الحسن بن يوسف بن علي المطّهر [ العلامة الحلّي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-197-4
الصفحات: ٤٨٥
وكذا يصحّ لو شرط إعماره إيّاها ، لأنّه شرط مرغب فيه يصحّ الابتداء به ، فصحّ جعله شرطا في عقد قابل للشروط. فعلى هذا لو أطلق الإعمار ، احتمل البطلان ، لأنّه كما ينصرف إلى عمر البائع ينصرف إلى عمر المشتري ولا أولويّة.
ولو شرط الإسكان ، صحّ وإن كان مطلقا ، وله إخراجه متى شاء ، للوفاء بمطلق الشرط. وفرق بين أن يشرط له سكناها من غير تعيين مدّة وبين أن يشرط الإسكان ، لأنّ الثاني شرطه التقرّب إلى الله تعالى ، بخلاف الأوّل.
هـ ـ لو باعه بشرط أن لا يسلّم المبيع حتى يستوفي الثمن ، فالأقوى الصحّة ، لأنّه كشرطه الرهن.
وقال الشافعي : إن كان الثمن مؤجّلا ، بطل العقد. وإن كان حالاّ ، يبنى على أنّ البداءة في التسليم بمن؟ فإن جعل ذلك من قضايا العقد ، لم يضرّ ذكره ، وإلاّ فسد العقد (١).
و ـ لو قال لغيره : بع عبدك من زيد بألف على أن عليّ خمسمائة ، فباعه على هذا الشرط ، صحّ البيع عندنا ، لأنّه شرط سائغ لا يوجب جهالة في المبيع ولا في الثمن ، فكان لازما.
ولابن سريج من الشافعيّة قولان :
أظهرهما : أنّه لا يصحّ البيع ، لأنّ الثمن يجب جميعه على المشتري ، وهاهنا جعل بعضه على غيره.
والثاني : نعم ، ويجب على زيد ألف وعلى الآمر خمسمائة ، كما لو
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.
قال : ألق متاعك [ في البحر ] (١) على أن عليّ كذا (٢).
والوجه : أن نقول : إن قصد الآمر الضمان من الثمن ، كان ضمانا متبرّعا به صحيحا. وإن قصد الجعالة ، لزمه مع الفعل ، وعلى المشتري ألف كاملة.
وكذا لو قال : بعه منه بألف على أنّ الألف عليّ ، صحّ ، وكان الثمن لازما له بمجرّد الضمان المتبرّع به ، ولا يرجع على المشتري ، ولا يجب على المشتري للبائع شيء.
ز ـ لو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أزيدك صاعا ، وقصد هبة صاع أو بيعه من موضع آخر ، بطل عندنا ، للجهل بالصبرة ، فلو علما بها (٣) ، صحّ البيع عندنا.
والشافعي لمّا جوّز بيع الصبرة منع البيع هنا على تقدير إرادة الهبة أو بيعه القفيز من موضع آخر ، لأنّه شرط عقد (٤) في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت عشرة اصع ، أخذت تسعة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولة ، لم يصح عنده أيضا ، لأنّه لا يدري حصّة كلّ صاع. وإن كانت معلومة ، صحّ. وإن كانت عشرة ، فقد باع كلّ صاع وتسعا بدرهم (٥).
ولو قال : بعتك هذه الصبرة كلّ صاع بدرهم على أن أنقصك صاعا ،
__________________
(١) ما بين المعقوفين من العزيز شرح الوجيز وروضة الطالبين.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٦ ـ ١٣٧ ، وفي روضة الطالبين ٣ : ٧٥ من دون نسبة إلى ابن سريج.
(٣) في « ق ، ك » : علماها.
(٤) في « ق ، ك » : عقدا.
(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٢٢٢ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٤.
فإن أراد ردّ صاع إليه ، فهو فاسد عند الشافعي ، لأنّه شرط عقدا في عقد. وإن أراد أنّها إن خرجت تسعة اصع أخذت عشرة دراهم ، فإن كانت الصيعان مجهولة ، لم يصح عندنا وعنده. وإن كانت معلومة ، صحّ عنده ، فإذا كانت تسعة اصع ، فيكون كلّ صاع بدرهم وتسع (١).
وبعض الشافعيّة منع من الصحّة مع العلم أيضا ، لأنّ العبارة لا تبنى على الحمل (٢) المذكور (٣).
ح ـ لو قال : بعتك هذه الدار أو هذه الأرض بكذا ، صحّ البيع مع المشاهدة وإن جهل قدرهما. وكذا لو قال : بعتك نصفها أو ربعها أو غيرهما (٤) من الأجزاء المشاعة.
ولو قال : بعتك هذه الأرض كلّ ذراع بدرهم ، فإن علما قدر الذّراعان ، صحّ البيع ، وإلاّ بطل.
وقال أبو حنيفة : يبطل مطلقا ولا في ذراع واحد ، بخلاف الصبرة ، فإنّه (٥) يجوز فيها إطلاق القفيز ، والأرض لا يجوز فيها إطلاق الذراع (٦).
