الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: ٥٣١
المطلب الثالث : التكفين.
وفيه بحثان :
الأول : في جنسه ، وقدره.
مسألة ١٥٤ : يحرم التكفين بالحرير المحض ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، سواء كان الميت رجلا أو امرأة ـ وبه قال الشافعي في الرجل (١) ـ لما فيه من إتلاف المال ، ولأن أحدا من الصحابة والتابعين لم يفعله ، ولو كان سائغا لفعلوه ، لأنهم كانوا يفتخرون بجودة الأكفان ، وقد استحب الشارع تجويدها.
وروى الحسين بن راشد ، قال : سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن ، هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟
قال : « إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس » (٢) دل بمفهومه على ثبوت البأس مع صرافة القز.
والعصب ضرب من برود اليمن ، سمي بذلك ، لأنه يصبغ بالعصب ، وهو نبت باليمن (٣).
وكره أكثر الجمهور ذلك إلا للمرأة ، فإنّ بعضهم سوّغه من غير كراهة ، لأنها تلبسه في حال حياتها ، والموت أخرجها عن لبسه لعدم الزينة حينئذ (٤) ، والشافعي كرهه (٥).
__________________
(١) الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٢.
(٢) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٠ ـ ٤١٥ ، التهذيب ١ : ٤٣٥ ـ ١٣٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢١١ ـ ٧٤٤.
(٣) انظر المصباح المنير ٢ : ٤١٣ ، مجمع البحرين ٢ : ١٢٢ « عصب ».
(٤) المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، المغني ٢ : ٣٥٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٧.
(٥) المجموع ٥ : ١٩٧ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٢ ، السراج الوهاج : ١٠٥.
مسألة ١٥٥ : يستحب أن يكون الكفن قطنا محضا أبيض ، وهو قول العلماء كافة ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كفن في القطن الأبيض (١) وقال عليهالسلام : ( البسوا من ثيابكم البياض ، فإنه أطهر وأطيب ، وكفّنوا فيه موتاكم ) (٢).
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليهالسلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به ، والقطن لأمة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم » (٣).
مسألة ١٥٦ : ويكره الكتان ، ذهب إليه علماؤنا ـ خلافا للجمهور ـ لقول الصادق عليهالسلام : « لا يكفن الميت في كتان » (٤) وكذا يكره الممتزج بالحرير.
ويشترط أن يكون مما تجوز الصلاة فيه ، ولا يجوز التكفين في الجلود ، لأنها تنزع عن الشهيد مع أنه يدفن بجميع ما عليه ، فلا يناسب تكفين غيره بها.
وهل يجوز التكفين بالصوف والوبر والشعر؟ الأقرب ذلك ، لجواز الصلاة فيها ، وبه قال الشافعي (٥).
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، الموطأ ١ : ٢٢٣ ـ ٥ ، سنن النسائي ٤ : ٣٥ ـ ٣٦.
(٢) مسند أحمد ١ : ٢٤٧ و ٣٢٨ و ٣٥٥ و ٥ : ١٣ و ١٧ ، سنن الترمذي ٥ : ١١٧ ـ ٢٨١٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨١ ـ ٣٥٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٢ ، المستدرك للحاكم ٤ : ١٨٥ ، سنن النسائي ٤ : ٣٤.
(٣) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ٨٩ ـ ٤١٤ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٢ ، الاستبصار ١ : ٢١٠ ـ ٧٤١.
(٤) التهذيب ١ : ٤٥١ ـ ١٤٦٥ ، الاستبصار ١ : ٢١١ ـ ٧٤٥.
(٥) المجموع ٥ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٣١.
وقال ابن الجنيد : لا يكفن في الوبر (١) ، ولعلّه استند في ذلك إلى عدم النقل ، مع أن التكفين أمر شرعي يقف على مورده.
