تفسير الصّافي - ج ٣

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]

تفسير الصّافي - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن المرتضى [ الفيض الكاشاني ]


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: منشورات مكتبة الصدر
المطبعة: خورشيد
الطبعة: ٣
ISBN الدورة:
964-6847-51-X

الصفحات: ٤٥٢

فيقف عليه فينادي بصاحبكم فيتقدّم عليّ عليه السلام امام النّاس فيقف معه ثمّ يؤذن للنّاس فيمرّون فبين وارد الحوض يومئذ وبين مصروف عنه فإذا رأى رسول الله صلّى الله عليه وآله من يصرف عنه من محبّينا بكى فيقول يا ربّ شيعة عليّ أراهم قد صرفوا تلقاء أصحاب النّار ومنعوا ورود الحوض قال قال فيبعث الله إليه ملكاً فيقول له ما يبكيك يا محمّد فيقول للاناس من شيعة عليّ فيقول له الملك انّ الله يقول لك يا محمّد ان شيعة عليّ قد وهبتهم لك يا محمّد وصفحت لهم عن ذنوبهم بحبّهم لك ولعترتك وألحقتهم بك وبمن كانوا يقولون به وجعلناهم في زمرتك فأوردهم حوضك.

قال أبو جعفر عليه السلام : فكم من باك يومئذ وباكية ينادون يا محمّداه إذا رأوا ذلك ولا يبقى أحد يومئذ يتولّانا ويحبّنا ويتبرّء من عدوّنا ويبغضهم الّا كانوا في حزبنا ومعنا ويرد حوضنا.

(١٠٩) يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً الّا شفاعة من اذن له ورضي لمكانه عند الله أو الّا من أذن في أن يشفع له ورضي لأجله قول الشافع في شأنه أو قوله لأجله وفي شأنه.

(١١٠) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما تقدّمهم من الأحوال وَما خَلْفَهُمْ وما بعدهم ممّا يستقبلونه.

القمّيّ قال ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ما مضى من اخبار الأنبياء وَما خَلْفَهُمْ من اخبار القائم عليه السلام وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً.

في التوحيد عن أمير المؤمنين عليه السلام : في هذه الآية لا يحيط الخلائق بالله عزّ وجلّ علماً إذ هو تبارك وتعالى جعل على ابصار القلوب الغطاء فلا فهم يناله بالكيف ولا قلب يثبته بالحدّ فلا تصفه الّا كما وصف نفسه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ خلق الأشياء فليس من الأشياء شيء مثله تبارك وتعالى.

(١١١) وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ ذلّت وخضعت له خضوع العناة وهم

٣٢١

الأسارى في يد الملك القهّار وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً

(١١٢) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ بعض الطاعات وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً منع ثواب مستحق بالوعد وَلا هَضْماً ولا كسراً منه بنقصان.

القمّيّ عن الباقر عليه السلام : ولا ينقص من عمله شيء وامّا ظلما يقول لن يذهب به.

(١١٣) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا كلّه على هذه الوتيرة وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ مكرّرين فيه آيات الوعيد لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ المعاصي فيصير التّقوى لهم ملكة أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً عظة واعتباراً حين يسمعونها فيثبطهم عنها ولهذه النكتة أسند التقوى إليهم والأحداث الى القرآن.

(١١٤) فَتَعالَى اللهُ في ذاته وصفاته عن مماثلة المخلوقين الْمَلِكُ الْحَقُ النافذ أمره ونهيه بالاستحقاق وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ

القمّيّ قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله إذا نزل عليه القرآن بادر بقراءته قبل تمام نزول الآية فأنزل الله وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ أي يفرغ من قراءته وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً أي سل الله زيادة العلم بدل الاستعجال فانّ ما أوحي إليك تناله لا محالة.

وفي المجمع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله : إذا اتى عليّ يوم لا ازداد فيه علماً يقرّبني إلى الله فلا بارك الله لي في طلوع شمسه.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : سئل أمير المؤمنين عليه السلام من أعلم الناس قال من جمع علم الناس إلى علمه.

وعنه عن آبائه عليهم السلام عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : فضل العلم أحبّ إلى الله من فضل العبادة.

(١١٥) وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ لقد أمرناه يقال تقدّم الملك إليه واوعز إليه

٣٢٢

وعزم عليه وعهد إليه إذا أمره فَنَسِيَ العهد ولم يعن به وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً تصميم رأي وثباتاً على الامر.

القمّيّ قال فيما نهاه عنه من أكل الشجرة.

وفي الكافي والإكمال عن الباقر عليه السلام : انّ الله تعالى عهد الى آدم ان لا يقرب هذه الشجرة فلمّا بلغ الوقت الّذي كان في علم الله ان يأكل منها فنسي فأكل منها وهو قول الله تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا الآية.

وفي الكافي عنه عليه السلام : في هذه الآية قال إنّ الله قال لآدم وزوجته لا تقرباها يعني لا تأكلا منها فقالا نعم يا ربّنا لا نقربها ولا نأكل منها ولم يستثنيا في قولهما نعم فوكلهما الله في ذلك الى أنفسهما والى ذكرهما.

وفي العلل عن الصادق عليه السلام : سمّى الإنسان إنساناً لأنّه ينسى قال الله لَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ.

