الشيخ عليّ بن الحسين بن عبد العالي الكركي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٩٩
يفطرون رمضان ويفدون عن كل يوم ، فإن أمكن بعد ذلك القضاء وجب ، وإلاّ فلا.
فروع : أ : المريض والمسافر إذا برأ أو قدم قبل الزوال ولم يتناولا شيئا وجب عليهما الصوم ، وأجزأهما ، ولو كان بعد الزوال استحب الإمساك ، ووجب القضاء.
ب : لو نسي غسل الجنابة حتى مضى عليه الشهر ، أو بعضه قضى الصلاة والصوم على رواية ، وقيل الصلاة خاصة.
ج : يجوز الإفطار في قضاء رمضان قبل الزوال ، ويحرم بعده ، والأقرب الاختصاص بقضاء رمضان.
د : النائم إن سبق منه النية صح صومه ، وإلا وجب القضاء إن لم يدرك النية قبل الزوال.
الفصل الثالث : في وقت الإمساك وشرائطه.
وهو من أول طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس ، فلا يصح صوم الليل ، ولو نذره لم ينعقد وإن ضمه الى النهار.
ولا يصح في الأيام التي حرم صومها كالعيدين وأيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا ، ولو نذر هذه الأيام لم ينعقد.
______________________________________________________
قوله : ( قضى الصوم والصّلاة على رواية ).
هي رواية الحلبي (١) ، وعليها العمل ، وهي مشهورة (٢) بين الأصحاب.
قوله : ( والأقرب الاختصاص بقضاء رمضان ).
عدم الاختصاص قويّ ، لظاهر رواية سماعة بن مهران (٣).
قوله : ( وأيام التشريق لمن كان بمنى ناسكا ).
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٣١١ ، ٣٢٢ حديث ٩٣٨ ، ٩٩٠.
(٢) في « ن » : وهو مشهور.
(٣) التهذيب ٤ : ٢١١ حديث ٦١١ ، الاستبصار ٢ : ٨٦ حديث ٢٦٧.
ولو نذر يوما فاتفق أحدها أفطر ، ولا قضاء على رأي. ولو نذر أيام التشريق بغير منى صح.
وإنما يصح من العاقل ، المسلم ، الطاهر من الحيض والنفاس ، المقيم حقيقة أو حكما ، الطاهر من الجنابة في أوله ، السليم من المرض. فلا ينعقد صوم المجنون ، ولا المغمى عليه وإن سبقت منه النية ، ولا الكافر وإن كان واجبا عليه لكن يسقط بإسلامه. وصوم الصبي المميز صحيح على اشكال.
ولا يصح من الحائض والنفساء ، وإن حصل المانع قبل الغروب بلحظة أو انقطع بعد الفجر.
ويصح من المستحاضة ، فإن أخلّت بالغسل ، أو غسلي النهار مع
______________________________________________________
الظاهر التحريم مطلقا ، تبعا لإطلاق الرّواية (١).
قوله : ( ولو نذر يوما فاتفق أحدها أفطر ، ولا قضاء على رأي ).
هذا هو الأصحّ ، لانكشاف امتناع تعلق النذر به.
قوله : ( وصوم الصّبي المميّز صحيح على إشكال ).
ينشأ من إمكان توجّه الأمر إليه وعدمه ، والحق العدم ، وإنّما صومه لمحض التمرين.
قوله : ( فإن أخلت بالغسل ).
ينبغي أن يراد به جنس الغسل ، بأن لم تغتسل أصلا ، ولا يمكن حمله على غسل واحد ، لأن غسل الليلة الآتية لا دخل له في صحة اليوم الماضي ، وإن قيد بغسل النّهار صار قوله : ( أو غسلي النّهار ) مستدركا.
قوله : ( أو غسلي النّهار ).
أي : مجموعهما ، ليصدق على ما إذا أخلّت بأحد الغسلين نهارا فان صومها
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٩٧ حديث ٨٩٧ ، الاستبصار ٢ : ١٣٢ حديث ٤٢١.
وجوبهما لم يصح ووجب القضاء.
ولا يصح من المسافر ـ الذي يجب عليه قصر الصلاة ـ كل صوم واجب إلاّ الثلاثة بدل الهدي ، والثمانية عشر بدل البدنة في المفيض من عرفة قبل الغروب ، والنذر المقيد به. والأقرب في المندوب الكراهية.
ولا يصح من الجنب ليلا مع تمكنه من الغسل قبل الفجر ، فان لم يعلم بالجنابة في رمضان ، والمعين خاصة ، أو لم يتمكن من الغسل مطلقا صح الصوم ، وكذا يصح لو احتلم في أثناء النهار مطلقا. ولو استيقظ جنبا في أول النهار في غير رمضان ، والمعين كالنذر المطلق وقضاء رمضان ،
______________________________________________________
يبطل أيضا ، ولو كان غسلها واجبا ليلا كأن تركت غسل العشاءين ، فهل يجب تقديمه على الفجر ليصحّ الصوم؟ فيه إشكال.
قوله : ( ووجب القضاء ).
ولا كفّارة ، وليس ببعيد أن يكون غسل الحائض والنفساء إذا طهرتا قبل الفجر كذلك ، وإن كان المصنّف ألحقهما بالجنب.