ويشترط فيه الطهارة بالإجماع ، ولأنه لو لحقته نجاسة بعد التكفين وجبت إزالتها ، فقبله أولى ، وكذا الملك ، فلا يجوز التكفين بالمغصوب بإجماع العلماء ، لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه ، فيكون قبيحا.
مسألة ١٥٧ : يكره أن يكفن في الثياب السود بإجماع العلماء ، لأن وصف البياض بالطيب والطهور في كلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٢) ، يدل بمفهومه على كراهة ضدّه ، ولأنها ثياب مثلة (٣) ، وقال الصادق عليهالسلام : « لا يكفن الميت في السواد » (٤).
وكذا يكره تكفين الرجل والمرأة بالمعصفر ، وغيره ـ وبه قال الأوزاعي (٥) ـ إلا ما كان من المعصب ، وهو ما صبغ بالعصب وهو نبت باليمن.
مسألة ١٥٨ : والواجب في كفن الرجل والمرأة ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص ـ وهو البقيرة (٦) ـ وإزار عند أكثر علمائنا (٧) ، لأن النبيّ صلّى الله عليه
__________________
(١) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٥.
(٢) مسند أحمد ٥ : ١٣ و ١٧ ، سنن النسائي ٤ : ٣٤ ، سنن الترمذي ٥ : ١١٧ ـ ٢٨١٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨١ ـ ٣٥٦٧ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٢ ، المستدرك للحاكم ٤ : ١٨٥.
(٣) ثياب المثلة : هي الثياب التي يخرج بها لابسها عن معتاد العقلاء.
(٤) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ١١ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٤.
(٥) المغني ٢ : ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٠.
(٦) البقيرة : بفتح الموحدة وهو برد يشق فيلبس بلا كمّين. القاموس المحيط ١ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ « بقر ».
(٧) منهم السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائله ) ٣ : ٥٠ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٧٠١ مسألة ٤٩١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٦٠ ، والمحقق في المعتبر : ٧٥ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٣.
وآله كفن في ثلاثة أثواب سحولية (١).
وسحول ـ بفتح السين ـ قرية بناحية اليمن يعمل فيها ثياب يقال لها السحولية (٢) ، والسحول ـ بضم السين ـ الثياب البيض (٣).
وقال الصادق عليهالسلام : « كفن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ثوبين سحوليين ، وثوب حبرة يمنية عبري » (٤).
وقال الباقر عليهالسلام : « الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يوارى به جسده كله ، فما زاد فهو سنة حتى يبلغ خمسة ، فما زاد فمبتدع » (٥).
وقال سلاّر : الواجب لفافة تستر الميت وتعم البدن ، وما زاد مستحب (٦) للأصل ، وبه قال الأوزاعي ، والشافعي في أحد الوجهين (٧) تكريما له ، وسترا لما عساه يعرض من التغير ، إلاّ أن المحرم عند الشافعي ، لا يستر رأسه ، ولا المرأة وجهها ، والثاني : أن الواجب قدر ما يستر العورة كالحي ـ وهو أوفق لنص الشافعي ـ فيختلف الحال بالذكورة والأنوثة ، لاختلافهما في قدر العورة ، واستحب الشافعي ثلاثة أزر يدرج فيها إدراجا ليس فيها قميص ولا عمامة ، وبه قال أحمد (٨).
__________________
(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٩.
(٢) معجم البلدان ٣ : ١٩٥.
(٣) انظر القاموس المحيط ٣ : ٣٩٤ ولسان العرب ١١ : ٣٢٨ « سحل ».
(٤) المعتبر : ٧٥.
(٥) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ـ ٨٥٤.
(٦) المراسم : ٤٧.
(٧) المجموع ٥ : ١٩١ ـ ١٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ١٣١ ـ ١٣٣.
(٨) المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٥ ، مسائل أحمد : ١٤١ ـ ١٤٢ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٢ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.