والعيّاشي عن أحدهما عليهم السلام : انّه سئل كيف أخذ الله آدم بالنسيان فقال انه لم ينس وكيف ينسى وهو يذكره ويقول له إبليس ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ

أقول : لعلّ المنسي عزيمة النهي بحيث لا يقبل التّأويل والرخصة وغير المنسيّ أصل النهي أو يقال المنسي الإقرار بفضيلة النبيّ والوصيّ وذريتهما المعصومين عليه السلام ويكون النسيان هنا بمعنى التّرك كما يدلّ عليه الاخبار الآخر.

ففي الكافي عن الصادق عليه السلام قال : في قوله تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ كلمات في محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين والأئمّة من ذريتهم فَنَسِيَ هكذا والله أنزلت على محمّد صلّى الله عليه وآله وفيه.

وفي العلل والبصائر عن الباقر عليه السلام قال : عهد إليه في محمّد صلّى الله عليه وآله والأئمّة عليهم السلام من بعده فترك ولم يكن له عزم فيهم انّهم هكذا وانّما

٣٢٣

سمّوا أولو العزم لأنّه عهد إليهم في محمّد صلّى الله عليه وآله والاوصياء من بعده والمهديّ وسيرته فأجمع عزمهم انّ ذلك كذلك والإقرار به.

وفي العلل عنه عليه السلام في حديث قال : وأخد الميثاق على أولي العزم انّني ربّكم ومحمّد رسولي وعليّ أمير المؤمنين واوصيائه من بعده وُلاة أمري وخزّان علمي وانّ المهديّ عليه السلام انتصر به لديني وأظهر به دولتي وانتقم به من اعدائي وأعبد به طوعاً وكرهاً قالوا أقررنا يا ربّ وشهدنا ولم يجحد آدم ولم يقرّ فثبتت العزيمة لهؤلاء الخمسة في المهديّ (عج) ولم يكن لآدم عزم على الإقرار به وهو قوله تعالى وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً قال إنّما هو فترك.

(١١٦) وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى قد سبق الكلام فيه.

(١١٧) فَقُلْنا يا آدَمُ إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى قيل أفرده بإسناد الشقاء إليه بعد اشتراكهما في الخروج اكتفاء باستلزام شقائه شقاءها من حيث إنّه قيّم عليها ومحافظة على الفواصل أو لأنّ المراد بالشقاء التعب في طلب المعاش وذلك وظيفة الرّجال ويؤيّده ما بعده.

(١١٨) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى

(١١٩) وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى

(١٢٠) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطانُ فأنهى إليه وسوسته قالَ يا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلى شَجَرَةِ الْخُلْدِ الشجرة الّتي من أكل منها خلد ولم يمت اصلاً وَمُلْكٍ لا يَبْلى لا يزول ولا يضعف.

(١٢١) فَأَكَلا مِنْها فَبَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ أخذا يلزقان الورق على سؤاتهما للتستّر وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ بالأكل من الشجرة فَغَوى فضلّ عن المطلوب وخاب حيث طلب الخلد بأكلها.

(١٢٢) ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ واصطفاه وقرّبه بالحمل على التّوبة والتّوفيق له فَتابَ عَلَيْهِ

٣٢٤

فقبل توبته لما تاب وَهَدى الى الثبات على التوبة والتشبث بأسباب العصمة.

(١٢٣) قالَ اهْبِطا مِنْها جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ الخطاب لآدم وحوّا اوله ولإبليس ولمّا كانا اصلي الذريّة خاطبهما فخاطبتهم وقد مضى تمام هذه القصّة وتفسير هذه الآيات في سورة البقرة فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً كتاب ورسول فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُ في الدنيا وَلا يَشْقى في الآخرة.

في الكافي مضمراً : انّه سئل عن هذه الآية فقال من قال بالائمّة واتّبع أمرهم ولم يجز طاعتهم.

(١٢٤) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ضيّقاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى

(١٢٥) قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً.

(١٢٦) قالَ كَذلِكَ أي مثل ذلك فعلت ثمّ فسّره أَتَتْكَ آياتُنا واضحة نيّرة فَنَسِيتَها فعميت عنها وتركتها غير منظور إليها وَكَذلِكَ ومثل تركك إياها الْيَوْمَ تُنْسى تترك في العمى والعذاب.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً قال هي والله للنصاب قيل له رأيناهم في دهرهم الأطول في الكفاية حتّى ماتوا قال ذلك والله في الرّجعة يأكلون العذرة.

وفي الكافي : في قوله تَعالى مَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي قال ولاية أمير المؤمنين عليه السلام أَعْمى قال يعني أعمى البصر في الآخرة وأعمى القلب في الدنيا عن ولاية أمير المؤمنين عليه السلام وهو متحيّر في القيامة يقول لِمَ حَشَرْتَنِي الآية قال الآيات الأئمّة عليهم السلام فَنَسِيتَها يعني تركتها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تترك في النّار كما تركت الأئمّة فلم تطع أمرهم ولم تسمع قولهم.

وفي الفقيه والمجمع والقمّيّ عنه عليه السلام : سئل عن رجل لم يحج قط وله مال فقال هو ممّن قال الله وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى قيل سبحان الله اعمى فقال أعماه

٣٢٥

الله عن طريق الخير.