قوله : ( والنّذر المقيّد به ).
أي : المقيّد بفعله في السّفر ، فلو أطلقه لم يدخل فيه السّفر ، هنا شيء وهو أنّ النّذر المتعلق بالسّفر قد يقال : أنّه مناف لمقتضي الصوم الواجب ، لأنّ حقّه أن لا يصام في السّفر.
قوله : ( والأقرب في المندوب الكراهية ).
هذا هو الأشهر ، وعليه الفتوى.
قوله : ( أو لم يتمكن من الغسل مطلقا صح الصوم ).
أي : سواء كان في رمضان والمعيّن ، أو في غيرهما ، لكن لا بدّ من تيمّمه قبل الفجر ليطلع عليه متيمّما.
قوله : ( ولو استيقظ جنبا في أوّل النّهار في غير رمضان والمعيّن كالنذر المطلق ، وقضاء رمضان ، والنّفل بطل الصوم ).
والنفل بطل الصوم ، وكذا في الكفارة على اشكال ، ولا يبطل به التتابع.
ولا يصح من المريض المتضرر به ، إما بالزيادة في المرض أو بعدم البرء أو بطؤه ، ويحال في ذلك على علمه بالوجدان ، أو ظنه بقول عارف وشبهه ، فان صام حينئذ وجب القضاء.
تتمة : يستحب تمرين الصبي والصبية بالصوم ، ويشدد عليهما لسبع مع القدرة ، ويلزمان به قهرا عند البلوغ ، وهو يحصل بالاحتلام ، أو الإنبات ، أو بلوغ الصبي ( خمس عشر ) سنة ، والأنثى تسعا.
ولو صام المسافر مع وجوب القصر عالما وجب القضاء ، والاّ فلا.
______________________________________________________
للرّواية الصحيحة في قضاء رمضان (١) ، وألحق الشيخ والأصحاب به غيره مما لم يتعين.
قوله : ( وكذا في الكفارة على إشكال ، ولا يبطل به التتابع ).
لتعيين زمانه تارة بالفور إذا ابتدأ به واخرى به في أثنائه وبالشروع (٢) والأصل عدم البطلان ، ولإمكان عروض المانع مرّة بعد أخرى فيؤدّي إلى امتناع صوم الكفارة ، والأصحّ عدم البطلان.
قوله : ( أو ظنّه بقول عارف وشبهه ).
أي : شبه العارف أو شبه قول العارف كفعله وخطه وقرائن الأحوال المفيدة لذلك.
قوله : ( فان صام حينئذ وجب القضاء ).
لعدم التكليف به فلا يجزئ.
قوله : ( يستحبّ تمرين الصّبي ).
أي : تعويده وتدريبه ، ويتخيّر في النية بين الوجوب والنّدب.
__________________
(١) الفقيه ٢ : ٧٥ حديث ٣٢٤ ، التهذيب ٤ : ٢١١ حديث ٦١١ ، الاستبصار ٢ : ٨٦ حديث ٢٦٧.
(٢) في « س » و « ه » : تارة بالفور واخرى به وبالشروع.
وشرائط قصر الصلاة والصوم واحدة ، ويزيد اشتراط الخروج قبل الزوال على رأى ، وقيل يشترط التبييت ، ولو أفطر قبل غيبوبة الجدران والأذان كفّر.
ويكره لمن يسوغ له الإفطار الجماع ، والتملي من الطعام والشراب نهارا.
المقصد الثاني : في أقسامه وفيه مطلبان :
الأول : أقسام الصوم أربعة : واجب ، وهو ستة : رمضان ، والكفارات وبدل الهدي ، والنذر وشبهه ، والاعتكاف الواجب ، وقضاء الواجب.
ومندوب : وهو جميع أيام السنة إلاّ ما يستثني ، والمؤكد : أول خميس من كل شهر ، وآخر خميس منه ، وأول أربعاء في العشر الثاني ، ويقضي مع الفوات ، ويجوز التأخير إلى الشتاء ، ويستحب الصدقة عن كل يوم بمد أو درهم مع العجز.
______________________________________________________
قوله : ( ويزيد اشتراط الخروج قبل الزّوال على رأي ).
في كون هذا شرطا زائدا على شروط الصّلاة شيء ، إلاّ أن يقال : هو بدل اشتراط خروجه قبل إدراك الصّلاة في وقتها ، والأصحّ اشتراط ذلك ، فلا يقصر لو خرج بعده.
قوله : ( وقيل : يشترط التبييت ).
أي : تبييت عزم السّفر ليلا ، وهو ضعيف.
قوله : ( ولو أفطر قبل غيبوبة الجدران والأذان كفّر ).
ولو كان السّفر اضطراريّا فعنده على ما سبق لا يجب الكفارة.
قوله : ( ويستحبّ الصّدقة عن كلّ يوم بمدّ أو درهم مع العجز ).
والمدّ أفضل ، لأنّه قد ورد أنّه أفضل من صيام شهر (١).
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٤٤ حديث ٧ ، التهذيب ٤ : ٣١٣ حديث ٩٤٨ ولم يرد المد في الحديث.
