ضغثا فيه مائة شمراخ ، أو شد مائة سوط ، فضربه بها دفعة واحدة ، وعلم أنها كلها وقعت على جسده ، بر في يمينه ولم يحنث ، سواء آلمه أو لم يؤلمه ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وهو ظاهر مذهب ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : لا يعتد به الا بواحدة ، كما لو حلف ليضربنه مائة مرة أو مائة ضربة لم يبر ، كذلك ها هنا إذا قال : مائة أو مائة سوط ، ولا يعتد الا بما لم يؤلم.
مسألة ـ ٨٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ضربه بضغث فيه مائة ، ولم يعلم أن الجميع وصل الى بدنه ، بل (١) غلب على ظنه ذلك ، بر في يمينه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، والمزني : لا يبر حتى يقطع على أن المائة وصلت الى بدنه.
مسألة ـ ٩٠ ـ : إذا حلف لا وهبت له ، قال ( ـ ش ـ ) : هذه عبارة عن كل عين يملكه إياها متبرعا بها (٢) بغير عوض ، فان وهب له أو أهدى أو نحلة أو أعمره أو تصدق عليه صدقة تطوع حنث ، وقد سمى رسول الله العمري هبة ، فقال : العمري هبة لمن وهبت له.
وبه قال ( ـ ح ـ ) في كل ذلك ، وخالفه في صدقة التطوع ، فقال : لا يحنث بها ، لأنها ليست بصدقة بل هي غير الهبة والهدية ، وهذا هو الصحيح الذي نختاره ، لان ذلك مجمع على وقوع الحنث به فأما صدقة التطوع ، فليس على وقوع الحنث به دليل.
ويدل أيضا على أن الصدقة غير الهبة والهدية أنه لا خلاف أن الصدقة كانت محرمة على النبي عليهالسلام ، وأنه كان يقبل الهدية ، فلو كانا شيئا واحدا لما امتنع من أحدهما دون الأخر.
مسألة ـ ٩١ ـ : إذا حلف لا ركب دابة العبد ، وللعبد دابة قد جعلها سيده
__________________
(١) د : الى بدنه فغلب.
(٢) م : متبرعا بغير عوض.
في رسمه فركبها لم يحنث ، لان العبد لا يملك شيئا أصلا ، وهذه الإضافة يقتضي الملك ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث لأنها تضاف إليه.
مسألة ـ ٩٢ ـ : إذا قال ان دخلت الدار فمالي صدقة ، أو فعلي صوم شعبان ، أو قال : ان لم أدخل الدار ، أو لم أكلم فلانا فمالي صدقة ، أو فعلي صوم سنة ، فإذا وجد شرطه لم يكن ذلك نذرا ، وهو بالخيار بين الوفاء به وأن لا يفي به ، وليس بواجب عليه. وان قال بلفظ لله علي ذلك ، كان نذرا يجب الوفاء به.
وقال جميع الفقهاء : ان ذلك نذر في اللجاج والغضب ، وما الذي يجب عليه؟
اختلفوا فيه على ستة مذاهب ، فقال ( ـ ش ـ ) : هو بالخيار بين الوفاء بنذره ، وبين أن يكفر كفارة يمين.
وقال بعض أصحابه : الواجب عليه كفارة يمين ، الا أنه إذا أراد أن يفعل الأكمل (١) تصدق بماله ، هذا إذا علقه بعبادة غير الحج ، فأما ان علقه بحج ، فعلى قولين ، أحدهما : مثل العبادات. والثاني يلزمه الحج لا غير ، وبه قال في الصحابة عمر وابن عباس ، وأبو هريرة ، وعائشة ، وزينب ، وأم سلمة ، وفي التابعين عطاء ، والحسن البصري ، و ( ـ د ، وق ـ ) ، وأبو ثور ، وأبو عبيد.
وقال النخعي ، والحكم ، وحماد : لا يلزمه به شيء لا الوفاء ولا الكفارة مثل قولنا. وقال ربيعة : يلزمه قدر زكاة ما فيه الزكاة ، فإن كان له مال يجب فيه الزكاة أخرج قدر زكاته. وقال ( ـ ك ـ ) : عليه أن يتصدق بثلث ماله.
وقال ( ـ ح ـ ) : عليه أن يتصدق بماله الذي يجب فيه الزكاة ، حتى لو كان جميع (٢) ماله ما يجب فيه الزكاة ، فعليه أن يتصدق بماله. وقال عثمان البتي : عليه الوفاء به ، فيتصدق بجميع ماله ، فأضيفهم قول البتي ، ويليه ( ـ ح ـ ) ، ثمَّ ( ـ ك ـ ) ، ثمَّ ربيعة ، ثمَّ
__________________
(١) د : أن يفعل الأكل.
(٢) د : لو كان جمع.
( ـ ش ـ ) ، ثمَّ النخعي.
