مشكل إعراب القرآن

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني

مشكل إعراب القرآن

المؤلف:

أبي محمّد مكّي بن أبي طالب القيسي القيرواني


المحقق: ياسين محمّد السوّاس
الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٨٦٣

عندهما. وقيل عن الخليل أنه قال : [إنّ](١) «أنّ» في موضع رفع ب (جَرَمَ) و (جَرَمَ) بمعنى : بدّ ، فمعناه : لا بدّ ولا محالة. قال الخليل : جيء ب (لا) ؛ ليعلم أنّ المخاطب لم يبتدئ كلامه ، وإنما خاطب من خاطبه. وقال الزجاج : (٢) (لا) نفي لما ظنّوا أنه ينفعهم. وأصل معنى : (جَرَمَ) كسب ، من قولهم : فلان جارم أهله ، أي (٣) : كاسبهم ؛ ومنه سمّي الذنب «جرما» لأنه اكتسب. فكان المعنى عندهم : لا ينفعهم ذلك ، ثم ابتدأ فقال : (جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ) أي : كسب ذلك الفعل لهم الخسران في الآخرة ؛ و «أنّ» من (أَنَّهُمْ) على هذا التقدير في موضع نصب ب (جَرَمَ). وقال الكسائي : معناه لا صدّ ولا منع عن أنهم في الآخرة ، ف «أن» في موضع نصب ب (جَرَمَ) على قوله أيضا ، لحذف حرف الجر (٤).

١١٢٨ ـ قوله تعالى : (بادِيَ الرَّأْيِ) ـ ٢٧ ـ انتصب (بادِيَ) على الظرف ، أي : في بادي الرأي ، هذا على (٥) قراءة من لم يهمزه. ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر ، مثل : (وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ)(٦) ، وإنما جاز أن يكون «فاعل» (٧) ظرفا ، كما جاز ذلك في «فعيل» نحو : قريب ومليء. و «فاعل» و «فعيل» يتعاقبان نحو : راحم ورحيم ، وعالم وعليم ، وحسن ذلك في «فاعل» لإضافة إلى الرأي ، والرأي يضاف إليه المصدر ، وينتصب المصدر معه على الظرف ، نحو قولك : إما جهد رأي فإنّك منطلق ، والعامل في الظرف (اتَّبَعَكَ). وهو من : بدا يبدو ، إذا ظهر.

__________________

(١) زيادة من : (ظ ، ق ، د).

(٢) معاني القرآن وإعرابه ٤٦/٣.

(٣) في(ح) : «لما» وصحح من : (ظ ، ق ، د).

(٤) انظر : الكتاب ٤٦٩/١ ؛ والبيان ١٠/٢ ؛ والعكبري ٢٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٠/٩.

(٥) (ح) : «في» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٦) سورة الأعراف : الآية ١٥٥ ، وانظر فقرة(٩٧٥).

(٧) (ح ، د) : «فاعلا» وأثبت ما في ظ ، ق.

٣٤١

ويجوز في قراءة من لم يهمز أن يكون من الابتداء ، ولكنه سهّل الهمزة. ومن قرأ بالهمز (١) وقدر (٢) في الألف أنها بدل همزة ، فهو أيضا نصب على الظرف ، والعامل فيه أيضا (اتَّبَعَكَ) ، والتقدير عند من جعله من بدا يبدو : ما اتبعك يا نوح إلا الأراذل فيما ظهر لنا من الرأي ، كأنهم قطعوا عليه في أول ما ظهر له من رأيهم ، ولم يتعقبوه بنظر ؛ إنما قالوا : ما ظهر لهم ، من غير تيقن. والتقدير عند من جعله [من](٣) الابتداء فهمز : ما اتبعك يا نوح إلا الأراذل من أوّل الأمر ، أي ما نراك في أوّل الأمر اتبعك إلا الأراذل. وجاز تأخير الظرف بعد (إِلَّا) وما بعدها من الفاعل وصلته ؛ لأنّ الظروف يتّسع فيها ما لا يتسع في المفعولات ؛ فلو قلت في الكلام : ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما ، فأوقعت اسمين مفعولين بعد «إلّا» لم يجز ، لأن الفعل لا يصل ب (إِلَّا) إلى اسمين ؛ إنما يصل إلى اسم واحد ، كسائر الحروف ؛ ألا ترى أنك لو قلت : مررت بزيد عمرو ، فتوصل الفعل إليهما بحرف واحد ، لم يجز ؛ وكذلك لو قلت : استوى الماء والخشبة الحائط ، فنصبت بواو مع (٤) اسمين ؛ لم يجز ، إلا أن تأتي في جميع ذلك بواو العطف فيجوز ، فتصل الفعل إليهما بحرفين. فأمّا قولهم : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا ؛ فإنما جاز ؛ لأن «بعضهم» بدل من القوم ، فلم يصل الفعل بعد «إلا» إلا إلى اسم واحد (٥).

١١٢٩ ـ قوله تعالى : (تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ) ـ ٣١ ـ أصل (تَزْدَرِي) : «تزتري» ، والدال مبدلة من تاء ، لأنّ الدال حرف مجهور ، فقرن بالزاي لأنها مجهورة أيضا ، والتاء مهموسة ، ففارقت الزاي ، وحسن البدل لقرب

__________________

(١) وهي قراءة أبي عمرو ، وقرأ الباقون بغير همز ؛ النشر ٢٧٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٢١ ؛ والإتحاف ص ٢٥٥.

(٢) في(ظ ، ق) : «أو قدّر».

(٣) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٤) في(ق) : «بواو بمعنى مع».

(٥) الكشف ٥٢٦/١ ؛ والبيان ١١/٢ ؛ والعكبري ٢٠/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٢٤/٩.

٣٤٢

المخرجين ، والتقدير : تزدريهم أعينكم ؛ ثم حذف الإضمار لطول الاسم.

١١٣٠ ـ قوله تعالى : (فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ) ـ ٢٨ ـ من خففه من القراء حمله على معنى : فعميتم عن الأخبار التي أتتكم ؛ وهي الرحمة ، فلم تؤمنوا بها ، ولم تعم الأخبار نفسها عنهم ، ولو عميت هي لكان لهم في تلك (١) عذر ، وإنما عموا هم عنها ، فهو من المقلوب ؛ كقولهم : أدخلت القلنسوة في رأسي ، وأدخلت القبر زيدا ، فقلب جميع هذا في ظاهر اللفظ ، لأنّ المعنى لا يشكل ، ومثله قوله تعالى : (فَلا)(٢) (تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ)(٣). وقيل معنى : (فَعُمِّيَتْ) لمن قرأه بالتخفيف : فخفيت ، فيكون غير مقلوب على هذا ، وتكون الأخبار التي أتت من عند الله خفي فهمها عليهم لقلة مبالاتهم بها ، وكثرة إعراضهم عنها. فأمّا معناه على قراءة حفص وحمزة والكسائي ، الذين قرءوا بالتشديد (٤) والضم على ما لم يسمّ فاعله ، فليس فيه قلب ، ولكن الله عمّاها عنهم ، لما أراد بهم من الشقوة ؛ يفعل ما يشاء سبحانه ، وهي راجعة إلى القراءة الأولى ، لأنهم لم يعموا عنها ، حتى عمّاها الله عليهم. وقد قرأ (٥) أبيّ ، وهي قراءة الأعمش : فعماها عليكم ، أي عمّاها الله عليكم ، فهذا شاهد (٦) لمن ضمّ وشدّد.