وقال الشافعي : يصحّ مع المشاهدة (٧).
ولو قال : بعتك من هذه الأرض عشرة أذرع ، لم يصحّ ، لاختلاف
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.
(٢) كذا في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة ، وفي العزيز شرح الوجيز : لأنّ العبارة لا تنبئ عن المجمل. وفي المجموع وروضة الطالبين : لقصور العبارة عن الحمل ـ المحمل.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ، المجموع ٩ : ٣١٥.
(٤) في « ق ، ك » : غيره.
(٥) في « ق ، ك » : « لأنّه » بدل « فإنّه ».
(٦) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨.
(٧) حلية العلماء ٤ : ١٠٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٣٣ ـ ٣٤.
أجزائها ، والجملة غير معلومة ، فلا يمكن أن تكون معيّنة ولا مشاعة.
ط ـ لو باعه شيئا وشرط فيه قدرا معيّنا ، فأقسامه أربعة ، لأنّه إمّا أن يكون مختلف الأجزاء أو متّفقها ، وعلى التقديرين فإمّا أن ينقص المقدار عن الشرط أو يزيد :
الأوّل : أن يبيع مختلف الأجزاء ـ كالأرض والثوب ـ وينقص ، كأن يبيع أرضا معيّنة على أنّها عشرة أذرع أو ثوبا كذلك فنقص ذراعا.
قال علماؤنا : يتخيّر المشتري بين الفسخ والإمضاء. وبه قال أبو حنيفة والشافعي في أحد القولين (١).
أمّا الصحّة : فلصدور العقد من أهله في محلّه جامعا للشروط فكان صحيحا. وللعموم السالم عن معارضة ما يقتضي البطلان ، ونقص الجزء كنقص الصفة.
وأمّا الخيار : فللنقص ، وهو عيب.
والقول الآخر للشافعي : البطلان ، لأنّ قضيّة قوله : « بعتك هذه الأرض » اختصاص البيع بهذه الأرض وعدم تناوله لغيرها ، وقضيّة الشرط أن تدخل الزيادة (٢) في البيع ، فوقع التضادّ. لكنّ الأظهر عندهم : الأوّل (٣) ، كما اخترناه.
إذا تقرّر هذا ، فنقول : إذا اختار المشتري البيع ، فهل يجيز بجميع الثمن أو بالقسط؟ لعلمائنا قولان.
__________________
(١) الهداية ـ للمرغيناني ـ ٣ : ٢٣ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤ ـ ٧٥.
(٢) أي : الذراع الواحد الناقص. وفي العزيز شرح الوجيز : أن لا تدخل الزيادة.
فلاحظ.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٤.
أحدهما : بجميع الثمن ـ وهو أظهر قولي الشافعي (١) ـ لأنّ المتناول بالإشارة تلك القطعة لا غير وإن كان الأظهر عنده (٢) في الصبرة الإجازة بالقسط ، لأنّ صبرة الطعام إذا كانت ناقصة عن الشرط وأجزاؤها متساوية ، يكون ما فقده مثل ما وجده ، وفي الثوب أو القطعة من الأرض لم يكن ما فقده مثل ما وجده. ولأنّه في الصبرة لا يؤدّي تقسيط ذلك إلى جهالة الثمن في التفصيل وإن كان في الجملة مجهولا ، وأمّا الثوب أو القطعة فإنّه إذا قسّم الثمن على قيمة ذرعانه وجعل الفائت مثل واحد منها ، أدّى إلى أن يكون الثمن حالة العقد مجهولا في الجملة والتفصيل.
لا يقال : أليس إذا وجد عيبا وقد حدث عنده عيب ، أخذ أرشه ، فصار الثمن مجهولا في الجملة والتفصيل؟
لأنّا نقول : ذلك لا يؤثّر في العقد ، لأنّه وقع في الابتداء على الجملة ، وصحّ بها ، ولهذا لا يسقط منه شيء مع إمكان الردّ ، وهنا يكون واقعا في الابتداء على ما ذكرنا.
لا يقال : لم لا قسّمتموه على عدد الذّرعان؟
لأنّا نقول : ذرعان الثوب تختلف ، ولهذا لو باع ذراعا منه ولم يعيّن موضعه ، لم يجز.
والثاني : أنّه يتخيّر بين الفسخ والإمضاء بحصّته من الثمن ، ولا يقسّط بالنسبة إلى الأجزاء ، لاختلافها ، بل بالنسبة من القيمة حال كمالها ونقصها.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
(٢) انظر : العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩ ، وروضة الطالبين ٣ : ٣٤ ، وحلية العلماء ٤ : ١٠٩.
وللشيخ قول : إنّه إذا كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض ، وجب عليه أن يوفيه منها (١).
وليس بعيدا من الصواب ، لأنّه أقرب إلى المثل من الأرش.
إذا تقرّر هذا ، فنقول : لا يسقط خيار المشتري بأن يحطّ البائع من الثمن قدر النقصان.
