فثلاثون درهما ، والواجب منه ما يراه الامام. ومن أصحابه من قال : أقلها ما يقع عليه الاسم ولو كان قيراطا والأول أظهر ، فأما الاعتبار في الإعسار واليسار بالرجل دونها.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والأخر الاعتبار بإعسارها ويسارها وجمالها ، لأنه بدل عن مهر مثلها وذلك معتبر بها.
وقال ( ـ ح ـ ) : قدر المتعة ثلاثة أثواب درع وخمار وملحفة تمام ثيابها ، فان كان نصف مهر مثلها أقل من ذلك نقصا منه ما شاءا ما لم يبلغ بالنقص أقل من خمسة دراهم ، وهو نصف أقل ما يكون صداقا ، فكأنه قال : لا ينقص عن خمسة دراهم.
مسألة ـ ١٧ ـ : مفوضة البضع إذا فرض لها المهر بعد العقد ، فان اتفقا على قدر المهر مع علمهما (١) بقدر المثل ، أو ترافعا الى الحاكم ففرض لها المهر كان كالمسمى (٢) بالعقد تملك المطالبة به ، فان دخل بها أو مات استقر ذلك ، وان طلقها قبل الدخول سقط نصفه ولها نصفه ولا متعة عليه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : إذا فرض لها فطلقها قبل الدخول سقط المفروض ، كأنه ما فرض لها ووجب لها المتعة ، كما لو طلقها قبل الفرض.
يدل على ما ذهبنا اليه قوله (٣) تعالى ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (٤) ومعناه يعود إليكم نصف ما فرضتم ، لان المهر كان واجبا لها قبل الطلاق ، وبالطلاق ما وجب لها شيء ، فلما قال : فنصف ما فرضتم ، ثبت أنه أراد يعود الى الزوج نصف ما فرضتم ، وعند ( ـ ح ـ ) (٥) يعود اليه
__________________
(١) م ، د : مع علمها.
(٢) م : كان المسمى.
(٣) م : دليلنا قوله تعالى.
(٤) سورة آل عمران : ٢٣٨.
(٥) م : ما فرض وعند ( ـ ح ـ ).
كله.
وروى ابن عمر أن النبي عليهالسلام قال : أدوا العلائق ، قيل : يا رسول الله وما العلائق؟
قال : ما تراضى عليه الاهلون. وذلك عام في كل حال.
مسألة ـ ١٨ ـ : إذا مات أحدهما قبل الفرض وقبل الدخول ، فلا مهر لها ولا يجب بالعقد مهر المثل ، لأنه لا دليل عليه ، والأصل براءة الذمة ، وبه قال في الصحابة علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وزيد ، والزهري ، وبه قال ربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ ع ـ ) ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر لها مهر مثلها ، وبه قال ابن مسعود ، وأهل الكوفة ، وابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ر ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ).
مسألة ـ ١٩ ـ : إذا اتفقا على مقدار ما ، أو شيء بعينه (١) مع الجهل بمبلغ المثل ، صح ما اتفقا عليه ، لان الواجب عليه هو ما يتفقان عليه.
ولل ( ـ ش ـ ) فيه قولان أحدهما : ما قلناه. وقال في الأم : لا تصح.
مسألة ـ ٢٠ ـ ( ـ ج ـ ) : مفوضة المهر هو أن يذكر مهرا ولا يذكر مبلغه ، فيقول : تزوجتك على أن يكون المهر ما شئنا ، أو شاء أحدنا ، فإذا تزوجها على ذلك ، فان قال : على أن يكون المهر ما شئت أنا ، فإنه كلما يحكم به وجب عليها الرضا به ، قليلا كان أو كثيرا ، وان قال : على أن يكون المهر ما شئت أنت ، فإنه يلزمه أن يعطيها ما تحكم به ما لم تجاوز خمسمائة.
وقال الفقهاء كلهم ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : يلزمه مهر المثل.
مسألة ـ ٢١ ـ ( ـ ج ـ ) : ان دخل بمفوضة المهر ، استقر ما يحكم واحد منهما به على ما فصلناه ، فان طلقها قبل الدخول بها ، وجب نصف ما يحكم به واحد (٢) منهما.
__________________
(١) د : أو شيء يعينه.
(٢) م : ما يحكم به أحدهما.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) : ان دخل بها استقر مهر المثل ، وان طلقها قبل الدخول بها استحقت نصفه عند ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : يسقط (١) بالطلاق قبل الدخول ويجب المتعة.
مسألة ـ ٢٢ ـ : حكم الصغيرة والبكر الكبيرة التي تجبر على النكاح إذا زوجها وليها الذي له الإجبار مفوضة البضع حكم التي لها الاذن في أنه لا يجب مهر المثل بنفس العقد ، بدلالة قوله تعالى ( لا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ ) (٢) ولم يفصل.
