علي موسى الكعبي
الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-600-5213-51-5
الصفحات: ٣١١
١ ـ من وصيته لابنه الصادق عليهماالسلام :
قال عليهالسلام : «يا بني ، إذا أنعم اللّه عليك نعمة فقل : الحمد للّه ، وإذا أحزنك أمر فقل : لا حول ولا قوّة إلاّ باللّه العلي العظيم ، وإذا أبطأ عليك الرزق فقل : استغفر اللّه» (١).
٢ ـ ومن وصيته له أيضاً :
قال عليهالسلام : «إن اللّه خبأ ثلاثة أشياء في ثلاثة أشياء : خبأ رضاه في طاعته ، فلا تحقرن من الطاعة شيئاً ، فلعل رضاه فيه ، وخبأ سخطه في معصيته ، فلا تحقرن من المعصية شيئاً ، فلعل سخطه فيه ، وخبأ أولياءه في خلقه ، فلا تحقرن أحداً ، فلعله ذلك الولي» (٢).
٣ ـ من وصيته لجابر :
وهي طويلة جمع فيها مكارم الأخلاق ، اخترنا منها : «يا جابر ، اغتنم من أهل زمانك خمساً : إن حضرت لم تعرف ، وإن غبت لم تفتقد ، وإن شهدت لم تشاور ، وإن قلت لم يقبل قولك ، وإن خطبت لم تزوج. وأوصيك بخمس : إن ظلمت فلا تظلم ، وإن خانوك فلا تخن ، وإن كُذِّبت فلا تغضب ، وإن مُدِحتَ فلا تفرح ، وإن ذُمِمت فلا تجزع ... يا جابر ، استكثر لنفسك من اللّه قليل الرزق تخلصاً إلى الشكر ، واستقلل من نفسك كثير الطاعة للّه إزراء على النفس وتعرضاً للعفو ، وادفع عن نفسك حاضر الشر بحاضر العلم ، واستعمل حاضر
__________________
(١) البيان والتبيين : ٢٥٧.
(٢) كشف الغمة ٢ : ٣٦١ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٨.
العلم بخالص العمل ، وتحرز في خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقّظ ، واستجلب شدة التيقظ بصدق الخوف ... واعلم أنّه لا علم كطلب السلامة ، ولا سلامة كسلامة القلب ، ولا عقل كمخالفة الهوى ، ولا خوف كخوف حاجز ، ولا رجاء كرجاء معين ، ولا فقر كفقر القلب ، ولا غنى كغنى النفس ، ولا قوة كغلبة الهوى ، ولا نور كنور اليقين ، ولا يقين كاستصغارك الدنيا ، ولا معرفة كمعرفتك بنفسك ، ولا نعمة كالعافية ، ولا عافية كمساعدة التوفيق ، ولا شرف كبعد الهمة ، ولا حرص كالمنافسة في الدرجات ، ولا عدل كالإنصاف» (١).
٤ ـ ومن وصيته لمحمد بن مسلم :
«يا محمد بن مسلم ، لا يغرّنك الناس من نفسك ، فإنّ الأمر يصل إليك دونهم ، ولا تقطع النهار عنك كذا وكذا ، فإنّ معك من يحصي عليك ، ولا تستصغرن حسنة تعمل بها ، فإنّك تراها حيث تسوءك ، وأحسن فإنّي لم أرَ شيئاً قط أشدّ طلباً ، ولا أسرع دركاً ، من حسنة محدثة لذنب قديم» (٢).
٥ ـ ومن وصيته لرجل :
عن جعفر بن محمد الصادق ، عن أبيه عليهماالسلام ، قال : «جاءه رجل فقال : أوصني. قال : هيء جهازك ، وقدم زادك ، وكن وصي نفسك» (٣).
__________________
(١) تحف العقول : ٢٨٤.
(٢) علل الشرائع ٢ : ٥٩٩ / ٤٩.
(٣) تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٢.
ثالثاً ـ الرسائل والمكاتيب :
للإمام الباقر عليهالسلام رسائل بعث بها إلى أصحابه ومواليه وغيرهم ، تشتمل على وصايا قيمة في السلوك والآداب ، ويحث فيها على اتباع التقوى والعمل الصالح ، ويشرح حال الأمة بعد رحلة الرسول صلىاللهعليهوآله ، ودور العلماء في تلبية حاجات الأمة ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومواضيع أخرى مختلفة.
وعلى رأس تلك الرسائل ، هناك رسالتان كتبها إلى سعد بن عبد الملك الأُموي نسبا ، المعروف بسعد الخير (١).
كتب أبو جعفر عليهالسلام بعد البسملة ، « أما بعد ، فإني أوصيك بتقوى اللّه ، فإن فيها السلامة من التلف ، والغنيمة في المنقلب ، إن اللّه عزّوجلّ يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله ، ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله ، وبالتقوى نجا نوح ومن معه في السفينة ، وصالح ومن معه من الصاعقة ، وبالتقوى فاز الصابرون ، ونجت تلك العصب من المهالك ... » (٢).