الثاني : أن يبيعه مختلف الأجزاء ـ كالأرض والثوب ـ فيزيد على المشترط ، مثل : أن يبيعه على أنّها عشرة أذرع فتخرج أحد عشر ، فالخيار هنا للبائع بين الفسخ والإمضاء للجميع بكلّ الثمن ، ولا يمكن أن يجعل ذراع منه للبائع ، لأنّ ذلك مختلف. ولأنّه يؤدّي إلى الاشتراك ولم يرضيا بذلك.
ويحتمل ثبوت الزيادة للبائع ، فيتخيّر المشتري حينئذ ، للتعيّب بالشركة.
فإن دفع البائع الجميع ، سقط خياره. ويحتمل عدم سقوطه. والأوّل أقوى ، لأنّ زيادة العين هنا كزيادة الصفة ، إذ العقد تناول القطعة المعيّنة ، فزيادة الذراع زيادة وصف ، فيجب على المشتري قبوله ، كما لو دفع إليه أجود.
وللشافعي قولان في صحّة البيع وبطلانه (٢) ، إذ لا يمكن إجبار البائع على تسليم الزيادة ولا المشتري على أخذ ما سمّاه.
فإن صحّحه ، فالمشهور عنده : أنّ للبائع الخيار. فإن أجاز ، فالجميع
__________________
(١) النهاية : ٤٢٠.
(٢) حلية العلماء ٤ : ١٠٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
للمشتري ولا يطالبه للزيادة بشيء (١).
واختار بعض الشافعيّة أنّه لا خيار للبائع ، ويصحّ البيع في الكلّ بالثمن المسمّى ، وينزّل شرطه منزلة ما لو شرط كون المبيع معيبا فخرج سليما ، لا خيار له (٢).
فعلى المشهور لو قال المشتري : لا تفسخ فإنّي أقنع بالقدر المشروط والزيادة لك ، فهل يسقط خيار البائع؟ فيه قولان : السقوط ، لزوال الغبن عن البائع. وعدمه ، لأنّ ثبوت حقّ المشتري على الشياع يجرّ ضررا (٣).
ولو قال : لا تفسخ حتى أزيدك في الثمن لما زاد ، لم يكن له ذلك ، ولم يسقط به خيار البائع عندنا وعند الشافعي (٤) قولا واحدا.
وكذا حكم الثوب والشياه لو باعها على أنّها عشرون رأسا فنقصت أو زادت.
الثالث : أن يكون متساوي الأجزاء وينقص ، فالخلاف هنا كما تقدّم في المختلف ، لكن بعض من خيّر المشتري بين الأخذ بالجميع أو الفسخ هناك جعل له الخيار هنا بين أخذ الحصّة من الثمن والفسخ ، لما مرّ من الفرق.
الرابع : أن يبيع متساوي الأجزاء ويزيد ، فالخلاف الخلاف في المختلف مع الزيادة ، لكن بعض من أبطل البيع أوّلا أو قال بأنّه يأخذ الجميع بالمسمّى خيّر هنا المشتري بين الفسخ والأخذ للمشترط بالمسمّى ، فيردّ الزيادة إلى البائع.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١١٩ ـ ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٠ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٥.
ي ـ لو باع شيئا بشرط نفي خيار المجلس وقبله المشتري ، جاز عندنا ، ولزم البيع والشرط ، لصحّته ، لتضمّنه إسقاط حقّ المشتري من الرجوع فيما وقع صحيحا أو حقّ البائع.
وللشافعيّة طريقان ، أظهرهما : أنّ المسألة على قولين :
الصحّة ، لقوله عليهالسلام : « المتبايعان بالخيار ما لم يتفرّقا إلاّ بيع الخيار » (١) وأراد البيع الذي نفى عنه الخيار واستثناه من قوله : « بالخيار ».
وأصحّهما عندهم : البطلان (٢).
فإن صحّ الشرط ، صحّ البيع ولزم. وإن أبطلنا الشرط ، ففي فساد البيع عندهم وجهان ، أصحّهما عندهم : نعم ، لأنّه شرط ينافي مقتضى العقد ، فأشبه ما إذا قال : بعتك بشرط أن لا أسلّمه (٣).
يأ ـ لو باع الغائب بشرط نفي خيار الرؤية ، فالأقوى عندي : الجواز ، كما لو أسقط خياره لو وجده ناقصا عن شرطه.
وللشافعيّة فيه الخلاف الذي سبق في شرط نفي خيار المجلس.
وأكثرهم قطعوا هنا بفساد الشرط والبيع معا ، لأنّ المشتري لم ير المبيع ولا عرف حاله ، فنفي الخيار فيه يؤكّد الغرر ، بخلاف نفي خيار المجلس ، لأنّه غير مخلّ بمقصود العقد (٤) ، ولا يثبت فيه غرر ، وإنّما أثبته
__________________
(١) صحيح البخاري ٣ : ٨٤ ، صحيح مسلم ٣ : ١١٦٣ ، ١٥٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٧٢ ـ ٢٧٣ ، ٣٤٥٤ ، سنن النسائي ٧ : ٢٤٨ ، سنن البيهقي ٥ : ٢٦٨.