مسألة ـ ٩٣ ـ : إذا حلف لا أستخدم عبدا ، فخدمه عبد من قبل نفسه لم يحنث سواء كان عبده أو عبد غيره ، لان الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان عبد نفسه حنث ، وان كان عبد غيره لا يحنث ، لأنه إذا كان عبد نفسه كان إقراره على ذلك وتمكينه منه استخداما.
مسألة ـ ٩٤ ـ : إذا حلف لا يأكل فاكهة ، فأكل عنبا أو رطبا أو رمانا حنث لأن أهل اللغة يسمون ذلك فاكهة ، وبه قال ( ـ ف ، وم ، وش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث وليس عطف هذه الأشياء على الفاكهة في القرآن بدليل على أنها ليست بفاكهة ، كما أن عطف صلاة الوسطى على الصلوات لا يدل على أن لفظ الصلوات لا يشملها ، ومثله قوله تعالى ( وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ ) (١).
مسألة ـ ٩٥ ـ : إذا حلف لا أشم الورد ، فشم دهن الورد ، لم يحنث بلا خلاف وان حلف لا يشم بنفسجا ، فشم دهنه لم يحنث عندنا ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) (٢) : يحنث ، لأنه يقال لدهنه بنفسج.
مسألة ـ ٩٦ ـ : إذا حلف لا يضرب زوجته ، فعضها أو خنقها أو نتف شعرها لم يحنث ، لان هذه الافعال لا تسمى في اللغة ضربا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث بكل هذا ، لأنه ضرب وزيادة.
مسألة ـ ٩٧ ـ : إذا حلف لا يأكل إداما ، فأكل الخبز بالملح ، حنث بلا خلاف وان أكل لحما مشويا ، أو مطبوخا ، أو أكل الجبن حنث ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : سيد الإدام اللحم.
__________________
(١) سورة البقرة : ٩٢.
(٢) د : وقال يحنث.
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث. وقال ( ـ ف ـ ) : الإدام ما يصطبغ به.
مسألة ـ ٩٨ ـ : إذا حلف لا يدخل بيتا ، فدخل صفة في دار لم يحنث ، لأن الصفة (١) لا تسمى بيتا في اللغة ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يحنث.
مسألة ـ ٩٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا حلف لا أصلي ثمَّ صلى ، لم يحنث عندنا أصلا وان فرغ منها ، لإجماع الفرقة على أن من حلف لا يفعل شيئا ، وكان فعله أولى فليفعله ولا شيء عليه.
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يحنث حتى يسجد. وقال أبو العباس بن سريج : لا يحنث حتى يكبر ويقرأ ويركع. وقال أبو حامد الاسفرائني : الذي يجيء على المذهب أنه (٢) إذا أحرم بها حنث ، قرأ أو لم يقرأ.
مسألة ـ ١٠٠ ـ : إذا قال لعبده : ان لم أحج السنة فأنت حر ، فمضى وقت الحج ثمَّ اختلفا ، فقال السيد : قد حججت ، وقال العبد : ما حججت ، فأقام العبد البينة أن (٣) مولاه نحر يوم الأضحى بالكوفة ، قال ابن سريج : يعتق العبد. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يعتق.
وهذا على أصلنا لا يلزم أصلا ، لأن العتق بشرط عندنا لا يصح.
مسألة ـ ١٠١ ـ : إذا حلف لا يكلم فقرأ القرآن لم يحنث ، سواء كان في الصلاة أو في غير الصلاة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان قرأ في الصلاة لم يحنث ، وان قرأ في غيرها حنث.
مسألة ـ ١٠٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال ان شفا الله مريضي فلله علي أن أمضي أو أمشي إلى بيت الحرام وشفى ، فقد وجب عليه الوفاء به ، وكان نذرا صحيحا ، ولا يجوز
__________________
(١) م : لأنها لا تسمى.
(٢) لم يذكر كلمة « انه » في ( ـ م ـ ).
(٣) د : لان مولاه.
أن يمضي إلا حاجا أو معتمرا ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) في المشي مثل ما قلناه ، وقال في الذهاب والمضي لا ينعقد نذره.
مسألة ـ ١٠٣ ـ : إذا نذر المشي وجب عليه ذلك ، ولا يجوز له أن يركب فان ركب وجب عليه إعادة المشي ، فإن عجز لزمه دم.
وقال ( ـ ش ـ ) : يلزمه الدم ولا اعادة عليه ، وأما الذهاب والمضي فهو بالخيار بلا خلاف.
مسألة ـ ١٠٤ ـ : إذا حلف لا تسرى فمتى تسرى حنث ، والتسري ما هو الاولى أن نقول انه عبارة عن الوطي والتخدير ، لان الجارية ضربان سرية وخادمة فاذا خدرها ووطئ فقد تسرى وترك الاستخدام ، وبه قال ( ـ ح ، وم ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الثاني : انه عبارة عن الوطي فحسب. والثالث : أنه عبارة عن الانزال مع الوطي ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، وهو المذهب عندهم.