وكتب رسالة ثانية جوابية إلى سعد الخير ، ومنها : «يا أخي ، إن اللّه عزّوجلّ جعل في كل من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون معهم على الأذى ، يجيبون داعي اللّه ، ويدعون إلى اللّه ، فأبصرهم رحمك اللّه ، فإنهم في منزلة رفيعة ، وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة ، أنهم يحيون بكتاب اللّه الموتى ، ويبصرن بنور اللّه من العمى ، كم
__________________
(١) للاطلاع على المزيد من الرسائل ، راجع : معادن الحكمة في مكاتيب الأئمة عليهمالسلام لمحمد بن الفيض الكاشاني.
(٢) الكافي ٨ : ٥٢ / ١٦.
من قتيل لإبليس قد أحيوه ، وكم من تائه ضال قد هدوه ، يبذلون دماءهم دون هلكة العباد ، وما أحسن أثرهم على العباد ، وأقبح آثار العباد عليهم» (١).
١٠ ـ حوارات ومناظرات :
ناظر الإمام الباقر عليهالسلام العديد من أهل النظر والكلام ، وأثبت لهم بصائب الدليل وصحيح البرهان عقائد الإسلام الأصيل ، قال الشيخ المفيد : «ناظر من كان يرد عليه من أهل الآراء ، وحفظ عنه الناس كثيراً من علم الكلام» (٢).
وفيما يلي نماذج من مناظراته المسكتة مع بعض الأعلام في زمانه :
١ ـ نافع بن الأزرق الخارجي :
للإمام الباقر عليهالسلام على المستوى العقائدي مناظرة أفحم فيها نافع بن الأزرق. قال الشيخ المفيد : جاءت الأخبار أن نافع بن الأزرق جاء إلى محمد بن علي عليهماالسلام ، فجلس بين يديه ، فسأله عن مسائل في الحلال والحرام ، فقال له أبو جعفر عليهالسلام : «قل لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين عليهالسلام ، وقد سفكتم دماءكم بين يديه في طاعته والقربة إلى اللّه بنصرته؟! فسيقولون لك : إنّه حكّم في دين اللّه ، فقل لهم : قد حكّم اللّه تعالى في شريعة نبيه صلىاللهعليهوآله رجلين من خلقه فقال تعالى : «فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِن يُّرِيدَا إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا» (٣) وحكّم رسول اللّه صلىاللهعليهوآله سعد بن
__________________
(١) الكافي ٨ : ٥٦ / ١٧.
(٢) الارشاد ٢ : ١٦٣.
(٣) سورة النساء : ٤ / ٣٥.
معاذ في بني قريظة ، فحكم فيهم بما أمضاه اللّه.
أو ما علمتم أن أمير المؤمنين عليهالسلام إنّما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا يتعدّياه ، واشترط ردّ ما خالف القرآن من أحكام الرجال ، وقال حين قالوا له : حكمت على نفسك من حكم عليك. فقال : ما حكّمت مخلوقاً ، وإنّما حكّمت كتاب اللّه ، فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن واشترط رد ما خالفه؟! لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان. فقال نافع بن الأزرق : هذا كلام ما مر بسمعي قط ، ولا خطر مني ببال ، وهو الحقّ إن شاء اللّه» (١).
٢ ـ عبد اللّه بن نافع :
قال ابن شهرآشوب : روي أن عبد اللّه بن نافع بن الأزرق كان يقول : «لو عرفت أن بين قطريها أحداً تبلغني إليه الإبل يخصمني بأن علياً قتل أهل النهروان وهو غير ظالم لرحلت إليه.
قيل له : ائت ولده محمد الباقر ، فأتاه فسأله فقال عليهالسلام بعد كلام : الحمد للّه الذي أكرمنا بنبوته ، واختصّنا بولايته. يا معشر أولاد المهاجرين والأنصار ، من كان عنده منقبة في أمير المؤمنين عليهالسلام ، فليقم فليحدّث. فقاموا ونشروا من مناقبه ، فلما انتهوا إلى قوله صلىاللهعليهوآله : لأعطين الراية غداً رجلاً يحب اللّه ورسوله ، ويحبه اللّه ورسوله ، كراراً غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح اللّه على يديه ، سأله أبو جعفر عليهالسلام عن صحّته ، فقال : هو حقّ لا شكّ فيه ، ولكن عليّاً أحدث الكفر بعد.
فقال أبو جعفر عليهالسلام : أخبرني عن اللّه أحبّ عليّ بن بي طالب يوم أحبّه وهو يعلم أنّه يقتل أهل النهروان ، أم لم يعلم؟ قال : إن قلتَ : لا
__________________
(١) الارشاد ٢ : ١٦٤ ، روضة الواعظين : ٢٠٤ ، الاحتجاج ٢ : ٥٧.
كفرتَ.
قال : فقال : قد علم. قال : فأحبّه على أن يعمل بطاعته ، أو على أن يعمل بمعصيته؟ قال : على أن يعمل بطاعته. فقال أبو جعفر عليهالسلام : قم مخصوماً. فقام وهو يقول : «حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الاْءَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ» (١) اللّه يعلم حيث يجعل رسالاته» (٢).