(٢) الوسيط ٣ : ١٠٠ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢١ ـ ١٢٢.
(٤) في العزيز شرح الوجيز هكذا : ونفي خيار المجلس لا يمكن غررا بل هو مخلّ لمقصود العقد. فلاحظ.
الشرع على سبيل الإرفاق بالمتعاقدين ، فجاز أن يكون نفيه غير قادح (١).
يب ـ لو قال لعبده : إذا بعتك فأنت حرّ ، لم يصح ، لبطلان العتق المعلّق عندنا. ويجوز عند الجمهور.
نعم ، يجوز عندنا تعليق نذر العتق كأن يقول : لله عليّ أن أعتقك إذا بعتك.
فعلى ما اختاره الجمهور في الصورة الاولى لو باعه بشرط نفي الخيار ، قالت الشافعيّة : إن قلنا : البيع باطل ، أو قلنا : الشرط صحيح ، لم يعتق.
أمّا على التقدير الأوّل : فلأنّ اسم البيع يقع على الصحيح ولم يوجد.
وأمّا على الثاني : فلأنّ ملكه قد زال والعقد قد لزم ، ولا سبيل له إلى إعتاق ملك الغير.
وإن قلنا : العقد صحيح والشرط باطل ، عتق ، لبقاء الخيار ، ونفوذ العتق من البائع في زمان الخيار (٢).
وقال أبو حنيفة ومالك : لا يعتق إلاّ أن يبيع بشرط الخيار ، لأنّ خيار المجلس غير ثابت عندهما (٣).
وعلى الصورة التي تجوز عندنا ـ وهو النذر ـ لو باعه بشرط نفي الخيار ، لم يصح البيع ، لصحّة النذر ، فيجب الوفاء به ، ولا يتمّ برفع الخيار.
__________________
(١) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.
(٢) حلية العلماء ٤ : ١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، روضة الطالبين ٣ : ١٠٤ ، المجموع ٩ : ١٧٩.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢.
وعلى قول بعض علمائنا ـ من صحّة البيع مع بطلان الشروط ـ يلغو الشرط ، ويصحّ البيع ويعتق.
يج ـ يجوز أن يجمع بين شيئين مختلفين فما زاد في عقد واحد ، كبيع وسلف وإجازة أو بيع ونكاح وإجارة ، أو إجارة وبيع وكتابة ونكاح ، ويقسّط العوض على قيمة المبيع وإجارة المثل ومهر المثل من غير حصر لمهر المثل على إشكال.
ولو كان أحد الأعواض مؤجّلا ، قسّط المسمّى عليه كذلك ، فلو باعه عبدا يساوي عشرة حالاّ وعشرين مؤجّلا إلى سنة مثلا ، وآجره داره مدّة سنة بعشرين وثمن المبيع مؤجّل سنة والعوض عشرون ، قسّط بينهما بالسويّة.
خاتمة تتعلّق بحكم البيع الفاسد :
البيع الفاسد لا يفيد ملكيّة المشتري للمعقود عليه ، سواء فسد من أصله أو باقتران شرط فاسد أو بسبب آخر. ولو قبضه ، لم يملكه بالقبض.
ولو تصرّف فيه ، لم ينفذ تصرّفه فيه ، عند علمائنا أجمع ـ وبه قال مالك والشافعي وأحمد (١) ـ لقوله تعالى ( لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ ) (٢).
وقول الصادق عليهالسلام في الرجل يشتري الجارية من السوق فيولدها ثمّ يجيء مستحقّ الجارية ، فقال : « يأخذ الجارية المستحقّ ، ويدفع إليه المبتاع
__________________
(١) المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، الوجيز ١ : ١٣٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٨ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٧.
(٢) البقرة : ١٨٨.
قيمة الولد ، ويرجع على من باعه بثمن الجارية وقيمة الولد ، التي (١) أخذت منه » (٢).
وقال أبو حنيفة : إن اشترى بما لا قيمة له ـ كالدم والميتة ـ فالحكم كما قلناه.
وإن اشتراه بشرط فاسد أو بما له قيمة في الجملة ـ كالخمر والخنزير ـ ثمّ قبض المبيع بإذن البائع ، ملكه ، ونفذ تصرّفه فيه ، لكن للبائع أن يستردّه بجميع زوائده المتّصلة والمنفصلة.
ولو تلف في يده أو زال ملكه عنه ببيع أو هبة أو إعتاق ، وبالجملة كلّ تصرّف يمنع من الرجوع ، فعليه قيمته إلاّ أن يشتري عبدا بشرط العتق ، فإنّه قال : يفسد العقد ، وإذا تلف في يده ، فعليه الثمن.