و (نُوحُ) ـ ٣٢ ـ اسم النبي عليه‌السلام ، انصرف لأنه أعجمي ، خفيف (٧)

__________________

(١) في(ظ ، ق) : «في ذلك».

(٢) في(ح) : «ولا» وهو تحريف.

(٣) سورة إبراهيم الآية : ٤٧.

(٤) قرأ به أيضا خلف ، كما قرأ بالتخفيف نافع وأبو جعفر ، وابن كثير ، وأبو عمرو ، ويعقوب ، وابن عامر ، وأبو بكر عن عاصم. النشر ٢٧٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٤ ؛ والإتحاف ص ٢٥٥ ؛ والكشف ٥٢٧/١.

(٥) تفسير القرطبي ٢٥/٩ ؛ والإتحاف ص ٢٥٥ ؛ والحجة ص ١٦١.

(٦) في(ح) : «فهذا شاذ» وصحح من : (ظ ، ق ، د).

(٧) في(ح) : «خفيفا» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د). والمقصود بالخفيف أنه ثلاثي ساكن الوسط ، والأكثر فيه الصرف.

٣٤٣

وقيل : هو عربي من : ناح ينوح. وقال بعض المفسرين : إنما سمي نوحا لكثرة نوحه على نفسه.

١١٣١ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) ـ ٣٦ ـ (مِنْ) في موضع رفع ب (يُؤْمِنَ).

١١٣٢ ـ قوله تعالى : (وَمَنْ آمَنَ) ـ ٤٠ ـ (مِنْ) في موضع نصب على العطف على «اثنين» أو على «أهلك». و «من» في قوله : (إِلَّا مَنْ سَبَقَ) نصب على الاستثناء من «الأهل».

١١٣٣ ـ قوله تعالى : (بِسْمِ اللهِ مَجْراها وَمُرْساها) ـ ٤١ ـ (مَجْراها) في موضع رفع على الابتداء ، و (مُرْساها) عطف عليه ، والخبر (بِسْمِ اللهِ) ، والتقدير : بسم الله إجراؤها وإرساؤها. ويجوز أن يرتفعا بالظرف ؛ لأنه متعلق بما قبله وهو (ارْكَبُوا.) ويجوز أن تكون «مجراها» في موضع نصب على الظرف ، على تقدير حذف ظرف مضاف إلى (مَجْراها) ، بمنزلة قولك : أتيتك مقدم الحاج ، أي وقت قدوم الحاج ، فيكون التقدير : بسم الله وقت إجرائها ووقت إرسائها. وقيل تقديره في النصب : بسم الله موضع إجرائها ، ثم حذف المضاف. وفي التفسير ما يدلّ على نصبه على الظرف ؛ قال الضحاك (١) : كان يقول وقت جريها : بسم الله ، فتجري ، ووقت إرسائها : بسم الله ، فترسي (٢).

والباء (٣) في (بِسْمِ اللهِ) متعلقة ب (ارْكَبُوا) ، والعامل في (مَجْراها) إذا كان ظرفا معنى الظرف في (بِسْمِ اللهِ) ولا يعمل فيه (ارْكَبُوا) ؛ لأنه لم يرد : اركبوا فيها في وقت الجري والرسوّ ، إنما المعنى : سمّوا اسم الله وقت الجري والرسوّ ، والتقدير : اركبوا الآن متبركين باسم الله في وقت الجري والرسوّ.

__________________

(١) تفسير القرطبي ٣٧/٩.

(٢) في(ظ ، ق) : «فترسوا».

(٣) في(ح) : «والهاء» وهو تحريف.

٣٤٤

وإذا رفعت (مَجْراها) بالابتداء ، وما قبله خبره ، كانت الجملة في موضع الحال من المضمر [في](١) (فِيها). لأن في الجملة عائدا يعود على الهاء في (فِيها) ، وهو الهاء في (مَجْراها) ، لأنهما جميعا للسفينة. ويكون العامل في الجملة التي هي حال ما في (فِيها) من معنى الفعل.

ولا يحسن أن تكون هذه الجملة في موضع الحال من الضمير في (ارْكَبُوا) ؛ لأنه لا عائد في الجملة يعود على المضمر في (ارْكَبُوا) ؛ لأنّ المضمر في (بِسْمِ اللهِ) إن جعلته خبرا ل (مَجْراها) ، فإنما يعود على المبتدأ وهو (مَجْراها) ، وإن رفعت (مَجْراها) بالظرف لم يكن فيه ضمير ، والهاء في (مَجْراها) إنما تعود على الهاء في (فِيها) ، وإذا نصبت (مَجْراها) على الظرف ، عمل فيه (بِسْمِ اللهِ) ، وكانت الجملة في موضع الحال من المضمر في (ارْكَبُوا) على تقدير قولك : خرج بثيابه ، وركب بسلاحه ، ومنه قوله : (وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ)(٢) ، فقولك : بثيابه ، وبسلاحه ، و (بِالْكُفْرِ) ، و (بِهِ) ، كلّها في موضع الحال ، فكذلك (بِسْمِ اللهِ مَجْراها) في موضع الحال من المضمر في (ارْكَبُوا) ، إذا نصبت (مَجْراها) على الظرف تقديره : اركبوا فيها متبرّكين بسم الله في وقت الجري والرسو ، فيكون في (بِسْمِ اللهِ) ضمير يعود على المضمر في (ارْكَبُوا) وهو ضمير المأمورين ، فتصحّ الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم. ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة في موضع الحال من المضمر ، وهو الهاء في (فِيها) ؛ لأنه لا عائد يعود على ذي الحال ، ولا يكتفى بالمضمر في (مَجْراها) ؛ لأنه ليس من جملة الحال ، إنما هو ظرف ملغى ؛ وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به ، وإنما يكون (مَجْراها) من جملة الحال (٣) ، لو رفعته بالابتداء.

__________________

(١) تكلمة من : (ظ ، ق ، د).

(٢) سورة المائدة : الآية ٦١ ، وانظر فقرة(٧١٢).

(٣) في هامش(ح) : «تخريج من عند الخليل».