٣ ـ عمرو بن عبيد :
قال الشيخ المفيد : روى العلماء أن عمرو بن عبيد ، وهو من أئمّة الاعتزال ، وفد على محمد بن علي بن الحسين عليهمالسلام ليمتحنه بالسؤال ، فقال له : «جعلت فداك ، ما معنى قوله عزّ اسمه : «أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالاْءَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا» (٣) ما هذا الرتق والفتق؟ فقال له أبو جعفر عليهالسلام : كانت السماء رتقاً لا تنزل القطر ، وكانت الأرض رتقاً لا تخرج النبات ، فانقطع عمرو ولم يجد اعتراضاً» (٤).
٤ ـ احتجاج علّمه لأبي الجارود :
وله عليهالسلام احتجاج لقنه أبا الجارود في ردّ المنكرين بأن الحسن والحسين ابنا رسول اللّه من الصلب ، قال أبو جعفر عليهالسلام : «واللّه يا أبا الجارود لأعطينّكم من كتاب اللّه آية تسمّيها أنّهما لصلب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لا يردّها إلاّ كافر. قال : قلت :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.
(٢) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٢ ، وورد مفصلاً في الكافي ٨ : ٣٤٩ / ٥٤٨.
(٣) سورة الأنبياء : ٢١ / ٣٠.
(٤) الارشاد ٢ : ١٦٥ ، الاحتجاج ٢ : ٦١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٩ ، روضة الواعظين : ٢٠٣.
جعلت فداك ، وأين؟ قال : حيث قال : «حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ ـ إلى قوله ـ وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ» (١) فسلهم ـ يا أبا الجارود ـ هل يحلّ لرسول اللّه نكاح حليلتيهما؟ فإن قالوا : نعم ، فكذبوا واللّه ، وإن قالوا : لا ، فهما واللّه ابنا رسول اللّه لصلبه ، وما حرمن عليه إلاّ للصلب» (٢).
٥ ـ مناظرة حول ظلم الأمة لعلي عليهالسلام :
وله مناظرة مع رجل في مجلس أبيه السجاد عليهالسلام ، حول مظلومية أمير المؤمنين ، قال له الباقر عليهالسلام : «يا عبد اللّه ، ما أكثر ظلم كثير من هذه الأُمّة لعلي بن أبي طالب عليهالسلام ، وأقلّ أنصارهم ، إنّهم يمنعون علياً عليهالسلام ما يعطونه سائر الصحابة ، وعلي أفضلهم ، فكيف يمنع منزلة يعطونها غيره؟!
قيل : وكيف ذاك يا بن رسول اللّه؟ قال : لأنّكم تتولّون محبّي أبي بكر بن أبي قحافة ، وتتبرّءون من أعدائه كائناً من كان ، وكذلك تتولّون عمر بن الخطّاب ، وتتبرّءون من أعدائه كائناً من كان ، وتتولّون عثمان بن عفّان ، وتتبرّءون من أعدائه كائناً من كان ، حتّى إذا صار إلى علي بن أبي طالب عليهالسلام ، قالوا : نتولّى محبّيه ، ولا نتبرّأ من أعدائه ، بل نحبّهم ، فكيف يجوز هذا لهم ، ورسول اللّه صلىاللهعليهوآله يقول في علي عليهالسلام : اللّهمّ والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله. أفترونه لا يعادي من عاداه ، ولا يخذل من خذله؟! ليس هذا بإنصاف.
ثم أخرى : إنّهم إذا ذكر لهم ما أخصّ اللّه به عليّاً عليهالسلام بدعاء رسول اللّه صلىاللهعليهوآله وكرامته على ربّه تعالى جحدوه ، وهم يقبلون ما يذكر لهم في غيره من
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٨٧.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٥٨.
الصحابة ، فما الذي منع علياً عليهالسلام ما جعله لسائر أصحاب رسول اللّه؟
هذا عمر بن الخطّاب ، إذا قيل لهم : إنّه كان على المنبر بالمدينة يخطب ، إذ نادى في خلال خطبته : يا سارية الجبل. وعجب القوم ، وقالوا : ما هذا من الكلام الذي في هذه الخطبة ، فلما قضى الخطبة والصلاة قالوا : ما قولك في خطبتك : يا سارية الجبل؟
فقال : اعلموا أنّي وأنا أخطب إذ رميت ببصري نحو الناحية التي خرج فيها إخوانكم إلى غزوة الكافرين بنهاوند ، وعليهم سعد بن أبي وقاص ، ففتح اللّه لي الأستار والحجب ، وقوّى بصري حتى رأيتهم وقد اصطفوا بين يدي جبل هناك ، وقد جاء بعض الكفار ليدور خلف سارية ، وساير من معه من المسلمين ، فيحيطوا بهم فيقتلوهم ، فقلت : يا سارية الجبل ، ليلتجئ إليه ، فيمنعهم ذلك من أن يحيطوا به ، ثم يقاتلوا ، ومنح اللّه إخوانكم المؤمنين أكتاف الكافرين ، وفتح اللّه عليهم بلادهم ، فاحفظوا هذا الوقت ، فسيرد عليكم الخبر بذلك ، وكان بين المدينة ونهاوند مسيرة أكثر من خمسين يوماً.
