ولصاحب الثلث أربعة ، ولصاحب الربع ثلاثة ولم يفصلوا ، وبه قال الحسن البصري ، والنخعي ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط الزيادة على جميع المال ويكون الباقي على أحد عشر ، لصاحب النصف الثلث أربعة ، ولصاحب الثلث الثلث أربعة ، ولصاحب الربع الربع ثلاثة ، ووافق ( ـ ش ـ ) إذا أجاز الورثة في أنه يقسم على ثلاثة عشر.
مسألة ـ ١١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لرجل بكل ماله ولاخر بثلث ماله ، فان بدأ بصاحب الكل وأجازت الورثة أخذ الكل وسقط الأخر ، وان بدأ بصاحب الثلث وأجازت الورثة أخذ الثلث والباقي وهو الثلثان (١) لصاحب الكل ، فان اشتبها استعمل القرعة على هذا الوجه.
وان لم يجز الورثة وبدأ بصاحب الكل أخذ الثلث وسقط الأخر ، وان بدأ بصاحب الثلث أخذ الثلث وسقط صاحب الكل ، وان اشتبها استخرج بالقرعة.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم يجز الورثة قسم الثلث بينهم على أربعة ، لصاحب الكل ثلاثة ، ولصاحب الثلث واحد. وقال ( ـ ح ـ ) : يقسم بينهما نصفين.
وان أجاز الورثة ، قسم ( ـ ش ـ ) على أربعة مثل ذلك ، وهو قول ( ـ ح ـ ) ، وفي رواية ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) عنه ، وروى الحسن بن زياد اللؤلؤي أنه قال : يقسم على ستة لصاحب الثلث السدس ، ولصاحب الكل خمسة أسداس.
مسألة ـ ١٢ ـ : تصرف المريض فيما زاد على الثلث إذا لم يكن منجزا لا يصح بلا خلاف ، وان كان منجزا مثل العتاق والهبة والمحاباة ، فلأصحابنا فيه روايتان : إحداهما أنه يصح ، والأخرى أنه لا يصح ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وجميع الفقهاء ولم يذكروا فيه خلافا.
مسألة ـ ١٣ ـ : إذا أوصى بخدمة عبده ، أو بغلة داره ، أو ثمر بستانه على
__________________
(١) م : والباقي هو الثلثان.
وجه التأبيد كان صحيحا ، بدلالة ظواهر الايات ، وعموم الاخبار في جواز الوصية في الأعيان والمنافع ، وبه قال عامة الفقهاء الا ابن أبي ليلى ، فإنه قال : لا يصح هذه الوصية لأنها مجهولة.
مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لرجل بزيادة على الثلث في حال صحته أو مرضه ، فأجازها الورثة في الحال قبل موت الموصي صحت الوصية ، وبه قال عطاء ، والحسن ، والزهري ، وربيعة بن أبي عبد الله ، وقال ( ـ ش ـ ) : و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، ان هذه الوصية باطلة ، وبه قال ابن مسعود ، وطاوس ، وشريح. وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ك ـ ) : ان ما أوصى به في حال صحته لم يلزم وما أوصى به في حال مرضه يلزمه (١).
مسألة ـ ١٥ ـ : إذا أوصى بثلث ماله في الرقاب ، فإنه يصرف الى المكاتبين والعبيد يشترون ويعتقون ، لان الاسم قد تناولهم ، وكذلك نقول في آية الصدقة.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يصرف الى المكاتبين. وقال ( ـ ك ـ ) : يشتري بثلث ماله عبيد ويعتقون.
مسألة ـ ١٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قال اشتروا بثلث مالي عبيدا وأعتقوهم ، فينبغي أن يشتري بالثلث ثلاثة فصاعدا ، لأنهم أقل الجمع أن بلغ الثلث قيمة الثلاث بلا خلاف ، وان لم يبلغ وبلغ اثنين وجزءا من الثالث ، فإنه يشتري الاثنان وأعتقا وأعطى البقية.
وللش فيه وجهان : أحدهما ، يشتري اثنان أعلاهما ثمنا ، والثاني : أنه يشتري اثنان وبعض الثالث.
مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كان عليه حجة الإسلام ، فأوصى أن يحج عنه من ثلث
__________________
(١) م : يلزم.
ماله ، وأوصى بوصايا أخر ، قدم الحج على غيره من الوصايا.
وللش فيه وجهان : أحدهما ما قلناه ، والثاني : يستوي بينه وبين الوصايا ، فان وفي الثلث بالكل فلا كلام ، وان كان ما يصيب الحج لا يكفيه تمم من رأس المال لأن حجة الإسلام يجب من رأس المال.