وأيام البيض من كل شهر ، وهي : الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، وستة أيام بعد عيد الفطر ويوم الغدير ، ومولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومبعثه ، ودحو الأرض ، وعرفة إلاّ مع الضعف عن الدعاء أو شك الهلال ، وعاشوراء حزنا ، والمباهلة ، وكل خميس ، وكل جمعة ، وأول ذي الحجة ، ورجب كله ، وشعبان كله.
ولا يجب بالشروع ، لكن يكره الإفطار بعد الزوال ، ولا يشترط خلو الذمة من صوم واجب على اشكال.
______________________________________________________
قوله : ( وأيّام البيض ).
أي : أيام الليالي البيض ، كما نبّه عليه في المنتهى (١) ، ومن طرق الجمهور إنّها تسمى بيضاء لأن الله تعالى تاب على آدم فيها.
قوله : ( ومولد النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ).
هو سابع عشر شهر ربيع الأوّل.
قوله : ( ومبعثه ).
هو سابع عشرين من رجب.
قوله : ( ودحو الأرض ).
هو خامس عشرين شهر ذي القعدة.
قوله : ( وعاشوراء حزنا ).
أي : صومه ليس صوما معتبرا شرعا ، بل هو إمساك بدون نية الصوم ، لأنّ صومه متروك كما وردت به الرّواية (٢) ، فيستحبّ الإمساك فيه إلى بعد العصر حزنا ، وصومه شعار بني أميّة لعنهم الله سرورا بقتل الحسين عليه الصلاة والسّلام.
قوله : ( ولا يشترط خلو الذّمة من صوم واجب على إشكال ).
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٦٠٩.
(٢) الكافي ٤ : ١٤٦ حديث ٤ ، التهذيب ٤ : ٣٠١ حديث ٩١٠ ، الاستبصار ٢ : ١٣٤ حديث ٤٤١.
ومكروه ، وهو خمسة : صوم عرفة لمن يضعفه عن الدعاء أو مع شك الهلال ، والنافلة سفرا إلا ثلاثة أيام للحاجة بالمدينة ، والضيف ندبا بدون اذن المضيف ، والولد بدون اذن والده ، والمدعو الى طعام.
ومحرّم ، وهو تسعة : صوم العيدين مطلقا وأيام التشريق لمن كان بمنى حاجا أو معتمرا ، ويوم الشك بنية رمضان ، وصوم نذر المعصية ، والصمت ، والوصال ، والزوجة ندبا مع نهي الزوج أو عدم اذنه ، والمملوك بدون اذن مولاه ، والواجب سفرا عدا ما استثنى.
فرع : لو قيد ناذر الدهر بالسفر ففي جواز سفره في رمضان اختيارا اشكال ، أقربه ذلك ، وإلا دار ، فان سوغناه فاتفق في رمضان يجب
______________________________________________________
هذا قويّ متين ، والاشتراط أحوط ، ولو لم يتمكّن من الواجب فلا إشكال كالكفارة شهرين متتابعين وقد دخل شعبان.
قوله : ( والضّيف ندبا بدون إذن المضيف ).
وبالعكس ، للرّواية (١).
قوله : ( والمدعو إلى طعام ).
ينبغي إذا كان الداعي مؤمنا ، فان في الحديث ذكر المؤمن (٢) ، ولا يشترط أن يكون الطعام معمولا لأجله ، وينبغي أن لا يخبره بالصوم حينئذ.
قوله : ( والوصال ).
فيه تفسيران : أحدهما : أنّه صوم يومين مع ليلتهما ، والثّاني : تأخير العشاء إلى السّحور ، وهو الأصحّ ، وكلاهما محرم ، لأن صوم اللّيل أو بعضه حرام.
قوله : ( ففي جواز سفره في رمضان اختيارا إشكال ، أقربه ذلك وإلاّ دار ).
هذا هو الأصحّ ، وتوجيه الدّور : أنه لو حرم السّفر لأفضى إلى جوازه ،
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٥١ حديث ٣ ، الفقيه ٢ : ٩٩ حديث ٤٤٤ ، علل الشرائع : ٣٨٤ حديث ١.
(٢) الكافي ٤ : ١٥٠ حديث ١.
الإفطار ويقضي لأنه مستثنى كالأصل ، وفي وجوب التأخير إلى شعبان اشكال.
______________________________________________________
وكلّما أفضى ثبوته إلى نفيه فهو محال.
بيان الملازمة : انّه لو حرم لكان تحريمه إنّما هو لفوات المنذور بالإفطار ، ومع تحريمه لا يجوز الإفطار ، فتنتفي علة التحريم فيكون مباحا.
وإن شئت قلت : تحريم السّفر موقوف على جواز الإفطار ، وجوازه موقوف على إباحة السّفر ، وإباحته موقوفة على عدم فوات المنذور ، وهو موقوف على تحريم السّفر ، فيتوقف على نفسه بمراتب.
واعترض : بأن تحريم السّفر إنّما هو لتحريم الإفطار على تقدير إباحة السّفر لا مطلقا ، وهذا أمر ثابت للسفر في نفسه ، وإن كان السّفر حراما فالمقتضي هو استلزامه لإباحة الإفطار على تقدير إباحة السّفر لا مطلقا ، وهو باق لا يزول بتحريم السّفر ، فيبقى التحريم بحاله وإن حرم الإفطار.
