أبو البركات بن الأنباري
المحقق: الدكتور طه عبد الحميد طه
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: الهيئة المصريّة العامّة للكتاب
الطبعة: ٢
ISBN: 977-419-179-X
الصفحات: ٥٧٦
«غريب إعراب سورة العنكبوت»
قوله تعالى : (أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا) (٢).
أن وصلتها ، فى موضع نصب ب (حسب) ، وقد سدت بصلتها مسد مفعولى حسب. وأن يقولوا ، فى موضع نصب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره : بأن يقولوا. وقيل : إنه بدل من الأولى ، وأنكره أبو على الفارسى. وقال : هذا غلط لأنه لا يدخل فى قسم من أقسام البدل ، فإنه ليس ببدل كل ولا بعض ولا اشتمال.
قوله تعالى : (وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ) (١٢).
تقديره ، ولنحمل خطاياكم عنكم. فحذف الجار والمجرور.
قوله تعالى : (فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً) (١٤).
ألف سنة ، (منصوب على الظرف) ، وخمسين عاما (منصوب على الاستثناء) ، وانتصاب المستثنى انتصاب المفعول به لأنه يقع فضلة كالمفعول ، والعامل فيه الفعل قبله بتقدير (إلّا) ، وذهب بعض النحويين إلى أن (إلّا) قامت مقام (استثنى) فعملت عمله ، وذهب الفراء إلى أن (إلّا) مركبة من (إنّ ولا) ، فتنصب فى الإيجاب اعتبارا (بأنّ) ، وترفع فى النفى اعتبارا ب (لا).
قوله تعالى : (وَإِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللهَ وَاتَّقُوهُ) (١٦).
إبراهيم ، منصوب من ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون معطوفا على (نوح) فى قوله تعالى :
قوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ) ،
وتقديره ، وأرسلنا إبراهيم :
والثانى : أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء فى (أنجيناه).
والثالث : أن يكون منصوبا بتقدير فعل ، وتقديره : واذكر إبراهيم.
والعامل فى (إذ) العامل فى (إبراهيم).
قوله تعالى : (وَقالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَوْثاناً مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٢٥).
ما ، فى (إنما) ، فيها وجهان :
أحدهما : أن تكون اسما موصولا بمعنى الذى ، فى موضع نصب ، لأنها اسم (إن) ، وصلته (اتخذتم) ، والعائد محذوف وتقديره ، إن الذين اتخذتموهم من دون الله أوثانا. فحذف العائد الذى هو الهاء والميم تخفيفا ، وهو المفعول الأول ل (اتخذتم) ، والمفعول الثانى : (أوثانا). ومودة مرفوع لأنه خبر (إن) ، وقيل : خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره هو مودة بينكم. وقيل : إنه مرفوع بالابتداء ، وخبره (فى الحياة الدنيا) ، والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع لأنه خبر (إن). وبينكم ، مجرور بالإضافة.
والثانى : أن تكون (ما) كافة فيكون (أوثانا) منصوبا لأنه مفعول (اتخذتم) واقتصر على مفعول واحد ، كقوله تعالى :
(إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنالُهُمْ)(١) ، ويكون (مودة) منصوبا لأنه مفعول له ، أى ، إنما اتخذتم الأوثان للمودة فيما بينكم.
ومن نوّن (المودة) نصب (بينكم) على الظرف ، والعامل فيه (مودة). و (فى الحياة الدنيا) ، ظرف (للمودة) أيضا. وجاز أن يتعلق بها كل واحد من الظرفين
__________________
(١) ١٥٢ سورة الأعراف.
لاختلافهما ، لأنّ أحدهما ظرف مكان والآخر ظرف زمان ، وإنما الممتنع أن يتعلق ظرفا مكان أو ظرفا زمان بعامل واحد ، وليس فى واحد من هذين الظرفين ضمير ، لأنه لم يقم مقام محذوف مقدر من فعل أو اسم ، كاستقر أو مستقر.