مسألة ـ ١٨ ـ : إذا مات الموصي ، ثمَّ مات الموصى له قبل أن يقبل الوصية قام ورثته مقامه في قبول الوصية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يبطل الوصية وحكى عنه أيضا انها تتم بموت الموصى له ودخلت في ملكه بموته ولا يفتقر الى قبول.
مسألة ـ ١٩ ـ : إذا أوصى لرجل بشيء ، ثمَّ مات الموصي ، فإنه ينتقل ما أوصى به الى ملك الموصى له بوفاة الموصي ، لأنه لا يكون ملكا للورثة بدلالة قوله تعالى ( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها ) (١) فجعل لها الميراث بعد الوصية ، فلا بد أن يكون ملكا للموصى له.
وللش فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : ما قلناه. والثاني : ينتقل بشرطين بوفاة الموصي وقبول الموصى له. والثالث : أنه مراعى فان قبل تبينا أنه انتقل اليه بوفاته ، وان رد تبينا أنه انتقل الى ورثته بوفاته دون الموصى له.
مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا قال الرجل أوصيت لفلان بثلث هذا العبد ، أو بثلث هذه الدار. أو الثوب ، ثمَّ مات الموصي وخرج ثلث ذاك العبد ، أو تلك الدار استحقاقا فإن الوصية يصح في الثلث الباقي إذا خرج من الثلث ، لأنه أوصى له بما ملكه (٢) كما لو قال بعت ثلث هذه الدار ، فإنه ينصرف الى الثلث الذي يملكه فيها ، وبه قال
__________________
(١) سورة النساء : ١٢.
(٢) م ، ود : بما يملكه.
( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ).
وذهب أبو ثور الى ان الوصية انما تصح في ثلث ذلك الثلث ، وبه قال زفر ، وابن شريح.
مسألة ـ ٢١ ـ : إذا أوصى بثلث ماله في سبيل الله ، فسبيل الله هم الغزاة المطوعة دون المترصدين للقتال الذين يستحقون أربعة أخماس الغنيمة ، بدلالة أخبار الطائفة ، وهو قول ( ـ ش ـ ).
وفي أصحابنا من قال : ان سبيل الله يدخل فيه جميع مصالح المسلمين ، من بناء القناطر ، وعمارة المساجد والمشاهد ، والحج والعمرة ، ونفقة الحاج والزوار ، وغير ذلك ، بدلالة الاخبار ، ولان جميع ذلك طريق الى الله وسبيل الله ، فالأولى حمل اللفظة (١) على عمومها ، وكذلك الخلاف في آية الزكاة.
مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا قبل الوصية ، فله أن يردها ما دام الموصي باقيا ، فان مات فليس له ردها ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، الا أنه قال : ليس له ان يردها في حال الحياة ما لم يردها في وجهه ، وبعد الوفاة (٢) ليس له ردها كما قلناه الا أن يقر بالعجز أو الخيانة كالوكالة.
وقال ( ـ ش ـ ) : له ردها قبل الوفاة وبعدها.
مسألة ـ ٢٣ ـ : من أوصى له بأبيه ، يستحب له أن يقبلها ولا يرد الوصية ، وان ردها لم يجبر على قبولها ، لأنه لا دليل على ذلك ، والأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال قوم : يلزمه قبولها.
مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ ج ـ ) : نكاح المريض يصح إذا دخل بها ، وان لم يدخل بها ومات من مرضه لم يصح النكاح.
__________________
(١) م : حمل اللفظ.
(٢) د : وجهه بعد الوفاة.
واختلف الناس فيه على أربعة مذاهب ، فقال ( ـ ش ـ ) : نكاحه صحيح وينظر في المهر ، فان كان المسمى مهر المثل استحقت ذلك من أصل المال ، وان كان أكثر فإن الزيادة لا يستحقها إلا بإجازة الورثة ان كانت وارثه ، وان كانت غير وارثه بأن تكون ذمية أو قاتلة استحقت الزيادة من الثلث ، قال : وهو إجماع (١) الصحابة ، وبه قال النخعي ، والشعبي ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وهو قول ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
وقال الزهري ، و ( ـ ع ـ ) : النكاح صحيح وتستحق المهر من أصل المال الا أنها لا ترث. وقال ربيعة بن عبد الرحمن : النكاح صحيح ، ولكن لا يستحق الصداق الا من الثلث. وقال ( ـ ك ـ ) : النكاح باطل.
مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا أوصى بثلثه لقرابته ، فمن أصحابنا من قال : انه يدخل فيه كل من تقرب إليه إلى آخر أب وأم في الإسلام.
واختلف الناس في القرابة ، فقال ( ـ ش ـ ) : إذا أوصى بثلثه لقرابته ولأقربائه وذي رحمه فالحكم واحد ، فإنها ينصرف الى المعروفين من أقاربه في العرف ، فيدخل فيه كل من يعرف في العادة أنه من قرابته ، سواء كان وارثا أو غير وارث ، قال الشيخ : وهذا قريب ويقوى في نفسي ، وليس لأصحابنا فيه نص عن الأئمة عليهمالسلام.