وجوابه : ان تحريم السفر لتحريم الإفطار ، إذ الفرض أن لا مانع غيره ، وتقدير إباحة السّفر لا دخل له في العلية ، وإن كان الجواز إنّما يكون على تقديره لأصالة عدم (١) دخوله في العلية ، ولهذا نقول : لو جاز الإفطار على تقدير تحريم السّفر لكنّا نحرمه لوجهين : أحدهما : فوات المنذور [ والثّاني : تحريم الإفطار ] (٢) فلا إشكال.
قوله : ( وفي وجوب التأخير إلى شعبان إشكال ).
لا يجب ، لفوات المنذور على كلّ حال ، ولا يجوز الإفطار في هذا القضاء قبل الزّوال ، بل له العدول إلى النذر ، فان أفطر قبله ففي لزوم كفارة النذر نظر ، أقربه ذلك ، لأنّه تبين كونه منذورا ، إذ لو تمّ لكان قضاء رمضان ، ولو أفطر بعد الزّوال فكفارة قضاء رمضان.
__________________
(١) في بعض النسخ « لاحتماله » ولم نعرف له وجها.
(٢) ما بين المعقوفتين لم يرد في النسخ الخطية الثلاث ، وورد في النسخة الحجرية.
والواجب : إما مضيّق كرمضان ، وقضائه ، والنذر ، والاعتكاف.
وإما مخيّر كصوم أذى الحلق ، وكفارة رمضان ، وقضائه بعد الزوال على رأي ، وخلف النذر والعهد ، والاعتكاف الواجب ، وجزاء الصيد على رأي.
وإما مرتب ، وهو صوم كفارة اليمين ، وقتل الخطأ ، والظهار ، وبدل الهدي ، والإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا.
______________________________________________________
فرع : لو أفطر في قضاء رمضان ناذر الدّهر سفرا وحضرا قبل الزّوال فكفارة خلف النذر ، وبعده كفارة قضاء رمضان كذا قيل ، وفيه نظر ، وينبغي كفارة خلف النذر ، لانكشاف أنّه منذور لا يقضى كما في قبل الزّوال ، لأن هذا اليوم تبين أنه متعلق النذر (١).
قوله : ( والواجب إمّا مضيّق ).
أي : لا بدل له.
قوله : ( وقضائه بعد الزّوال على رأي ).
أي : كفارة قضائه ، والأصحّ أنّها مرتبة ، وقد سبق مثله في كلام المصنّف.
قوله : ( وخلف النذر ).
إلاّ أن نقول : كفارته كفارة يمين ، وهو كذلك في غير الصوم.
قوله : ( والاعتكاف الواجب ).
بناء على أنّ كفارته كفارة رمضان.
قوله : ( وجزاء الصّيد على رأي )
التخيير قوي ، والترتيب أحوط نظرا إلى ظاهر الآية (٢) والرّواية (٣).
قوله : ( والإفاضة من عرفات قبل الغروب عامدا ).
__________________
(١) هذا الفرع لم يرد في « س » و « ه » وورد في « ن ».
(٢) المائدة : ٩٥.
(٣) الكافي ٤ : ٣٨٥ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٢٣٣ حديث ١١١٢.
وإما مرتب على غيره مخير بينه وبين غيره ، وهو كفارة الواطئ أمته المحرمة باذنه.
وأيضا الواجب : إما أن يشترط فيه التتابع أو لا.
فالأول : صوم كفارة اليمين ، والاعتكاف ، وكفارة قضاء رمضان. وهذه الثلاثة متى أخل فيها بالتتابع مطلقا أعاد.
وصوم كفارة قتل الخطأ والظهار ، وإفطار رمضان ، والنذر المعين ، أو نذر شهرين متتابعين غير معينين. وهذه الخمسة متى أفطر في الشهر الأول أو بعده قبل أن يصوم من الثاني شيئا لعذر بنى. وهل يجب المبادرة بعد زواله؟ فيه نظر.
______________________________________________________
أي : صوم كفارته ، وهو بدل البدنة إذا تعذّرت.
قوله : ( وهو كفارة الواطئ أمته المحرمة بإذنه ).
فإنها بدنة أو بقرة أو شاة ، فإن عجز فشاة ، أو صيام.
قوله : ( وأيضا الواجب إمّا أن يشترط فيه التتابع ، أو لا ).
أي : بأصل الشرع.
قوله : ( والاعتكاف ).
إن أريد صوم الاعتكاف ـ كما هو الظاهر من تقييد ما قبله وما بعده بالكفارة دونه ـ أشكل بأنّ صوم الاعتكاف ليس كلّه مشروطا بالتتابع ، أو أريد كفارته ـ مع أنّ العبارة تأباه ـ ورد عليه مثل ذلك ، لأن كفارته عنده كرمضان ، فلا تتابع فيها ، لجواز التفريق بعد شهر ويوم.
قوله : ( مطلقا ).