٣٤٥

ولو أنك جعلت الجملة في موضع الحال من الهاء في (فِيها) على أن تنصب (مَجْراها) على الظرف ، لصار التقدير : اركبوا فيها متبركة (١) باسم الله في وقت الجري ؛ وليس المعنى على ذلك ؛ لا تخبر عن السفينة بالتبرك ، إنما التبرّك لركّابها. ولو جعلت (مَجْراها وَمُرْساها) في موضع اسم فاعل ، لكانت حالا مقدرة ، ولجاز ذلك ، ولجعلتها في موضع نصب على الحال من اسم الله. وإنما كانت ظرفا فيما تقدّم من الكلام ، على ألا تجعل (مَجْراها) في موضع اسم فاعل ، فأمّا إن جعلت (مَجْراها) بمعنى جارية ، و (مُرْساها) بمعنى راسية ، فكونه حالا مقدّرة حسن.

وهذه المسألة يوقف بها على جميع ما كان في الكلام والقرآن من نظيرها ، وذلك لمن فهمها حقّ فهمها ، وتدبّرها حقّ تدبرها ، فهي من غرر المسائل المشكلة.

فأما فتح (٢) الميم وضمّها في (مَجْراها) ؛ فمن فتحها أجرى الكلام على : جرت مجرى. ومن ضمّ أجراه على : أجراها الله مجرى (٣). وقد قرأ الجحدري (٤) : «مجراها ومرسيها» بالياء ، جعلها نعتا لله ، جلّ ذكره. ويجوز أن يكونا في موضع رفع على إضمار مبتدإ ، أي : هو مجراها ومرسيها.

١١٣٤ ـ قوله تعالى : (وَكانَ فِي مَعْزِلٍ) ـ ٤٢ ـ من كسر الزّاي جعله اسما للمكان ، ومن فتح فعلى المصدر.

١١٣٥ ـ قوله تعالى : (يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا) ـ ٤٢ ـ الأصل في بنيّ : بنيّي ، بثلاث ياءات : ياء التصغير ، وياء بعدها ، هي

__________________

(١) في(ظ) : «مبتركين».

(٢) قرأ بفتح الميم من «مجراها» حفص وحمزة الكسائي وخلف ، وقرأ الباقون بضمها. النشر ٢٧٧/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٤ ؛ والإتحاف ص ٢٥٦ ؛ والكشف ٥٢٨/١.

(٣) (ح) : «أجرى اللّه مجراه» وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).

(٤) قرأ به الضحاك والنخعي وابن وثاب وأبو رجاء ومجاهد وابن جندب والكلبي والجحدري. البحر المحيط ٢٢٥/٥ ؛ وانظر : إعراب القرآن للنحاس ٩٠/٢.

٣٤٦

لام الفعل ، وياء بعد لام الفعل ، وهي ياء الإضافة ، فلذلك كسرت لام الفعل ، لأن حق ياء الإضافة في المفرد أن يكسر ما قبلها أبدا ، فأدغمت ياء التصغير في لام الفعل ؛ لأن حقّ ياء التصغير السكون ؛ والمثلان من غير حروف المد واللين إذا اجتمعا ، وكان الأول ساكنا ، لم يكن بدّ من إدغامه في الثاني ، وحذفت ياء الإضافة ؛ لأنّ الكسرة تدل عليها ، وحذفها في النداء هو الأكثر في كلام العرب ؛ لأنها حلّت محلّ التنوين ، والتنوين في المعارف لا يثبت في النداء ، فوجب [حذف](١) ما هو مثل التنوين ، وما يقوم مقامه ، وهو ياء الإضافة ، وقوي حذفها في مثل هذا ؛ لاجتماع الأمثال المستثقلة مع الكسر ، وهو ثقيل أيضا. وقد قرأ عاصم (٢) بفتح الياء ، وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل فتحة ، استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة ، فانقلبت ياء الإضافة ألفا ، ثم حذف الألف ، كما تحذف الياء. فبقيت الفتحة على حالها ، وقوي حذف الألف ، لأنها عوض مما يحذف في النداء ، وهو ياء الإضافة. وقد قرأ ابن كثير في غير هذا الموضع ، في «لقمان» (٣) بإسكان الياء والتخفيف ، وذلك أنه حذف ياء الإضافة للنداء ، فبقيت ياء مكسورة مشدّدة ، والكسرة كياء ، فاستثقل ذلك فحذف لام الفعل ، فبقيت ياء التصغير ساكنة.

١١٣٦ ـ قوله تعالى : (لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ) ـ ٤٣ ـ العامل في (الْيَوْمَ) هو (مِنْ أَمْرِ اللهِ) تقديره : لا عاصم من أمر الله اليوم. و (لا عاصِمَ) في موضع رفع بالابتداء ، و (مِنْ أَمْرِ اللهِ) الخبر ، و (مِنَ) متعلقة بمحذوف تقديره : لا عاصم مانع من أمر الله اليوم. ويجوز أن يكون (مِنْ أَمْرِ اللهِ) صفة ل (عاصِمَ) ، ويعمل في (الْيَوْمَ) ، وتضمر خبرا ل (عاصِمَ). ولا يجوز أن تتعلق (مِنَ) ب (عاصِمَ) ، ولا أن تنصب (الْيَوْمَ) ب (عاصِمَ) ؛ لأنه يلزم أن

__________________

(١) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٢) وقرأ غيره بكسر الياء من «يا بنيّ». التيسير ص ١٢٤ ؛ وتفسير القرطبي ٣٩/٩ ؛ والكشف ٥٢٩/١.

(٣) الآية : ١٣ و ١٦ و ١٧ من سورة لقمان. وانظر : النشر ٢٧٨/٢ ؛ والإتحاف ص ٢٥٦.

٣٤٧

تنون «عاصما» ، ولا يبنى على الفتح ، لأنه يصير ما تعلق به وما عمل فيه من تمامه ، فيصير بمنزلة قولك : لا خيرا من زيد في الدار ، ونظيره : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ)(١) وسيأتي في موضعه إن شاء الله.

١١٣٧ ـ قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ رَحِمَ) ـ ٤٣ ـ في موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، و (عاصِمَ) على بابه ، تقديره : لا أحد يمنع من أمر الله لكن من رحم الله ، فإنه معصوم. وقيل : (مِنَ) في موضع رفع على البدل من موضع (عاصِمَ) ، وذلك على تقديرين :

أحدهما : أن يكون (عاصِمَ) على بابه ، فيكون التقدير : لا يعصم اليوم من أمر الله إلا الله ، وقيل : إلا الراحم ، والراحم هو الله جلّ ذكره.

والتقدير الثاني : (٢) أن يكون (عاصِمَ) بمعنى معصوم ، فيكون التقدير : لا معصوم من أمر الله اليوم إلا المرحوم.