وذهب ( ـ ح ـ ) إلى انه يدخل فيه كل ذوي رحم محرم ، فأما من ليس بمحرم ، فإنه لا يدخل فيه وان كان له رحم مثل بني الأعمام وغيرهم.
وذهب ( ـ ك ـ ) أن هذه الوصية للوارث من الأقارب ، فأما من ليس بوارث ، فإنه لا يدخل فيها.
__________________
(١) م : قال هو إجماع.
ويدل على مذهبنا قوله (١) تعالى ( فَأَنَّ لِلّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى ) (٢) فجعل لذي القربى سهما من الغنيمة فأعطى النبي عليهالسلام ذلك بني هاشم وبني المطلب فجاء عثمان وجبير بن مطعم ، فقالا : يا رسول الله أما بنو هاشم فلا ننكر فضلهم لمكانك الذي وضعك الله فيهم ، واما بنوا المطلب فما بالنا أعطيتهم ومنعتنا وقرابتنا وقرابتهم واحدة ، فقال النبي عليهالسلام : اما بنو هاشم وبنو المطلب فشيء واحد وشبك بين أصابعه وقيل : انه قال : ما فارقونا في الجاهلية والإسلام.
ووجه الدلالة انه عليهالسلام اعطى ذلك بني أعمامه وبني أعمامه وبني جده. وعند ( ـ ح ـ ) ليس هؤلاء من ذوي القربى. وروي ان النبي عليهالسلام كان يعطي لعمته صفية من سهم ذي القربى.
مسألة ـ ٢٦ ـ : إذا أوصى لجيرانه بثلث ماله ، فرق بين من يكون بينه وبين داره أربعون ذراعا من أربع جوانب ، وقد روي أربعون دارا.
وقال ( ـ ش ـ ) : يفرق فيمن كان بينه وبينه أربعون دارا من كل وجه.
وقال ( ـ ح ـ ) : جيرانه الجار الملاصق. وقال ( ـ ف ـ ) : جيرانه أهل دربه. وقال ( ـ م ـ ) : أهل محلته. وقال ( ـ د ـ ) : جيرانه أهل مسجده وجماعته ومن سمع الأذان من مسجده.
مسألة ـ ٢٧ ـ : الوصية لأهل الذمة جائز بلا خلاف ، وفي أصحابنا من قيدها إذا كان من قرابته ، ولم يشرط الفقهاء ذلك. فأما الحربي فإنه لا يصح الوصية له ، لأنه لا دلالة على جوازه ، ولطريقة الاحتياط ، وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : يصح ذلك.
مسألة ـ ٢٨ ـ : يصح أن يوصي للقاتل ، بدلالة الآية
__________________
(١) م : دليلنا قوله تعالى.
(٢) سورة الأنفال : ٤١.
( مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ ) (١) وقوله ( الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ ) (٢) ولم يفرق وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، والقول الأخر لا يصح ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
مسألة ـ ٢٩ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى بثلث ماله لرجل ، ثمَّ أوصى بثلث ماله لاخر ولم يجز الورثة ، كانت الوصية الثانية رافعة للأولى وناسخة لها ، وبه قال الحسن البصري ، وطاوس ، وعطاء ، وداود.
وقال ( ـ ش ـ ) : لا يكون رجوعا عن الأول ، وبه قال ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا ضرب الحامل الطلق ، كان ذلك مرضا مخوفا ، سواء كان ذلك قبل الطلق أو بعده أو معه ، لأن العادة تختلف في ذلك ، فيحصل التلف بعد الأوان وقبله ، ومعه ، والخوف على كل حال حاصل.
وقال ( ـ ش ـ ) : ما يضربه قبل الطلق لا يكون مخوفا ، وما يضربه مع الطلق فعلى قولين وما يكون بعده فعلى قولين.
وقال ( ـ ك ـ ) : إذا بلغ الحمل ستة أشهر كان ذلك مخوفا. وقال سعيد بن المسيب : الحمل من ابتدائه إلى انتهائه حالة الخوف ويكون كله مخوفا.
مسألة ـ ٣١ ـ : إذا أعتق ، ثمَّ حابى في مرضه المخوف ، كان ذلك من الثلث بلا خلاف ، ويقدم العتق على المحاباة ، لأنا قد بينا في الوصية كلها أنه يقدم الأول (٣) فالأول ، وقال ( ـ ش ـ ) : يقدم الأسبق فالأسبق. وقال ( ـ ح ـ ) : يسوى بين العتق والمحاباة ، ووافقنا في أنه إذا بدا بالمحاباة ثمَّ العتق أنه يقدم الأول فالأول.
