( فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) (١) وقوله في كفارة اليمين ( إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ ) فاعتبر العدد فلا يجوز الإخلال به ، كما لا يجوز الإخلال بالإطعام. وأيضا فطريقة الاحتياط يقتضي ذلك ، لان ما اعتبرناه مجمع على جوازه.
مسألة ـ ٦٠ ـ : لا يجوز إعطاء الكفارة للمكاتب ، بدلالة طريقة الاحتياط ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز.
مسألة ـ ٦١ ـ : لا يجوز دفع الكفارة إلى كافر ، بدلالة طريقة الاحتياط ، وبه (٢) قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز.
مسألة ـ ٦٢ ـ : يجب أن يدفع الى كل مسكين مدان ، والمد رطلان وربع بالعراقي في سائر الكفارات.
وقال ( ـ ش ـ ) : مد في جميع ذلك ، وهو رطل وثلث إلا فدية الأذى خاصة بأنه مدان ، وبه قال ابن عمر ، وابن عباس ، وأبو هريرة.
وقال ( ـ ح ـ ) : ان أخرج تمرا أو شعيرا ، فإنه يدفع الى كل مسكين صاعا أربعة أمداد ، والمد رطلان ، وان أخرج طعاما فنصف صاع ، وفي الزبيب روايتان.
قال ( ـ ك ـ ) مثل قول ( ـ ش ـ ) إلا كفارة الظهار ، فإنه قال : يدفع الى كل مسكين مدا بالمد الحجازي ، وهو مد وثلث بمد النبي عليهالسلام.
مسألة ـ ٦٣ ـ : يجب أن يطعم ما يغلب على قوته وقوت أهله ، بدلالة قوله تعالى ( مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ) (٣).
وقال ( ـ ش ـ ) : يجب أن يطعم من غالب قوت البلد.
مسألة ـ ٦٤ ـ : إذا كان قوت أهل بلده اللحم أو اللبن أو الأقط وهو قوته ،
__________________
(١) سورة المجادلة : ٤.
(٢) م : بدلالة ما تقدم وبه قال.
(٣) سورة المائدة : ٨٩.
جاز أن يخرج منه ، بدلالة الآية أيضا.
ولل ( ـ ش ـ ) في الأقط قولان ، وفي اللحم واللبن طريقان ، منهم من قال : على قولين كالاقط ، ومنهم من قال : لا يجوز قولا واحدا.
مسألة ـ ٦٥ ـ : إذا أحضر ستين مسكينا وأعطاهم ما يجب لهم من الطعام أو أطعمهم إياه ، سواء قال : ملكتكم أو أعطيتكم ، فإنه يكون جائزا على كل حال إذا كانوا بالغين ، وبه قال أهل العراق.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان أطعمهم لا يجزيه ، لأنه لا يملكهم (١) ، ولأن أكلهم يزيد وينقص وان قال : أعطيتكم أو خذوه لا يجزئ ، لأنه ما ملكهم ، وان قال : ملكتكم بالسوية ففيه وجهان.
مسألة ـ ٦٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : كل ما يسمى طعاما يجوز إخراجه في الكفارة ، وروى أصحابنا أن أفضله الخبز واللحم ، وأوسطه الخبز والزيت ، وأدونه الخبز والملح.
وقال ( ـ ش ـ ) : لا يجوز الا الحب ، فأما الدقيق والسويق والخبز فإنه لا يجزئ.
وقال الأنماطي من أصحابه : يجزيه الدقيق. وكذلك الخلاف في الفطرة ، قالوا : لأن النبي عليهالسلام أوجب صاعا من تمر أو شعير أو طعام ، ولم يذكر الدقيق ولا الخبز.
مسألة ـ ٦٧ ـ : إذا أطعم خمسة وكسا خمسة في كفارة اليمين لم يجزه ، لظاهر قوله تعالى (٢) ( إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ مِنْ أَوْسَطِ ما تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ ) (٣) فمن كسا خمسا وأطعم خمسا لم يمتثل الظاهر ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : يجزيه. وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أطعم خمسة وكسا خمسة بقيمة إطعام خمسة لم يجزه ، وان كسا خمسة وأطعم خمسة بقيمة كسوة خمسة أجزأه.
__________________
(١) م : لأنه يملكهم.
(٢) د : لم يجزه لقوله تعالى.
(٣) سورة المائدة : ٨٩.
مسألة ـ ٦٨ ـ : يجوز صرف الكفارة إلى الصغار والكبار إذا كانوا فقراء بلا خلاف ، وعندنا أنه يجوز أن يطعمهم إياه ، ويعد صغيرين بكبير ، ووافقنا ( ـ ك ـ ) في عد صغيرين بكبير.
وقال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) : لا يصح أن يقبضهم إياه ، بل يحتاج أن يعطي وليه ليصرفه في مئونته.