١١٣٨ ـ قوله تعالى : (إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ) ـ ٤٦ ـ الهاء تعود على السؤال ، أي إنّ سؤالك إياي أن أنجّي كافرا عمل غير صالح. وقيل إن معناه : إنّ سؤالك ما ليس لك به علم عمل غير صالح ، واللفظ على هذين التقديرين من قول الله لنوح عليه‌السلام. وقيل : هو من قول نوح لابنه ، وذلك أنه قال له : (ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ) ـ ٤٢ ـ ، إنّ كونك مع الكافرين عمل غير صالح ؛ فيكون هذا من قول نوح لابنه ، متصلا بما قبله. وقيل : الهاء في (إِنَّهُ) تعود على ابن نوح ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره : إن ابنك ذو عمل غير صالح. فأما الهاء (٣) في قراءة الكسائي (٤)

__________________

(١) سورة يوسف : الآية ٩٢ ، وسيأتي في فقرة(١٢٠٧).

(٢) في(ح) : «والتقدير الثاني : على أن يكون».

(٣) في(ح) : «فالهاء» والتصحيح من(ظ ، ق ، د).

(٤) وهي قراءة يعقوب أيضا ، وقرأ الباقون «عمل» بفتح الميم ورفع اللام مع التنوين. النشر ٢٧٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٥ ؛ والإتحاف ص ٢٥٦.

٣٤٨

فهي راجعة على الابن ، بلا اختلاف ، لأنه قرأ «عمل» بكسر الميم وفتح اللام ، ونصب «غير» (١).

١١٣٩ ـ قوله تعالى : (مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ) ـ ٥٠ ـ يجوز رفع «غير» على النعت أو البدل من موضع (إِلهٍ). ويجوز الخفض على النعت أو البدل من لفظ (إِلهٍ) ؛ وقد قرئ بهما. ويجوز النصب على الاستثناء.

١١٤٠ ـ قوله تعالى : (مِدْراراً) ـ ٥٢ ـ حال من (السَّماءَ) ، وأصله الهاء ؛ والعرب تحذف الهاء من «مفعال» على طريق النسب.

١١٤١ ـ قوله تعالى : (لَكُمْ آيَةً) ـ ٦٤ ـ تنصب (آيَةً) على الحال من «الناقة» (٢).

١١٤٢ ـ قوله تعالى : (وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ) ـ ٦٦ ـ من (٣) فتح الميم بنى «يوما» على الفتح لإضافته إلى غير متمكن وهو «إذ» ، ومن كسر الميم أعرب وخفض لإضافة «الخزي» إلى «اليوم» ، ولم يبنه (٤).

١١٤٣ ـ قوله تعالى : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا) ـ ٦٧ ـ إنما حذف التاء من (أَخَذَ) لأنه قد فرق بين المؤنث وهو (الصَّيْحَةُ) وبين فعله وهو (أَخَذَ) بقوله : (الَّذِينَ ظَلَمُوا) ، وهو مفعول (أَخَذَ) فقامت التفرقة مقام التأنيث ، وقد قال في آخر السورة ، في قصة شعيب : (وَأَخَذَتِ) ـ ٩٤ ـ فجرى بالتأنيث على الأصل ، ولم يعتدّ بالتفرقة. وقيل : إنما حذفت التاء لأنّ تأنيث «الصّيحة» غير حقيقي ؛ إذ ليس لها ذكر من لفظها. وقيل : إنما

__________________

(١) الكشف ٥٣٠/١ ؛ والبيان ١٦/٢ ؛ والعكبري ٢٢/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٩/٩.

(٢) أجاز ابن الأنباري نصب «آية» على التمييز ، على تقدير : هذه ناقة اللّه لكم من جملة الآيات. البيان ١٩/٢.

(٣) قرأ بفتح الميم من «يومئذ» نافع وأبو جعفر والكسائي ، وقرأ الباقي بكسر الميم. النشر ٢٧٨/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٥ ؛ والإتحاف ص ٢٥٧ ؛ وتفسير القرطبي ٦١/٩.

(٤) ولم يبنه لإضافة «يوم» إلى «إذ» ، لأنه لا يجوز أن ينفصل من «إذ» ، والبناء إنما يلزم إذا لزمت العلة. الكشف ٥٣٢/١.

٣٤٩

حذفت التاء (١) لأنه حمل على معنى الصّياح ؛ إذ الصّيحة والصياح بمعنى واحد ؛ وكذلك العلّة في كل ما شابهه (٢).

١١٤٤ ـ قوله تعالى : (قالُوا سَلاماً) ـ ٦٩ ـ انتصب (سَلاماً)(٣) على المصدر. وقيل : هو منصوب ب (قالُوا) ، كما تقول : قلت خيرا ، لأنه لم يحك قولهم ، إنما السّلام معنى (٤) قولهم ، فأعمل القول فيه ، كما تقول : قلت حقا ، لم سمعته يقول : «لا إله إلا الله» فلم تذكر ما قال ، إنما جئت بلفظ يحقق قوله ، فأعملت فيه القول. وكذلك «سلام» في هذه الآية ، إنما هو معنى ما قالوا ، ليس هو لفظهم بعينه فيحكى ؛ ولو رفع لكان محكيا ، وكان هو قولهم بعينه. فالنصب أبدا في هذا وشبهه مع القول إنما هو بمعنى ما قالوا ، لا قولهم بعينه ، والرفع على أنّه قولهم بعينه ، حكاه (٥) عنهم.

١١٤٥ ـ وقوله تعالى : (قالَ سَلامٌ) ـ ٦٩ ـ رفعه على الحكاية لقولهم ، وهو خبر ابتداء محذوف (٦) ، أو مبتدأ تقديره : قال : هو سلام ، أو أمري سلام ، أو عليكم سلام ، فنصبها جميعا يجوز على ما تقدّم ، ورفعهما جميعا يجوز على الحكاية والإضمار (٧).

١١٤٦ ـ وقوله تعالى : (فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ) ـ ٦٩ ـ (أَنْ) في موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر ، تقديره : فما لبث عن أن جاء (٨). وأجاز

__________________

(١) في(ح) : «الهاء» وصححت من : (ظ ، ق ، د).

(٢) البيان ٢٠/٢ ؛ والعكبري ٢٣/٢.

(٣) في(ح) : «سلام» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٤) كذا في(ق) ، وفي(ح) : «السلام بمعنى» ، وفي(ظ ، د) : «السلم معنى». وفي تفسير القرطبي ٦٣/٩ : «وقرئ «سلم» ، قال الفراء : السلم والسّلام بمعنى : مثل الحلّ والحلال».

(٥) في(ح) : «حكاية».

(٦) في(ح) : «مضمر» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٧) الكشف ٥٣٤/١ ؛ والبيان ٢٠/٢ ؛ والعكبري ٢٣/٢.