وقال ( ـ ش ـ ) : ها هنا يجب مهر المثل بنفس العقد.
مسألة ـ ٢٣ ـ ( ـ ج ـ ) : مهر المثل في الموضع الذي يجب يعتبر نساء أهلها ، مثل أمها وأختها وخالتها وعمتها وغير ذلك ، ولا يجاوز بذلك خمسمائة درهم ، فان زاد مهر المثل على ذلك اقتصر على خمسمائة.
وقال ( ـ ش ـ ) : يعتبر بنساء عصبتها دون أمها ، ونساء أرحامها ونساء بلدها ، ونساء عصباتها أخواتها وبنات الاخوة وعماتها ، وبنات الأعمام وعمات الأب وبنات أعمام الأب وعلى هذا أبدا.
وقال ( ـ ك ـ ) : يعتبر بنساء بلدها. وقال ( ـ ح ـ ) : يعتبر بنساء أهلها من العصبات وغيرهم من أرحامها. وقيل : ان هذا مذهب ابن أبي ليلى ، وان مذهب ( ـ ح ـ ) مثل مذهب ( ـ ش ـ ).
مسألة ـ ٢٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا اختلفا الزوجان في قدر المهر ، مثل أن يقول الزوج : تزوجتك بألف ، وقالت : بألفين. وفي جنس المهر فقال : تزوجتك بألف درهم ، وقالت : بألف دينار ، فالقول قول الزوج ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وبه قال النخعي ، وابن شبرمة ، وابن أبي ليلى.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) : يتحالفان ويجب مهر المثل. وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان الاختلاف
__________________
(١) م : وعند أبي ( ـ ح ـ ) يسقط.
(٢) سورة البقرة : ٢٣٧.
بعد الدخول ، فالقول قول الزوج. وان كان قبل الدخول (١) ، تحالفا (٢) مثل قول ( ـ ش ـ ) ، الا أنه قال : إذا تحالفا بطل النكاح ، بناه على أصله في أن المهر إذا فسد بطل النكاح.
مسألة ـ ٢٥ ـ : إذا تحالفا (٣) فسد المهر عندهم ووجب لها مهر المثل على كل حال ، عند جميع أصحاب ( ـ ش ـ ) ، الا ابن خيران فإنه قال : ما ادعته (٤) المرأة قدر مهر مثلها أو أكثر وجب لها مهر المثل ، وان كان ما تدعيه أقل من مهر مثلها ، مثل أن ادعت ألفا ومهر مثلها ألفان ، فإنه لا يجب عليه الا الألف ، واتفقوا كلهم على أنه إذا أقر بأن مهرها ألفان ومهر مثلها ألف ، أنه لا يلزمه أكثر من ألف.
وقال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ م ـ ) : ان كان مهر مثلها مثل ما قال الزوج أو أقل فلها مهر مثلها وان كان مهر مثلها مثل ما ادعت أو أكثر فلها ما ادعت لا يزاد عليه (٥) ، وان كان مهر مثلها فوق ما قال الزوج ودون ما قالت فلها مهر مثلها ، وهذا التفصيل يسقط عنا ، لما بيناه في المسألة الأولى (٦) ، لأنه مبني على التحالف.
مسألة ـ ٢٦ ـ « ج » : إذا اختلف الزوجان في قبض المهر ، فقال الزوج : قد أقبضتك المهر ، وقالت : ما قبضته (٧) ، فالقول قولها ، سواء كان قبل الزفاف أو بعده قبل الدخول بها أو بعده ، وبه قال سعيد بن جبير ، والشعبي ، وأكثر أهل الكوفة ،
__________________
(١) م : وان كان قبله الدخول.
(٢) د : تخالفا مثل.
(٣) د : إذا تخالفا.
(٤) م : فإنه قال ان كان ما ادعته.
(٥) م : لا يزاد عليها.
(٦) م : لما بيناه فيما تقدم.
(٧) م : ما اقبضه.
وابن شبرمة ، وابن أبي ليلى ، وح ـ ) ، وأصحابه ، و ( ـ ش ـ ).
وذهب ( ـ ك ـ ) إلى أنه (١) ان كان بعد الدخول فالقول قوله ، وان كان قبل الدخول فالقول قولها. وذهب الفقهاء السبعة إلى أنه ان كان بعد الزفاف ، فالقول قوله.
وان كان قبله فالقول قولها.
قال أبو حامد الاسفرائني : رأيت من يحكي عن هؤلاء أنه انما يكون القول قوله في القدر الذي جرت العادة بتقديمه ، قال : ولا أعرف هذا التفصيل عن ( ـ ك ـ ).