مسألة ـ ٦٩ ـ : إذا أعطى كفارته لمن ظاهره الفقر ، ثمَّ بان أنه غني ، أجزأه لقوله تعالى ( فَإِطْعامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً ) وقد علمنا أنه أراد من كان ظاهره كذلك ، لأنه لا طريق لنا الى الباطن ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم. وقال في الجديد : لا يجزئ ، وبه قال ( ـ ف ـ ).
مسألة ـ ٧٠ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا وجبت عليه الكفارة في الظهار ، فأراد أن يكفر بالإعتاق أو الصوم ، يلزمه تقديم ذلك على المسيس بلا خلاف ، وان أراد أن يكفر بالإطعام مع العجز عنها ، فكذلك لا يحل الوطي قبل الإطعام ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : يحل له الوطي قبل الإطعام.
مسألة ـ ٧١ ـ : لا يجوز إخراج القيمة في الكفارات ، بدلالة طريقة الاحتياط وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال أهل العراق : يجوز إلا في العتق مثل الزكوات.
مسألة ـ ٧٢ ـ : يجوز للمرأة أن يعطي الكفارة لزوجها ، بدلالة قوله ( إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ ) وهذا مسكين. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز.
مسألة ـ ٧٣ ـ : إذا قالت المرأة لزوجها : أنت علي كظهر أمي ، لم يتعلق به حكم ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ابن أبي ليلى ، والحسن البصري : يلزمها كفارة الظهار. وقال أبو ( ـ ف ـ ) يلزمها كفارة يمين ، وحكي أن رجلا سأل ابن أبي ليلى عن هذه المسألة فقال : عليها كفارة الظهار ، فسأل محمدا ، فقال : لا شيء عليها ، ثمَّ سأل ( ـ ف ـ ) وأخبره بما
قالا (١) ، فقال : سبحان الله شيخان من مشايخ المسلمين غلطا عليها كفارة يمين.
يدل على المسألة قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا ) (٢) فعلق الحكم على من ظاهر من نسائه ، ثمَّ أوجب (٣) الكفارة بالعود وهو العزم على الوطي ، ولا يدخل في ذلك النساء.
__________________
(١) م : بما قال.
(٢) سورة المجادلة : ٣.
(٣) م : من نسائه أوجب.
كتاب اللعان
مسألة ـ ١ ـ : موجب القذف في حق الزوج الحد ، وله إسقاطه باللعان ، وموجب اللعان في حق المرأة الحد ، ولها إسقاطه باللعان ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : موجب القذف في حق الزوج اللعان ، فاذا قذف زوجته لزمه اللعان ، فان امتنع من اللعان حبس حتى يلاعن ، فاذا لاعن وجب على المرأة اللعان ، فان (١) امتنعت حبست حتى تلاعن.
وقال ( ـ ف ـ ) : الحد يجب بالقذف على الرجل ، فأما المرأة إذا امتنعت من اللعان لم يلزمها الحد ، لأنه يكون حكما بالنكول ، والحد لا يجب بالنكول.
يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الطائفة ـ (٢) ما روي أن هلال بن أمية قذف زوجته بشريك بن السمحاء (٣) ، فقال له النبي صلىاللهعليهوآله : البينة والا فخذ في ظهرك ، فقال يا رسول الله : أيجد أحدنا مع امرأته رجلا يلتمس البينة ، فجعل النبي يقول البينة والا فخذ في ظهرك.
__________________
(١) م : فاذا امتنعت.
(٢) م : يدل على المسألة ما روى.
(٣) م : السحماء.
اللعان بين كل زوجين مكلفين
مسألة ـ ٢ ـ : اللعان يصح بين كل زوجين مكلفين (١) من أهل الطلاق ، سواء كانا من أهل الشهادة أو لم يكونا من أهلها ، فيصح القذف واللعان في حق الزوجين المسلمين والكافرين وأحدهما مسلم والأخر كافر ، وكذلك بين الحرين والمملوكين ، أو اللذين أحدهما حر والأخر مملوك ، وكذلك إذا كانا محدودين في قذف أو أحدهما كذلك.
بدلالة قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ) (٢) ولم يفرق ، وعموم الأخبار الواردة في اللعان يقتضي أيضا ذلك ، وبه قال سعيد (٣) بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، والحسن البصري ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وربيعة ، والليث بن سعد ، وابن شبرمة ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وذهب قوم الى أن اللعان انما يصح (٤) بين الزوجين إذا كانا من أهل الشهادة فلا لعان بين الكافرين ، ولا إذا كان أحدهما كذلك ، ولا بين المملوكين ، ولا إذا كان أحدهما مملوكا (٥) ، ولا بين المحدودين في القذف ، ولا إذا كان أحدهما كذلك وبه قال الزهري ، و ( ـ ع ـ ) ، وحماد ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه.
والخلاف في فصلين ، أحدهما : أن اللعان يصح بين هؤلاء. والثاني : أن اللعان هل هو يمين أو شهادة؟ فعندنا أنه يمين ، وعندهم شهادة.