(٨) في(ح) : «جاء» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

٣٥٠

الفراء (١) أن تكون في موضع رفع ب (لَبِثَ) تقديره عنده : فما لبث مجيئه ، أي ما أبطأ مجيئه بعجل. ففي (لَبِثَ) على القول الأوّل ، ضمير (إِبْراهِيمَ) ، ولا ضمير فيه على القول الثاني. وقيل : «ما» بمعنى الذي ، وفي الكلام حذف مضاف تقديره : فالذي لبث (٢) إبراهيم قدر مجيئه بعجل ، أراد أن يبين قدر إبطائه ، ففي (لَبِثَ) ضمير الفاعل وهو (إِبْراهِيمَ) أيضا (٣).

١١٤٧ ـ قوله تعالى : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ) ـ ٧١ ـ من رفع (٤) (يَعْقُوبَ) جعله مبتدأ ، وما قبله خبره ، والجملة في موضع نصب على الحال المقدّرة من المضمر المنصوب في «بشرناها» ، فيكون (يَعْقُوبَ) داخلا في البشارة. ويجوز رفع «يعقوب» على إضمار فعل تقديره : ويحدث من وراء إسحاق يعقوب ، فيكون «يعقوب» غير داخل في البشارة. ومن نصب (يَعْقُوبَ) جعله في موضع خفض على العطف على (إِسْحاقَ) ، لكنّه لم ينصرف للتعريف والعجمة ، وهو مذهب الكسائيّ ، وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش (٥) ؛ إلا بإعادة الخافض ؛ لأنّك فرقت بين الجار والمجرور (٦) بالظرف ، وحقّ المجرور أن يكون ملاصقا للجار (٧) ، والواو قامت مقام حرف الجر ؛ ألا ترى أنّك لو قلت : مررت بزيد ، وفي الدار عمرو ، قبح ، وحقّ الكلام : مررت بزيد وعمرو في الدار ، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه وقيل : (يَعْقُوبَ) منصوب ، محمول على موضع (بِإِسْحاقَ) ، وفيه بعد أيضا ؛ للفصل بين حرف العطف والمعطوف

__________________

(١) معاني القرآن ٢١/٢.

(٢) في العكبري ٢٣/٢ : «والذي لبثه ...».

(٣) البيان ٢١/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٣/٩ وقد نقل ما حكاه ابن العربي عن كبراء النحويين ، أن «أن» بمعنى «حتى» ، والتقدير : فما لبث حتى جاء.

(٤) الرفع قراءة غير ابن عامر وحمزة وحفص ، فأما هؤلاء فقرءوا بالنصب. النشر ٢٧٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٥ ؛ والإتحاف ص ٢٥٨.

(٥) معاني القرآن ، ص ٣٥٥.

(٦) في(ح) : «بين الخافض والمخفوض» وأثبت ما في(ظ ، ق ، د).

(٧) في هامش(ح) : عبارة «بلغ».

٣٥١

[بقوله : (وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ)](١) ، كما كان في الخفض ، و (يَعْقُوبَ) في هذين القولين داخل في البشارة. وقيل : هو منصوب بفعل مضمر دلّ عليه الكلام ، تقديره : ومن وراء إسحاق وهبنا له يعقوب ، فلا يكون داخلا في البشارة (٢).

١١٤٨ ـ قوله تعالى : (وَهذا بَعْلِي شَيْخاً) ـ ٧٢ ـ انتصب «شيخ» على الحال من المشار إليه ، والعامل في الحال الإشارة والتنبيه ، ولا تجوز هذه الحال إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال ، فتكون فائدة الإخبار في الحال ؛ فإن كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الإخبار ؛ إنما هي في معرفة صاحب الحال ، ولا يجوز أن تقع له الحال لأنّه يصير المعنى : إنه فلان في حال دون حال ؛ لو قلت : هذا زيد قائما ، لمن لا يعرف زيدا ، لم يجز ؛ لأنّك تخبره أنّ المشار إليه هو زيد في حال قيامه ، فإن زال عن القيام لم يكن زيدا. وإذا كان المخاطب يعرف زيدا بعينه ، [فإنما أفدته وقوع الحال منه. وإذا لم يعرف عينه](٣) ، فإنما أفدته معرفة عينه ، فلا يقع منه حال لما ذكرنا. والرفع (٤) في «شيخ» [يجوز](٥) من خمسة أوجه (٦) ، تركنا ذكرها لاشتهارها.

__________________

(١) زيادة من : (ظ ، ق).

(٢) الكشف ٥٣٤/١ ؛ والبيان ٢١/٢ ؛ والعكبري ٢٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٦٩/٩.

(٣) نسبت قراءة الرفع إلى ابن مسعود ، وقد حكاها عنه ابن أبي داود في كتاب المصاحف ص ٦٣ ؛ وابن خالويه في شواذه ص ٦٠ ؛ وزاد أبو حيان في البحر المحيط ٢٤٤/٥ نسبتها إلى الأعمش.

(٤) تكملة من : (ظ ، ق).

(٥) ذكر لها أبو البقاء سبعة أوجه وهي :

أن يكون «هذا» مبتدأ ، و «بعلي» بدلا منه ، و «شيخ» الخبر.

والثاني : أن يكون «بعلي» عطف بيان ، و «شيخ» الخبر.

والثالث : أن يكون «بعلي» مبتدأ ثانيا ، و «شيخ» خبره ، والجملة خبر «هذا».

والرابع : أن يكون «بعلي» خبر المبتدأ ، و «شيخ» خبر مبتدأ محذوف ، أي هو شيخ.

والخامس : أن يكون «شيخ» خبرا ثانيا. ـ

٣٥٢

١١٤٩ ـ قوله تعالى : (وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا) ـ ٧٤ ـ مذهب الأخفش والكسائي أنّ (يُجادِلُنا) في موضع «جادلنا» ، لأنّ جواب «لمّا» يجب أن يكون ماضيا ، فجعل المستقبل مكانه ؛ كما كان حقّ جواب الشرط أن يكون مستقبلا ، فجعل في موضعه الماضي. وقيل المعنى : أقبل يجادلنا ، فهو حال من (١) (إِبْراهِيمَ) عليه‌السلام (٢).

١١٥٠ ـ قوله تعالى : (هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ) ـ ٧٨ ـ مبتدأ وخبر ، لا يجوز عند البصريين غيره. وقد روي أن عيسى (٣) بن عمر قرأ : «أطهر لكم» ، نصب (أَطْهَرُ) على الحال ، وجعل (هُنَّ) ، فاصلة ، وهو بعيد ضعيف (٤).

١١٥١ ـ قوله تعالى : (ضَيْفِي) ـ ٧٨ ـ أصله المصدر ، فلذلك لا يثنّى ولا يجمع.