والقمّيّ عن طريق الجنّة وفي الكافي : ما يقرب منه.

(١٢٧) وَكَذلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ

في الكافي عن الصادق عليه السلام : يعني من أشرك بولاية أمير المؤمنين عليه السلام غيره وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآياتِ رَبِّهِ ترك الأئمّة معاندة فلم يتّبع اثارهم ولم يتولّهم وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقى من ضنك العيش ومن العمى.

(١٢٨) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ القمّيّ يقول يبيّن لهم كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ إهلاكنا ايّاهم يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ ويشاهدون آثار هلاكهم إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى لذوي العقول النّاهية عن التغافل والتعامي.

(١٢٩) وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ وهي العدة بتأخير عذاب هذه الأمّة الى الآخرة لَكانَ لِزاماً لكان مثل ما نزل بعاد وثمود لازماً لهذه الكفرة وَأَجَلٌ مُسَمًّى عطف على كلمة اي ولولا العِدّة بتأخير العذاب واجل مسمّى لأعمارهم أو لعذابهم لكان العذاب لزاماً والفصل للدّلالة على استقلال كلّ منهما بنفي لزوم العذاب.

القمّيّ قال اللّزام الهلاك قال وكان ينزل بهم العذاب ولكن قد أخّرهم الى اجل مسمّى.

(١٣٠) فَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِها وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ ومن ساعاته جمع إنا بالكسر والقصر وأنَاء بالفتح والمدّ فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ لَعَلَّكَ تَرْضى طمعاً ان تنال عند الله ما به ترضي نفسك وقرء بالبناء على المفعول اي يرضيك ربّك.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن هذه الآية فقال فريضة على كلّ مسلم أن يقول قبل طلوع الشمس وقبل غروبها عشر مرّات لا اله الّا الله وَحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شيء قدير.

٣٢٦

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : في قوله وَأَطْرافَ النَّهارِ قال يعني تطوّع بالنّهار.

(١٣١) وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ ان نظرهما إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ استحساناً له وتمنّياً أن يكون لك مثله أَزْواجاً مِنْهُمْ اصنافاً من الكفرة زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا زينتها وبهجتها لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ لنبلوهم ونختبرهم فيه أو لنعذّبهم في الآخرة بسببه وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى أي الهدى والنبوّة لا ينقطع.

القمّيّ عن الصادق عليه السلام : لمّا نزلت هذه الآية استوى رسول الله جالساً ثمّ قال من لم يتعزّ بعزاء الله تقطّعت نفسه على الدّنيا حسرات ومن أتبع بصره ما في أيدي الناس طال همّه ولم يشف غيظه ومن لم يعرف ان لله عليه نعمة الّا في مطعم ومشرب قصر أجله ودنا عذابه.

وفي الكافي عنه عليه السلام قال : إيّاك وان تطمح نفسك الى من فوقك وكفى بما قال الله عزّ وجلّ لرسول الله صلّى الله عليه وآله فَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ وقال لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ الآية.

(١٣٢) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها وداوم عليها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً ان ترزق نفسك ولا أهلك نَحْنُ نَرْزُقُكَ وإيّاهم ففرّغ بالك للآخرة وَالْعاقِبَةُ المحمودة لِلتَّقْوى لذي التّقوى.

في العوالي والمجمع عن الباقر عليه السلام في هذه الآية قال : أمر الله نبيّه أن يخصّ أهل بيته واهله دون الناس ليعلم الناس انّ لأهله عند الله منزلة ليست لغيرهم فأمرهم مع النّاس عامّة ثمّ أمرهم خاصّة.

وفي العيون عن الرّضا عليه السلام في هذه الآية قال : خصّنا الله بهذه الخصوصيّة إذا أمرنا مع الأمّة بإقامة الصّلاة ثمّ خصّنا من دون الأمة فكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يجيء الى باب عليّ وفاطمة (ع) بعد نزول هذه الآية تسعة أشهر في كلّ يوم عند حضور كلّ صلاة خمس مرّات فيقول الصلاة رحمكم الله وما أكرم الله

٣٢٧

احداً من ذراري الأنبياء بمثل هذه الكرامة التي أكرمنا بها وخصّنا من دون جميع اهل بيتهم.

وزاد القمّيّ مرسلاً وفي المجمع عن الخدري بعد قوله يرحمكم الله : إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً القمّيّ : فلم يزل يفعل ذلك كلّ يوم إذا شهد المدينة حتّى فارق الدّنيا.

وفي نهج البلاغة : وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله نصباً بالصلاة بعد التّبشير له بالجنّة لقول الله سبحانه وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها فكان يأمر بها ويصبر عليها نفسه وفي الكافي : مثله.

(١٣٣) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ تدلّ على صدقه في ادّعاء النبوّة أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى من التّوراة والإنجيل وساير الكتب السماوية فانّ اشتمال القرآن على زبدة ما فيها من العقائد والأحكام الكلّية مع ان الآتي بها لم يرها ولم يتعلّم ممن علّمها اعجاز بيّن.

(١٣٤) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ من قبل محمّد صلّى الله عليه وآله لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَ بالقتل والسّبي في الدّنيا وَنَخْزى بدخول النّار في الآخرة.

