جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي

جامع المقاصد في شرح القواعد - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٠٣

وقطع ما يحتاج إلى قطعه ، والتلقيح ، والعمل بالناضح ، وتعديل الثمرة ، واللقاط ، والجذاذ ، واجرة الناطور ، وإصلاح موضع التشميس ، ونقل الثمرة إليه وحفظها على رؤوس النخل وبعده حتى تقسم.

وعلى صاحب الأصل بناء الجدار ، وعمل ما يستقي به من دولاب‌

______________________________________________________

الأصل. وهذا إن كان مندرجا في قوله : ( وقطع ما يحتاج إلى قطعه ) ، إلا أنه أراد التصريح بماله اسم يعرف به.

قوله : ( وقطع ما يحتاج إلى قطعه ).

سواء كان يابسا أم لا.

قوله : ( وتعديل الثمرة ).

برد الجريد عن وجه العناقيد ، وتسوية العناقيد بينها لتصيبها الشمس وليتيسر قطعها عند الإدراك ، وتعريش الكرم حيث تجري عادته ، ووضع الحشيش فوق العناقيد صونا لها عن الشمس عند الحاجة ، وأمثال ذلك.

قوله : ( واللِّقاط ).

بفتح اللام وكسرها ، أي : لقاط الثمرة بمجرى العادة ، فما يؤخذ بسرا يجب قطعه إذا انتهى إلى حالة أخذه ، وما يؤخذ يابسا يقطع إذا بلغ تلك الحالة ، وكذا ما يؤخذ رطبا.

قوله : ( واجرة الناطور ).

الناطر والناطور ، بالطاء المهملة : حافظ الكرم والنخل. أعجمي ، ذكره في القاموس (١).

قوله : ( وعلى صاحب الأصل بناء الجدار ، وعمل ما يستقى به‌

__________________

(١) القاموس المحيط ( نطر ) ٢ : ١٤٤.

٣٦١

أو دالية ، وإنشاء النهر ، والكش للتلقيح على رأي.

وفي البقر التي تدير الدولاب تردد ينشأ : من أنها ليست من العمل فأشبهت الكش ، ومن أنها تراد للعمل فأشبهت بقر الحرث.

______________________________________________________

من دولاب أو دالية ، وإنشاء النهر ).

الضابط في الأعمال الواجبة على المالك ، وهو صاحب الأصل : هو كل ما لا يتكرر في كل سنة ، والأمور المذكورة مما لا يتكرر كل سنة.

وأوجب ابن إدريس على العامل آلات السقي وما يتوصل به إليه من الدلاء والنواضح (١). وهو ضعيف ، والأصح وجوبها على المالك ، وهو مختار الشيخ في الخلاف (٢).

قوله : ( والكشّ للتلقيح على رأي ).

هذا قول الشيخ (٣) ، والمتأخرين (٤) ، وأوجبه ابن إدريس على العامل ، لأنه يتم به نماء الثمرة وصلاحها الواجبان ، وزعم أنه لا دليل على المالك (٥). وهو ضعيف ، لأن العامل لا يجب عليه إلا العمل دون الأعيان التي تصرف إلى مصلحة الثمرة ، وأصالة البراءة تنفي الوجوب عنه.

نعم لو اطردت العادة بذلك واستقرت ، فإن الإطلاق يحمل عليها ، ومع عدمها فالتعيين أولى.

قوله : ( وفي البقر التي تدير الدولاب تردد ).

ينشأ : من أنها ليست من العمل فأشبهت الكش ، ومن أنها تراد للعمل‌

__________________

(١) السرائر : ٢٦٧.

(٢) نقله عنه في المختلف : ٤٧٢ ولم نجده في مظانه في الخلاف.

(٣) المبسوط ٣ : ٢١٠.

(٤) منهم المحقق في الشرائع ٢ : ١٥٦.

(٥) السرائر : ٢٦٧.

٣٦٢

ولو احتاجت الأرض إلى التسميد فعلى المالك شراؤه ، وعلى العامل تفريقه ، فإن أطلقا العقد فعلى كل منهما ما ذكرنا أنه عليه.

وإن شرطاه كان تأكيدا ،

______________________________________________________

فأشبهت بقر الحرث.

يؤيد الأول : أنه من جملة آلات السقي التي لا تتكرر كل سنة فهو كالبئر والجدار ، واختاره الشيخ (١) ، والمصنف في المختلف (٢).

ويؤيد الثاني : أن إدارة الدولاب ونحوه من الأعمال الواجبة على العامل ، كتنقية السواقي وطرق الماء فتجب عليه. وصرح ابن إدريس بالوجوب (٣) ، وكل محتمل ، فنحن في الحكم من المتوقفين.

قوله : ( وإن احتاجت الأرض إلى التسميد فعلى المالك شراؤه ، وعلى العامل تفريقه ).