فإن جعلت (بينكم) صفة ل (مودة) كان متعلقا بمحذوف وفيه ضمير استقر ومستقر الذى هو الصفة فى الحقيقة لأن الصفة لا بد أن يعود منها ضمير إلى الموصوف ، فيكون (فى الحياة الدنيا) فى موضع نصب على الحال من ذلك الضمير فى (بينكم) ، والعامل فيه الظرف وهو (بينكم) ، و (فى الحياة الدنيا) ضمير يعود على ذلك الضمير الذى فى (بينكم) ، لأنه صاحب الحال ، ولا بد أن يعود من الحال إلى ذى الحال ضمير ، كما لا بد أن يعود من الصفة إلى الموصوف ضمير ، ولا يجوز أن يعمل (مودة) فى قوله تعالى : (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) ، إذا كان حالا من الضمير فى (بينكم) ، لأن (مودة) مصدر والمصدر إذا وصف لا يعمل. وقيل : يجوز أن يعمل فيه لأنه ظرف والظرف يخالف المفعول ، والأكثرون على الأول.
ويجوز أن يكون (فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) أيضا صفة ل (مودة) ، فيكون فيه ضمير لما بينا من أنه لا بد أن يعود من الصفة إلى الموصوف ضمير ، والعامل فيه أيضا محذوف مقدر وهو استقر ومستقر على ما قدمنا.
قوله تعالى : (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) (٢٧).
فى الآخرة ، جار ومجرور ، وفيما يتعلق به وجهان.
أحدهما : أن يكون متعلقا بمحذوف مقدر ، وتقديره ، وإنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين.
والثانى : أن يكون متعلقا ب (الصالحين) على رأى أبى عثمان ، فإنه نزلها منزلة الألف واللام التى للتعريف ، لا بمعنى التى للذين.
قوله تعالى : (وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ) (٢٨).
لوطا ، منصوب من ثلاثة أوجه.
أحدها : أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء فى (أنجيناه).
والثانى : أن يكون عطفا على (نوح) فى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً)
وتقديره ، وأرسلنا لوطا.
والثالث : أن يكون منصوبا بفعل مقدر ، وتقديره ، اذكر لوطا ، والعامل فى (إذ) العامل فى (لوط).
قوله تعالى : (إِنَّا مُنَجُّوكَ وَأَهْلَكَ) (٣٣).
الكاف فى (منجوك) ، فى موضع جر بالإضافة ، ولهذا أسقطت النون من (منجوك). وأهلك ، منصوب بفعل مقدر ، وتقديره ، وننجى أهلك. وذهب الأخفش إلى أن الكاف فى (منجوك) فى موضع نصب. وأهلك ، منصوب بالعطف على الكاف.
قوله تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً) (٣٦).
مدين ، لا ينصرف للتعريف والتأنيث. وشعيبا ، منصوب بفعل مقدر ، وتقديره : (أرسلنا إلى مدين أخاهم شعيبا).
قوله تعالى : (وَعاداً وَثَمُودَ) (٣٨).
منصوب من ثلاثة أوجه.
أحدها : أن يكون معطوفا بالعطف على الهاء والميم فى قوله تعالى :
(فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ).
والثانى : أن يكون منصوبا بالعطف على (الذين) فى قوله تعالى :
(وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ).
والثالث : أن يكون منصوبا بفعل مقدر ، وتقديره ، وأهلكنا عادا وثمودا.
قوله تعالى : (وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ) (٣٩).
كلها أسماء منصوبة بالعطف على (عاد) فى جميع الوجوه التى ذكرناها ، ولا ينصرف للعجمة والتعريف.
قوله تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ) (٤١).
الكاف فى موضع رفع لأنها خبر المبتدأ ، وهو قوله تعالى :
(مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا).
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ) (٤٢).
ما ، فيها وجهان.
أحدهما : أن تكون (ما) بمعنى (الذى) وهو فى موضع نصب (بيعلم) ، وتقديره إن الله يعلم الذى يدعونه من دونه من شىء. فحذف العائد تخفيفا.
والثانى : أن تكون استفهامية فى موضع نصب ب (يدعون) ، وتقديره ، أىّ شىء تدعون من دونه. وهو قول الخليل وسيبويه.
قوله تعالى : (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها) (٥٨).