واستحب أبو حنيفة أن يكفن في إزار ورداء وقميص (١) ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كفّن في قميصه (٢) ، وألبس قميصه عبد الله بن أبي بن سلول [ و ] (٣) كفنه به ، وقال : ( لا يعذب ما بقي عليه منه سلك ) (٤).
وقال ابن الجنيد : لا بأس أن يكون الكفن ثلاثة أثواب يدرج فيها إدراجا ، أو ثوبين وقميصا (٥).
والمشهور إيجاب القميص ، أما مع الضرورة فإن الواحد مجز بالإجماع. ولو قصر الثوب عن جميعه ستر رأسه وجعل على رجليه حشيشا ، ولو لم يكف إلا العورة وجب الستر بها ، لأنها أهم من غيرها.
تذنيب : لا فرق بين الصبي والرجل ، والجمهور اكتفوا بثوب واحد ، وإن كفن في ثلاثة فلا بأس (٦).
لنا : أنه كالرجل لأنه ذكر.
مسألة ١٥٩ : ذهب علماؤنا إلى استحباب زيادة حبرة يمنية ـ وهي المنسوبة إلى اليمن ـ عبرية ـ منسوبة إلى العبر ، وهو جانب الوادي (٧) ـ غير مطرزة بالذهب ، لأن الباقر عليهالسلام قال : « كفن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في ثلاثة أثواب : برد حبرة أحمر ، وثوبين أبيضين صحاريين » وقال : « إنّ
__________________
(١) شرح فتح القدير ، ٢ : ٧٦ ـ ٧٧ ، شرح العناية ٢ : ٧٧ ، الكفاية ٢ : ٧٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩١ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٠ ، اللباب ١ : ١٢٧ ـ ١٢٨ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٧١ وانظر المغني ٢ : ٣٣٣ والشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.
(٣) الزيادة يقتضيها السياق.
(٤) انظر صحيح البخاري ٢ : ٩٦ ـ ٩٧ ، صحيح مسلم ٤ : ٢١٤١ ـ ٢٧٧٤ ، سنن النسائي ٤ : ٣٧ ـ ٣٨ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٧٩ ـ ٣٠٩٨.
(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٥.
(٦) المغني ٢ : ٣٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.
(٧) القاموس المحيط ٢ : ٨٣ ، مجمع البحرين ٣ : ٣٩٤ « عبر ».
الحسن بن علي عليهماالسلام كفّن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة ، وإنّ عليا عليهالسلام كفّن ابن حنيف في برد أحمر حبرة » (١).
وأنكر الجمهور ذلك (٢) ، لأن عائشة ذكر لها أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كفن في برد ، فقالت : قد أتي بالبرد ، ولكن لم يكفنوه فيه (٣).
وروايتنا أولى ، لأنها مثبتة ، وكره أحمد الزيادة على ثلاثة أثواب لما فيه من إضاعة المال (٤) ، وينتقض بالثلاثة.
مسألة ١٦٠ : ويستحب أن يزاد الرجل خرقة لشد فخذيه ، طولها ثلاثة أذرع ونصف ، في عرض شبر إلى شبر ونصف ، وتسمى الخامسة يلف بها فخذاه لفا شديدا بعد أن يحشو الدبر بالقطن ، وعلى المذاكير ، ثم يخرج طرفيها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، ويغمزه في الموضع الذي شدّها فيه ، واستحبه أحمد في المرأة خاصة دون الرجل (٥) ، والمقتضي فيهما واحد ، ولقول الصادق عليهالسلام : « يلف (٦) الميت في خمسة أثواب : قميص لا يزر عليه ، وإزار ، وخرقة يعصب بها وسطه » (٧) وعنه عليهالسلام : « يجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع ونصفا وعرضها شبرا ونصفا » (٨).
مسألة ١٦١ : ويستحب العمامة للرجل تثنى عليه محنكا ، ويخرج طرفاها
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ٩ ، التهذيب ١ : ٢٩٦ ـ ٨٦٨ و ٨٦٩.
