الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧
بسم الله الرحمن الرحيم
سُبحانكَ أنتَ وَلِيُّنا مِنْ دونِهِمْ ، وَاجعَلْ لَنا مِنْ لَدُنكَ وَلِيّا واجعَلْ لنَا مِنْ لَدُنكَ نَصيراً ، يا أيّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الحَقُّ مِن رَبِّكم فَمَنِ اهتَدى فَإنَّما يَهتَدي لِنَفسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فإنَّما يَضِلُّ عَليها وَمَا أنا عَليكُمْ بِوَكِيلْ ، وَمَا عَلينا إلاَّ البَلاغ ، قَد جاءكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتابٌ مبِينٌ ، لِيَهلكَ مَنْ هَلكَ عَنْ بَيِّنةٍ ويَحيَى مَن حَيَّ عنْ بيِّنةٍ ، وَيُحَذِّركُمُ اللهُ نفْسَهُ وَأنْ تَقولوا عَلى اللهِ ما لا تَعْلَمُون ، هذا كِتابٌ أنزَلْناهُ مُبَارَكٌ فاتَّبعوُهُ وَاتَّقُوا لَعلّكُمْ تُرحَمُون ، وَلقدْ جِئناكُم بِالحَقِّ وَلكِنَّ أكثَركُمْ لِلحَقِّ كارِهُون ، يَعرفونَ نِعمةَ اللهِ ثُمَّ يُنكِرونَها ، تُحاجّونَ فِيما ليسَ لَكم به عِلمٌ ، إن تَتَّبِعونَ إلاّ الظَنَّ وَإنْ أنتُمْ إلاَّ تَخرُصُون ، لا تَتَّبِعوا أهواءَ قومٍ قَدْ ضَلّوا مِنْ قَبلُ وأضَلُّوا كَثيراً ، أطِيعُوا اللهَ وأطِيعُوا الرَّسُول وأُولي الأمْرِ منكُمْ ، الَّذينَ يُنفِقُونَ أمْوالَهُم باللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرّا وَعَلانيَةً ، وَيُطعِمُونَ الطَّعامَ على حُبِّهِ مِسكيناً وَيَتِيماً وأسِيراً ، الَّذِينَ آمنُوا وَعَملوُا الصّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خيرُ البريَّة.
الأميني
شعراء الغدير
في
القرن التاسع
|
١ ـ ابن العرندس الحلّي ٢ ـ ابن داغر الحلّي ٣ ـ الحافظ البرسي الحلّي |
ـ ٧٢ ـ
ابن العرندس الحلّي
أضحى يميسُ كغصنِ بانٍ في حُلى |
|
قمرٌ إذا ما مرَّ في قلبي حلا |
سلبَ العقولَ بناظرٍ في فترةٍ |
|
فيها حرامُ السحرِ بان محلّلا |
وانحلَّ شدُّ عزائمي لمَّا غدا |
|
عن خصرِهِ بندُ القباءِ محلّلا |
وزها بها كافورُ سالفِ خدِّه |
|
لمّا بريحانِ العذارِ تسلسلا |
وتسلسلتْ عبثاً سلاسلُ صدغِه |
|
فلذاك بتُّ مقيّداً ومسلسلا |
قمرٌ قويمُ قوامِهِ كقناتِهِ |
|
ولحاظُه في القتلِ تحكي المنصلا |
وجناتُه جوريَّةٌ وعيونُه |
|
حوريّةٌ تسبي الغزالَ الأكحلا |
أهوى فواترَها المراضَ إذا رنتْ |
|
وأحبُّ جفنيها المراضَ الغُزَّلا |
جارت وما صفحت على عشّاقه |
|
فتكاً وعاملُ قدِّه ما أعدلا |
ملكت محاسنُهُ ملوكاً طالما |
|
أضحى لها الملكُ العزيزُ مذلّلا |
كِسرى بعينيه الصحاحِ وخدُّه |
|
النعمانُ بالخال النجاشي خوّلا |
كتب العليُّ على صحائفِ خدِّهِ |
|
نوني قسيِّ الحاجبين ومَثّلا |
فرمى بها في عينِ غنجِ عيونِهِ |
|
سهمَ السهامِ أصابَ منِّي المقتلا |
فاعجب لعينِ عبيرِ عنبرِ خالِهِ |
|
في جيمِ جمرةِ خدِّه لن تشعلا |