__________________
(١) سورة النساء : ١١.
(٢) سورة البقرة : ١٨٠.
(٣) م : تقدم الأول.
مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا جمع بين عطية منجزة وعطية موخرة دفعة واحدة ولم يخرجا من الثلث ، فإنه يقدم (١) المنجزة على المؤخرة ، لان العطية المنجزة سابقة لازمة في حق المعطي ، فوجب أن يقدم على العطية الموجزة التي لم يلزم (٢) ، كما إذا أعتق ثمَّ أوصى ، وهذا مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يقدم إحداهما على الأخرى ، ويستوي بينهما لأنه يعتبر كله من الثلث.
مسألة ـ ٣٣ ـ « ج » : إذا أوصى بثلث ماله لأهل بيته دخل أولاده فيه وآباؤه وأجداده. وقال ثعلب : لا يدخل الأولاد فيه ، وهو الذي اختاره أصحاب ( ـ ش ـ ) ولم يذكروا فيه خلافا.
مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لعترته ، كان ذلك في ذريته الذين هم أولاده وأولاد أولاده ، وكذلك قال ثعلب وابن الأعرابي ، وقال القتيبي : عترته عشيرته ، واستدل بقول أبي بكر نحن عترة رسول الله وحكى أصحاب ( ـ ش ـ ) القولين جميعا ، وضعفوا قول القتيبي ولم يصححوا الخبر ، وهو الصحيح.
مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا وصى لمواليه وله موال من فوق وموال من أسفل ولم يبينه اشتركوا كلهم فيه ، لان اسم المولى يتناولهم.
وللش فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : لمواليه من فوق. الثالث : يبطل فيهما معا.
مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لمواليه ولأبيه موال ، كان مصروفا الى مواليه دون موالي أبيه ، ولم أجد من الفقهاء فيه نصا ، والذي يقتضيه مذهبهم أن يكون مثل الأول سواء.
__________________
(١) م : فإنه قد تقدم.
(٢) م : التي تلزم.
مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا أوصى لرجل بعبد له وله مال غائب ، فإنه يسلم الى الموصى له ثلث العبد على كل حال ، لان من المعلوم قد استحق (١) ثلثه ، فان سلم المال الغائب استحق جميع العبد ، وان لم يسلم فهذا الثلث يستحقه على كل حال.
وللش فيه وجهان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا يسلم اليه.
وقال ( ـ ك ـ ) : الورثة بالخيار ان شاءوا أجازوه ، وان شاءوا فسخوا ، ويحصل حق الموصى له متعلقا بجميع ماله مشاعا ، وهكذا إذا أوصى له بمال ناض وله عقار أو أوصى بمال وله دين ، أو أوصى بمال ناض وله مال غائب ، فإن للورثة الخيار ان شاءوا أجازوا وان شاءوا فسخوا الوصية ، ويتعلق حق الموصى له بجميع ماله.
مسألة ـ ٣٨ ـ : لا يجوز للمملوك أن يكون وصيا ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، سواء كان عبدا لموصي أو عبد غيره ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور.
وقال ( ـ ك ـ ) : يجوز (٢) أن يكون وصيا بكل حال. وقال ( ـ ع ـ ) ، وابن شبرمة : ان الوصية الى عبد نفسه يصح والى غيره لا يصح.
وقال ( ـ ح ـ ) : الوصية الى عبد غيره لا تصح ، والى عبد نفسه نظرت ان كان (٣) في الأولاد كبار لم تصح ، وان لم تكن في الأولاد كبار تصح الوصية إليه.
مسألة ـ ٣٩ ـ ( ـ ج ـ ) : يجوز أن تكون المرأة وصيا ، وبه قال جميع الفقهاء الإعطاء ، فإنه قال : لا يصح أن تكون المرأة وصيا.
يدل على ذلك ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روي (٤) أن هندا أتت النبي عليهالسلام فقالت : يا رسول الله ان أبا سفيان رجل شحيح وأنه لا يعطي ما يكفني وولدي إلا
__________________
(١) م : من المعلوم انه قد استحق.
(٢) م : يجوز على كل حال.
(٣) م : عبد نفسه ان كان.
(٤) م : دليلنا ما روى.
ما آخذه منه سرا ، فقال عليهالسلام : خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. فجعلها عليهالسلام قيمة أولادها. وروي أن عمر أوصى الى صفية بنته ولم ينكر ذلك عليه.
مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا أوصى الى رجلين ، فلا يخلو من ثلاثة أحوال : أحدها أن يوصى إليهما على الاجتماع والانفراد ، والثاني أن يوصى إليهما على الاجتماع وينهاهما عن الانفراد (١) بالتصرف ، والثالث أن يطلق.