(١٣٥) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ منتظر لما يؤل أمره فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِ الوسط وَمَنِ اهْتَدى من الضّلالة.

في كشف المحجّة عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبيّ صلّى الله عليه وآله.

في حديث : قيل ومن الوليّ يا رسول الله قال وليّكم في هذا الزمان انا ومن بعدي وصيّي ومن بعد وصيي لكلّ زمان حجج الله لكيلا تقولون كما قال الضّلال من قبلكم فارقهم نبيّهم رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ الآية وانّما كان تمام ضلالتهم جهالتهم بالآيات وهم الأوصياء فأجابهم الله قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ الآية وانّما كان تربّصهم ان قالوا نحن في سعة

٣٢٨

من معرفة الأوصياء حتّى يعلن امام علمه.

في ثواب الأعمال والمجمع عن الصادق عليه السلام قال : لا تدعوا قراءة سورة طه فانّ الله يحبّها ويحبّ من قرأها ومن أدمن قراءتها أعطاه الله يوم القيامة كتابه بيمينه ولم يحاسبه بما عمل في الإسلام وأعطى في الآخرة من الأجر حتّى يرضى رزقنا الله تلاوته.

٣٢٩

سورة الأنبياء

مكيّة كُلّها وهي مائة واثنتا عشرة آية كوفيّ واحدى عشرة آية في الباقين

اختلافها آية واحدة ما لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ كوفي

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(١) اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ

القمّيّ قربت القيامة والسّاعة والحساب.

وفي المجمع : وانّما وصف بالقرب لأن أحد أشراط الساعة بعث رسول الله صلّى الله عليه وآله فقد قال : بعثت انا والسّاعة كهاتين.

وفي الجوامع عن أمير المؤمنين عليه السلام : انّ الدنيا ولّت حذّاء ولم يبق منها الا صُبابة كصبابة الإناء وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ في غفلة من الحساب معرضون عن التفكّر فيه.

(٢) ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ ينبّههم عن سنة الغفلة والجهالة مُحْدَثٍ ليكرّر على أسماعهم التّنبيه كي يتّعظوا إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ يستهزءون يستسخرون منه لتناهي غفلتهم وفرط اعراضهم عن النظر في الأمور والتفكر في العواقب.

لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ

(٣) القمّيّ قال من التلهي وَأَسَرُّوا النَّجْوَى بالغوا في اخفائها أو جعلوها بحيث خفي تناجيهم بها الَّذِينَ ظَلَمُوا بدل من واو أسرّوا للايماء بأنّهم ظالمون فيما أسرّوا به هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ أَفَتَأْتُونَ السِّحْرَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ قيل كأنّهم استدلّوا بكونه بشراً على كذبه في ادّعاء الرسالة لاعتقادهم انّ الرسول لا يكون الّا ملكاً واستلزموا منه ان ما جاء به من الخوارق كالقرآن سحر فأنكروا حضوره وانّما أسرّوا به تشاوراً في

٣٣٠

استنباط ما يهدم أمره ويظهر فساده للنّاس عامّة.

(٤) قالَ رَبِّي يَعْلَمُ الْقَوْلَ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ جهراً كان أو سرّاً وقرء قال بالأخبار عن الرسول وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فلا يخفى عليه ما يسرّون ولا ما يضمرون.

(٥) بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ اضراب لهم من قولهم : هو سحر الى انه تخاليط الأحلام ثمّ الى انّه كلام افتراه ثمّ الى انّه قول شاعر فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ كَما أُرْسِلَ به الْأَوَّلُونَ مثل اليد البيضاء والعصا وإبراء الأكمه وإحياء الموتى.

(٦) ما آمَنَتْ قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْيَةٍ من أهل قرية أَهْلَكْناها باقتراح الآيات لمّا جاءتهم أَفَهُمْ يُؤْمِنُونَ وهم أعتى منهم القمّيّ قال كيف يؤمنون ولم يؤمن من كان قبلهم بالآيات حتّى هلكوا.

(٧) وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ وقرء نوحي بالنّون فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ قيل هو جواب لقولهم هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ.

في الكافي عن الباقر عليه السلام : قيل له انّ من عندنا يزعمون انّ قول الله عزّ وجلّ فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ انّهم اليهود والنصارى قال اذن يدعوكم الى دينهم ثمّ قال وأومأ بيده الى صدره نحن أَهْلَ الذِّكْرِ ونحن المسئولون وقد سبق هذا الحديث مع اخبار آخر في هذا المعنى في سورة النّحل مع بيان.

(٨) وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ نفي لما اعتقدوه انّ الرسالة من خواصّ الملك.

(٩) ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ أي في الوعد فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ يعني المؤمنين بهم ومن في ابقائه حكمة كمن سيؤمن هو أو واحد من ذرّيته وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ في الكفر والمعاصي.

(١٠) لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ يا قريش كِتاباً يعني القرآن فِيهِ ذِكْرُكُمْ صيتكم أو موعظتكم أَفَلا تَعْقِلُونَ فتؤمنون.

(١١) وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وَأَنْشَأْنا بَعْدَها بعد إهلاك أهلها قَوْماً

٣٣١

آخَرِينَ مكانهم.