وسَلا الفؤادَ بحرِّ نيرانِ الجوى |
|
منِّي فذاب وعن هواهُ ما سلا |
فمتى بشيرُ الوصلِ يأتي منجحاً |
|
وأبيتُ مسروراً سعيداً مُقبلا |
ولقد برى منّي السقامَ وبتُّ في |
|
لججِ الغرامِ معالجاً كربَ البلا |
وجرت سحائبُ عبرتي في وجنتي |
|
كدمِ الحسينِ على أراضي كربلا |
الصائمِ القوّامِ والمتصدّق الطعّامِ |
|
أفرس من على فرسٍ علا |
رجلٌ بصيوانِ الغمامةِ جدُّهُ |
|
المختارُ في حرِّ الهجير تظلّلا |
وأبوه حيدرةُ الذي بعلومِهِ |
|
وبفضلهِ شُرِحَ الكتابُ تفصّلا |
والأُمُّ فاطمةُ المطهَّرةُ التي |
|
بالمجدِ تاجُ فخارِها قد كُلّلا |
نسبٌ كمنبلجِ الصباحِ يزينه |
|
حسبٌ شبيه الشمس زاهي المجتلى |
السيّدُ السندُ السعيدُ الساجدُ |
|
السبطُ الشهيدُ المستضامُ المبتلى |
قمرٌ بكت عينُ السماءِ لأجلِهِ |
|
أسفاً وقلبُ الدهرِ باتَ مقلقلا |
تالله لا أنساه فرداً ظامياً |
|
والماءُ ينهلُ منه ذيبانُ الفلا |
والسيّدُ العبّاسُ قد سلبَ العدى |
|
عنه اللباسَ وصيّروه مجدّلا |
والطفلُ شمسُ حياتِه قد أصبحتْ |
|
بالخسفِ في طَفَلٍ وجلّ مؤثّلا (١) |
وبنو أُميّةَ في جسومِ صحابِهِ |
|
قد حطّموا السمرَ اللدان الذبَّلا |
شربوا بكاساتِ القنا خمرَ الفنا |
|
مُزِجَ البلاءُ به فأمسوا في البلا |
وتقاطعتْ أرحامُهمْ وجسومُهمْ |
|
كرماً وأوصلتِ الرؤوسَ الأرجلا |
وتوارثوا من بعد سلبِ نفوسِهم |
|
دارَ المقامةِ في القيامةِ موئلا |
والسبطُ شاكٍ ما له من ناصرٍ |
|
شاكٍ إلى ربِّ السمواتِ العلى |
ظامٍ إلى ماءِ الفراتِ فإن يَرُم |
|
نهلاً يرى البيضَ الصوارمَ منهلا |
والقومُ محدقةٌ عليه بجحفلٍ |
|
كالبحرِ آخرُه يحاكي الأوَّلا |
متلاطمٌ سغبتْ (٢) به أسيافُهمْ |
|
فغدا لهم لحمُ الفوارسِ مأكلا |
ومن العجائبِ أنّه يشكو الظما |
|
وأبوه يسقي في المعادِ السلسلا |
__________________
(١) الطفل من طفلت الشمس : دنت للغروب. المؤثل : الدائم. (المؤلف)
(٢) السغوب والسغب : الجوع. (المؤلف)
حامت عليه للحمامِ كواسرٌ |
|
ظمئت فأشربتِ الحمام دمَ الطلا (١) |
أمستْ به سمرُ الرماحِ وزرقُها |
|
حمراً وشهبُ الخيلِ دُهْماً جفَّلا (٢) |
هاتيك بالدمِ قد صُبغنَ وهذه |
|
صُبغتْ بنقعٍ صبغةً لن تنصُلا |
عقدتْ سنابكُ صافناتِ خيولِهِ |
|
من فوقِ هاماتِ الفوارسِ قسطلا (٣) |
ودجتْ عجاجتُه ومدَّ سواده |
|
حتى أعادَ الصبحَ ليلاً أليلا |
وكأنَّما لمعُ الصوارم تحتَهُ |
|
برقٌ تألّقَ في غمامٍ فانجلى |
جيشٌ ملا فوه الفلا وأتى فلا |
|
أمست سنابكُ خيلِه تفلي الفلا |
أبناءُ من جحدَ الوصيَّ وكذَّب |
|
الهادي النبيَّ وكان حقّا مرسلا |
بذلوا النفوسَ وبدَّلوا من جهلِهمْ |
|
ما ليس في الإسلام كان مبدَّلا |
فمحلّلٌ قد صيّروه محرَّماً |
|
ومحرَّمٌ قد غادروه محلّلا |
وتعمّدوا قتل الوصيِّ وحرّفوا |
|
ما كان أحمدُ في الكتابِ له تلا |