قال الباقر عليهالسلام : فإذا كان مثل هذا لعمر ، فكيف لا يكون مثل هذا لعلي ابن أبي طالب عليهالسلام؟! ولكنّهم قوم لا ينصفون ، بل يكابرون» (١).
٦ ـ عالم النصارى :
ناظره بالشام حين أشخصه هشام بن عبد الملك إلى هناك ، أخرجه ثقة
__________________
(١) الاحتجاج ٢ : ٦٧ ، وحديث سارية الجبل من الأحاديث الموضوعة بنظر أهل البيت عليهمالسلام ولكن لاعتقاد جهلة العامّة بصحّتها ذكرها الإمام عليهالسلام من باب الاحتجاج عليهم بما صحّ عندهم ، فلاحظ.
الإسلام الكليني عن عمر بن عبد اللّه الثقفي ، والطبري في دلائل الإمامة عن أبي بصير ، وأجاب فيها الإمام عليهالسلام عن عدّة تساؤلات ، منها : قال النصراني : «أنتم الذين تزعمون أنّكم تذهبون إلى الجنّة فتأكلون وتشربون ولا تحدثون؟ قال عليهالسلام : نعم ، الجنين يأكل في بطن أُمّه من طعامها ، ويشرب من شرابها ولا يحدث.
قال : أخبرني عن رجلين ولدا في ساعة واحدة ، وماتا في ساعة واحدة ، عاش أحدهما خمسين ومئة سنة ، وعاش الآخر خمسين سنة. قال عليهالسلام : هما عزير وعزرة ، عاش عزرة مع عزير ثلاثين سنة ، ثم أمات اللّه عزيراً مائة سنة ، وبقي عزرة يحيا ، ثم بعث اللّه عزيراً فعاش مع عزرة عشرين سنة.
قال النصراني : يا معشر النصارى ، ما رأيت أحداً قط أعلم من هذا الرجل ، لا تسألوني عن حرف وهذا بالشام» (١).
وللإمـام الباقـر عليهالسلام حوارات أُخـرى مع آخريـن ، منـهم : سالم التمّار من البترية (١) ، وقتادة بن دعامة البصـري (٢) ، وطاوس اليماني (٣) ، وهشام ابن عبد الملك (٤) ، والأبرش بن الوليد الكلبي وزير هشام بن
__________________
(١) الكافي ٨ : ١٢٢ / ٩٤ ، دلائل الإمامة : ٢٢٩ ، الخرائج والجرائح ١ : ٢٩١.
(٢) الاحتجاج ٢ : ٦٣.
(٣) الكافي ٦ : ٢٥٦.
(٤) الاحتجاج ٢ : ٦١ و ٦٤ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٢.
(٥) دلائل الإمامة : ٢٣٥ ، نوادر المعجزات : ١٣١ ، الارشاد ٢ : ١٦٣ ، تاريخ دمشق
عبد الملك (١).
* * *
__________________
٤٥ : ٢٧٩ ، الاحتجاج ٢ : ٥٧ ، شرح الأخبار ٣ : ٢٨٠ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٥ ، روضة الواعظين : ٢٠٣.
(٥) الكافي ٦ : ٢٨٦ / ١ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٩.
الفصل الثامن
شهادة الإمام الباقر عليه السلام
تاريخ شهادته :
انتقل الإمام الباقر عليهالسلام إلى رضوان بارئه بالحميمة من الشراة ، ثم نقل إلى بقيع المدينة يوم الإثنين ، السابع من ذي الحجة ، في ملك هشام بن عبد الملك ، سنة ١١٤ هـ ، وسنّه يومئذ سبع وخمسون سنة ، وهو المشهور عند غالبية المؤرخين والمحدثين (١) ، والموافق لما قرّر في المشهور من تاريخ ولادته ، وما قدّر من عمره.
واختلفوا في تعيين اليوم والشهر والسنة التي توفّي فيها على أقوال عدة ، فقيل : الثالث أو السابع من ذيالحجة ، والثالث والعشرون من صفر ، والسابع من ربيع الأول أو من ربيع الآخر. وقيل في ذكر سنة وفاته : ١٠٥ و ١١٢ و ١١٣ و ١١٥ و ١١٦ و ١١٧ و ١١٨ و ١١٩ و ١٢٤ و ١٢٥ من الهجرة (٢).
__________________
(١) الكافي ١ : ٤٦٩ و ٤٧٢ / ٦ ، الارشاد ٢ : ١٥٨ ، دلائل الإمامة : ٢١٥ ، الهداية الكبرى ٢٣٨ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩ ، روضة الواعظين : ٢٠٧ ، كشف الغمة ٢ : ٣٤٧ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٢ ، اعلام الورى ١ : ٤٩٧ ، تاج المواليد : ٤١ ، التتمة : ٩٦ ، تاريخ مواليد الأئمّة / ابن الخشاب : ٢٦ ، اثبات الوصية : ١٥٣ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٢١٧.