مسألة ـ ١٠٥ ـ : إذا كان له عبدان ، فقال : إذا جاء غد فأحدكما حر ، ثمَّ باع أحدهما قبل مجيء الغد وجاء غد لم يعتق الأخر ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، لأن الأصل بقاء الرق وعتقه يحتاج الى دليل ، ولان ذلك عتق بشرط ، وذلك باطل عندنا. وقال ( ـ م ـ ) : يعتق.
مسألة ـ ١٠٦ ـ : إذا جاء غد وهما في ملكه لم يعتق أحدهما ، بدلالة ما قلناه في المسألة المتقدمة لهذه (١). وقال ( ـ ش ـ ) : يعتق أحدهما لا بعينه ، ويقال له عين فمتى عين عتق ورق الأخر.
__________________
(١) م : لم يعتق أحدهما لما تقدم.
كتاب النذور (١)
مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال ابتداء : لله علي أن أصوم ، أو أتصدق ، أو أحج ، ولم يجعل جزاء لغيره ، لزمه الوفاء به ، وكان نذرا صحيحا ، وهو الظاهر من مذهب ( ـ ش ـ ) ، وبه قال أهل العراق.
وقال أبو بكر الصيرفي ، وأبو إسحاق المروزي : لا يلزمه الوفاء به ، ولا يتعلق به حكم. قال الصيرفي قال أبو عمرو غلام ثعلب قال ثعلب : النذر عند العرب وعد بشرط.
يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله تعالى ( يُوفُونَ بِالنَّذْرِ ) وقوله ( أَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ ) وقوله ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ ) ( وَكانَ عَهْدُ اللهِ مَسْؤُلاً ) وروي عن النبي عليهالسلام أنه قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه.
وأما قول تغلب ان النذر عند العرب وعد بشرط ، فجوابه أنه وعد بشرط ، ووعد بغير شرط ، كقول جميل بن معمر :
فليت رجالا فيك قد نذروا دمي |
|
وهموا بقتلي باينين لقوتي |
وكقول عنترة العبسي :
__________________
(١) د : كتاب النذر.
والناذرين إذا لم ألقهما (١) دمي فسقط قول تغلب.
مسألة ـ ٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ، وجب عليه الوفاء به بلا خلاف ، فان خالفه وركب ، فان كان مع القدرة على المشي وجب عليه الإعادة يمشي ما ركب ، وان ركب مع العجز لم يلزمه شيء ، وان نذر أن يحج راكبا وجب عليه الوفاء به ، فان خالف ومشى لم يلزمه شيء ، لأن الأصل براءة الذمة.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان ركب وقد نذر المشي مع القدرة فعليه دم ولا اعادة ، وان ركب مع العجز فعلى قولين ، وان نذر الركوب فمشى لزمه دم.
مسألة ـ ٣ ـ : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله ولم يقل الحرام ، فان كان نيته بيت الله الحرام لزمه الوفاء به ، وان لم ينو شيئا لم يلزمه شيء ، لقوله عليهالسلام : الاعمال بالنيات.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان نوى فمثل ما قلناه ، وان أطلق من غير نية ففيه وجهان.
مسألة ـ ٤ ـ : إذا نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام لا لحج ولا لعمرة لا يلزمه ، لأن الأصل براءة الذمة. وللش فيه قولان.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يمشي إلى مسجد النبي عليهالسلام ، أو المسجد الأقصى ، أو بعض مشاهد الأئمة وجب عليه الوفاء به.
ولل ( ـ ش ـ ) في مسجد النبي عليهالسلام والمسجد الأقصى قولان ، أحدهما : ما قلناه ، وبه قال ( ـ ك ـ ). والأخر : لا يلزمه شيء ، وما عداهما لا يلزمه شيء ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وهو أصح القولين عندهم.
مسألة ـ ٦ ـ : إذا نذر أن يأتي بقعة من الحرم ، كأبي قبيس والأبطح والمروة ،
__________________
(١) في الخلاف : إذا لقيتهما.
لم ينعقد نذره ، لأن الأصل براءة الذمة ، وإيجاب النذر بذلك يحتاج الى دليل (١) وبه قال ( ـ ح ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : ينعقد نذره.
مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن ينحر بدنة ، أو يذبح بقرة ولم يعين المكان ، لزمه « لم يلزمه ـ خ » أن ينحر بمكة وان عين المكان الذي ينحر فيه مثل الكوفة والبصرة ، لزمه الوفاء به وتفرقة اللحم في الموضع الذي نذره. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال لله علي أن أهدى ، أو قال : أهدي هديا ، لزمه ما يجزئ في الأضحية الثني من الإبل والبقر والغنم والجذع من الضأن ، وكذلك إذا قال أهدي الهدى بألف ولام.