وأتوا إلى قتلِ الحسينِ وأجّجوا |
|
ناراً لهيبُ ضرامِها لن يُصطلى |
فسطا عليهمْ بالنزالِ بعزمةٍ |
|
تذرُ الحسامَ المشرفيَّ مفلّلا |
من فوقِ طرفٍ أعوجيّ سابحٍ |
|
كالبرقِ يسبقُ في سُراه الشمألا (٤) |
فرسٌ حوافرُهُ بغيرِ جماجمِ ال |
|
فرسانِ في يومِ الوغى لن تنعلا |
أضحى بمبيضِّ الصباحِ مجلّلا |
|
وغدا بمسودِّ الظلام مسربلا |
__________________
(١) الكواسر جمع الكاسرة مؤنّث الكاسر : العقاب. الطلا : ولد الظبي ساعة يولد ، الصغير من كلّ شيء. (المؤلف)
(٢) الشهب والشهباء : بياض يتخلّله سواد. الدهمة : السواد. الجفل من جفل الشعر : شعث وثار. (المؤلف)
(٣) السنبك : طرف الحافر ، والجمع السنابك. الصافنات جمع الصافن من الخيل القائم على ثلاث قوائم مطرفاً حافر الرابعة. القسطل : المنية ، الغبار الساطع في الحرب. (المؤلف)
(٤) الطرف من الخيل : الكريم الطرفين. السابح من سبح في الماء : عام وانبسط فيه ، ويستعار لمرّ النجوم وجري الفرس. الشمأل : ريح الشمال. (المؤلف)
وبكفِّهِ سيفٌ جُرازٌ باترٌ |
|
عضبٌ يضمّ الغمدُ منه جدولا (١) |
فقرَ الجماجمَ والطلا بغراره (٢) |
|
من كلِّ كفّارٍ وأبرى المفصلا |
فكأنّه وجوادَه وحسامَه (٣) |
|
يا صاحبيَّ لمن أراد تأمّلا |
شمسٌ على الفلَكِ المدارِ بكفِّهِ |
|
قمرٌ منازلُهُ الجماجمُ والطلا |
والخيلُ محدقةٌ بجيمِ جمالِه |
|
وقلوبهُمْ في الغلي تحكي المرجلا (٤) |
والسبطُ يخترقُ المواكبَ حاملاً |
|
بعزيمةٍ تُردي الخميسَ الجحفلا |
فبسينِ سمرِ الخطّ يطعنُ أنجلاً |
|
وبباءِ بيضِ الهندِ يضربُ أهدلا (٥) |
فتخالُ طاءَ الطعنِ أنّى أعجمتْ |
|
نقطاً وضاد الضربِ كيف تشكّلا |
حتى إذا ما السبطُ آن مماتُهُ |
|
وعليه سلطانُ الحِمامِ توكّلا |
داروا به النفرُ الطغاةُ بنو الزنا |
|
ة العاهراتِ وطبّقوا رحبَ الفلا |
ورماه بعضُ المارقين بعيطلٍ |
|
سهماً فخرَّ على الصعيد مجدّلا |
وأتى بغيُّ بني ضبابٍ صائلاً |
|
بالقسّ تغميض القطامي الأجدلا (٦) |
وجثا على صدرِ الحسين وقلبُهُ |
|
حقداً وعدواناً عليه قد امتلا |
فبرى بسيفِ البغي رأساً طالما |
|
لثمَ النبيُّ ثنيّتيه وقبّلا |
واسودّ قرصُ الشمسِ ساعةَ قتلِهِ |
|
أسفاً وشهبُ الفلك أمست أُفَّلا |
ونعاهُ جبريلٌ وميكالٌ وإس |
|
رافيلُ والعرشُ المجيدُ تزلزلا |
__________________
(١) الجراز بضم المعجمة : السيف القطّاع. الباتر : السيف القاطع والجمع بواتر. العضب : السيف القاطع. (المؤلف)
(٢) الفقر : الحز. الطلا بضم المهملة وكسرها : قشرة الدم. الغرار : حدّ السيف. (المؤلف)
(٣) سبقه إلى مثل هذه البداعة شيخنا علاء الدين الشفهيني بما هو أوسع وأبلغ. راجع : ٦ / ٣٦٢. (المؤلف)
(٤) المرجل : القدر. (المؤلف)
(٥) الأنجل من نجل الرجل نجلا : وسعت عينه وحسنت. الأهدل : المسترخى المشفر أو الشفة. (المؤلف)
(٦) القسّ : السيف. القطامي الأجدل : الصقر.