مسألة ـ ٢٧ ـ : إذا كان مهرها ألفا وأعطاها ألفا واختلفا ، فقالت : قلت لي خذيها هدية ، أو قالت هبة ، وقال : بل قلت خذيها مهرا ، فالقول قول الزوج بكل حال ، لأنهما قد اتفقا على أن الالف ملك الزوج ، واختلفا في صفة انتقاله (٢) الى يدها ، فوجب أن يكون القول قول المالك ، ويكون البينة على من ادعى انتقاله اليه بسبب ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ك ـ ) : ان كان المقبوض ما جرت العادة بهدية مثله ، كالمقنعة والخاتم ونحو ذلك ، فالقول قولها انه هدية ، والا فالقول قوله كما قلناه.
مسألة ـ ٢٨ ـ : البكر البالغ الرشيدة يجوز لأبيها أن يقبض مهرها بغير أمرها ما لم تنهه عن ذلك ، بدلالة إجماع الفرقة على أن للأب أن يعفو عن المهر ومن له العفو فله المطالبة والقبض ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وبعض الخراسانية من أصحاب ( ـ ش ـ ) وقال أكثر أصحابه : ليس له ذلك إلا بإذنها.
مسألة ـ ٢٩ ـ : إذا تزوج بامرأة ودخل بها ثمَّ خالعها ، فلزوجها نكاحها في عدتها ، فان فعل وأمهرها مهرا ، فان دخل بها استقر المهر ، وان طلقها قبل الدخول ثبت نصف المهر وسقط نصفه ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
__________________
(١) م : و ( ـ ش ـ ) و ( ـ ك ـ ) إلى أنه.
(٢) م : انتقالها.
ويدل عليه قوله تعالى ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (١) وهذا طلاق قبل المس. وقال ( ـ ح ـ ) : لا يسقط شيء ولها المهر كله.
مسألة ـ ٣٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أصدقها على أن لأبيها ألفا ، فالنكاح صحيح بلا خلاف وما سماه لها يجب عليه الوفاء به ، وهو بالخيار فيما سمى لأبيها.
وقال ( ـ ش ـ ) : المهر فاسد ولها مهر المثل ، وهو نقل المزني. وقال في القديم : لو أصدقها على أن لأبيها ألفا ولأمها ألفا ، كان الكل للزوجة ، وبه قال ( ـ ك ـ ).
مسألة ـ ٣١ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أصدقها ألفا وشرط أن لا يسافر بها أو لا يتزوج عليها أو لا يتسرى عليها ، كان النكاح والصداق صحيحا والشرط باطلا.
وقال ( ـ ش ـ ) : المهر فاسد ويجب مهر المثل ، فأما النكاح فصحيح.
مسألة ـ ٣٢ ـ : إذا أصدقها دارا وشرط في الصداق الخيار ثلاثة أيام ، صح الصداق والشرط معا والنكاح صحيح ، لقوله عليهالسلام « المؤمنون عند شروطهم » وهذا شرط لا يخالف الكتاب والسنة.
وللش في صحة النكاح قولان ، فاذا قال يصح فله في الصداق ثلاثة أوجه ، أحدها يصح المهر والشرط معا كما قلناه. والثاني : يبطلان معا. والثالث : يبطل الشرط دون الصداق.
مسألة ـ ٣٣ ـ : الذي بيده عقدة النكاح عندنا هو الولي الذي هو الأب أو الجد ، وهو قول ابن عباس ، والحسن البصري ، وربيعة ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم إلا أن عندنا له أن يعفو عن بعض المهر ، وليس له أن يعفو عن جميعه.
وقال ( ـ ش ـ ) في الجديد : هو الزوج ، ورووه عن علي عليهالسلام ، وجبير بن مطعم ،
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٨.
وسعيد بن جبير ، وسعيد بن المسيب (١) ، وشريح ، ومجاهد ، والشعبي ، والنخعي و ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ر ـ ) ، وابن أبي ليلى ، و ( ـ ح ـ ).
ويدل على مذهبنا ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ قوله (٢) تعالى ( وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) (٣) وفي الآية أدلة.
منها : أنه خاطب الزوج ابتداء ، ثمَّ عدل عنه إلى الكناية أخيرا ، فقال : الا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح ، فالظاهر أن الكناية عن غير من واجهه بالخطاب.
ومنها : أنه عطف بقوله ( أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ) على قوله ( إِلّا أَنْ يَعْفُونَ ) يعني الزوجة عن نصفها ، فحمله على الولي أولى ، ليكون حكم المعطوف وهو عفو الولي عن نصف الصداق حكم المعطوف عليه وهو عفو الزوجة (٤) عن ذلك النصف.