(٢) المجموع ٥ : ١٩٤ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.
(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٢١ ـ ٩٩٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٦٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٠ ـ ٤٠١.
(٤) المغني ٢ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٨.
(٥) المغني ٢ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.
(٦) في المصدر : يكفن.
(٧) الكافي ٣ : ١٤٥ ـ ١١ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ ـ ٨٥٨.
(٨) التهذيب ١ : ٣٠٦ ـ ٨٨٧.
من الحنك ، ويلقيان على صدره ـ ذهب إليه علماؤنا ـ لأن المطلوب ستر الميت ، والعمامة ساترة ، وقول الصادق عليهالسلام : « وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي » وقال : « خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ، ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفيها على صدره » (١) وقال الباقر عليهالسلام : « أمر النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعمامة ، وعمم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومات أبو عبيدة الحذاء ، فبعث الصادق عليهالسلام معنا بدينار وأمرنا أن نشتري به حنوطا وعمامة ففعلنا ، وقال : « العمامة سنّة » (٢).
ولم يستحبها الجمهور (٣) ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة (٤) ، وهو غير مناف ، لأن المراد أن العمامة ليست أحد الثلاثة.
تذنيب : العمامة ليست من الكفن ، فلو سرقها النباش لم يقطع وإن بلغت النصاب ، لأن القبر حرز الكفن دون غيره.
مسألة ١٦٢ : ويستحب أن تزاد المرأة على الخمسة ، لفافتين أو لفافة ونمطا فيكون المستحب لها سبعة.
قال الباقر عليهالسلام : « يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع ، ومنطق ، وخمار ، ولفافتين » (٥). وسأل
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٩.
(٢) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ـ ٨٥٤.
(٣) الام ١ : ٢٦٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦ ، العدة شرح العمدة : ١١٦ ، سبل السلام ٢ : ٥٤٣.
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٥٨ ، الموطأ ١ : ٢٢٣ ـ ٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٦٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٩.
(٥) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٥.
بعض أصحابنا كيف تكفن المرأة؟ فقال : « كما يكفن الرجل ، غير أنها تشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر ، وتشد إلى ظهرها » (١).
والمراد بالنمط ثوب فيه خطط ، مأخوذ من الأنماط وهي الطرائق (٢).
وتعوض عن العمامة بقناع ، لقول الصادق عليهالسلام : « تكفن المرأة في خمسة أثواب ، أحدها : الخمار » (٣) ، والخمار هو القناع لأنه يخمر به الرأس.
تذنيب : ظهر مما قلناه أن الكفن الواجب في الذكر والأنثى ثلاثة أثواب ، والمستحب في الرجل خمسة ، وفي الأنثى سبعة ، ولا يجوز الزيادة على ذلك لما فيه من إضاعة المال.
وقال الشافعي : الواجب في الكفن ستر العورة ، والمستحب ثلاثة ، والجائز خمسة ، والمكروه ما زاد (٤) ، واستحب أكثر الجمهور كفن المرأة في خمسة أثواب ، واختلفوا.
فللشافعي قولان ، أحدهما : قميص ، ومئزر ، ولفافة ، ومقنعة ، وخامسة يشد بها فخذاها ، لزيادتها في حال الحياة في الستر على الرجل ، لزيادة عورتها على عورته ، فكذا بعد الموت ، ولم يكره لها المخيط كما لم
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٤.
(٢) النمط : نوع من الثياب المصبغة بألوان من حمرة أو خضرة أو صفرة .. والنمط : الطريقة والجمع أنماط. لسان العرب ٧ : ٤١٧ « نمط ».
(٣) الكافي ٣ : ١٤٦ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٦.
(٤) الأم ١ : ٢٦٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٣ و ١٣٥ ، السراج الوهاج : ١٠٥.
يكره حال إحرامها ، وكرهوه في الرجل ، والثاني : أن الخمسة : إزار ، ودرع ، وخمار ، ولفافتان (١).