إنما لم يجب على العامل شراؤه ، لأنه عين تصرف إلى الأرض وليست من الأعمال ، فلا يجب على العامل للأصل. ولو أطردت العادة بكونه من العامل فالمتجه حمل الإطلاق عليها. وكيف كان فاشتراط التعيين أحوط.

والتسميد : تفعيل من السماد ، قال في القاموس : سمّد الأرض تسميدا جعل فيها السماد ، أي : السرقين برماد (٤).

قوله : ( فإن أطلقا العقد فعلى كل منهما ما ذكرنا أنه عليه ، وإن شرطاه كان تأكيدا ).

قد علم هذا في أول المبحث ، لكنه أعاده ليبني عليه ما بعده.

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢١٠.

(٢) المختلف : ٤٧٢.

(٣) السرائر : ٢٦٧.

(٤) القاموس المحيط ( سمد ) ١ : ٣٠٣.

٣٦٣

وإن شرط أحدهما شيئا مما يلزم الآخر صح إذا كان معلوما ، إلاّ أن يشترط العامل على المالك جميع العمل فتبطل.

ويصح اشتراط الأكثر ، ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك صح.

ولو شرط أن يكون عمل الغلام لخاص العامل فالأقرب الجواز.

______________________________________________________

قوله : ( ولو شرط أحدهما شيئا مما يلزم الآخر صح إذا كان معلوما ، إلا أن يشترط العامل على المالك جميع العمل فيبطل ، ويصح اشتراط الأكثر ).

أي : لو شرط أحدهما على نفسه إلى آخره.

ولا فرق في الصحة بين أن يشترط العامل على المالك أكثر العمل أو لا ، إذا بقي على العامل من العمل ما تصح باعتباره المساقاة ، فلو شرط الجميع على المالك فسدت المساقاة. وكذا لو لم يبق على العامل من العمل إلا ما ليس له مدخل في زيادة الثمرة ، نعم تصح الإجارة إذا كان العمل معلوما.

واعلم أن الشيخ قال في المبسوط : إنه إذا اشترط أن يعمل رب المال معه بطلت المساقاة ، لأنه خلاف موضوعها (١) ، والأصح الصحة. ونمنع أن ذلك خلاف موضوع المساقاة ، فإن أركان العقد كلها حاصلة ، وكذا مقصوده ـ مع انتقاضه باشتراط عمل غلام المالك معه ـ فإنه اعترف بجوازه.

قوله : ( ولو شرط أن يعمل معه غلام المالك صح ).

خلافا لبعض العامة (٢).

قوله : ( ولو شرط أن يكون عمل الغلام لخاص العامل فالأقرب

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢١٠.

(٢) المجموع ١٤ : ٤١٠.

٣٦٤

______________________________________________________

الجواز ).

الظاهر من‌ عبارة المصنف في التذكرة : أن المراد بذلك اشتراط أن يعمل غلام المالك في الملك المختص بالعامل ، فإنه قال : ولو شرط للعامل أن يعمل الغلام لخاص العامل فالأقرب الجواز ، عملا بالشرط ، ولأنه إذا جاز أن يعمل في المشترك بين العامل ومولاه ، جاز أن يختص بأحدهما (١).

قال الشهيد : يحتمل المنع ، لوقوع العمل بإزاء العمل فتبقى الثمرة بلا مواز ، ويحتمل ذلك ، لأنه خلاف موضوع المساقاة ، والكل ضعيف.

وقال الشافعي : لا يجوز ويبطل العقد (٢) ، وليس بشي‌ء ، والذي في العزيز من كتبهم : وليس للعامل استعمال الغلام في عمل نفسه إذا فرغ من عمل الحديقة ، ولو شرط أن يعمل له بطل العقد (٣).

إذا عرفت ذلك ، فالذي يفهم من كلام الشارح الفاضل ولد المصنف : أن المراد به اشتراط كون عمل الغلام للعامل يختص به ، والظاهر أنه غير المراد ، وإلا لم يحتج إلى قوله : ( لخاص العامل ) حينئذ ، بل كان يكفي عنه قوله : ( للعامل ). على أنه لا محصل له ، فإن عمل غلام المالك في بستان المالك كيف يشترط كونه للعامل (٤)؟ وأي فائدة في هذا الشرط؟ وكيف كان فالأقرب ما قرّبه المصنف.

قال الشارح العميد حاكيا عن الشيخ في المبسوط : أنه جوّز ذلك ، ومنع من اشتراط أن يعمل المالك له (٥) ، والظاهر عدم الفرق.

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٤٧.

(٢) إيضاح الفوائد ٢ : ٢٩٤.

(٣) فتح العزيز مع المجموع ١٢ : ١٣٥ ـ ١٣٦.

(٤) ( فإنه كيف يشترط مال شخص لآخر ) ، وردت هذه العبارة في هامش نسخة « ك‍ » ، وفي متن نسخة « ه‍ » ، والظاهر انها حاشية أدخلت في المتن.

(٥) المبسوط ٣ : ٢١٠.