أما الأول فمتى انفرد أحدهما بالتصرف جاز وان اجتمعا صح ، وان تغير (٢) حال أحدهما بمرض أو كبر أقام الحاكم أمينا يقوى يده ويكون الوصي كما كان وان مات أحدهما فليس للحاكم أن ينصب وصيا آخر ، لان الميت له وصي ثابت.
والثاني (٣) وهو أن ينهى كل واحد منهما عن الانفراد بالتصرف ، فمتى اجتمعا صح التصرف ، وان انفرد أحدهما لم يصح ، وان (٤) تغير حال أحدهما فليس للذي لم يتغير ان يتصرف ، وللحاكم أن يقيم مقامه آخر ويضيفه إلى الذي بقي فان رأى الحاكم أن يفوض الأمر إلى الذي بقي هل يصح ذلك أم لا؟ على وجهين. وان تغير حالهما ، فعلى الحاكم أن يقيم رجلين مقامهما ، وهل له أن يقيم واحدا مقامهما؟ على وجهين ، وهذان الفصلان لا خلاف فيهما.
والثالث إذا أطلق ، فالحكم فيه كالحكم في الفصل الثاني في جميع الوجوه وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ف ـ ) : يجوز لكل واحد منهما أن يتفرد (٥) بالتصرف (٦) إذا أطلق كما لو قيد.
__________________
(١) م : على الانفراد.
(٢) م : وان يغير.
(٣) م : واما الثاني.
(٤) م : وان يغير.
(٥) د : ان ينفرد.
(٦) م : ان ينفرد بالمتصرف.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : القياس يوجب أن لا يجوز أن ينفرد أحدهما بالتصرف أصلا ، لكن جوزنا أن ينفرد كل واحد منهما بالتصرف في خمسة أشياء استحسانا : شري الكفن ، وحفر القبر ، والدفن ، والتفرقة في الثلث ، وقضاء الديون ، ورد الوديعة ، والنفقة على عياله مثل الطعام. فأما الكسوة ، فاتفقوا أنه لا يجوز أن ينفرد أحدهما بشرائه.
يدل على ما قلناه انه لا خلاف (١) انهما إذا اجتمعا صح تصرفهما ، ولا دليل على صحة تصرفهما على الانفراد ، فينبغي أن لا يجوز ذلك.
مسألة ـ ٤١ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يجوز أن يوصي إلى أجنبي بأن يتولى أمر أولاده مع وجود أبيه ، ومتى فعل ذلك لم يصح الوصية ، لأن الجد أولى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يصح وصيته للأجنبي مع وجود الجد.
ويدل على ما قلناه إجماع الفرقة (٢) على أن للجد ولاية على ولد الولد ، فاذا كان كذلك فلا يجوز أن يولي عليه كالأب.
مسألة ـ ٤٢ ـ : الأم لا تلي على أولادها بنفسها إلا بوصية من أبيهم ، لأنه لا دلالة على ذلك في الشرع ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأكثر أصحابه. وقال الإصطخري : هي تلي أمرهم بنفسها من غير ولاية.
مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا أوصى اليه بجهة من الجهات ، فليس له أن يتصرف في غيرها من الجهات ، مثل أن يوصي اليه بتفرقة ثلثه أو رد ودائعه ، فليس له أن يتصرف في غيرها ، لأنه لا دلالة على ذلك ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أوصى اليه بجهة من الجهات ، فله أن يتصرف ( ـ ح ـ ) في جميع
__________________
(١) م : دليلنا انه لا خلاف.
(٢) م : دليلنا إجماع الفرقة.
(٣) م : من الجهات يجوز له أن يتصرف.
الجهات.
مسألة ـ ٤٤ ـ : إذا أوصى الى غيره وأطلق ، ولم يقل فاذا مت أنت فوصيي فلان ، ولا قال فمن أوصيت إليه فهو وصيي ، فلأصحابنا فيه قولان ، أحدهما : أن له أن يوصي الى غيره ، ويدل عليه رواياتهم المذكورة في تهذيب الاحكام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ر ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ولو أوصى هذا الوصي الى رجل في أمر أطفال نفسه ، لكان ذلك الوصي الثاني وصيا في أمر الأطفال الموصي الأول ، لأن عنده الوصية لا تتبعض ، ونحن لا نقول بذلك.
وقال بعض أصحابنا : ليس له أن يوصي ، فإذا مات أقام الناظر في أمر المسلمين من ينظر في تلك الوصية ، والخبر الوارد بذلك مذكور هناك ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة ـ ٤٥ ـ : إذا أوصى اليه وقال : من وصيت اليه فهو وصيي كانت (١) هذه وصية صحيحة ، لأنه لا مانع منه في الشرع والأصل جوازه ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وقيل : المسألة على قولين ، أحدهما : ما قلناه ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ). والثاني : لا يصح.