غرفا ، منصوب لأنه مفعول ثان ل (نبوئنهم) ، لأنه يتعدى إلى مفعولين. تقول : بوّأت زيدا منزلا. فأما قوله تعالى :
(وَإِذْ بَوَّأْنا لِإِبْراهِيمَ مَكانَ الْبَيْتِ)(١)
__________________
(١) ٢٦ سورة الحج.
فاللام فى (لإبراهيم) زائدة. ومكان البيت ، مفعول ثان. وخالدين ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (لنبوئنهم).
قوله تعالى : (وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ) (٦٠).
كأيّن ، فى موضع رفع بالابتداء بمنزلة (كم). ومن. دابة ، تبيين له. ولا تحمل ، فى موضع جر لأنها صفة (دابة) ، والله ، مبتدأ. ويرزقها ، خبره. والجملة من المبتدأ والخبر فى موضع رفع لأنه خبر (كأيّن) ، ويجوز أن يكون موضع (كأين) النصب على قول من يجيز : زيدا عمرو أبوه ضارب. بتقدير فعل يفسره (يرزقها) وأنث (كأين) فى قوله تعالى : (يرزقها) حملا على المعنى.
قوله تعالى : (وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ) (٦٤).
لهى ، يجوز فى الهاء الكسر والتسكين ، فمن كسر أتى به على الأصل. ومن سكّن حذف الكسرة تخفيفا كما قالوا فى كتف كتف. والحيوان ، أصله (الحييان) بياءين ، إلا أنه لما اجتمعت ياءان متحركتان ، استثقلوا اجتماعهما ، فأبدلوا من الياء الثانية واوا كراهية لاجتماع ياءين متحركتين ، وكان قلب الثانية أولى من الأولى لأن الثانية هى التى حصل التكرير بها ، وإنما عدلوا عن الإدغام إلى القلب ، لأن الإدغام إنما يقع فى الأسماء ممّا كان على (فعل وفعل) بضم العين وكسرها ولا يكون فيما كان على (فعل) بفتح العين. نحو (طلل) و (شرر) فلهذا قلبوا الياء واوا ، وإنما قلنا إن الواو منقلبة عن ياء ، وذلك لأنه ليس فى كلام العرب ما عينه ياء ولامه واو ، فإن قلت : فقد قالوا : الحيّوت لذكر الحيات. وحيوان اسم موضع باليمن ، وحيوة اسم رجل. فنقول : أما الحيّوت فعنه جوابان.
أحدهما : أن الياء فيه أصلية ووزنه (فعّول) كسفّود ، وسمّور وكلّوب ، وإنما يستقيم هذا لو كانت التاء زائدة ، ولا يستقيم أن تكون زائدة ، لأنه ليس فى كلامهم ما هو على وزن (فعلوت).
والثانى : أنالو قدرنا أن الياء زائدة ، إلا أنا نقول : أصله. حييوت على فعلوت بفتح العين من (الحياة) كالرّغبوت والرّهبوت ، إلا أنه أسكنت العين لاجتماع المثلين ، كما أبدل فى (الحيوان) كراهية لاجتماع المثلين. فوقع الإدغام.
وأما (حيوان) اسم موضع باليمن ، فوزنه (فيعال) والنون فيه أصلية لا زائدة فلا يردّ نقصا. وأما (حيوة) اسم رجل فأصله (حيّة) إلا أنه لما كان اسما علما والأعلام كثيرا ما يعدل بها عن قياس كلامهم ، أدخلوا عليه ضربا من التغيير ، فأبدلوا من الياء الثانية واوا ، على خلاف القياس كما فعلوا ذلك فى كثير من الأعلام. نحو (مزيد ومدين وموهب ومورق) إلى غير ذلك. وقد ذكرنا فى هذا كلاما كافيا ، وبيناه بيانا شافيا فى كتاب (شفاء السائل عن رتبة الفاعل).
قوله تعالى : (وَلِيَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (٦٦).