والطيرُ في الأغصانِ ناحَ مغرّداً |
|
والوحشُ في القيعانِ ناحَ وأعولا |
وأتى الجوادُ ولا جوادٌ فوقَهُ |
|
متوجّعاً متفجِّعاً متوجّلا |
عالي الصهيل بمقلةٍ إنسانُها |
|
باكٍ يسحّ الدمعَ نقطاً مهملا |
فسمعن نسوانُ الحسينِ صهيلَهُ |
|
فبرزن من خَلَلِ المضاربِ ثكّلا |
ينثون من جَون العيون مدامعاً |
|
حمراً على بيض السوالف هُطّلا (١) |
حتى إذا قُتِلَ الحسينُ وأصبحتْ |
|
من بعدِهِ غرُّ المدارسِ عُطّلا |
ومنازلُ التنزيلِ حلَّ بها العزا |
|
ومِن الجليسِ أنيسُ مربعِها خلا |
بغتِ البغاةُ جهالةً سبيَ النسا |
|
وبغت وحقَّ لمن بغى أن يجهلا |
نصبوا بمرفوع القناة كريمةً (٢) |
|
جهراً وجرّوا للمعاصي أذيُلا |
وسروا بنسوته السراةُ بلا ملا |
|
حسرى يلاحظهنّ ألحاظُ الملا |
وغدوا بزينِ العابدين الساجدِ |
|
الحبرِ الأمينِ مقيّداً ومغلّلا |
وسكينةٌ أمستْ وساكنُ قلبِها |
|
متحرّكٌ فيه الأسى لن يرحلا |
وبدالِ دمعِ العينِ منها غرّقتْ |
|
صاد الصعيدِ وأنبتت كاف الكلا |
وديارُهنَّ الآنساتُ بلاقعٌ |
|
أقوتْ (٣) وكنّ بها الأحبّة نزّلا |
والصبر عنِّي ظاعنٌ مترحّلٌ |
|
لمّا شددن على المطيّ الأرحلا |
ومدامعي فوق الخدودِ نوازلٌ |
|
لمّا زممن جمالهنَّ البزَّلا (٤) |
تسري بهنّ إلى الشآمِ عصابةٌ |
|
أمويّةٌ تبغي العطاءَ الأجزلا |
تُرضي يزيد لكي يزيد لها العطا |
|
جهلاً ويتحفها السؤال معجّلا |
__________________
(١) ينثون من نثا نثواً : فرق ونشر. الجون : الأبيض. الأسود ، السوالف : جمع السالفة صفحة العنق ، وسالفة الفرس : ما تقدم من عنقه. هطل المطر : نزل متتابعاً متفرّقاً عظيم القطر فهو هاطل والجمع هطّل. (المؤلف)
(٢) الكريمة : كلّ جارحة شريفة. (المؤلف)
(٣) أقوت الدار : خلت من ساكنيها. (المؤلف)
(٤) زمم الجمال : خطمها. بزل البعير : انشق نابه : فهو بازل والجمع بوازل وبزل. (المؤلف)
فلألعننَّ بني أُميّةَ ما حدا |
|
الحادي وما سرتِ الركائبُ قُفَّلا |
ولألعننَّ زيادَها ويزيدَها |
|
ويزيدُها ربّي عذاباً منزلا |
تبّا لهم فعلوا بآل محمدٍ |
|
ما ليس تفعله الجبابرة الألى |
ولأبكينَّ على الحسينِ بمدمعٍ |
|
قانٍ أبلُّ به الصعيدَ الممحلا |
يا طفُّ طافَ على ثراكَ من الحيا |
|
هامٍ تسير به السحائب جفّلا (١) |
ذو هيدبٍ متراكبٍ مُتلاحمٍ (٢) |
|
عالي البروق يسحُّ دمعاً مُسبلا |
يشفيك إذ يسقيك منه بوابلٍ |
|
عذبٍ له أرَجٌ يحاكي المندلا (٣) |
ثمّ السلامُ من السلامِ على الذي |
|
نُصبت له في خمّ راياتُ الولا |
تالي كتابِ اللهِ أكرمِ من تلا |
|
وأجلِّ من للمصطفى الهادي تلا |
زوجِ البتولِ أخِ الرسولِ مطلّقِ |
|
الدنيا وقاليها بنيرانِ القلا |
رجلٌ تسربل بالعفافِ وحبّذا |
|
رجلٌ بأثوابِ العفافِ تسربلا |
تلقاه يوم السلم غيثاً مُسبلاً |
|
وتراه يومَ الحربِ ليثاً مشبلا |
ذو الراحة اليمنى التي حسناتُها |
|