مسألة ـ ٤٦ ـ : إذا أوصى اليه ، وقال : متى أوصيت إلى فلان فهو وصيي ، كانت الوصية صحيحة ، لأنه لا مانع منه.
واختلف أصحاب ( ـ ش ـ ) ، فمنهم من قال : يصح قولا واحدا ، لأنه نص على الوصي الثاني ، ومنهم من قال : هذا على قولين.
مسألة ـ ٤٧ ـ ( ـ ج ـ ) : ما يجب فيه الزكاة من أموال الطفل ، فعلى الوصي
__________________
(١) د : فهو وصى كانت.
أن يخرج ذلك من ماله ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ابن أبي ليلى : لا يخرج الزكاة من ماله حتى يبلغ ثمَّ يخرج هو بنفسه.
مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أوصى لعبد نفسه ، صحت الوصية وقوم العبد وأعتق إذا كان ثمنه أقل من الثلث ، وان كان أكثر استسعى فيما يفضل للورثة.
وقال جميع الفقهاء : انه لا يجوز الوصية لعبد نفسه (١).
مسألة ـ ٤٩ ـ ( ـ ج ـ ) : لا يصح الوصية لعبد الغير من الأجانب. وقال جميع الفقهاء : انها تصح.
مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا أوصى بثلث ماله ، اعتبر حال الموت دون حال الوصية لأن الوصية انما تلزم بالموت ، فوجب أن يعتبر تلك الحال ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال بعض أصحابه : يعتبر حال الوصية.
مسألة ـ ٥١ ـ : الوصية للميت باطلة ، سواء كان عالما بموته ، أو ظن أنه حي ثمَّ ظهر له موته ، لأنه لا دلالة على صحة هذه الوصية ، ولأن الوصية يفتقر الى القبول ، ولا يصح من الميت القبول ، وبه قال ( ـ ح ـ ) و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان ظن أنه حي فأوصى له ، ثمَّ بان أنه كان ميتا ، فإن الوصية لا تصح (٢) وان علم أنه ميت فأوصى له فإنها تصح ويكون للورثة.
مسألة ـ ٥٢ ـ : من ليس له وارث ولا مولى نعمة ، لا يصح أن يوصي بجميع ماله ، ولا يوصي بأكثر من الثلث ، لان ذلك مجمع على صحته ، وما زاد على الثلث لا دليل عليه ، ولما روى معاذ بن جبل أن النبي عليهالسلام قال : ان الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم زيادة في حسناتكم ، وفي بعض الاخبار زيادة
__________________
(١) م : وقال جميع الفقهاء انه لا يجوز : مسألة.
(٢) م : انه كان ميتا لا تصح.
في أعمالكم ، ولم يفرق بين من يكون له وارث ومن ليس له وارث ، وبه قال ( ـ ك ـ ) و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وأهل الشام ، وابن شبرمة.
وذهب شريك ، و ( ـ ح ـ ) وأصحابه الى أن له أن يوصي بجميع ماله ، وقد روي ذلك في أحاديثنا.
كتاب الوديعة
مسألة ـ ١ ـ : ليس للمودع أن يسافر بالوديعة ، سواء كان الطريق مخوفا أو غير مخوف ، وسواء كانت المسافة قريبة أو بعيدة مع الاختيار ، لأنه لا دلالة على جوازه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان مخوفا فكما قلنا ، وان لم يكن مخوفا جاز له أن يسافر بها.
مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا شرط في الوديعة أن تكون مضمونة ، كان الشرط باطلا ، وبه قال الفقهاء كلهم ، الا عبيد الله بن الحسن العنبري ، فإنه قال : يكون مضمونة بالشرط.
مسألة ـ ٣ ـ : المودع متى أودع الوديعة عند غيره مع قدرته على صاحبه فإنه يكون ضامنا ، سواء أودع زوجته أو غير زوجته ، لان صاحبها قد ائتمنه دون غيره ، فإذا ائتمن عليها غير نفسه فقد تعدى فيها ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : إذا أودع زوجته لم يضمن ، وان أودع غيرها ضمن.
وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أودعها عند من يعول ويمون لا يضمن وان أودعها عند غيرهم ضمن.
مسألة ـ ٤ ـ : إذا تعدى في الوديعة فضمنها ، فاذا ردها الى حرزها لم يزل الضمان عنه ، الا أن يردها الى المودع ، أو حدث استيمان آخر مجدد ، لأنه قد
ضمن بالتعدي ، ولا دليل على براءة ذمته برده الى الحرز ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : إذا ردها الى حرزها زال الضمان.
مسألة ـ ٥ ـ : إذا أخرجها من حرزها ، ثمَّ ردها الى مكانها ، فإنه عندنا يضمن بكل حال ، لما قلناه ولما روى سمرة أن النبي عليهالسلام قال : على اليد ما أخذت حتى تؤدي وهذا قد أخذ ، وهو مذهب ( ـ ش ـ ).