٣٦٥

ويجب تعيينه ونفقته على مولاه ، فإن شرطها على العامل أو من الثمرة صح بشرط العلم بقدرها وجنسها.

ولو شرط العامل أن اجرة الأجراء الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم في العمل على المالك ، أو عليهما صح ، ولو لم يشترط فهي عليه. ومع الشرط يجب التقدير بالكمية ،

______________________________________________________

قوله : ( ويجب تعيينه ).

أي : الغلام المشروط عمله إما بالمشاهدة ، أو بالوصف الرافع للجهالة ، لأن الأعمال تختلف باختلاف الأشخاص.

قوله : ( ونفقته على مولاه ، فإن شرطها على العامل أو من الثمرة صح بشرط العلم بقدرها وجنسها ).

لا ريب في أن نفقة الغلام على مولاه بحكم المالك ، فإن شرطها على العامل صح ، لأنه شرط لا يخالف الكتاب ، ولا السنة ولا ينافي مقتضى المساقاة. وكذا لو شرطها من الثمرة ، لكن يشترط في الموضعين العلم بجنسها وقدرها فرارا من الغرر.

وذهب جمع من العامة إلى عدم الاشتراط ، وأنه يحمل الإطلاق على الوسط المعتاد ، لأنه يتسامح بمثل ذلك في المعاملات (١). واختاره المصنف في التذكرة (٢) ، وهو مختار الشيخ في المبسوط (٣) ، والأصح الأول.

قوله : ( ولو شرط العامل أنّ اجرة الأجراء الذين يحتاج إلى الاستعانة بهم في العمل على المالك أو عليهما صح ، ولو لم يشترط فهي عليه ، ومع الشرط يجب التقدير ).

__________________

(١) المجموع ١٢ : ١٣٤.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٤٧.

(٣) المبسوط ٣ : ٢١١.

٣٦٦

أما لو شرط العامل أن يستأجر بأجرة على المالك في جميع العمل ، ولم يبق للعامل إلاّ الاستعمال ففي الجواز إشكال.

الخامس : الثمار ، ويجب أن تكون مشتركة بينهما ، معلومة بالجزئية المعلومة لا بالتقدير. فلو اختص بها أحدهما ، أو أهملا‌

______________________________________________________

لا ريب أن العامل‌ إذا كان لا يقوم بالعمل وحده ، بل يحتاج إلى من يساعده فيه ، فأجرة الأجراء الذين تدعو الحاجة إليهم على العامل ، لوجوب العمل كله عليه عند الإطلاق ، فإن شرط الأجرة كلها على المالك صح ، لأن باقي عمله مصحح للمساقاة. ولو شرط الأجرة عليهما فكذلك ، لكن يجب تقدير الأجرة المشروطة في الموضعين ، حذرا من الغرر.

ومنع الشيخ في المبسوط من اشتراط أجرة الأجراء الذين يستعان بهم من الثمرة ، لأن موضوع المساقاة أن يكون من رب المال المال ومن العامل العمل ، وبالشرط المذكور يكون من رب المال المال والعمل معا (١) ، والأصح أنه إذا بقي له عمل تستزاد به الثمرة يصح الشرط.

قوله : ( أما لو شرط العامل أن يستأجر بأجرة على المالك في جميع العمل ، ولم يبق للعامل إلا الاستعمال ففي الجواز إشكال ).

ينشأ : من أن ذلك عمل تدعو الحاجة إليه ، فإن المالك قد لا يهتدى إلى الدهقنة واستعمال الاجراء ، ولا يجد من يباشر الأعمال أو لا يأتمنه ، فتدعوه الحاجة إلى أن يساقي من يعرف ذلك لينوب عنه في الاستعمال.

ومن أن المتبادر إلى الأفهام من أعمال المساقاة خلاف ذلك ، والعقود إنما تكون بتوقيف الشارع ، وعدم الجواز لا يخلو من قوة.

قوله : ( الخامس : الثمار ، ويجب أن تكون مشتركة بينهما ، معلومة بالجزئية المعلومة لا بالتقدير ).

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢١٧.

٣٦٧

الحصة ، أو شرط أحدهما لنفسه شيئا معلوما والزائد بينهما ، أو قدّر لنفسه أرطالا معلومة والباقي للعامل أو بالعكس ، أو اختص أحدهما بثمرة نخلات معينة والآخر بالباقي ، أو شرط مع الحصة من الثمرة جزءا من الأصل على إشكال ، أو ساقاه بالنصف إن سقي ناضحا وبالثلث إن سقي عذيا أو بالعكس ، أو ساقاه على أحد الحائطين لا بعينه ، أو شرط حصة مجهولة كالجزء ، أو النصيب بطلت المساقاة.

______________________________________________________

الجزئية المعلومة مثل‌ النصف والثلث والربع ، والتقدير مثل كذا رطلا وكذا قفيزا. واحترز بـ ( الجزئية المعلومة ) عن المجهولة كالجزء والحظ والنصيب ، فإن المساقاة لا تصح إذا كان التقدير بها إجماعا. ولا يحمل على ما ذكر في الوصية لاختصاصها بالنص.