مدّت على كيوان باعاً أطولا (٤) |
والمعجزاتُ الباهراتُ النيرا |
|
تُ المشرقاتُ المعذراتُ لمن غلا |
منها رجوعُ الشمسِ بعد غروبها (٥) |
|
نبأ تصيرُ له البصائر ذُهّلا |
ولسيرِه فوق البساطِ فضيلةٌ (٦) |
|
أوصافها تُعيي الفصيحَ المقولا |
__________________
(١) الحيا : المطر. هام : فاعل من همى يهمي همياً ، أي سال لا يثنيه شيء. جفل : أي أسرع. والجفيل : الكثير. (المؤلف)
(٢) الهيدب من السحاب : المتدلي الذي يدنو من الأرض. المتلاحم : المتلاصق والمتلائم. (المؤلف)
(٣) الوابل : المطر الشديد. الأرج : الرائحة الطيّبة. المندل بفتح الميم : العود الطيّب الرائحة. (المؤلف)
(٤) كيوان : زحل تحيط به منطقة نيّرة يضرب به المثل في العلو والبعد. الباع : قدر مدّ اليدين. (المؤلف)
(٥) مرّ حديث ردّ الشمس في الجزء الثالث : ص ١٢٦ ـ ١٤١. (المؤلف)
(٦) أخرجها الثعلبي [ في الكشف والبيان : الورقة ٣١٠ سورة الكهف ] ، والفقيه المغازلي [ في مناقب ، علي بن أبي طالب : ص ٢٣٢ ح ٢٨٠ ] ، والقزويني عن ابن عباس وأنس بن مالك ، وستأتي بلفظها في محلها إن شاء الله تعالى. (المؤلف)
وخطابُ أهلِ الكهفِ منقبةٌ غلتْ |
|
وعلتْ فجاوزتِ السماكَ الأعزلا |
وصعودُ غاربِ أحمدٍ فضلٌ له |
|
دونَ القرابةِ والصحابةِ أفضلا |
هذا الذي حاز العلومَ بأسرِها |
|
ما كان منها مجملاً ومفصّلا |
هذا الذي بصَلاتِه وصِلاتِه |
|
للدينِ والدنيا أتمّ وأكملا |
هذا الذي بحسامِه وقناتِه |
|
في خيبرٍ صعبُ الفتوحِ تسهّلا |
وأبادَ مرحبَ في النزالِ بضربةٍ |
|
ألقتْ على الكفّارِ عبئاً مُثقلا |
وكتائبُ الأحزابِ صيّرَ عَمرَها |
|
بدمائِه فوقَ الرمالِ مُرمّلا |
وتبوكُ نازلَ شوسَها فأبادَهمْ |
|
ضرباً بصارمِ عزمةٍ لن يُفللا |
وبه توسّل آدمُ لمّا عصى |
|
حتى اجتباهُ ربُّنا وتقبّلا |
وبه دعا نوحٌ فسارت فلكُه |
|
والأرضُ بالطوفانِ مفعمةٌ ملا |
وبه الخليلُ دعا فأضحتْ نارُه |
|
برداً وقد أذكت حريقاً مُشعلا |
وبه دعا موسى تلقّفتِ العصا |
|
حيّاتِ سحرٍ كُنَّ قِدماً أحبُلا |
وبه دعا عيسى المسيحُ فأنطقَ |
|
الميتَ الدفينَ به وقام من البلا |
وبخمّ واخاه النبيُّ محمدٌ |
|
حقّا وذلك في الكتابِ تنزّلا |
عذلَ النواصبُ في هواه وعنّفوا |
|
فعصيتُهمْ وأطعتُ فيه من غلا |
ومدحتُه رغماً على آنافِهمْ |
|
مدحاً به ربِّي صدا قلبي جلا |
وترابُ نعلِ أبي ترابٍ كلّما |
|
مسَّ القذا عيني يكون لها جلا |
فعليه أضعافُ التحيّةِ ما سرى |
|
سارٍ وما سحَّ السحابُ وأهملا |
سمعاً أميرَ المؤمنين قصائداً |
|
تزدادُ ما مرَّ الزمان تجمّلا |
عربيَّةً نشأت بحلّةِ بابلٍ |
|
فغدت تُخجّلُ بالفصاحة جرولا (١) |
سادت فشادت للعرندسِ صالحٍ |
|
مجداً على هامِ النجومِ مؤثّلا |
__________________
(١) جرول من خطباء العرب وفصحائها المشهورين ، يضرب المثل به في الخطابة فيقال : أخطب من جرول.
وسمت قلوبُ حواسدي وسمت على |