وعند ( ـ ح ـ ) لا يضمنها ، إلا في ثلاث مسائل : إذا جحده ثمَّ اعترف به ، وإذا طولب بردها فمنع الرد ثمَّ بذل ردها ، وإذا خلطه ثمَّ ميزه ، فان في هذه المسائل الثلاث لا يزول ضمانه عنده.
وقال ( ـ ك ـ ) : إن أنفقها وجعل بدلها مكانها زال الضمان ، لان عنده إذا كان المودع موسرا وكانت الوديعة دراهم أو دنانير ، جاز له أن ينفقها ويكون في ذمته ، قال : فيكون أحظى للمودع من الحرز.
مسألة ـ ٦ ـ : إذا قال له رب الوديعة بعد أن تعدى فيها وضمنها أبرأتك من ضمانها وجعلتها وديعة عندك وائتمنتك على حفظها ، فإنه يزول ضمانه ، لان حق الضمان لصاحبها ، فيجب أن يزول (١) بإبرائه وسقط بإسقاطه.
وظاهر مذهب ( ـ ش ـ ) أنه لا يزول ، لان بالإبراء لا يزول الضمان الا أن يردها عليه ثمَّ بتسلمها من الرأس ، وفي أصحابه من قال : يزول ضمانه.
مسألة ـ ٧ ـ : إذا أخرج الوديعة بمنفعة نفسه ، مثل أن يكون ثوبا وأراد أن يلبسه ، أو دابة أراد ركوبها ، فإنه يضمن بنفس الإخراج ، لأنه قد تعدى فيها بالإخراج ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يضمن بالإخراج حتى ينتفع ، مثل أن يلبس أو يركب.
مسألة ـ ٨ ـ : إذا نوى أن يتعدى ، فإنه لا يضمنها بالنية حتى يتعدى ، لأنه
__________________
(١) د : فيجب به أن يزول.
لا دليل على ذلك ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ) ، والوجه الأخر أنه يضمن بنفس النية ، لأن نية التعدي (١) تعد.
مسألة ـ ٩ ـ : إذا أودع غيره حيوانا ولم يأمره بأن يسقيها (٢) ولا يعلفها ولا نهاه ، لزمه الإنفاق عليها وسقيها وعلفها ، ويرجع بذلك على صاحبها ، لان الاحتياط يقتضي ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلزمه الإنفاق عليها ولا سقيها ولا علفها.
مسألة ـ ١٠ ـ : إذا أودعه وديعة ، وقال : ادفعها الى فلان أمانة ، فادعى المودع أنه دفعها اليه ، وأنكر المودع ذلك ، فالقول قول المودع ، لأنه مؤتمن ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وللش فيه وجهان ، أحدهما : إذا قال يلزمه الاشهاد على الدفع فلم يشهد ، فإنه يكون مفرطا ويضمن. والأخر : إذا قال لا يلزمه الاشهاد ، فعلى هذا يكون القول قول المودع.
مسألة ـ ١١ ـ : إذا أودعه صندوقا فيه متاع ، فقال له : لا ترقد عليه ولا تقفله فنام عليه وأقفله بقفل آخر لم يضمن ، لأنه أضاف إليه حرزا آخر وبالغ فيه ، كما لو أودعه وقال أتركه في صحن دارك ، فتركه في بيته وأقفل عليه لم يضمن ، لأنه زاده حرزا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال بعض أصحابه : يضمن لأنه نبه عليه اللصوص بأن فيه مالا ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة ـ ١٢ ـ : إذا خلط الوديعة بماله خلطا لا يتميز ، مثل أن يخلط دراهم
__________________
(١) م : لأن النية التعدي.
(٢) م : يأمره أن يسقيها.
بدراهم ، أو دنانير بدنانير ، أو طعاما بطعام ، فإنه يضمن ، سواء خلطها بمثله (١) أو أرفع منها أو أدون ، لأنه قد تعدى بالخلط ، بدلالة أنه لا يمكنه أخذ ماله بعينه ، فينبغي ان يجب عليه الضمان ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان خلطها بالأدون منها (٢) ضمن ، وان خلطها بمثلها لم يضمن.
مسألة ـ ١٣ ـ : إذا أودعه دراهم أو دنانير ، فأنفقها المودع ثمَّ ردها (٣) مكانها غيرها لم يزل الضمان ، لأنه لا دلالة عليه.
وقال ( ـ ك ـ ) : زال الضمان عنه بذلك (٤) بناه على أصله.
مسألة ـ ١٤ ـ : إذا كانت عنده وديعة أودعها نفسان ، فقال المودع : هو لأحدهما ولا أعلم صاحبه بعينه ، وادعى كل واحد منهما علمه بذلك لزمته يمين واحدة بأنه لا يعلم لأيهما هي ، لأنه لا دليل على أكثر من ذلك ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يحلف لكل واحد منهما يمينا فيلزمه يمينان.