والذي يدل على أنه يمين ما رواه عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلىاللهعليهوآله لما لاعن بين هلال بن أمية وزوجته ، قال : ان أتت به على نعت كذا فما أراه الا وقد
__________________
(١) م : يصح بين مكلفين.
(٢) سورة النور : ٦.
(٣) م : سعد.
(٤) د : ان اللعان يصح.
(٥) م : إذا كان أحدهما كذلك.
كذب عليها ، وان أتت به على نعت كذا وكذا فما أراه الا من شريك بن السمحاء (١) قال : فأتت به على النعت المكروه ، فقال النبي عليهالسلام : لو لا الايمان لكان لي ولها شأن. فسمى اللعان يمينا ، ولأنه لو كان شهادة لما جاز من الاعمى ولما صح من الفاسق ، لأن شهادة الأعمى لا يقبل عند ( ـ ح ـ ) ، وشهادة الفاسق لا يقبل بلا خلاف.
مسألة ـ ٣ ـ : إذا كان مع الزوج البينة ، جاز له أن يلعن أيضا ويعدل عن البينة ، لأن النبي عليهالسلام لا عن بين العجلاني وزوجته ولم يسأل عن البينة ، وبه قال كافة أهل العلم.
وقال بعضهم : لا يجوز أن يلاعن مع قدرته على البينة بشرط الآية.
مسألة ـ ٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : حد القذف من حقوق الادميين لا يستوفي إلا بمطالبة آدمي ويورث كما يورث حقوق الادميين ، ويدخله العفو والإبراء ، كما يدخل في حقوق الادميين (٢) ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : هو من حقوق الله تعالى متعلق بحق الآدمي ولا يورث ، ولا يدخله العفو وإبراء ، ووافق في أنه لا يستوفي إلا بمطالبة آدمي (٣).
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته بزنا أضافه الى مشاهدة أو انتفى من حمل ، كان له أن يلاعن وان لم يضفه إلى المشاهدة ، فإن قذفها مطلقا وليس هناك حمل لم يجز له اللعان ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : له أن يلاعن بالزنا المطلق.
مسألة ـ ٦ ـ : إذا أخبر ثقة أنها زنت ، أو استفاض في البلد أن فلانا زنا بفلانة زوجة الرجل ولم ير شيئا ، لا يجوز له ملاعنتها ، لما بينا من أنه لا يجوز لعانها الا
__________________
(١) م : السحماء.
(٢) م : يورث كما يورث حقوقهم ويدخله العفو كما يدخل في حقوقهم.
(٣) م : الآدمي.
بعد أن يدعي المشاهدة. وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز له لعانها (١) في الموضعين.
مسألة ـ ٧ ـ إذا كانا أبيضين ، فجاء ولد أسود ، أو كانا أسودين ، فجائت بأبيض ، لم يجز له نفيه ولا لعان المرأة ، لما قلناه فيما تقدم من أن اللعان لا يجوز الا بعد المشاهدة مع العلم (٢) بنفي الولد ، وهذا مفقود ها هنا. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.
وروي أن رجلا أتى النبي عليهالسلام ، فقال : يا رسول الله ان امرأتي أتت بولد أسود فقال : هل لك من إبل؟ قال : نعم ، فقال : ما ألوانها؟ قال : حمر ، قال : فهل فيها من أورق؟ قال : نعم ، فقال : أنى ذاك؟ قال : لعل أن يكون عرقا نزع ، قال : فكذلك هذا لعل أن يكون عرقا نزع.
مسألة ـ ٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : الأخرس إذا كانت له إشارة معقولة ، أو كناية مفهومة يصح قذفه ولعانه ونكاحه وطلاقه ويمينه وسائر عقوده ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يصح قذفه ولا لعانه وإذا قذف في حال الطلاق لسانه ثمَّ خرس لم يصح منه اللعان ، ووافقنا في أنه يصح طلاقه ونكاحه ويمينه وعقوده.
مسألة ـ ٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته وهي خرساء أو صماء ، فرق بينهما ولم تحل له أبدا.
وقال ( ـ ش ـ ) : ان كان للخرساء إشارة معقولة ، أو كناية مفهومة ، فهي كالناطقة سواء ، وان لم يكن لها ذلك فهي بمنزلة المجنونة.
مسألة ـ ١٠ ـ إذا قذف الرجل زوجته ووجب عليه الحد ، فأراد اللعان فمات المقذوف أو المقذوفة ، انتقل ما كان لها من المطالبة بالحد الى ورثتها ويقومون مقامها في المطالبة ، لما بيناه فيما تقدم أن ذلك من حقوق الادميين ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : ليس لهم ذلك.
__________________
(١) م : يجوز لعانها.
(٢) م : ومع العلم.
مسألة ـ ١١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ثبت أن هذا الحد موروث ، فعندنا يرثه المناسبون جميعهم ذكرهم وأنثاهم ، دون ذوي الأسباب.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : ما قلناه. والثاني : يشترك معهم ذوو الأسباب والثالث : يختص به العصبات.