(٢) راجع إضافة لما تقدّم : الطبقات الكبرى ٥ : ٢٤٨ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠ ، تاريخ
واختلف في الحاكم الذي توفي في زمانه ، فهناك أخبار تصرح بوفاة الإمام عليهالسلام في زمان عبد الملك بن مروان (١). وهو غريب ، لأن خلافة عبد الملك ابن مروان كانت من سنة ٦٥ إلى ٨٦ هـ ، ولم يقل أحد بهذا التاريخ ، بل الأخبار الصحيحة صرحت بوفاته سنة ١١٤ هـ ، أي بعد مضي نحو تسع سنين من أيام هشام بن عبد الملك ١٠٥ ـ ١٢٥ هـ. واستظهر العلاّمة المجلسي كونه هشام بن عبد الملك بن مروان ، فسقط اسم هشام من الرواة أو النساخ ، وبقي عبد الملك ابن مروان (٢).
وذكر الطبري أنه قبض في أول ملك إبراهيم بن الوليد (٣) ، وذكر القرماني وابن شهرآشوب عن أبي جعفر بن بابويه أنّه سمّه إبراهيم بن الوليد (٤).
وروى الطبري عن أبي محمد الحسن العسكري عليهالسلام ، أنّ سبب وفاته عليهالسلام أنّ إبراهيم بن الوليد سمّه (٥).
وقال السيد بن طاوس في الزيارة الكبيرة : وضاعف العذاب على من
__________________
مدينة دمشق ٤٥ : ٢٧١ و ٢٩٧ و ٢٩٩ ، الهداية الكبرى : ٢٣٧ و ٢٤١ ، مروج الذهب ٣ : ٢٤٤ ، سير أعلام النبلاء ٤ : ٤٠٩ ، نور الأبصار : ١٩٥ ، تذكرة الخواص : ٣٥٠ ، مطالب السؤول : ٨٠ ، كفاية الطالب : ٣٠٦ ، تاريخ أهل البيت / رواية كبار المحدثين والمؤرخين : ٧٩ ، شرح الأخبار ٣ : ٢٨٨ ، المنتظم ٧ : ١٦١ ، صفة الصفوة ٢ : ١٠٨.
(١) الثاقب في المناقب : ٣٨٩ ، الصراط المستقيم : ١٨٤ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٢٩ / ١٢.
(٢) بحار الأنوار ٤٦ : ٣٣١.
(٣) دلائل الإمامة : ٢١٥.
(٤) أخبار الدول ١ : ٣٣٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩.
(٥) دلائل الإمامة : ٢١٦.
شرك في دمه ، وهو إبراهيم بن الوليد (١).
فإذا كان الباقر عليهالسلام قبض سنة ١١٤ هـ ، على المشهور ، فوفاته في ملك هشام ١٠٥ ـ ١٢٥ هـ ، لا في ملك إبراهيم الذي ولي وقتل سنة ١٢٧ هـ ، فهذا القول معارض بالمشهور ، إلاّ أن نقول أن إبراهيم بن الوليد قد نفذ هذه الجريمة العظمى في زمان هشام بن عبد الملك ، وبإشارة منه ، وليس في زمان ملك إبراهيم.
وذكر المسعودي أن وفاة أبي جعفر الباقر عليهالسلام كانت أيام الوليد بن يزيد ١٢٥ هـ ، ثم قال : وقد تنوزع في ذلك ، فمن الناس من رأى أن وفاته كانت على أيام هشام بن عبد الملك ، وذلك سنة ١١٧ هـ ، ومن الناس من رأى أنه مات في أيام يزيد بن عبد الملك (٢) ، وكانت أيام يزيد من سنة ١٠١ إلى ١٠٥ هـ.
مقدار عمره الشريف :
الرواية المشهورة في مقدار عمر الإمام الباقر عليهالسلام هي سبع وخمسون سنة ، بناءً على القول المشهور في ولادته ووفاته ، وهناك أقوال أخرى تتفاوت بحسب تعدّد الأقوال المتقدمة في الولادة والوفاة ، والمذكور منها ٥٥ و ٦٠ و ٥٦ و ٥٨ و ٦٣ و ٧٣ سنة (٣).
__________________
(١) بحار الأنوار ٤٦ : ٢١٨.
(٢) مروج الذهب ٣ : ٢٤٤.
(٣) الثقات / ابن حبان ٥ : ٣٤٨ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩ ، البداية والنهاية ٩ : ٣٣٨ ، طبقات الحفاظ / السيوطي : ٥٦ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣١ و ٣٣٢ و ٣٦١ ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٧٢ ، تاج المواليد : ٤٠ ، اسعاف الراغبين : ٢٥٤ ، عمدة الطالب : ١٩٤ ، تاريخ ابن خلدون ٤ : ٢١٧ ، تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٠ ، نور الأبصار : ١٩٥ ، ذيل تاريخ أبي الفداء / ابن الوردي ١ : ٢٧٧ ، تاريخ أهل البيت / رواية كبار المحدثين : ٧٩ ، شرح الأخبار ٣ : ٢٨٨.
ورجّح سبط ابن الجوزي وفاته عن ثمان وخمسين سنة ، لما روي عنه عليهالسلام : أنّ علياً عليهالسلام قتل وهو ابن ثمان وخمسين ، ومات لها الحسن عليهالسلام ، ومات لها الحسين عليهالسلام ، ومات لها علي بن الحسين عليهالسلام.