|
(نمّ العذارِ بعارضيه وسلسلا) (١) |
وعلت بمدحِكَ يا عليُّ ووازنت |
|
(لم أبك ربعاً للأحبّة قد خلا) (٢) |
ما يتبع الشعر
ذكر شاعرنا ابن العرندس في قصيدته هذه جملة من مناقب مولانا أمير المؤمنين وقد مرّ تفصيل بعضها ، وستوافيك كلمتنا الضافية في بعضها الآخر ، ونقتصر في المقام على ما أشار إليه بقوله :
وصعودُ غاربِ أحمدٍ فضلٌ له |
|
دون القرابة والصحابةِ أفضلا |
عن عليّ رضى الله عنه قال : «انطلق بي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الأصنام فقال : اجلس. فجلست إلى جنب الكعبة ثمّ صعد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على منكبي ثمّ قال : انهض بي إلى الصنم. فنهضت به فلمّا رأى ضعفي تحته قال : اجلس فجلست وأنزلته عنّي وجلس لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمّ قال لي : يا عليُّ اصعد على منكبي. فصعدت على منكبيه ثمّ نهض بي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فلمّا نهض بي خيّل لي أنّي لو شئت نلت أُفق السماء ، وصعدت على الكعبة وتنحّى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فألقيت صنمهم الأكبرصنم قريش وكان من نحاس موتداً بأوتاد من حديد إلى الأرض ، فقال لي رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : عالجه فعالجته فما زلت أعالجه ورسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول إيه إيه إيه. فلم أزل أعالجه حتى استمكنت منه. فقال : دقّه فدققته وكسرته ونزلت».
وفي لفظ : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : اقذف به. فقذفت به فتكسّر كما تنكسر القوارير ثمّ نزلت. وفي لفظ : ونزوت من فوق الكعبة».
__________________
(١) مطلع قصيدة للشيخ علاء الدين الحلّي المذكورة في الجزء السادس : ص ٣٨٣. (المؤلف)
(٢) هي قصيدة جمال الدين الخلعي المترجم في الجزء السادس : ص ١٢ ـ ١٩ والقصيدة في الإمام السبط الشهيد تقدّر ب (٧٥) بيتاً كما مرّ في ٦ / ١٨. (المؤلف)
وعن جابر بن عبد الله قال : دخلنا مع النبيَّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مكّة وفي البيت وحوله ثلاثمائة وستّون صنماً ، فأمر بها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فأُلقيت كلّها لوجوهها ، وكان على البيت صنم طويل يقال له : هبل. فنظر النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى عليّ وقال له : «يا عليُّ تركب عليَّ أو أركب عليك لأُلقي هبل عن ظهر الكعبة؟ قلت : يا رسول الله بل تركبني ، فلمّا جلس على ظهري لم استطع حمله لثقل الرسالة قلت : يا رسول الله بل أركبك. فضحك ونزل وطأطأ لي ظهره واستويت عليه فوالذي فلق الحبّة وبرأ النسمة لو أردت أن أمسك السماء لأمسكتها بيدي ، فألقيت هبل عن ظهر الكعبة فأنزل الله تعالى : (وَقُلْ جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً) (١).