مسألة ـ ١٥ ـ : إذا حلف وأخرجت الوديعة من يده ، وبذل كل واحد من المدعيين اليمين أنها له ، استخرج واحد منهما بالقرعة ، فمن خرج اسمه حلف وسلمت اليه ، أو يقسم بينهما نصفين ، لإجماع الفرقة على أن كل أمر مشكل ففيه القرعة.
وللش فيه قولان ، أحدهما : يقسم بينهما نصفين. والأخر : يوقف حتى يصطلحا وبه قال ابن أبي ليلى.
__________________
(١) م : بمثلها.
(٢) د : منهما ضمن.
(٣) م : ردها الى مكانها.
(٤) م : بذلك الرد بناه.
كتاب الفيء وقسمة الغنائم
مسألة ـ ١ ـ ( ـ ج ـ ) : ما يؤخذ بالسيف قهرا من المشركين يسمى غنيمة بلا خلاف ، وعندنا أن ما يستفيده الإنسان من أرباح التجارات والمكاسب والصنائع يدخل أيضا في ذلك. وخالف جميع الفقهاء فيه.
مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : الفيء كان لرسول الله صلىاللهعليهوآله خاصة ، وهو لمن قام مقامه من الأئمة ، وبه قال علي عليهالسلام ، وعمر ، وابن عباس ، ولم يعرف لهم مخالف.
وقال ( ـ ش ـ ) : كان يقسم على عهد رسول الله الفيء على خمسة وعشرين سهما : أربعة أخماسه للنبي عليهالسلام وهو عشرون سهما ، وله أيضا خمس ما بقي يكون أحدا وعشرين سهما ، ويبقى أربعة أسهم بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل.
وقال ( ـ ح ـ ) : الفيء كله وخمس الغنيمة يقسم على ثلاثة ، لأنه كان يقسم على خمسة ، فلما مات النبي عليهالسلام رجع سهم النبي وسهم ذي القربى إلى أصل السهمان فيقسم الان على ثلاثة ، وعنده ما كان يستحق النبي عليهالسلام من الفيء إلا الخمس ، وعند ( ـ ش ـ ) أربعة أخماس الفيء وخمس ما بقي من الفيء.
مسألة ـ ٣ ـ ( ـ ج ـ ) : حكم الفيء بعد النبي عليهالسلام حكمه في أيامه في أنه خاصة
لمن قام مقامه.
وللش فيه قولان في أربعة أخماس وخمس الخمس ، أحدهما : يكون للمقاتلين والقول الثاني في المصالح ، ويبدأ بالأهم وأهم الأمور الغزاة ، وخمس خمس الغنيمة في مصالح المسلمين قولا واحدا.
مسألة ـ ٤ ـ ( ـ ج ـ ) : ما كان للنبي عليهالسلام ينتقل الى ورثته ، وهو موروث. وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ ج ـ ) : ما كان (١) للنبي عليهالسلام من خمس الغنيمة سهم الله وسهم رسوله وسهم ذي القربى ثلاثة من ستة. وقال الفقهاء : كان له سهم من خمسة.
مسألة ـ ٦ ـ ( ـ ج ـ ) : ما كان للنبي عليهالسلام من الصفايا قبل القسمة ، فهو لمن قام مقامه ، وقال جميع الفقهاء : ان ذلك يبطل بموته.
مسألة ـ ٧ ـ : ما تؤخذ من الجزية والصلح والخراج وميراث من لا وارث له ومال المرتد لا يخمس ، بل هو لجهاته المستحق لها ، لأنه لا دليل في الشرع على أنه يخمس ، وبه قال عامة الفقهاء. وللش فيه قولان.
مسألة ـ ٨ ـ : السلب لا يستحقه القاتل الا بأن يشرط له الإمام ، لأنه إذا لم يشرط له ، فلا دليل على استحقاقه لذلك ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : هو للقاتل وان لم يشرط له الامام ، وبه قال ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ).
مسألة ـ ٩ ـ : إذا شرط له الامام السلب لا يحتسب عليه من الخمس ، لان ظاهر شرط الإمام يقتضي أنه له ، ولا دليل على أنه يخمس أو يحتسب (٢) عليه.
وعند ( ـ ح ـ ) يحتسب عليه من الخمس.
وقال ( ـ ش ـ ) : لا يخمس ، وبه قال سعد بن أبي وقاص. وقال ابن عباس : يخمس السلب ، قليلا كان أو كثيرا. وقال عمر : ان كان قليلا لا يخمس ، وان كان كثيرا
__________________
(١) م : مسألة ، كان.
(٢) م : أو يحسب عليه.