قوله : ( أو شرط أحدهما لنفسه شيئا معلوما والزائد بينهما ، أو قدّر لنفسه أرطالا معلومة والباقي للعامل أو بالعكس أو اختص أحدهما بثمرة نخلات معينة والآخر بالباقي ).

وجه البطلان في ذلك مخالفة موضوع المساقاة ، فإنه ربما لم يحصل إلا ذلك القدر المعيّن ، فلا يكون للآخر شي‌ء.

قوله : ( أو شرط مع الحصة من الثمرة جزءا من الأصل على إشكال ).

ينشأ : من أن موضوع المساقاة المعاملة على الشجرة بحصة من الثمرة ، فمتى شرط حصة من الأصل خرج عن موضوع المساقاة.

ولأن الحصة من الأصول تدخل في ملكه ، فلا يكون العمل المبذول في مقابلة الحصة واقعا في ملك المالك ، ولا واجبا بالعقد ، لأن وجوب العمل في مال نفسه بالاشتراط في عقد المعاوضة لا يعقل.

ومن أن ذلك جار مجرى اشتراط شي‌ء من ذهب أو فضة ، ولعموم :

٣٦٨

ولو شرط له النصف من أحد النوعين ، والثلث من الآخر صح إذا علم مقدار كل منهما.

ولو ساقاه على النصف من هذا الحائط من النوعين لم يشترط العلم بقدر كل منهما.

ولو شرط المالك على العامل شيئا من ذهب أو فضة مع الحصة كان مكروها ، ووجب الوفاء به ما لم تتلف الثمرة ، أو لم تخرج فيسقط.

______________________________________________________

( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) و : « المؤمنون عند شروطهم » (٢) ، والأصح الأول.

قوله : ( ولو شرط له النصف من أحد النوعين ، والثلث من الآخر صح إذا علم كل منهما ... ).

إذا اشتمل البستان على نوعين كالبرني والصيحاني ، فإن اشترط الحصة من كل منهما بقدر الآخر لم يشترط العلم بقدر كل منهما من البستان ، لعدم جهالة الحصة.

وإن فاوت بين النوعين في الحصة وجب العلم بكل منهما ، فلو لم يعلم لم يصح لجهالة الحصة حينئذ ، إذ لا يعرف قدر ما فيه النصف من مجموع البستان ، فلا يكون قدر الحصة من جميعه معلوما.

قوله : ( ولو شرط المالك على العامل شيئا من ذهب أو فضة مع الحصة كان مكروها ووجب الوفاء به ، إلا أن تتلف الثمرة أو لم تخرج فتسقط ).

أما صحة الشرط فلعموم : « المؤمنون عند شروطهم » (٣) ، ومنع العامة‌

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١ حديث ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ حديث ٨٣٥ ، عوالي اللآلي ٣ : ٢١٧ حديث ٧٧.

(٣) التهذيب ٧ : ٣٧١ حديث ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ حديث ٨٣٥ ، عوالي اللآلي ٣ :

٣٦٩

وفي تلف البعض ، أو قصور الخروج إشكال.

______________________________________________________

جواز ذلك وأبطلوا به المساقاة (١).

وأما كراهته فلا نعلم فيها خلافا.

وأما أنه إذا تلفت الثمرة ، أو لم تخرج تسقط فوجهه : أنه لو لا ذلك لكان أكل مال بالباطل ، لامتناع استحقاق أحد العوضين ، أو بعضه بدون ما يقابله من العوض الآخر ، فإن الشرط جزء من العوض ، كما ذكرناه غير مرة.

وهذا الحكم على ما فرضه المصنف من كون الاشتراط للمالك على العامل واضح.

أما مع العكس فظاهر إطلاق عبارة التذكرة (٢) والتحرير (٣) أنه كذلك ، وفيه نظر ، لأن العوض من قبل العامل ـ وهو العمل ـ قد حصل ، والشرط قد وجب بالعقد فكيف يسقط بغير مسقط؟ فإنّ تلف بعض أحد العوضين لا يوجب سقوط البعض الآخر مع سلامة العوض الآخر.

قوله : ( وفي تلف البعض أو قصور الخروج إشكال ).

ينشأ : من أن الشرط محسوب من أحد العوضين ، ولا ريب في أن مجموع أحد العوضين مقابل لمجموع الآخر فتقابل الأجزاء بالأجزاء ، فإذا تلف أحد العوضين وجب أن يسقط مقابله من العوض الآخر. ومن ثم لو لم تخرج الثمرة أصلا ، أو تلف جميعها يسقط المشروط كله.

ومن أن مقابلة الأجزاء بالأجزاء في عوض المساقاة منتفية ، لأن الفائت والتالف عند حصول التلف أو نقصان الخروج غير معلوم ، فلو تحققت‌

__________________

٢١٧ حديث ٧٧.