ومنها : أنا إذا حملناه على الولي حملنا الكلام على ظاهره من غير إضمار لان بيد الولي العقد والعفو قبل الدخول وبعد الطلاق ، وإذا حملوا على الزوج افتقر الكلام إلى إضمار ، لأن الزوج لا يملكها بعد الطلاق.
مسألة ـ ٣٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا أصدقها صداقا ، ثمَّ وهبته له ، ثمَّ طلقها قبل الدخول فله أن يرجع إليها بنصفه.
وللش فيه قولان ، قال في القديم : لا يرجع وهو اختيار المزني. وقال في
__________________
(١) د : سعد بن المسيب.
(٢) م : دليلنا قوله تعالى.
(٣) سورة البقرة : ٢٣٨.
(٤) م : وعفو الزوجة.
الجديد : يرجع وهو الأصح عندهم ، سواء وهبت له بعد أن قبضته أو قبل القبض الباب واحد. وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان ذلك قبل القبض لم يرجع عليها بشيء ، وان كان بعد القبض رجع عليها بالنصف.
مسألة ـ ٣٥ ـ : إذا أصدقها عبدا فوهبت له نصفه ، ثمَّ طلقها قبل الدخول بها ، فإنه يرجع عليها بنصف العبد الذي وهبته ، لأن الذي استحقته من العبد نصفه ، فاذا وهبته له فقد قبضته ، فاذا طلقها وجب عليها أن ترد ما أخذته.
وللش فيه ثلاثة أقوال ، أحدها : لا يرجع بشيء ، وبه قال ( ـ ح ـ ). والثاني : يرجع بنصف الموجود وهو ربع العبد ، وبه قال ( ـ ف ـ ) ، و ( ـ م ـ ). والثالث : يرجع بالنصف على ما قلناه.
مسألة ـ ٣٦ ـ : إذا زوج الأب أو الجد من له إجبارها على النكاح من البكر الصغيرة أو الكبيرة بمهر دون مهر المثل ، ثبت المسمى ولا يجب مهر المثل ، لقوله تعالى ( فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ ) (١) ولم يفصل بين أن يكون دون مهر المثل أو فوقه أو مثله ، ولقوله عليهالسلام : أدوا العلائق ، فقيل : وما العلائق؟ فقال : ما تراضى عليه الاهلون ، وهذا مما قد تراضوا به ، ولأنا قد علمنا أن النبي عليهالسلام زوج بناته بخمسمائة ، ومعلوم أن مهر أمثالهن لا يكون هذا القدر.
وقال ( ـ ح ـ ) مثل ما قلناه. وقال ( ـ ش ـ ) : يبطل المسمى ويجب مهر المثل.
مسألة ـ ٣٧ ـ : إذا وجب لها مهر المثل فأبرأته عنه ، فان كانت عالمة بمقداره صح الإبراء ، وان لم تكن عالمة به لم يصح ، لأنه لا دلالة على صحته ، والأصل بقاء الحق في الذمة ، وكذلك ضمان المجهول لا يصح ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : الإبراء من المجهول وضمان المجهول يصحان معا.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٣٨.
مسألة ـ ٣٨ ـ : إذا سمى الصداق ودخل بها قبل أن يعطيها شيئا ، لم يكن لها بعد ذلك الامتناع من تسليم نفسها حتى يستوفي ، بل لها المطالبة بالمهر ويجب عليها تسليم نفسها ، لان البضع حقه والمهر حق عليه ، ولا يمنع حقه لثبوت حق عليه ، لان جواز ذلك يحتاج إلى دلالة ، وقال ( ـ ش ـ ) مثل ما قلناه ، وعند (١) ( ـ ح ـ ) لها أن تمتنع حتى تقبض ، لان المهر في مقابلة كل وطئ في النكاح.
مسألة ـ ٣٩ ـ : إذا أصدقها ألفا ، ثمَّ خالعها على خمسمائة منها قبل الدخول [ بها فإنه يسقط عنه جميع المهر ، لان الخلع لا يكون عندنا الا بطلاق ، فكأنه قد طلقها قبل الدخول ] (٢) فيرجع عليه نصف المسمى والنصف الأخر قد أسقطته بالخلع فلم يبق لها شيء.
وقال ( ـ ش ـ ) : إذا أصدقها شيئا ، ثمَّ خالعها على شيء منه فما بقي عليه نصفه (٣) وظاهر هذا أن له من الألف مائتين وخمسين. واختلف أصحابه على ثلاث طرق فقال أبو إسحاق : معناه مثل ما قلناه ، وانه يصير المهر كله له.