وروي عن جعفر بن محمد عليهماالسلام يقول : سمعت أبي يقول لعمتي فاطمة بنت الحسين عليهالسلام : قد أتت علي ثمان وخمسون ، فتوفّي لها (١) ، وروي نحو ذلك ابن سعد ، والجنابذي ، وابن عساكر ، والقاضي النعمان (٢).
شهادته عليهالسلام :
رغم ابتعاد الإمام الباقر ، ومن قبله أبوه الإمام السجّاد عليهماالسلام ، عن كل ما يمت بصلة إلى السلطة ورموز بلاطها ، إلاّ أنّه يمثل بالنسبة للسلطات الأُمويّة هاجساً من الخوف المشوب بالغيرة والحقد ونصب العداء ، ويدخل ذلك ضمن الثقافة التي توارثها الأبناء عن الآباء من رجالات السلطة ، ذلك لأنّهم يدركون خطورة النشاط الذي يمارسه عليها ، لكونه مصدر الوعي الإسلامي الصحيح ورائد الحركة الاصلاحية في الأُمّة ، التي تكنّ له التبجيل والاحترام ، فعملت السلطة على تصفيته جسدياً ، ولجأت إلى سلاحها المعهود فاغتالته بالسم في زمان هشام بن عبد الملك ، الذي نقل أنّه كان شديد العداوة والعناد لأبي جعفر الباقر عليهالسلام ولأهل بيته (٣). ولم تذكر الروايات تفاصيل أسباب دسّ السم إليه وكيفية شهادته.
__________________
(١) تذكرة الخواص : ٣٥٠.
(٢) الطبقات الكبرى ٥ : ٢٤٨ ، كشف الغمة ٢ : ٣٣١ عن الحافظ عبد العزيز الجنابذي ، تاريخ دمشق ٤٥ : ٢٩٥ ، شرح الأخبار ٣ : ٢٨٨.
(٣) الهداية الكبرى : ٢٣٧.
ومهما يكن فإنّ بعض المصادر ذكرت أنّ سبب موته مرض ، بينما اكتفت بعض المصادر أنّ الإمام الباقر عليهالسلام استُشهد مسموماً كأبيه ، ولم تذكر الذي باشر ذلك ، في حين ذكرت بعضها أنّ هشام بن عبد الملك هو الذي سمّه ، وذكرت أُخرى أنّ إبراهيم بن الوليد هو الذي سمّه (١).
غير أنّ هناك رواية طويلة لأبي بصير عن أبي عبد اللّه الصادق عليهالسلام ، جاء فيها أنّ سبب إقدام السلطة على قتل الإمام عليهالسلام هو وشاية زيد بن الحسن إلى عبد الملك بن مروان ، وأنّه قال له حين دخل عليه : أتيتك من عند ساحر كذّاب لا يحلّ لك تركه ، وأنّ عنده سلاح رسول اللّه وسيفه ودرعه وخاتمه وعصاه وترِكته ، مما أثار حفيظة عبد الملك بن مروان ، وذلك لأنّ زيداً خاصم الإمام الباقر عليهالسلام في ميراث رسول اللّه إلى القاضي ، ثمّ أنّ عبد الملك بعث بسرج إلى الإمام الباقر عليهالسلام ، فلما أسرج له نزل متورّماً ، وعاش ثلاثاً ، ثم مضى إلى كرامة ربّه (٢).
وتقدّم أنّ الرواية تذكر الأحداث في زمان عبد الملك ، ولا يصحّ إلاّ بافتراض السقط والتحريف ، لتكون أجواء الرواية في أيام هشام بن عبد الملك.
وممّا يدلّ على إصرار هشام على قتل الإمام عليهالسلام ، أنّه كتب إلى عامل المدينة بعد أن أشخص الإمام مع ولده الصادق عليهماالسلام أن يحتال في سمّ أبي جعفر عليهالسلام عند
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩. دلائل الإمامة : ٢١٥ و ٢١٦ ، نور الأبصار : ١٩٥ ، الصواعق المحرقة : ٢٠١ ، اسعاف الراغبين : ٢٥٤ ، مصباح الكفعمي : ٥٢٢ ، أحسن القصص / الشريف علي فكري ٤ : ٢٧٢ ، الفصول المهمة : ٢٢٢ ، بحار الانوار ٤٦ : ٢١٧ / ١٩ ، التتمة : ٩٦.
(٢) الثاقب في المناقب : ٣٨٩ ، الصراط المستقيم : ١٨٤ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٣٢٩ / ١٢.
عودته في طعام أو شراب ، فلم يتهيّأ له شيء من ذلك (١).