قرئ بكسر اللام وسكونها ، وهى لام الأمر ومعناه التهديد ، فمن قرأ بالكسر فعلى الأصل ، ومن سكّن فعلى التخفيف ، كما قالوا فى (كتف كتف) ، وهذا التخفيف إنما يجوز فى لام الأمر ، ولا يجوز فى لام (كى) ، وإنما كان ذلك لأنّ لام (كى) حذف بعدها (أن) بخلاف لام الأمر ، فلا يجوز أن تحذف حركتها لمكان الحذف ، فبان الفرق بينهما والله أعلم.
«غريب إعراب سورة الروم»
قوله تعالى : (وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ) (٣).
غلب ، مصدر وهى مضاف إلى المفعول ، وتقديره ، وهم من بعد أن غلبوا سيغلبون.
قوله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ) (٤ ، ٥).
أى ، من قبل ذلك ومن بعد ذلك ، وهو مبنى لاقنطاعه عن الإضافة ، لأن المضاف والمضاف إليه بمنزلة كلمة واحدة ، فلما اقنطع عن الإضافة ، تنزل منزلة بعض الكلمة ، وبعض الكلمة مبنى.
وبنى على الحركة لوجهين.
أحدهما : إنما بنى على حركة تمييزا له على ما بنى وليس له حالة إعراب ، نحو (من وكم وإذا).
والثانى : لالتقاء الساكنين ، لأن الباء من (قبل) ساكنة ، والعين من (بعد) ساكنة فبنى على حركة لالتقاء الساكنين. والوجه الأول أوجه الوجهين.
وبنى على الضم لوجهين.
أحدهما : أنه بنى على الضم تعويضا عن المحذوف لأنه أقوى الحركات.
والثانى : أن (قبل وبعد) يدخلهما النصب والجر ، ولا يدخلهما الرفع ، فلو بنيا على الفتح أو الكسر ، لالتبست حركة الإعراب بحركة البناء ، فبنى على الضم ، لئلا تلتبس حركة الإعراب بحركة البناء.
وبنصر الله ، فى موضع نصب لأنه يتعلق بقوله تعالى : (يفرح).
قوله تعالى : (وَعْدَ اللهِ) (٦).
منصوب على المصدر المؤكد لما قبله ، والمصدر مضاف إلى الفاعل.
قوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ ما خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٨).
ما ، حرف نفى. ويتفكروا ، قد عدّى ب (فى) إلى (أنفسهم) ، كما عدّى فى قوله تعالى :
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ)(١).
قوله تعالى : (ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى أَنْ كَذَّبُوا بِآياتِ اللهِ) (١٠).
عاقبة ، مرفوع لأنه اسم كان ، والسوأى ، منصوب لأنه خبر كان. ومن نصب (عاقبة) جعلها خبر كان. والسوأى ، اسمها. والسوأى ، على (فعلى) تأنيث (للاستواء) (٢) كما أن (الحسنى) تأنيث (الأحسن). وأن كذبوا ، فى موضع نصب على المفعول له ، وتقديره ، لأن كذبوا. ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو أن كذبوا. ويجوز أن تجعل (أن كذبوا) ، بدلا من (السوأى) رفعا ونصبا. وأن كذبوا ، اسم كان فيمن نصب (عاقبة الذين) أو الخبر فيمن رفع. والسوأى ، ينتصب (بأساءوا) انتصاب المصادر ، لأن (السوأى) مصدر كالحسنى.
قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) (٢٠).
أن وصلتها ، فى موضع رفع على الابتداء. والجار والمجرور ، قبلها خبرها وتقديره ، وخلقكم من تراب من آياته.
__________________
(١) ١٨٥ سورة الأعراف ، (أو لم يتفكروا) فى أ ، ب ولا توجد آية بهذا الشكل.
(٢) (للاستواء) هكذا فى الأصل والصحيح (للأسوأ).
قوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً) (٢٤).
وتقديره ، ومن آياته يريكم البرق فيها. فحذف الموصوف وأقيم الصفة مقامه. ومن النحويين من يجعل تقديره (ومن آياته أن يريكم البرق) كقوله تعالى :
(وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ) ، وقوله تعالى : (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ)
فحذف (أن) كقول الشاعر :
١٥٠ ـ ألّا أيّها ذا الزاجرى أحضر الوغى |
|
وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى (١) |
قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ) (٢٥).