(١٢) فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا فلمّا أدركوا شدّة عذابنا ادراك المشاهد المحسوس إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يهربون مسرعين.

(١٣) لا تَرْكُضُوا على إرادة القول اي قيل لهم استهزاء وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ من التنعّم والتلذّذ والإتراف ابطار النّعمة وَمَساكِنِكُمْ الّتي كانت لكم لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ

(١٤) قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ

(١٥) فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ فما زالوا يردّدون ذلك وانّما سمّاه دعوى لأنّ المولول كأنّه يدعو الويل ويقول يا ويل تعالى فهذا أوانك حَتَّى جَعَلْناهُمْ حَصِيداً وهو النَّبت المحصود خامِدِينَ ميّتين من خمدت النار قيل نزلت في أهل اليمن كذّبوا نبيّهم حنظلة وقتلوه فسلّط الله عليهم بخت نصّر حتّى اهلكهم بالسيف ومعنى لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ أي تسئلون شيئاً من دنياكم فانّكم أهل ثروة ونعمة وهو استهزاء بهم.

وفي الكافي عن السجّاد عليه السلام : لقد أسمعكم الله في كتابه ما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال وَكَمْ قَصَمْنا مِنْ قَرْيَةٍ كانَتْ ظالِمَةً وانّما عنى بالقرية أهلها حيث يقول وَأَنْشَأْنا بَعْدَها قَوْماً آخَرِينَ فقال عزّ وجلّ فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنا إِذا هُمْ مِنْها يَرْكُضُونَ يعني يهربون قال فَلمَّا آتهُمُ الْعَذَابُ قالُوا يا وَيْلَنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ قال وأيم الله انّ هذه عظة لكم وتخويف ان اتّعظتم وخفتم.

وعن الباقر عليه السلام قال : إذا قام القائم وبعث الى بني أميّة بالشام هربوا الى الرّوم فيقول لهم الرّوم لا ندخلكم حتّى تتنصروا فيعلّقون في أعناقهم الصّلبان فيدخلونهم فإذا نزل بحضرتهم أصحاب القائم (ع) طلبوا الأمان والصلح فيقول اصحاب القائم (ع) لا نفعل حتّى تدفعوا إلينا من قبلكم منّا فيدفعونهم إليهم فذلك قوله لا تَرْكَنُوا إلى قوله لَعَلَّكُمْ تُسْئَلُونَ قال يسألهم الكنوز وهو أعلم بها قال فيقولون يا وَيْلَنا إلى قوله خامِدِينَ أي بالسيف وهو سعيد بن عبد الملك الامويّ صاحب نهر سعيد بالرّحبة

٣٣٢

والقمّيّ ما يقرب منه قال وهذا كلّه ممّا لفظه ماض ومعناه مستقبل وهو ممّا ذكرناه ممّا تأويله بعد تنزيله.

(١٦) وَما خَلَقْنَا السَّماءَ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما لاعِبِينَ وانّما خلقناهما تبصرة للنّظار وتذكرة لذوي الاعتبار وتسبيباً لما ينتظم به أمور العباد في المعاش والمعاد فينبغي أن يتبلّغوا بها الى تحصيل الكمال ولا يغترّوا بزخارفها السّريعة الزّوال.

(١٧) لَوْ أَرَدْنا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً (١) ما يتلهّى به ويلعب لَاتَّخَذْناهُ مِنْ لَدُنَّا قيل اي من جهة قدرتنا أو من عندنا ممّا يليق بحضرتنا من الرّوحانيات لا من الأجسام إِنْ كُنَّا فاعِلِينَ ذلك.

(١٨) بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فيمحقه فَإِذا هُوَ زاهِقٌ هالك إضراب من اتّخاذ اللهو وتنزيه لذاته سبحانه من اللّعب اي من شأننا ان نغلب الحقّ الذي من جملته الجدّ على الباطل الّذي من عداده اللهو واستعير القذف الذي هو الرّمي البعيد المستلزم لصلابة المرميّ والدمغ الذي هو كسر الدّماغ بحيث يشقّ غثاؤه المؤدّي الى زهوق الرّوح تصويراً لابطاله به ومبالغة فيه وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ ممّا لا يجوز عليه.

في المحاسن عن الصادق عليه السلام : ليس من باطل يقوم بإزاء حقّ الّا غلب الحق الباطل وذلك قول الله تعالى بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذا هُوَ زاهِقٌ

وعنه عليه السلام : ما من أحد إلّا وقد يرد عليه الحقّ حتّى يصدع قلبه قبله أو تركه وذلك أنّ الله يقول في كتابه بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِ الآية.

(١٩) وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ خلقاً وملكاً وَمَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَلا يَسْتَحْسِرُونَ وَلا يعيون منها.

(٢٠) يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ينزّهونه ويعظّمونه دائماً لا يَفْتُرُونَ.

في العيون عن الرضا عليه السلام : انّ الملائكة معصومون محفوظون من الكفر

__________________

(١) اللهو : المرأة وقيل هو الولد.

٣٣٣

والقبائح بالطاف الله تعالى قال الله فيهم لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ وقال عزّ وجلّ وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ يعني الملائكة لا يَسْتَكْبِرُونَ الآية.