ويكره للمشتري التصرّف فيها ، فإن وطئها ، ردّها ومهرها. فإن قال : بعتكها ولم يذكر العوض ، ملكها بالقبض. ولو قال : بعتكها بغير عوض ، لم يملك بالقبض.
واستدلّ بحديث بريرة ، فإنّ عائشة اشترتها واشترطت لمواليها الولاء فقبضتها وأعتقتها ، فأجاز النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم العتق (٣) ، وهذا العقد (٤) فاسد.
ولأنّ المشتري على صفة يملك المبيع ابتداء العقد وقد حصل عليه ضمان بدله من عقد فيه تسليط ، فوجب أن يملكه ، كما لو كان العقد
__________________
(١) في « ق ، ك » والطبعة الحجريّة والاستبصار : « الذي » بدل « التي » وما أثبتناه من التهذيب.
(٢) التهذيب ٧ : ٨٢ ، ٣٥٣ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ ، ٢٨٥.
(٣) صحيح البخاري ٣ : ٢٠٠ ، صحيح مسلم ٢ : ١١٤٢ ـ ١١٤٣ ، ٨ ، سنن البيهقي ١٠ : ٣٣٦ ـ ٣٣٧ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٤٥.
(٤) في « ق ، ك » : وهذا عقد.
صحيحا (١).
وحديث بريرة ممنوع ، سلّمناه ، لكن يحتمل أنّ الشرط وقع قبل العقد أو بعد تمامه ، والبيع الصحيح لا يملك فيه بالقبض ، ويملك عليه فيه المسمّى ، بخلاف المتنازع ، ومع الفرق يبطل القياس.
ثمّ نعارضه بأنّه مبيع مستردّ بزوائده المتّصلة والمنفصلة ، فلا يثبت الملك فيه للمشتري ، كما لو اشترى بدم أو ميتة عنده.
مسألة ١٢٧ : إذا اشترى شراء فاسدا ، وجب عليه ردّه على مالكه ، لعدم خروجه عنه بالبيع ، وعليه مئونة الردّ ، كالمغصوب ، لوجوب ما لا يتمّ الواجب إلاّ به.
وليس للمشتري حبسه لاسترداد الثمن ، وهو أحد قولي الشافعي.
وفي الآخر : له ذلك ، وبه قال أبو حنيفة (٢).
ولا يتقدّم به على الغرماء ، وهو أحد قولي الشافعي. وفي الآخر : يتقدّم ، وبه قال أبو حنيفة (٣).
ويجب عليه أيضا أجرة المثل للمدّة التي كانت في يده ، سواء استوفى المنفعة أو تلفت تحت يده ، لأنّ يده ثبتت عليه بغير حقّ ، فهو كالمغصوب.
ولو زادت العين في يد المشتري زيادة منفصلة كالولد والثمرة ، أو متّصلة كالسمن وتعلّم الصنعة ، وجب عليه ردّ الزيادة أيضا ، لأنّها نماء ملك البائع ، فيتبع الملك ، فإن تلفت الزيادة ، ضمنها المشتري ، وهو أحد وجهي
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٨ ، الحاوي الكبير ٥ : ٣١٦ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٢ ، المجموع ٩ : ٣٧٧ ، المغني ٤ : ٣١٠ ، الشرح الكبير ٤ : ٦٣ ، وليس فيها بعض الفروع المذكورة في المتن.
(٢) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٦٩.
الشافعيّة. وفي الآخر : لا يضمنها المشتري عند التلف (١).
وإن نقصت ، وجب عليه ردّ أرش النقصان ، لأنّ الجملة مضمونة عليه حيث قبضها بغير حقّ. ولأنّه قبضها على سبيل المعاوضة ، فأشبهت المقبوض على وجه السوم.
وإن تلف جميعها ، وجب عليه قيمتها يوم التلف ، كالعارية. ويحتمل يوم القبض. ويحتمل أكثر القيم من حين القبض إلى حين التلف ، كالمغصوب ، فإنّه في كلّ آن مخاطب من جهة الشرع بالردّ.
هذا إذا (٢) لم يكن مثليّا ، وإن كان مثليّا ، وجب ردّ مثله ، لأنّه أقرب إلى العين من القيمة ، ولا يضمن تفاوت السعر ، كما لو كانت العين باقية ودفعها ، لم يضمن تفاوت السوق.
وللشافعي (٣) هذه الأقوال الثلاثة.
ولو أنفق على العبد أو الدابّة مدّة مقامه في يده ، لم يرجع على البائع إن كان عالما بفساد البيع ، لأنّه يكون كالمتبرّع بالإنفاق على مال الغير. وإن كان جاهلا ، رجع ، لأنّ الغارّ هو البائع.
وللشافعي (٤) في الجاهل وجهان هذا أحدهما.
مسألة ١٢٨ : لو كان المبيع بالبيع الفاسد جارية ، لم يجز للمشتري وطؤها ، وبه قال أبو حنيفة والشافعي وإن ذهب أبو حنيفة إلى الملك (٥) بما
__________________
(١) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.
(٢) في « ق ، ك » : « إن » بدل « إذا ».