ووافقنا « ش » فيه إذا كان بالألف واللام ، فأما إذا نكر فله فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر : يلزمه ما يقع عليه الاسم من تمرة وبيضة.
مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذرت المرأة أن تصوم أياما بأعيانها فحاضت فيها ، أفطرت وكان عليها القضاء ، سواء شرطت التتابع أو لم تشرط ، ولن (٢) تقطع ذلك تتابعها.
ولل ( ـ ش ـ ) في وجوب القضاء قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : لا قضاء عليها ، لأنها أيام لو عينت له تصوم وهي حائض لما انعقد صومها ، سواء شرط التتابع أو لم يشرط.
مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر الرجل أو المرأة صيام أيام بأعيانها ، ثمَّ مرض فيها فأفطر ، قضى ما أفطر ولا يجب عليه الاستئناف ، سواء شرط فيها التتابع أو لم يشرط.
__________________
(١) م : إلى دلالة.
(٢) م : وان تقطع.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان أطلق ولم يشرط التتابع ، فهل عليه أن يقضي ما تركه في مرضه؟
فيه وجهان. وان كان شرط التتابع ، فهل يقطع التتابع فيه؟ قولان ، وهل عليه أن يقضي ما أفطر؟ فيه وجهان.
مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم أياما بأعيانها متتابعة ، فأفطرها في سفر انقطع تتابعها وعليه الاستئناف ، لأن الذمة مرتهنة بصيام هذه الأيام ، ولا دليل على براءة الذمة إذا أفطر في السفر ثمَّ قضى ما أفطر.
و ( ـ ش ـ ) يبنى ذلك على القولين ، فان قال : المرض يقطع التتابع فالسفر أولى.
وان قال المرض لا يقطع ، ففي السفر قولان.
مسألة ـ ١٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم يوم الفطر لا ينعقد نذره ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ينعقد نذره يصوم يوم غير الفطر ، ولا يحل له أن يصومه من نذره فان صامه عن نذره صح وأجزأ عن نذره.
مسألة ـ ١٣ ـ : إذا قال لله علي أن أصوم اليوم الذي يقدم فيه فلان فقدم ليلا لم يلزمه الصوم أصلا ، لأنه ما وجد شرطه بلا خلاف ، وان قدم في بعض نهار ، فلا نص لأصحابنا فيه.
والذي يقتضيه المذهب أنه لا ينعقد نذره ، ولا يلزمه صومه ، ولا صوم بدله ، لأنه نذر لا يمكنه الوفاء به ، لان الصوم لا يصح في بعض اليوم.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : ينعقد نذره وعليه صوم يوم آخر.
مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قال لله علي أن أصوم كل خميس فوافق ذلك شهر رمضان فصامه ، أجزأه عن رمضان ولم يقع عن النذر ، سواء نوى به صوم رمضان أو صوم النذر ، ولم يقع عن النذر بحال.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان نوى صوم رمضان أجزأه عنه ، وان نوى صوم النذر لم يجز عن واحد منهما.
دليلنا على أنه يجزيه عن رمضان أنه زمان (١) لا يمكن أن يقع فيه غير رمضان فلا يحتاج إلى نية التعيين ، وإيجاب صوم يوم بدله يحتاج الى دليل.
مسألة ـ ١٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا نذر أن يصوم يوما بعينه ، فأفطر من غير عذر ، وجب عليه قضاؤه ، وعليه ما على من أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا من الكفارة وخالف جميع الفقهاء في ذلك.
مسألة ـ ١٦ ـ : إذا نذر في معصية أن يصوم يوما بعينه ، كان نذره باطلا ولا يلزمه قضاء ولا كفارة ، لأن الأصل براءة الذمة ، وبه قال ( ـ ش ـ ) وأصحابه.
وقال الربيع فيها قول آخر أن عليه كفارة يمين بكل نذر معصية.
مسألة ـ ١٧ ـ : إذا نذر أن يصوم ولم يذكر مقداره ، لزمه صوم يوم بلا خلاف ، لأنه أقل ما يقع عليه الاسم ، وان نذر أن يصلي يلزمه ركعتان وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والثاني أنه يلزمه ركعة واحدة ، لأنها أقل صلاة في الشرع ، وهو الوتر يدل على ما قلناه طريقة الاحتياط (٢).
مسألة ـ ١٨ ـ : إذا نذر أن يعتق رقبة مطلقة ، أجزأه أي رقبة أعتقها ، مؤمنة كانت أو كافرة ، سليمة كانت أو معيبة ، لأن ظاهر اسم الرقبة يتناوله ، والأفضل أن يكون مؤمنة سليمة. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ١٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قال أيمان البيعة يلزمني ، أو حلف بايمان البيعة لا دخلت الدار ، لا يلزمه شيء ولا يكون يمينا ، سواء عنى بذلك حقيقة البيعة التي كانت على عهد رسول الله في المصافحة ، أو بعده الى أيام الحجاج ، أو ما حدث
__________________
(١) د : انه رمضان.