أي : سواء كان لعذر أم لا ، تجاوز النصف أم لا بدليل ما سيأتي.
قوله : ( وهل تجب المبادرة بعد زواله؟ نظر ).
المعتمد أنّه يجب ، استصحابا لما كان ، واقتصارا على محل الضّرورة.
وإذا أكمل مع الأول شهرا ويوما جاز التفريق ، وإن كان لغير عذر استأنف ، فلو تمكن في المرتبة من العتق وجب إن كان قبل التلبس في الاستيناف ، وإلا فلا. وإن كان بعد صوم يوم فصاعدا من الثاني بنى ، وفي إباحته قولان.
وكذا لو نذر شهرا فصام خمسة عشر يوما ، أو كان عبدا فقتل خطأ ، أو ظاهر.
ولو صام أقل من خمسة عشر استأنف إلا مع العذر ، والثلاثة في بدل هدي التمتع إن صام التروية وعرفة صام الثالث بعد أيام التشريق.
ولو صام غير هذين وأفطر الثالث استأنف.
والثاني : السبعة في بدل المتعة ، والنذر المطلق ، وجزاء الصيد ،
______________________________________________________
قوله : ( وإذا أكمل مع الأوّل شهرا ويوما جاز التفريق ).
يشكل عليه ما يأتي من قوله : ( وفي إباحته قولان ).
قوله : ( إن كان قبل التلبس في الاستئناف ).
يكفي في التلبّس الشروع في الصوم ، لسقوط العتق حينئذ.
قوله : ( وإن كان بعد صوم يوم فصاعدا ).
معادل قوله : ( متى أفطر في الشّهر الأوّل ... ).
قوله : ( وفي إباحته قولان ).
الأصحّ الإباحة ، وإلاّ لم يجزئ.
قوله : ( أو كان عبدا فقتل خطأ ... ).
الأصحّ هذا ، ويمكن الاعتناء به ، فتتناوله ألفاظ الرّوايات (١).
قوله : ( والثاني السّبعة ... ).
المراد به : ما لا ( يشترط ) فيه التتابع.
__________________
(١) الكافي ٤ : ١٣٨ حديث ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٨٣ حديث ٨٥٦.
وقضاء رمضان.
ولا يجوز لمن عليه صوم شهران متتابعان صوم ما لا يسلم فيه التتابع كشعبان خاصة ، ولو أضاف إليه يوما من رجب صح.
وكذا من وجب عليه شهر إذا ابتدأ بسابع عشر شعبان ، ولو كان بسادس عشر وكان تاما صح ، وإلا استأنف.
المطلب الثاني : في شهر رمضان ، ويعلم دخوله برؤية هلاله وإن انفرد وردت شهادته ، وبعد ثلاثين يوما من شعبان ، وبشياع الرؤية ، وبشهادة عدلين مطلقا على رأي.
ولا يشترط اتحاد زمان الرؤية مع اتحاد الليلة ، ومع التعدد وتعدد الشهر ـ إن شهد بالأولية ـ فالأقرب وجوب الاستفصال ، والقبول إن اسنداها إليها ، أو موافق رأي الحاكم.
______________________________________________________
قوله : ( ولو أضاف إليه يوما من رجب صحّ ).
الأصحّ لا يصح إلاّ أن يكون شعبان تماما ، لأن الشهر المنكسر يجب إكماله ثلاثين.
قوله : ( وبشهادة عدلين مطلقا على رأي ).
هذا هو الأصحّ.
قوله : ( ومع التعدّد ، وتعدّد الشهر إن شهدا بالأولية ، فالأقرب وجوب الاستفصال ).
الأصحّ يجب الاستفصال ، لما في ذلك من الخلاف.
قوله : ( والقبول إن أسندها إليها أو موافق رأي الحاكم ).
عندي في القبول تردّد.
ولو غم شعبان عد رجب ثلاثين ، ولو غمت الشهور فالأقرب العمل بالعدد ، ولا يثبت بشهادة الواحد على رأي ، ولا بشهادة النساء.
ولا عبرة بالجدول ، والعدد ، وغيبوبة الهلال بعد الشفق ، ورؤية يوم الثلاثين قبل الزوال ، وتطوقه ، وعد خمسة من الماضية.
وحكم المتقاربة واحد بخلاف المتباعدة ، فلو سافر الى موضع بعيد لم ير الهلال فيه ليلة الثلاثين تابعهم ، ولو أصبح معيدا وسار به المركب الى موضع لم ير فيه الهلال لقرب الدرج ففي وجوب الإمساك نظر.
______________________________________________________
قوله : ( ولو غمت الشهور فالأقرب العمل بالعدد ).
يطلق العدد على معان منها : عدّ جميع الشهور ثلاثين ثلاثين ، ومنها : عدّ رجب وشعبان تسعة وخمسين ، وربّما أريد به عدّ شعبان ناقصا أبدا ورمضان تامّا أبدا ، ومنها : عدّ خمسة من هلال الماضية ، واختاره الشّيخ في المبسوط (١) ، ومال إليه المصنّف في المختلف (٢) ، وبه رواية عمران الزعفراني (٣) ، والعمل بها قويّ ، لموافقتها العادات ، وقيّده بعض الأصحاب بما عدا السّنة الكبيسة (٤) ، وليس ببعيد أن يريد المصنّف بالعدد هنا هذا المعنى.