من الأرض ، جار ومجرور يتعلق بمحذوف ، ويحتمل وجهين.
أحدهما : أن يكون صفة للنكرة ، وتقديره ، دعاكم دعوة كائنة من الأرض إذا أنتم تخرجون.
والثانى : أن يكون المحذوف فى موضع الحال من الكاف والميم فى (دعاكم) ، ولا يجوز أن يتعلق ب (تخرجون) ، لأن ما بعد (إذا) لا يعمل فيما قبلها.
قوله تعالى : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) (٣٠).
فطرة الله ، منصوب من وجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا بتقدير فعل ، وتقديره ، اتبع فطرة الله ، ودل على هذا الفعل المقدر قوله تعالى :
__________________
(١) البيت من شواهد سيبويه وهو لطرفة بن العبد ١ / ٤٥٢ والشاهد فيه رفع (أحضر) لحذف الناصب وتعريه منه والمعنى ، لأن أحضر الوغى ، وقد يجوز النصب بإضمار أن ضرورة وهو مذهب الكوفيين.
(فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ)
أى : اتبع الدين.
والثانى : أن يكون منصوبا على المصدر لأن الكلام دل على (فطر الله الخلق فطرة).
قوله تعالى : (مُنِيبِينَ إِلَيْهِ) (٣١).
منصوب على الحال من الضمير فى (فأقم) وإنما جمع حملا على المعنى ، لأن الخطاب للرسول عليهالسلام والمراد به أمته كقوله تعالى :
(يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ)(١).
قوله تعالى : (أَمْ أَنْزَلْنا عَلَيْهِمْ سُلْطاناً) (٣٥).
سلطانا ، قيل : هو جمع (سليط) كرغيف ورغفان ، وقفيز وقفزان. ويجوز فيه التذكير والتأنيث ، فمن ذكّر فعلى معنى الجمع ، ومن أنثه فعلى معنى الجماعة.
قوله تعالى : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذا هُمْ يَقْنَطُونَ) (٣٦).
إن ، شرطية ، وجوابها (إذا) بمنزلة الفاء ، وصارت (إذا) بمنزلة الفاء ، لأنها لا يبتدأ بها ، كما لا يبتدأ بالفاء ، وإنما لا يبتدأ بها لأنها التى تكون للمفاجأة ، وإنما يبتدأ ب (إذا) ، إذا كان فيها معنى الشرط ، ولا يجوز أن تقع جوابا للشرط ، لأن جواب الشرط لا يقع مبتدأ ، والشرط لا يقع إلا مبتدأ. وهم ، مبتدأ ، ويقنطون خبره. وإذا ، خبر آخر ، وتقديره : وبالحضرة هم قانطون.
قوله تعالى : (وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ) (٤٩)
__________________
(١) ١ سورة الطلاق.
فى تكرير (قبل) وجهان.
أحدهما : أن يكون التكرير للتأكيد.
والثانى : أن يكون التقدير ، وإن كانوا من قبل أن ينزل الغيث عليهم من قبل السحاب لمبلسين. والضمير يعود إلى السحاب فى قوله تعالى :
(فَتُثِيرُ سَحاباً)
والسحاب يجوز تذكيره وتأنيثه.
قوله تعالى : (فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا) (٥١).
الهاء فى (رأوه) فيها ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون المراد بها الزرع. الذى دل عليه قوله تعالى :
(فَانْظُرْ إِلى آثارِ رَحْمَتِ اللهِ).
والثانى : أن يكون المراد بها (السحاب).
والثالث : أن يكون المراد بها الزرع ، وذكّره لأن تأنيثه غير حقيقى.
قوله تعالى : (فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ) (٥٧).
قرئ (ينفع) بالتاء والياء. فمن قرأ بالتاء فعلى الأصل ، ولم يعتد بالفصل. ومن قرأ بالياء اعتد بالفصل فعدل عن الأصل. والله أعلم.
«غريب إعراب سورة لقمان»
قوله تعالى : (تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ) (٢).
تلك ، مبتدأ. وآيات الكتاب ، خبر. وهدى ورحمة ، يقرأ بالنصب والرفع.