(١) المغني لابن قدامة ٥ : ٥٧٧.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٥٣.

(٣) التحرير ١ : ٢٥٩.

٣٧٠

ولو قال : ساقيتك على أنّ لك النصف من الثمرة صح وإن أضرب عن حصته ،

______________________________________________________

المقابلة لم يكن الساقط في مقابله معلوما. ولذلك لو تلف بعض الثمرة ، أو نقص الخروج عن العادة لم يسقط شي‌ء من العمل أصلا ، ولأن العامل يملك حصته من الثمرة بالظهور ، فإذا تلف بعضها تلف في ملكه بعد استحقاقه إياه بالمعاوضة ، فلا يسقط بتلفه شي‌ء من العوض الآخر.

لا يقال : فعلى هذا إذا تلف الجميع يجب أن لا يسقط الشرط بعين ما ذكر.

لأنا نقول : ذلك ضرر فينتفي بالحديث.

واعلم أن الإشكال في قصور الخروج لا وجه له أصلا ، لأن العوض هو ما يخرج ، قليلا كان أو كثيرا ، لا ما يتوقع خروجه بحسب العادة ، فكيف يعقل سقوط شي‌ء من المشروط بتخلف العادة.

أما تلف البعض فإن الإشكال فيه وإن كان لا يخلو من وجه ، إلا أن عدم سقوط شي‌ء أقوى ، لما قررناه ، ويؤيده عموم ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) (١) و : « المؤمنون عند شروطهم » (٢)

قوله : ( ولو قال : ساقيتك على أنّ لك النصف من الثمرة صح وإن أضرب عن حصته ).

أي : المالك ، لأن استحقاقه للباقي ثابت بالأصل ، لأنه كان مستحقا للمجموع ، فإذا أخرج عنه حصة العامل بقي الباقي على ما كان ، فلا يحتاج إلى النص عليه في العقد بخصوصه.

__________________

(١) المائدة : ١.

(٢) التهذيب ٧ : ٣٧١ حديث ١٥٠٣ ، الاستبصار ٣ : ٢٣٢ حديث ٨٣٥ ، عوالي اللآلي ٣ : ٢١٧ حديث ٧٧.

٣٧١

وفي العكس إشكال ، فإن أبطلناه فاختلفا في الجزء المشروط لمن هو منهما فهو للعامل ،

______________________________________________________

قوله : ( وفي العكس إشكال ).

ينشأ : من أن التخصيص بالذكر لا يدل على التخصيص بالحكم ، لضعف دلالة المفهوم المخالف.

ومن اعتضاد هذه الدلالة بدلالة المقام وقرائن الأحوال. وليس بشي‌ء ، لأن الأمور المعدودة أركانا في العقود الأمر فيها أضيق من أن يكتفي لذكرها بمثل ذلك من الأمور الضعيفة ، والأصح البطلان.

قوله : ( فإن أبطلناه فاختلفا في الجزء المشروط لمن هو منهما فهو للعامل ).

أي : فإن أبطلنا العكس ـ أي : حكمنا ببطلانه ـ فإنهما إذا اختلفا أن الجزء المشروط أو ، للعامل لكن باليمين فيقدّم قول مدعيه بيمينه أما بناء على قول مطلقا ، وسبق في كلامه أن تقديمه مشروط بما إذا لم يتضمن‌على الآخر ، فيقدّم قول مدعيه من العامل والمالك ، إذا كان ذلك في أثناء المدة ، حيث لا تكون الحصة زائدة على أجرة المثل ، فلا يبعد أن يكون مرادا له هنا. وفيه ما أوردناه من النظر في آخر الإجارة (١).

ويظهر من كلام المصنف في التذكرة أن تقديم قوله لمساعدة الظاهر إياه ، من حيث أن الشرط إنما يراد لأجله ، لأن المالك يملك حصته بالتبعية للأصل لا بالشرط.

وفيه نظر ، لأن مثل ذلك لا يعد ظاهرا ، إذ ليس المراد من الظاهر ما‌

__________________

(١) التذكرة ٢ : ٣٤٤.

٣٧٢

ولو قال : على أن الثمرة بيننا فهو تنصيف.

ولو ساقاه على بستانين بالنصف من أحدهما والثلث من الآخر صح مع التعيين ، وإلاّ فلا.

ولو ساقاه على أحدهما بعينه بالنصف ، على أن يساقيه على الآخر بالثلث صح على رأي.

______________________________________________________

دلت عليه القرينة ، وإلا لكان ـ إذا اختلفا في أن المعقود عليه البيع هو ما جرت عليه المساومة أو غيره ـ القول قول مدعيه عملا بشهادة القرينة ، وليس كذلك.