١١٥٢ ـ قوله تعالى : (إِلَّا امْرَأَتَكَ) ـ ٨١ ـ قرأه أبو عمرو وابن كثير بالرفع (٥) على البدل من (أَحَدٌ) ، وأنكر أبو عبيد الرفع على البدل ، وقال :

__________________

ـ والسادس : أن يكون «بعلي» و «شيخ» جميعا ، خبرا واحدا ، كما تقول : هذا حلو حامض.

والسابع : أن يكون «شيخ» بدلا من «بعلي».

وقد ذكر ابن الأنباري أربعة أوجه فقط وهي : الأول ، والرابع ، والسادس ، والسابع ، مما عند أبي البقاء. انظر : العكبري ٢٣/٢ ؛ والبيان ٢٢/٢.

(١) في(ح) : «في» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٢) البيان ٢٣/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٧٢/٩.

(٣) حكى ابن خالويه هذه القراءة في شواذه ، ص ٦٠ ، ونسبها إلى ابن مروان وعيسى بن عمر ، وزاد أبو حيان في البحر المحيط ٢٤٧/٥ نسبتها إلى الحسن وزيد بن علي وسعيد بن جبير. وانظر : معاني القرآن للأخفش ص ٣٥٦.

(٤) لا يجيز الخليل وسيبويه والأخفش أن يكون «هن» هاهنا عمادا ، ويكون عمادا فيما لا يتم الكلام إلا بما بعدها ، نحو : كان زيد هو أخاك ... انظر : تفسير القرطبي ٧٦/٩. وكذلك استنكر أبو عمرو قراءة عيسى بن عمر نصب «أطهر» كما في البيان ٢٥/٢.

(٥) وقرأ غيرهما بالنصب. النشر ٢٧٩/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٥ ؛ والإتحاف ص ٢٥٩.

٣٥٣

يجب على هذا أن يرفع (يَلْتَفِتْ) ، يجعل (لا) نفيا ، ويصير المعنى إذا أبدلت «المرأة» من (أَحَدٌ) وجزمت (يَلْتَفِتْ) على النهي : أنّ المرأة (١) أباح لها الالتفات ، وذلك لا يجوز ؛ ولا يصحّ عنده البدل إلا برفع «يلتفت» ، ولم يقرأ به أحد. وقال المبرّد (٢) : مجاز هذه القراءة أنّ المراد بالنهي المخاطب ، ولفظه لغيره ، كما تقول لخادمك : لا يخرج فلان ، فلفظ النّهي لفلان ، ومعناه للمخاطب ؛ فمعناه : لا تدعه يخرج. وكذلك معنى النهي ، إنما هو ل (لُوطُ) ، أي : لا تدعهم يلتفتون إلا امرأتك ؛ وكذلك قولهم : لا يقم أحد إلا زيد ؛ معناه : انههم عن القيام إلّا زيدا. فأمّا النصب في (امْرَأَتَكَ) فعلى الاستثناء ؛ لأنه نهي وليس بنفي. ويجوز أن تكون مستثنى من قوله : (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ إِلَّا امْرَأَتَكَ) ، ولا يجوز في «المرأة» على هذا إلا النصب ، إذا جعلتها مستثناة (٣) من الأهل ، وإنما حسن الاستثناء بعد النهي لأنّه كلام تام ؛ كما أنّ قولك : جاءني القوم ، كلام تام ، ثم تقول : إلا زيدا ، فتستثني وتنصب (٤).

١١٥٣ ـ قوله تعالى : (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا) ـ ٨٧ ـ من قرأه بالنون فيهما عطفه على مفعول (نَتْرُكَ) وهو (ما). ولا يجوز عطفه على مفعول (تَأْمُرُكَ) وهو (أَنْ) ؛ لأن المعنى يتغيّر. ومن قرأه «ما تشاء» بالتاء (٥) كان (أَوْ أَنْ نَفْعَلَ) معطوفا على مفعول (تَأْمُرُكَ) وهو (أَنْ) بخلاف الأول. ومن قرأ «تفعل» و «تشاء» بالتاء فيهما جاز عطف (٦) «أو أن تفعل»

__________________

(١) في تفسير القرطبي : «أبيح لها».

(٢) المقتضب ٣٩٥/٤ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ١٠٥/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٨٠/٩.

(٣) في(ح) : «مستثنى» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٤) الكشف ٥٣٥/١ ؛ وإعراب القرآن للنحاس ١٠٥/٢ ؛ والبيان ٢٦/٢ ؛ والعكبري ٣٤/٢ ؛ وتفسير القرطبي ٨٠/٩ ؛ والبحر ٢٤٨/٥.

(٥) وهي قراءة السلميّ والضحاك بن قيس ، كما في تفسير القرطبي ٨٧/٩ ؛ وفي البحر المحيط ٢٥٣/٥ : قرأه أيضا ابن أبي عبلة ، وزيد بن علي. وقراءة الجمهور بالنون.

(٦) في(ح) : «عطفه» وصححت من : (ظ ، ق).

٣٥٤

على مفعول (نَتْرُكَ) وهو (ما) ، وعلى مفعول (تَأْمُرُكَ) وهو (أَنْ) ، و (ما)(١) بمعنى «لا». وقد شرحنا هذه الآية مفردة في كتاب آخر.

١١٥٤ ـ قوله تعالى : (شِقاقِي) ـ ٨٩ ـ معناه : مشاقّتي (٢). وهو في موضع رفع ب (يَجْرِمَنَّكُمْ).

١١٥٥ ـ وقوله تعالى : (ضَعِيفاً) ـ ٩١ ـ حال من الكاف في «نراك» ؛ لأنّه من رؤية العين.

١١٥٦ ـ قوله تعالى : (مَنْ يَأْتِيهِ) ـ ٩٣ ـ [«من»](٣) في موضع نصب ب (تَعْلَمُونَ) ، وهو في المعنى مثل : (وَاللهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ)(٤) ، أي : يعلم هذين الجنسين. كذلك المعنى في هذه الآية : فسوف يعملون هذين الجنسين. وأجاز الفراء (٥) أن تكون (مَنْ) استفهاما ، فتكون (مَنْ) في موضع رفع ، وتكون (مَنْ) الثانية المعطوفة على الأولى ، موصولة [يدل على أن الأولى موصولة](٦) أيضا وليست باستفهام.

١١٥٧ ـ قوله تعالى : (ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ) ـ ١٠٧ ـ (ما) ظرف في موضع نصب تقديره : وقت دوام السماوات [والأرض](٧).

١١٥٨ ـ وقوله تعالى : (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ) ـ ١٠٧ ـ (ما) في موضع نصب استثناء ليس من الأول.