فالنصب على الحال من (آيات) ولا يجوز أن يكون منصوبا على الحال من الكتاب ، لأنه مضاف إليه ، ولا عامل يعمل فى الحال ، وفيه خلاف.
والرفع من ثلاثة أوجه.
الأول : أن يكون خبر (تلك) وآيات ، بدلا من (تلك).
والثانى : أن يكون خبرا بعد خبر ، كقولهم : هذا حلو حامض.
والثالث : أن يكون خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هو هدى.
قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً) (٦).
ويتخذها ، قرئ بالنصب والرفع ، فالنصب بالعطف على (ليضل). والرفع بالعطف على (يشترى) أو على الاستئناف.
والهاء فى (يتخذها) فيه ثلاثة أوجه.
الأول : أن يعود على (السبيل) لأنها مؤنثة ، قال تعالى :
(قُلْ هذِهِ سَبِيلِي)(١)
__________________
(١) ١٠٨ سورة يوسف.
كما ذكّر أيضا. قال تعالى :
(وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً)(١) ، وقيل : يعود على (الحديث) لأنه فى معنى (الأحاديث) ، وقيل على (الآيات). والأول أوجه.
والباء فى (بغير علم) للحال ، وتقديره : ليضل عن سبيل الله جاهلا.
قوله تعالى : (وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً) (٧).
مستكبرا ، منصوب على الحال من الضمير فى (ولّى). والكاف فى (كأن) فى موضع نصب على الحال ، وتقديره : ولّى مستكبرا مشبها من فى أذنيه وقر.
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خالِدِينَ فِيها) (٨ ، ٩).
جنات ، يرتفع بالجار والمجرور لأنه وقع خبرا عن المبتدأ. وخالدين ، منصوب على الحال من الهاء والميم فى (لهم).
قوله تعالى : (خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ) (١٠).
الباء فى (بغير عمد) فى موضع نصب على الحال من السموات. وترونها ، جملة فعلية فى موضع جر على الصفة ل (عمد) ، فيكون هناك عمد ، ولكن لا يرى.
قوله تعالى : (فَأَرُونِي ما ذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ) (١١).
الياء فى (أرونى) المفعول الأول. وما ذا خلق ، قد سد مسد ما ينتصب ب (أرونى) ، والكلام على (ماذا) قد قدمناه.
__________________
(١) ١٤٦ سورة الاعراف.
قوله تعالى : (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) (١٣).
إذ ، ظرف يتعلق بفعل مقدر ، وتقديره : اذكر إذ قال لقمان. ولقمان ، لا ينصرف للتعريف والألف والنون الزائدتين ، كعثمان ، وعمران ، ويجوز أن يكون أعجميا فلا ينصرف للعجمة والتعريف.
قوله تعالى : (وَهْناً عَلى وَهْنٍ) (١٤).
وهنا ، منصوب بتقدير حذف حرف الجر ، وتقديره : حملته أمه بوهن. فحذف حرف الجر فاتصل الفعل به فنصبه.
قوله تعالى : (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ) (١٤).
أن ، فى موضع نصب على حذف حرف الجر ، وتقديره : بأن اشكر. وقيل : (أن) ، مفسرة بمعنى أى ، كقوله تعالى :
(أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا)(١)
ولا موضع لها من الإعراب.
قوله تعالى : (إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ) (١٦).
يقرأ (مثقال) بالرفع والنصب.
فالرفع على أن تكون التامة ، وأنث (تكن) ، وإن كان (المثقال) مذكرا ، لأنه من باب ما اكتسى المضاف من المضاف إليه التأنيث ، كقولهم : ذهبت بعض أصابعه. وكقراءة من قرأ :
(يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ)(٢)
__________________
(١) ٦ سورة ص.
(٢) ١٠ سورة يوسف.
والنصب على أن تكون الناقصة ، ويكون التقدير : إن تكن الخصلة الموزونة مثقال حبة.
قوله تعالى : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) (١٨).
مرحا ، منصوب لأنه مصدر فى موضع الحال ، كقولهم : جاء زيد ركضا.
قوله تعالى : (نِعَمَهُ ظاهِرَةً) (٢٠).