(٢) م : دليلنا طريقة الاحتياط.
من أيام الحجاج من اليمين بالطلاق والعتق وغير ذلك ، صرح بذلك أو نواه وان لم يصرح به وعلى كل حال.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان لم ينو بذلك شيئا كان لاغيا ، وان نوى ايمان الحجاج ونطق فقال : أيمان البيعة لازمة لي بطلاقها وعتقها انعقدت يمينه ، لأنه حلف بالطلاق وان لم ينطق بذلك ونوى الطلاق والعتق ، انعقدت يمينه أيضا ، لأنها كناية عن الطلاق والعتق.
مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا نذر ذبح آدمي ، كان نذرا باطلا لا يتعلق به حكم وكان كلامه لغوا ، لأن الأصل براءة الذمة ، ولقوله عليهالسلام : لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم. وهذا معصية ولا يملكه أيضا ابن آدم ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان نذر ذبح ولده ، فعليه شاة. وروي ذلك عن ابن عباس ، وروى عنه أيضا أنه قال : من نذر أن يذبح (١) ولده فعليه دية.
وقال ( ـ ح ـ ) : ان نذر ذبح غير ولده من أقارب آبائه وأجداده وأمهاته فلا شيء عليه. وقال ( ـ م ـ ) : ان نذر ذبح ولده أو غلامه فعليه شاة ، لأن تصرفه فيهما سواء ، وان نذر ذبح غيرهما فلا شيء عليه. وقال سعيد بن المسيب : عليه كفارة يمين ، لأنه نذر في معصية وقال : وهكذا كل نذر في معصية.
مسألة (٢) ـ ٢١ ـ : من نذر أن يصلي صلاة الاستسقاء في المسجد ، أو يخطب على المنبر ، انعقد نذره ووجب عليه الوفاء بلا خلاف ، ومتى صلى في غير المسجد أو خطب على غير المنبر لم تبرء ذمته. وقال ( ـ ش ـ ) : أجزأ ذلك.
دليلنا : قد ثبت أن ذمته اشتغلت به ، وإذا خالف ما ذكر ، فلا دليل على براءة ذمته.
__________________
(١) م : من نذر بذبح.
(٢) لم تذكر هذه المسألة في الخلاف في هذا الكتاب.
كتاب آداب القضاء (١)
مسألة ـ ١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز أن يولي القضاء الا من كان عالما بجميع ما ولي فيه ، ولا يجوز أن يشذ منه شيء من ذلك ، ولا يجوز أيضا أن يفتي إلا بما هو عالم به ، ولا يجوز أن يقلد غيره ، فيحكم به أو يفتي.
وقال ( ـ ش ـ ) : ينبغي أن يكون من أهل الاجتهاد لا عاميا ، ولا يجب أن يكون عالما بجميع ما وليه ، وقال في المقلد مثل ما قلناه.
وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن يكون جاهلا بجميع ما وليه إذا كان ثقة ويستفتي الفقهاء ويحكم به ووافقنا في المفتي أنه لا يجوز أن يفتي.
يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما روى (٢) عن النبي عليهالسلام أنه قال : القضاة ثلاثة ، واحد في الجنة ، واثنان في النار ، فالذي في الجنة رجل عرف الحق فاجتهد فعدل ، ورجل عرف فحكم فجار فذاك في النار ، ورجل قضى بين الناس على جهل ، فذاك في النار ، ومن قضى بالفتيا فقد قضى على جهل.
__________________
(١) د : كتاب القضاء.
(٢) م : دليلنا ما روى.
وروى ( ـ « ش » ـ ) في حديث رفعه الى ابن عمر ، قال : ورجل قضى بغير علم فذاك في النار.
مسألة ـ ٢ ـ : إذا كان هناك جماعة يصلحون للقضاء على حد واحد ، فعين الامام واحدا منهم وولاه ، لم يكن له الامتناع من قبوله ، لأن مخالفة أمر الإمام عندنا معصية يستحق فاعلها الذم والعقاب. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٣ ـ : لا يكره الجلوس في المساجد للقضاء بين الناس ، لأن الأصل جوازه ، ولأن النبي عليهالسلام كان يقضي في المسجد ، وكذلك أمير المؤمنين عليهالسلام كان يقضي بالكوفة في الجامع ، ولو كان مكروها لما فعلا ذلك ، وبه قال الشعبي و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
قال عمر بن عبد العزيز : انه يكره ذلك أن يقصد (١). وروي عن سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب كتب الى القضاة أن لا تقضوا في المساجد. وقال ( ـ ش ـ ) : ذلك مكروه ، وعن ( ـ ح ـ ) (٢) روايتان.
مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : يكره اقامة الحدود في المساجد ، وبه قال جميع الفقهاء ، وحكي عن ( ـ « ح » ـ ) جوازه ، وقال : يفرش نطع تحته ، فان كان منه قدر ما يكون (٣) عليه.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من شرط القاضي أن يكون عدلا ولا يكون فاسقا.
وقال الأصم. يجوز أن يكون فاسقا.
مسألة ـ ٦ ـ : لا يجوز أن تكون المرأة قاضية في شيء من الاحكام ، لأنه لا
__________________
(١) د : أن يقصد.
(٢) د : وعند ( ـ ح ـ ).
(٣) م : قدر يكون.
دليل على جوازه ، ولما روي عن النبي عليهالسلام أنه قال : لا يفلح قوم وليتهم امرأة.
وقال عليهالسلام : أخروهن من حيث أخرهن الله.
وقال عليهالسلام : من نابه شيء في صلاته فليسبح ، فان التسبيح للرجال والتصفيح للنساء ، فمنعها (١) عليهالسلام من النطق لئلا يسمع كلامها مخافة الافتتان بها ، فهي (٢) بأن تمنع القضاء الذي يشتمل على الكلام وغيره أولى وهذا مذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز أن تكون قاضية فيما يجوز أن تكون شاهدة فيه ، وهو جميع الاحكام الا الحدود والقصاص. وقال ابن جرير : يصح أن تكون قاضية في كل ما يصح أن يكون الرجل قاضيا فيه ، لأنهما من أهل الاجتهاد.
مسألة ـ ٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قضى القاضي بحكم فأخطأ فيه ، ثمَّ بان أنه أخطأ ، أو بان أن حاكما كان قبله أخطأ فيما حكم به ، وجب نقضه ولا يجوز الإقرار عليه بحال.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان أخطأ فيما لا يسوغ فيه الاجتهاد ، بأن خالف النص من الكتاب أو سنة أو إجماعا أو دليلا لا يحتمل الا معنى واحدا وهو القياس الجلي ، فإنه ينقض حكمه. وان أخطأ فيما يسوغ فيه الاجتهاد ، لم ينقض حكمه.
وقال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : ان خالف نص كتاب أو سنة ، لم ينقض حكمه. وان خالف الإجماع ، نقض حكمه ، ثمَّ ناقض كل واحد منهم أصله.
فقال ( ـ ك ـ ) : ان حكم بالشفعة للجار نقض حكمه ، وهذه مسألة خلاف. وقال ( ـ م ـ ) : ان حكم بالشاهد واليمين نقض (٣) حكمه. وقال ( ـ ح ـ ) : ان حكم بالقرعة بين العبد أو بجواز بيع ما ترك التسمية على ذبحه عامدا ، نقض حكمه.
__________________
(١) د : تمنعها.
(٢) د : فمتى.
(٣) م : نقضه.
مسألة ـ ٨ ـ : إذا عزل حاكم فادعى عليه إنسان أنه حكم عليه بشهادة فاسقين ، وأخذ منه مالا ودفعه الى من ادعاه ، سئل عن ذلك ، فان اعترف به لزمه الضمان بلا خلاف ، وان أنكره كان القول قول المعزول مع يمينه ، ولم يكن عليه بينة على صفة الشهود ، (١) لان الظاهر من الحاكم أنه أمين كالمودع ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : عليه إقامة البينة على ذلك ، لأنه قد اعترف بالحكم ، ونقل المال عنه الى غيره ، وهو مدعي ما (٢) يزول ضمانه فلا يقبل منه.
مسألة ـ ٩ ـ : الترجمة لا تثبت إلا بشهادة شاهدين لأنها شهادة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : لا يفتقرا الى عدد ، بل يقبل فيه واحد ، لأنه خبر بدليل أنه لا يفتقر الى لفظ الشهادة.
مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا شهد عند الحاكم شاهدان يعرف إسلامهما ولا يعرف منهما فسق ، حكم بشهادتهما ولا يقف على البحث الا أن يجرح المحكوم عليه فيهما بأن يقول : هما فاسقان ، فحينئذ يجب عليه البحث.
وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان شهادتهما في الأموال والنكاح والطلاق والنسب فكما قلناه ، وان كانت في القصاص أو الحد لا يحكم حتى يبحث عن عدالتهما.
وقال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يجوز له أن يحكم حتى يبحث عن عدالتهما ، فاذا عرفهما عدلين حكم ، والا توقف في جميع الأشياء ، ولم يخصوا به شيئا دون شيء.
ويدل على المسألة إجماع الفرقة وأخبارهم ، وأيضا فنحن (٣) نعلم أنه ما كان
__________________
(١) م : ولان.
(٢) م : ما يزيل.
(٣) م : دليلنا أن نعلم.
البحث في أيام النبي عليهالسلام ولا في أيام الصحابة والتابعين ، وانما هو شيء أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ، فلو كان شرطا لما أجمع أهل الأعصار على تركه.