مسألة ـ ١٢ ـ : إذا لاعن الرجل الحرة المسلمة وامتنعت من اللعان ، وجب عليها الحد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليها اللعان ، فان امتنعت حبست حتى يلاعن.
مسألة ـ ١٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته ولاعنها وبانت منه ، فقذفها أجنبي بذلك الزنا ، فعليه الحد ، سواء كان الزوج نفى نسب ولدها أو لم ينف ، أو كان الولد باقيا أو قد مات ، أو لم يكن لها ولد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان نفى نسب الولد لكن الولد قد مات ، فلا حد على القاذف ، وان لم يكن نفى الولد أو كان الولد باقيا فعلى القاذف الحد.
مسألة ـ ١٤ ـ : إذا قذف أجنبي أجنبية ولم يقم البينة فحد ، ثمَّ أعاد ذلك القذف بذلك الزنا ، فإنه لا يلزمه حد آخر ، وبه قال عامة الفقهاء ، وحكي عن بعض الناس انه قال : يلزمه حد آخر.
ويدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الطائفة وأخبارهم ـ إجماع الصحابة (١) فإن أبا بكرة ونافعا ونفيعا شهدوا على المغيرة بالزنا ، وصرحوا بالشهادة ، وشهد عليه زياد ولم يصرح ، بل كنى في شهادته ، فجلد عمر الثلاثة وجعلهم بمنزلة القذفة فقال أبو بكرة بعد ما جلده عمر : أشهد أنه زنا ، فهم عمر بجلده ، فقال له علي عليهالسلام ان جلدته فارجم صاحبك يعني المغيرة وأراد بذلك أنه ان كان هذا شهادة مجددة فقد كملت الشهادة أربعا فارجم صاحبك ، وان كان ذلك اعادة لتلك الشهادة فقد
__________________
(١) م : يدل على المسألة إجماع الصحابة.
جلدته فيها دفعة فلا معنى لجلده (١) ثانيا ، فتركه عمر ، وكان هذا بمحضر من الصحابة فلم ينكروه.
مسألة ـ ١٥ ـ : إذا تزوج رجل امرأة وقذفها بزنا أضافه الى ما قبل الزوجية وجب عليه الحد ، وليس له أن يلاعن لإسقاطه ، بدلالة قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً ) (٢) وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : له إسقاطه باللعان.
مسألة ـ ١٦ ـ : إذا أبان الرجل زوجته بطلاق ثلاث ، أو فسخ ، أو خلع ، ثمَّ قذفها بزنا أضافه الى حالة الزوجية ، فالجلد (٣) يلزمه بلا خلاف ، وهل له إسقاطه؟ فيه ثلاث مذاهب : فمذهبنا ومذهب ( ـ ش ـ ) أنه ان لم يكن هناك نسب لم يكن له أن يلاعن ، وان كان هناك نسب كان له أن يلاعن لنفيه ، وذهب عثمان البتي الى أن له اللعان ، سواء كان نسب أو لم يكن ، وذهب ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ د ـ ) إلى أنه لا يلاعن ، سواء كان هناك نسب أو لم يكن ويلزمه الحد ، وان أتت بولد لحقه نسبه ولم يكن له نفيه باللعان.
مسألة ـ ١٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته وهي حامل ، لزمه الحد وله إسقاطه باللعان ولنفى النسب ، فان اختار أن يؤخر حتى ينفصل الولد فيلاعن عن نفيه كان له ، وان اختار أن يلاعن في الحال وينفي النسب كان له ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له أن ينفي بسبب الحمل قبل انفصاله ، فان لاعن فقد أتى باللعان الواجب عليه ، وإذا حكم الحاكم بالفرقة بانت الزوجة منه ، وليس له بعد ذلك أن يلاعن لنفي النسب ، بل يلزمه النسب ، لان عنده اللعان كالطلاق لا
__________________
(١) د : فلا معنى بجلده.
(٢) سورة النور : ٤.
(٣) م : فالحد.
يصح الا في زوجة.
مسألة ـ ١٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته بأن رجلا أصابها في دبرها حراما ، لزمه الحد بذلك ، وله إسقاطه باللعان ، وإذا قذف أجنبية أو أجنبيا بالفاحشة في هذا الموضع لزمه الحد ، وله إسقاطه بالبينة ، ولا فرق بين الرمي بالفاحشة في هذا الموضع ، وبين الرمي في الفرج ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجب الحد بالرمي بالإصابة في هذا الموضع ، بناه على أصله في أن الحد لا يجب بهذا الفعل.
مسألة ـ ١٩ ـ : إذا قذف زوجته وأمها ، بأن قال : يا زانية بنت الزانية ، لزمه لكل واحدة منهما الحد ، وله الخروج عن حد الأم بالبينة ، وعن حد البنت بالبينة واللعان ، ولا يدخل إحداهما (١) في حق الأخرى ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : يجب عليه الحد للام واللعان للبنت ، فان لاعن البنت لم يسقط حد الام بل لها المطالبة ، فإن حقق القذف بالبينة والا حد للام.
