وقيل : هو مصدر «هلك» مهلكا ، جاء نادرا ، مثل : المرجع والمحيض. ومن ضم الميم وفتح اللام جعله مصدر الرباعي : أهلكوا مهلكا (٣).

١٣٧٦ ـ قوله تعالى : (سَرَباً) ـ ٦١ ـ مصدر ، وقيل : هو مفعول ثان ل (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ.)

١٣٧٧ ـ قوله تعالى : (وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ) ـ ٦٣ ـ (أَنْ) في موضع نصب على البدل من الهاء في (أَنْسانِيهُ) ، وهو بدل الاشتمال.

١٣٧٨ ـ قوله تعالى : (فِي الْبَحْرِ عَجَباً) ـ ٦٣ ـ مصدر ، إن جعلته من قول موسى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وتقف على (الْبَحْرِ) ، كأنّه [لمّا] قال فتى موسى : (وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) ، قال موسى : أعجب عجبا. وإن جعلت (عَجَباً) من قول فتى موسى ـ عليه‌السلام ـ كان مفعولا ثانيا ل (اتَّخَذَ). وقيل : تقديره : واتّخذ سبيله يفعل شيئا عجبا ، فهو نعت لمفعول محذوف. وقيل : إنّه من قول موسى ـ عليه‌السلام ـ كلّه ، تقديره : واتخذ موسى سبيل الحوت في البحر يعجب عجبا ، فالوقف على (عَجَباً) في هذا التأويل حسن.

__________________

(١) زيادة في الأصل.

(٢) قرأ بفتح والميم واللام أبو بكر ، وقرأ حفص بفتح الميم وكسر اللام ، وقرأ الباقون بضم الميم وفتح اللام ، النشر ٢٩٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٤٤ ؛ والإتحاف ص ٢٩٢.

(٣) الكشف ٦٥/٢ ، ١٦٢ ؛ والبيان ١١٢/٢ ؛ والعكبري ٥٨/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٨/١١.

٤٢٠