بل المراد بالظاهر ما يندر وقوع مقابله ، كما إذا جاء المتبايعان مصطحبين واختلفا في التفرق بعد البيع ، مع مضي زمان طويل جدا من حين وقوعه ، فإن عدم التفرق في المدة الطويلة من الأمور النادرة الوقوع. والذي يقتضيه النظر أن القول قول الآخر بيمينه.

قوله : ( ولو قال : على أن الثمرة بيننا فهو تنصيف ).

وذلك لأن الأصل عدم التفاوت في النصيب بعد تحقق الشركة ، ولهذا يحمل الإطلاق في الوقف والوصية والإقرار عليه.

قوله : ( ولو ساقاه على بستانين بالنصف من أحدهما ، والثلث من الآخر صح مع التعيين وإلا فلا ).

أي : مع تعيين متعلق كل من الثلث والنصف ، لجهالة الحصة بدونه.

قوله : ( ولو ساقاه على أحدهما بعينه بالنصف ، على أن يساقيه على الآخر بالثلث صح على رأي ).

احترز بقوله : ( بعينه ) عما إذا ساقاه على أحدهما كذلك لا بعينه ، فإنه لا كلام في بطلان العقد.

٣٧٣

ولو تعدد المالك وتفاوتا في الشرط صح إن علم حصة كل منهما ، وإلا فلا ، ولو اتفقا صح وإن جهلهما.

______________________________________________________

أما مع التعيين فقد اختلف الأصحاب في صحته : فقال الشيخ في المبسوط : لا يصح ، لأنه بيعتان في بيعة واحدة ، فإنه ما رضي أن يعطيه من هذا النصف إلا بأن يرضى منه بالثلث من الآخر. وهكذا في البيع ، إذا قال : بعتك عبدي هذا بألف على أن تبيعني عبدك بخمسمائة ، والكل باطل.

ثم علل البطلان بأن الشرط وعد وهو مخيّر في الوفاء به ، فإذا اختار العدم وجب أن يرد النقص الذي وقع في الثمن بسبب الشرط ، وهو مجهول فيتجهل به الثمن (١).

والأصح الصحة ، وما ادعاه من التجهيل غير لازم ، إذ لا يرد إلى الثمن شي‌ء آخر ، بل يتسلط البائع على فسخ العقد. قال المصنف في المختلف : الوجه عندي جواز جميع هذه العقود في البيع والمساقاة (٢).

إذا عرفت هذا فاعلم أن الضمير في قوله : ( يساقيه ) يحتمل عوده إلى المالك فيكون البستانان معا له ، ويحتمل عوده إلى العامل فيكون البستان الآخر له لا للمالك ، والحكم واحد. والمفروض في كلام الشيخ هو الأول ، يلوح ذلك من دليله.

قوله : ( ولو تعدد المالك وتفاوتا في الشرط صح إن علم حصة كل منهما وإلا فلا ، ولو اتفقا صح وإن جهلهما ).

أي : لو تعدد المالك في المساقاة واتحد العامل ، بدليل ما سيأتي ، وتفاوتا في الشرط ـ أي المالكان ـ بأن شرط أحدهما النصف والآخر الثلث ،

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢١١.

(٢) المختلف : ٤٧٢.

٣٧٤

ولو انعكس الفرض بأن تعدد العامل خاصة جاز ، تساويا أو اختلفا.

ولو ساقاه أزيد من سنة وفاوت الحصة بينهما جاز مع التعيين ، وإلاّ فلا.

______________________________________________________

فإن علم العامل مقدار حصة كل منهما بما وقعت عليه المساقاة صح ، لعدم المنافي حينئذ ، وإلا لم يصح ، لأن الحصة مجهولة حينئذ ، لأنهما بمنزلة عقدين.

ولو اتفقا ـ أي المالكان ـ في الشرط كالثلث مثلا ، صح وإن جهل مقدار حصة كل منهما ، لأن الحصة هي الثلث من المجموع ، والمجموع معلوم ، ولا ضرورة حينئذ إلى العلم بقدر حصة كل منهما.

قوله : ( ولو انعكس الفرض بأن تعدد العامل خاصة جاز ، تساويا أو اختلفا ).

أي : تساويا في الحصة كالثلث لكل منهما أو اختلفا فيها ، لكن لا بد من العلم بمقدار ما يتعلق بكل منهما من المساقاة ، فإما أن يطلق فيحمل على التساوي ، أو يعيّن في العقد مساقاة أحدهما على ثلث البستان والآخر على الباقي.

قوله : ( ولو ساقاه على أزيد من سنة ، وفاوت الحصة بينهما جاز مع التعيين ).

أي : مع تعيين حصة كل سنة ، لأن الإخلال بالتعيين يقتضي الجهالة ، لتفاوت الثمرة باختلاف السنين ، ومنعه بعض العامة (١).

وإنما ثنّى المصنف الضمير في قوله : ( بينهما ) إجراء للحكم على أقل‌

__________________

(١) المجموع ١٤ : ٤٠٥ ـ ٤٠٦ ، وفتح العزيز المطبوع مع المجموع ١٢ : ١٤٠.