وقال أحمد : لا خمار في كفن الجارية ، لأنه غير واجب في صلاتها ، وعنى بها ـ في رواية ـ ما لم تبلغ ، وفي أخرى : ما لم تبلغ تسع سنين (٢).
مسألة ١٦٣ : الكفن الواجب يخرج من صلب المال بإجماع العلماء إلا من شذّ من الجمهور ، فإنهم جعلوه من الثلث (٣).
وقال طاوس : إن كان ماله كثيرا فمن الأصل ، وإن كان قليلا فمن الثلث لأن ما زاد على ستر العورة ليس بواجب ، فيجب من الثلث كتبرعه (٤). وهو خطأ لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في الذي وقصت (٥) به راحلته : ( كفنوه في ثوبيه ) (٦) ولم يسأل عن ثلثه.
ولأن جماعة من الصحابة لم تكن لهم تركة إلا قدر الكفن ، فكفنوا به كحمزة ، ومصعب بن عمير (٧).
ولأن الميراث بعد الدين والمئونة مقدمة على الدين.
__________________
(١) مختصر المزني : ٣٧ ، المجموع ٥ : ٢٠٥ و ٢٠٨.
(٢) المغني ٢ : ٣٤٨ ـ ٣٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.
(٣) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٧.
(٤) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٥ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٧.
(٥) وقصت به ناقته : وقع عنها فكسرت عنقه. النهاية ٥ : ٢١٤ مادة « وقص ».
(٦) صحيح البخاري ٢ : ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ ـ ١٢٠٦ ، مسند أحمد ١ : ٣٣٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٢ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٩ ـ ٣٢٣٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ ـ ٣٠٨٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٩٥ ـ ٢٦٤.
(٧) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ـ ٩٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤٠ ، وانظر عمدة القارئ ٨ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥.
ولقول الصادق عليهالسلام ، « ثمن الكفن من جميع المال » (١).
ونمنع اعتبار الواجب في الساتر ، ولا فرق بين أن يوصي به أو لا.
أما ما عدا الواجب : فإن اتفقت الورثة عليه ولا دين ، أو كان ووافق أربابه أو أوصى به وهو يخرج من الثلث ، فإنه ماض.
ولو تشاح الورثة اقتصر على الواجب ، وللشافعية وجهان في مضايقة الورثة في الثوبين الزائدين على الواحد (٢) (٣) ، ولو أوصى بإسقاط الزائد على الواجب نفذت وصيته ، ولو أوصى بالمستحب نفذت وصيته من الثلث.
ولو ضائق أصحاب الديون المستغرقة في الزائد على الواجب لم يخرج وللشافعية وجهان ، أحدهما : أنهم لا يجابون ، ويكفن في ثلاثة كالمفلس تترك عليه ثياب تجمله ، وأظهرهما : الإجابة لحصول الستر وزيادة حاجته إلى براءة ذمته من التجمل (٤) ، ولو ضايقوا في الواجب أخرج.
مسألة ١٦٤ : محل كفن الرجل التركة لأنها من جملة المئونة ، وهو إجماع ، ولو لم يخلف شيئا لم يجب على أحد بذل الكفن عنه ، قريبا كان أو بعيدا ، إلا المملوك ، للبراءة الأصلية.
وقال الشافعي : يجب على من تجب عليه النفقة كالقريب والسيد (٥).
واما المرأة فإن كفنها على زوجها عند علمائنا ، سواء كانت موسرة أو
__________________
(١) الكافي ٧ : ٢٣ ـ ١ ، الفقيه ٤ : ١٤٣ ـ ٤٩٠ ، التهذيب ١ : ٤٣٧ ـ ١٤٠٧.
(٢) في نسخة ( م ) : الواجب.
(٣) الام ١ : ٢٦٧ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٣.
(٤) المجموع ٥ : ١٩٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤.