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.
(٤) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٦ ، المجموع ٩ : ٣٧٠.
(٥) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.
تقدّم من الشروط.
فإن وطئها عالما بالتحريم ، وجب عليه الحدّ مطلقا عندنا ، لأنّه وطئ ملك الغير بغير إذنه مع علمه بالتحريم وانتفاء الشبهة عنه ، إذ التقدير العلم بالتحريم ، فكان زانيا يجب عليه الحدّ.
وللشافعي أقوال :
أحدها : ثبوت الحدّ إن اشتراها بميتة أو دم ، وسقوطه إن اشتراها بما له قيمة ، كالخمر ، والخنزير أو بشرط فاسد ، لاختلاف العلماء ، كالوطي في النكاح بلا وليّ.
والثاني : وجوب الحدّ مطلقا ، لأنّ أبا حنيفة لم يبح الوطء وإن كان يثبت الملك ، بخلاف الوطء في النكاح بلا وليّ.
والثالث : سقوط الحدّ مطلقا ، لأنّه يعتقد أنّها ملكه. ولأنّ في الملك اختلافا (١).
وليس بمعتمد.
ويجب المهر ، سواء سقط الحدّ أو لا ، ولا يسقط بالإذن الذي يتضمّنه التمليك الفاسد.
وقال الشافعي : إذا لم يجب الحدّ يجب المهر (٢) ، لأنّ الحدّ إذا سقط للشبهة لم يسقط المهر.
وهل يشترط في وجوبه عدم علمها (٣) بالتحريم؟ الأقرب عندي :
__________________
(١) انظر : التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٨ ، والعزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، وروضة الطالبين ٣ : ٧٦ و ٧٧ ، والمجموع ٩ : ٣٧٠ و ٣٧١.
(٢) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٧ ـ ٣١٨ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٨ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٣ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.
(٣) في « ق ، ك » بدل « عدم علمها » : « جهلها ».
العدم ، لأنّها ملك الغير ، فلا عبرة بالعلم في طرفها ، بخلاف الحرّة حيث سقط مهرها مع علمها بالتحريم ، لأنّ الجارية هنا مال ، فالتصرّف فيها بالوطي تصرّف في مال الغير بغير إذنه ، فكان عليه عوضه.
ويحتمل السقوط ، لنهيه عليهالسلام عن مهر البغيّ (١).
ثمّ إذا وجب المهر ، لا يخلو إمّا أن تكون ثيّبا أو بكرا ، فإن كانت ثيّبا ، وجب مهر مثلها. وإن كانت بكرا ، وجب مع المهر أرش البكارة. أمّا مهر البكر : فللاستمتاع بها. وأمّا أرش البكارة : فلإتلاف ذلك الجزء.
لا يقال : كيف يجب المهر مع أنّ السيّد أذن في الوطء ، ومعلوم أنّ السيّد لو أذن في وطئ أمته ، لم يجب المهر ، فكيف يجب مع مهر البكر أرش البكارة!؟ مع أنّ الرجل إذا نكح نكاحا فاسدا حرّة وأزال بكارتها أنّه لا يضمن البكارة.
لأنّا نقول : أمّا الإذن فيمنع حصوله من السيّد ، وإنّما ملّكه الجارية ، والتمليك إذا كان صحيحا ، تضمّن إباحة الوطء. وإذا كان فاسدا ، لم يبحه ، فلم يسقط بذلك ضمانه.
والنكاح تضمّن في الحرّة الإذن في الوطء ، لأنّه معقود على الوطء ، والوطء يتضمّن إتلاف البكارة. وليس كذلك البيع ، فإنّه ليس بمعقود على الوطء ، ولهذا يجوز شراء من لا يحلّ وطؤها ولا يصحّ نكاحها. ولأنّها سلّمت نفسها في النكاح لا على وجه الضمان لبدنها ، وهنا البيع يقتضي ضمان البدن ، فافترقا.
لا يقال : إذا أوجبتم مهر البكر ، فكيف توجبون ضمان البكارة وقد
__________________
(١) سنن أبي داود ٣ : ٢٦٧ ، ٣٤٢٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٣٩ ، ١١٣٣ ، و ٥٧٥ ، ١٢٧٦ ، و ٤ : ٤٠٢ ، ٢٠٧١ ، سنن النسائي ٧ : ١٨٩ و ٣٠٩ ، المستدرك ـ للحاكم ـ ٢ : ٣٣.
دخل ضمانها في المهر!؟
لأنّا نقول : إتلاف البكارة إتلاف جزء من البدن ، والمهر ضمان المنفعة ، فلا يدخل أحدهما في الآخر.
لا يقال : إذا ضمن البكارة ، ينبغي أن يجب مهر ثيّب ، لأنّه قد ضمن البكارة ، ويجري مجرى من أزال بكارتها بإصبعه ثمّ وطئها.