أراد : نعم الله ، ألا ترى أن النعمة الواحدة لا يقال فيها (أحصيت) وإنما يقال ذلك فى المتعددة.
قوله تعالى : (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) (٢٧).
والبحر ، يقرأ بالنصب والرفع.
فالنصب من وجهين.
أحدهما : أن يكون منصوبا بالعطف على (ما).
والثانى : أن يكون منصوبا بتقدير فعل يفسره (يمدّه) وتقديره : يمد البحر يمده. كقوله تعالى :
(وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ)(١).
أى قدرنا القمر قدرناه.
والرفع على ان تكون الواو ، واو الحال. والبحر ، مبتدأ. وخبره (يمده من بعده سبعة أبحر) ، والجملة فى موضع نصب على الحال ، والعامل فى الحال ما فى (أقلام) من معنى الفعل ، لأن (أقلاما) قام مقام (كاتبات) فكأنه قال : كاتبات والبحر يمده.
قوله تعالى : (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) (٢٨).
__________________
(١) ٣٩ سورة يس.
خلقكم ، مبتدأ. والكاف ، فى موضع رفع لأنه خبر المبتدأ ، ولا يجوز أن تعمل (ما) ، لمكان (إلّا) ، لأنها تشبه (ليس) فى نفى الحال ، وإذا دخلت عليها (إلّا) أبطلت منها معنى النفى ، وهو وجه الشبه الموجب للعمل ، فإذا زال وجه الشبه الموجب للعمل بطل العمل ، وتقديره ، ما خلقكم ولا بعثكم إلا كبعث نفس واحدة. فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه.
قوله تعالى : (وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً) (٣٣).
يوما ، منصوب لأنه مفعول (واخشوا) ، ولا يجوز ان تكون ظرفا لأنه يصير الأمر بالخشية فى يوم القيامة ، ويوم القيامة ليس بيوم تكليف ، وإنما هو يوم الجزاء. (ومولود) مرفوع بالعطف على (والد) المرفوع لأنه فاعل (يجزى) ، وهو تأكيد لما فى (مولود) من الضمير ، ولا يجوز ان يكون (هو) فصلا ، لأن الفصل لا يدخل بين النكرتين.
قوله تعالى : (وَما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً) ٣٤.
ماذا ، فى موضع نصب ب (تكسب) ، لا ب (تدرى) ، لأن الاستفهام ينتصب بما بعده لا بما قبله. هذا إذا جعل (ما وذا) بمنزلة شىء واحد ، فإن جعلا بمنزلة كلمتين ، وجعلا بمنزلة الذى ، وجعل موضع (ماذا) رفع على ما قدمنا لم يجز نصبه ب (تدرى) لما ذكرناه ، وإنما نحكم على موضع الجملة بالنصب بدخوله عليها.
«غريب إعراب سورة السجدة»
قوله تعالى : (تَنْزِيلُ الْكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ) (٢).
تنزيل الكتاب ، مرفوع لأنه مبتدأ. ولا ريب فيه ، خبره. ويجوز أن يكون مرفوعا لأنه خبر مبتدأ محذوف ، وتقديره ، هذا تنزيل الكتاب. ويجوز أن يكون (لا ريب فيه) فى موضع نصب على الحال من (الكتاب). ومن رب العالمين ، خبر المبتدأ. ومن متعلقة بالخبر المحذوف. وإذا جعلت (لا ريب فيه) خبر المبتدأ كانت (من) متعلقة ب (تنزيل).
قوله تعالى : (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (٧).
خلقه ، قرئ بسكون اللام وفتحها.
فمن قرأ بسكون اللام ، نصب (خلقه) من وجهين.
أحدهما : على البدل من قوله تعالى : (كُلَّ شَيْءٍ).
والثانى : على أن يكون مفعولا ثانيا ل (أحسن) ، وهو بمعنى (أفهم) فيتعدى إلى مفعولين.
ومن فتح اللام جعله فعلا ماضيا. وفى موضع الجملة وجهان ، النصب والجر ، فالنصب على الوصف ل (كلّ) والجر على الوصف ل (شىء) ومعناه ، أحسن كلّ شىء مخلوق له.