وفي الإكمال عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن الملائكة أينامون فقال ما من حيّ الّا وهو ينام ما خلا الله وحده والملائكة ينامون فقيل يقول الله عزّ وجلّ يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ قال أنفاسهم تسبيح.

وفي رواية : ليس شيء من اطباق أجسادهم الّا ويسبّح الله عزّ وجلّ ويحمده من ناحيته بأصوات مختلفة.

(٢١) أَمِ اتَّخَذُوا آلِهَةً مِنَ الْأَرْضِ بل اتّخذوا والهمزة لانكار اتّخاذهم هُمْ يُنْشِرُونَ الموتى وهم وان لم يصرّحوا به لكن لزم ادّعاؤهم لها الإلهيّة فانّ من لوازمها الاقتدار على ذلك والمراد به تجهيلهم والتهكّم بهم.

(٢٢) لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ غير الله لَفَسَدَتا لبطلتا وتفطّرتا ولقد وجد الصّلاح وهو بقاء العالم ووجوده فدلّ على أنّ الموجد له واحد وهو الله جلّ جلاله.

في التوحيد عن الصادق عليه السلام : انه سئل ما الدّليل على أنّ الله واحد قال اتّصال التدبير وكمال الصنع كما قال عزّ وجلّ لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ المحيط بجميع الأجسام الّا الذي هو محلّ التدابير ومنشأ المقادير عَمَّا يَصِفُونَ من اتّخاذ الشريك والصاحبة والولد.

(٢٣) لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ لعظمته وقوّة سلطانه وتفرّده بالالوهيّة والسلطنة الذاتية وَهُمْ يُسْئَلُونَ لأنّهم مملوكون مستعبدون.

في العلل عن عليّ عليه السلام : يعني بذلك خلقه انّهم يسئلوا.

وفي التّوحيد عن الباقر عليه السلام : انّه سئل وكيف لا يُسْئَلُ عَمَّا يَفْعَلُ فقال لأنّه لا يفعل الّا ما كان حكمة وصواباً وهو المتكبّر الجبّار والواحد القهّار فمن وجد في نفسه حرجاً في شيء ممّا قضى كفر ومن أنكر شيئاً من أفعاله جحد.

٣٣٤

وعن الرضا عليه السلام قال : قال الله تعالى يا ابن آدم بمشيّتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ما تشاء وبقوّتي أدّيت إليّ فرائضي وبنعمتي قويت على معصيتي جعلتك سميعاً بصيراً قوياً ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وذلك انّي اوْلى بِحَسناتِكَ مِنْكَ وانْتَ اوْلى بسيّئاتِك مِنّي وذلك انّي لا أسئل عمّا أفعل وهم يسئلون.

(٢٤) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً كرّره استعظاماً لكفرهم واستفظاعاً لأمرهم وتبكيتاً وإظهاراً لجهدهم قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ على ذلك فانّه لا يصحّ القول بما لا دليل عليه هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي قيل اي من الكتب السماوية فانظر وأهل تجدون فيها الّا الأمر بالتّوحيد والنهي عن الاشراك.

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : يعني ب ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ ما هو كائن وب ذِكْرُ مَنْ قَبْلِي ما قد كان بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَ ولا يميّزون بينه وبين الباطل فَهُمْ مُعْرِضُونَ عن التّوحيد واتّباع الرّسول من اجل ذلك.

(٢٥) وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ وقرء بالنون أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ تأكيد وتعميم.

(٢٦) وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً قيل نزلت في خزاعة حيث قالوا الملائكة بنات الله.

والقمّيّ قال : هو ما قالَتِ النَّصارى انّ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ وما قالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ وقالوا في الأئمّة عليهم السلام ما قالوا فقال الله سبحانه سُبْحانَهُ أنفة له بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ يعني هؤلاء الّذين زعموا أنّهم ولد الله قال وجواب هؤلاء في سورة الزّمر في قوله لَوْ أَرادَ اللهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ سُبْحانَهُ.

(٢٧) لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ لا يقولون شيئاً حتّى يقوله كما هو شيمة العبيد المؤدّبين وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ لا يعملون قطّ ما لَم يأمرهم به.

في الخرائج عن أمير المؤمنين عليه السلام : انّه اختصم رجل وامرأة إليه فعلا

٣٣٥

صوت الرجل على المرأة فقال له عليّ عليه السلام اخسأ وكان خارجيّاً فإذا رأسه رأس الكلب فقال له رجل يا أمير المؤمنين صِحْتَ بهذا الخارجي فصار رأسه رأس الكلب فما يمنعك عن معاوية فقال ويحك لو أشاء أن آتي بمعاوية إلى هاهنا بسريره لدعوت الله حتّى فعل ولكنّ لله خزّان لا على ذهب ولا على فضّة ولكن على اسرار هذا تأويل ما تقرأ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ الآية.

(٢٨) يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ ولا يخفى عليه خافية ممّا قدّموا وأخّروا وهو كالعلّة لما قبله والتمهيد لما بعده فانّهم لاحاطتهم بذلك يضبطون أنفسهم ويراقبون أحوالهم وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى.

في العيون عن الرّضا عليه السلام : إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى الله دينه.

وفي الخصال عن الصادق عليه السلام : وأصحاب الحدود فسّاقٌ لا مؤمنون ولا كافرون لا يخلّدون في النّار ويخرجون منها يوماً والشفاعة جائزة لهم وللمستضعفين إذا ارتضى الله دينهم.