٣٧٥

ولو ساقى أحد الشريكين صاحبه ، فإن شرط للعامل زيادة على نصيبه صح ، وإلا فلا ولا اجرة له.

الفصل الثاني : في أحكامها.

يملك العامل الحصة بظهور الثمرة ، فلو تلفت كلها إلاّ واحدة فهي بينهما ،

______________________________________________________

مراتب الزيادة على سنة ، ومنه يعلم حكم الباقي.

قوله : ( ولو ساقى أحد الشريكين صاحبه ، فإن شرط للعامل زيادة على نصيبه صح ، وإلا فلا ولا اجرة له ).

إنما لم تصح المساقاة إذا لم يشترط له زيادة على نصيبه ، لأن استحقاق النصيب باعتبار أصل الملك ، فتكون المساقاة بغير عوض.

قال الشيخ في المبسوط : وللعامل اجرة المثل (١) ، ورده المصنف ، لأنه دخل على أن لا شي‌ء له ، فكان متبرعا بعمله ، وهو الأصح.

قوله : ( يملك العامل الحصة بظهور الثمرة ، فلو تلفت كلها إلا واحدة فهي بينهما ).

لا خلاف عندنا في أن العامل يملك الحصة بظهور الثمرة ، وللشافعية قول إنه لا يملك شيئا إلا بعد القسمة ، كالعامل في القراض (٢) ، والحكم في الأصل ممنوع.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن التفريع الذي ذكره المصنف وهو قوله : ( فلو تلفت ... ) غير ظاهر ، لأن ملك العامل الحصة بالظهور وعدمه لا أثر له في كون الباقي بينهما نفيا ولا إثباتا ، فلا يمتنع على القول بأنه يملك بالقسمة‌

__________________

(١) المبسوط ٣ : ٢١٤.

(٢) المجموع ١٤ : ٤١٠.

٣٧٦

فإن بلغ حصة كل منهم نصابا وجبت عليه زكاة ، وإلا فعلى من بلغ نصيبه.

______________________________________________________

اشتراكها فيما بقي بعد تلف البعض إلى زمان القسمة.

قوله : ( فإن بلغ حصة كل منهما نصابا وجبت عليه زكاة ، وإلا فعلى من بلغ نصيبه ).

تفريع وجوب الزكاة على العامل على أنه يملك الحصة بالظهور واضح ، لأن الزكاة إنما تجب في الثمار والزروع إذا نمت على الملك.

واعلم أن ما ذكره المصنف هنا هو المشهور بين الأصحاب ، وقال أبو المكارم بن زهرة بعدم وجوب الزكاة على العامل في المساقاة ولا في المزارعة (١) ، وما ذكره لا يتم على القول بأن العامل لا يملك الحصة بالظهور.

وأسند المصنف في التذكرة القول بتملكه إياها بالظهور في المساقاة إلى علمائنا (٢) ، فإن كان ابن زهرة قائلا بذلك فلا وجه لإنكار وجوب الزكاة أصلا ، وإن قال بأنه إنما يملك بالقسمة اتجه عدم الوجوب عليه ، لفقد شرط الوجوب.

وهل تجب زكاة حصته على المالك حينئذ؟ يتجه العدم ، لأنه من جملة المؤن. وهل ينثلم به النصاب؟ يحتمل ذلك.

إذا عرفت هذا فلا ريب في ضعف قول ابن زهرة ، وقد أكثر ابن إدريس التشنيع عليه (٣).

وقال المصنف في المختلف في باب المزارعة : إن قوله ليس بذلك‌

__________________

(١) الغنية ( الجوامع الفقهية ) : ٥٤٠.

(٢) التذكرة ٢ : ٣٤٩.

(٣) السرائر : ٢٦٥.

٣٧٧

ولو فسد العقد كانت الثمرة للمالك ، وعليه اجرة العامل.

ولو ظهر استحقاق الأصول فعلى المساقي أجرة العامل والثمرة للمالك ،

______________________________________________________

البعيد من الصواب ، وهو أعلم بما قال (١).

والظاهر عندنا أنه لا وجه له أصلا ، إلاّ على القول بأن استحقاقه وتملكه إنما يكون بعد بدو الصلاح وتعلق الزكاة ، وهذا خلاف ما نقله المصنف عن علمائنا ، فكيف يكون خلافه قريبا من الصواب. ولعله يريد أن ذلك محتمل وغير مقطوع ببطلانه ، فلا يأتي على قائله كل ما ذكره ابن إدريس من التشنيع.

قوله : ( ولو فسد العقد كانت الثمرة للمالك وعليه اجرة العامل ).

لأنه لم يحصل ما يقتضي نقل الثمرة عن ملك مالكها ، وعمل العامل إنما كان في مقابلها وقد فاتت ، فيجب الرجوع إلى قيمته ، وهي أجرة المثل لعمله. ولو علم بالفساد فلا اجرة له ، لأنه بذل عمله في مقابل ما يعلم أنه لا يحصل (٢).