مسألة ـ ١١ ـ : الجرح والتعديل لا يقبل الا من اثنين يشهد ان بذلك ، فاذا شهدا بذلك عمل عليه ، لان ذلك حكم من الاحكام ، ولا يثبت الاحكام الا بشهادة شاهدين ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) : يجوز أن يقتصر على واحد لأنه اخبار.
مسألة ـ ١٢ ـ : إذا شهد اثنان بالجرح وشهد آخران بالتعديل ، وجب على الحاكم أن يتوقف ، لأنه إذا تقابل الشهادات ولا ترجيح وجب التوقف.
وقال ( ـ ش ـ ) : يعمل على الجرح دون التعديل. وقال ( ـ ح ـ ) : يقبل الأمرين ، فقاس الجرح على التزكية.
مسألة ـ ١٣ ـ : لا يقبل الجرح الا مفسرا ، ويقبل التزكية من غير تفسير ، لان الناس يختلفون فيما هو جرح وما ليس بجرح ، وربما اعتقدوا (١) فيما ليس بجرح أنه جرح ، فوجب (٢) أن يفسر ليعمل الحاكم بما يقتضي الشرع فيه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يقبل الأمرين مطلقا ، فقاس الجرح على التزكية.
مسألة ـ ١٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : شارب النبيذ يفسق عندنا ، وبه قال ( ـ ك ـ ). وقال ( ـ ش ـ ) : لا يفسق.
مسألة ـ ١٥ ـ : إذا حضر الغرباء في بلد عند حاكم ، فشهد عنده اثنان ، فان عرفا بعدالة حكم ، وان عرفا بفسق وقف ، وان لم يعرف عدالة ولا فسقا بحث عنهما وسواء كان لهما السيماء الحسنة والمنظر الجميل ، أو ظاهرهما الصدق ، بدلالة
__________________
(١) م : اعتقد.
(٢) م : فيجب.
قوله تعالى ( مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ) (١) وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان لهما المنظر الحسن ، توسم فيهما العدالة وحكم بشهادتهما.
مسألة ـ ١٦ ـ : إذا حضر خصمان عند القاضي ، فادعى أحدهما على الأخر مالا ، فأقر له بذلك ، فقال المقر له للقاضي : اكتب لي بذلك (٢) محضرا والقاضي لا يعرفهما ، فقد ذكر بعض أصحابنا أنه لا يجوز له أن (٣) يكتب ، لأنه يجوز أن يكونا استعارا نسبا باطلا وتواطيا على ذلك ، وبه قال ابن جرير الطبري.
وقال جميع الفقهاء : انه يكتب ويحليهما بحلاهما الثابتة. والذي عندي أنه لا يمتنع ما قاله الفقهاء ، فان الضبط بالحلية يمنع من استعارة النسب ، فإنه لا يكاد يتفق ذلك.
وما قاله (٤) بعض أصحابنا محمول على أنه لا يجوز له أن يكتب ويقتصر على ذكر نسبهما ، فان ذلك يمكن استعارته ، وليس في ذلك نص عن أئمتنا عليهمالسلام فنرجع اليه.
مسألة ـ ١٧ ـ : إذا ارتفع اليه خصمان ، فذكر المدعي أن حجته في ديوان الحكم ، فأخرجها الحاكم من ديوان الحكم مختومة بختمه مكتوبة بخطه ، فان ذكر أنه حكم بذلك حكم له ، وان لم يذكر ذلك لم يحكم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ف ـ ) : يعمل عليه ويحكم به وان لم يذكره ، لأنه إذا كان
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٨٢.
(٢) م : اكتب بذلك.
(٣) م : لا يجوز أن يكتب.
(٤) م : وما قال.
بخطه مختومة (١) بختمه فلا يكون إلا حكمه.
يدل على المسألة قوله تعالى ( وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) فاذا لم يذكره لم يعلمه ، ولان الحكم أعلى من الشهادة ، بدلالة أن الحاكم يلزم والشاهد يشهد وقد ثبت أن الشاهد لو وجد شهادته تحت ختمه مكتوبة بخطه لم يشهد بها ما لم يذكر.
مسألة ـ ١٨ ـ : إذا ادعى مدع حقا على غيره ، فأنكر المدعى عليه ، فقال المدعى للحاكم : أنت حكمت به لي عليه ، فان ذكر الحاكم أمضاه بلا خلاف ، وان لم يذكره فقامت البينة عنده أنه قد حكم به ، لم يقبل الشهادة على فعل نفسه ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) (٣).
وقال ابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يسمع الشهادة على فعل نفسه ويمضيه.