وقال ابن خيران : معناه ينعقد الخلع بمائتين وخمسين ويسقط عن (٤) الزوج مائتان وخمسون وبقي بعد هذا خمسمائة يسقط عنه نصفها وبقي عليها نصفها ، وفي أصحابه من قال : الفقه على ما قاله ابن خيران ، وخالفه في التعليل.
مسألة ـ ٤٠ ـ ( ـ ج ـ ) : من وطئ امرأة فأفضاها ، ومعنى ذلك صير مجرى البول ومدخل الذكر واحدا ، فان كان قبل تسع سنين لزمه نفقتها ما دامت حية ، وعليه مهرها وديتها كاملة ، وان كان بعد تسع سنين لم يكن عليه شيء غير المهر
__________________
(١) م : وبه قال ( ـ ش ـ ) وعند ( ـ ح ـ ).
(٢) ما بين المعقوفتين سقط من نسخة ( ـ م ـ ).
(٣) م : فعليه نصفه.
(٤) م : يسقط عنه.
هذا إذا كان في عقد صحيح أو عقد شبهة ، فأما إذا كان مكرها لها ، فإنه يلزمه ديتها على كل حال ولا مهر لها ، وسواء كان البول مستمسكا أو مسترسلا.
وقال ( ـ ش ـ ) : عليه ديتها ومهرها ، ولم يفصل بين قبل التسع سنين وبعده (١).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان أفضى زوجته ، فلا يجب بالإفضاء عليه شيء. وان كانت أجنبية نظرت فان كان الوطي في نكاح فاسد ، فان كان البول مسترسلا ، فلها مهر مثلها ولها كمال الدية (٢) ، وان كان مستمسكا فلها المهر وثلث الدية كالجائفة ، وان استكره امرأة على هذا فلا مهر لها والدية على ما فصلناه. وقال ( ـ ك ـ ) : عليه حكومة.
مسألة ـ ٤١ ـ : إذا طلقها بعد أن خلا بها وقبل أن يمسها ، اختلف الناس فيه على ثلاثة مذاهب ، أحدها : أن وجود هذه الخلوة وعدمها سواء ، يرجع اليه نصف الصداق ولا عدة عليها ، وهو الظاهر من روايات أصحابنا ، وبه قال في الصحابة ابن عباس ، وابن مسعود ، وفي التابعين الشعبي ، وابن سيرين ، وفي الفقهاء ( ـ ش ـ ) ، وأبو ثور.
والمذهب الثاني : أن الخلوة كالدخول يستقر بها المسمى ويجب عليها العدة وبه قال قوم من أصحابنا ، ورووا في ذلك أخبارا ، وروي ذلك عن علي عليهالسلام ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، والزهري ، وفي الفقهاء ( ـ ع ـ ) ، و ( ـ ح ـ ) ، وأصحابه ، وهو نص ( ـ ش ـ ) في القديم.
والثالث : أن الخلوة ان كانت تامة ، فالقول قول من يدعي الإصابة ، وبه قال ( ـ ك ـ ) ، وقال : الخلوة التامة أن يزفها الزوج الى بيته (٣) ويخلو بها ، وغير التامة أن يخلو بها في بيت والدها ما لم يزل حشمة ، فان طالت مدته عندهم وارتفعت الحشمة
__________________
(١) م : أو بعده.
(٢) م : وكمال الدية.
(٣) د : الى بيتها.
صارت خلوة تامة.
ويدل على ما ذهبنا اليه ـ مضافا الى روايات أصحابنا ـ قوله (١) تعالى « وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ الاية » (٢) ولم يستثن الخلوة ، فوجب حملها على العموم ، ولا يجوز أن يكون المراد بالمس في الآية اللمس باليد ، لان ذلك لم يقل به أحد ولا الخلوة أيضا ، لأنه لا يعبر (٣) به عن الخلوة حقيقة ولا مجازا ، ويعبر (٤) به عن الجماع بلا خلاف ، فوجب حمل الآية عليه ، هذا وقد اجتمعت الصحابة على أن المراد بالمسيس في الآية الجماع.
وروي ذلك عن ابن مسعود ، وابن عباس ، وروي عن عمر أنه قال : إذا أغلق الباب وأرخى الستر ، فقد وجب المهر ما ذنبهن ان جاء العجز من قبلكم.
ومعلوم أن العجز من الزوج لا يكون من الخلوة واللمس ، فثبت أنه أراد به الجماع.
مسألة ـ ٤٢ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا تزوج امرأة وأمهرها عبدا مطلقا ، فقال : تزوجتك على عبد فالنكاح صحيح ، ويلزمه عبد وسط من العبد ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وقال : يعطيها عبدا بين عبدين ، وهو أوسط العبيد عبد سندي أو عبد منصوري ، فإنه أوسط العبيد وقال ( ـ ش ـ ) : الصداق باطل ويلزمه مهر المثل.