فحكى الطحاوي عن ( ـ ح ـ ) انه قال : يلاعن للبنت ، وقال الرازي : لا يجيء هذا على مذهب ( ـ ح ـ ) ، لان عنده أن المحدود في القذف لا يلاعن ، وقد مضى في ما تقدم الكلام على هذا الأصل ، وبينا أن اللعان ليس بشهادة بل هو يمين.
مسألة ـ ٢٠ ـ : إذا نكح رجل امرأة نكاحا فاسدا وقذفها ، فإنه ان لم يكن هناك نسب لزمه الحد ، وليس له إسقاطه باللعان بلا خلاف ، وان كان هناك نسب لم يكن له ينفيه (٢) باللعان ، لقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ) (٣) وهذه ليست بزوجة ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
__________________
(١) م : ولا يدخل حق إحداهما.
(٢) د : ينفعه.
(٣) سورة النور : ٦.
وقال ( ـ ش ـ ) : له أن يلاعن ويسقط الحد.
مسألة ـ ٢١ ـ : يغلظ اللعان باللفظ والموضع والوقت والجمع ، لان ذلك يكون أردع (١) وأخوف ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يغلظ بالمكان ولا بالوقت ولا بالجمع.
مسألة ـ ٢٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : ألفاظ اللعان معتبرة ، فإن نقص شيئا منها لم يعتد باللعان ، وان حكم الحاكم بينهما بالفرقة لم ينفذ الحكم ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : إذا أتى بالأكثر وترك الأقل وحكم الحاكم بينهما بالفرقة نفذ الحكم ، وان لم يحكم به حاكم لم يتعلق به حكم اللعان ، ولا يجوز عنده للحاكم أن يحكم بذلك.
مسألة ـ ٢٣ ـ : الترتيب واجب في اللعان بلا خلاف ، يبدأ بلعان الرجل ، ثمَّ بلعان المرأة ، فإن خالف الحاكم ولا عن المرأة أولا وحكم بالتفرقة لم يعتد به ولم تحصل الفرقة ، لأن ذلك خلاف القرآن ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) : ينفذ حكمه ويعتد به.
مسألة ـ ٢٤ ـ : لا يجوز دخول الكفار المساجد لا بالاذن ولا بغير الإذن أي مسجد كان ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، ويدل عليه (٢) قوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ ) (٣) ويجب تنزيه المسجد عن النجاسات بلا خلاف.
وقال ( ـ ش ـ ) : يجوز دخول سائر المساجد بالاذن الا المسجد الحرام والحرم ومساجد الحرم. وقال ( ـ ح ـ ) : يجوز لهم دخول سائر المساجد.
مسألة ـ ٢٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا لاعن الرجل تعلق بلعانه سقوط الحد عنه وانتفاء النسب
__________________
(١) م : لان ذلك أردع.
(٢) م : يدل على المسألة.
(٣) سورة التوبة : ٢٨.
وزوال الفراش ، وحرمت على التأبيد (١) ، ويجب على المرأة الحد ، ولعان المرأة لا يتعلق به أكثر من سقوط حد الزنا عنها ، وحكم الحاكم لا تأثير له في إيجاب شيء من هذه الاحكام. وإذا حكم بالفرقة ، فإنما تنفذ الفرقة التي كانت وقعت بلعان الزوج لا انه يبتدئ إيقاع فرقة ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وذهب طائفة الى أن هذه الاحكام يتعلق بلعان الزوجين معا ، فما لم يوجد اللعان بينهما لا يثبت شيء منها ، ذهب اليه ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، وداود ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا.
وذهب ( ـ ح ـ ) الى أن أحكام اللعان يتعلق بلعان الزوجين وحكم الحاكم ، فما لم يوجد حكم الحاكم لا ينتفي النسب ولا يزول الفراش ، حتى أن الزوج لو طلقها بعد اللعان نفذ طلاقه ، ولكن لعان الزوج يوجب زوال الفراش ، ويلزم الزوج إيقاع الفرقة ، فإن أراد الزوجان يتقارا على الزوجية وتراضيا بذلك لم يحرم ، ووجب على الحاكم إيقاع الفرقة بينهما.
مسألة ـ ٢٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : فرقة اللعان على مذهبنا فسخ وليس بطلاق ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هي طلقة بائنة.
فعلى قولنا يتعلق به تحريم مؤبد ولا يرتفع بحال ، وعلى قول ( ـ ح ـ ) يحرم العقد في الحال ، فإذا أكذب (٢) نفسه أو جلد في حد زال التحريم.
مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا أخل بترتيب الشهادة ، فأتى بلفظ اللعان (٣) في خلال الشهادات أو قبلها لم يصح ذلك ، رجلا كان أو امرأة ، لأن الله تعالى شرط أن يأتي
__________________
(١) م : وحرمت المرأة على التأبيد.
(٢) م : فاذا كذب.
(٣) م : اللعن.
باللعن (١) في الخامسة ، فاذا أتى به قبل ذلك لا يعتد به. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.