ولا ينافي قوله فيما بعد : ( وعدّ خمسة من الماضية ) لأن المراد به إذا لم تغم الشهور ، وإن كان نفي الاعتبار بالعدد قبله قد يشعر بخلافه.
قوله : ( ففي وجوب الإمساك نظر ).
لا يجب ، لسبق تعلق الحكم بالإفطار به.
__________________
(١) المبسوط ١ : ٢٦٧.
(٢) المختلف : ٢٣٦.
(٣) الكافي ٤ : ٨٠ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ٧٨ حديث ٣٤٥ ، التهذيب ٤ : ١٧٩ حديث ٤٩٧ ، الاستبصار ٢ : ٧٦ حديث ٢٣١.
(٤) منهم ابن الجنيد كما في المختلف : ٦٦.
ولو رأى هلال رمضان ثم سار الى موضع لم ير فيه فالأقرب وجوب الصوم يوم أحد وثلاثين ، وبالعكس يفطر التاسع والعشرين.
ولو ثبت هلال شوال قبل الزوال أفطر وصلى العيد ، وبعده يفطر ولا صلاة.
ويستحب تأخير الإفطار حتى يصلي المغرب ، إلا مع شدة الشوق ، أو حصول المنتظر ، والسحور ، وإكثار الصدقة فيه ، وكثرة الذكر ، وكف اللسان عن الهذر ، والاعتكاف في العشر الأواخر ، وطلب ليلة القدر.
المقصد الثالث : في الاعتكاف وفيه مطالب :
الأول : الاعتكاف : هو اللبث الطويل للعبادة ، وهو مستحب خصوصا في العشر الأخير من رمضان لطلب ليلة القدر.
وإنما يجب بالنذر وشبهه ، أو بمضي يومين فيجب الثالث على قول.
ويتعين الواجب بالشروع فيه ، ولو شرط في نذره الرجوع متى شاء كان له ذلك ولا قضاء ، وبدون الشرط لو رجع استأنف.
______________________________________________________
قوله : ( ثم سار إلى موضع لم ير فيه فالأقرب وجوب الصوم ).
هذا جيّد ، لكن لو كان الوصول في كل من المسألتين ليلا ففي الحكم إشكال.
قوله : ( وبالعكس يفطر التاسع والعشرين ).
مع نقص الشهر ولاقضاء عليه ، خلافا لبعض العامة (١) ، وذكره ذلك للردّ على هذا البعض.
قوله : ( أو بمضي يومين فيجب الثالث على قول ).
يجب على الأصحّ.
قوله : ( ولو شرط في نذره الرّجوع متى شاء كان له ذلك ).
__________________
(١) المجموع ٦ : ٢٧٤.
ولا يجب المندوب بالشروع إلا أن يمضي يومان على قول ، بل له الرجوع ، ولا اعتكاف أقل من ثلاثة أيام ولا حد لأكثره.
ولو عيّن زمانه بالنذر فخرج قبل الإكمال ، فإن شرط التتابع استأنف متتابعا وكفّر ، ولو لم يشرط أو لم يعين زمانه كفّر وقضى متفرقا ثلاثة ثلاثة أو متتاليا.
المطلب الثاني : في شرائطه وهي سبعة :
أ : النية ، ويشترط فيها القصد الى الفعل على وجهه ، لوجوبه أو ندبه ، متقربا به الى الله تعالى. وينوي الوجوب في الثالث بعد نية الندب في الأولين إن قلنا بوجوبه.
ب : الصوم ، فلا يصح بدونه ، ويشترط قبول الزمان له ، والمكلف له ، فلا يصح في العيدين ، ولا من الحائض والنفساء.
______________________________________________________
الأصحّ أن النذر لا ينعقد مع هذا الشرط لمنافاته لمقتضاه ، بل له اشتراط الرّجوع متى عرض عارض.
ومحلّ الاشتراط عند النذر ، ولو أتى باعتكاف مندوب فمحل الشّرط نيته.
قوله : ( ولا يجب المندوب بالشروع إلا أن يمضي يومان على قول ).
هذا هو الأصحّ.
قوله : ( فان شرط التتابع استأنف متتابعا ).
الأصحّ أنه يأتي بما بقي من المنذور ويقضي ما فاته وإن لم يكن متتابعا ، والتتابع أحوط وسيأتي.
قوله : ( النية ... ).
لا بدّ من الأداء أو القضاء إن تعيّن الوقت.
قوله : ( وينوي الوجوب في الثالث ... ).
نقول بوجوبه.
ولا يشترط أصالة الصوم ، بل يكفي التبعية ، فلو اعتكف في رمضان أو النذر المعين أجزأ.
ولو كان عليه قضاء صوم ، أو صوم منذور غير معين واعتكاف كذلك فنوى بالصوم القضاء أو النذر فالأقرب الإجزاء عنه وعن صوم الاعتكاف.
ج : الزمان ، فلا يصح أقل من ثلاثة أيام ، فلو نذر اعتكافا وجبت الثلاثة. ولو وجب قضاء يوم افتقر الى آخرين ،
______________________________________________________
قوله : ( واعتكاف كذلك ).