مسألة ـ ٤٣ ـ : المدخول بها إذا طلقت (٥) لا متعة لها ، سواء كان سمي لها مهرا أو لم يسم ، فرض لها أو لم يفرض ، لأنه لا دلالة (٦) عليه ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، و ( ـ ش ـ ) في القديم ، وقال في الجديد : لها المتعة ، وقد روي ذلك عن قوم من أصحابنا
__________________
(١) م : دليلنا مضافا.
(٢) سورة البقرة : ٢٣٨.
(٣) م : يعتبر به.
(٤) م : يعتبر به.
(٥) د : المدخول بها طلقت.
(٦) م : أو لم يسم لأنه لا دلالة عليه.
الا أنهم قالوا : إنها متعة مستحبة غير واجبة.
مسألة ـ ٤٤ ـ ( ـ ج ـ ) : الموضع الذي يجب المتعة أو يستحب فإنها يثبت ، سواء كان الزوج حرا أو عبدا ، أو الزوجة حرة أو أمة ، وبه قال جميع الفقهاء.
وقال ( ـ ع ـ ) : إذا كان الزوجان عبدين أو أحدهما فلا متعة.
مسألة ـ ٤٥ ـ : كل فرقة يحصل بين الزوجين ، سواء كان من قبله أو من قبلها أو من قبل أجنبي (١) ، فلا يجب به المتعة إلا الطلاق فحسب ، بدلالة أن المتعة قد أوجبها الله في الطلاق ، فإلحاق غيره به قياس لا نقول به.
وقال ( ـ ش ـ ) : إذا كانت الفرقة من جهته بطلاق أو ارتداد أو إسلام ، أو من جهتهما مثل الخلع أو اللعان ، أو من جهة أجنبي مثل أن ترضع المرأة أم الزوج ومن يجري مجراها ممن يحرم عليه تزويجها ، فإنه يجب لها المتعة ، وانما يسقط المتعة إذا كان بشيء من جهتهما.
مسألة ـ ٤٦ ـ : من كان له زوجة أمة مفوضة البضع ، فاشتراها من سيدها انفسخ النكاح ولا متعة لها ، لأنه لا دلالة على وجوب ذلك. وقال أكثر أصحاب ( ـ ش ـ ) : فيها قولان أحدهما يجب والأخر لا يجب. وقال أبو إسحاق : ينظر من استدعى البيع فيغلب حينئذ.
مسألة ـ ٤٧ ـ : إذا أصدقها انائين فانكسر أحدهما ، ثمَّ طلقها قبل الدخول بها ، كان لها نصف الموجود ونصف قيمة التالف ، لأن أحدهما باق فلا ينقل إلى القيمة مع بقاء العين. وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : هو بالخيار بين ما قلناه وبين أن يأخذ نصف قيمتهما معا.
مسألة ـ ٤٨ ـ : إذا أصدقها صداقا ، فأصابت به عيبا ، كان لها رده بالعيب ،
__________________
(١) م : أو من قبلها أو من قبلهما أو من قبل أجنبي.
سواء كان العيب يسيرا أو كثيرا ، لأنه لم يسلم (١) ما وقع عليه العقد ، وبه قال ( ـ ش ـ ).
وقال ( ـ ح ـ ) : ان كان يسيرا لم يكن لها الرد ، وان كان كثيرا فلها رده.
__________________
(١) م : لا يسلم.
كتاب الوليمة
مسألة ـ ١ ـ ( ـ ج ـ ) : الوليمة مستحبة وليست بواجبة ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ) ، والأخر أنها واجبة.
مسألة ـ ٢ ـ : من دعي إلى الوليمة يستحب له حضورها ، وليس بواجب عليه أي وليمة كانت ، لأنه لا دلالة على وجوبه (١) ، وظاهر مذهب ( ـ ش ـ ) أن الإجابة في جميع الولائم واجبة ، وهل هو من فروض الأعيان أو فروض الكفايات (٢)؟
فيه وجهان ، وله قول آخر انه مستحب.
مسألة ـ ٣ ـ : إذا اتخذ الذمي وليمة ودعا الناس إليها ، فلا يجوز للمسلم أن يحضرها ، لان ذبائح أهل الذمة عندنا محرمة ، وما باشروه بأيديهم من الطعام نجس لا يجوز أكله. وللش فيه وجهان ، أحدهما : يجب عليه حضورها ، لعموم الخبر.
والثاني : لا يجب (٣).