قوله تعالى : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ) (١٠).
إذا ، ظرف وهو متعلق بفعل مقدر ، وتقديره أنبعث إذا ضللنا فى الأرض. أى ، غبنا وبلينا.
قوله تعالى : (وَلَوْ تَرى إِذِ الْمُجْرِمُونَ ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (١٢).
إذ ، تتعلق ب (ترى). والمجرمون ، مرفوع لأنه مبتدأ وناكسو رءوسهم ، خبره. وربنا أبصرنا : تقديره ، يقولون ربنا أبصرنا. فحذف القول ، وحذف القول كثير فى كلامهم.
قوله تعالى : (تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ) (١٦).
تتجافى ، جملة فعلية فى موضع نصب على الحال من الضمير فى (خرّوا) ، وكذلك (يدعون ربهم) منصوب على الحال. وكذلك (سجّدّا). وكذلك موضع (وهم لا يستكبرون) ، وكذلك موضع (مما رزقناهم ينفقون) كلها منصوبات على الحال من الضمير فى (خروا) ، وفى (سبّحوا).
قوله تعالى : (خَوْفاً وَطَمَعاً) (١٦).
فى نصبهما وجهان.
أحدهما : أن يكونا منصوبين على المفعول له.
والثانى : أن يكونا منصوبين على المصدر.
قوله تعالى : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (١٧).
قرئ (أخفى) بسكون الياء وبفتحها. فمن قرأ ، بسكون الياء جعل الهمزة همزة المتكلم ، وكان فعلا مضارعا مرفوعا ، ولا تظهر فيه علامة الرفع ، لأن فى آخره ياء قبلها كسرة ، فهو بمنزلة المنقوص من الأسماء لا يظهر فيه علامة الرفع. ومن قرأ بفتح الياء جعله فعلا ماضيا.
وما ، فيها وجهان.
أحدهما : أن تكون اسما موصولا بمعنى الذى ، وصلته (أخفى) والعائد مقدر ، وتقديره ، الذى أخفيه لهم. فحذف العائد للتخفيف ، وموضعه نصب ب (تعلم).
والثانى : أن تكون استفهامية فى موضع رفع لأنه مبتدأ. وأخفى ، خبره.
ومن قرأ (أخفى) فبنى الفعل للفاعل ، كان (ما) منصوبا ب (أخفى) وتقديره ، فلا تعلم نفس أىّ شىء أخفى لهم. ولا يجوز أن يعمل فيه (بقلم) لأن الاستفهام له صدر الكلام ، فلا ينصب بما قبله وإنما ينصب بما بعده.
قوله تعالى : (فَلا تَكُنْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقائِهِ) (٢٣).
الهاء فى (لقائه) فيها ثلاثة أوجه.
الأول : أن تكون عائدة إلى الكتاب ، فيكون المصدر مضافا إلى المفعول ، والفاعل مقدر ، وتقديره ، من لقاء موسى الكتاب ، وقدّر لتقدم ذكره ، وأضيف المصدر إلى الكتاب.
والثانى : أن تكون (الهاء) عائدة إلى موسى ، فيكون المصدر مضافا إلى الفاعل ، والمفعول به محذوف وهو (الكتاب) ، وتقديره ، فلا تكن فى مرية من لقاء موسى الكتاب. وهو التوراة. ويجوز أن يكون التقدير فيه ، فلا تكن فى مرية من لقاء موسى إياك. ويجوز أن يكون التقدير ، من لقائك موسى ، فيكون المصدر مضافا إلى المفعول ، ويجوز أن يكون تقديره ، فلا تكن فى مرية من لقاء موسى ربّه. فيكون مضافا إلى الفاعل ، والمفعول محذوف ، وهذا التقدير مروى عن ابن عباس.
والثالث : أن تكون عائدة إلى (ما لاقى موسى) وتقديره ، فلا تكن فى مرية من لقاء ما لاقى موسى من التكذيب والإنكار من قومه.
قوله تعالى : (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا) (٢٤).
قرئ (لما) بالتخفيف وكسر اللام و (لمّا) بالتشديد وفتح اللام. فمن قرأ