لأنّا نقول : إذا وطئها بكرا ، فقد استوفى منفعة هذا الجزء ، فوجب عليه قيمة ما استوفى من المنفعة ، فإذا أتلفه ، وجب ضمان عيبه.
ويحتمل أنّ عليه عشر قيمتها إن كانت بكرا ، ونصف العشر إن كانت ثيّبا ، لما روي عن الصادق عليهالسلام في رجل تزوّج امرأة حرّة فوجدها أمّة ، إلى أن قال : « وإن كان زوّجها وليّ لها ، رجع على وليّها بما أخذته ، ولمواليها عليه إن كانت بكرا عشر قيمتها [ وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها ] (١) بما استحلّ من فرجها » (٢).
فروع :
أ ـ لو حملت هذه الجارية من المشتري ، لحق به الولد ، لأنّه وطئها بشبهة ، فيكون حرّا ، لأنّ الشبهة من جهة الملك ، ولا يمسّه الرقّ ، ولا يثبت عليه ولاء ، بل هو حرّ الأصل. ويجب على الواطئ قيمته للبائع ، لأنّه نماء ملكه وقد حال بينه وبينه بالحرّيّة ، فكان عليه قيمته.
ولقول الصادق عليهالسلام في رجل اشترى جارية فأولدها فوجدت
__________________
(١) ما بين المعقوفين من المصادر.
(٢) الكافي ٥ : ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، ١ ، التهذيب ٧ : ٣٤٩ ، ١٤٢٦ ، الاستبصار ٣ : ٢١٦ ـ ٢١٧ ، ٧٨٧ بتفاوت في بعض الألفاظ.
الجارية مسروقة ، قال : « يأخذ الجارية صاحبها ، ويأخذ الرجل ولده بقيمته » (١).
ب ـ لو نقصت بالولادة ، وجب عليه مع قيمته الولد أرش نقصان الولادة ، ولا يجبر الولد النقصان ، وبه قال الشافعي (٢).
وقال أبو حنيفة : يجبر الولد النقصان (٣).
وسيأتي بطلانه في باب الغصب إن شاء الله تعالى.
ج ـ تعتبر قيمة الولد يوم سقوطه حيّا ، لأنّه وقت الحيلولة بينه وبين صاحبه. ولو سقط ميّتا ، فلا شيء ، لأنّه لا قيمة له حينئذ ، ولا يقوّم قبل سقوطه ، لأنّه لا قيمة له حينئذ ، فإذا لم يكن له قيمة حين سقط ، لم يضمن وهو قبل ذلك لا قيمة له.
لا يقال : لو ضربه أجنبيّ فسقط ميّتا ، وجب عليه الضمان ، وكان للسيّد من ديته أقلّ الأمرين من دية الجنين ومن قيمته حين (٤) سقط.
لأنّا نقول : الواطئ يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيّده ، ووقت الحيلولة حين السقوط وكان ميّتا ، فلم يجب ضمانه. وضمان الضارب قائم مقام خروجه حيّا ، فلهذا ضمنه للبائع ، وإنّما ضمن الأقلّ ، لأنّ دية الجنين إن كانت أقلّ ، لم يضمن أكثر من ذلك ، لأنّه بسبب ذلك ضمن. وإن كانت القيمة أقلّ ، كان الباقي لورثته ، ويطالب به المالك من شاء من الجاني والمشتري.
__________________
(١) الكافي ٥ : ٢١٥ ، ١٠ ، التهذيب ٧ : ٦٥ ، ٢٨٠ ، الاستبصار ٣ : ٨٤ ، ٢٨٦.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.
(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٣٠٢ ، المبسوط ـ للسرخسي ـ ١٣ : ٢٢.
(٤) في الطبعة الحجريّة : « يوم » بدل « حين ».
وقال أبو حنيفة : يعتبر قيمة الولد يوم المحاكمة (١).
د ـ قيمة الولد تستقرّ هنا على المشتري ، أمّا لو اشترى جارية واستولدها فخرجت مستحقّة ، يغرم قيمة الولد ، ويرجع على البائع ، لأنّه غرّه إن كان جاهلا بالحال. وإن علم عدم استحقاق البائع لها ، لم يرجع ، لعدم المقتضي للرجوع.
هـ ـ لو سلّم الجارية المبيعة إلى البائع حاملا فولدت في يد البائع ، ضمن المشتري ما نقص بالولادة. ولو ماتت من ذلك ، ضمن القيمة ، لثبوت السبب في يده ، فكان كوجود المسبّب عنده. وكذا لو أحبل أمة غيره بشبهة فماتت في الطلق.
أمّا لو أكره امرأة حرّة على الزنا فحملت ثمّ ماتت في الطلق ، احتمل الضمان أيضا ، لأنّه سبّب في الإتلاف. وعدمه.
وللشافعي قولان (٢).
فعلى الثاني الفرق : أنّ الولد لم يلحق بالزاني فلم يثبت تكوّنه منه ، وهنا قد ثبت كونه منه.