١١٥٩ ـ قوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) ـ ١٠٨ ـ قرأ الكسائي وحمزة وحفص (٨) بضم السين ، حملا على قولهم «مسعود» ، وهي لغة

__________________

(١) في(ح) : «وأما» وهو تحريف.

(٢) في(ظ ، د) : «مشاقي».

(٣) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٤) سورة البقرة : الآية ٢٢٠ ، وانظر فقرة(٢٤٩).

(٥) معاني القرآن ٢٦/٢.

(٦) زيادة من(ظ).

(٧) زيادة من : (ظ).

(٨) قرأ بالضم أيضا خلف ، وقرأ غيرهم بفتح السين «سعدوا». النشر ٢٨٠/٢ ؛ ـ

٣٥٥

قليلة شاذّة. وقولهم «مسعود» إنما جاء على حذف الزائد ؛ كأنه من : أسعده الله ، ولا يقال : سعده الله ، فهو مثل قولهم : أجنّه الله فهو مجنون ، فمجنون أتى على : جنّه الله ؛ وإن كان لا يقال ، كذلك «مسعود» أتى على : سعده الله ؛ وإن كان لا يقال. وضمّ السين في (سُعِدُوا) بعيد عند أكثر النحويين ، إلّا على تقدير حذف الزائد ، كأنّه قال : وأمّا الذين أسعدوا.

١١٦٠ ـ وقوله تعالى : (وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) ـ ١١١ ـ من شدّد «إن» أتى بها على أصلها ، وأعملها في «كلّ». واللام في (لَمَّا) لام التوكيد دخلت على «ما» ، وهي خبر (إِنَّ) ، و (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) جواب القسم ، تقديره. وإنّ كلّا لخلق أو لبشر ليوفينّهم. ولا يحسن أن تكون «ما» زائدة ، فتصير اللام داخلة على (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) ، ودخولها على لام القسم لا يجوز. وقد قيل : إنّ «ما» زائدة ، لكن دخلت ليفصل بين اللامين اللذين يتلقيان القسم (١) ، وكلاهما مفتاح ، ففصل بينهما ب «ما».

فأما من خفف «إن» فإنه خفّف استثقالا للتضعيف ، وأعملها في «كلّ» مثل عملها مشددة ، واللام في «لما» على حالها. فإمّا تشديد «لما» في قراءة (٢) عاصم وحمزة وابن عامر ، فإن الأصل فيها «لمن ما» ، ثم أدغمت النون في الميم ، فاجتمع ثلاث ميمات في اللفظ ، فحذفت الميم المكسورة ، تقديره : وإن كلّا لمن خلق ليوفينّهم ربّك. وقيل التقدير : «لمن ما» بفتح الميم في «من» ، فتكون «ما» زائدة ، وتحذف إحدى الميمات ، لتكون الميم في اللفظ على ما ذكرنا ، والتقدير : لخلق ليوفينّهم. وقد قيل : إنّ «لما» في هذا الموضع مصدر «لم» ، لكن أجري في الوصل مجراه في الوقف ، وفيه بعد ؛ لأنّ إجراء الشيء في الوصل مجراه في الوقف إنما يجوز في الشعر ؛ وقد حكي عن الكسائي أنّه قال : لا أعرف وجه التثقيل

__________________

ـ والتيسير ؛ ص ١٢٦ ؛ والكشف ٥٣٦/١.

(١) أي بين اللام التي في خبر(إن) ، ولام القسم التي في (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ). البيان ٢٨/٢.

(٢) وقرأ به أيضا أبو جعفر. النشر ٢٨٠/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٦ ؛ والإتحاف ص ٢٦٠ ؛ والكشف ٥٣٦/١.

٣٥٦

في «لما». وقد قرأ الزّهريّ «لما» مشدّدة منوّنة مصدر «لمّ». ولو جعلت «إن» في حال التخفيف بمعنى «ما» لرفعت «كلا» ، ولصار التشديد في «لما» على معنى «إلا» ، كما قال : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ)(١) بمعنى : ما كل نفس إلّا عليها ، على قراءة من شدّد (لَمَّا). وفي حرف أبيّ «وإن كلّ إلّا ليوفينّهم» ، «إن» بمعنى «ما». وقرأ الأعمش : «وإن كلّ إلّا ليوفينّهم» ، تجعل «إن» بمعنى «ما» و (لَمَّا) بمعنى «إلّا» ، وترفع «كلّ» بالابتداء في ذلك كلّه ، و (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ) الخبر. وقد قيل : إنّ «ما» زائدة في قراءة من خفّف ، و (لَيُوَفِّيَنَّهُمْ)(٢) هو الخبر.

١١٦١ ـ قوله تعالى : (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) ـ ١١٦ ـ نصب (٣) على الاستثناء المنقطع. وأجاز الفراء (٤) الرفع على البدل من «أولو» ، وهو عنده مثل قوله : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ)(٥) استثناء منقطع. ويجوز فيه الرفع على البدل عنده فيما قال :

وبلدة ليس بها أنيس

إلّا اليعافير وإلا العيس (٦)

فرفع اليعافير على البدل من أنيس ، وحقّه النصب ، لأنه استثناء منقطع من الكلام.

__________________

(١) سورة الطارق : الآية ٤ ، وانظر فقرة(٢٥١٥).

(٢) انظر هذه القراءات في تفسير القرطبي ١٠٥/٩ ؛ والبحر المحيط ٢٦٦/٥ ؛ والبيان ٢٨/٢ ـ ٣٠.

(٣) أي نصب «قَلِيلاً» ، وهذه الفقرة بتمامها موجودة في(ح)فقط.

(٤) معاني القرآن ٣٠/٢.

(٥) سورة يونس : الآية ٩٨ ، وانظر فقرة(١١٢٠).

(٦) راجع حاشية رقم ٣ ، ص ٣٣٧.

٣٥٧

مشكل إعراب سورة

«يوسف» عليه‌السلام

١١٦٢ ـ قوله تعالى : (قُرْآناً عَرَبِيًّا) ـ ٢ ـ (قُرْآناً) حال من الهاء في (أَنْزَلْناهُ) ، ومعناه : أنزلناه مجموعا ، و (عَرَبِيًّا)(١) حال أخرى. ويجوز أن يكون (قُرْآناً) توطئة للحال ، و (عَرَبِيًّا) هو الحال ، كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، ف «رجل» توطئة للحال ، و «صالحا» هو الحال.

١١٦٣ ـ قوله تعالى : (إِذْ قالَ يُوسُفُ) ـ ٤ ـ العامل في (إِذْ) هو قوله : (الْغافِلِينَ)(٢). وقرأ طلحة بن مصرّف (٣) «يؤسف» بكسر السّين والهمز ، جعله عربيا على «يفعل» من الأسف ، لكنه [لم](٤) يصرفه للتعريف ووزن الفعل. وحكى أبو زيد (٥) : «يؤسف» بفتح السين والهمز ، جعله «يفعل» من الأسف أيضا ، وهو عربي ، ولم يصرف أيضا لما ذكرنا. ومن ضمّ السين (٦) جعله أعجميا لم ينصرف للتعريف والعجمة ، وليس في كلام العرب «يفعل» ، فلذلك لم يكن عربيا على هذا الوزن.