قال الشاعر :
هلم بنا نبكي على باقر العلم |
|
سليل النبي المصطفى الأُمّي |
على لذّة العيش العفا بعد ما قضى |
|
شهيداً بلا ذنب أتاه ولا جرم |
له طول حزني ما حييت وحرقتي |
|
ونوحي ولو أنّ البكا قد برى عظمي |
سقاه على رغم الوقى السمّ خفية |
|
هشام ردي الأب والجدّ والأُم |
عليه من الرحمن لعن مؤبّد |
|
بما سرّ من بغي وما سنّ من ظلم (٢) |
وصاياه وجهازه :
كان الإمام الباقر عليهالسلام قد نعى نفسه المقدسة لولده الصادق عليهالسلام ، وأوصاه عدّة وصايا تتعلّق بالإمامة وبجهازه ودفنه ، في أكثر من مناسبة ، ففي الليلة التي قبض فيها ، أدنى ولده الصادق عليهالسلام فناجاه ، فلما فرغ من المناجاة ، قال : يا بني هذه الليلة التي وُعدت أن أُقبض فيها.
ولما حان حينه ، وتيقن وفاته ، وعزم إلى أن يصير إلى روح اللّه وريحانه ، ويعرج إلى معارج فوزه وجنانه ، أوصى إلى ابنه أبي عبد اللّه جعفر الصادق عليهالسلام بجميع ما يحتاج إليه الناس ، واستودعه ما كان محفوظاً عنده من الكتب والسلاح وآثار الأنبياء وودائعهم ، وأوصاه بأشياء في غسله وكفنه ودخوله قبره.
وكان فيما أوصى إليه أن قال : «يا بني ، إذا أنا مت فلا يلي غسلي أحد غيرك ، فإنّ الإمام لا يغسله إلاّ إمام».
وفي خبر آخر أنّه أمر حين حضرته الوفاة بإدخال أربعة من قريش من
__________________
(١) دلائل الإمامة : ٢٤٠.
(٢) وفيات الأئمة : ٢١٠.
أهل المدينة فأشهدهم ، وكان منهم نافع مولى عبد اللّه بن عمر ، ثم قال : «اكتب : هذا ما وصى به يعقوب بنيه «يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (١) وأوصى محمد بن علي إلى جعفر بن محمد ، وأمره أن يكفّنه في ثلاثة أثواب أحدها رداء له حبرة كان يصلّي فيه الجمع ، وثوب آخر ، وقميص ، وأن يعمّمه بعمامته (٢) ، وأن يربّع قبره ، ويرفعه أربع أصابع ، ثم يخلى عنه ، ويرشّه بالماء ، وأن يحلّ عنه أطماره عند دفنه. وأوصاه أيضاً أن يحفر له ويشقّ له شقّ ، وقال : إن قيل لكم : إنّ رسول اللّه صلىاللهعليهوآله لُحّد له ، فقد صدقوا» ، وعلّل الإمام الصادق عليهالسلام بقوله : وشققنا له الأرض من أجل أنّه كان بادناً.
وحين سأله الإمام الصادق عليهالسلام عن سبب الإشهاد على وصيّته قال : «يا بني ، أردت أن لا تنازع» ، وفي خبر آخر : «كرهت أن تغلب ، وأن يقال إنّه لم يوصَ إليه ، فأردت أن تكون لك الحجّة».
ومن جملة وصاياه أنه أوصى بثمان مئة درهم لمأتمه ، لأنّه السنّة ، لأن رسول اللّه صلىاللهعليهوآله قال : اتّخذوا لآل جعفر طعاماً فقد شُغلوا.
وفي يوم وفاته قام الإمام الصادق عليهالسلام بتهيئته ، فغسله كما أمره وحنّطه بحنوطه ، وأدرجه في أكفانه ، وصلى عليه مع شيعته ، وروي أنه كان على نعشه برد حبرة ، وخرج الناس لجنازته بالبكاء والعويل ، وكان يوماً عظيماً مشهوداً ، وأخرجه إلى بقيع الغرقد بالمدينة ، في القبر الذي فيه أبوه علي بن الحسين عليهماالسلام ، وعمّ أبيه الحسن عليهالسلام ، في القبّة التي فيها قبر العباس رضياللهعنه ، وهكذا رحل باقر العلم إلى كرامة ربه الأعلى سبحانه صابراً محتسباً ، شاهداً وشهيداً (٣).
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ١٣٢.
(٢) وروي : ليس تعد العمامة من الكفن ، انما تعد مما يلف به الجسد.
(٣) راجع : الكافي ١ : ٣٠٧ / ٨ و ٣٧٨ / ٢ و ٤٦٩ ، و ٣ : ١٤٠ / ٣ و ٢١٧ / ٤ ، من
ما قيل فيه من الشعر :
فيما يلي نخبة من الأشعار التي قيلت في مدح أو رثاء الإمام الباقر عليهالسلام ، مرتبة على وفق حرف الروي.