مسألة ـ ٢٨ ـ : إذا أتى بدل لفظ الشهادة بلفظ اليمين ، فقال : أحلف بالله أو أقسم بالله أو أولى بالله لم يجزه ، لأنه لا دلالة على ذلك. ولل ( ـ ش ـ ) فيه وجهان.
مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا قذف زوجته برجل بعينه ، وجب عليه حدان ، فاذا لاعن سقط حق الزوجة ولم يسقط حق الأجنبي ، لأنه لا دلالة على سقوطه. وقد انعقد الإجماع على ثبوت حقه ، وبه قال ( ـ ح ـ ).
وقال ( ـ ش ـ ) : يسقط الحدان معا باللعان.
مسألة ـ ٣٠ ـ : إذا حد للأجنبي كان له أن يلاعن في حق الزوجة عندنا ، بدلالة عموم الآية ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يلاعن ، لان المحدود في القذف لا يلاعن.
مسألة ـ ٣١ ـ : إذا أكذب الرجل نفسه بعد اللعان أقيم عليه الحد وألحق به النسب ، ويرثه الابن (٢) وهو لا يرث الابن ، ولا يزول التحريم ولا يعود الفراش ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : يعود النسب مطلقا ، وبه قال الزهري ، و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : يزول التحريم ، فيحل له التزويج بالمرأة وهكذا عنده (٣) إذا جلد الزوج في قذف ، فان التحريم يزول به ، وبه قال سعيد بن المسيب.
وذهب سعيد بن جبير إلى أنها تعود زوجة له كما كانت.
ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة ـ ما روى (٤) سهل بن سعد الساعدي عن النبي عليهالسلام أنه قال : المتلاعنان لا يجتمعان أبدا.
__________________
(١) م : باللعان.
(٢) د : ويرث الابن.
(٣) م : وهكذا عنه.
(٤) م : دليلنا ما روى.
اعتراف المرأة بالزنا قبل اللعان
مسألة ـ ٣٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا اعترفت المرأة بالزنا قبل الشروع في اللعان ، سقط عن الزوج حد القذف عندنا وعند ( ـ ش ـ ) ، (١) وان أقرت أربع دفعات وجب عليها حد الزنا.
ولم يعتبر ( ـ ش ـ ) العدد ، فان لم يكن هناك نسب لم يكن للزوج أن يلاعن عندنا وعنده على الصحيح من المذهب ، لان اللعان يكون لإسقاط الحد أو نفي النسب وليس هناك نسب ، وان كان هناك نسب كان له أن يلاعن لنفسه عندنا وعنده ، لان النسب لم ينتف باعترافها ، بل هو لاحق به بالفراش ، فاحتاج في نفيه الى اللعان.
وخالف ( ـ ح ـ ) في ثلاثة أحكام ، فقال : إذا اعترفت المرأة بالزنا لم يتعلق باعترافها سقوط الحد ، لان عنده أن الحد لم يجب على الزوج بقذفه (٢) حتى يسقط ، وانما وجب عليه اللعان فسقط ذلك باعترافها ، واما حد الزنا فلا يجب عليها باعترافها ، لان عنده أن حد الزنا لا يجب بإقرار دفعة واحدة كما قلنا ، واللعان لنفي النسب لا يجب عنده ، لأنه لا يجيز اللعان على نفي النسب المجرد ، ولهذا لا يجيزه بعد وقوع الفرقة بين المرأة والزوج ، وانما يجوز على نفي الفراش ثمَّ يتبعه انتفاء النسب.
مسألة ـ ٣٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا ماتت المرأة قبل حصول اللعان ، كان له أن يلاعن وليها ، فاذا فعل ذلك لم يرثها ، وان لم يلاعن ورثها وكان عليه الحد.
وقال ( ـ ش ـ ) : إذا ماتت قبل اللعان ماتت على حكم الزوجية وورثها والحد واجب لورثتها ، وله إسقاطه باللعان.
مسألة ـ ٣٤ ـ : إذا قذف زوجته وهي حامل بنفي النسب ، فان لاعن وينفي النسب انتفى عنه ، وان أخر ذلك الى أن تضع الولد لم يبطل حقه من النفي ، فإذا وضعته كان له أن يلاعن في الحال ، فان لاعن والا بطل حقه من اللعان ولحق به
__________________
(١) م : وبه قال ( ـ ش ـ ).
(٢) م : بقذف.
النسب ، بهذا قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ليس له أن يلاعن ما دامت حاملا ، فان وضعت فحقه من اللعان يثبت على الفور ، فإن أخره بطل ، وبه قال محمد بن الحسن قالا : إلا أنا استجبنا (١) جواز تأخير ذلك يوما أو يومين.
وقال أبو يوسف : له أن يلاعن مدة النفاس أربعين يوما لا أكثر منه. وقال عطاء ومجاهد : له أن يلاعن أبدا ، وهو الذي يقتضيه مذهبنا ، ويدل عليه إجماع الفرقة وأخبارهم الواردة في أن له أن يلاعن ، ولا دليل على تخصيص ذلك بوقت دون وقت.
مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا انتفى من ولد زوجة له ولم يقذفها ، بل قال : وطأك رجل مكرها فلست بزانية ، وجب عليه اللعان ، بدلالة عموم الأخبار الواردة في أن الانتفاء من الولد يوجب اللعان ، وهو أصح قولي ( ـ ش ـ ). والثاني : ليس له أن يلاعن لقول النبي عليهالسلام : الولد للفراش. ولقوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ ) (٢) وهذا لم يرم.
مسألة ـ ٣٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أقر الرجل بولده بعد اللعان ، فقال له أجنبي : لست بابن فلان ، فإنه يكون قاذفا يجب عليه الحد ، وان قاله الأب (٣) ذلك لم يجب عليه الحد. ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان.
مسألة ـ ٣٧ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا أتت المرأة بولدين توأمين ، فمات أحدهما وبقي الأخر ، فللأب أن ينفي نسب الحي والميت معا ، وكذلك ان كان الولد واحدا ، فله نفيه باللعان ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
(١) د : استحيينا.
(٢) سورة النور : ٦.
(٣) م : وان قال له الأب.
وقال ( ـ ح ـ ) : لا يجوز نفي نسب الميت ، فاذا لم يصح نفي نسب الميت لم (١) يصح نفي نسب الحي ، لأنهما حمل واحد.
مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا حصلت البينونة بينهما باللعان ، لم يجب لها السكنى ولا النفقة. وقال ( ـ ش ـ ) : يجب لها السكنى.
مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا أتت امرأة الرجل بولد فنفاه باللعان ، ثمَّ مات الولد ورجع الزوج فأقر بنسبة ، فإنه لا يلحقه ولا يرثه الأب على حال.
وقال ( ـ ش ـ ) : يرثه على كل حال ويلحق به. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان الولد خلف ولدا لحقه نسبه ونسب ولد الولد وثبت (٢) الإرث بينهما ، وان لم يكن خلف ولدا لم يلحقه النسب (٣) ، ولا خلاف بينهم أنه لو أقر به قبل موته لحقه ويثبت النسب وتوارثا.
مسألة ـ ٤٠ ـ : إذا قال رجل لامرأته : يا زان بلا هاء التأنيث ، كان قاذفا لها عند جميعهم الا داود ، وان قالت للرجل : يا زانية كانت قاذفة عند ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وغير قاذفة عند ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).
والذي يقتضيه مذهبنا أن نقول : ان علم من قصدهما القذف كانا قاذفين ، وان لم يعلم يرجع إليهما في ذلك ، لان الأصل براءة الذمة ، وإيجاب حكم القذف عليهما يحتاج إلى دلالة.
مسألة ـ ٤١ ـ : إذا قال رجل لرجل زنأت في الجبل ، وظاهر هذا أنه أراد صعدت في الجبل ، ولا يكون صريحا في القذف بل يحمل على الصعود ، فان ادعى عليه القذف ، كان القول قوله مع يمينه ، فان نكل ردت على المقذوف ، فان
__________________
(١) م : لا يجوز عند ( ـ ح ـ ) نفى نسب الميت فاذا لم يصح ذلك لم يصح نفى نسب الحي.
(٢) م : يثبت.
(٣) م : وان لم يكن كذلك لم يلحقه النسب.
حلف حد ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ م ـ ) ، و ( ـ ف ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : هو قذف ، وبظاهره يجب الحد.
مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذفها بالزنا وأقيم عليه الحد ، ثمَّ قذفها بذلك الزنا ، لم يكن قاذفا بلا خلاف ، ولا يجب عليه حد القذف ، وان قذفها بزنا آخر وجب عليه حد القذف ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) (١). والثاني : لا حد عليه.
مسألة ـ ٤٣ ـ : إذا قذف امرأة أجنبية ، ثمَّ تزوجها وقذفها بعد التزويج ، ولم يقم البينة على القذف الأول والثاني ، ولا لاعن عن الثاني وطالبت المرأة بالقذفين بدأت فطالبت بالثاني ثمَّ بالأول ، وجب عليه الحدان.
وقال ( ـ « ش » ـ ) : فيه قولان : أحدهما ، ما قلناه. والثاني : أنهما يتداخلان.
مسألة ـ ٤٤ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته ، ثمَّ قذفها قذفا آخر قبل أن يلاعنها ، وجب عليه حد واحد ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والأخر يجب عليه الحدان ، ولا خلاف أن له إسقاطهما باللعان الواحد.
مسألة ـ ٤٥ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته ولاعنها ، فبانت باللعان ، ثمَّ قذفها بزنا اضافه الى ما قبل اللعان ، فعليه الحد بهذا القذف ، بدلالة قوله تعالى ( وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ) (٢) الاية ، وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ). والأخر : لا حد عليه ، لان حصانتها سقط باللعان.
مسألة ـ ٤٦ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف الرجل زوجته بالزنا ، فقال لها : يا زانية فقالت : بل أنت يا زان ، سقط عنهما الحد ووجب عليهما التعزير.