__________________

(١) في(ح ، ق) : «وعربي».

(٢) في(ح) : «لمن الغافلين» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٣) تفسير القرطبي ١٢٠/٩.

(٤) تكملة من : (ظ ، ق ، د).

(٥) إعراب القرآن للنحاس ٧٧/٢ ؛ وتفسير القرطبي ١٢٠/٩.

(٦) وهي قراءة الجمهور.

٣٥٨

١١٦٤ ـ قوله تعالى : (يا أَبَتِ) ـ ٤ ـ التاء في (يا أَبَتِ)(١) إذا كسرتها في الوصل ، بدل من ياء الإضافة عند سيبويه ، ولا يجمع بين التاء وياء الإضافة عنده ، ولا يوقف على قوله : [«يا أَبَتِ»] (٢) إلا بالهاء ؛ إذ ليس ثمّ ياء مقدرة (٣) ؛ وبذلك وقف ابن كثير وابن عامر (٤). وقال الفراء (٥) : الياء في النّيّة ، فيوقف على قوله : (يا أَبَتِ)(٦) بالتاء ، وبذلك وقف أكثر القراء اتّباعا للمصحف. وقرأ ابن عامر بفتح (٧) التاء ، قدّر أنّ الياء محذوفة ، على حدّ حذفها في الترخيم ، ثم ردّها ولم يعتدّ بها ففتحها ، كما كان الاسم قبل رجوعها مفتوحا ، كما قالوا : يا طلحة ، يا أميمة ، بالفتح. فقياس الوقف على هذا أن تقف بالهاء ، كما تقف (٨) على طلحة وأميمة. وقيل : إنه أراد «يا أبتا» ثم حذف الألف لأنّ الفتحة تدل عليها ، فيجب على هذا أن تقف بالتاء ؛ لأنّ الألف مرادة مقدّرة. وقيل : إنه أراد «يا أبتاه» ثم حذف الهاء ، وهذا ليس بموضع (٩) ندبة. وأجاز النحاس ضم التاء على التشبيه بتاء «طلحة» إذا لم يرخّم ، ومنعه الزجّاج (١٠).

١١٦٥ ـ قوله تعالى : (ساجِدِينَ) ـ ٤ ـ حال من الهاء والميم في (رَأَيْتُهُمْ) ، لأنه من رؤية العين. وإنما أخبر عن الكواكب بالياء والنون ،

__________________

(١) في(ح) : «أبت».

(٢) زيادة من : (ظ ، ق).

(٣) في(ح) : «مفردة» والتصحيح من : (ظ ، ق ، د).

(٤) وقف بالهاء أيضا أبو جعفر ويعقوب. التيسير ص ١٢٧ ؛ والإتحاف ص ٢٦٢.

(٥) معاني القرآن ٣٢/٢.

(٦) وهي قراءة أبي جعفر أيضا. النشر ٢٨٢/٢ ؛ والتيسير ص ١٢٧ ؛ والإتحاف ص ٢٦٢.

(٧) (ظ ، ق ، د) : «كما يوقف».

(٨) (ح ، ظ) : «موضع» وأثبت ما في : (ق ، د).

(٩) معاني القرآن وإعرابه ٩٠/٣ ، قال : «لا يجوز إلاّ على ضعف ؛ لأن الهاء هاهنا جعلت بدلا من ياء الإضافة». وفي هامش(ظ)/٦٨ ب بحث مطول حول إعراب «يا أبت» ، وهو منقول عن؟؟؟ كشاف للزمخشري ٣٠١/٢ ، ٣٠٢.

٣٥٩

وهما لمن يعقل (١) ، لأنه لمّا أخبر عنهما بالطاعة والسجود ، وهما من فعل من يعقل ، جرى (ساجِدِينَ) على الإخبار عمن يعقل ؛ إذ قد حكى عنهما فعل من يعقل.

١١٦٦ ـ قوله تعالى : (آياتٌ)(٢) (لِلسَّائِلِينَ) ـ ٧ ـ في وزن (آياتٌ) أربعة أقوال : قال سيبويه (٣) : هي «فعلة» وأصلها أيية (٤) ، ثم أبدلوا من الياء السّاكنة ألفا ، هذا معنى قوله ، ومثله [عنده](٥) : غاية وثاية (٦) ، واعتلال هذا عنده شاذ ، لأنهم أعلّوا العين ، وصحّحوا اللام ، والقياس إعلال اللام ، وتصحيح العين. وقال الكوفيون : «آية» فعلة ، بفتح العين ، وأصلها «أيية» فقلبت الياء الأولى ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وهو شاذ في الاعتلال ؛ إذ كان الأصل أن تعلّ الياء الثانية ، وتصحّ الأولى ، فيقال : «أياة». وقال بعض الكوفيين : «آية» فعلة ، وأصلها «أيية» ، فقلبت الياء الأولى ألفا لانكسارها وتحرك ما قبلها ، وكانت الأولى أولى بالعلة من الثانية ، لثقل الكسرة عليها ، وهذا قول صالح جار على الأصول.

وقال ابن الأنباري في «آية» : وزنها «فاعلة» وأصلها : آيية ، فأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة على الياء ، وأدغموها في الثانية فصارت «آيّة» ، مثل لفظ «دابّة» ووزنها (٧) ، ثم خففوا الياء ، كما قالوا : «كينونة» بتخفيف الياء ساكنة ، وأصلها : كيّنونة ، ثم خففوا فحذفوا الياء الأولى المتحركة استثقالا للياء المشددة مع طول الكلمة ، وهذا قول بعيد من

__________________

(١) في(ح) : «وهما لمن لا يعقل» وهو خطأ ، وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

(٢) في المصحف : «آيات» ، وآية قراءة أهل مكة. تفسير القرطبي ١٢٩/٩. وفي الكشف ٥/٢ : قرأ ابن كثير بالتوحيد.

(٣) الكتاب ، لسيبويه ٣٨٨/٢.

(٤) (ق) : «أيّة» بإدغام الياءين.

(٥) زيادة من : (ق ، ظ).

(٦) (ح ، ظ ، د) : «وشاية» وأثبت ما في(ق) : والمقتضب ١٥١/١. والثاية : حجارة تكون حول الغنم للراعي يثوي إليها. المنصف ٧٢/٣.

(٧) (ح) : «وقرئ بها» وأثبت ما في : (ظ ، ق ، د).

٣٦٠