مسألة ـ ٤ ـ : من حضر الوليمة لا يجب عليه الأكل ، وانما يستحب له ذلك ،
__________________
(١) د : لا دلالة له على وجوبه.
(٢) م : فروض الأعيان أو الكفايات.
(٣) م : أحدهما يجب والأخر لا يجب.
لأنه لا دليل على وجوبه ، ولما روى جابر عن النبي عليهالسلام أنه قال : من دعى إلى طعام فليحضر ، فان شاء أكل وان شاء ترك.
وللش فيه وجهان ، أحدهما وهو الأظهر ما قلناه ، وفي أصحابه من قال : يجب عليه ذلك.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ ج ـ ) : نثر السكر واللوز في الولائم وأخذه مكروه ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : هو مباح وان كان يؤخذ بخلسة.
كتاب القسم بين الزوجات
مسألة ـ ١ ـ : النبي عليهالسلام ما كان يجب عليه القسم بين النساء ، بدلالة قوله تعالى ( تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ ) (١) وذلك عام ، وبه قال أبو سعيد الإصطخري. وقال باقي أصحاب ( ـ ش ـ ) : انه كان يلزمه.
مسألة ـ ٢ ـ ( ـ ج ـ ) : من كانت عنده مسلمة وذمية ، فله أن يقسم للحرة المسلمة ليلتين وللذمية ليلة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : عليه التسوية بينهما.
مسألة ـ ٣ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كانت عنده حرة وأمة زوجة ، كان للحرة ليلتان وللأمة ليلة ، وبه قال علي عليهالسلام ، وهو قول جميع الفقهاء ، الا ( ـ ك ـ ) فإنه قال : يسوى بينهما (٢).
مسألة ـ ٤ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا كانت عنده زوجتان ، جاز له أن يبيت عند واحدة منهما ثلاث ليال ، وعند الأخرى ليلة واحدة ، وخالف جميع الفقهاء في ذلك ، وقالوا : يجب التسوية بينهما.
مسألة ـ ٥ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا سافرت المرأة وحدها بإذن الزوج لا يسقط نفقتها
__________________
(١) سورة الأحزاب : ٥١.
(٢) د : تسوى بينهما.
ولا قسمتها ، لأنه لا دليل على سقوط ذلك ، والأصل ثبوت حقها. وللش فيه قولان.
مسألة ـ ٦ ـ ( ـ ج ـ ) : من كانت عنده زوجتان أو ثلاثة فتزوج بأخرى ، فإن كانت بكرا ، فإنه يخصها بسبعة أيام ويقدمها ، فلها حق التقديم والتخصيص بثلاثة أيام (١) أو سبعة أيام ويقضيها في حق الباقيات ، وهي بالخيار بين أن تختار ثلاثة أيام خاصة لها ، أو سبعة أيام يقضيها في حق البواقي ، وبه قال ( ـ ش ـ ) ، و ( ـ ك ـ ) ، و ( ـ د ـ ) ، و ( ـ ق ـ ) ، وفي التابعين الشعبي ، والنخعي.
وقال سعيد بن المسيب ، والحسن البصري : يخص البكر بليلتين والثيب بليلة ولا يقضى. وقال ( ـ ح ـ ) وأصحابه : للجديدة حق التقديم فحسب دون حق التخصيص ، فان كانت بكرا قدمها بالبيتوتة عندها سبعا ثمَّ يقضي وان كانت ثيبا قدمها بثلاث ثمَّ يقضي ، واليه ذهب الحكم وحماد.
يدل على المسألة ـ مضافا الى إجماع الفرقة وأخبارهم ـ ما رواه (٢) أنس أن النبي عليهالسلام قال : للبكر سبع ليال ، وللثيب ثلاث ليال ، فأضاف إليهما بلام التمليك.
وروت أم سلمة أن النبي عليهالسلام قال لها لما تزوجها ما بك على أهلك من هوان ، إن شئت سبعت عندك ، وسبعت عندهن ، وان شئت ثلثت عندك ودرت.
مسألة ـ ٧ ـ : إذا سافر ببعض نسائه من غير قرعة ، فعليه أن يقضي لمن بقي بقدر غيبته مع التي تخرج بها (٣) ، لأن القسمة حق لهن ، ولا دليل على سقوطه.
وإذا خرج بها بقرعة ، فليس عليه أن يقضي للبواقي ، لأن النبي عليهالسلام كذلك فعل ولم يقض ، وبه قال ( ـ ش ـ ). وقال ( ـ ح ـ ) : لا قضاء عليه ، كما لو خرج معها بقرعة.
مسألة ـ ٨ ـ : إذا نشزت المرأة ، حل ضربها بنفس النشوز دون الإضرار ،
__________________
(١) م : والتخصيص وان كانت ثيبا فلها حق التقديم والتخصيص بثلاثة أيام.