وقال ( ـ ش ـ ) : يجب على كل واحد منهما الحد (٣) ، وللزوج إسقاطه باللعان أو
__________________
(١) م : وهو أحد وجهي ( ـ ش ـ ).
(٢) سورة النور : ٦.
(٣) م : وقال ( ـ ش ـ ) يجب عليهما الحد.
البينة ، وللمرأة إسقاط حد القذف بالبينة ، وإسقاط حد الزنا (١) ان لاعن الزوج باللعان ، وان أقام البينة فليس لها إسقاط.
مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا قذف زوجته وأجنبية ، فقال : زنيتما ، أو أنتما زانيتان ، فهو قاذف لهما ، ويجب عليه حدان ، بدلالة الآية ، وله إسقاط حق زوجية بالبينة أو اللعان ، وإسقاط حق الأجنبية (٢) بالبينة لا غير ، وبه قال ( ـ ش ـ ) الا أنه قال : إذا لم يقم البينة أو لا يلاعن في حق الزوجة هل يجب عليه حد أو حدان؟ فيه قولان.
مسألة ـ ٤٨ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف الرجل أربع نسوة أجنبيات بكلمة واحدة أو قذف أربعة رجال أجانب ، أو قذف أربع نسوة ، فالحكم في الجميع واحد.
وهل يجب عليه حد واحد للجميع أو يجب عليه حد كامل لكل واحدة من المقذوفات؟ عندنا أنهم ان جاؤوا به متفرقين (٣) ، كان لكل واحد حد كامل ، وان جاؤوا به مجتمعين كان عليه لجميعهم حد واحد ، ول ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، قال في الجديد : عليه لكل واحد حد كامل. وقال في القديم : يجب لجميعهم حد واحد.
مسألة ـ ٤٩ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته وهي حامل ، فله أن يلاعن وينفي نسب الولد ، سواء كان جامعها في الطهر الذي قذفها فيه بالزنا أو لم يجامعها ، وسواء جامعها قبل القذف أو بعده ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وذهب ( ـ ك ـ ) إلى أنه ان أضاف الزنا الى الطهر لم يجامعها فيه ، كان له أن يلاعن وينفي النسب. وان أضافه الى طهر جامعها فيه ، لم يكن له أن يلاعن لنفي النسب ، لكن يلاعن لإسقاط الحد.
مسألة ـ ٥٠ ـ : إذا قذف أجنبيا ، أو أجنبية ، أو زوجة وكان المقذوف
__________________
(١) م : وإسقاط حق الزنا.
(٢) م : أو اللعان وحق الأجنبية.
(٣) م : مفترقين.
محصنا فلزمه الحد ، فقبل أن يقام عليه الحد ثبت زنا المقذوف : اما ببينة ، أو بإقراره ، فإن الحد لا يسقط عن القاذف ، لثبوت الحد عليه بالإجماع ، وعدم الدلالة على سقوطه ، وبه قال المزني وأبو ثور.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، وعامة الفقهاء : انه يسقط الحد عن القاذف ، ووجب على المقذوف حد الزنا.
مسألة ـ ٥١ ـ ( ـ « ج » ـ ) : إذا قذف زوجته بالزنا ولم يلاعن فحد ، ثمَّ قذفها ثانيا بذلك الزنا ، فلا حد عليه (١).
وقال ( ـ ش ـ ) : لأحد عليه في الموضعين.
مسألة ـ ٥٢ ـ : إذا قذفها ولاعنها ، فامتنعت من اللعان فحدث ، ثمَّ قذفها أجنبي بذلك الزنا ، لم يجب عليه الحد ، لأنه لم يرم محصنة. وقال ابن سريج (٢) : يجب عليه الحد.
مسألة ـ ٥٣ ـ ( ـ « ج » ـ ) : لا خلاف أن الكفالة في حدود الله لا يصح ، مثل حد الزنا ، وشرب الخمر ، وقطع السرق ، وكفالة من عليه مال يصح عندنا ، وكفالة من عليه حد القذف لا يصح ، لإجماع الفرقة على أن كفالة من عليه حد لا يصح ولم يفصلوا. ولل ( ـ ش ـ ) في كل واحد منهما قولان.
مسألة ـ ٥٤ ـ : إذا قال : زنت يدك أو رجلك ، لا يكون قذفا صريحا ، لأنه لا دلالة عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، غير المزني فإنه قال : صريح (٣).
مسألة ـ ٥٥ ـ : إذا قال : زنا بدنك ، كان صريحا في القذف ، لأنه أضاف
__________________
(١) د : بذلك الزنا فإنه يجب عليه قذفها فلا حد عليه. وم : فإنه يجب عليه الحد ثانيا وان قذفها ولا عنها ثمَّ أعاد القذف ثانيا بذلك الزنا فلا حد عليه.
(٢) م : قال ابن شريح.
(٣) سقط من نسخة م عبارة « فإنه قال صريح ».