(٥) المجموع ٥ : ١٩٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٨.
معسرة ـ وهو أصح وجهي الشافعية (١) ـ لقول علي عليهالسلام : « على الزوج كفن امرأته إذا ماتت » (٢) ولثبوت الزوجية إلى حين الوفاة ، فيجب الكفن ، ولأن من وجبت نفقته وكسوته في الحياة وجب تكفينه عند الممات كمملوكه ، فكذا زوجته.
والثاني : عدم الوجوب على الزوج ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد ـ لأنّ النفقة تتبع التمكين من الاستمتاع وقد انقطعت بالموت (٣).
وأمّا المملوك فيجب كفنه على مولاه بالإجماع ، لاستمرار حكم رقيته إلى الوفاة.
تذنيب : لو لم يخلف الميت شيئا دفن عاريا ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن بل يستحب ، نعم يكفن من بيت المال إن كان ، وكذا الماء والكافور والسدر وغيره.
مسألة ١٦٥ : ويستحب أن تجعل معه في الكفن جريدتان ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ ولم يستحبه غيرهم لقول النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : ( خضّروا صاحبكم ) (٤) أي اجعلوا معه جريدة خضراء.
ومن طريق الخاصة قول الصادق عليهالسلام : « يوضع للميت جريدة في اليمين والأخرى في اليسار ، فإن الجريدة تنفع المؤمن والكافر » (٥).
__________________
(١) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٨.
(٢) التهذيب ١ : ٤٤٥ ـ ١٤٣٩.
(٣) الكفاية ٢ : ٧٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٨ ، القوانين الفقهية : ٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩٢. المجموع ٥ : ١٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤.
(٤) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٨٨ ـ ٤٠٨.
(٥) الكافي ٣ : ١٥١ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٨٩ ـ ٤٠٩ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٤.
فروع :
أ ـ يستحب أن تكونا رطبتين ، لأن القصد استدفاع العذاب ما دامت الرطوبة فيهما ، قيل للصادق عليهالسلام : لأي شيء تكون مع الميت جريدة؟ قال : « تجافى عنه ما دامت رطبة » (١).
ب ـ يستحب أن تكون من النخل فإن تعذر فمن السدر ، فإن تعذر فمن الخلاف ، فإن تعذر فمن شجر رطب ، ولو حصلت تقية وضعت الجريدتان في القبر ، فإن تعذر فلا بأس بتركهما.
ج ـ يستحب جعل إحداهما مع ترقوته من جانبه الأيمن يلصقها بجلده والأخرى من الجانب الأيسر بين القميص والإزار ، قاله الشيخان (٢) ، وقال ابن أبي عقيل : إحداهما تحت إبطه الأيمن (٣). وقال علي بن بابويه : تجعل اليمنى مع ترقوته ، واليسرى عند وركه بين القميص والإزار (٤) ، والوجه الأول ، لرواية جميل (٥).
د ـ يستحب أن تكون قدر كل واحدة قدر عظم الذراع ، وفي رواية : قدر شبر (٦).
مسألة ١٦٦ : كره علماؤنا أجمع تجمير الأكفان ، وهو تبخيرها بالعود (٧) لعدم
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٥٣ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ٨٨ ـ ٤٠٤ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٥.
(٢) المقنعة : ١١ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.
(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٧.
(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٧.
(٥) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٧.
(٦) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٧.
(٧) ورد في نسخة ( ش ) : بالبخور.
الأمر الشرعي به ، ولما فيه من تضييع المال ، ولقول الصادق عليهالسلام : « لا تجمروا الكفن » (١) وقال عليهالسلام : « قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لا تجمروا الأكفان ، ولا تمسوا موتاكم بالطيب إلا بالكافور ، فان الميت بمنزلة المحرم » (٢).