مسألة ـ ١٩ ـ : إذا شهد شاهدان على الحاكم بأنه حكم بما ادعاه المدعي وأنفذه ، وعلم الحاكم أنهما شهدا بالزور ، نقض ذلك الحكم وأبطل ، فان مات بعد ذلك ، أو عزل فشهدا بإنفاذه عند حاكم آخر ، لم يكن له أن يمضيه عند ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : بل يقبله (٤) ويعمل عليه. وهذا يقوى عندي ، لأن الشرع قد قرر قبول شهادة الشاهدين إذا كان ظاهرهما العدالة وعلم الحاكم بأنهما شهدا بالزور لا يوجب على الحاكم الأخر رد شهادتهما فيجب عليه أن يقبلهما ، ويمضي شهادتهما.
وقاس ( ـ « ش » ـ ) ذلك على شهادة الأصل والفرع ، فإنه متى أنكر الأصل شهادة
__________________
(١) م : مختوما.
(٢) سورة الإسراء : ٣٨.
(٣) د : قال ( ـ ف ـ ) و ( ـ م ـ ) و ( ـ ش ـ ).
(٤) د : وقال ( ـ ك ـ ) يقبله.
الفرع يسقط شهادة الفرع ، والحاكم كالأصل وهؤلاء كالفرع ، فيجب أن يسقطا.
وعندنا أن شهادة الفرع لا يسقط ، بل يقبل شهادة أعدلهما ، وفي أصحابنا من قال بل يقبل شهادة الفرع دون الأصل ، لأن الأصل منكر.
مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا يجوز الحكم بكتاب قاض الى قاض ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وأجازوه إذا ثبت أنه كتابه.
مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : من أجاز كتاب قاض الى قاض إذا قامت به بينة ، فإنهم اختلفوا في كيفية تحمل الشهادة ، فقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : لا يصح الا بعد أن يقرأ الحاكم على الشهود ، ويشهدهما على نفسه بما فيه ، ولا يصح أن يدرجه ثمَّ يقول لهما : اشهدا علي بما فيها (١) ، ولا يصح هذا التحمل ولا يعمل به.
وقال ( ـ ف ـ ) : إذا ختم بختمه وعنوانه (٢) ، جاز أن يتحملا الشهادة عليه مدرجا فيشهدهما (٣) على أنه كتابه إلى فلان ، فاذا وصل الكتاب شهدا عنده أنه كتاب فلان اليه ، فيقرأه ويعمل بما فيه.
وهذا الفرع ساقط عنا ، فانا لا نجيز كتاب قاض الى قاض على وجه (٤).
مسألة ـ ٢٢ ـ : وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كتب قاض الى قاض كتابا وأشهد على نفسه بذلك ، ثمَّ تغيرت حالة الكاتب (٥) فان كان تغير حاله بموت أو بعزل (٦) ، لم يقدح ذلك في كتابه ، سواء تغير أولا ان وصل كتابه وقبله (٧) وعمل به وحكم فلا يقدح
__________________
(١) د ، م : بما فيه.
(٢) د ، م : وعنونه.
(٣) د : فيشهدها.
(٤) م : وهذا الفرع ساقط عنا لما مر.
(٥) د : حال الكاتب ، م : حال الكتابة.
(٦) م : أو عزل.
(٧) د ، م : سواء تغير ذلك قبل خروج الكتاب من يده أو بعده وان تغيرت حاله بفسق فان كان فسقه بعد ان وصل كتابه وقبل.
فيه. وان وصل (١) قبل أن يحكم به ، لم يقبله ولا يحل له.
وقال ( ـ ح ـ ) إذا تغير (٢) حاله سقط حكم كتابه إلى المكتوب اليه وقال ( ـ ف ـ ) : ان تغير (٣) حاله قبل خروجه من يده سقط ، وان كان بعد خروجه من يده لم يسقط حكم كتابه.
مسألة ـ ٢٣ ـ : إذا تغيرت حال المكتوب اليه بموت أو بفسق (٤) أو عزل وقام غيره مقامه ، فوصل الكتاب الى من قام مقامه.
قال ( ـ ش ـ ) : يقبله ويعمل عليه ، وبه قال الحسن البصري. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يعمل فيه (٥) غير الذي كتب إليه.
مسألة ـ ٢٤ ـ : الحاكم إذا كتب وأشهد على كتابه ، فهو أصل عند ( ـ ش ـ ) ، والذي يحمل الشهادة على كتابه فرع له. وقال ( ـ ح ـ ) : الحاكم فرع ، والأصل من شهد عنده.
مسألة ـ ٢٥ ـ : أجرة القاسم (٦) على قدر الأنصباء دون الرؤوس ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ) قالاه استحسانا واليه ذهب ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : هي على عدد الرؤوس ، وهذا يؤدى الى الإضرار ، لأنه ربما تكون (٧)
__________________
(١) م : وان كان وصل.
(٢) د : إذا تغيرت وفي ( ـ م ـ ) ان تغيرت.
(٣) د ، م : ان تغيرت.
(٤) م : أو فسق.
(٥) د ، م : به.
(٦) م : اجرة القسم.
(٧) د ، م : يكون.