وعن ابن عبّاس قال : قال النبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لعليّ : «قم بنا إلى الصنم في أعلى الكعبة لنكسره» فقاما جميعاً ، فلمّا أتياه قال له النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : «قم على عاتقي حتى أرفعك عليه» فأعطاه عليٌّ ثوبه فوضعه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على عاتقه ثمّ رفعه حتى وضعه على البيت فأخذ عليٌّ الصنم وهو من نحاس ، فرمى به من فوق الكعبة فنادى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «انزل» فوثب من أعلى الكعبة كأنّما كان له جناحان.
هذه الأثارة أخرجتها أُمّة من الحفّاظ وأئمّة الحديث والتاريخ ، وأخذها منهم رجال التأليف في القرون المتأخّرة وذكروها في كتبهم مرسلين إيّاها إرسال المسلّم من دون أيّ غمز في سندها.
وإليك جملة منهم :
١ ـ أسباط بن محمد القرشي : المتوفّى (٢٠٠) روى عنه أحمد في المسند (٢).
٢ ـ الحافظ أبو بكر الصنعاني : المتوفّى (٢١١) حكاه عنه السيوطي (٣).
__________________
(١) الإسراء : ٨١.
(٢) مسند أحمد : ١ / ١٣٦ ح ٦٤٥.
(٣) جامع الأحاديث : ١٦ / ٢٧٢ ح ٧٩٢٧.
٣ ـ الحافظ ابن أبي شيبة (١) : المتوفّى (٢٣٥) حكاه عنه الزرقاني (٢) والسيوطي.
٤ ـ إمام الحنابلة أحمد : المتوفّى (٢٤١) في مسنده (٣) (١ / ٨٤) بإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات.
٥ ـ أبو عليّ أحمد المازني : المتوفّى (٢٦٣) روى عنه النسائي (٤).
٦ ـ الحافظ أبو بكر البزّار : المتوفّى (٢٩٢) ، كما في الينابيع (٥).
٧ ـ الحافظ ابن شعيب النسائي : المتوفّى (٣٠٣) ، في الخصائص (ص ٣١) (٦).
٨ ـ الحافظ أبو يعلى الموصلي : المتوفّى (٣٠٧) ، في مسنده (٧).
٩ ـ الحافظ أبو جعفر الطبري : المتوفّى (٣١٠) ، كما في جمع الجوامع (٨).
١٠ ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني : المتوفّى (٣٦٠) ، كما في تاريخ الخميس (٩).
١١ ـ الحافظ الحاكم النيسابوري : المتوفّى (٤٠٥) ، في المستدرك (٢ / ٣٦٧) وصححه (١٠).
١٢ ـ الحافظ أبو بكر الشيرازي : المتوفّى (٤٠٧ ، ٤١٠) ، في نزول القرآن من طريق جابر.
__________________
(١) المصنّف : ٨ / ٥٣٤ ح ٩.
(٢) شرح المواهب : ٢ / ٣٣٦.
(٣) مسند أحمد : ١ / ١٣٦ ح ٦٤٥.
(٤) السنن الكبرى : ٥ / ١٤٢ ح ٨٥٠٧.
(٥) ينابيع المودّة : ١ / ١٣٨ باب ٤٨.
(٦) خصائص أمير المؤمنين : ص ١٣٤ ح ١٢٢.
(٧) مسند أبي يعلى : ١ / ٢٥١ ح ٢٩٢.
(٨) جامع الأحاديث : ١٦ / ٢٧٢ ح ٧٩٢٧.
(٩) تاريخ الخميس : ٢ / ٨٦ ـ ٨٧.
(١٠) المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٣٩٨ ح ٣٣٨٧.