واستحب الجمهور التجمير (٣) ، بأن يترك العود على النار في مجمرة ، ثم يبخر به الكفن حتى تعبق (٤) رائحته بعد أن يرش عليه ماء الورد ، ويكون العود ساذجا ، لأن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : ( إذا جمرتم الميت فاجمروه ثلاثا ) (٥) ، وهو يدل على الجواز ، ونحن لا نمنع منه.
البحث الثاني : الكيفية
مسألة ١٦٧ : يجب الحنوط ، وهو أن يمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه ـ وهو أحد قولي الشافعي (٦) ـ لأنها مواضع شريفة ، وإجماع علمائنا عليه ، قال المفيد : أقل ما يحنّط به الميت درهم ، وأفضل منه أربعة مثاقيل ، والأكمل ثلاثة عشر درهما وثلث (٧) ، لأن جبرئيل نزل بأربعين درهما
__________________
(١) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٤ ـ ٨٦٢ ، الإستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٤.
(٢) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ـ ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٥ ، علل الشرائع : ٣٠٨ باب ٢٥٨ ، الخصال : ٦١٨ ـ ١٠.
(٣) الام ١ : ٢٦٦ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، مسائل أحمد : ١٤٨ ، المغني ٢ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٧ ، العدة شرح العمدة : ١١٦ ، كشاف القناع ٢ : ١٠٦ ، مختصر المزني : ٣٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٩ ـ ٦٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٧ ، اللباب ١ : ١٢٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩١.
(٤) عبقت رائحة المسك : ظهرت. مجمع البحرين ٥ : ٢١٠ « عبق ».
(٥) مسند أحمد ٣ : ٣٣١ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٥.
(٦) الام ١ : ٢٦٥ ، مختصر المزني : ٣٦ ، المجموع ٥ : ١٩٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨ ـ ١٣٩.
(٧) المقنعة : ١١.
من كافور الجنة ، فقسمه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بينه وبين علي عليهالسلام ، وفاطمة عليهاالسلام أثلاثا (١) ، وروى علي بن إبراهيم ـ رفعه ـ في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث (٢).
فروع :
أ ـ لا يقوم غير الكافور مقامه عندنا وسوغ الجمهور المسك (٣) ، وقد بيّنا أنه كالمحرم.
ب ـ لو تعذر الكافور سقط الحنوط ، لعدم تسويغ غيره.
ج ـ لا يجب استيعاب المساجد بالمسح.
د ـ لعلمائنا قولان في أن كافور الغسلة من هذا المقدر الشرعي.
مسألة ١٦٨ : يستحب أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه ، فإن لم يفعل استحبّ له أن يتوضأ وضوء الصلاة ، لأن الغسل من المس واجب فاستحبت الفورية ، فإن لم يتفق غسل يديه إلى ذراعيه ، لأنه استظهار في التطهير ، ولقول العبد الصالح عليهالسلام : « يغسل الذي غسله يديه قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات ، ثم إذا كفنه اغتسل » (٤).
تذنيب : الأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينو رفع الحدث.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٩٠ ذيل الحديث ٤١٨ ، علل الشرائع : ٣٠٢ باب ٢٤٢.
(٢) الكافي ٣ : ١٥١ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ ـ ٨٤٥.
(٣) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٣٨ ، المجموع ٥ : ٢٠٢ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٧ ، المغني ٢ : ٣٤٢ ، إرشاد الساري ٢ : ٣٨٦ ، بلغة السالك ١ : ١٩٦ ، كشاف القناع ٢ : ١٠٦ ، شرح الأزهار ١ : ٤٢٢.
(٤) التهذيب ١ : ٤٤٦ ـ ١٤٤٤ ، الإستبصار ١ : ٢٠٨ ـ ٧٣١.
مسألة ١٦٩ : ويستحب أن يطيب الكفن بالذريرة ـ وهي الطيب المسحوق ـ قال بعض علمائنا : إنها نبت يعرف بالقمحان (١) ، وعلى الاستحباب إجماع أهل العلم ، وقال الصادق عليهالسلام : « وتبسط اللفافة طولا ، ويذر عليها من الذريرة » (٢).