١ ـ قال زيد بن علي عليهالسلام في رثائه :
ثوى باقر العلم في ملحد |
|
إمام الورى طيب المولد |
فمن لي سوى جعفر بعده |
|
إمام الورى الأوحد الأمجد |
أبا جعفر الخير أنت الإمام |
|
وأنت المرجى لبلوى غد (١) |
٢ ـ وأنشد الكميت الأسدي بحضرته عليهالسلام :
ذهب الذين يعاش في أكنافهم |
|
لم يبقَ إلاّ شامت أو حاسد |
وبقى على ظهر البسيطة واحد |
|
فهو المراد وأنت ذاك الواحد (٢) |
٣ ـ وقال الشيخ حسين البحراني :
سأقضي حياتي بالكآبة والشجا |
|
على باقر العلم الذي ليس يوجد |
له شبه في العالمين وقد حوى |
|
فنون علوم اللّه فهو الموحّد |
فيا قاتل اللّه الغوي الذي سعى |
|
له بسموم فهو باغ ومخلد |
__________________
لا يحضره الفقيه ١ : ١٨٢ / ٥٤٦ ، الإرشاد ٢ : ١٨١ ، تهذيب الأحكام ١ : ٣٠٠ / ٨٧٦ ، بصائر الدرجات : ٥٠٢ / ٦ ، روضة الواعظين : ٢٠٨ ، الطبقات الكبرى ٥ : ٢٤٨ ، دلائل الإمامة : ٢١٦ ، الهداية الكبرى : ٢٣٨ ، مروج الذهب ٣ : ٢٤٤ ، كشف الغمّة ٢ : ٣٣١ و ٣٤٩ و ٣٥٢ ، مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٣٩ و ٣٩٨ ، الفصول المهمّة : ٢٢٢ ، كفاية الطالب : ٣٠٦ ، إعلام الورى ١ : ٤٩٧ ، تاج المواليد : ٤١ ، التتمّة : ٩٧ ، نور الأبصار : ١٥٩ ، بحار الأنوار ٤٦ : ٢١٢.
(١) مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٢٩.
(٢) روضات الجنات ٦ : ٥٦.
أيقتل نفس المصطفى ووصيه |
|
ونجل حسين وابنه ويشرد |
فذاك كتاب اللّه يبكي لفقدهم |
|
وهذا رسول اللّه حزناً يعدد |
وتلك محاريب المساجد قد خلت |
|
فلا عابد فيها ولا متهجّد (١) |
٤ ـ وقال الشيخ علي بن عيسى الإربلي :
عرج على طيبة وانزل بها |
|
وقف مقام الضارع الصاغر |
وعج على أرض البقيع الذي |
|
ترابه يجلو قذى الناظر |
وبلغن عني سكانه |
|
تحية كالمثل السائر |
قوم هم الغاية في فضلهم |
|
فالأول السابق كالأخر |
هم الألى شادوا بناء العلى |
|
بالأسمر الذابل والباتر |
وأشرقت في المجد أحسابهم |
|
إشراق نور القمر الباهر |
وبخلوا الغيث ويوم الوغى |
|
راعوا جنان الأسد الخادر |
بدا بهم نور الهدى مشرقاً |
|
وميز البر من الفاجر |
فحبهم وقف على مؤمن |
|
وبغضهم حتم على كافر |
كم لي مديح فيهم شائع |
|
وهذه تختص بالباقر |
إمام حقّ فاق في فضله |
|
العالم من باد ومن حاضر |
أخلاقه الغرّ رياض فما |
|
الروض غداة الصيب الماطر |
ما ضرّ قوماً غصبوا حقّه |
|
والظلم من شنشنة الجائر |
لو حكموه فقضى بينهم |
|
أبلج مثل القمر الزاهر |
جرى على سنّة آبائه |
|
جري الجواد السابق الضامر |
وجاء من بعد بنوه على |
|
آثاره الوارد كالصادر |
__________________
(١) وفيات الأئمة : ١٨٩.
قد كثرت في الفضل أوصافه |
|
وإنّما العزّة للكاثر |
محمد الخير استمع شاعراً |
|
لولاكم ما كان بالشاعر |
قد قصر المدح على مجدكم |
|
وليس في ذلك بالقاصر (١) |
٥ ـ وقال السيد محسن الأمين العاملي :
واذرِ دموع العين فيها دماً |
|
على ضريح السيد الباقر |
على إمام ما جرى ذكره |
|
في خاطري إلاّ جرى ناظري |
على إمام لم يدع رزؤه |
|
صبراً لجلد في الورى صابر |
على إمام هدّ ركن الهدى |
|
مصابه بالقاصم الفاقر |
وبدر تم في الثرى غائب |
|
وبحر علم في الثرى غائر |
يا أقبراً منها البقيع اغتدى |
|
يسمو سنام الفلك الدائر |
سقاك يا أقبر رب السما |
|
من الحيا بالصيب الماطر |
لا ينقضي وجدي ولا حسرتي |
|
لساكني مربعك العاطر (٢) |
٦ ـ وقال أيضاً :
جلّت مصيبته على كل الورى |
|
فالكل بات لها بطرف ساهر |
يذري الدموع على مصيبة سيد |
|
من آل أحمد بذ كل مفاخر |
للّه أيّ مصيبة جلت فلا |
|
يلفى لها في الكون بعض نظائر |
ذهبت بركن الدين مصباح الهدى |
|
غوث المؤمّل والإمام الطاهر |
الصبر عزّ لها فكم من جازع |
|
تهفو جوانحه ولا من صابر (٣) |
__________________
(١) كشف الغمة ٢ : ٣٦٦.
(٢) المجالس السنية ٥ : ٤٥٨.
(٣) المجالس السنية ٥ : ٤٥٩.