ولأنّ ضمان المملوك أوسع من ضمان الحرّ ، لأنّه يضمن باليد وبالجناية ، فجاز أن يضمن المملوكة بذلك دون الحرّة.
و ـ هذه الأمة لو حبلت لم تكن (٣) في الحال أمّ ولد ، إذ هي ملك الغير في نفس الأمر.
__________________
(١) الحاوي الكبير ٥ : ٣١٨ ، حلية العلماء ٤ : ١٣٥.
(٢) التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٩ ، العزيز شرح الوجيز ٤ : ٤٩١ ، المجموع ٩ : ٣٧٢.
(٣) في « ق ، ك » : لم تك.
فإن ملكها المشتري بعد ذلك في وقت ما من الدهر ، قال الشيخ : تصير أمّ ولد (١) ، بناء منه على أنّ من أولد من جارية غيره ولدا حرّا ثمّ ملكها فإنّها تصير أمّ ولد ، لأنّها علقت منه بحرّ ، فأشبه مملوكته.
والمعتمد خلافه ، لرواية ابن مارد (٢). ولأنّها حملت منه في ملك غيره ، فأشبهت الأمّة المزوّجة.
وللشافعي قولان (٣).
ولو علقت بمملوك ، لم تصر أمّ ولد إلاّ في مسألة واحدة ، وهي المكاتب إذا وطئ أمته ، فإذا ملكها بعد ذلك ، فالاحتمالان.
وللشافعي القولان (٤) أيضا.
مسألة ١٢٩ : لو باع المشتري فاسدا (٥) ما اشتراه ، لم يصحّ ، لأنّه لم يملكها (٦) بالشراء الأوّل ، ويجب على المشتري الثاني ردّها على البائع الأوّل ، فإن تلفت في يد المشتري الثاني ، كان للمالك أن يطالب بقيمتها من شاء منهما ، لأنّ الأوّل ضامن ، والثاني قبضها من يد ضامنة بغير إذن صاحبها ، فكان ضامنا. ولأنّه دخل فيها على وجه الضمان كالمشتري الأوّل.
ومتى تعتبر القيمة؟ لعلمائنا قولان :
__________________
(١) المبسوط ـ للطوسي ـ ٢ : ١٥٠ ، و ٦ : ١٨٦.
(٢) التهذيب ٧ : ٤٨٢ ـ ٤٨٣ ، ١٩٤٠.
(٣) العزيز شرح الوجيز ٤ : ١٢٤ ، روضة الطالبين ٣ : ٧٧ ، المجموع ٩ : ٣٧١.
(٤) المهذّب ـ للشيرازي ـ ٢ : ٢٠ ، التهذيب ـ للبغوي ـ ٣ : ٥١٩ ، حلية العلماء ٦ : ٢٤٤ ، روضة الطالبين ٨ : ٥٥٣.
(٥) أي المشتري شراء فاسدا.
(٦) تأنيث الضمير هنا وما بعدها باعتبار العين المبيعة.
أحدهما : حين التلف ، وهو الأقوى ، لأنّه قبضها بإذن مالكها فلم يضمن إلاّ يوم التلف ، كالعارية. ولأنّه في كلّ حال مخاطب بردّ العين لا غير ، والقيمة إنّما تعلّقت بذمّته يوم التلف. ولو كانت العين موجودة ، لم يضمن تفاوت القيمة السوقيّة.
والثاني : أنّه يضمنها بالأكثر من قيمتها من حين القبض إلى حين التلف ، لأنّه في كلّ حال مأمور بردّها ، فإذا لم يفعل ، وجب عليه قيمتها في تلك الحال ، كالمغصوب ، ونمنع وجوب القيمة إذا لم يفعل بل إذا تلفت ، والتقدير بقاؤها.
إذا ثبت هذا ، فالحال لا يخلو إمّا أن تكون قيمته في يد الأوّل والثاني على السواء أولا.
فإن كان الأوّل ، رجع بالقيمة على من شاء كما قلناه ، لكن يستقرّ الضمان على الثاني. فإذا رجع المالك عليه ، لم يرجع الثاني على الأوّل بشيء ، لاستقرار التلف في يده.
وإن كان الثاني ، فلا يخلو إمّا أن تكون الزيادة في يد الأوّل بأن كانت تساوي في يده مائتين ثمّ صارت تساوي مائة ثمّ باعها ، فإن رجع على الأوّل ، رجع بمائتين ، ورجع الأوّل على الثاني بمائة. وإن رجع على الثاني ، رجع بمائة ويرجع على الأوّل بالمائة الأخرى ، ولا يرجع الأوّل على الثاني بشيء. وإمّا أن تكون الزيادة في يد الثاني ، فإن رجع على الأوّل ، رجع عليه بالمائة لا غير ، ويرجع علي الثاني بالمائة الزائدة ، لحصولها في يده وتلفها في يده ، ويرجع الأوّل على الثاني بالمائة الأصليّة التي أخذها المالك منه. وإن رجع على الثاني ، رجع عليه بالمائتين ، ولا يرجع على الأوّل بشيء.