ويستحب أن يكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين : انه يشهد الشهادتين ، ويسمي الأئمة عليهمالسلام واحدا واحدا ، لأن الصادق عليهالسلام كتب في حاشية كفن ولده إسماعيل « إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله » (٣) ويكون ذلك بتربة الحسين عليهالسلام ، فإن تعذر فبالإصبع ، ويكره أن يكتب بالسواد.
مسألة ١٧٠ : يستحب أن يجعل بين أليتيه شيء من القطن المنزوع الحب لئلا يخرج منه شيء ، واختلف في كيفيته ، فقال الشيخ : يحشى القطن في دبره (٤). وقال ابن إدريس : يوضع على حلقة الدبر من غير حشو (٥).
وقال الشافعي : ثم يدخله بين أليتيه إدخالا بليغا ويكثر ذلك (٦).
وقال أصحابه : ليس المراد إدخال القطن في دبره ، بل بين أليتيه ، والمبالغة يريد الإيصال إلى الحلقة (٧) وهو الأحوط (٨) عندي احتراما للميت ،
__________________
(١) هو المفيد في المقنعة : ١١ ، وابن إدريس في السرائر : ٣٢.
(٢) التهذيب ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٧.
(٣) التهذيب ١ : ٢٨٩ ـ ٨٤٢.
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.
(٥) السرائر : ٣٢.
(٦) الام ١ : ٢٨١ ، مختصر المزني : ٣٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ٢٠٠.
(٧) المجموع ٥ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.
(٨) في نسخة ( م ) : الأجود.
لما في الحشو من تناول حرمته ، نعم إن خاف خروج شيء منه حشاه في دبره.
مسألة ١٧١ : ثم يشد فخذيه بالخامسة ، ويضم فخذيه ضما شديدا بعد أن يحشو الدبر قطنا ، وعلى المذاكير ، ويلفها في فخذيه ، ثم يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، ويغمزها في الموضع الذي لفّ فيه الخرقة ويلف فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا ، وبه قال الشافعي (١) ، واستحبه أحمد في المرأة خاصة (٢) ، وقد تقدم (٣) ، وهذا مستحب وليس بواجب إجماعا.
مسألة ١٧٢ : ثم يأخذ الإزار فيؤزره به ، ويكون عريضا يبلغ من صدره إلى الرجلين ، فإن نقص عنه لم يكن به بأس ، ويحنط مساجده بالكافور كما تقدم (٤) ، فإن فضل شيء من الكافور مسح به صدره ، ثم يرد القميص عليه ، ويأخذ الجريدتين ، ويجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده ، والأخرى من الأيسر ما بين القميص والإزار ، ويعممه فيأخذ وسط العمامة فيلفها على رأسه بالدور ويحنكه بها ، ويطرح طرفيها جميعا على صدره ، ولا يعممه عمة الأعرابي بغير حنك ، ثم يلفه في اللفافة ، فيطوي جانبها الأيسر على جانبه الأيمن ، وجانبها الأيمن على جانبه الأيسر ، ثم يصنع بالحبرة أيضا مثل ذلك ، فإن لم توجد حبرة استحب التعويض بلفافة أخرى ، ويعقد طرفها مما يلي رأسه ورجليه ، والواجب من ذلك أن يؤزره ، ثم يلبسه القميص ، ثم يلفه بالإزار.
وقال الشافعي ، وأحمد : يبسط أحسن اللفائف وأوسعها ، ويذر عليها حنوطا ، ثم الثانية ، ويذر عليها الحنوط ، ثم الثالثة ، ويذر عليها الحنوط في
__________________
(١) المجموع ٥ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨.
(٢) مسائل أحمد : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٣٤٦ ـ ٣٤٨.
(٣) تقدم في المسألة ١٦٠.
(٤) تقدم في المسألة ١٦٧.