أي : منذور غير معيّن ، واحترز به عن المنذور المعين ، لكن لا يجب أن يكون غير المنذور في زمان لا يجب صومه بسبب أخر ، وكذا يحترز بالمنذور عن القضاء (١).
قوله : ( فنوى بالصوم القضاء أو النذر فالأقرب الاجزاء عنه وعن صوم الاعتكاف ).
الأصحّ أنّه يجزئ كما تجزئ الطهارة المفعولة مندوبة ، أو لعبادة اخرى للصّلاة.
قوله : ( فلا يصحّ أقل من ثلاثة أيام ).
لكن مع ليلتين ، ويجب لحظتان من باب المقدّمة.
قوله : ( ولو وجب قضاء يوم افتقر إلى يومين آخرين ).
لأن أقلّ الاعتكاف ثلاثة كما عرفت ، وليس هذا الحكم مختصّا بالقضاء ، بل لو نذر اعتكاف أربعة أيام فاعتكف ثلاثة ، أو نذر اعتكاف يوم ولم يقيده بعدم الزائد فكذلك.
__________________
(١) الاسطر الثلاثة السابقة لم ترد في « س » ووردت في « ن » و « ه ». بالإضافة إلى أنها في النسخ مشوشة ، إذ هي في بعض : « لكن لا يجب أن يكون عن المنذور » ، وفي أخرى : « لكن لا يجب أن يكون غير المنذور » ، وفي ثالثة : « لا يجب أن يكون عن غير المنذور ». لكنّا رجحنا النسخة الحجرية.
وينوي فيهما الوجوب أيضا ، ويتخير في تعيين القضاء.
ولو اعتكف خمسة قيل : وجب السادس ولا يجب الخامس. ولو اعتكف قبل العيد بيوم أو يومين لم يصح.
ويشترط التوالي ، فلو خرج ليلا لم يصح وإن نذر نهار الثلاثة. ولو نذر النهار خاصة بطل النذر ، ولو اعتكف ثلاثة متفرقة لم يصح.
د : تكليف المعتكف وإسلامه ، فلو اعتكف المجنون أو الكافر لم يصح ، ويصح من المميز تمرينا.
______________________________________________________
قوله : ( وينوي فيهما الوجوب ).
إن أخرهما فواضح ، وإن قدّمهما بقصد التوصّل إلى أداء ما في ذمّته فكذلك ، ولو اعتكفهما بنيّة الندب فلا مانع أن يأتي بالثالث عما في ذمّته ، إن لم يمنع من عليه صوم واجب من الصوم المندوب.
ويمكن أن يقال : قد تعيّن الثالث باعتكاف يومين ، فلا يجزئ عما في الذمة لتحقق وجوبه بسبب آخر ، فلا يتداخل السّببان ، فيمكن فرضه في اليوم الثّاني.
قوله : ( ويتخيّر في تعيين القضاء ).
يشكل عليه ما قلناه من تعيين الثالث عنه ، لتعيينه بسبب آخر.
قوله : ( ولو اعتكف خمسة قيل : وجب السّادس ولا يجب الخامس (١) ).
الأصحّ وجوب السّادس.
قوله : ( ويشترط التوالي ، فلو خرج ليلا لم يصحّ وإن نذر نهار الثلاثة ).
خلافا للشّيخ رحمهالله (٢) ، وخلافه ضعيف.
__________________
(١) ذهب اليه الشيخ في النهاية : ١٧١ ، وابن الجنيد كما نقله عنه في إيضاح الفوائد ١ : ٢٥٤.
(٢) المبسوط ١ : ٢٩١.
هـ : المكان ، وإنما يصح في أربعة مساجد : مكة ، والمدينة ، وجامع الكوفة ، والبصرة على رأي.
والضابط ما جمع فيه النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أو وصى له ، جماعة أو جمعة على رأي ، سواء الرجل والمرأة.
و : استدامة اللبث ، فلو خرج لا لضرورة بطل ولو كرها.
______________________________________________________
قوله : ( المكان ... ).
الأصحّ جواز فعله في كلّ مسجد جامع ، والروايات لا تنهض بأزيد من ذلك (١) ، فإنّ إجزاء كلّ مسجد وإن كان ظاهر القرآن (٢) إلا أنّ القول به نادر عندنا.
واشتراط المساجد الأربعة ، أو إضافة مسجد المدائن ، أو حذف مسجد البصرة وعدّه موضعه وإن كان مشهورا إلاّ أنّ مستنده رواية (٣) لا صراحة فيها تبلغ إلى مرتبة تخصيص الآية (٤) ، فيبقى الحكم كما كان.
قوله : ( فلو خرج لا لضرورة بطل ).
أي : وإن قصر الزمان.
قوله : ( ولو كرها ).