وفي التّوحيد عن الكاظم عن أبيه عن آبائه عن رسول الله صلوات الله عليه وعليهم قال : انّما شفاعتي لأهل الكبائر من أمّتي فامّا المحسنون منهم فما عليهم من سبيل قيل يا بن رسول الله صلّى الله عليه وآله كيف يكون الشفاعة لأهل الكبائر والله تعالى يقول وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى ومن يرتكب الكبيرة لا يكون مرتضى فقال ما من مؤمن يرتكب ذنباً الّا سائه ذلك وندم عليه.

وقال النّبي صلّى الله عليه وآله كفى بالنّدم توبة وقال من سرّته حسنة وساءته سيّئة فهو مؤمن فمن لم يندم على ذنب يرتكبه فليس بمؤمن ولم تجب له الشفاعة وكان ظالماً والله تعالى ذكره يقول ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ فقيل له يا ابن رسول الله وكيف لا يكون مؤمناً من لم يندم على ذنب يرتكبه فقال ما من أحد يرتكب كبيرة من المعاصي وهو يعلم أنّه سيعاقبه عليها الّا ندم على ما ارتكب ومتى ندم كان تائباً مستحقّاً للشفاعة ومتى لم يندم عليها كان مصرّاً والمصرّ لا يغفر له لأنّه غير مؤمن بعقوبة ما ارتكب ولو كان مؤمناً بالعقوبة لندم وقد قال النبيّ صلّى الله عليه

٣٣٦

وآله لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار وأمّا قول الله عزّ وجلّ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى فإنّهم لا يشفعون الّا لمن ارتضى الله دينه والدين الإقرار بالجزاء على الحسنات السيئات فمن ارتضى دينه ندم على ما ارتكبه من الذّنوب لمعرفته بعاقبته في القيامة وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ من عظمته ومهابته مُشْفِقُونَ مرتعدون وأصل الخشية خوف مع تعظيم ولذلك خصّ بها العلماء والإشفاق خوف مع اعتناء فان عدّى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر وان عدّى بعلى فبالعكس.

(٢٩) وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ من الملائكة أو من الخلائق إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ قيل يريد به نفي الرّبوبيّة وادّعاء نفي ذلك عن المخلوق وتهديد المشركين بتهديد مدّعي الرّبوبيّة.

والقمّيّ قال من زعم أنّه امام وليس بإمام.

أقول : لعلّ هذا التأويل وذاك التَّفسير كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ

(٣٠) أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أولم يعلموا وقرء بغير واو أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما.

في الكافي عن الباقر عليه السلام انّه سئل عن هذه الآية فقال : فلعلّك تزعم أنّهما كانتا رتقاً ملتزقتان ملتصقتان ففتقت إحداهما من الأخرى فقال نعم فقال عليه السلام استغفر ربّك فانّ قول الله عزّ وجلّ كانَتا رَتْقاً يقول كانت السّماء رتقاً لا تنزل المطر وكانت الأرض رتقاً لا تنبت الحبّ فلمّا خلق الله الخلق وبثّ فيها من كلّ دابّة فتق السّماء بالمطر والأرض بنبات الحبّ فقال السّائل اشهد انّك من ولد الأنبياء وانّ عليك علمهم.

وفي الاحتجاج عنه عليه السلام : ما يقرب منه.

وفي الكافي عنه انّه سئل عنهما فقال : انّ الله تبارك وتعالى اهبط آدم إلى الأرض وكانت السّماء رتقاً لا تمطر شيئاً وكانت الأرض رتقاً لا تنبت شيئاً فلمّا تاب الله عزّ وجلّ على آدم امر السّماء فتقطرت بالغمام ثمّ أمرها فأرخت عزاليها ثمّ امر الأرض

٣٣٧

فأنبتت الأشجار وأثمرت الثمار وتشققت بالأنّهار فكان ذلك رتقها وهذا فتقها.

والقمّيّ عن الصادق عليه السلام : انّه سئل عن ذلك فقال هو كما وصف نفسه كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ والماء على الهواء والهواء لا يحدّ ولم يكن يومئذ خلق غيرهما والماء يومئذ عذب فراتٌ فلمّا أراد الله ان يخلق الأرض امر الرّياح فضربت الماء حتّى صار موجاً ثمّ أزبد وصار زبداً واحداً فجمعه في موضع البيت ثمّ جعله جبلاً من زبد ثمّ دحا الأرض من تحته فقال الله تبارك وتعالى إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً ثم مكث الربّ تبارك وتعالى ما شاء فلمّا أراد أن يخلق السماء أمر الرياح فضربت البحور حتّى أزبدتها فخرج من ذلك الموج والزّبد من وسطه دخان ساطع من غير نار فخلق منه السماء وجعل فيها البروج والنّجوم ومنازل الشمس والقمر وأجراها في الفلك وكانت السّماء خضر على لون الماء الأخضر وكانت الأرض غبراً على لون الماء العذب وكانتا مرتوقتين ليس لهما أبواب ولم يكن للأرض أبواب وهو النّبت ولم تمطر السّماء عليها ففتق السّماء بالمطر وفتق الأرض بالنبات وذلك قوله أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا الآية وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ وخلقنا من الماء كلّ حيوان كقوله وَاللهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ لأَنَّه أعظم موادّه ولفرط احتياجه إليه وانتفاعه به بعينه او صيّرنا كلّ شيء حيّ بسبب من الماء لا يحيى دونه القمّيّ قال نسب كلّ شيء الى الماء ولم يجعل للماء نسباً إلى غيره.