قوله : ( ولو ظهر استحقاق الأصول فعلى المساقي أجرة العامل ، والثمرة للمالك ).

أما كون الثمرة للمالك فظاهر ، وأما استحقاق العامل على المساقي أجرة المثل ، فلأنه استدعى عمله في مقابل عوض لم يسلّم للعامل ، فوجب الرجوع إلى أجرة المثل ، لأنه لم يبذله له مجانا. ولا شي‌ء على المالك ، لأن العمل بغير إذنه ، كما لو استأجر على ضرب البقرة المغصوبة فإن المالك‌

__________________

(١) المختلف : ٤٦٩.

(٢) في « ك‍ » و « ه‍ » ورد هنا بياض يتسع لكلمتين.

٣٧٨

فإن اقتسماها وتلفت ، فإن رجع المالك على الغاصب بالجميع رجع الغاصب على العامل بحصته وللعامل الأجرة عليه ،

______________________________________________________

يأخذها كذلك وعلى المستأجر الأجرة.

فإن قيل : لو هلكت الثمرة أو سرقت لم يستحق العامل اجرة فكيف استحق هنا؟.

قلنا : مع صحة العقد لا يستحق إلا الحصة ، فإن سلّمت له وإلا فلا شي‌ء له ، كما لو لم تخرج الثمرة أصلا ، ومع الفساد تجب اجرة المثل على كل تقدير.

قوله : ( فإن اقتسماها وتلفت ، فإن رجع المالك على الغاصب بالجميع رجع الغاصب على العامل بحصته ، وللعامل الأجرة عليه ).

مع ظهور استحقاق الأصول لا يخلو الحال من أن تكون الثمرة باقية ـ قسّمت أو لم تقسم ـ أو تكون تالفة ، فمع بقائها يجب ردها على مالكها ، لأنها عين ماله.

ومع التلف بعد القسمة ، وأخذ كل منهما نصيبه يتخيّر المالك في الرجوع على أيهما شاء ، فإن رجع على الغاصب بالجميع كان للغاصب الرجوع على العامل بعوض الحصة ، لأنه لم يملكها العامل لفساد العقد ، وقد أخذ المالك عوضها من الغاصب فكانت حقا له ، لوجوب خروجها عن ملك المالك بأخذ العوض لامتناع ملكية العوض والمعوض له.

لكن يجب أن يقيّد هذا بما إذا لم يصرّح الغاصب بكونه مالكا ، فإن صرّح بذلك لم يكن له الرجوع على العامل بشي‌ء ، لأنه بمقتضى تصريحه لا حقّ له على العامل ، وإنما أخذ الحصة باستحقاق ، ومدعي الملك ظالم له ، ومن ظلم لا يظلم.

إذا عرفت ذلك فاعلم أن للعامل الرجوع عليه بأجرة المثل ، لأنه قد‌

٣٧٩

ولو رجع على العامل بالجميع فللعامل الرجوع بما وصل إلى الغاصب والأجرة ولو رجع على كل منهما بما صار إليه جاز.

ولو كان العامل عالما فلا اجرة له.

______________________________________________________

ثبت فساد المساقاة ، فتجب اجرة المثل لا الحصة. لكن هذا إذا لم يصرّح العامل بأن الملك للمساقي فإنه يؤخذ بإقراره ، لأن المدّعي بزعمه حينئذ مبطل ، والبينة غير صادقة إذا أصر على ذلك إلا إذا كان تصريحه بها بناء على الظاهر ، كما سبق بيانه في البيع.

قوله : ( ولو رجع على العامل بالجميع فللعامل الرجوع بما وصل إلى الغاصب والأجرة ).

لا ريب أن يد العامل قد أثبتت على جميع الثمرة فاستحق المالك الرجوع عليه بالجميع ، فإذا أغرمه ذلك لم يكن له الرجوع على الغاصب إلا بما وصل إليه ، لأنه الذي استقر تلفه بيده ، وله عليه الأجرة لفوات الحصة بفساد العقد كما سبق.

قوله : ( ولو رجع على كل منهما بما صار إليه جاز ).

لأن قرار ضمان ذلك على من تلف في يده ، فله الرجوع به من أول الأمر ، ولو تلف الجميع في يد العامل فضمان حصته عليه.

وأما حصة الغاصب فإن يده عليها يد أمانة بزعم الغاصب ، لأنه أمينه ، فإذا ظهر كونه ضامنا رجع على الغاصب لغروره ، وقد حققناه في الغصب.

ولو تلف الجميع في يد الغاصب ، نظر هل كانت يده على حصة العامل يد أمانة أم يد ضمان؟ فيرتب على كل منهما مقتضاه.

قوله : ( ولو كان العامل عالما فلا اجرة له ).

لأنه متبرع بعلمه ، ولو رجع المالك عليه بالجميع لم يرجع بحصته ،

٣٨٠