(٢) م : دليلنا ما رواه.
(٣) م : خرج بها.
بدلالة قوله تعالى ( وَاللّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ ) (١).
وقال كثير من أهل التفسير : ان معنى تخافون تعلمون ، ومن لم يقل ذلك وحمل الخوف على ظاهره أضمر في الظاهر وعلمتم نشوزهن فاضربوهن ، وهذا الإضمار مجمع عليه. وللش فيه قولان ، أحدهما : ما قلناه. والثاني : أنه لا يحل حتى تصر وتقيم عليه.
مسألة ـ ٩ ـ : بعث الحكمين في الشقاق على سبيل التحكيم لا على سبيل التوكيل ، وبه قال علي عليهالسلام ، وابن عباس ، وهو أحد قولي ( ـ ش ـ ). والقول الأخر ان ذلك على سبيل التوكيل ، وبه قال ( ـ ح ـ ) ، وظاهر قوله تعالى ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها ) (٢) يدل على التحكيم ، لأنه لم يقل فابعثوا وكيلا من أهله.
وأيضا (٣) فإن الخطاب إذا ورد مطلقا فيما طريقه الاحكام ، كان منصرفا إلى الأئمة والقضاة ، كقوله تعالى ( وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما ) (٤) و ( الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا ) (٥) وكذلك ها هنا.
وأيضا فإن الخطاب لم يتوجه الى الزوجين ، لأنه لو توجه إليهما لقال فابعثا ، وقال : ( إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما ) ، فأضاف الإرادة إلى الحكمين ولو كان توكيلا لم يضف إليهما.
وأيضا فقد روى أصحابنا أنهما يمضيان ما اتفق رأيهما عليه ، الا الفرقة فإنهما يستأذنان في ذلك ، فدل ذلك على أنه على سبيل التحكيم ، لان التوكيل لا يجوز فيه
__________________
(١) سورة النساء : ٣٨.
(٢) سورة النساء : ٣٩.
(٣) م : وكيلا وأيضا.
(٤) سورة المائدة : ٤٢.
(٥) سورة النور : ٢.
إنفاذ شيء إلا بإذن الموكل.
وروى مثل ذلك عبيدة السلماني ، قال : دخل رجل الى علي عليهالسلام ومعه امرأته مع كل واحد منهما فئام من الناس ، فقال علي عليهالسلام : ما شأن هذا؟ قالوا : وقع بينهما شقاق ، قال : ( فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُما ) فبعثوهما ، فقال علي عليهالسلام للحكمين : هل تدريان ما عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما ، وان رأيتما أن تفرقا فرقتما ، فقالت المرأة : رضينا بما في كتاب الله فيما فيه لي وعلي ، فقال الرجل : أما فرقة فلا ، فقال : والله لا تذهب حتى تقر بمثل ما أقرت.
مسألة ـ ١٠ ـ ( ـ ج ـ ) : إذا ثبت أن ذلك على جهة التحكيم ، فليس لهما أن يفرقا ولا أن يخلعا الا بعد (١) الاستئذان ، ولهما أن يجمعا (٢) من غير استئذان.
وقال ( ـ ش ـ ) : على هذا القول ان لهما جميع ذلك من غير استئذان (٣).
__________________
(١) د : أن تخلعا الا بعد.
(٢) د : أن تجمعا.
(٣) م : من غير إذنهما.
كتاب الخلع
مسألة ـ ١ ـ : إذا كانت الحال بين الزوجين عامرة ، والأخلاق ملتئمة ، واتفقا على الخلع ، فبذلت له شيئا على طلاقها ، لم يحل ذلك وكان محظورا ، بدلالة إجماع الفرقة على أنه لا يجوز له خلعها الا بعد أن يسمع منها ما لا يحل ذكره من قولها « لا أغتسل لك من جنابة » و « لا أقيم لك حدا » و « لأوطئن فراشك » من تكرهه ويعلم ذلك منها وهذا مفقود ها هنا ، فيجب أن لا يجوز الخلع.
ويدل على ذلك أيضا قوله تعالى ( لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلّا أَنْ يَخافا أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ ) (١) فحرم الأخذ منها الا عند الخوف من ترك اقامة الحدود ، ثمَّ قال ( فَإِنْ خِفْتُمْ أَلّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ ) (٢) فدل ذلك على أنه متى ارتفع هذا الخوف حصل الجناح ، وبه قال عطاء ، والزهري ، والنخعي ، وداود ، وأهل الظاهر.
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٢٩.
(٢) سورة البقرة : ٢٢٩.