وفي الكافي عن الباقر عليه السلام : مثله.

وعن الصادق عليه السلام : انّه سُئل عَن طعم الماء فقال طعم الماء طعم الحياة.

وفي المجمع والعيّاشي وقرب الإسناد مثله وزاد : قال الله تعالى وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ أَفَلا يُؤْمِنُونَ مع ظهور الآيات.

(٣١) وَجَعَلْنا فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ ثابتات أَنْ تَمِيدَ بِهِمْ كراهة ان تميل بهم وَجَعَلْنا فِيها فِجاجاً سُبُلاً مسالك واسعة لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ الى مصالحهم.

(٣٢) وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً عن الوقوع والزّوال والانحلال الى الوقت

٣٣٨

المعلوم بمشيّته كقوله تعالى وَيُمْسِكُ السَّماءَ أَنْ تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وقوله إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا والقمّيّ يعني من الشّياطين اي لا يسترقون السَّمع وَهُمْ عَنْ آياتِها أحوالها الدّالة على كمال قدرته وعظمته وتناهي علمه وحكمته مُعْرِضُونَ غير متفكرين.

(٣٣) وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ بيان لبعض تلك الآيات كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ يسرعون إسراع السّابح في الماء.

(٣٤) وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ

(٣٥) كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ

القمّيّ : لمّا اخبر الله عزّ وجلّ نبيّه صَلّى الله عليه وآله بما يصيب أهل بيته بعده صلوات الله عليهم وادّعاء من ادّعى الخلافة دونهم اغتمّ رسول الله صلّى الله عليه وآله فأنزل الله عزّ وجلّ هذه الآية وقيل نزلت حين قالوا نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ وقد سبق عند تفسير هذه الآية من سورة آل عمران حديث في الفرق بين الموت والقتل وَنَبْلُوكُمْ نعاملكم معاملة المختبرين بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ بالبلايا والنّعم فِتْنَةً ابتلاء وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ فنجازيكم حسب ما يوجد منكم من الصبر والشكر.

في المجمع عن الصادق عليه السلام : انّ أمير المؤمنين عليه السلام مرض فعاده إخوانه فقالوا كيف نجدك يا أمير المؤمنين قال بشرّ قالوا ما هذا كلام مثلك قال انّ الله تعالى يقول وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً فالخير الصحة والغنى والشر المرض والفقر.

(٣٦) وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ أي بسوء وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ فهم أحقّ أن يهزأ بهم.

(٣٧) خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ كأنّه خلق منه لفرط استعجاله وقلّة ثباته.

القمّيّ قال : لمّا اجرى الله في آدم الرُّوح من قدميه فبلغت الى ركبتيه أراد أن يقوم فلم يقدر فقال الله عزّ وجلّ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ.

٣٣٩

وفي المجمع عن الصادق عليه السلام : ما يقرب منه.

وفي نهج البلاغة : ايّاك والعجلة بالأمور قبل أوانها والتّساقط فيها عند إمكانها الحديث سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ بالإِتيان بها.

(٣٨) وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ يعنون النبيّ وأصحابه.

(٣٩) لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ محذوف الجواب يعني لما استعجلوا.

(٤٠) بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فجأة فَتَبْهَتُهُمْ فتغلبهم أو تحيّرهم فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ يمهلون.

(٤١) وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ تسلية لرسُول الله صلّى الله عليه وآله فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ وعدله بانّ ما يفعلونه يحيق بهم.

(٤٢) قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ يحفظكم بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ من بأسه إن أراد بكم وفي لفظ الرَّحمن تنبيه على أن لا كالئ غير رحمته العامّة وانّ اندفاعه بها مهلة بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ لا يخطرونه ببالهم فضلاً عن ان يخافوا بأسه

(٤٣) أَمْ لَهُمْ آلِهَةٌ تَمْنَعُهُمْ مِنْ دُونِنا بل الهم الهة تمنعهم من العذاب يتجاوز منعنا أو من عذاب يكون من عندنا لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ استيناف بابطال ما اعتقدوه فانّ من لا يقدر على نصر نفسه ولا يصحبه نصر من الله كيف ينصر غيره.

(٤٤) بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ حَتَّى طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ اضراب عمّا توهّموا ببيان الداعي الى حفظهم وهو الاستدراج والتمتيع بما قدّر لهم من الاعمار أو اضراب عن الدّلالة على بطلانه ببيان ما أوهمهم ذلك فحسبوا ان لا يزالوا كذلك وانّه بسبب ما هم عليه وهذا أوفق لما بعده أَفَلا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ قيل ارض الكفرة نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قيل اي بتسليط المسلمين عليها وهو تصوير لما يجريه الله على أيدي المسلمين أَفَهُمُ الْغالِبُونَ رسول الله صلّى الله عليه وآله والمؤمنين.

٣٤٠