ينبغي تقييده بما إذا طال الزّمان حتّى خرج عن كونه معتكفا ، بخلاف ما إذا قصر ، لأن المكره معذور ، ولم يتحقق المنافي ، وينبغي أن يقيّد البطلان بما إذا لم يعتكف ثلاثة فصاعدا ، فإنّه يبني حينئذ إذا عاد ، ولو أخرج لحقّ يجب وفاؤه وهو قادر عليه ولم يؤده بطل اعتكافه ، لأن ذلك من قبله ، قال في المنتهى :
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٩٠ حديث ٨٨٠ ـ ٨٨٢ ، ٨٨٤ ـ ٨٨٥ ، الاستبصار ٢ : ١٢٧ حديث ٤١١ ـ ٤١٤.
(٢) البقرة : ١٨٧.
(٣) الكافي ٤ : ١٧٦ حديث ١ ، الفقيه ٢ : ١٢٠ حديث ٥١٩ ، ٥٢٠ ، التهذيب ٤ : ٢٩٠ حديث ٨٨٢ ، الاستبصار ٢ : ١٢٩ حديث ٤٠٩.
(٤) البقرة : ١٨٧.
ولو خرج لضرورة كقضاء الحاجة ، والغسل ، وصلاة جنازة وتشييعها ، وعود مريض ، وتشييع مؤمن ، وإقامة شهادة ، أو سهو لم يبطل.
ويحرم عليه حينئذ الجلوس ، والمشي تحت الظلال اختيارا ،
______________________________________________________
وكذا إقامة حدّ (١) ، صرّح بهذا التفصيل في التّذكرة (٢) والمختلف (٣).
قوله : ( وصلاة جنازة ).
إذا لم يقدر عليها في المسجد ، وكذا يجوز الخروج لإقامة الجمعة إن أقيمت في غيره.
قوله : ( واقامة شهادة ).
سواء تعين عليه الأداء أم لا ، وسواء تحملها وهو متعيّن عليه أم لا ، إذا دعي إلى إقامتها عند الحاكم وتعذّر بدون الخروج ، وهل يكون تحمل الشهادة كذلك؟ لا أعلم به تصريحا ، وينبغي إذا تعيّن عليه أن يسعى ، لأنّه واجب متعين ، ومع ذلك ففيه قضاء حاجة مؤمن.
قوله : ( أو سهو لم يبطل ).
أطلق الأصحاب ذلك ، لأن الناسي معذور ، وينبغي تقييده بما إذا لم يطل الزّمان ، إذ مع الطول يتحقق المنافي وإن لم يأثم.
قوله : ( ويحرم عليه حينئذ الجلوس والمشي تحت الظلال اختيارا ).
أطلق الشّيخ (٤) والجماعة (٥) ذلك ، والذي في الاخبار تحريم الجلوس تحت الظلال (٦) ، فيكون الجلوس حراما ، وكونه تحت الظلال حراما آخر ، وقول الشّيخ والجماعة أحوط ، واحترز بقوله : ( اختيارا ) عن حال الاضطرار فلا حرج.
__________________
(١) المنتهى ٢ : ٦٣٦.
(٢) التذكرة ١ : ٢٩٢ ، ٢٩٣.
(٣) المختلف : ٢٥٤.
(٤) المبسوط ١ : ٢٩٣.
(٥) منهم سلار في المراسم : ٩٩ ، والمحقق في المختصر النافع : ٧٣ ، وابن ابي عقيل كما في المختلف : ٢٥٥.
(٦) الفقيه ٢ : ١٢٢ حديث ٥٢٨ ، التهذيب ٤ : ٢٨٧ حديث ٨٧٠.
والصلاة خارج المسجد إلا بمكة فإنه يصلي بها أين شاء.
ز : انتفاء الولاية أو اذن الوالي ، فلو اعتكف العبد ، أو الزوجة لم يصح إلا مع اذن المولى والزوج. ومع الاذن يجوز الرجوع مع الندبية لا الوجوب ، فلو أعتقه بعد الاذن لم يجب الإتمام مع الندبية.
ولو هاياه جاز أن يعتكف في أيامه وإن لم يأذن مولاه.
المطلب الثالث : في أحكامه ، يحرم عليه النساء لمسا وتقبيلا وجماعا ، وشم الطيب ، والاستمناء ، وعقد البيع إيجابا وقبولا ، والمماراة
______________________________________________________
قوله : ( والصّلاة خارج المسجد ).
إلا مع ضيق الوقت فيجوز.
قوله : ( جاز أن يعتكف في أيامه وإن لم يأذن مولاه ).
هذا إذا لم يضر بالسيّد في نوبته ، وإلاّ لم يجز.
قوله : ( وشم الطيب ).
وكذا الرّياحين على الأقوى.
قوله : ( وعقد البيع إيجابا وقبولا ).
وكذا ما في معناه من الإجارة ونحوها ، صرّح به المصنّف في التّذكرة (١) ولا بأس به ، وكذا اشتغاله بالصّنائع كالحياكة والخياطة وغيرهما ، صرّح به أيضا (٢) لمنافاة ذلك كله مقصود الاعتكاف ، ولو اضطر إلى شيء من ذلك جاز.
قوله : ( والمماراة ).
أي : الجدال ، ولا يحرم لو كان في مسألة علمية ، لأنّ ذلك من أفضل الطاعات إذا كان الغرض به أمرا دينيّا.
__________________
(١) التذكرة ١ : ٢٨٦.
(٢) المصدر السابق.